العلم في مواجهة الفلسفة التقليدية أو موران ضد ديكارت


فئة :  أبحاث محكمة

العلم في مواجهة الفلسفة التقليدية أو موران ضد ديكارت

الملخّص:

يقوم الفكر العلمي المعاصر على بنية فكرية ومفاهيمية تختلف نوعًا ما عن تلك التي يقوم عليها فكر الحداثة أو ما يدعوه بعضهم بالفكر الأوروبي الحديث والذي يجد في رونيه ديكارت أبًا له وممثلاً كبيرًا لأهم اتجاهاته أعني الاتجاه العقلاني الوثوقي. 

ولما كان الأمر كذلك وكان البناء العلمي المعاصر قد مارس ثورة على الوعي الغربي وعقلية الأنوار الظافرة بمفاهيمها وعناصرها الفكرية التي يمثل مفهوم الكلي والضروري والمطلق والحقيقة واليقيني والإنسان، من حيث هو مالك المعنى والدلالة، ومفهوم البداهة وغيرها من المفاهيم نسغها ومحورها. ولما كان هذا الوعي الثوري البديل يقوم على بنية أخرى يحتل فيها مفهوم الخيال والرمز والصورة والاحتمال واللانهائي والعجيب والأسطورة والتاريخ من حيث هو أساس الذاكرة الإنسانية وعنوانها، وغيرها من المفاهيم والدلالات، فقد اتخذت من مقولة للفيلسوف إدغار موران منطلقًا للتفكير في الجدلية الفكرية التي عرفتها الإبستيمولوجيا المعاصرة والتي قامت على إعادة النظر بشكل عام في الإرث الفكري الأوروبي ومفاهيمه وعناصره الفكرية والايديولوجية، وشددت على ضرورة تجاوز المعنى الذي كرّسه فلاسفة الحداثة والأنوار، وعلى رأسهم ديكارت الذي كان يبحث عن يقين شبيه بما تقدّمه الرياضيات. لذلك استحوذت على تفكيره نزعة عقلانية مغلقة أودت بتفكيره وأفقدته طبيعته النقدية وكرست ميوله الشمولية ونزعته الكليانية التي ترمي إلى الحصول على اليقين مهما كان الثمن المبذول فيه، حتى لو كان على حساب ذات الإنسان ومتخيله وذوقه وعالمه الذهني والوجداني ورغبته وحلمه.

لقد عملت النزعة العقلية على إفراغ الإنسان من الدلالة والمعنى لصالح تصور عقلي حسابي ضيق، واتجهت انطلاقًا من نزعة أرسطية ومنطقية ضيقة إلى البحث عن اليقين بدءًا بما يملكه الإنسان من بداهة، وتجاهلت التحول الذي يفرض نفسه ولذلك كان رد فعل الفكر العلمي وفكر ما بعد الحداثة صارخًا ومدويًا. فقد رفض أصحاب هذا الاتجاه طبيعة النظرة التي تقولها الحداثة للعالم، ونددوا بالعقل الحسابي الديكارتي، وأَوْلوا أهمية خاصة للخيال والاحتمال والحقيقة المنتزعة أو المتوصّل إليها من خلال جدل ثري مع الأخطاء والنسيان والجهل، ودافعت هذه النزعة عن الإنسان ضد عملية سحقه التي تولّتها الحداثة.

من هذا المنطلق فكّرنا في مقولة إدغار موران، وحلّلنا وجهة نظره، وذهبنا إلى أنّ نزعته النقدية إنّما تتوجه نحو الحداثة بالضرورة من أجل تفكيك عراها، ولا يتأتّى هذا الأمر إلاّ من خلال تفكيك أنساقها الفلسفية التي دفعتها إلى أن تتّخذ من أفلاطون أنموذجًا في توجّهاتها العصرية بدلاً من أرسطو الذي خيّم على العصور الوسطى وعلى جزء من العصر الحديث، عسى أن يحصل لدينا ما حصل في أوروبا ولا نبقى حبيسي تراثنا الذي على الرغم من أهمية ما فيه إلاّ أنّ ضرورة التغيير لا رَادّ لها.

 للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا