Next Page  9 / 242 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 9 / 242 Previous Page
Page Background

اﻟﻌﺪد

(12)

8

اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻘﺮآن

أو

اﻹيمﺎن ﰲ زﻣﻦ »اﳌﺮاﺟﻌﻴين«

*

د. ﻓﺘﺤﻲ اﳌﺴﻜﻴﻨﻲ

اﳌﻠﺨﺺ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي:

ﳌﺎذا ﺣﴫ اﳌﻌﺎﴏون ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻘﺮآن ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﺼﺤﻒ؟ وﻫﻞ ﻳﻜﻔﻲ أن ﻧﺆرّخ ﻟﻠﻤﺼﺤﻒ ﺣﺘﻰ

ﻧﻔﻬﻢ اﻟﻘﺮآن؟ ﺗﻨﻈﺮ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ إﱃ اﻟﻘﺮآن، اﻟﻴﻮم، ﻓﻼ ﺗﺮى ﻏير »ﻧﺺﱟ « ﻣﺘﻨﺎزع ﻋﻠﻴﻪ، ﺳﻮاء ﺑين اﳌﺆﻣﻨين

ﺑﻪ داﺧﻞ اﻟﺠماﻋﺔ اﻟﺘﻔﺴيرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳّﺴﺖ ﻋﻠﻴﻪ، أم ﺧﺎرﺟﻬﻢ ﰲ أﺻﻘﺎع »اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ« اﻟﺘﻲ

ﺗﺠﺮّدت ﻟﻪ ﰲ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﺮب. ﻟﻜﻦّ اﻟﻌﺮب لم ﻳﻌﺮﻓﻮا ﻣﻔﻬﻮﻣﻨﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ »اﻟﻨﺺ«؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻒ اﻟﻨﺺّ

ﰲ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻗﻠﻘﺔ ﺑين ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻘﺮآن وﺑين ﺗﺎرﻳﺦ اﳌﺼﺤﻒ. وﻫﻮ ﻳﺸير إﱃ ﻣﺪوّﻧﺔ »ﻣﻘﺪّﺳﺔ« ﺗﻨﻄﻮي

ﻋﲆ أﻧﺤﺎء ﺷﺘّﻰ ﻣﻦ »اﻟﺘﺤﺪّي«، ﺗﻨﺒﺜﻖ ﻛﻠّﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻦ اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ لم ﻳﻌﺮﻓﻪ اﻹﻏﺮﻳﻖ؛ ﻣﺴﺘﻮى

»اﻟﺘﻌﺎﱄ«. ﻻ ﻳﺰال اﻟﺘﻌﺎﱄ ﻟﺪﻳﻨﺎ »إﻟﻬﻴّﺎً« ﺑﺎﻟﴬورة، ﻟﻜﻦّ أﻓﻖ اﻟﻔﻬﻢ ﻳﻘﻊ، دوﻣﺎً، ﺗﺤﺖ ﴍوط إﻣﻜﺎن

ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺮاﺟﻌﺘﻬﺎ إﻻ إذا ﺗﺤﺮّر ﻣﻨﻬﺎ؛ ﻟﻜﻦّ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﻨﺺّ ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﱄ اﻷﻓﻘﻲ، اﻟﺬي

لم ﻳﺴﺘﻘﺮّ ﺑﻌﺪ ﻋﻨﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ. وﺗﺴﺄل اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ: إﱃ أيّ ﻣﺪى يمﻜﻨﻨﺎ ﺗﺄوﻳﻞ اﻟﻘﺮآن دون اﺧﱰاق

ﻣﺠﺎﻟﻪ اﻟﺘﺪاوﱄ؟ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أيّ ﻧﺺّ ﻣﻘﺪّس أﻛثر ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻄﺮﺣﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ. أﺟﻞ، ﻛﻞّ اﻟﺪراﺳﺎت

اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ، ﻣﻨﺬ ﻧﻮﻟﺪﻛﻪ، ﺗﻌﺪﻧﺎ ﺑﻘﺮاءات ﺟﺪﻳﺪة، إﻻ أﻧّﻨﺎ ﴎﻋﺎن ﻣﺎ ﻧﻼﺣﻆ أنّ »اﻟﻘﺎرئ« ﻫﻮ دوﻣﺎً ﻣﺆﻟّﻒ

ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ؛ ﻫﻮ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﻴﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻧﺺﱟ »ﺑﻼ ﻣﺆﻟﱢﻒ«. اﻟﻮاﻗﻊ أنّ اﻟﻘﺮآن ﻟﻴﺲ ﻧﺼّﺎً أو ﻣﺼﺤﻔﺎً إﻻ

ﻋﺮﺿﺎً؛ أي ﺗﺤﺖ وﻃﺄة ﺳﻠﻄﺔ أو ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺄوﻳﻞ ﻣﺎ. وﺣﺪﻫﺎ اﳌﺆﺳﺴﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﱃ ﻣﺼﺎﺣﻒ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ

ﻳﻄﻮل ﻧﻘﺪ اﳌﺼﺎﺣﻒ ﺳﻮى اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ. إنّ اﻟﻘﺮآن ﺣﺪث، أو ﻋﻤﻞ ﻟﻐﻮي ﻣﻦ ﻧﻮع إﻧﺠﺎزي؛

ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻔﻬﻢ اﻟﺤﺪث اﻟﻘﺮآني إﻻ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻧﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻪ. وﰲ ﻣﻌﺠﻢ ﻫﺎﻳﺪﻏﺮ، ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻔﻬﻢ اﻟﻘﺮآن ﻷﻧّﻨﺎ

ﻧﺆوّﻟﻪ؛ ﺑﻞ ﻧﺤﻦ ﻧﺆوّﻟﻪ ﻷﻧّﻨﺎ ﻧﻔﻬﻤﻪ.

* * *

* ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ.

دراﺳﺎت

وأﺑﺤﺎث