العقل المؤنث في تاريخ الفلسفة: قراءة في فلسفة إمام عبد الفتاح إمام النسوية


فئة :  أبحاث محكمة

العقل المؤنث في تاريخ الفلسفة: قراءة في فلسفة إمام عبد الفتاح إمام النسوية

ملخص الدراسة:

يتناول هذا البحث موضوع المرأة وقضاياه المتنوعة، بما أنه يعد أكثر المواضيع الاجتماعية التي شغلت بال المفكرين والمثقفين على مر العصور، وأخذ حيزاً كبيراً من مساحات التعبير عنها في الفن والمسرح والأدب والفلسفة والتاريخ. ويعود سبب ذلك في نظرنا إلى أن المرأة هي الوعاء الذي ينشأ فيه المجتمع ويتطور، وكلما كان هذا الوعاء قوياً ومحاطاً بالعناية، إلا وكان مجتمعاً منسجماً ومتماسكاً، ينحو نحو أهدافه الاجتماعية التي تجعله يستمر نحو الأفق، وبتعبير آخر أن المرأة هي أكبر مساهم في تشكيل الشخصية بأدوارها في الأمومة والتربية. وهذا الذي يجعل منها القاعدة التي تبنى عليها الإنسانية، بقيمها وأخلاقياتها وسننها.

تحت ضغط كل هذه المزايا الكونية التي تتوفر عليها المرأة ككينونة متفرّدة، أخذنا أحد كبار الفكر الفلسفي في العالم العربي أكثر اشتغالاً على هذه الكينونة كنموذج، بما يمتاز به من فكر وتأملات تبصّرية متميزة، موظفاً كل أدواته المعرفية والمنهجية وما احتواه تاريخ الفلسفة الطويل من نظريات ومذاهب فلسفية متباينة لفهم المرأة، وهو الفيلسوف المصري إمام عبد الفتاح إمام. ليس فقط لأنها بشراً، وإنما أيضاً بما أنها ظاهرة أنطولوجية معقدة، يستحيل التعامل معها دون فهم وتشريح عميق.

المرأة في فلسفة إمام عبد الفتاح هي في حد ذاتها نص فلسفي منفتح على القراءة والتأويل، بما أنها تحمل خصوصيات وعلامات تشجع على ملاحظتها والتمعن فيها؛ فهي تملك قدرة تعدد المعاني التي بها تجاري بقية الظواهر. وليست ظاهرة كباقي ظواهر الطبيعة. بقدر ما هي ظاهرة عاقلة، لها سحرها وجمالها وطيبتها وعنفها؛ فهي ظاهرة مركبة من أبرز معالم الظواهر الأخرى العديدة، يرشدها عقل أنثوي، بها تستهوي العقل الذكوري؛ فهي ظاهرة نشأت من التنوع وأسراره، نشأت في جدل مع العقل الذكوري الذي يسعى لكشف هذه الأسرار، وهنا يكمن الإشكال!.

المرأة، موضوع مستشكل، وهذا الذي جعلها حاضرة في تاريخ الفلسفة، وإن جاز لنا أن نقول إن المرأة هي الفلسفة عينها. إذن فليس تاريخ الفلسفة إلا تاريخ للمرأة، ومن هذه المقاربات الفهميّة، نجد أن صعوبة تعريف الفلسفة هي نفسها صعوبة تعريف المرأة وفهمها؛ فكلاهما متقلبتان، مراوغتان. كثيراً ما تدفعان العقل الذكوري في لحظة من لحظات يأسه، الابتعاد عنهما، ونسيانهما للأبد، إلا أنه لا يستطيع، فيهمّ بالعودة إليهما.

اشتغال المفكر إمام عبد الفتاح إمام على سؤال المرأة، هو اشتغال اجتماعي حداثي بامتياز، يسترعي الاهتمام والتفكير. ولعل إدراك إمام عبد الفتاح إمام لأهميتها في صناعة الحضارة المتطلعة، وأمام التراجع الحضاري الكبير الذي يعيشه عالمنا العربي على جميع المستويات، رأى أن سر حداثتنا العربية الممكنة، يكمن في إعادة بناء تصورات صحيحة وحقيقية لنصف المجتمع الأساسي الذي هو المرأة. وبما أن المرأة بصفة عامة، والعربية منها على وجه الخصوص، ظلت تعيش التشوهات الثقافية والاجتماعية بأسباب شتى أهمها، دينية وعرفية وتاريخية، فضّل معالجة هذا القسم من المجتمع لإعادة إحيائه من جديد احياء تنويرياً. ومن هذه الزاوية اعتبرنا فلسفة إمام عبد الفتاح إمام النسوية فلسفة حداثية تنويرية.

أما مكمن جدّة حداثته الفلسفية، فتعود إلى فتحه لملف شائك، يتقاطع مع الكثير من الأحكام الفقهية والاجتماعية والعرفية والتاريخية التي خصت المرأة، وبالتالي تناوله لهذا الملف هو محاولة منه لإعادة بناء تاريخ جديد للمرأة. تاريخ يتطابق مع مسلمات العقل المنفتح والمتحرر من ترسبات التاريخ المثقل بالأخطاء، خاصة عندما نجده يشدّد على تطبيق الفكرة الهيجلية الخالدة التي ترى أن الفكر يبني الواقع ويرممه. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تعود إلى مناقشته لأسئلة المرأة التاريخية، وهي أسئلة مزمنة، تعاقب على حلحلتها كثير من الفلاسفة على غرار ما فعل إمام عبد الفتاح إمام الذي جعلته يعود ليحفر جينيالوجيا في أصل المرأة، لعله يعرف حقيقة جيناتها الفكرية والسلوكية، وعندما عدنا معه في مسيرته هذه، تبيّن لنا أن المنجزات البشرية الكبرى، كانت منجزات مشتركة بين الرجل والمرأة، تحمل خصائص الذكورة والأنوثة، فكيف تحامل الرجل على نفسه وأقصى المرأة منها؟، يتساءل إمام عبد الفتاح، كيف لا، والوجود كله قائم على الذكورة والأنوثة؟!.

أمام قوة المفكر إمام عبد الفتاح إمام التحليلية، تساءلنا عن مصدرها، وعن السبب الذي جعله يهتم بهكذا مواضيع في الثقافة العربية المعاصرة.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا