نزهات السرد وشهوة الحكي في سرود شهلا العجيلي


فئة :  مقالات

نزهات السرد وشهوة الحكي  في سرود شهلا العجيلي

نزهات السرد وشهوة الحكي[1]

في سرود شهلا العجيلي

إضاءة

حين يغمرك الفضول للبحث عن المتعة الجمالية[2]، وتخشى أن تعود خائبا أو محبطا من العالم السردي[3] الذي قررت اقتحامه بكامل وعيك المعرفي، فأنت تتسم بالعناد، وتؤمن بأنّ الحصول على المتعة الجمالية في التلقي ليس معنى مطروحا على قارعة الطريق، [4] بل هو سبيل مجاهدة الذائقة الجمالية[5] في بحثها عن الممتع جمالياً، والمفيد معرفياً وحسّاً شاملاً بالكينونة. ولذلك، فأنت في هذه الزاوية لست معنياً بالخبر المختبئ في الصفحات القادمة من السرد، أو في الإشارات التي تحتاج إلى التأويل.[6]

في بحثك عن المتعة الجمالية تمر على العبارات لتستقصي رسائلها، دون النظر إنْ شكَّلت الأحداث الروائية وحداتٍ مكتفية بذاتها، أو قد تكون كذلك، أو يمكن أنه تكون كذلك؛ فأنت في تلقٍّ قلق لمساءلة النص الروائي عن ماهيته، وصور انزياحاته، كما أنك ترى النص في تحدٍّ قلق أيضاً، يبحث عن ذاته الموصدة في لجّة الأسئلة المشكِّلة للَّوحة السردية الكلية.

في ظل ذلك التنازع، بين الشعور بالقلق والمجاهدة في البحث عن المعرفة الجمالية[7] وبين المتعة الجمالية الكامنة في مخبأ سردي خفي في النص، تنساق إلى الحكي برمته بوصفه إغراء بالديمومة والمتابعة والاستطراد اللانهائي. وفي ظل ذلك التنازع أيضاً، ترفض التسطيح المعرفي النقدي الذي يشير بمجانية فاضحة إلى جماليات زائفة، لا تقدِّم غير العرض والشرح وإطلاق أحكام القيمة على السرد، أو منتجة[8]. كما أنك ترفض توجيه البوصلة إلى مشاركات النص السردي للهَمّ الاجتماعي أو السياسي أو الإنساني عامة[9]؛ ليس إنكاراً منك لتلك المشاركة، وإنما رؤية منك إلى أنّ المتعة الجمالية التي يوفرها النص للمتلقي، بغضّ النظر عن فردانيته وخصوصيته، هي من نسيجه هو، من نسيج النص السردي وحده؛ فكلما عمّم جمالياتِه أثّر في المتلقي، بغض النظر عن محتواه الفكري؛ فبالمتعة الجمالية التي تفيض من النص على المتلقي يعيد الأخير تشكيل النص، وفق تلقيه الخاص، وبؤر المتعة المشتعلة في تلقيه. إنه سيبحث، إذن، في مهمته كقارئ نموذجي[10] يحلل ويبرهن ويثبت من خلال عمليتي التفكيك والتركيب[11] لمساعدته في وضع يده على جماليات السرد في النص.

إن ذلك التمهيد يجمع الإشارات ولا يوضحها، حتى لا تبدو أحكاماً نقدية، أو معايير في التلقي الجمالي[12] للسرد؛ ولكنها في الوقت نفسه هي إشارات لتوجيه القراءة في تجربة شهلا العجيلي الروائية التي تبينت خطوطها من أعمالها الثلاثة بالتتابع: "عين الهر"[13]، و"سجاد عجمي"[14]، و"سماء قريبة من بيتنا".[15]

ولأن البحث يهتم بالمسافة الجمالية[16] في تلك السرود، فإنه لا ينحو باتجاه توصيف النص الروائي، أو الحديث عن حواضنه المعرفية، أو حتى آلياته السردية[17] التي أضحت عقيمة في الدراسات النقدية النمطية؛ لأنها خلت من الكشف عن الخاص في لجّة التقييم، وفقدان الذائقة الجمالية في التلقي، وتأطيرها معرفياً؛ ثم عادت إلى البحث في حواضنه المعرفية، وإن تحت عناوين مرتبطة بتشكيل السرد، وبنائه.

إنّ الدراسة تبحث عن إجابة مفصَّلة للسؤال الآتي: أين تكمن المسافة الجمالية في السرد في تجربة شهلا العجيلي؟ ولملامسة موطنها معرفياً وجمالياً، لابد من اليقين بخصوصية التجربة المطروحة للمقاربة في هذه الدراسة أو غيرها، وميزها عن غيرها من التجارب، انطلاقاً مِن أنّ العالم التخييلي المعرفي للروائي(ة) بشكل عام له خصوصيته المطلقة، وإنْ شارك الآخرين بخطوط وصور لا حصر لها.

ولا نريد من مفهوم خصوصية التجربة حكمَ قيمة، وإنما أفقاً في القراءة[18] يرتبط بتجارب كل المبدعين أيضاً. فأفق القراءة هو وحده يسأل النص عن مخبأ متعته الجمالية الفائضة. ومن تلك العلاقة، بين السؤال الفاضح للمتلقي وبين المتواري في النص، تتشكّل الإجابة عن موطن المسافة الجمالية في السرد.

السؤال الفاضح للمتلقي، يتمثل في البحث عن مشروعية النص الروائي أجناسياً وفنياً، وبالتالي تلقياً. وليس من المهم الإجابة الاستقصائية عن كل ما يتعلق بالنص الروائي من أسئلة وبنيات ومكونات يمكن للنص المقارَب الإجابة عنها؛ إذ يمكن اختصار الأسئلة كلها بأين تكمن بؤرة التوتر[19] في السرد؟ وحتى تكون الإجابة موضوعية[20] ومعرفية[21] وجمالية[22]، لا يمكن اقتصارها في حدود التجربة الروائية الواحدة للكاتب(ة)؛ لأنها تجربة لم تأخذ بعد شكل تأطيرها النسقي[23] عند المبدع. وليس مهما في النص الرسائل التي يراد توصيلها للقارئ، لأنها متاحة في كل نص ووفق اللحظة التاريخية، وشكل تلقيها من قبل المبدع. وإنما المهم هو وعيه السردي[24] للعالم؛ أي كيف يصوغ عالمه السردي؟ وأين يشكّل بؤر التوتر في النص؟. ومن خلال مقاربة تلك البؤر، نستطيع أن نعرف كيف يقارب وعيُه العالمَ تخييلياً؛ هل عبر الأحداث وتشابكها وتصاعدها، أم عبر حركة الأشخاص الفاعلين في السرد، أم عبر سيرورة الزمن، أم عبر المعرفة الفلسفية واللغة، أم عبر المفارقة الخارقة للمألوف... أم عبر المكان، بوصفه حياً وقادراً على الفعل والتلقي والإرسال والتشكيل؟ أم .. إلى آخر ما يطرحه السرد من أسئلة ترتبط، كما هو شأن النص عامة، بصورة من صور الانزياح[25] عن المألوف في السرد، أو في الرؤيا، أو في التعبير، أو في التشكيل، أو ألوان الإضاءة ... أو اللغة. ودون علاقة التوتر تلك مع المألوف نسقط في اللافن، أو في الدرجة الدنيا من درجاته؛ حيث يسقط التلقي مع سقوط النص.

بناء على ذلك، تصبح مشروعية القراءة النقدية مرتبطة بقدرتها على الإمساك ببؤرة التوتر في النص؛ إن كانت في موطنها المخفي أم في موطنها العلني، وذلك لتأطيرها وإيضاح تأثيرها في المتلقي، حيث بؤرة التوتر تلك هي ما أكسب السرد مشروعية وجوده في الأجناسية التي ينتمي إليها من جهة، وفي حقل اهتمام المتلقي من جهة ثانية.

وبناء على تلك العلاقة المتوترة، يكتسب النص السردي قوة خفية في الاستحواذ على اهتمام المتلقي، ودفعه لمتابعة فعل الحكي، بوصفه مكوناً لشبق الاكتشاف؛ اكتشاف خصوصية النص، إن كانت في اللغة أو الأحداث أو التجارب أو العلاقات أو لعبة الحكي ذاتها، بوصفها إغواء يرتبط بالوجود الإنساني منذ الأزل؛ حيث كانت فكرة الفضول المعرفي هي المحرِّض الأول للبقاء، كما يقول علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية[26] ...

  • تشكيل نزهات السرد

حين ذكرنا في الإضاءة روايات شهلا العجيلي الثلاث، لم نكن نقصد أنها ثلاث نزهات في السرد؛ بمعنى أننا أمام ثلاثة عوالم سردية، سندخل كل عالم بمفرده لقراءته؛ وإنما ذكرنا أسماء الروايات الثلاث للإشارة إلى أن الدراسة تريد البحث في التجربة الروائية العامة لشهلا العجيلي؛ كي نستطيع الوقوف على بؤرة التوتر الجمالية التي أنتجتها التجربة، العائدة لوعي محدد، ورؤية خاصة، وعالم سردي يمتاز بسمات ترتبط بالروائية ذاتها. وبالتالي، فلسنا هنا أمام الخاص في "عين الهر" أو الخاص في "سجاد عجمي" أو الخاص في "سماء قريبة من بيتنا"، وإنما مع الخاص في الوعي السردي للعالم في تجربة الروائية شهلا العجيلي، والذي بناء على تصورنا الذي سنوضحه، هو ما شكّل خصوصية سردها السابق، وربما سيتراكم لاحقا إلى حد كبير، باعتباره لا يرتبط بتكتيك سردي بقدر ارتباطه بوعي سردي للعالم الذي يكتنفها؛ أي هو العالم التخييلي المرتبط بصوتها أو لونها أو موطن الجمال في سردها، بغض النظر عن درجة تفاعل المتلقي معه ونسبيته أو التقاطه أو الركون بجواره أو النفور منه أو درجة انزياحه عن ماهيته الأجناسية في لعبة السرد التراثية والمعاصرة.

بناء على رؤيتنا تلك، نقول بدءاً: إن نزهات السرد في سرود العجيلي، هي المهيمنة على نصوصها الروائية، يقابل تلك الهيمنة تهميش غير متعمد لأركان السرد المقدسة[27]؛ الشخصيات، الأحداث، الزمان. ولا تستطيع القراءة الموضوعية لأية رواية من الروايات الثلاث أن تتحدث عن أحد تلك الأركان بوصفه المحرِّض المدهش لمتابعة التلقي.

فالشخصيات في الروايات الثلاث، بتفاوت نسبي، غير قادرة على الإمساك بمتعة التخييل عند المتلقي، على الرغم من اهتمام الكاتبة برسم ملامحها الخارجية بوعي معرفي متقن بمظاهر السرد، لأنها شخصيات منحوتة بإتقان معرفي لا يسمح للمتلقي باختراقه، وهذا يساعد الشخصية على الحركة داخل السرد وفق دورها المحدَّد مُسَبّقاُ؛ ولكنه لا يسمح للمتلقي بالتعاطف معها أو الحزن عليها أو الغضب منها إلا في حدود ضيقة، وذلك أن الساردة كانت تنحت تماثيلها بحرفية تثير الإعجاب، ولكنها لا تثير الشفقة أو التعاطف أو التماهي[28] أو التماثل[29]. وقد يعطي ذلك الفرصة للمقاربة النقدية النمطية للحديث عن الشخصيات في هذا العمل الروائي أو ذاك؛ ولكنه سيكون بحثا واصفا لسماتها ودورها، وليس كاشفا لحضورها في الروح؛ روح المتلقي التواق للتعاطف مع العالم التخييلي الذي تنسجه الكاتبة.

فشخصية أيوبة في عين الهر، على الرغم من أنها شخصية محورية في النص، بل هي الأكثر حضورا ووضوحا في حيز السرد، غير مربكة أو مثيرة للأسئلة، هي ذاتها أيوبة التي نعيش معها في المنزل والحي والمدينة والمجتمع العربي برمته، هي أيوبة التي امتلأت أدبيات المرأة بالحديث عنها، بوصفها فكرة ومعاناة وحالة اجتماعية؛ وهي ذاتها أيوبة في السرد العربي عامة، أو بشكل خاص في روايات نوال السعداوي[30]، بغض النظر عن هوامش تضاف هنا أو هناك، لتطوير السرد أو تنويعه أو اختفاء خصوصيته، إنها أيوبة المألوفة التي لا يشكل حضورها في النص أو خارج النص أية صورة مربكة من صور الانزياح المثير للقلق والخوف والأسئلة.

وتمتاز "لبانة" في سجاد عجمي عن أيوبة، ولكن ليس بسبب اختلاف طريقة بنائها، وإنما بسبب اختلاف العالم السردي الذي يكتنف الشخصيتين؛ عالم أيوبة عالم معاصر، قريب ويومي، وعالم لبانة غارق في الزمن، تاريخي، وساكن في كتب المؤرخين القدامى، لغةً وأسماء ونشاطات....

وعليه، فإن لبانة صورة ذهنية، يمكن أن تكون أيقونة للحديث عن صورة المرأة في رواية سجاد عجمي، ولكنها لا يمكن أن تكون مادة للحديث عن الشخصيات الآسرة في شغف التلقي. هي في التلقي نزهة من نزهات السرد التي تحبكها الساردة، وما فيها من شهوة شهرزاد للقول؛ رسمتها، وأخرجتها من نصوص ألف ليلة إلى نزهات سجاد عجمي.

أما جُمان بدران في "سماء قريبة من بيتنا" وهي الساردة الداخلية[31] في النص، والعارضة والعالمة بالمخفي والمعلن، وبالماضي والحاضر، وهي الشخصية المشاركة بنزهات السرد، ولها الحيز الأكبر في الحضور والحكي والتمثيل الرمزي لشعاب النص الروائي، ولذلك لا يمكن تلقيها خارج المنظومة المعرفية التي جسدتها في النص بأطيافها المتعددة والمتنوعة، وكأنها الدليل السياحي الذي يصحب المتلقي في "الغابة الاستوائية الكثيفة"[32]؛ فقد يركن المتلقي "السائح" إلى معرفتها، أو تفاصيل سردها، وقد يشكك هنا أو هناك، وقد تساعده أقوالها على الفهم حينا، وقد تلفت انتباهه! إلى أمر غاب عن ذاكرته أو ملاحظته، ولكنها لن تستطيع الخروج من دورها كدليل سياحي، لتتحول هي إلى بقعة الضوء التي تثير متعتنا في التلقي؛ أي أنها لن تستطيع أن تشغلنا عن نزهات السرد في الغابة الكثيفة، فدورها لا يسمح لها بذلك، ولم تكن الكاتبة أيضا ربما تهتم بذلك. ولهذا، فالنتيجة هي أنها تبقى صورة مكررة من أيوبة ولبانة؛ ليس من حيث التكوين المعرفي والثقافي أو حتى الحضور الاجتماعي ودوره وتطلعاته، ولكن من حيث تعليقها كأيقونة في عالم السرد الذي تشكله العجيلي، من خلال نزهات سردية تمثل الدافع الوحيد للمتابعة في إنتاج الحكي وتلقيه. ولأن النزهات متعددة، فإن الشخصيات "أيوبة ولبانة وجمانة" تمثل صورا من نزهات السرد المتعددة وليس ركنا من أركان السرد الكلاسيكي.

أما بالنسبة إلى الأحداث، فهي الأخرى لا تخرج عن شهوة الحكي، وتشكل جزءا حيويا من نزهات السرد؛ بمعنى أنها تتحول الى جزر منفصلة، ومساحات متفرقة في غابة السرد. يتوقف عندها المتلقي العابر منها، لبرهة ثم يغادرها، كما يتوقف عند هذه الشخصية أو تلك ثم يغادرها؛ فالتجوال في ساحات السرد يتحول الى غاية ومبتغى، وبالتالي فإن كل ما يمر به من أحداث هو نزهة من نزهات السرد، ولا تملك المحفزات للهيمنة عليه بشكل مطلق، لأن حضورها في السرد لا يتجاوز علاقة الترادف مع غيرها من الصور أو قطعة من قطع الفسيفساء في اللوحة السردية الكلية.

وهذه الطبيعة للأحداث في النص الروائي جردتها من سماتها المهيمنة في السرد الروائي الكلاسيكي، تلك السمات التي تشكل من الحدث الروائي بؤرة توتر تجتمع حولها الشخصيات الروائية في تناغمها وتناقضها وتطورها الدرامي نحو شبكة معقدة من التلاحم لا تتوضح أبعادها ونهاياتها إلا بانطفاء جذوة الحدث الروائي، وهي ذات البؤرة في مركز الرواية التي يعمل المتلقي الخارجي على فضح أسرارها والكشف عن ألغازها، لانطفاء جذوة التوتر بفيض المعنى وانطفاء الخبر ...

ووفق تلك الطبيعة، فإن الحدث الروائي المركزي في السرد الروائي الكلاسيكي يتشظى في تجربة العجيلي الى أحداث مضيئة في جنبات السرد ومنعطفاته، ويجر معه تماهيا بالطبيعة الزمان والمكان والشخصيات؛ لأن تحول الحدث الواحد المركزي إلى أحداث متباينة، تمثل في كثير من الأحيان وحدات مستقلة، يستدعي لها، بالضرورة السردية، زمانا خاصا ومكانا خاصا وشخصيات مختلفة؛ وهي بذلك أدعى إلى أن تتحول إلى نزهات سردية أخرى في نسيج النص؛ يمر بها العابر في غابات السرد، يتلهى قليلا، يستمتع، يتعاطف، ثم ينفض سرواله على عجل ليتابع السير بحثا عن نزهات أخرى في غابة السرد الموزعة بفوضى حينا، وبترتيب حينا آخر، في مساحة السرد التي يتجول فيها.

قد يتساءل قارئ ما لروايات العجيلي، وبخاصة عين الهر عن مؤشر ذلك التشظي والجزر المنفصلة التي ألمحنا إليها؛ فالرواية كما يُظن، تتحدث عن شخصية أيوبة أو سيرتها الذاتية، مع تقاطعات وإسقاطات أرادت الكاتبة إثارتها بشكل عابر.

ندّعي أنه المعلن في السرد طبعاً، ولكن لأننا لا نقارب في هذه الدراسة رواية عين الهر فقط باعتبارها نصا مستقلا، وإنما مرتبطا بنصّيْن آخرين هما "سجاد عجمي" و"سماء قريبة من بيتنا" فإننا نريد مرة أخرى لفت الانتباه إلى أننا ننظر إلى عين الهر، بوصفها جزءا من التجربة الكلية للعجيلي، بل بداية تجربتها، والتجربة الروائية الأولى لدى المتلقي، ولا يمكن، بناء عليه، قراءتها مفردة ومنفصلة؛ فهي جزء من وعيها السردي للعالم الذي نحاول تلمّس ملامحه. وعندما نقول: إن شهوة الحكي هي ما تصنع نزهات السرد في سرودها؛ فمن الطبيعي أنَّ تجسيد ذلك سيكون بشكله الأضعف في التجربة الأولى، وبشكله المتوسط في التجربة الثانية سجاد عجمي، وبشكله المتشابك في التجربة الثالثة سماء قريبة من بيتنا.

وعليه، فإنّ ما يبدو متقناً في سماء قريبة من بيتنا، التي سميتها بـ "الغابة الاستوائية الكثيفة" يظهر ضعيفا وبسيطا وهشاً في التجربة الأولى، غير أن شهوة الحكي عند شهرزاد هي ديدن الفعل السردي في التجربة كلها،

هذا الشبق النابت من وعي العالم سردياً لدى الكاتبة هو الذي مزّق السيرة الذاتية وملحقاتها لأيوبة إلى وحدات منفصلة إجرائياً؛ أي في حيّز السرد دون وظيفة درامية أو سردية ضاغطة، بل شكّل ذلك في ظننا عنصرا إضافيا لموت الحدث الروائي في النص، أو لتجميد أيقونة أيوبة في ملف أدبيات المرأة العربية، بغض النظر عن الاسقاطات الهامشية. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال عناوين الوحدات المستقلة التي دمجت السيرة الذاتية لأيوبة، لتعبر عن خواطر ذاتية يومية بقدرات أديبة تعرف جيداً متعة الكتابة والبوح بحرارة عبر نزهات سردية منفصلة.

فبعد أن تتداخل خيوط الرواية في 48 صفحة، لتعلن وضوح شخصياتها وتقاطعاتهم، وتعلن عن ولوج السرد إلى أيقونة أيوبة، تبدأ الوحدات المستقلة، بالترادف والاصطفاف في يوميات متتالية، توزّع صورة الأيقونة "أيوبة" وملحقاتها في قطع منفصلة تتناثر إلى نهاية الرواية. وتلك الوحدات هي على التوالي (ليس لدينا ولد ذكر، فيروز، أنا وعلي، صورتي الجديدة، حوار مع جارتنا أوديت، في الليل، ثورة، الليلة الأولى، حياتي، أبيض ـ أسود ـ ملون، سهرات الخميس، ليلة أخرى، نهاية، إلى العمل إلى العمل، زيارة، حب سماوي، دم الحمام، عين الهر، هدية الشمس) وما يربط قصاصات أيوبة هو تدخل الساردة[33] للملمة التشظي، وتوحيد المتفرق على اللوحة السردية، لتحميل الإسقاطات العامة على أدبيات المرأة العربية الخاصة.

ولذلك، فإن "الليالي" الموزّعة التي تحكيها أيوبة عن ذاتها تشير إلى شهوة الحكي المتأصلة في الوعي السردي للعالم عند الكاتبة، ولكن البوح عن ذلك في التجربة الأولى لن يكون غنيا كما في التجربة الثالثة؛ وهذا سرّ الافتراق بين التجربتين، وإن كانتا تنتميان إلى رؤية سردية واحدة تجاه العالم؛ العالم الذي لا يُرى إلا بوصفه غابة سردية عملت الكاتبة على التعبير عن تداخلاتها وتشابكها في القبح والجمال والحرب والسلام والحرب والكره.

تتوضح شهوة الحكي ونزهات السرد بقدر أكبر في التجربة الثانية سجاد عجمي؛ من حيث الكم والنوع والأثر الجمالي الذي يتلقاه المتنزه فيها. إلا أن ذلك يعمّق في المقابل مفارقة المتلقي لأركان السرد الروائي الكلاسيكي، من خلال بوصلة السرد الجديد الذي يتلقاه، باعتبار النزهات السردية هي موطن الجمال والجلال مع ما يضيفه السرد من قدرة على الجذب والحضور البرّاق لكل نزهة من النزهات المستقلة، وإن ضمّتها غابة واحدة.

تبدأ الكاتبة نزهاتها المتعددة، على خلاف عين الهر بالمعرفة بتجلياتها المتنوعة؛ اللغوية [34]والجغرافية[35] والتاريخية والاجتماعية، ثم تُغرق النزهات في البوح حين تهيمن شهوة الحكي، وتبدأ أيقونة[36] النساء والرجال بالتشكل؛ ويفضي ذلك إلى رسم الأيقونة السردية الكبيرة المنحوتة بمعرفة حادة بطبيعة اللوحة والقدرة على رسمها، لتكون في صالة الفرجة. وتلك الأيقونة يمكن أن تغري الناقد الأكاديمي في البحث عن تفاصيلها، ويمكن أن تغري المتلقي للتمتع في بعض نزهاتها، ولكنها في النتيجة هي أيقونة لن تشاطر المتلقي في صحوه ونومه، وفي قلقه وفرحه، ولن تبث فيه الفضول للمعرفة خارج ما قدمته هي من زخرفة، ولن تدفعه أيضاً للبحث عن لبانة وخود وريا في شوارع مدينته؛ لأنه لا يعرف تلك الأنثى إلا كأيقونة كما كانت "فطّوم المغربية"[37] في المخيال الشعبي المشرقي في النصف الأول من القرن العشرين، وكما كانت ولّادة بنت المستكفي(- 448هـ)[38] في المخيال الشعبي[39] العربي أيضاً.

تنفتح "سجاد عجمي" على المعرفة اللغوية منذ بداية السرد، ولا تتوقف إلا بانتهائه. وتأخذ وظيفتين: الأولى موجهة دون غاية محددة إلى المتلقي، إذ تحفزه على التجوّل في غابة السرد تلك بلبوس لا يرتبط بالسرد العربي عامة القديم والمعاصر وإنما بلغة المؤرخ والعالم والورّاق والأديب الموسوعي في الثقافة العربية الإسلامية. والوظيفة الثانية موجهة إلى العالَم السردي الداخلي في الرواية؛ حيث تتحول فيه النزهات إلى أيقونات محبوكة بإتقان؛ إذ يتناسب الإطار مع الألوان مع النمنمات والزخرفات وأركان السرد كله. وفق ذلك، تصبح اللغة وحدة مستقلة بحد ذاتها لا يمكن التغافل عنها حين تُذكر "سجاد عجمي"؛ أي أنها تشكل وحدها نزهة من نزهات السرد في الرواية، ولكنها في الوقت ذاته تمثّل الأداة الفاعلة لإخراج النزهات من التاريخ ثم إعادتها إليه بعد التوقف عن البوح مع عودة لبانة "للانغماس في الحياة الطبرقية".[40]

إن اللغة ذات حدّيْن متناقضين لفعل التلقي؛ ففرادتها المنتمية في الثقافة العربية إلى النخبة العالمة في مواجهة الثقافة غير العالمة تدفع بعض المتلقين إلى مغادرة النص[41]؛ لأن طبيعة السرد المرتبطة بشهوة الحكي وفضول الاستماع، تتعثر بعدم القدرة على إيقاظ المخزون المعرفي اللغوي عند بعض المتلقين. ولكنها في الوقت ذاته، تشكل عند النخبة الثقافية العالمة جزءا من المتعة الجمالية التي يقدمها السرد، ولذلك هي تشكل وحدة جمالية مستقلة، أو نزهة مستقلة من نزهات السرد في الرواية.

واللغة العالمة تدخلنا إلى التاريخ المحتفى به في السرد، ولا نقصد هنا الإسقاطات العابرة المرتبطة بالوالي وجنده ومصحف فاطمة والفتنة...إلخ وإنما التاريخ المزدهى به في ثقافة النخبة العالمة في الماضي والحاضر المرتبطين بالرخاء والنعيم والازدهار والحكي والاصطفاء وحدود الأرض الواسعة من بلاد الفرس والصين إلى تونس، بكل ما في تلك الجغرافية المتنوعة من ألوان وبهاء لا تعرفه الثقافة غير العالمة إلا بوصفه أضغاث أحلام؛ يتمّ الحكي عنها في كتب التاريخ وفي كتب البكائيات[42] المعاصرة؛ ولذلك فإن الدخول إلى تلك العوالم، بحد ذاته، فرجة ونزهة سردية ممتعة؛ ولكن مغادرتها ضرورة حياتيا ونصياً. ولذلك، قلنا سالفاً: إن شهوة الحكي لا تغادر النزهات السردية في الرواية إلا بعد أن تملأ روح المتلقي بعطر ورودها، وتتعب شهرزاد من الحكي، فتنهي سردها بإرادتها[43]؛ فالنزهات يمكن أن تمتد إلى ما لانهاية مادامت أركان السرد الكلاسيكي غير فاعلة فيه، والحظوة للعبق الذي نثرته النزهات في لوحتها الكلية أو حدائقها الجزئية. وهنا تصبح المسافة الجمالية هي نتاج النزهات على اختلاف أطيافها ومنعرجاتها، وغير مرتبطة ارتباطا عضويا بأي ركن من أركان السرد الكلاسيكي القديم أو المعاصر، وغير مدفوعة إلى التشكّل إلا بشهوة الحكي والقدرة على الاستمرار في تركيبها بلغة ثقافية جمالية عالمة.

يتعمق ذلك التنوع والغنى في تجربة العجيلي الثالثة "سماء قريبة من بيتنا" إذ تُعدّ أغنى أعمالها الروائية من حيث تنوّع الشخصيات وتعددها؛ فمنها المهندس والطبيب والبحار والصياد ورجل الأعمال والطالب والسائح. كما تتنوع فيها الأحداث والوقائع، حيث لا يمكن الإجابة عن السؤال التقليدي البسيط، عمّا تحكي الرواية؛ لأنها تحكي عن كل شيء، من الصحة إلى المرض، ومن الاستقرار والرفاهية إلى الخراب والتدمير، ومن الحب إلى الفراق، ومن السياسة إلى الثقافة، ومن نكبة الأرمن إلى نكبة السوريين، مرورا بنكبة فلسطين والصومال والعراق واليمن.

كما تتوزّع فيها صور الجغرافية من البحر إلى البرّ شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباَ؛ وتنتقل مع ذلك شهوة الحكي من التعلق بالمكان بوصفه وطناً إلى اشتهائه عابراً يضفي لذة مارقة في لحظة عابرة، كما هي الشخصيات أيضاً في عبورها اللانهائي. إن ذلك الغنى ينبع من الشريط الواسع الطيف الذي تمسك بزمامه الساردة المطّلعة، وتقوده في كل الاتجاهات من المعرفة الثقافية إلى الحضور الخاص في الجسد أو في المجتمع أو في العيادة الصحية أو في المنتزه. ولذلك قلنا: إنها أغنى رواياتها؛ لأنك في لجّتها في غابة من السرد تستفز وعيك المعرفي لتقبض على المرمي في السرد أمامك. كما أنها تثير فزعك من انفلات السرد فيها وضياعه، وتدفعك بعد ذلك كله إلى لملمة متعتين متناقضتين تستحوذان عليك. الأولى: عدم القبض بوضوح يفرّغ شوقك، على نهاية البوح الحكائي المفعم بالعجائبية الواقعية[44] بسبب ذاك الغنى والتنوّع. والثانية: عدم القدرة على الانصهار المطلق بسيرورة السرد بسبب أرضه الوعرة والنافرة بين البر والبحر والجبل والسهل والسماء والأرض، وكل ما يلوّن تلك الوعورة ليدفع للضياع في الغابة الاستوائية الكثيفة.

ولعل تلك الصورة الكثيفة والمتشابكة للرواية كانت السبب وراء تنوّع أطياف تلقيها عند القرّاء؛ من المعجب إلى النافر[45]، بغض النظر عن طبيعة المتلقي إن كان صحفياً، أو ناقداً أدبياً، أو قارئاً فضولياً؛ لأن مقاربة الرواية نقديا لم تُنجَز[46]. وما تمّ نشره لا يتجاوز التنويه بالرواية أو صاحبتها، أو توضيح لموقف سلبي في تلقيها أراد صاحبه التعبير عنه. ولكن الجوهريّ في المفارقة الناتجة من الموقفين أو النظرتين للرواية هو أنهما، المعجب والنافر، ينطلقان من النقطة ذاتها، وهي كثافة الرواية سرداً وشخصيات وأحداثاً وجغرافية وثقافة. وبمعنى آخر هي الغابة ذاتها؛ فالوالجون فيها يختلفون بطبيعتهم وفي أهوائهم ونوازعهم وأذواقهم؛ فمنهم من يعشق التجوّل في ممراتها ثم يعود أدراجه من حيث أتى حاملا معه عبق الورق والشجر والعشب والأرض، ومنهم من تذهله كثافتها، فيجني متعته الجمالية من تنوّعها، ويعود مكتفياً ببقائه حيّاً، لتبقى هي عصيّة على السيطرة. ومنهم من يعشق الهيمنة على ممراتها ومداخلها ومخارجها وصور كثافتها، حيث متعة الاكتشاف لديه تمثّل جوهر ولوجه فيها. وإذا لم تعطه مبتغاهـا تبقى غابةً، تدخل في فوضى الانتماء للسرد الذي تكوّنت بنياته في وعيه وفق نقطتين: تجربة تلقيه للجنس الأدبي السابقة، وتجربته في البحث عن الشائق في التلقي في وعيه الجمالي العام.

ولشدة ذلك التنوع والتنافر والتضاد والتشظي والاستطراد والاستدعاء الحر[47] أحيانا الذي يكتنف العالم الروائي في "سماء قريبة من بيتنا" عنونا البحث بنزهات السرد وشهوة الحكي؛ فالرواية تمثل ذروة تجربة العجيلي في غابة السرد، وفي الوقت نفسه تشير مع الروايتين السابقتي الذكر إلى أن شهوة الحكي هي الفعل المهيمن على العالم الروائي للكاتبة، وهي البوصلة الموجهة لوعيها السردي للعالم الذي يكتنفها بما فيه من تناقضات وتنوع وكثافة. ولذلك هي تشكل من شهوة الحكي لديها نزهات في عالمها السردي؛ نزهات قد يفضي بعضها إلى بعض أحيانا كالحكايات المتوالدة من بعضها، وقد تستقل بعضها، بوصفها وحدات مستقلة تبحث عن استطراد في غابة السرد، أو توضيح، أو شهوة في الوصف، ولكننا في النتيجة أمام نزهات لا ينتجها العالم الروائي المنسوج على وتيرة واضحة منضبطة بإحكام، وإنما ينتجها شبق الحكاية الكامن في وعي العالم سردياً لدى الكاتبة.

وعليه، فإن الخروج من "الغابة الاستوائية الكثيفة" دون القبض على تلك النزهات يثير أسئلة استنكارية وتعجبية واستفهامية عدة حول السرد وبنياته ومكوناته وموضوعاته لدى الكاتبة. ولعل أية محاولة للإجابة عن الأسئلة المثارة تلك ستفضي إلى قراءات عابرة لهوامش السرد في تجربة الكاتبة ومكوناته النقدية الرسمية في الجنس الأدبي عامة. وهذا يفضي بدوره إلى النمطية وصورها في التلقي من جهة، وإلى شرح معطيات النص وتلخيصها، من جهة أخرى.

قد يبرز السؤال الذي نبت في أول الكلام عن محورية شخصية أيوبة في عين الهر لتمرير فكرة وحدة الرواية في مقابل فكرة التشظي التي تبدو في قراءتنا، مرة ثانية، في موضوعة محورية شخصية جُمان بدران؛ للظن أن الاعتراف أو إثبات محورية الشخصية قد يجعل من الشخصية الروائية موطن استقطاب الفعل الروائي؛ فمعها تتشابك عناصر السرد، وعنها تنفضّ. وهي تماثل الحدث الروائي الذي يشكل بؤرة السرد في المبتدأ والمنتهى.

ولكننا نوهنا سابقاً، بأن الشخصية التي نحصر فيها السرد برمته هي التي تتعالق فيها خيوط السرد انطلاقاً من طبيعتها المعقدة والمتشابكة؛ حيث تصبح العناصر السردية الخارجة منها والعائدة إليها تستمد وجودها من وجود تلك الشخصية، وتكون جزءا من تكوينها؛ وبالتالي الرواية هي الشخصية ذاتها. يضاف إلى ذلك امتياز الشخصية بفاعليتها وهيمنتها على المتلقي ليس بوصفها نزهة في غابة السرد يمكن مغادرتها في أية لحظة، بل بوصفها غابة السرد ذاتها إذ تتشكل فيها فعاليات العناصر السردية كاملة.

وعليه، فإن الشخصية المحورية، وإن أخذت الحيّز الأوفر في تسويد البياض، ليس بالضرورة أن تكون هي الفاعلة في استقطاب المتلقي، فقد يكون حضورها ثانويا، وناتجاً من توجيه البوصلة من قبل السارد الخارجي[48] لتعليق إسقاطات، أو تنميط صورة؛ وفي التنميط تسقط حرارة الشخصية، وتصبح شهوة الحكي سيدة النص. ويتجلى ذلك في الكشف عن تفاصيل نزهات السرد كما لاحظنا في الحديث عن عين الهر. وعليه تكون تلك النزهات، بما فيها الشخصيات، هي جوهر السرد الفائض على النص برمته؛ بفعل شهوة الحكي التي تمتلك وعي السارد الخارجي، وجمان بدران هي الساردة الداخلية والخارجية في سماء قريبة من بيتنا، الحاضرة من بداية الرواية إلى نهايتها؛ إلا أنها خيط حرير يجمع حبات اللؤلؤ المختلفة الألوان والأحجام في العقد. فهل ننظر إلى خيط الحرير أم إلى الحبات أم إلى الطوق بكليّته؟ فإذا كان الجواب بالنظر إلى الطوق بكليّته، فهذا يعني أننا وصلنا إلى ما نريد قوله في أننا أمام نزهات السرد التي يتشكل منها النص، وجمان بدران واحدة من تلك النزهات في شخصيتها الثقافية الشاملة، وتنوّع تجربتها، أو في اطلاعنا على تجربتها مع المرض أو في سيرتها الذاتية وذوقها الجمالي، أو هي الأهم في مفهومنا لشهوة الحكي والوعي السردي للعالم من خلال التجوال بنا بشغف في الغابة السردية الكثيفة التي تشكلت من عوالم ثقافية متنوعة اجتماعية وجغرافية وتاريخية.

****

لعله من الملاحظ مما سبق، أن تشكيل نزهات السرد في التجربة الروائية مرتبطة جدليا بشهوة الحكي، بمعنى أنه لا يمكن لأي كاتب أن يشكل نزهات سردية مستقلة ومتعانقة في الوقت ذاته، إلا إذا كان يتمتع بشهوة الحكي. وتلك الطاقة نابعة من وعي الكاتب للعالم، باعتباره نصا سرديا افتراضياً كثيفاً، متنوعا ومتناقضا. ولذلك، لا يمكن تحقيق الانسجام في لجته إلا عبر السرد؛ وهنا تكون شهوة الحكي المحرّض الفعال لتشكيل نزهات السرد.

غير أن المنتَج السردي من تلك العلاقة يحفه الخطر، وقد ينزلق إلى الفشل، وقد يرتقي إلى النجاح، بغض النظر عن المواقف المتصارعة عند المتلقي الذي يخضع ذوقه العام لخبرته الجمالية والمعرفية وتلقيه للعالم والجنس الأدبي الذي ينتمي إليه النص المقروء. فمِن منتَج تلك العلاقة أن يتشكل النص السردي من مجموعة نزهات؛ بعضها ناتج من الاستطراد أو التوليد الحكائي أو التوضيح أو الشرح أو الوصف أو المغامرة أو الإفراط في الحكي. ويذكرنا ذلك بثقافة النثر العربي الكلاسيكي عامة والسردي بخاصة. فالوعي الموسوعي للعالم كان سمة الكتابة عند المبدعين القدامى، ونخص بالذكر في هذا المجال أبو حيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة[49]. أما السرد التراثي، فكان التوليد الحكائي من أهم سماته، وأشهر ذلك النمط يتمثل في ألف ليلة وليلة [50]وكليلة ودمنة.[51] غير أن ألف ليلة وليلة هي الأكثر حضورا حين يذكر السرد الكلاسيكي لارتباطها بشهوة الحكي عند شهرزاد. فبغض النظر عن القراءات المتعددة لدوافع السرد فيها وارتباط ذلك بما تطرحه القصة الإطار من قضايا مرتبطة بالمرأة والرجل والسلطة والذكورة والأنوثة، فإن شهوة الحكي كانت المحرّض الفعّال عند شهرزاد، لإنتاج القصص دون النظر بعد ذلك إلى صور تلقّي شهريار للسرد؛ فتلك مسألة داخلية في القصة الإطار. كما أن القصة الإطار لم تعد بؤرة التلقي في ألف ليلة وليلة إلا في الدراسات الأكاديمية. أما المتلقي خارج ذلك، فكان يرى بؤرة التوتر في قدرة شهرزاد على إنتاج الحكي، وفي نزهات ألف ليلة وليلة، وفي قصصها المضمَّنة الناتجة بالتوالد والاستطراد أو الشرح أو التوضيح أو شبق الحكي، بل إن نزهات السرد لم تقتصر على الحكاية ذاتها؛ فالشخصيات في الحكايات المضمّنة كانت تمثّل نزهات سردية، وكذا المشهد والمكان والحوار. ولكن النتيجة الكلية هي أنّ النص بمجمله يعوم على بحر من النزهات، ولذلك هو غابة السرد الأولى في الثقافة العربية برمتها.

 

المصادر والمراجع

  • أبو أحمد، حامد. في الواقعية السحرية. كتب عربية 2001
  • إسماعيل، يوسف. مشروعية السرد في بيان بيدبا. بيروت، الدار العربية للعلومـ ناشرون 2013
  • إيكو، أمبيرتو. القارئ في الحكاية .. ترجمة أنطوان أبو زيد. الدار البيضاء المركز الثقافي العربي.ط1/ 1996
  • أوجيه، مارك، الزمن أطلالا. ترجمة جمال شحيد. هيئة البحرين للثقافة والآثار.2016
  • الجاحظ، عمرو بن بحر. كتاب الحيوان. تحقيق: عبد السلام هارون.ط2/ دار الكتب العلمية ج1
  • جنيت، جيرار. خطاب الحكاية .. ترجمة محمد معتصم وعبد الجليل الأزردي وعمر حلي. القاهرة المجلس الأعلى للثقافة ط2 1997
  • جورج سانتيانا. الإحساس بالجمال. ترجمة محمد مصطفى بدوي. مراجعة زكي نجيب محمود. مهرجان القراءة للجميع 2001
  • ـحسن بن حسن. النظرية التأويلية عند ريكور.. ط1 دار طوبقال للنشر 1992
  • حليفي، شعيب. ثقافة النص الروائي. منشورات مكتبة المدارس 2017
  • خليل، إبراهيم. جريدة القدس العربي بتاريخ 25/6/ 2013
  • ريفاتير، ميكاييل. معايير تحليل الأسلوب. ترجمة حميد لحمداني. منشورات دراسات. سال.ط1 / 1993
  • الزركلي، خير الدين. الأعلام. بيروت دار العلم للملايين ط15 / 2002 ج8
  • الزغلول، رافع وعماد الزغلول. علم النفس المعرفي. دار الشروق.
  • السعداوي، نوال:

ـ امرأة عند نقطة الصفر. بيروت 1975

ـ موت الرجل الوحيد على الأرض. بيروت، دار الآداب ط5/ 1989.

ـ الأغنية الدائرية. بيروت، دار الآداب 1975

ـ امرأتان في امرأة. دار الآداب 1975

  • سلفرمان، هيو.ج.. نصيّات بين الهرمنوطيقا والتفكيكية. ترجمة علي حاكم صالح وحسن ناظم. الرباط المركز الثقافي العربي. ط1/2002
  • شحاتة، حسن وزينب النجار معجم المصطلحات التربوية والنفسية. مراجعة حامد عمار.ا لدار المصرية اللبنانية.ط1/ 2003
  • العجيلي، شهلا:

ـ عين الهر. القاهرة. الهيئة العامة لقصور الثقافة. سلسلة آفاق عربية.ط2/ 2009

ـ سجاد عجمي منشورات ضفاف بيروت/ منشورات الاختلاف الجزائر ط1/ 2013

ـ سماء قريبة من بيتا لبنان، منشورات مجاز، ضفاف ـ الاختلاف. ط2 /2016

  • علوش، سعيد. معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة. دار الكتاب اللبناني بيروت ط1/ 1985
  • فايد، يوسف عبد المجيد. جغرافية المناخ والنبات. دار الفكر العربي.
  • فولفغانغ.إيزر. فعل القراءة، نظرية جمالية التجاوب في الأدب. رجمة: حميد لحمداني وجلالي الكدية. منشورات مكتبة المناهل بفاس
  • كليب، سعد الدين. المدخل إلى التجربة الجمالية. دمشق، وزارة الثقافة 2011 الفصل الثاني
  • كوهن، جان. بنية اللغة الشعرية. ترجمة محمد الولي ومحمد العمري. الدار البيضاء. دار توبقال للنشر ط1/1986
  • لحمداني، حميد. بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي. الرباط. المركز الثقافي العربي.ط1م1991
  • ليهي، ثريا. من شرفة لارفييرا، ولادة وابن زيدون الحقيقة والسراب. الرباط 2015
  • ماجدولين، شرف الدين. بيان شهرزاد، التشكيلات النوعية لصور الليالي. المغرب. المركز الثقافي العربي 2001
  • مجموعة من الباحثين. موسوعة المصطلح النقدي. ج1 ترجمة عبد الواحد لؤلؤة. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ط2 بيروت 1983
  • مشبال، هشام:

ـ البلاغة والسرد والسلطة في الإمتاع والمؤانسة. الأردن، دار كنوز المعرفة. ط1/ 2014

ـ "صورة المرأة وبلاغة الانتصار في سجاد عجمي" ضمن كتاب مشترك "الدرس البلاغي قضايا معرفية ومقاربات نصية" إعداد وتنسيق سعيد جبار. أعمال الندوة الدولية الأولى 25ـ26ـ مارس 2015 مختبر البحث في البلاغة واللسانيات. المملكة المغربية، جامعة شعيب الدكالي.

[1] - ذوات العدد40

[2] ـ فرق جورج سانتيانا Jorge Santayana بين المتعة الجمالية وبين ما عداها من متع ولذات أخرى. انظر في كتابه "الإحساس بالجمال" ترجمة محمد مصطفى بدوي. مراجعة زكي نجيب محمود. مهرجان القراءة للجميع 2001 ص75

[3] ـ نقصد به العالم التخييلي الذي ينشئه الروائي. انظر في مكوناته في "السرد، فكراً وبناء" مسعد العطوي. إربد، الأردن 2014 ص6 وانظر "بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي" حميد لحمداني. الرباط. المركز الثقافي العربي. 1991 ص45

[4] ـ يقول الجاحظ في تعليقه على إعجاب الراوية أبي عمرو الشيباني بالبيتين التاليين "لا تحسبن الموت موت البلى/فإنما الموت سؤال الرجال ـ كلاهما موت ولكن ذا/ أفظع من ذاك لذل السؤال": (وذهب الشيخ في استحسان المعنى والمعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي، والحضري والبدوي) كتاب الحيوان، عمرو بن بحر الجاحظ. تحقيق: عبد السلام هارون.ط2/ دار الكتب العلمية بيروت فقرة 620 "الأعراب أشعر من أهل الأمصار" ج1 ص67

[5] ـ انظر: المدخل إلى التجربة الجمالية. سعد الدين كليب. دمشق، وزارة الثقافة 2011 الفصل الثاني ص 31

[6] ـ النظرية التأويلية عند ريكور. حسن بن حسن. ط1 دار طوبقال للنشر 1992 ص12

[7] ـ تظهر المعرفة الجمالية بمظاهر مختلفة، لكنها مترابطة كنظرة للحياة، وبروح فنية. انظر "الجمالية" ر. ف. جونسون Johnson. ضمن موسوعة المصطلح النقدي. ج1 ترجمة عبد الواحد لؤلؤة. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ط2 بيروت 1983

[8] ـ نشير بذلك إلى المقالات الصحفية بشكل خاص التي تقدم ملخصا لمحتوى الرواية، أو تلك التي تغمر العمل الروائي ومبدعه بأحكام القيمة الفائقة. كما أن ذلك المنحى تتبناه أيضا بعض الدراسات غير الموضوعية وتتسم بالإنشائية.

[9] ـ تلك الدراسات تركز في قراءاتها على المحتوى الاجتماعي أو الإيديولوجي في العمل الروائي، وعلى أساسه تقيّم العمل الإبداعي.

[10] ـ يُعتبر القارئ محور نظرية التلقي، ولكن المفكر الأسلوبي مكاييل هو من استخدم مفهوم القارئ النموذجي ليشير به إلى القارئ المتمرس بنظام اللغة الشعرية. انظر معايير تحليل الأسلوب. ميكاييل ريفاتير. ترجمة حميد لحمداني. منشورات دراسات. سال.ط1 / 1993ص 25 أما أمبيرتو إيكو فيقصد به مجموع شروط النجاح التي تنشأ نصيا، وللوصول إليها نحتاج إلى عملية تفكيك رموز الحكاية، وهذا الفعل يقوم به القارئ النموذجي الذي يستجيب لمتطلبات النص الصريحة والمضمرة. انظر: القارئ في الحكاية. أمبيرتو إيكو. ترجمة أنطوان أبو زيد. الدار البيضاء المركز الثقافي العربي.ط1/ 1996 ص 61

[11] ـ انظر في النظرية كتاب هيو.ج. سلفرمان "نصيّات بين الهرمنوطيقا والتفكيكية" ترجمة علي حاكم صالح وحسن ناظم. الرباط المركز الثقافي العربي. ط1/2002 ص29

[12] ـ إن السرد عمل فني إبداعي. ولذلك، فإن النظر إليه كنص إيديولوجي أو اجتماعي أو فلسفي أو تاريخي يفقده بعده الجمالي، ويخرجه من إطاره الأجناسي، إلى إطار الدراسات الأنثربولوجية.

[13] القاهرة. الهيئة العامة لقصور الثقافة. سلسلة آفاق عربية.ط2/ 2009

[14]ـ منشورات ضفاف بيروت/ منشورات الاختلاف الجزائر ط1/ 2013

[15] ـ لبنان، منشورات مجاز، ضفاف ـ الاختلاف. ط2 /2016

[16] ـ انظر: فعل القراءة، نظرية جمالية التجاوب في الأدب. فولفغانغ.إيزر. ترجمة: حميد لحمداني وجلالي الكدية. منشورات مكتبة المناهل بفاس ص12

[17] نقصد الاهتمام ب "آلية السرد" الطريقة النمطية المعدة مسبّقا؛ الشخصيات، المكان، الزمان، الحبكة ...إلخ. انظر: بنية النص السردي ص45

[18] ـ يأخذ أفق القراءة مفهومه من البنيات الذهنية المكونة من القراءات السابقة، والشاملة. ويختلف "أفق القراءة" عن "وجهة النظر" بأن الأول يرتبط بالمتلقي، بينما يرتبط الثاني بالمرسل بوصف صاحب الرسالة. انظر في "وجهة النظر" وفي "الرؤية" في معجم المصطلحات الأدبية. عرض وتقديم وترجمة سعيد علوش. دار الكتاب اللبناني بيروت ط1/ 1985 ص38 ـ 106 ـ 221

[19] محرق بصري يمثل مركزا، وننقله هنا للأدب ليمثل مركز توتر في العمل الأدبي. انظر: معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة. ص 54

[20] ـ معجم المصطلحات الأدبية ص231

[21] ـ نفسه ص148

[22] ـ ـموسوعة المصطلح النقدي. ج1 ترجمة عبد الواحد لؤلؤة. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ط2 بيروت 1983 ص269

[23] معجم المصطلحات الأدبية 211

[24] ـ يتقاطع "الوعي السردي" مع "الوعي الممكن" عند لوكاتش وكولدمان في أن الأخير يعبر عن حدود رؤية العالم المعروضة في عمل ما، ويختلف عنه بأنه لا يهتم بالإيديولوجيا، وإنما بشكل الحضور والتحقق؛ أي أن العالم هو غابة سردية متشابكة. انظر في مفهوم "الوعي الممكن" في معجم المصطلحات الأدبية ص235

[25] ـ حين تحدث كوهن عن الانزياح كان يريد الصياغة الشكلية. ونحن نريد توسيع المفهوم ليشمل كل صور الخروج عن "المعيار" المألوف إن كان في وسيلة التعبير أو مكوناتها وأسلوبها أو في الرؤية للعالم أو الموضوعات أو المدركات. انظر في مفهوم الانزياح عند جان كوهن في كتابه "بنية اللغة الشعرية" ترجمة محمد الولي ومحمد العمري الدار البيضاء. دار توبقال للنشر ط1/1986 ص27

[26] ـ مارك أوجيه، الزمن أطلالا. ترجمة جمال شحيد. هيئة البحرين للثقافة والآثار.2016 ص124

[27] ـ انظر: بنية النص السردي. ص45

[28] ـالتماهي في علم النفس هو الميل لتقليد سلوك شيء ما، وقد يدل على تمازج عاطفي. طرح فرويد هذا المفهوم في أواخر القرن التاسع عشر للميلاد. انظر معجم مصطلحات التحليل النفسي. جان لا بلاش ج، ب، بونتاليس. إشراف دانيال لاغاش. ترجمة مصطفى حجازي. بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات.

[29] ـ معجم المصطلحات التربوية والنفسية إعداد حسن شحاتة وزينب النجار. مراجعة حامد عمار. الدار المصرية اللبنانية.ط1/ 2003 ص154

[30] ـ ومنها: امرأة عند نقطة الصفر. بيروت 1975 موت الرجل الوحيد على الأرض. بيروت، دار الآداب ط5/ 1989 الأغنية الدائرية. بيروت دار الآداب ط3/1999. امرأتان في امرأة. بيروت، دار الآداب 1975

[31] ـ خطاب الحكاية. جيرار جنيت. ترجمة محمد معتصم وعبد الجليل الأزردي وعمر حلي. القاهرة المجلس الأعلى للثقافة ط2 1997 ص177 وما بعدها

[32] ـ تمتاز الغابة الاستوائية في الطبيعة بأنها مطيرة، وذات أدغال ويعيش فيها نصف النباتات والحيوانات، وتصدِّر ربع مكونات الأدوية الطبية، وتنتج 40% من أوكسجين الأرض. ومحتوياتها من النباتات نحو 300 نوع في الهكتار الواحد. و70% من نباتاتها هي أشجار. انظر: جغرافية المناخ والنبات. يوسف عبد المجيد فايد. دار الفكر العربي. ص 291ـ 305

[33] ـ انظر "عين الهر" ص71، 88، 111، 135

[34] ـ تشكل اللغة في سجاد عجمي وسيلة التعبير الأكثر حضوراً في التلقي؛ إذ مثّلت علامة من علامات النص السردي، وعنصرا فاعلا في استحضار الفضاء التاريخي الذي نسجت في حيثياته نزهات السرد في الرواية. ولذلك، كانت موضع إشارة أغلب القراءات الصحفية التي اهتمت بالرواية. ونذكر من ذلك بشكل خاص، ما كتبه إبراهيم خليل في جريدة القدس العربي بتاريخ 25/6/ 2013

[35] ـ لا نريد هنا التنوع الجغرافي فهو حاضر بكثافة في رواية "سماء قريبة من بيتنا" وإنما لوحته الخاصة الآتية من عبق الماضي، بخاصة في حالات الوصف المرتبط بأسواق الرقة ودير زكا والرصافة.

[36] ـ "الأيقونة" نمط من العلامات التي تحيل إلى الموضوع الذي تسجله. انظر: معجم المصطلحات الأدبية ص44، وهي في بحثنا تشير إلى تحول المشار إليه إلى نمط محكم الإغلاق، يتعامل معه المتلقي بوصفه علامة؛ وهنا تكون العلاقة بين الأيقونة والمتلقي ذهنية.

[37] ـ كانت صورتها المزدانة بالحلي معلقة في أغلب البيوت الشعبية كرمز للصِبا والجمال.

[38] ـ أميرة وشاعرة عربية أندلسية أموية، بنت الخليفة المستكفي بالله. كان لها مجلس في قرطبة ينشده الأعيان والأدباء والشعراء. انظر: الأعلام. خير الدين الزركلي. بيروت دار العلك للملايين ط15/ 2002 ج8 ص 118

[39] ـ ولادة في الوثائق التاريخية الرسمية غير ولادة في المخيال الشعبي. انظر: "من شرفة لارفييرا، ولادة وابن زيدون الحقيقة والسراب" ثريا ليهي. الرباط 2015 ص18 وما بعدها

[40] ـ سجاد عجمي ص168

[41] ـ وقد أشار إبراهيم خليل إلى وعورة اللغة في بعض المواقع في مقالته الصحفية "التاريخ في رواية متحررة من التاريخ" القدس العربي.25/6/2013. يضاف إلى ذلك أن الكاتبة خرجت إلى شرح بعض المفردات أو المسميات في بعض المواقع، كما في ص21، 22، 23، 26، 30، 33، 35، 39، 46، 54، 55 ....إلخ.

[42] ـ نريد الإشارة إلى الأصوات التي تنعي دائما موت الحضارة العربية الإسلامية وتتوجع على الواقع العربي الإسلامي المعاصر.

[43] ـ هكذا وبموقف متعالٍ ينتهي السرد في الروايات الثلاث "عين الهر" و"سجاد عجمي" و"سماء قريبة من بيتنا".

[44] ـ يُعرف في النقد الأدبي مصطلح "الواقعية السحرية" أو "الواقعية العجائبية" ويشير إلى السرد الذي يمزج الواقعي بغير الواقعي أو الواقعي بغير الممكن. وأشهر كتاب الواقعية السحرية الأرجنتيني خوركي لويس بورخيس(ـ1986) والكولومبي جابرييل جارثيا ماركيز(- 2014). انظر: الواقعية السحرية حامد أبو أحمد. الكتب العربية 2001 ص24. وقد قلبنا ترتيب مفردتي المصطلح فغدا "العجائبية الواقعية" لنشير إلى تداخل السرد وتنوعه وكثافته، وكأنه لا يخضع لمسار محدد وصارم. ويصبح فيه الاستدعاء الحر هو المهيمن مع خلوّه من غير الممكن والعجائبي بالمعنى الميتافيزيقي.

[45] ـ يتضح الموقفان في: جريدة الحياة في 16 تموز 2015 وموقع "حبر" في 16 آذار 2016 والقبس الالكتروني بتاريخ 15/8/ 2016 وجريدة الاتحاد "أبو ظبي" بتاريخ 2/4/ 2016.

[46] ـ ظهرت دراستان عن "سجاد عجمي" و"عين الهر" فقط ولم تتطرقا إلى سماء قريبة من بيتنا. الأولى لهشام مشبال "صورة المرأة وبلاغة الانتصار في سجاد عجمي" ضمن كتاب مشترك "الدرس البلاغي قضايا معرفية ومقاربات نصية " إعداد وتنسيق سعيد جبار. أعمال الندوة الدولية الأولى 25ـ26ـ مارس 2015 مختبر البحث في البلاغة واللسانيات. المملكة المغربية، جامعة شعيب الدكالي. والثانية لشعيب حليفي في كتابه "ثقافة النص الروائي" منشورات مكتبة المدارس 2017

[47] ـ استدعاء العناصر أو الحكايات من دون ترتيب محدد. انظر: علم النفس المعرفي. رافع الزغلول وعماد الزغلول. دار الشروق. ص 191

[48] ـ خطاب الحكاية ص 177

[49] ـ يمكن الوقوف على ماهية السرد في الإمتاع والمؤانسة في "البلاغة والسرد والسلطة في الإمتاع والمؤانسة" هشام مشبال. الأردن، دار كنوز ا1لمعرفة. ط1/ 2014

[50] - انظر: بيان شهرزاد، التشكيلات النوعية لصور الليالي. شرف الدين ماجدولين. المغرب. المركز الثقافي العربي 2001 ص110

[51] ـ انظر: مشروعية السرد في بيان بيدبا. يوسف إسماعيل. بيروت، الدار العربية للعلومـ ناشرون 2013 ص21ـ 59