محاضرة علمية حول موضوع:" ما الحاجة إلى الحرية ؟ " للدكتور محمد الدكالي

فئة: أنشطة سابقة

 محاضرة علمية حول موضوع:" ما الحاجة إلى الحرية ؟ " للدكتور محمد الدكالي

محمد الدكالي: الحرية سلوك يتطلب الكثير من الجهد والقواعد والتمارين


انطلق المفكر المغربي محمد الدكالي في طرحه لسؤال الحرية من مبدأ أن هذه الأخيرة سلوك يتطلب الكثير من الجهد والقواعد والتمارين، إنها تمرين وجودي يستدعي استعدادا سيكولوجيا، يتأسس على مبدأ أن الحرية ليست معطى أو حالة.  

وتمكن الدكالي في المحاضرة العلمية الموسومة بـ" ما الحاجة إلى الحرية؟"، والتي ألقاها في مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" للدراسات والأبحاث يوم السبت الفارط، من طرح موضوع الحرية من خلال معالجته في إطار دافع الاحتياج إلى الحرية، مؤكدا أن طرح سؤال "هل هناك حاجة إلى الحرية؟  قد يبدو في الغالب سهلا وتلقائيا، وهنا يكمن المشكل، غير أنه إذا نظرنا إلى السؤال بتأنٍّ نجد أن  هناك حاجة واحتياجا للحرية.

 ويضيف الدكالي أنه كلما تعلق الأمر بالحاجة تطرح موضوعات مرتبطة بالاحتياج، ليطرح السؤال ما هو دافع الاحتياج إلى الحرية؟ وقد استدل الدكالي بمثال اقتراض المال للتأكيد على طرحه وقال:" أنا أحتاج إلى اقتراض نقود من المقترض الذي قد يسألني لماذا؟ والذي يطرح علي موضوع القدر والكيف، أي ما هو قدر المال الذي سأحتاج إليه وكيف ستتحقق كيفية الحصول عليه، هذا الطرح يمكن  ربطه بحاحة الإنسان إلى الحرية في سياق الاحتياج وكيفية تحقيقه، فالحرية تتقبل كل هذه المواصفات، إذن هل نحتاج إليها بمقدار؟ وهل باستطاعة طالب الحرية ان يستحمل ما سيصل إليه؟"

في سياق هل طالب الحرية قادر على استحمال ما سيحصل عليه، حكى الدكالي قصة امرأة برتغالية كانت تشتغل كحارسة عمارة في فرنسا في الستينيات، وربحت آنذاك 3مليارات سنتيم فرنسي، فكان أول تصريح لها "لا أعرف ما معنى هذا القدر من المال؟ ما تطلب متابعة حالتها النفسية لمدة سنة أو سنتين.

واعتبر الدكالي أن الحرية في حد ذاتها من الكلمات السحرية التي لها وقع شديد، أكثر من الكلمات التي لها مكانة خاصة في حياتنا كأكثر الأمور ضرورة، على سبيل المثال كلمات الأكل والحب...،  ويعود هذا السحر حسب الدكالي إلى وقع الكلمة على تنظيم حياة البشر وصياغتها.

وأوضح الدكالي أنه بما أن الكلام شكل من أشكال الحياة ، ففي كثير من الأحيان نتكلم عن الحرية، ، وعندما نتكلم عنها  نعيش حينها لحظة الحرية، بمعنى أن الكلام عن الحرية حضور لشكل من أشكال الحرية، ورأى أن التحرر من فكرة أن الحرية مجرد عبث، يمنحنا القدرة على التطلع والانفتاح على الذات وتكسير كل القيود المحيطة بها، مع العلم أننا في الكثير من الأحيان نعلم أن الحديث عن الحرية  صعب جدا.

وأضاف الدكالي أن قضية الحرية موضوع نقاش دائم، بوصفها نابعة عن ضرورة حياتية، لا بوصفها مجرد تساؤل أكاديمي، إذ ومهما تنوعت صورها، يبقى البحث فيها وعنها ضرورة وجودية. في هذا السياق، تمكن الدكالي من طرح موضوع الحرية في نسق متنوع ومبني على عوامل مختلفة، ومن تبيان مقدار تعقد الحرية كمفهوم يستأثر جدلا كبيرا، استشهد في معالجته لموضوع الحرية برؤية كل من المفكرين الفرنسيين فولتير ومنتيسكيو.  

وفسر الدكالي أن  موضوع الحرية، من أهم المواضيع الأساسية في حياة الإنسان؛  فبالحرية تكون للإنسان إرادة ووجود وفعل في التاريخ، وبزوالها يفقد إنسانيته وكينونته ويتبلد لديه حس الخلق والإبداع. فبالنظر إلى التاريخ الطويل للإنسانية، نجد الإنسان بطبعه ميال إلى الانعتاق من الأغلال والقيود، سواء كانت قيودا باسم الدين أو باسم الثقافة أو باسم السياسة؛ مما يعني أن الحرية جزء لا يتجزأ من الوجود الإنساني.

وجدير بالذكر أن محمد الدكالي  من أبرز الباحثين في مجال الفلسفة، ومن أهم الرواد الذين تكونت على أيديهم أجيال مهمة من المختصين في الفلسفة والتكوين، إذ سبق له أن عمل أستاذا لمادة استكمال التكوين بكلية ‏علوم التربية لمدة عشرين عاما. كما أسس لنسق فلسفي متميز ينبثق من الواقع ويعود إليه في بحث عميق عن أجوبة تمكن من فهمه.

ولا يقتصر دور الدكالي في كونه  أستاذا للفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ‏محمد الخامس- أكدال، بل يعد مرجعاً مهما في بناء نسق فكري وفلسفي يهتم بالفلسفة ويربطها بالراهن.