الرّغبة والنسق الإيثولوجي في فلسفة سبينوزا


فئة :  أبحاث عامة

الرّغبة والنسق الإيثولوجي في فلسفة سبينوزا

ملخص:

يعود الاهتمام بمفهوم الرغبة، كموضوع للاشتغال الفلسفي، إلى العصر اليوناني القديم، نظرا لما تطرحه من إشكالات فلسفية عويصة، وما تتطلبه معالجتها، تحديدا، من تمثل واستحضار لمفاهيم أخرى مرتبطة بها، كالحاجة والإرادة والسعادة؛ لذلك فليس من الغريب أن يخصص كل فيلسوف جزءا من كتابته لدراستها وتفحصها والبحث في إشكالاتها.

ودراسة هذا المفهوم اختلفت باختلاف زوايا النظر التي يخصصها كل فيلسوف لها، فهذا أفلاطون Platon في محاورته المأدبة، يذمها ويجعل منها انفعالا نفسيا ونقصا ونزوعا أهوجا، لا يتوافق مع متطلبات مدينته الفاضلة التي تتأسس، ضرورة، على الحكمة والاعتدال. وهذا إيتين جلسون Etienne Henry **gilson يعبر أيضا في كتابه "روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط" عن نظرة المسيحية للرغبة، والتي بدورها شكلت استمرارية لما استخلصه أفلاطون ومن نحى نحوه، لكن بمسحة لاهوتية ذات طابع مسيحي، جعلت منها شعورا مرحليا يدفعنا للإحساس بالملل، لأن غايته تحقيق اللذة، وهذه الأخيرة بدورها فانية غير دائمة.

إلا أن هذا الموضوع في العصر الحديث، سيأخذ منحى آخرا ذا طابع إبيستمولوجي أكثر منه أخلاقيا، فتغير العلوم في هذا العصر وتغير المناهج وغلبة النظرة العلمية على مقاربة المواضيع، أدت إلى تغير دراسة مفهوم الرغبة، وأبرز من سعى إلى ترسيخ هذه المقاربة هو الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا في كتابه: "الإيثيقا".

إن الدراسة العلمية لمفهوم الرغبة دفعت سبينوزا إلى إعادة بناء نسق أنطولوجي جذري جديد، حدد فيه موقع الإنسان بشكل دقيق في علاقته بالكون أو الطبيعة، وذلك ليستطيع، بحق، تحديد مفهوم الرغبة ودراسته بطريقة تتوخى الحياد والموضوعية.

وبالتالي تطلب منا تحديد مفهوم الرغبة لدى سبينوزا، في هذا البحث، الكشف عن نظريتين تتعايشان أو تتوازيان داخل كتاب الإيثيقا. أولى تؤصل لنسق أنطولوجي جذري أطلق عليه الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز اسم النسق الإيثولوجي، وهو نسق صاغه سبينوزا بمفاهيم تقليدية ولكنها ذات حمولة مجترحة بشكل مختلف عن دلالتها الكلاسيكية، حمولة تلغي مفهوم الأنطولوجيا بمعناه الميتافيزيقي الواسع. والثانية تؤصل لنظرية إيثيقية مناهضة للأخلاق - بمعناها اللاهوتي والفلسفي على حد سواء - غايتها تحرير الإنسان وإسعاده.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو  الضغط هنا


** إتين هنري جلسون، هو فيلسوف من التوماوية الجديدة، ولد في باريس في 13 يونيو عام 1884، وتوفي في 20 مايو 1978 عن أربعة وتسعين عاما. درس الفلسفة، تم عين بها أستاذ الفلسفة في العصر الوسيط. ألقى عدة محاضرات في جامعة "تورنتو" "TORONTO" بكندا، ثم في "الكوليج دي فراس كما أنه ألقى عدة محاضرات في جامعة "هارفارد" بالولايات المتحدة الأمريكية. وفي العام الجامعي 1931/1932 دعته جامعة "أباردين" "Aberdeen" في أسكتلندا إلى إلقاء سلسلة من المحاضرات ضمن موضوع "اللاهوت الطبيعي" "Natural theology" وقد حددت الجامعة لفيلسوفينا موضوع "روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط ". وكانت المحاضرات العشرون التي دعي لإلقائها، هي التي يتشكل منها كتاب بنفس العنوان.