أنثروبولوجيا الإبداع كفعل اجتماعي: المهندسة المعمارية زَها حديد نموذجاً (دراسة في ديناميكيات الابتكار الثقافي)
فئة : مقالات
أنثروبولوجيا الإبداع كفعل اجتماعي:
المهندسة المعمارية زَها حديد نموذجاً
(دراسة في ديناميكيات الابتكار الثقافي)
”لا يمكنك استهلاك الإبداع. كلما استخدمته أكثر، زاد ما لديك“ (مايا أنجيلو، شاعرة وكاتبة أمريكية)
يربط "ألبرت أينشتاين" الإبداع بالمتعة والذكاء قائلاً: ”الإبداع هو ذكاء الاستمتاع“، مما يشير إلى أن الدافع الداخلي والشغف بالعمل قد يكونان جزءاً أساسيًّا من العملية الإبداعية.
”العبقرية دالة على التغير، والتغير اشتياق وتطلع إلى عالم جديد“ (صمويل بتلر، كاتب وروائي من المملكة المتحدة).
”يُعد الإبداع حجر الزاوية الأساسية في التطور والتقدم البشري والتميز الحضاري، فهو القدرة على توليد أفكار أو حلول جديدة وقيمة. يتجلى الإبداع في شتى المجالات، من الفنون والعلوم إلى الأعمال التجارية والتنمية الشخصية، مما يجعله محط اهتمام المفكرين والباحثين على مر العصور. كما تتعدد أوجه الإبداع وتختلف تعريفاته باختلاف السياقات والتخصصات، إلا أن جوهره يكمن في الخروج عن المألوف وتقديم ما هو أصيل ومبتكر. إن فهم طبيعة الإبداع ومحفزاته وعلاقته بمختلف جوانب الحياة يمثل أهمية قصوى للأفراد والمجتمعات الطامحة إلى النمو والازدهار“. (الكاتب)
لا يحدث الإبداع من فراغ. فعندما ندرس الشخص المبدع أو المنتج الإبداعي أو العملية الإبداعية، فإننا غالباً ما نتجاهل الوسط الثقافي والبيئي؛ أي إننا ننزع الإبداع من سياقه، غير أن الثقافة حاضرة دوماً فالعلاقة التي تربط بين ثقافة المبدع وإبداعه علاقة متينة، فقد قيل قديماً أن المبدع ابن بيئته؛ بمعنى أن ذات المبدع هي مرأة كاشفة تنبثق منها كل محددات هويته، وتتحول إلى رسالة جمالية إبداعية تنقل عمق شخصيته وجوهرها، وكلما كان المبدع صادقاً في عمله، صافياً في إبداعه، كلما ظهر ذلك جليّاً في أعماله.
تمثل انثروبولوجيا الإبداع ميداناً بحثياً حديثاً نسبياً ضمن العلوم الاجتماعية؛ إذ تسعى إلى فهم الإبداع الإنساني بوصفه ظاهرة ثقافية واجتماعية لا تقتصر على الأبعاد الفردية والنفسية فقط. وبينما ركزّت دراسات الإبداع التقليدية على العبقرية الفردية أو السمات النفسية، فإن الانثروبولوجيا تُعيد تعريف الإبداع في ضوء السياقات الثقافية والاجتماعية، مركزةً على كيفية تشكيل المجتمعات للابتكار الفني، والتكنولوجي، والمعرفي.
بذلك يهدف هذا المقال إلى تقديم محاولة تأصيلية لأنثروبولوجيا الإبداع، من خلال تحديد المفاهيم الأساسية، واستعراض النظريات المفسرة، ورصد أهم مجالات الاهتمام البحثي، وصولاً إلى إبراز الأطر النظرية والمنهجية التي تشكل هذا الحقل المعرفي المتداخل، بالإضافة إلى طرح نموذج تطبيقي عن دراسة حالة إبداعية في العالم، حيث وقع الاختيار على المهندسة المعمارية العالمية "زَها حديد".
تُعرّف الانثروبولوجيا باختصار شديد علم دراسة الإنسان في أبعاده البيولوجية، الثقافية، الاجتماعية، واللغوية. أما الإبداع، فهو عملية توليد أفكار أو منتجات جديدة وملائمة ثقافياً ضمن سياق اجتماعي معين. بذلك يمكننا تعريف أنثروبولوجيا الإبداع بأنها فرع من الأنثروبولوجيا الثقافية تدرس الإبداع بوصفه ظاهرة اجتماعية وثقافية، محللةً الأطر التي تنتجه وتدعمه أو تكبحه داخل الجماعات البشرية. كما تُعنى أنثروبولوجيا الإبداع بكيفية فهم المجتمعات لمفهوم "الجِدَّة" و"الأصالة"، وكيفية تفاعل الأفراد والجماعات مع الأفكار أو الابتكارات الجديدة، ضمن شروطهم الثقافية والمعرفية.
سيكولوجياً، يُنظر إلى الإبداع بوصفه حالة نفسية تنبع من تفاعل معقد بين الإدراك، الانفعال، والدافعية. فالإبداع لا يُختزل في مجرد إنتاج شيء جديد، بل يعكس استعداداً داخلياً للفرد على التفكير خارج النماذج المألوفة، والقدرة على التفاعل الحي مع المحيط الثقافي والاجتماعي. وتؤكد الدراسات النفسية أن العمليات الإبداعية غالباً ما ترتبط بحالات وجدانية مثل التأمل، القلق الإيجابي، التوتر المنتج، أو حتى الحزن العميق، حيث يُستثمر هذا الانفعال في تحويل التجربة الذاتية إلى مخرجات ذات طابع جمالي أو فكري. وبهذا المعنى، فإن الإبداع لا يفهم فقط على أنه مهارة عقلية، بل هو تجربة وجدانية ومعرفية تترجم من خلال الفرد إلى سلوك تعبيري يتجاوز حدود العقلانية الصارمة ليُلامس مناطق اللاوعي والحدس والتخيل.
كما لا يُمكن فهم الإبداع بمعزل عن السياق الاجتماعي والثقافي الذي ينشأ فيه، فهو ليس فقط تعبيراً عن قدرات فردية، بل هو نتاج اجتماعي يجسّد تفاعلات الفرد مع محيطه. فالإبداع يتشكل داخل منظومات القيم والمعايير والتجارب الجمعية، ويعد استجابة لتحديات الواقع الاجتماعي أو نقداً له أو إعادة تشكيله. كما أن طبيعة المشكلات التي يسعى الإبداع إلى معالجتها، والوسائل التي يستخدم فيها، وحتى مدى قبوله وتقديره، كلها تتحدد وفقاً للبنى الاجتماعية السائدة. بهذا المعنى، فإن الإبداع هو فعل ثقافي جماعي، يعكس شروط الإنتاج التاريخي والاقتصادي والسياسي التي تؤطر المجتمع، وهو تعبير عن الوعي الجمعي بقدر ما هو تجلٍ لرؤية فردية.
بناءً على ما سبق، يمكننا تعريف الإبداع بأنه "الوحدة المتكاملة لمجموعة العوامل الذاتية والموضوعية التي تقود إلى تحقيق إنتاج جديد، وأصيل وذي قيمة من قبل الفرد أو الجماعة" أو أنه "النشاط أو العملية التي تقود إلى إنتاج يتصف بالجدة والأصالة والقيمة من أجل المجتمع". وأما الإبداع بمعناه العام الواسع، فهو إيجاد حلول جديدة للأفكار والمشكلات والمناهج... ويرى بعض الباحثين أن التفكير المبدع شكل راقٍ للسلوك يظهر في حل المشكلات، ويرون أن حلّ المشكلات يعد إبداعاً إذا ما حقق توافقاً مع واحد أو أكثر من الشروط الآتية:
1- أن يمثل إنتاج التفكير جِدة وقيمة (سواء بالنسبة إلى الفرد أو للثقافة).
2- التفكير اللا اتفاقي؛ أي التفكير الذي يغير الأفكار المقبولة مسبقاً أو بنفيها.
3- التفكير الذي يتضمن الدافعية أو المثابرة والاستمرارية العالية التي تظهر على مسار العمل بشكل متقطع أو مستمر، والذي تكمن فيه القدرة العالية لتحقيق أمر ما.
4- تكوين مشكلة ما تكويناً جديداً؛ ذلك أن النشاط الإبداعي يظهر كجملة خاصة من النشاط في حل المشكلة المتسمة بالجدة واللا اتفاقية في تكوين المشكلة تكويناً جديداً.
وهكذا تنوعت آراء المفكرين حول تحديد مفهوم الإبداع، حيث سعى كل منهم إلى التقاط الجانب الأهم في هذه العملية المعقدة. ويلاحظ أن هناك اتفاق على أن الإبداع ينطوي على رؤية الأشياء بطريقة مختلفة، كما ورد في المقولة الشائعة: "الإبداع، هو النظر الى المألوف بطريقة غير مألوفة". وهذه العبارة تؤكد أهمية تحدي الافتراضات واستكشاف وجهات نظر جديدة في التجارب اليومية، وأن "القدرة على ربط الأمور بطريقة غريبة هي محور الإبداع الذهني بغض النظر عن المجال". وهذا يشير إلى أن الإبداع يتضمن إقامة روابط بين عناصر قد تبدو غير متصلة للوهلة الأولى.
في واقع الأمر، يمثل الإبداع حاجة معرفية مجتمعية ملحّة؛ إذ يسهم في تجديد أنماط التفكير والإنتاج والمعنى داخل المجتمع، ويعكس سعي الجماعة البشرية إلى تجاوز الأطر المعرفية التقليدية في مواجهة التغيرات المتسارعة. فالمجتمعات، لا تتطور من دون مسارات إبداعية تفتح أفقاً جديداً للفهم والتأويل، سواء في العلم أو الفن أو التنظيم الاجتماعي. ويتم خلق الفعل الإبداعي لدى الأفراد من خلال تفاعلهم مع بيئات محفزة على التساؤل والنقد والتجريب، وهي بيئات تشجع على الانفتاح المعرفي وتقدير التنوع الفكري، وتقلل من سلطة الامتثال والقولبة. فكلما زادت قدرة المجتمع على إتاحة المجال للتعبير الحر وتقدير المختلف، زادت إمكانيات نشوء الفعل الإبداعي بوصفه ممارسة معرفية تُعيد صياغة الواقع وتنتج بدائل ممكنة له. فالإبداع والحفاظ عليه هو ارتباط تبادلي بين الكائن الحي وبيئته، وبالنسبة لمعظم البشر فالبيئة هي الثقافة التي تقدم مصفوفة ومحتوى للإبداع، وفي الواقع هي سياق كل سلوك إبداعي، تشجع الثقافة الإبداع إلى الحد الذي يوفر للفرد الفرصة لتجربة العديد من جوانب الإبداع، وتحديد وسائل مناسبة للتعبير الإبداعي.
كما يرتبط الإبداع ارتباطاً جوهريًّا بحرية التعبير عن الذات، فهو يسمح للفرد بأن يستكشف هويته، ويعبر عن تجربته الشخصية دون قيود مفروضة من قبل البنى الثقافية والاجتماعية. وتشير الأبحاث إلى أن الممارسات الإبداعية تعزز شعور الأفراد بالاستقلالية، حيث يمكنهم الخضوع لعمليات توليد الأفكار الإبداعية من تجاوز الحدود المعرفية والهيكلية التقليدية. كما ترتبط هذه الحرية بعوامل نفسية مثل الثقة بالنفس وتقدير الذات، إذ يساهم الإبداع في بناء صورة إيجابية للذات من خلال إتاحة المجال لاستكشاف الإمكانات الفردية والتعبير عنها بشكل فني أو فكري. هذا على المستوى الفردي. أما على المستوى المجتمعي، نجد أن عملية الإبداع ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحرية التعبير عن الرأي؛ إذ تمكّن هذه الحرية الأفراد من طرح أفكارهم ومواقفهم دون الخوف من الرقابة أو العقاب، مما يشجع على استكشاف رؤى جديدة وتحدي الأفكار السائدة. فعندما تتاح المساحة للقول الصريح والنقد البناء، تتحول المشاعر والانطباعات الشخصية إلى محركات للإبداع تفضي إلى إنتاج محتوى فكري وفني يعكس تنوع الخبرات والآراء داخل المجتمع. كما يشير تقرير منظمة اليونسكو إلى أن حماية حرية التعبير تساهم في إثراء التنوع الثقافي وتعزيز الابتكار؛ لأن التبادل الحر للأفكار يوفر بيئة حاضنة للإبداع الجماعي والفردي على حد سواء.
وفيما يتعلق بصفات وخصائص الإنسان المبدع نجد أن الإنسان المبدع يتميز بمجموعة من السمات والخصائص منها النفسية، حيث تشمل الانفتاح على الخبرة الذي يعزز الدافعية الذاتية للانخراط في العمليات الإبداعية ويعتبر عاملاً وسيطاً بين الخصائص الشخصية والإنتاج الإبداعي، كما ترتبط قدرته على الابتكار بالمفعول الذاتي والثقة بالنفس التي تعزز الانخراط في الأنشطة الإبداعية والتحمس الدؤوب لتطوير أفكار جديدة. وتظهر الأبحاث أن المرونة المعرفية تلعب دوراً جوهرياً في إنتاج الحلول غير التقليدية من خلال القدرة على تبديل الأطر الذهنية واستيعاب وجهات نظر متعددة. فضلاً عن ذلك، يمتاز المبدعون بملامح متضادة متوازنة، كالجمع بين العفوية والانضباط أو الخيال والواقعية، مما يدعم قدرتهم على توليد أفكار مبتكرة ومجدية عملياً.
وعلى الصعيد الثقافي، يكوّن رأس المال الثقافي (المتمثل في المعرفة والمهارات والرموز المتوارثة) بيئة تغذي الإبداع عبر توفير قواعد معرفية غنية يمكن إعادة تركيبها بطرائق جديدة، في حين تظهر دراسات مقارنة أن التنوع الثقافي يوسع نطاق الأفكار المولدة ويزيد احتمال نشوء رؤى إبداعية فريدة. اجتماعياً، ينعكس الإبداع في شبكات العلاقات التي توفر الدعم والتعاون، فقد لوحظ أن الأفراد المبدعين غالباً ما يعملون ضمن شبكات كثيفة تسمح بتبادل المعرفة والخبرات، مما يعزز الإنتاجية الابتكارية. كما تسهم شبكات الدعم الفني (التي تشمل الزملاء والموجهين والمساهمين) في صقل المهارات الإبداعية وتمكين المشاريع الفنية من النجاح. ويضيف المنظور الديناميكي للشبكات الاجتماعية أن التفاعلات المتكررة والمتنوعة داخل المجتمع تشكّل سياقاً يشجع على المقاربة الجديدة للأفكار وينشط دورة التجريب والابتكار المستمر. وأخيراً، تتكامل هذه العوامل لتجعل من الإبداع نتاجاً متعدد الأبعاد يجمع بين الاستعدادات النفسية، والثقافية الغنية، والبيئات الاجتماعية الداعمة التي تهيئ الظروف لظهور وإدامة الأفكار المبتكرة.
بناءً على ما سبق، سنحاول الاستعانة بمجموعة من النظريات لفهم عملية الإبداع أنثروبولوجياً منها النظرية البنائية الاجتماعية، حيث طُوّرت هذه النظرية على يد بيتر بيرغر وتوماس لوكمان عام 1966، وهي تفترض أن الواقع الاجتماعي بما فيه الأفكار، القيم، والمفاهيم، يتم بناؤه من خلال التفاعل بين الأفراد داخل السياقات الثقافية. ترتكز فكرتها الرئيسة بأن الإبداع لا ينبع من عبقرية فردية معزولة، بل هو نتيجة التفاعل مع الإطارات الاجتماعية، التي تحدد ما يعتبر "جديداً" أو "مقبولاً". وتعتقد أن مفهوم التنشئة الاجتماعية من أهم المفاهيم ذات الصلة بعملية الإبداع على اعتبار أن ما يمكن اعتباره "إبداعاً" يتم تعلمه اجتماعياً من خلال عملية التنشئة الاجتماعية. كما تعتبر عملية إعادة إنتاج المعنى من أهم المفاهيم المرتبطة بمفهوم الإبداع، فالأفراد المبدعون ينتجون معاني جديدة عبر استجابتهم لتغيرات السياق الاجتماعي، وتم تطبيق هذه النظرية أنثروبولوجياً من خلال دراسة كيف تحدد مجتمعات السكان الأصليين في أستراليا أنماط الفن التقليدي المسموح بإبداعه وتعديله؟
وفي ذات السياق، ترى نظرية الفعل الإبداعي التي طورها ألفريد غيل عام 1998 ضمن عمله حول الفن والفاعلية، حيث رأى أن الإبداع عملية يعبّر فيها الأفراد عن قدراتهم الذاتية ضمن منظومات رمزية. فالإبداع هو فعل قصدي (Agency) يمارسه الأفراد رغم القيود الاجتماعية، لإحداث تغيير معنوي أو مادي. اعتمدت هذه النظرية على مجموعة أهم المفاهيم ذات الصلة بالإبداع منها الاستراتيجية الرمزية من خلال استخدام الرموز لإحداث معاني جديدة. والتحليل الثقافي الذي يهدف إلى تعديل الأنماط التقليدية لابتكار تعبيرات جديدة ضمن الموروثات الاجتماعية. وتم تطبيق هذه النظرية في تحليل كيفية تجديد فنون الجداريات الحضرية في أمريكا اللاتينية كأدوات مقاومة ثقافية.
أما فيما يتعلق بنظرية النسبية الثقافية في الإبداع المرتبطة أساساً بأعمال فرانز بواس وأتباعه الذين دافعوا عن أن لكل ثقافة معاييرها الخاصة للحكم على الأفعال والمعاني. وتذهب هذه النظرية أنه لا توجد معايير عالمية لقياس الإبداع، ما يُعدّ إبداعاً في ثقافة ما قد يُنظر إليه باعتباره خرقاً في ثقافة أخرى. وتؤمن هذه النظرية بالتنوع القيمي في فهم الإبداع ضمن أنظمته الرمزية المحلية، وعدم التمركز الثقافي أي تفادي قياس الإبداع بمعايير غربية أو معيارية. وتم تطبيق هذه النظرية عملياً في دراسة كيفية ابتكار أشكال جديدة من الطقوس الدينية ضمن المجتمعات الإفريقية استجابة للضغوط الاقتصادية والسياسية.
وتذهب نظرية الشبكات الفاعلة في رؤيتها لعملية الإبداع، التي طورها كل من برونو لاتور وميشيل كالون وغيرهم، إلى رفض الفصل بين البشر والأشياء، معتبرةً أن كليهما يشتركان في تكوين الواقع. فالإبداع حسب رأيهم هو نتاج شبكة معقدة من العلاقات بين البشر والعناصر المادية وغير البشرية (أدوات، تقنيات، مواد، ...إلخ).
وتعتمد هذه النظرية على مجموعة معينة من المفاهيم خلال تفسيرها لعملية الإبداع منها التحالفات الهجينة بين الفاعلين البشريين وغير البشريين. والتفاوض الشبكي من خلال إعادة ترتيب العناصر داخل الشبكة لإنتاج أنماط جديدة من الفعل أو التفكير. وتم تطبيق هذه النظرية في تحليل كيف ساعدت الهواتف المحمولة البسيطة في الريف الإفريقي على ظهور أساليب جديدة للابتكار الاجتماعي مثل (التحويلات المالية عبر الهاتف).
وأخيراً نظرية الأداء في تفسير الإبداع وتنطلق من أعمال إرفنج جوفمان 1958 في "عرض الذات في الحياة اليومية"، ثم توسعت لاحقاً مع جوديث باتلر في قضايا الهوية. وتعتقد هذه النظرية أن الإبداع يُمارس عبر الأداء الاجتماعي، أي عبر تمثيل الأدوار وإعادة تشكيلها باستمرار ضمن فضاءات ثقافية معينة. فالابتكار الأدائي يوضح لنا كيفية إنتاج هوية أو معنى جديد من خلال الأفعال المتكررة. بالإضافة إلى تحولات المعنى عبر الأداء حيث يمكننا أن نفهم كيف يمكن أن تؤدي نفس الأفعال إلى معانٍ جديدة حسب السياق الاجتماعي الجديد. وتم تطبيق هذه النظرية في دراسة كيف يبتكر الشباب الهويات الثقافية الجديدة عبر الرقص الحضري أو المسرح التفاعلي في البيئات الحضرية.
ومن أهم مجالات دراسة انثروبولوجيا الإبداع، الإبداع الفني والثقافي، حيث يعدّ الفن أحد أهم الميادين التي تتجلى فيها أنثروبولوجيا الإبداع؛ إذ تسعى الأنثروبولوجيا لفهم كيفية تعريف المجتمعات لمفهوم "الفن"، وكيفية إنتاجه وتلقيه وتأويله. لا يُنظر إلى العمل الفني كمنتج فردي فحسب، بل كنتيجة تفاعلية مع منظومات الرمز والمعنى الجماعي. وتُحلل دراسات الإبداع الفني كيف تضع المجتمعات معايير "الجمال" و"الابتكار"، وكيف تتغير هذه المعايير عبر الزمن. كما أن الدراسات الحقلية تبحث كذلك في أدوار الفنانين ضمن أنظمتهم الاجتماعية من خلال الإجابة عن التساؤلات التالية: هل يُنظر إليهم كقادة فكريين، أم كغرباء مبدعين، أم كجزء من الاقتصاد الثقافي؟
ومن أهم مجالاتها أيضاً الابتكار التكنولوجي والتحول المادي حيث يرتبط الابتكار التقني بالإبداع الجماعي؛ إذ تركز أنثروبولوجيا الإبداع على كيفية استجابة المجتمعات للاحتياجات اليومية عبر تطوير أدوات أو تقنيات جديدة. بهذا لا يُدرس الابتكار بوصفه اختراعاً فردياً، بل كنتيجة للتفاعل بين الإنسان والبيئة والمواد. مثال ذلك: دراسة تطور أدوات الزراعة التقليدية في المجتمعات القروية بوصفها ابتكارات استجابة للتغيرات البيئية. ويتم التركيز في هذا السياق على دراسة الكيفية التي تنتقل بها التقنيات عبر الثقافات (الانتقال الثقافي)، وكيف يُعاد تفسيرها ضمن السياقات المحلية.
كما تسعى انثروبولوجيا الإبداع إلى دراسة الأدب الشفوي والسرد الإبداعي من خلال عملية تحليل أنثروبولوجيا الإبداع للأدب الشفهي والقصص والأساطير بوصفها أنماطاً من الإبداع الجمعي. بالإضافة إلى توضيح كيف يُعيد الساردون الشعبيون خلق الحكايات لتناسب التحولات الاجتماعية. بذلك تركّز الأبحاث في هذا السياق على آليات الإبداع ضمن القيود الثقافية مثل التوفيق بين احترام التقاليد وضرورة تقديم أشكال تعبير جديدة. كما تحاول فهم كيفية استخدام السرد لبناء الهوية الثقافية أو لإعادة صياغة الذاكرة الجمعية.
وفي ظل مفهوم العولمة الكونية برز مجال آخر في دراسات أنثروبولوجيا الإبداع يدعى ريادة الأعمال والاقتصاد الإبداعي خاصة في السياقات التي تربط الابتكار بالاقتصاد، حيث تدرس الأنثروبولوجيا كيف يُعاد تعريف مفاهيم النجاح والابتكار في المشاريع الصغيرة والمبادرات المجتمعية. كما تركز البحوث على كيفية دمج الممارسات التقليدية مع نماذج اقتصادية جديدة مثل: (السياحة الثقافية، أو الصناعات اليدوية المُطورة). وتستكشف كيف يُعزز الإبداع فرص التمكين الاجتماعي والاقتصادي، خصوصاً لدى الفئات المهمشة.
وتعتقد الأنثروبولوجيا أن الإبداع عنصر مركزي في التحولات الاجتماعية والسياسية، خاصةً خلال فترات الأزمات أو الثورات أو التغيير السياسي. كما تُدرس أشكال الإبداع في الحركات الاجتماعية على سبيل المثال (الشعارات، والأغاني، والأشكال الجديدة للتنظيم الاجتماعي). وتبحث أيضاً تلك الدراسات كيف يستخدم الفاعلون الإبداع لتحدي الأنظمة القائمة أو لتخيل بدائل اجتماعية وثقافية، حيث يتم استخدام الفن الاحتجاجي أو الإعلام البديل كأدوات لإعادة تشكيل الفضاءات العامة.
ومع تزايد الهجرات والتواصل العالمي ظهر مجال الإبداع في التفاعل العابر للثقافات، يدرس علماء الانثروبولوجيا الإبداع الناشئ عن تلاقح الثقافات المختلفة. وتركز البحوث في هذا المجال على كيفية ابتكار هويات هجينة وأشكال فنية جديدة نتيجة التفاعل بين أنماط ثقافية متباين، وتتم دراسة كيف تُستخدم عناصر ثقافية معينة بطرائق مبتكرة تتجاوز المعاني الأصلية لها من خلال عملية (التهجين الثقافي).
وأخيراً تدرس الأنثروبولوجيا الإبداع في اللغة والتواصل، حيث تحلل أنثروبولوجيا الإبداع كذلك كيف يتم ابتكار تعبيرات لغوية جديدة مثال ذلك (اللهجات الجديدة، أو المفردات المبتكرة) كاستجابة للتغيرات الاجتماعية والثقافية. وتدرس طرائق ابتكار المعاني الجديدة، خاصةً في البيئات المتعددة اللغات أو في سياقات الإعلام الرقمي.
- دراسة حالة إبداعية (المهندسة المعمارية العالمية زَها حديد نموذجاً): الإبداع تجربة إنسانية متعددة الأوجه تنطوي على التفاعل بين عوامل الموهبة الوراثية، والتأثيرات البيئية أو الاجتماعية والثقافية؛ ذلك أن جميع الأفراد لديهم القدرة على شكل من أشكال التعبير الإبداعي، ومع ذلك يتجلى الإبداع في طرائق فريدة من نوعها بالنسبة إلى شخصية الفرد، وكذلك بما يتفق مع السياق الثقافي، وقد يُدرس الإبداع من حيث الخصائص الشخصية، وطرائق المعالجة، والنتائج الذاتية، والمنتجات الثقافية، مما يؤكد تأثير الثقافة على جميع جوانب الإبداع.
وفيما يلي سنحاول استعراض دراسة حالة لأيقونة الإبداع المعماري المعاصر زَها حديد Zaha Hadid (1950–2016) التي تجسّد الإبداع كظاهرة متعددة الأبعاد نفسياً واجتماعياً. ولدت في بغداد وتلقت تعليمها الأول في الرياضيات قبل أن تلتحق بـArchitectural Association في لندن، حيث جمعت بين تراثها الثقافي ومقاربتها التحليلية الصارمة والتجريب الشكلي الجريء لابتكار مبانٍ أعادت تعريف الهندسة التفكيكية. إن عمليتها الإبداعية ضمّت التفكير التحليلي العميق (متجذراً في خلفيتها الرياضية) مع رغبة في تحدي الأعراف السائدة في الشكل والوظيفة، فتوالدت هياكل سائرة وديناميكية تستثير الوجدان الفردي والفضاء العام. نفسياً، تعكس أعمالها انفتاحاً استثنائياً على الخبرة ومرونة معرفية وعزيمة صلبة في مقابل التحديات الجندرية والمهنية في بيئة يهيمن عليها الرجال. اجتماعياً، استفادت من شبكات المموّلين والمؤسسات (كجائزة بريتزكر) والمتعاونين العالميين للحفاظ على رؤيتها ونشرها، مسلّطةً الضوء على أن الإبداع فعل جمعي مزروع في سياق ثقافي. وتجسّد مشاريعها الأيقونية - مركز لندن للألعاب المائية، ومركز حيدر علييف، وأوبرا قوانغتشو- إرثاً يستمر في إلهام أجيال جديدة من المعماريين حول العالم. بناءً على ما سبق سنقوم بدراسة الحالة الإبداعية عند المهندسة زها حديد بالاعتماد على العناصر التحليلية التالية:
1- الخلفية والسياق الاجتماعي: ولدت زَها محمد حسين حديد اللهيبي في 31 أكتوبر 1950 بالعاصمة العراقية بغداد ضمن عائلةٍ سياسيةٍ وثقافية، فقد كان والدها رجل أعمالٍ وناشطًا سياسياً، ما أكسبها وعياً مبكراً بتشابك الثقافة والسلطة. درست الرياضيات في الجامعة الأمريكية في بيروت (1968–1972)، ثم التحقت بمدرسة الجمعية المعمارية في لندن وتخرجت فيها عام 1977، حيث تأثرت في بداياتها بالسريالية (الفوق واقعية) ومشتقاتها الهندسية. أسست مكتب Zaha Hadid Architects في عام 1980، وواجهت صعوبات في الحصول على مشاريع بناء ملموسة، فتوجهت إلى عرض رسوماتها المستقبلية في معارض دولية حتى حظيت بالاهتمام العالمي.
2- الأبعاد النفسية للإبداع: برزت لدى زها سمات نفسية عدة تعدّ من ركائز الإبداع منها الانفتاح على الخبرة، حيث سمح لها شغفها بالتجريب الفني برؤية الفضاءات كنظمٍ متدفقة، متجاوزةً الهندسة الإقليدية التقليدية. بالإضافة إلى المرونة المعرفية، حيث مكنها خلفيتها الرياضية من إعادة تصور الأنظمة الهيكلية على أنها شبكات ديناميكية، لا ككتل ثابتة. وأخيراً، الدافعية الذاتية والثقة بالنفس من خلال تحديها المتواصل للمعايير الذكورية والثقافية في مهنة يغلب عليها الرجال مما يدل على مستوى عال من الفاعلية الداخلية والدافعية الجوهرية.
3- الإبداع كفعل اجتماعي متجذر: تُظهر مسيرة زها حديد أن الإبداع فعل ينشأ في شبكة علاقات اجتماعية وثقافية متشابكة من خلال التركيز على التراث الثقافي الهجين، حيث استقت من تجربتها بين بغداد ولندن عناصر جمالية ومفاهيمية خلقت هوية معمارية فريدة تمزج بين الذائقة الشرق أوسطية والتقنيات الغربية. بالإضافة إلى حصولها على الاعتراف المؤسسي، حيث حصدت جائزة بريتزكر Pritzker Prize عام 2004 والميدالية الذهبية من RIBA (منظمة مهنية للمعماريين في المملكة المتحدة) عام 2016، مما منحها شرعية دولية دعمت انتشار أفكارها وتصاميمها. وأخيراً قدرتها على التعاون المهني فبفضل شراكاتها مع مكاتب هندسية مثل Arup البريطانية وبلديات عالمية مكنت من تحويل تصاميمها الطموحة إلى واقع معماري ملموس.
4- عملية الإبداع والابتكار: اتبعت زها منهجية إبداعية تقوم على التكامل بين النظرية والتجريب النمذجة المعمارية الحاسوبية، حيث تبنّت مبكراً البرمجيات ثلاثية الأبعاد لاستكشاف أشكالٍ انسيابية ومعقدة لا يمكن تنفيذها يدوياً. بالإضافة إلى الرسم التخطيطي التعبيري لتحافظ على ممارسة الرسم الحر كأداة للتواصل الحي مع فريق العمل ولتوضيح الفكرة المكانية للمشروع. كما أنها وظّفت مواد مثل الخرسانة المسلحة المقوّاة بالألياف والفولاذ المنحني لإضفاء طابع ديناميكي بصري ووظيفي على مشاريعها (كما في دار الأوبرا في قوانغتشو). ومن أهم ومن أهم أعمالها التي نُفذت محطة إطفاء الحريق في ألمانيا، متحف الفن الحديث في مدينة سينسيناتي بأمريكا، ومركز الفنون الحديثة في روما، معرض منطقة العقل في الألفية بلندن، المركز الثقافي في أذربيجان وجسر الشيخ زايد في دولة الإمارات العربية المتحدة، محطة لقطار الأنفاق في ستراسبورج، المركز العلمي في ولسبورج، محطة البواخر في سالرينو، مركز للتزحلق على الجليد في إنسبروك، ومبنى بي إم دبليو المركزي، ومركز حيدر علييف الثقافي في باكو.
5- الأثر والإرث المعماري (العمارة السائلة): تركت زها حديد إرثاً معمارياً بارزاً يتميز بلغة بصرية جديدة، حيث قاد أسلوبها المعروف (بالعمارة السائلة؛ أي الانسيابية والقدرة على التدفق والحركة) جيلاً جديداً من المعماريين إلى تبني مبادئ الانسيابية والفضاء المتحرك. بالإضافة إلى قدرتها على تجاوز الحواجز الجندرية لكونها أول امرأة تحصد جائزة بريتزكر، فتحت الطريق أمام النساء في حقل العمارة على الصعيد العالمي. كما أن مبانيها في باكو وروما ولندن جسّدت روح التقاء التقاليد المحلية مع الابتكار العالمي، معززة دور العمارة كجسر للحوار الثقافي.
خلاصة القول، تمثل أنثروبولوجيا الإبداع فتحاً معرفياً جديداً في مقاربة ظواهر الابتكار الإنساني؛ إذ تؤطره ضمن سياقات ثقافية وتاريخية محددة، متجاوزة الفهم الفرداني والنفسي للإبداع. وقد أظهرت النظريات المفسرة أن الإبداع لا يُنتج بمعزل عن البنى الاجتماعية بل يتفاعل معها تفاعلاً جدلياً. وتشير التوجهات البحثية المعاصرة إلى أهمية استكشاف المزيد من البيئات الثقافية المتنوعة لفهم تنوع الإبداع البشري. إن تعزيز هذا التخصص من شأنه أن يثري فهمنا للكيفية التي تتجلى بها الطاقات الخلّاقة في المجتمعات البشرية.
فظاهرة الإبداع جزء لا يتجزأ من السياق؛ إذ إنها تنطوي على شخص أو مجموعة من الأشخاص الذين يعملون ضمن السياق، وهذا السياق لديه العديد من المستويات والأوجه، فمن الممكن التمييز بين الخصائص الفيزيائية والاجتماعية للبيئة، حيث تقع ضمن نطاق البيئة الاجتماعية العديد من المستويات بدءاً من الأسرة والمدرسة، ومؤسسات العمل في المجتمع المحلي والبيئة الإقليمية إلى المستوى العالمي العابر للحدود الوطنية.
وفي النهاية يمكننا اعتبار الإبداع ظاهرة ملزمة من الناحية الثقافية، وليست مجرد عملية عقلية، وطبقاً لهذا المنظور ينتج الإبداع من خلال النظم الاجتماعية، وتقييم الأفكار، وإنتاج الأفراد أو الجماعات.
المراجع المعتمدة:
- روبرت ج. ستيرنبرج: المرجع في علم نفس الإبداع، ترجمة: خالد عبد المحسن وآخرون، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، العدد: 997، ط1، 2005
- قياتي عاشور: العلاقة بين الثقافة والإبداع من منظور سوسيو – أنثروبولوجي، مجلة دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد: 48، العدد: 04، ملحق: 01، عمان، 2021
- عبد الستار إبراهيم: الإبداع وقضاياه وتطبيقاته، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط1، 2002
- مجموعة من المؤلفين: سيكولوجية الإبداع – أسس نظرية وتطبيقات مؤسسية، تحرير: أيمن عامر، الإشراف العلمي: زين العابدين درويش، كلية التجارة، جامعة القاهرة، القاهرة، ط1، 2017
- علي الحمادي: صناعة الإبداع، دار ابن الحزم، بيروت، ط1، 1999
- إلهام عبد الرحمن: تأثير الأنثروبولوجيا الرقمية في الإبداع التشاركي لإدارة العلامة التجارية عبر الأنترنت، مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية، المجلد: 07، العدد: 04، إبريل 2022
- حسام الدين فياض: تقديم الذات الإنسانية عند إرفنج جوفمان (ما بين الفن المسرحي ونظام التفاعل الاجتماعي) المقال: العشرون، من كتاب: الإنسانية والمجتمع (ملامح الإنسانية في المجتمع المعاصر)، سلسلة نحو علم اجتماع تنويري، الكتاب: السابع، دار الأكاديمية الحديثة، أنقرة، ط1، 2025
- حسام الدين فياض: العولمة الرمزية وثقافة التهجين الكوني (دور ثقافة اللوجو - الشعار- في تنميط الفكر الإنساني المعاصر)، موقع الحوار المتمدن، العدد: 8322، 24/04/2025https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=866097
- حسام الدين فياض: طغيان عالم الأشياء في عصر ما بعد الإنسانية، صحيفة المثقف، أقلام فكرية، تاريخ النشر 04 آذار- مارس 2024 http://almothaqaf.com/aqlam-3/974299
- علي محمود جاسم الصراف: العمارة الانسيابية وتأثيرها على التصميم الداخلي والأثاث في ظل التكنولوجيا الرقمية المتقدمة، المجلة العلمية في بحوث العلوم والفنون النوعية، المجلد: 01، العدد: 12، الإسكندرية، ديسمبر 2019
- Peter L. Berger & Thomas Luckmann: The Social Construction of Reality: A Treatise in the Sociology of Knowledge, New York: Anchor Books, 1966
- Thomas Hylland Eriksen: Small Places, Large Issues: An Introduction to Social and Cultural Anthropology, 4th ed, London: Pluto Press, 2015
- Alfred Gell: Art and Agency: An Anthropological Theory, Oxford: Clarendon Press, 1998
- Tim Ingold: Making: Anthropology, Archaeology, Art and Architecture, London: Routledge, 2013
- Bruno Latour: Reassembling the Social: An Introduction to Actor-Network-Theory, Oxford: Oxford University Press, 2005
- R. Keith Sawyer: Explaining Creativity: The Science of Human Innovation. 2nd ed. Oxford: Oxford University Press, 2012
- Zaha Hadid: Wikipedia, Last modified April 2025 https://en.wikipedia.org/wiki/Zaha_Hadid.
- Zaha Hadid: Biography, Buildings, Architecture, Death, & Facts. Britannica.com. Accessed 2 May 2025 https://www.britannica.com/biography/Zaha-Hadid.
- About Zaha: Zaha Hadid Foundation, Accessed May 2, 2025 https://www.zhfoundation.com/about-zaha-hadid/.
- The Abstractionist, The New Yorker, December 21, 2009. https://www.newyorker.com/magazine/2009/12/21/the-abstractionist.
- The Evolution of Zaha Hadid, Architect, JSTOR Daily, June 2022. https://daily.jstor.org/the-evolution-of-zaha-hadid-architect/.
- Zaha Hadid: The Architect-In-Chief, Glamour.com. Accessed May 2, 2025. https://www.glamour.com/story/zaha-hadid.
- How Zaha Hadid First Rose to Fame, Time.com, January 1999. https://time.com/4277849/zaha-hadid-1999-profile/.
- Remembering the Limitless Imagination of Zaha Hadid, Vogue.com, April 2016. https://www.vogue.com/article/zaha-hadid-tribute.