السُنّــة بين الأصول والتاريخ


فئة :  قراءات في كتب

السُنّــة بين الأصول والتاريخ

 تحدّدت سلطة "السيادة العليا" في العالم الإسلامي بعد مخاضات فكرية طويلة؛ فهي لم تكن منذ اللحظات التأسيسية الأولى للدين الإسلامي بداءة مُسَلَّمٌ بها بين كل الفرق والطوائف، وإنما ترسخت بعد جدل مستعر بين الفرق التي تجاذبت أسس المشروعية طال ردحا من الدهر، وفيما يتعلق بالأرثوذوكسية السُنّية؛ فقد كلّف انتصار هذا التيار عملا تأويليا أًسْقِطت فيه الذاتُ الباحثة عن فرض آرائها على الكتاب الصامت الذي ينطق به الرجال، مستغلّة ما يخوّله النص الديني من إمكانات فجّة لخلق فائض من الدلالات بحكم اللغة الرمزية المفتوحة على كل التأويلات التي تَسِمُه، وفي مقابل هذا العمل التأويلي، تطلب الاستبداد والانفراد بامتلاك أصول السيادة العليا إقصاء الآخر وتهميشه، وإذا كان التأويل لبلورة الدلالة عملا فكريا بالأساس، فإن الإقصاء استدعى تدخل السلطة السياسية لتهديد الفرق الأخرى وشيطتنها، أو ابتزازها للتخلّي عن آرائها المخالفة والانضمام إلى حظيرة "الجماعة".

ومع تطاول قرون عصر الانحطاط التي اتسمت بالنبرة المدرسية الجامدة، وسيادة ثقافة الحواشي في التأليف بحكم اندراس ملكة الاجتهاد، تكرّست أصول السيادة العليا للطائفة التي انتصرت لظروف تاريخية عَرَضية، وتمّ نسيان الجدالات الجريئة التي انتعشت في العصر الكلاسيكي، قبل الترسيم الإيديولوجي لآراء أهل السنة والجماعة.

من هنا، فإن تجديد الفكر الإسلامي رهين بالحفر بعيدا إلى حيث نصادف ذلك الجدل العنيف بين الفرق الإسلامية الذي ينمّ عن تعدّدية تم اغتيالها، من أجل استكناه الوضع الخام الذي كان عليه الفكر قبل الترسيم، ولعل كتاب الباحث التونسي الدكتور حمادي ذويب "السُنّة بين الأصول والتاريخ" لَبِنَة في هذا المشروع الفكري التجديدي، وقد كان واضحا أن الباحثَ مسكونٌ بهاجس كشف المسكوت عنه في الفكر الإسلامي، فقد جعل من بين غايات كتابه إزاحة تراب النسيان عن تلك الآراء التي هُمّشت وأُقصِيَتْ، من أجل تشكيل صورة موضوعية عن الفكر الإسلامي، بعيدا عن ثقل مفاهيم الجماعة وما يرتبط بها من تمجيد للذات المنضوية تحتها وتبديع الآخر وتفسيقه، واختار بالضبط أصلا من أصول "السيادة العليا"؛ هو مفهوم السُنّة.

ولعلّ ارتباط المؤسسات الدينية التي ترقب الفكر الديني في العالم الإسلامي وترصد حركيّته بالأنظمة السياسية (الأزهر، القرويين..) قد جعل الصوت التجديدي يخبو، خاصّة عندما يتعلق الأمر بالأبحاث التي تتطرق لأصول الاستدلال كالقرآن أو السُنّة، صحيح أننا نجد أبحاثا جريئة هنا وهناك، لكنها تظل أصواتا نشازا لغلبة التقليد والاستكانة للموروث، وفي ما يتعلق بموضوع كتابنا الذي سنقدم فيه قراءة، فلابد أن ننوه بالأعمال المهمة التي يمكن أن نقول بأنها الأكثر جدية لمحمد أبو رية، خاصة الكتابان "أبو هريرة: شيخ المضيرة" و"أضواء على السنة المحمدية"، وقد نوّه بهما الكثير من رجال الفكر العرب المعاصرين كطه حسين الذي كتب تقديما لكتابه "أضواء"، والدكتور عبد المجيد الشرفي الذي عدّه من رواد مدرسة التجديد في علوم الحديث في كتابه "الإسلام والحداثة".

السُنّة بين الأصول والتاريخ

لنعد لكتابنا، يستهل الباحث مؤلفه بمقدمة يكشف فيها عن السياقات والغايات التي حددت اختياره لموضوع السنة. فبخصوص السياق التاريخي؛ يتعلق الأمر بإعادة النظر في الموروث، وراهنيّةُ هذا النظر فَرَضَهُ ما سُمّي "صدمة الحداثة"، إننا نحن العرب المسلمين لم نشارك في الثورة المعرفية الهائلة في علوم الإنسان والطبيعة التي حققتها المجتمعات الأخرى، ومادام للتراث قوة رمزية معنوية قد تكون أسهمت في هذا التأخر التاريخي، فقد اختار الباحث أن ينخرط بدوره في هذا العمل الذي يطمح إلى إعادة تقويم التراث وقراءته، واختار بالضبط أن يحفر في واحدة من مسلّماته؛ أعني السُنّة.

والباحث أخذ على نفسه توظيف المناهج الإنسانية الحديثة التي تفتح إمكانات رحبة لتغيير زاوية النظر إلى الفكر الإسلامي بدل الاكتفاء بما يسميه البعض "القراءة التراثية للتراث" التي لا تعيد في آخر المطاف إلاّ عملية اجترار الموروث، إن المناهج الحديثة قد حددت موقفها المسبق من غاياتها النهائية، إنها ذات منحى تأويلي محض، لكنها لا ترنو لإدراك معنى الحقيقة، فالحقيقة المطلقة لا حقيقة لها بحكم نسبية الكينونة الإنسانية، وإنما دور المناهج الحديثة هو كشف حقيقة المعنى، ذلك المعنى المرسوم في ذهن الفاعلين الاجتماعيين واستكناه ملابساته التاريخية، بعبارة الباحث "أصبحت وجهة البحث والتأويل حقيقة المعنى لا معنى الحقيقة"[1].

 وقد حدد الباحثُ المجالَ الزمني لاشتغاله في حدود القرن الخامس، فمن غير شك أنّ استقصاء كل التطورات الفكرية التي طرأت على مفهوم السنة إلى يومنا هذا مُغامرة قد تنم عن نزق وتسرّع في الاختيار، من هُنا فالباحث كان موفّقا في التحديد الزمني، وخاصة أن اختيار القرن الخامس لم يكن اعتباطا، فالعصر احتضن واحدا من المفكرين الأكثر تأثيرا في الفكر الإسلامي، وهو الإمام أبو حامد الغزالي، ولكتابه "المستصفى" أهمية بالغة في الفكر الأصولي بشهادة ابن خلدون، فضلا عن انغلاق المدوّنة الأصولية معه كما يرى الباحث، وإن كان حكمه هذا محلّ نظر، فممّا لاشك فيه كان للإمام الشاطبي بصمته الهامة التجديديّة في الدراسات الأصولية.

لكن قد يطفو سؤال؛ لمَ السّنة؟ يقول الباحث أنه أراد إحياء مواقف انهال عليها تراب النسيان لفرق اتخذت مواقف متحفّظة من التراث، بمعنى آخر، لقد رام بعث المناقشات التي شهدها العصر الكلاسيكي وكانت بذلك علامة على حيوية الفكر الإسلامي، وما يزخر به من تنوع وتعدد، قبل أن يتقبّل الضمير الإسلامي الفكرة التي كرّس لها الإمام الشافعي جهوده النظرية في كتاب الرسالة؛ فكرة ترسيم السنة واعتبارها أصلا من أصول الفقه، ولعلنا نُعقّب هنا على الباحث، إنه لا يفتأ يقول أن السُنّة اتخذت أصلا من أصول الفقه، وفي تقديري لا حاجة لحصر مفهوم السنة كأصل من أصول الفقه، لأنّ السنّةَ اتخذت أصلا في الفقه والتفسير والكلام وغيرها، أما أصول الفقه فانفرادها في تولّي مُهمة إضفاء الشرعية على السّنة وإلحاقها بالقرآن كنص تأسيسي أول.

السبب الآخر لاختيار الموضوع هو ذلك النزوع الشديد لدى الخطاب السياسي الرسمي أو المعارض لتوظيف المقدس كتاباً وسُنة من أجل تحقيق غاياتها السياسية وإضفاء هالة من القداسة على اختياراتها، وهكذا فالعودة بموضوع السنّة إلى جذوره التاريخية قد ينسف المشروعية التي يبحث عنها هؤلاء فيها ويعيد السياسة إلى مجراها الأصلي كحقل لتنافس المشاريع التنموية لا مجرد مرتع مُبتذل للاستقطاب الإيديولوجي.

هذا عن المقدمة. أما أبواب الكتاب، فهي موزعة إلى ثلاثة، يتناول الباب الأول التحولات الدلالية لمفهوم السنة؛ أي تلك التموجات المضطربة غير المقننة بعد؛ والتي سبقت نشأة واكتمال المفهوم، سواء الدلالات اللغوية، أو مختلف الرؤى المتخذة حيالها، ولابد أن نشير إلى أن الحديث عن سنّة قبل الشافعي يجب أن يرافقه حذر في التوظيف، فالمفهوم كان زئبقيا يتلوّن من تداول لآخر، إنها "سُنّة حيّة" باستعمال الباحث، وأما تحنيط المفهوم بعد تثبيت دلالته كدالّ يقترن دائما بالنبي عليه السلام، قولا وفعلا وتقريرا، فمرحلة لاحقة، تطلبت جهدا نظريا وانتقاء في التأويل فضلا عن تدخل السلطة السياسية لحسم الخلاف لصالح النزعة النصية.

وقد حفر الباحث حفرا لغويا في مفهوم السنّة، فخلص إلى أن طفرة دلالية قد طرأت عليه، فالمفهوم في بادئ الأمر كان يؤدي معنى "الطريق" من غير أي تحديد قيمي، ثم تحول إلى مفهوم معياري يحمل شحنة تبجيلية زائدة، إن السنة صارت هي الطريق الصحيح القويم المحمود، وأشار إلى شهادة الشوكاني عن هذه الدلالة طارئة ومفتعلة، يقول الشوكاني: "وسواء كانت الطريقة حميدة أو ذميمة فكلاهما في اللغة سنة"[2]، ويرى الباحث، متابعا لمحمد شحرور، أن هذا التقديس للسنّة كان عائقا أمام التجديد، وبالفعل فإن أول ما يمكن أن ينتج عن هذه الرؤية التي تجمد التاريخ في لحظة معينة هو الذهول عن الواقع المعاصر وإشكالاته الراهنة، أو على الأقل تحويله؛ أي الواقع، إلى فروع وهوامش تحكمها رؤى مسبقة للأصول المستندة إلى السنة.

وكان على الباحث أن يعود إلى التمثلات قبل الشافعية، ليثبت مرونة مفهوم السنة عند الأئمة السابقين (السنة الحية التي تؤدي معنى العُرْف)، وقد انتقى ثلاثة نماذج استعمالية، وإذا كانت الشواهد أسعفته للاستدلال على عمل الإمام مالك بالعُرف، إذ الإمام عُرف بتقديمه لعمل أهل المدينة على الحديث النبوي، فإن مقاربته لنموذج الإمام الأوزاعي لم تكن متماسكة، ولعل الانبهار بالرؤية الاستشراقية والتسليم بنتائجها كانت عاملا، ضمن عوامل أخرى، لوقوع الباحث في بعض التناقض بخصوص تناوله لتمثّل الأوزاعي للسُنّة، إلى درجة أنه لم يورد استشهادا واحدا من مصدر قديم حول موقف الأوزاعي. إن د. حمادي ذويب يقصد بالسنة الحية العرف المستجد الذي لا يقتصر على الحديث النبوي، بل يراعي اجتهادات الصحابة والتابعين، يقول: "ولئن كان الاعتماد على أحاديث الرسول قاسما مشتركا لمفهوم السنة الحية عند هاته المدارس، فإنه عنصر لا يحظى بالأولوية بل يشترك مع سنة الصحابة"[3]، لكنه في موضع آخر يحدثنا عن رفض الأوزاعي لاجتهاد صحابي بحكم أنّ الاجتهاد ليس سُنّة نبوية، والمثال الذي قدّمه هو موقفه الرافض لأسلمة عمر - بعبارة الباحث- لمؤسسة الديوان "ويبرّر إنكاره بحُجّة أنها وجدت بعد عصر النبي"[4]، التناقض هنا واضح.

أما إلحاق السنة النبوية بأصول التشريع الإسلامي الملزمة، فهي مهمة قام بها الإمام الشافعي، وفي الحقيقة الصياغة الجدلية لرسالته المكتوبة بأسلوب "الفنقلة" توحي بشكل جليّ على احتدام الاختلاف حول القضايا التي عُدت بعد الترسيم الإيديولوجي لرسالته كأصول لا خلاف حولها، ومن هنا، فالباحث يرى أن الإمام الشافعي لم يسكنه هاجس إحداث توليفة تجمع بين الاتجاهين؛ الرأي والحديث، بل إنه كان مُنحازا لأهل الأثر انحيازا سافرا.

أمّا كيف تمّ ضمّ السُنّة إلى النصوص التأسيسية، فإنّ الباحث يشير إلى أن عملا تأويليا كان وراء ذلك، وإذا أردنا أن نختزل هذا العمل في عبارة وجيزة، فيمكن أن نقول إن الشافعي قرأ بعض الآيات القرآنية بأثر رجعي، لقد أسقط ذاته على النص وحاول انتزاع بعض الدلالات التي تعتبر السنةَ أصلا يوازي - إن لم يكن يفوق - في مكانته التشريعية القرآنَ الكريم، وهذا العمل التأويلي طال العديد من الآيات أهمها تفسير الحكمة التي ترد في الغالب مقرونة بالقرآن كمدلول للسنة، ثم إلحاق كل الأقوال النبوية وأفعاله وتقريراته بالوحي الذي لا ينطق عن الهوى، وهكذا فرغم أن الآية اختلف في دلالتها؛ هل يعود ضمير "الهو" على القرآن فقط أم على كلّ ما ينطبق به، ونحن نرجّح لقرائن أخرى أن المقصود هو القرآن لأن النبي لم يكن معصوما بشهادة القرآن الذي انتقد غير مرّة مواقفه، ورغم هذا، فإنّ الإمام الشافعي ومن بعدُ الأصوليّين ثبّتوا فكرة العصمة كمدخل لتأسيس حُجّية السنة.

في الفصل الثاني، يحيي الباحث تلك الجدالات المتعلقة بحجية السنة، والملاحظ عموما أنه استغرق في إيراد أقوال الفرق على تفاهة بعضها (نشير مثلا إلى المواقف المختلفة من الحد الأدنى للشرط العددي للتواتر)، وأثقل الفصل بهذه الجدالات اللاهوتية التي لا طائل منها، وأحيانا كثيرة دون أن يخلص إلى نتيجة، أعني أنه يحصر غاياته من إيرادها في مجرّد العرض دون النقد، اللهم إن كان يعتمد آلية أثيرة عند أسلافنا كانوا يشيرون إليها بقولهم: "هذا مما يغني إيراده عن ردّه".

ويُرجِع الباحثُ جذورَ الاختلاف حول حجية السنة إلى ظاهرة الوضع التي تضخمت لدواعٍ متباينة: الانتصار للمذهب أو الترغيب والترهيب أو وضع "الزنادقة" الذين كانوا يرومون إفساد الدين وتلبيسه على المؤمنين. وقد سكتت مصادرنا الأولى عن كشف هوية الفرق التي أنكرت حجية السنة، واكتفت بالتلميح إليها، وإن كانت حاضرة في تفكيرها لا تفتأ تجادلها وتدحض "شبهاتها"، ثم يخلص الباحث من هذا التنوع والاختلاف إلى أن "إنكار حجية السنة يُعدّ موقفا متجذرا في تراثنا الإسلامي ظهر منذ زمن الأئمة الأربعة، وهو ما ينفي أن تكون حجية السنة بمنزلة البديهي"[5].

بعد هذا، يعود المؤلّف ليسهب الكلام في الأسس التي قامت عليها حجية السنة، ويحصرها الباحث في القرآن وعصمة النبي والإجماع، ويبدو أن الباحث كان ثاقب الرؤية عندما انتبه إلى السياق العام الذي وردت فيه الآيات الداعية لطاعة الرسول، يقصد أن الله تعالى لم يدعُ لاتباع ما سمي فيما بعد "السنة" كمجموع أقوال وأفعال وتقريرات الرسول، بل هي دعوة للإيمان بالنبو؛ أي التصديق برسالته وصلته بالسماء، وهذا واضح تماما إذا استحضرنا سياق هاته الآيات التي كانت تجادل العرب المعارضين للدعوة النبوية ككل، يقول: "وتأكيد القرآن على هذا الأمر يبرهن إلى أي مدى كان فيه المكيون قد بقوا متحفظين إزاء الدعوة ومناهضين لها"[6]، أما عن الشاغل الإيديولوجي للدفاع عن حجية السنة، فهي الدفاع عن مركزية العروبة عموما، والنسب القرشي بالخصوص، وهذا ما يفسر تشابه الدعوتين الشافعية والحزمية (نسبة لابن حزم)، لقد عاش ابن حزم في الأندلس مدافعا عن الخلافة الأموية العربية، ومن هنا دفاعه المستميت عن حجية السنة التي لم تُجمع بشكل رسمي إلا في الحقبة الأموية، وبالمثل جاءت دعوة الشافعي في الحقبة العباسية التي قرّب فيها الخلفاءُ العِرْق الفارسي، وسنجد لاحقا لهذا الموقف شبيها لدى نصر حامد أبو زيد في كتابه "الإمام الشافعي وتأسيس الإيديولوجيا الوسطية"[7] الذي أثار جدلا واسعا لجِدّة رؤاه وجسارتها.

وإذا كان الباحث قد حاول تقديم تفسير تاريخي لموقف الشافعي من السنة، فإنه لم يتوقف عند موقف الغزالي وإعراضه عن تأويل الحكمة بالسنة، ونحن نعتقد أن إعراضه مقصودٌ وليس ضربا من ضروب السهو، فالغزالي كان مثقفا عضويا في دولة تتهدّدها الحركات السرية الباطنية، يظهر هذا من كتابه "فضائح الباطنية" الذي ألّفه، كما يقول، بأوامر مستظهرية، ومعلوم تاريخيا أن هؤلاء الباطنية قاموا بعمليات اغتيال لشخصيات نافذة من رجال الدولة، وبالتالي، فإعراضه عن تفسير الحكمة بالسنة هو بسبب ما يحمله هذا التأويل من خصوصية باطنية، فلا صلة لغوية بين الحكمة والسنة، كما لا قرينة هناك تسمح بصرف معنى الحكمة إلى السنة، وهذا في إطار العلاقة الضدية مع الباطنية.

والأصل الثاني الذي بُنيت عليه حجية السنة هو العصمة، ويذهب الباحث أن فكرة العصمة ليست تنتمي إلى الأديان السماوية بحكم أن الكتب السماوية تعجّ بانتقادات الأنبياء، آدم ومعصيته التي أخرجته من الجنة، نوح ودعاؤه لابنه الذي مات على الشرك، ويونس الذي شفع له أن كان من الذاكرين المسبحين، ثم نبينا محمد عليه السلام الذي نزلت آيات توبخه لإعراضه عن الأعمى "عبس وتولّى.."، وإذا لم تكن ذات أصل سماوي، فإنه يفترض أنها وافدة من ثقافات الشرق، وبالضبط، كما يرى الباحث، هي عقيدة زرادشتية، يقول: "لقد كان الإيرانيون القدامى يؤلّهون ملوكهم ويعتبرونهم معصومين مما يقع فيه البشر من أخطاء".[8]

أما الأصل الثالث، فهو الإجماع، إجماع الصحابة على العمل بالسنة، لكن ما يلفت الانتباه في مقاربة الباحث أنه في هذه النقطة بالذات ناقش حجية الإجماع في شموليتها؛ أي هل الإجماع حجة، بينما الأليق أن يفحص الدعوى مخصوصة؛ أي هل هناك إجماع فعلا في حجية السنة؟ وإن كان الباحث قد نصّ على الفساد المنطقي الذي يسقط فيه القائل بحجية الإجماع، إذ إن هذا الأخير يتوقف في مشروعيته على السنة، وهي ذاتها تتوقف على الإجماع، وهذا ما يسمى في علم المنطق "الدَوْر"، وهو فاسد عقلا.

ثم ينتقل الباحث إلى حجية الأخبار؛ أي هل تفيد العلم أم لا، وينطلق من تعريف المفهوم، وقد أشار لاختلاف التعريفات بين التيارين المعتزلة والأشاعرة، فالمعتزلة يقولون بأن العلم إدراك للشيء، بينما الأشاعرة يقولون بأنه إدراك للمعلوم، وسبب عزوف أصحاب أبي الحسن الأشعري عن توظيف مفهوم الشيء هو رؤيتهم الوجودية للعدم، فبينما يشيّئ المعتزلة العدم، ومنه يطلقون على كل معلوم شيئا، فإن الأشاعرة يرون أن العدم ليس شيئا، والباحث لم يشر لهذه المسألة لكننا نجدها في كتب علم الكلام القديمة، يقول مثلا المتكلم الأشعري الباقلاني: "فإن قال قائل: فلم رغبتم عن القول بأنه {أي المعلوم} معرفة الشيء على ما هو به إلى القول بأنه معرفة المعلوم على ما هو به؟ قيل: لما قام من الدليل على أن المعلوم يكون شيئا وما ليس بشيء، ولأن المعدوم معلوم وليس بشيء ولا موجود"[9].

وعندما ينتقل الباحث إلى تعريف الخبر المتواتر، يلحظ غياب ذكر شروطه في رسالة الشافعي، ولعل ذلك راجع إلى سذاجة نمط الكتابة في المراحل الأولى للانتقال من الثقافة الشفهية إلى الثقافة الكتابية، وهكذا لا نجد تعاريف حَدّية (من الحَدّ) وتفريعات وتدقيقات منظمة، عكس ما نجده عند الإمام الغزالي الذي اطلع على علوم المنطق والفلسفة اليونانية ذات التصنيفات الفائقة الدقة والإرث الطويل في التأليف المنسق، لهذا نجده يشير إلى الشروط الثبوتية وكذا ما ليس من شروط المتواتر، فيجعل الخبر المتواتر لابد أن يكون النقل فيه عن علم لا ظن، وأن يكون علمهم مستندا إلى محسوس، ثم توافر الشروط في كل عصر، وإلا لو خلا عصر من تلك الشروط لم يكن الخبر متواترا. أما الشروط الفاسدة التي أزاحها، فهي في الحقيقة تلك التي اشترطتها فرق أخرى كاشتراط الروافض أن يكون الإمام المعصوم من جملة المخبرين، فضلا عن شرط اختلاف الأنساب والأوطان والأديان.. إلخ[10].

وإذا كانت الفرق المحافظة قد اهتمت بالجانب الكمي في تصويب الخبر، فإن النظام المعتزلي المشهور بنبرته العقلانية الطافحة ومواقفه الجريئة المتقدمة، قد قال بإمكانية الاجتماع على ضلالة عكس الحديث الضعيف الذي ينقلونه في ذلك، وأن كل خبر لا بد أن يعرض على العقل، أي أن يفحص كيفا، يقول د. حمادي ذويب: "ويجوّز إبراهيم النَظّام كذلك أن يكون وقوع الأخبار المتواترة كذبا اعتمادا على جواز اجتماع الأمّة على الخطأ لذلك، فإنه لا يعتبرها حجة، وإن كان هذا الموقف الذي ينتصر للعقل، فإن الموقف الآخر يشرّع للنقل. وهذا الموقف هو الذي شاءت له الأحداث التاريخية أن يستقر إثر انتصار الفكر الأشعري وضرب الفكر الاعتزالي"[11].

وكعادته في استكناه البنى التحتية التي تحكمت في بناء مشروعية السيادة العليا بالعبارة الأركونية الأثيرة التي وظفها كثيرا الباحث، يرى أن البعد الإيديولوجي الذي يرافق الخبر المتواتر يظهر كذلك من خلال المنهج الذي توخاه الأصوليون، وهو يقوم في درجة أولى على التأويل.

عندما ينتقل المؤلّف للكلام عن حجية خبر الآحاد، وهو الذي لم يبلغ مرتبة التواتر، يذهلك بكثرة المفارقات التي تقابلها بخصوص المبحث، فأحيانا يورد أقوال بعض المعتزلة الذين رفضوا الخبر الواحد، وأحيانا أخرى يحكي اقتراب المعتزلة من المحافظين الذين قالوا بحجية خبر الآحاد، وبخصوص الرأي الأخير لم يقدّم الباحث نقدا عميقا للقائلين بالحجية، لقد استدل الإمام الشافعي بأحداث جزئية تستبطن قبولا مبدئيا في اللحظات التأسيسية الأولى بخبر الواحد، كبعثة النبي الواحد، وبعثة النبي للرسول الواحد لتبليغ الدعوة، وحادثة تغيير القبلة، يقول الباحث نقلا عن القدامى أن هؤلاء المرسلين الذين عدّلهم الرسول، هم في أحسن الأحوال، مجرد مُعْلمين ثم تبتدئ رحلة البحث عن الحقيقة بالأخذ المباشر من الرسول نفسه، ما لم يُشر إليه هو فرق جوهري هام، فهؤلاء المرسلون كانوا بصدد تبليغ حديث واحد أو رسالة واحدة، أما المحدّث في عصر التدوين وما بعده، فقد كان يحفظ أحاديث كثيرة، وبعضهم يحفظ ألف ألف حديث (مليون)، وهنا مظنة الزلل والاختلاط. ومهما رووا من روايات تمجّد الحُفّاظ وذاكرتهم القوية، كاختبار البخاري الذي حفظ مئة حديث مقلوب السند من الإلقاء الأول، فإن الشك يظلّ واردا في صحّة هذه الأخبار التي تنحو منحى أسطوريا واضحا.

ويجعل الباحث، اعتمادا على شهادة ابن حزم، القرن الثاني للهجرة بداية ظهور الآراء الرافضة لخبر الآحاد، وإن كان هذا الرأي هو الذي سيختاره جمهور الأصوليين، يقول: "نستخلص إذا أن الرأي الغالب عند الأصوليين اعتبار الآحاد خبرا لا يفيد العلم".[12]

ولا بد أن نتوقف هنا عند خلاصة توصّل إليها عن استقراء غير تام، بل هو حكم مرسل في حقيقة الأمر، وهو ما سماه "تراجع منزلة السنة عند رجل السياسة"[13]، ونحن نتحفظ من رأيه هذا لأنه استند على جزئية هي حوار بين أبي الدرداء ومعاوية، وفيه يظهر معاوية كملك ليبرالي لا يكترث بالحديث النبوي، بينما الوقفة المتأنية مع سيرة هذا "الصحابي" تشير إلى عدم اعتباره لهيبة الكلام النبوي أو أوامره في الحقبة النبوية ذاتها، ونشير هنا إلى حديث دال، حيث أرسل النبيُّ ابنَ عباس لينادي على معاوية فيحضر بين يديه، فردّه متذرّعا بأكله، وقد تكرر ذلك مرارا، ففي "صحيح مسلم" (الحديث 2064) يقول ابن عباس: "كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواريت خلف باب. قال فجاء فحطأني حطأة. قال اذهب وادع لي معاوية. فقال: فجئت، وقلت: هو يأكل. قال ثم قال لي: "اذهب وادع لي معاوية". قال فجئت فقلت هو يأكل". وإذا كان في هذا النص لا يصرح بقولة معاوية، ولعل ذلك راجع إلى إيديولوجية المحدّث مسلم السنية التي تدفع عن الصحابة كل شبهة، فإن كتبا حديثية أخرى تصرّح بقولة معاوية: "آكل". وثمة حديث آخر في مصادرنا القديمة يسجل استهتار معاوية بالحديث النبوي، فعندما احتج عبد الله بن عمرو بن العاص بحديث للرسول متعلق بالفتنة (عمّار تقتله الفئة الباغية)، وهو حديث لا يخدم طموحاته السياسية، وجّه كلاما لأبيه عمرو بن العاص قائلا: "ألا تكفّ عنا مجنونك هذا"، وهو كلام صارخ الدلالة على رفض الحديث لدواع سياسية، وليست علمية.

وفيما يتعلق باقتراب المعتزلة من أطروحات أهل السنة التقليدية، يرى الباحث أن ذلك راجع للضغط الذي مارسته السلطة السياسية على هذه الحركات الفكرية المنشقة، وبالفعل فإن مصادرنا التاريخية، سجلت بيانا أصدره الخليفة القادر ضد علم الكلام الاعتزالي، يقول الباحث: "ويمكن أن نفسر موقف القاضي ومن بعده موقف تلميذه أبي الحسين بما استجد في الواقع السياسي وعلاقته بالمذاهب الفكرية والدينية، فقد عرفت فترة أوائل القرن الخامس الهجري نوعا من التدخل السياسي الرسمي لفض المنازعات المذهبية ونصرة فريق على آخر. ففي عام 408 هـ أصدر الخليفة القادر كتابا ضد المعتزلة يأمرهم فيه بترك الكلام والتدريس والمناظرة في الاعتزال والمقالات المخالفة للإسلام"[14].

ولعل مفهوم "العدالة" يحتل مكانة مركزية في الجدالات المتعلقة بالخبر، فقد ألح علماء الحديث على ضرورة اتصاف الراوي بصفة العدالة، ومع اختلافهم في معاييرها، وكذلك تباين مواقفهم من الرواة بين التجريح والتعديل، فقد اتفق أهل السنة على عدالة الصحابة، مع تعريفهم للصحابي بمن رأى النبي مؤمنا به ولو للحظة، ويلفت الباحث الانتباه إلى أن هذا التعريف لا تزكّيه معاجم اللغة، يقول: "معاجم اللغة لا تزكي هذا التأويل خاصة أنه يسحب مفهوم الصحبة على الزمن القصير والمحدود والزمن المتسع والطويل في حين أن اللغة تشي بأن الصاحب هو المعاشر، والمعاشرة تفترض مجالا زمنيا متسعا"[15].

وفي الحقيقة مفهوم العدالة هو ذلك الغطاء الذي تتوارى تحته الانتماءات المذهبية المغلقة والمغلفة بهواجس تحصين الذات من غارات الآخر، فالذات باعتبارها "أنا" هي المعدّلة دائما، بينما "الآخر" المختلف، مهما كان تقيا وورعا، فهو مجرّح مطرود. وليس الأمر محصورا في الانتماءات المذهبية فحسب، بل إنها متلبسة كذلك بالاختلافات السياسية، ولا أدل على ذلك من كلمة لابن سيرين تقرن بين الفتنة، وهي مفهوم سياسي، والعناية بالسند، يقول: "إن الناس كانوا في الزمن الأول لا يسألون عن السند حتى وقعت الفتنة، فلما وقعت سألوا عن الإسناد ليحدث حديث أهل السنة ويترك حديث أهل البدعة"[16]، إن مفهوم العدالة إذاً سياج يفصل "الأنا" عن "الآخر"، فالمجتمع الإسلامي قبل الفتنة كان كلا واحدا، ومن هنا فلا حاجة إلى السند، أما وقد انشق المجتمع الإسلامي، فقد احتاجت كل طائفة أن تؤسس لسيادتها العليا من خلال إقصاء الآخر.

وعموما، يرى الباحث أن منهجية علماء الحديث لم تكن متينة، ويعضد كلامه بالانتقادات المهمة لواحد من مفكري المعتزلة؛ وهو إبراهيم النظام، الذي كان جريئا في نقده لكل المنظومة الحديثية، فهو يطعن في عدالة الصحابة ويتهم بعضهم بالكذب، وكذلك ينبه على التناقضات التي تزخر بها كتب الحديث السنية، ومن هنا ينتقل بنا إلى علم التاريخ في الثقافة العربية الإسلامية، من أجل تكوين رؤية شاملة عن المناهج الإبستمولوجية التي وظفت في ثقافتنا التاريخية، وعلى الرغم من إعجاب الباحث بمنهجية ابن خلدون في تقييم الحدث التاريخي، وهو منهج يهمّش استراتيجية الجرح والتعديل، أو بالأحرى يؤخرها، ويعطي الأولوية لعلم طبائع العمران، وهي جملة القوانين الطبيعية والاجتماعية التي يجب أن يتوافق معها كل حدث تاريخي، فإن الباحث يلمع إلى عزوف ابن خلدون عن تطبيق المنهج الذي وعد به، واستسلامه لطريقة الكتابة التقليدية، وقد رأى الباحث أن عدم تطبيق ابن خلدون لمنهجه هذا كان نتيجة منطقية، فالمنهج يتطلب تراكما في العلوم الإنسانية والطبيعية لم تكن متاحة في عصر ابن خلدون، ونحن لا نوافق الدكتور ذويب في تعليله هذا ونميل إلى التعليل الذي قدمه محمد عابد الجابري في أطروحته حول ابن خلدون، لقد أراد ابن خلدون أن يؤسس لعلم يكون للتاريخ كالمنطق للفلسفة، علم يحوي أسس العمران البشري والمسار الذي يشقه حتى يتجنب المؤرخ الوقوع في الخطأ، إذ يجب أن يراعي المؤرخ هذه القوانين العمرانية الاجتماعية، فلا يحكم بصحة خبر ما حتى يتحقق من مطابقته لهذه القوانين، لكن الإشكال الذي وقعه فيه ابن خلدون، هو ضرورة أن تكون تلك القوانين نفسها مستخلصة من التاريخ، وهكذا فقوانين العمران تتوقف في صحتها على التاريخ، والتاريخ نفسه يشترط في صحته مطابقته للعمران البشري[17].

في الباب الثالث والأخير، توقّف الباحث عند طبيعة العلاقات التي نسجت في إطار الرؤية السنية بين المصدرين الأساسيين؛ السنة والقرآن، وقد طغى على الباب الجانب التطبيقي، فانطلق من تخصيص السنة لعموم القرآن، ورأى أن المسألة خلافية، بل ويمكن القول إن بعض الرؤى لا تنسجم مع خلفياتها الفكرية، فالشافعي الذي يعتبر السنة وحياً يلقيه الله في روع النبي، رفض تخصيص السنة بالقرآن، ولهذا فقولة الباحث: "اختلاف مواقف الأصوليين ناشئا عن اختلاف النظرة إلى منزلة السنة من القرآن فمن ماثل بين النصين جوز تفاعلهما بتخصيص خبر الآحاد عموم القرآن"[18] هي محل نظر، فالإمام الشافعي يكاد يقول بتكافؤ النص القرآني والنص النبوي، من حيث قيمتهما التشريعية وكذا مصدرهما؛ أي باعتبارهما معا وحي، والنبي مجرد مبلّغ فقط، ومع ذلك لا يقول بالتخصيص.

كما تناول علاقة السنة بالقرآن من وجه آخر هو النسخ، وميز بينه وبين مفهوم آخر هو "البداء" الذي يعد أحد أهم أركان النظرية الشيعية، ويرى الباحث أن النسخ غايته التخلص من النصوص التي ظاهرها التعارض، وهذا معترف به حتى عند علماء السنة، فأحد الناظمين يقول عن النصوص التي لا يمكن الجمع بينها:

وحيث لا وعُرفَ التاريخُ         فذلك الناسخ والمنسوخ

والمقصود، حيث لا يمكن الجمع بين نصوص ظاهرها التعارض، وعُرف تاريخ الحكمين المتعارضين، فهما ناسخٌ ومنسوخٌ.

ولعلنا في ختام هذه القراءة، لا نجد إلا أن ننوه بالمنهج الذي وظفه الباحث، وهو منهج مادي يحاول أن يستخلص تلك الأسس السياسية والاجتماعية التي تحكمت في صياغة التراث، لأن الفكر في حد ذاته لم يكن مرادا لذاته، وإنما وظف كبنية فوقية، لكن معرفة هذه الدواعي التي تحكمت في الصياغة تحتاج إلى جهود متراكمة، وقد يكون في رأي د. رضوان السيد الذي أورده الباحث على الغلاف الخلفي لكتابه الضخم "جدل الأصول والواقع"، بصيص من الحق، فالكثير من الأحكام التي أرسلها الباحث تعوزها الحجة القاطعة..


[1] حمادي ذويب، السنة بين الأصول والتاريخ، المركز الثقافي العربي/ مؤمنون بلا حدود، الدار البيضاء، 2013، ط2

[2] الشوكاني، إرشاد الفحول، ص 33، نقلا عن: حمادي ذويب، السنة بين الأصول والتاريخ، ص 28

[3] نفسه، ص 39

[4] نفسه، ص 33

[5] نفسه، ص 70

[6] نفسه، ص 73

[7] نصر حامد، الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجيا الوسطية، المركز الثقافي العربي، الدر البيضاء، 2007

[8] حمادي ذويب، السنة، ص 82

[9] الباقلاني، تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، دار الكتب العلمية، بيروت، 2005، ص 10

[10] حمادي ذويب، السنة، ص ص 108-109

[11] نفسه، ص 125

[12] نفسه، ص 144

[13] نفسه، ص 133

[14] نفسه، ص 165

[15] نفسه، ض 186

[16] الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية، ص 197، منقول عن: حمادي ذويب، السنة، ص 181

[17] انظر دراستنا المنشورة على الموقع الرسمي لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود" بعنوان "التأويل الفلسفي للتاريخ"، بتاريخ: 25/02/2014

[18] نفسه، ص 251