مشكلة السّبي في الإسلام وإشكالاتها بين الماضي والحاضر


فئة :  أبحاث محكمة

مشكلة السّبي في الإسلام وإشكالاتها بين الماضي والحاضر

ملخّص:

يتناول هذا البحث مشكلة حساسة وخطيرة في الإسلام، وهي "السّبي"، وهي مشكلة كان من الممكن التعامل معها كجزء من ماضٍ مضى في إطار دراسات التاريخ أو التراث، لكن إعادة إحيائها كممارسة من قبل بعض الحركات التكفيرية، بيّن أنها ما تزال قوة كامنة قادرة على العودة إلى نطاق الفعل في الحاضر، إن توفرت لها شروط التفعيل الموضوعية.

هذه المشكلة يجب النظر إليها في جدلية وتكامل شروطها الذاتية والموضوعية؛ فذاتيا هي فعليا عنصر من عناصر التشريع الإسلامي الذي لا يحظر السبي من حيث المبدأ، لكن هذا لا يعني أنّ هذا الموقف الإسلامي هو حصريا الذي ينتج السبي كممارسة، فهذا العامل الذاتي نفسه مشروط في الإسلام بشروط محددة تتعلق بكل من الواقع الإسلامي والعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، وهذا يدخلنا في الجانب الموضوعي لمشكلة السّبي.

هذه المشكلة يجب النظر إليها من مستويات أربعة، وهي:

1- النص الإسلامي

2- الفقه الإسلامي

3- الواقع الديني

4- الواقع الاجتماعي

الثابت الوحيد في هذه المستويات هو فقط "النص". أما الفقه والواقع ببعديه الديني الجزئي والاجتماعي الكلي، فهي متغيّرات متفاعلة، أو هكذا يفترض فيها أن تكون، ولا شكّ بأن مشكلة السّبي العائدة إلى حاضرنا اليوم، هي نتيجة لها عواملها على كل من المستويات الأربعة تلك، وهي ليست مشكلة مفصولة عن الواقع الكلي المأزوم الذي تتخبط فيه مجتمعاتنا العربية اليوم، والذي يشكل التأزم الديني فيها أحد أسباب ونتائج التأزم الاجتماعي الكلي بنفس الوقت في علاقة الفعل وردّ الفعل المتبادلة بين الديني والاجتماعي.

أحد أسباب أزمة الواقع الديني اليوم، هو الفقه، الذي لا يكتفي بثبوت النص المقدّس فقط، بل هو يصرّ على تثبيت نفسه في شكله السلفي السالف، وإطلاق هذا الشكل وسرمدته، وهذا ما يقود حكما إلى السعي إلى تثبيت الواقع الديني ككل، وعدم إنتاج أشكال دينية حديثة تتناسب مع طبيعة العصر وضرورات التطور، وبما أنّ مجتمعاتنا العربية هي مجتمعات تقليدية متديّنة، فتثبيت الواقع الديني فيها، يعني ترئيس الثبوت الاجتماعي في الواقع الاجتماعي، ودفع التغيير إلى دائرة الثانوي أو الهامشي، ودفع التطور المرتبط بالتغيير معه إلى نفس الدائرة، والأنكى من هذا هو أنّ هذا الواقع الذي يُراد في المحصلة تثبيته هو في أساسه استمرار في الحاضر لمرحلة انهيار الحضارة العربية الإسلامية.

أما الأسباب الأخرى التي تلعب أدورا أساسية في إنتاج الأزمة، فهي سياسية واقتصادية وثقافية، وهي مرتبطة بعاملين أساسيين؛ داخلي ويتمثل في أنظمة الفساد والاستبداد، التي تتناقض بالطبيعة والمصلحة مع التحديث والتطور، وخارجي ويتمثل في القوى الإقليمية والدولية ذات الأطماع والمصالح الخبيثة، التي لديها القدرة والمصلحة على استغلال معطيات الواقع العربي الراهن وتسخيرها بالشكل الذي يخدمها.

وهكذا تتكامل ثلاثة عوامل أساسية، هي: المورث التاريخي المتخلف، وأنظمة الفساد والاستبداد، والتدخلات الأجنبية الطامعة، في إنتاج الوضع العام المأزوم في المنطقة العربية، ليكون العنف التكفيري والصراع الطائفي والإرهاب والسبي وسواها من كبائر الشرور مفرزات ومنتجات من إفراز وإنتاج هذا الوضع الشامل والمستفحل التأزم.

وهذا ما يسعى هذا البحث إلى تحليله وتوضيحه، ووضع مشكلة السبي في موضعها الصحيح، لفهمها كجزئية من كلّية مأزومة، تتوضع فيها أسبابها وعوامل إنتاجها كجزء لا ينفصل عن أسباب وعوامل الأزمة الكلية.

 

للاطلاع على البحث كاملا المرجو  الضغط هنا