بأيّة استراتيجيات يتمّ استقطاب الشباب في الحركات السلفيّة؟


فئة :  مقالات

بأيّة استراتيجيات يتمّ استقطاب الشباب في الحركات السلفيّة؟

تعتمد الحركة السلفية كما هو الحال بالنسبة إلى باقي الحركات الاجتماعية آليات عمل للاستقطاب والتأثير، استراتيجيات منظمة وهادفة وتعمل بشكل تطويعي وترميقي على أدلجة وأسلمة الإحباطات الشبابية. آليات تبين ملامحها الكبرى من خلال ملاحظات ميدانية ومعايشة لعديد من فاعلي هذه الحركة الاجتماعية لسنوات عدة علاوة على توظيف تقنيي المقابلة والاستمارة اللّذيْن شملا عيّنة قدرها 120 شابا سلفيا من قرية سيدي علي بن عون التونسية.

1. استراتيجية التعبئة:

تتمثل التعبئة في استغلال كل الموارد المتاحة بهدف إحداث التغيير وتوجيه أنماط التفكير والسلوك، تراهن هذه الاستراتيجية بالأساس على الفضاء العمومي بصفته فضاء يعج بالناس، وتهدف التعبئة التي تعتمدها الحركة السلفية إلى استقطاب الفئات الشبابية، وبالتالي تعزيز مواردها البشرية التي ستمكنها من إحداث الحراك ومن آليات التعبئة المناشير المتنوعة، وهي الآلية الأساسية التي لمسنا حضورها الكثيف، حيث تنطلق المحاضرات وتختتم بتوزيع مناشير وكذلك تزامنا مع الاجتماعات الشعبية في الشارع يقوم متطوعون من الحركة السلفية بتوزيعها على الحاضرين ومن خاصياتها الشمولية، حيث تلخّص تقريبا الأفكار الرئيسة للحركة السلفية وقبول هذه الأفكار ينجر عنه انشداد الشاب في مرحلة أولى للحركة السلفية ومتابعة أنشطتها والسعي إلى بناء علاقات مع فاعليها لفهم المزيد من أسس الدين على منهج السلف الصالح وفيما يلي جملة من المناشير التي انتقيناها من جملة ما يقوم السلفيون بتوزيعها.

غير أن الحركة السلفية لا تقتصر على المناشير، بل تدعمها باجتماعات شعبية وخيمات دعوية تعقد بصفة مستمرة في الشوارع وأمام المعاهد والمدارس، حيث يسهل الوصول إلى الناس والاقتراب منهم. وعادة ما تصحب هذه اللقاءات أناشيد دينية ذات كلمات مخصوصة تدعو للجهاد، وتتباكى على حال الأمّة الإسلامية من عصيان لأوامر الله ومخالفة للسلف الصالح. وكمحاولة للتأثير في الحضور، يحضرون فتيات يسمونهنّ "متبرجات" ويطلبون منهنّ ارتداء النقاب أمام الحضور وسط وابل من التكبير ويقولون: "إننا سعداء بانضمام أخوات إلينا إلى الطريق الحق والمستقيم" فتجري عمليات التفاعل التي تتعقد مدلولاتها ويتداخل فيها الديني مع الاجتماعي بما يعنيه من حب ظهور ورغبة في لفت الانتباه، فتتقدّم فتيات أخريات للمنصة ويقلن: "نود أن نعود إلى الله ونتوب" فيشيدون بذلك وهكذا...ويضاف إلى هذه الآليات العمل على استغلال شبكات التواصل الاجتماعي والأنترنيت بصفة عامة في إطار ما يسمونه بالجهاد الإعلامي الذي يرتكز على المبادئ التالية:

 تهدف التعبئة التي تعتمدها الحركة السلفية إلى استقطاب الفئات الشبابية، وبالتالي تعزيز مواردها البشرية التي ستمكنها من إحداث الحراك ومن آليات التعبئة المناشير المتنوعة

-    نشر عقيدة التوحيد والجهاد والدعوة إليها.

-    كشف الشبهات فيما يخص قضية الجهاد المعاصر ودحض كل الفتاوى المخالفة ممن يسمونهم علماء السلاطين.

-    التحريض على الهجرة والجهاد.

-    التحريض على الإنفاق في سبيل الله.

-    نصرة المستضعفين وإبراز قضاياهم ومعاناتهم.

-    التخلص من التبعية للغرب الذي يعتبرونه كافرا في كل مجالات الحياة.

-    إرباك العدو وقيادة حرب نفسية شديدة لكسر معنوياته وإحباطه.

-    كشف حقيقة ما يسمونهم بالطواغيت والكفر بهم وبقوانينهم الوضعية.

-    تعبئة الأمة لمساندة من يسمونهم بالطائفة المنصورة وتجييشها لمرحلة الخلافة على كافة الأصعدة.

2. استراتيجية الظهور والتخفي:

لا تتحدد هذه الاستراتيجية في المطلق وبمعزل عن المناخ الاجتماعي والسياسي؛ فالسلفيون يتقنون "فن الظهور والتخفي" ويقدرون الظروف الملائمة لذلك آخذين في الاعتبار إمكاناتهم الذاتية، فمن خصائص نشاطهم الحراك الهادئ والبطيئ أي سياسة "الزحف الهادئ" بتعبير عالم الاجتماع الإيراني آصف بيات في فترات الاستقرار السياسي والأمني، ويظهرون فجأة على الساحة في فترات التوتر والفوضى على نحو يبدو لغير الاختصاصي أنها وليدة اللحظة والساعة، هم إن شئنا محاربون غير نظاميين يجتمعون كلما سنحت الفرصة ويتفرقون بانعدامها. هذا الرأي يترجمه الرسم البياني التالي، والذي يظهر أنّ سنتي 2011 و2012 هما السنتان اللتان شهدتا نشاطا مكثفا للحركات الجهادية التي نجحت في استقطاب كم هائل من الشباب وحتى في خارج تونس، لأنّ الخارج يتأثر بالداخل ولأن الحركات الجهادية عالمية ويحمكها منطق الترابط العضوي. ويظهر الرسم البياني كذلك انخفاض معدّلات الانخراط في الحركات الجهادية بداية من 2013 أي في فترات الاستقرار النسبي مقارنة بفترات الفوضى التي عقبت الثورة.

الرسم البياني رقم 4: مسار انخراط الشباب التونسي في الجماعات الجهادية بين 2011 و2015[1]

وما يساعد السلفيين على التخفي في سيدي علي بن عون مثلا تمركزهم في حي على هامش المدينة يسمى "حي الملاجي"، حيث لا توجد أرقام منازل، والجيران تربطهم علاقات حميمية، إضافة إلى ما يتميّز به الحيّ من أسلوب خاص في الحياة تطبعه اللاّرسمية التي تميّز محيطهم، حيث تجمع أفراد الحي علاقات تضامن قوية ما يجعل من حماية أبناء الحي مهمة شريفة حسب تصورهم لذلك وبعد الثورة التونسية بأشهر، قام عشرات الشباب السلفي بحملات أمنية في الحي ولاقوا استحسانا وقبولا من المتساكنين، بل وأصبحوا يتعاملون معهم كسلطة رسمية كافلة للأمن والاستقرار، كيف لا وهم يقومون بمحاسبة مرتكب الخطأ في فترة زمنية لا تتجاوز نصف ساعة في مقابل التعقيدات البيروقراطية التي تقوم بها السلطات الرسمية. الشباب السلفي من هذا المنطلق ورغم هامشيته أوجد في إطار انخراطه في الحركة السلفية استراتيجيات متناسبة مع امكاناته الذاتية على نحو جعله يقوم بوظيفة سامية في الحي، وهي حفظ الأمن. من هذا المنطلق يستطيع العديد من الشباب التكيف مع كل الظروف واستثمارها على نحو يجعله فاعلا ومؤثرا وقتما تضعف الدولة وتتهاوى مؤسساتها والتخفي في حال استعادتها عبر آليات من ضمنها تغيير المظهر واللباس والعودة للحياة العادية حتى أنّ أحد الشباب السلفي بمدينة بنعون بعد أن عرف بتسلفه وتشدد مواقفه في الفترة التي تلت الثورة أصبح معارضا شديدا للفكر السلفي بعد القبض على الكثير من زملائه وأصبح يتعمد الرفع من مستوى صوته في المقاهي عند نطق كلمات مثل "السلفيين داخلين في حيط" بملفوظه الشفوي حتى يوهم الناس بأن لا علاقة له بهم وبالتالي تجنب وشايتهم التي قد ينجر عنها ملاحقات أمنية وسجن. يبدو التسلّف إذن غير راجع إلى قناعات دينية، بل إلى بحث عن الاعتراف و"التباهي". وفي مقابل ذلك، فإنّ الدولة كفاعل اجتماعي مركزي في المعادلة الصراعية ورغم إخضاعها الحقل الديني للرقابة وتحكمها بالخطاب الديني من خلال مؤسساتها طيلة عقود عجزت عن اجتثاث أنماط التدين المخالفة للدين الرسمي ذلك أن هناك "سيرورة اجتماعية للتدين"[2] على هامش المؤسسات الرسمية تتشبع من مرجعيات مختلفة كالقنوات الفضائية والأنترنيت والمؤلفات الوهابية، وهي سيرورة يصعب رصدها أو التحكم بمفاعيلها، لأن أشكال التدين ثمرة ضغوطات بنيوية بتوتراتها والتباساتها، وما صمت الشباب السلفي في العقود الماضية إلاّ "عقد صمت هش" تحكمه الطاعة والولاء للدولة ظاهريا ولكن هذا العقد قد يلغى بتوفر الظروف الملائمة لذلك. بمعنى آخر، فإنّه وحتى في فترات الستاتيكا الاجتماعية، للأفراد اهتمامات مكبوتة وغير معلنة تنتظر الفرصة للظهور إلى السطح أي المجال العام. وقد بينت دراستنا أن أشرطة الفيديو والكتب الدينية مصدران رئيسيان ومرجعية للشباب السلفي قبل الثورة حيث يمثلان سويا 56 بالمائة من مجموع الاحتمالات. أمّا بعد الثورة فقد حافظ الشباب على نفس المرجعيات رغم التراجع النسبي لأشرطة الفيديو التي أصبحت مرجعية ثالثة بعد شيوخ الدين السلفيين، ويفسر ذلك بهامش الحرية الذي انجر عن الثورة وكذلك اتساع نشاط الحركة السلفية وانتشارها على صعيد عالمي ورجوع بعض الشيوخ السلفيين للنشاط بعد أن كانوا إما في المنفى أو في السجن أو تحت الرقابة الأمنية المشددة، وفيما يلي أهم الكتب التي ذكرها السلفيون في إجابة عن سؤال استمارتنا المفتوح:

السلفيون يتقنون "فن الظهور والتخفي" ويقدرون الظروف الملائمة لذلك آخذين في الاعتبار إمكاناتهم الذاتية، فمن خصائص نشاطهم الحراك الهادئ والبطيء

هل لك أن تذكر بعض أهم الكتب التي اطلعت عليها؟

وعودا على ما سبق تحليله، فإنّ للشباب السلفي ضروبا عدّة من المناورة تمكّنه من التكيّف مع مختلف المتغيرات الاجتماعية والسياسية وله من الإمكانات ما يمكّنه من النشاط، إما في الخفاء أو في العلن ما يفند الرأي القائل بأن السلفيين وليدو الثورة والحرية، فهؤلاء الشباب يناورون ويترصدون ويخططون ويجيدون فن المفاوضة، ويتراجعون تكتيكيا ويختفون ومن ثمة العودة الى الساحة إذا سمحت الظروف الأمنية والسياسية

3. استراتيجية الانتقاء:

تمارس الحركة السلفية الكثير من الانتقاء في التعامل مع النص الديني إذ تركز اهتمامها على الآيات والأحاديث التي تخدم رؤاها إلى حدّ يظهر للشاب أن ما تتبناه هذه الحركة هو صلب الدين وجوهره، حيث يغلب على مجالسهم الكلام على آيات الجهاد والقتال الذي يعتبرونه عماد الدين والكفيل بالتغيير، وهو قوام الحركة السلفية وتحديدا الشق الجهادي الذي يتبنى التغيير بالعنف المسلح. يقول (م. ص، 22 سنة) في هذا السياق "إنّ مجد الأمة ونصرها لا يكون دون المرور فوق جماجم الظالمين"[3] كما يعتبرون التخلي عن هذه المبادئ خذلانا ومخالفة للدين واتباعا لأهواء الغرب والأنظمة العميلة ويضيف الشاب نفسه: "إنّ ما يسمّونه اعتدالا هو أحد البدع الدخيلة على الدين وهو صنيعة من صنائع أمريكا التي تريد تجنب بطش شباب الأمّة وثأرهم"، بهذا المعنى هم يقرؤون في النص ما يريدون قراءته من منظور إيديولوجي عقائدي وبصورة محض ذاتية على نحو فوضوي يتعسف على القرآن ويخرج الآيات من سياقها العام دون فحص أو برهان، وما يزيد الأمر تعقيدا أنّ هؤلاء يتعاملون مع النص الديني ككيان متعال عن الواقع ويحيى بمعزل عن صيرورته التاريخية، ويطالبون بتطبيقها كما هو الحال في بيئتها الأصلية الأولى، رغم العوائق الأنطولوجية التي تحول دون التماهي مع الأصل واستعادته، وإن لم يكن فالنبذ للحياة والدهر بدل فهم النص الديني ومراجعته.

انتقائية أخرى تقوم بها الحركة السلفية لتبرير مواقفها في معاداة النظام الحاكم، وهي التركيز على جانب الحدود[4] والمبالغة في الإتيان عليها إذ أضحت الحدود هي الشريعة الإسلامية هذا ما يجعل التجربة الروحية مفرغة أو مجوفة لصالح بنيات صورية أو شكلية؛ أي أنّ البعد الهووي يصبح متضخماً في جانبه الشكلي، لا في موضوع التجربة الروحية، بل في صورة التمثل، ما أدى إلى تكوين أبعاد هوويّة مزيفة عن النص الديني بمعنى أنها لا تتعدى الشكليات إلى المضمون؛ بمعنى أننا انتقلنا من الرؤية التي يصنعها النص إلى الرؤية التي يصنعها الشخص، والهويّة ليست موضوعاً للنص بقدر ما هي موضوعا للشخص فأضحت هذه الرؤية الشخصية عاملا من عوامل معاداة مؤسسات الدولة، وهو ما لمسناه في قول (ن.و 23 سنة) "هذه الدولة لا تطبّق شرع الله لذلك نعتبر حاكمها طاغوتا. أين الحدود التي أتى بها القرآن لو قامت الدولة بقطع يد السارق لما بقي سارقون؟"[5]. من هذا المنطلق أصبح النصّ الديني يتشكل حسب مقتضيات الحركة الاجتماعية وأهدافها، وهي إعادة تكييف) réorientation) للنصّ الديني جعلت من الدين أديانا وكل دين يحمل رؤى تخدم الحركة والجماعة التي تتبناه، وبذلك طغى التأويل الذاتي على التأويل الموضوعي وهو ما جعل الشاب في حالة من الارتباك والشكّ وعاجزا عن الاختيار بين دين معتدل ودين أصولي ودين حداثي... لكن الشاب أمام مشكلاته المأزومة وأمام سعيه إلى التغيير السريع وتشخيصه للوضع تبين أنّه لا سبيل إلى التغيير الآني والسريع لمشكلاته على اعتبار الأزمات التي تعيشها الدولة ما يجعله يميل إلى اختيار الطرف الذي يتبنى التغيير الجذري، ويزلزل جميع البنى الاجتماعية والسياسية التي حالت دونه وتحقيق أهم حاجياته المادية والاجتماعية عبر العنف المقدّس الذي يجد مبرّراته دوماً في النص الديني إلى حد يكون فيه العنف استجابة لأمر سماوي، وهو ما تحرص الحركات الجهادية على إظهاره في نسق متكامل في النص القرآني أو الحديث النبوي أو الأحكام الفقهية أو النصوص التاريخية وكتب السيرة والمغازي. ذاك ما يفسّر تصلب العديد من الشباب في الدفاع عن الجهاد والمجاهدين بأقوال مختلفة منها "أنصار الدين والفرقة المنصورة"؛ بمعنى أنّ الحركة السلفية وحسب الأهداف التي ترسمها، تطوع النصّ الديني لخدمتها، فعندما رفعت شعار تونس أرض دعوة أوجدت الآيات والأحاديث والقصص التي رواها القرآن ومنها صبر موسى على فرعون وما إن غيرت شعارها حتى أوجدت له مصطلحات تتناسب معه ومنها "الجهاد ضد الطواغيت أعداء الله" بل وجعلوا من الجهاد فريضة.

 تمارس الحركة السلفية الكثير من الانتقاء في التعامل مع النص الديني إذ تركز اهتمامها على الآيات والأحاديث التي تخدم رؤاها إلى حدّ يظهر للشاب أن ما تتبناه هذه الحركة هو صلب الدين وجوهره

يتبيّن لنا مما سبق، أنّ المقدّس الديني عند الحركة السلفية وتحديدا الشق الجهادي لا ينفصل عن العنف، بل يمكن القول إنّ ثمّة تلازماً بين المقدّس الديني والعنف. هذا التلازم امتداد للوليمة الطوطمية التي كانت تقام بهدف تمتين صلة الجماعة بطوطمها عبر قتل الطوطم والتهامه، حيث يستمرّ وجوده في كل عضو من أعضائها، إلى كلّ أشكال العنف المقدّس الماديّة والرمزيّة الراهنة، ثمة منطق واحد يحكم تجربة المقدّس: الاعتقاد المشترك بين الجماعة أنّ دينهم هو الدين الحقّ، وكلّ من خالفهم في عقيدتهم هو ضال ومخطئ أو كافر أو مرتدّ ويجب إخضاعه أو إكراهه على اعتناق الدين الحقّ.

وتأسيسا على ما سبق، فإنّ النص الديني أصبح خاضعا لمنطق المصلحة؛ أي يتعامل معه من وجهة نظر براغماتية من حيث أخذ ما يخدم الفكر السلفي وترك ما عداه. هذه المعطيات والمؤشّرات كلّها توحي بأنّ النّص التّأسيسي المتجلّي في القرآن صار هامشياً في العقل السّلفي، وحلَّ مكانه المنتوج الثقافي، بوصفه تعبيراً وتجلِّياً من تجلّيات التّفاعل الإنساني مع الظّاهرة الدينية، فحين نستجمع هذه العناصر كلّها تتكوّن لدينا رؤية مفادها أنّ التّفاعل مع النّص التّأسِيسي ولَّدَ نصوصاً موازيةً، وبما أنّ هذا التّفاعل انطلق من قاعدة مقدّسة صارت التّفاسير والشّروح والتّأويلات والاجتهادات توازي النصّ المؤسِّس في امتلاكه الحقيقة المطلقة، ولو تأمّلنا قليلاً لوجدْنا أنّ هناك فاصلاً بين النّص والقراءة، ومن ثمّ صعوبة امتلاك الحقيقة المطلقة، وما يزيد الأمر تعقيدا تحنيط القراءات التي يقدمها السلفيون عن النص الديني لكي لا يشكك أحد في صدقيتها ويكفي فقط أن نستحضر مقولة "لا اجتهاد مع النص"، والتي تعني ضمنيا لا اجتهاد مع أفكارنا ولا اجتهاد مع قراءتنا للدين.

4. استراتيجية الإقناع:

الإقناع هو أحد الوسائل الفاعلة التي لمسنا أثرها في عملنا الميداني، وهدفها التأثير في الشباب واستقطابهم و"الإقناع هو سلوك إنساني تواصلي يستخدمه الإنسان للتأثير في الآخرين لتحقيق ما يريده منهم، فيختار الأساليب والوسائل التي تمكّنه من إحداث هذا التغيير. وبهذه الصورة يعد الإقناع اتصالا؛ أي فناّ من فنون التواصل"[4] وبما أنّ الإقناع فنّ تواصلي، فإننا بحاجة إلى فهم العملية التواصلية بين الحركة السلفية والشباب وذلك عبر توظيف المفاهيم الأساسية التي تقوم عليها سوسيولوجيا الاتصال "communication" ويرتكز الإقناع على العناصر التالية:

ـ المرسل: وهو الشخص الذي يلقي الخطابات في التجمّعات الشعبية بالشوارع أو الخيمات الدعوية، ويحظى بتقدير واسع داخل الحركة السلفية ويستمدّ شرعيته الخطابية من مدى قربه من أحد مشائخ الحركة السلفية ومدى اكتسابه للعلم الشرعي، إذ يلّقب على سبيل المثال بـ "تلميذ الخطيب الإدريسي". وعادة ما يكون متمكّنا من فنّ الخطابة، وهي بمثابة خلفية لنجاح التواصل الإقناعي.

ـ الرسالة: ويكون مضمونها الدعوة إلى نصرة الدين والتأسف على حال الأمّة مما لحق بها من مظاهر مهانة نتيجة انتشار البدع وتقليد الغرب ودعوة الجمهور إلى الالتزام بتعاليم الدين وفق منظور الحركة السلفية وتعديد الانحرافات التي انزلق فيها المجتمع مثل الشرك وزيارة الأضرحة وكذلك موالاة الدولة التي يعتبرونها كافرة للغرب، وتسمّى هذه الثنائية "شرك القبور وشرك القصور". يرتكز الخطاب كذلك على مهاجمة النظام الحاكم وأعوانه واستحضار سير الحكّام الظالمين من قَبْلُ، كفرعون وتوعّدهم بالانتقام، ويماثل تماما بين الاعتداءات الجديدة للغرب وأمريكا وغزوات التتار لديار الإسلام. تجييش يعتمد المزج بين الماضي والحاضر بشكل إسقاطي. وبعد تعداد هذه الرسائل كلاّ أو بعضا ينتقل الخطيب إلى ذكر أساليب التغيير عبر تبيانه أهمية الجهاد ودوره في نصرة الدين وإحداث الحراك والتغيير.

ـ المتلقي: جلّ المتلقين للرسالة هم من فئة الشباب، إذ يتابع هؤلاء بشغف كلام الخطيب ويهتفون بصوت مرتفع كلّما نطق بكلمات تشفي غليلهم من "مجتمع الاحتقار" ويهلّلون رافعين أعلاما سوداء بطريقة استعراضية متحدّية للدولة والمخالفين في الرأي.

أثر الرسالة:

عندما يستقبل الشاب الرسالة ويفهمها يشعر بتأنيب ذاتي، إذ يرى نفسه مخالفا لدين الله وغارقا في المعاصي ما يجعله يؤوّل كل مشكلاته على أنها عقاب ربّاني جعله في أسفل الهرم الاجتماعي.

ردّة فعل المتلقّي:

المقدّس الديني عند الحركة السلفية وتحديدا الشق الجهادي لا ينفصل عن العنف، بل يمكن القول إنّ ثمّة تلازماً بين المقدّس الديني والعنف

تكتسي هذه المرحلة أهمية بالغة، لأنّها بواسطتها يمكن معرفة مدى تأثير الرسالة على المتلقي. وفي صورة نجاح الخطيب في إرسال رسالته تصدر عن الشباب هتافات وتكبير متتال وكأنّ بالشاب يريد أن يقول: ها نحن هنا موجودون وقادرون على التغيير وتجاوز الإقصاء الاجتماعي.

محرّكات الإقناع:

يحتاج الإقناع إلى جملة من الآليات ليكون فاعلا ومؤثّرا في المتلقّي (الشباب). لذلك عرّفه الفيلسوف اليوناني أرسطو على أنّه "استخدام جميع الوسائل الممكنة في التأثير"[6].

الدّين:

يعدّ الدين أحد أهمّ ميكانيزمات الإقناع، لذلك يعمل الخطيب على اختيار الآيات والأحاديث الدينية التي تحمل الشبيبة على الحراك (mobilization). وللدين دور مهم في شحذ همم الشباب للدفاع عن الأوطان والعقيدة السلفية، لاسيما وأنّ الدّين إحدى المرجعيات التي يستنبط منها الكثير من الفاعلين نماذج مثالية يقيسون بها أفعالهم، وبذلك، فإنّ "القناعات الإيمانية متوفرة- أصلا- لدى الفرد، لا يحتاج المرسل خلالها إلى تأسيس إيمانات وقناعات جديدة، بل يستغلها بالنداءات الدينية وما تحمله من محفّزات وإرشادات وتوجيهات"[7]. يعني أنّ الإقناع الذي يوظّفه خطباء الحركة السلفية يستغل هذه القناعات الدينية الراسخة لدى الفاعلين المترسّخة عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالعائلة والمسجد.. عبر فبركتها وتعديلها لتتناسب مع أهدافهم التي تختلف عن قناعات الآباء والأجداد. ويوظّف الدين من خلال ثنائية الترغيب والترهيب؛ أي الترغيب بما هو تحفيز للشاب بجزاء اتباع الحركة السلفية بماهي فرقة ناجية ومنصورة ومآلها الجنّة، ويكون الترهيب عبر الإتيان على مواضيع تجعل الشباب يشعرون بنوع من الخوف من العقاب الذي سيلقَوْنَه إذا ما واصلوا اتباع مجتمع تائه في الضلالات أو طاعة دولة كافرة. ومن موضوعات الترهيب "عذاب القبر" و"علامات قيام الساعة" و"العقاب الذي لقيه الظالمون من قبل". إنّ وظيفة الخطاب السلفي تلقينُ المتديّن كيف يمارس سلطته على ذاته ثم على الآخر استنادا إلى الدين، ومن ثمة تبدأ مسيرة الإقصاء، بوصفها واحدةً من الأسس الفكرية التي يرتكز عليها الفكر السلفي، وهي ثقافة متجذرة في التاريخ الإسلامي. وحين يسترجع المرء مسار التاريخ الإسلامي يكتشف عمق الأثر الذي خلّفته ثقافة الإقصاء؛ حيث انقسم المسلمون بعد وفاة النبي محمد، ولم يفوّتوا الفرصة ليحوِّلوا الرّسالة إلى سيف يشهره كلّ واحد في وجه معارضه، وصارت الجنّة حكراً على طائفة دون أخرى، ومات الإسلام النبوي، كما يحلو لبعضهم تسميته، في دهاليز السّياسة.

الصوت والجسد:

يساهم الصوت في الإقناع، فالخطيب من الحركة السلفية يتفنّن في تغيير نبرات صوته ويتوقف بين الجملة والأخرى ما يهيئ الجمهور للانتقال من معنى إلى آخر. أمّا الرفع في الصوت، فيدلّ على أنّه يناقش موضوعا مهما كتحفيز الشباب على الجهاد أو تعزيز نقمتهم على مجتمعهم أما خفض الصوت فيهدف إلى جعل الشباب يتأمل ويفهم الفكرة بسلاسة، ويتعمّد الخطيب إطالة بعض الكلمات، وهي الكلمات المفاتيح التي ينبني عليها الفكر السلفي مثل الأمّة، الجهاد، الخلافة. وقد يشدّ الخطيب الانتباه عبر أسلوب التشويق كأن يقول: "استمعوا جيدا إلى هذا الحديث أحبتي في الله، حديث يصف بدقّة ما يجري في حياة المسلمين من دمار، حديث تقشعر له الأبدان وتخشع له النفوس..." وعند تركز الأذهان على محتوى الحديث يقوله مع براعة في اختيار أمثلة واقعية شمولية، وتوازيا مع إيقاعات الصوت ونبراته يحاول الخطيب نقل مشاعره عبر البكاء أو الضحك بسخرية أو الابتسامة؛ وذلك بغية التأثير في المستمعين وشدّ انتباههم، وما يجعل المتلقين للخطاب يتحمسون أكثر هو اعتماد الخطيب كلمات تبعث الراحة في نفوس المتلقين كأن يقول: "أنتم يا أنصار الإسلام، يا أبطال الأمّة، إنّ مجلسكم الطيّب به أجر عظيم".

أمّا حركات الجسد، فهي حركات ينقل بواسطتها المرسل آراء وأفكارا تتجاوز معناها الظاهري، فحركات اليد المضمومة التي يستخدمها الخطباء بكثرة تبرز القوّة والصرامة والحزم. وما يعزّز قدرتهم على الإقناع الانسجام الكلّي لحركات الجسم مع نبرة الصوت، وهو ما يسهم في تعزيز ثقة الشباب في الخطيب وليثبت الخطيب من خلالها قوّة شخصيته وحبّه للدين واستعداده للدفاع عنه بشتى الطرق.

التصفية بالمقارنة:

تهدف التصفية بالمقارنة إلى إخراج ممارسات المخالفين على أنها في قمة الانحطاط عبر مقارنتها بنماذج أخرى، ومن ذلك مقارنة الفاعلين الذين يقومون بزيارة الأضرحة على أنهم يتبعون طقوسا شبيهة بطقوس الجاهلية إذ كانوا يعبدون الأصنام ويقدّسونها. هذه التصفية آلية و"أسلوب في الرفع من التزام الذات بالخط المستقيم، والحط من قيمة التزام الخصم"[8] تتخذ هذه الآلية منحى المضاربة الرمزية (spéculation symbolique) بتعبير بيار بورديو، والتي تعني "كلّما تمكنتَ من التقليل من فكر خصمك فسينهار مجرى قيمه"[9] بمعنى لن يصبح لممارسته معنى وتصبح دونية في نظر الشباب.

أسلوب التبسيط:

لا تعتمد الحركة السلفية التعقيد فيما يتعلق بإيصال أفكارها، فيكفي أن يكفر الشاب بالدولة ومؤسساتها ويلتزم بمظهر معين حتى يصبح عضوا فيها، فهي مذهب ديني موجّه لا إلى النخبة المتمكّنة من وسائل التنظير والحجاج، وإنمّا إلى أناس في حاجة إلى فهم ما يعتقدون، في حاجة إلى عقيدة بسيطة بإمكانهم إدراكها حسب إمكانياتهم الذاتية والتحدّث عنها مع الآخرين من أمثالهم، بدون أن يتيّهوا في ثنايا تعقيدات الفقه وقواعده، من هذه الوجهة يمكن القول أنّه من خلال مسألة التوحيد، فإنّ السلفية تستبطن إعادة تشريع العلاقة بالأشياء المقدّسة من خلال ربط المؤمنين بمفاهيم بسيطة، ما دام الاعتقاد بالتوحيد عندها لا يتطلب سوى الاعتقاد بالله كما وصف به نفسه في الكتاب والسنّة من دون تأويل، كما أنّه من خلال هذه المقولة يصبح الإيمان عند السلفية وحدة كمّية قابلة للقياس، حيث يمكن في كل وقت وحين اختبار سلوكيات المؤمن وممارساته التعبدية والنظر فيما إذا كانت لتعاليم عقيدة التوحيد"[10].

5. استراتيجية الهدم وإعادة التأسيس:

تسعى الحركة السلفية إلى بناء واقع جديد وفق نموذج نظري جاهز شامل لمختلف جوانب الحياة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا واقتصاديا. ولتحقيق هذا الهدف باتت الحاجة ملحّة إلى تبرير تصوّراتها وحشد الطاقات الشبابية وراء هذا المشروع الطامح إلى التغيير الشامل (le changement radical).

لذلك تسعى إلى تعميق القطيعة بين الشاب وواقعه المعيش عبر التفنّن في تصوير الواقع في صورة سوداوية تجعل الشاب ينظر إلى جميع الأمور على أنّها دونية ومخالفة للشرع، وهو ما تبيّناه في قول الشاب م. ص 23 سنة: "الحياة دار فناء لا يوجد شيء يعجب أو يفرح". على أنّ البديل الذي تقدمه الحركة السلفية هو الذي يؤسس لواقع مثالي ملتزم بالضوابط الشرعية يمكّن الشاب من تجاوز جميع المشكلات التي تواجهه فور تأسيس دولة الخلافة التي ستحقق العدل وتقضي على الظلم. ههنا تترسخ لدى الشاب فكرة سوداوية عن الواقع، وتنضوي هذه السوداوية والتشاؤمية تحت جملة شعارات كبرى، وهي الظلم، الطغيان، الفساد الأخلاقي، مخالفة تعاليم الشريعة. عندما تترسخ في ذهن الشاب هذه الأفكار تحاول الحركة السلفية استثمار هذه الطاقات الشبابية لتحقيق الحراك والتغير الاجتماعيين، وبذلك يتحمّل الشاب مسؤوليته، باعتباره طرفا فاعلا في التغيير سواء عبر الجهاد أو نشر الدعوة ليتقبّل الفاعلون هذه الأفكار، ويساهمون بدورهم في التغيير وهو ما يسمّى بالحشد الشعبي. إنّ الهدم وإعادة التأسيس أفرز استراتيجيتين للتغيير استنبطناها من عملنا الميداني: استراتيجية تغيير فوقي تنظر للدولة على أنها كائن عضوي أو بالأحرى جسم إنسان. أمّا الأولى، فترى أنّ الجِلْد هو المؤسسة الأمنية والعسكرية وأنّ الهيكل العظمي هي المؤسسات المالية والمنشآت السياحية والمؤسسات الكبرى، وأنّ العقل هم الشيوخ المحلّيون الذين يعتبرونهم شيوخ سلاطين. أمّا القلب، فهو المؤسسات الكبرى وهي مجلس النواب ومؤسّستا الرئاسة والحكومة، في حين أنّ الخلايا هي المواطنون العاديون. ويعتمد هذا النمط من التغيير على التدرج بدءا من الجلد وصولا إلى الخلايا وإجبارهم على قبول التغيير والفكر السلفي. في حين أنّ الاستراتيجية الثانية في التغيير هي استراتيجية التغيير التحتي وتنطلق من الخلايا أي المواطنين وحثّهم على قبول الفكر السلفي ليتبنّوه ويصير مطلبا جماهيريا شاملا، وبالتالي تجبر مؤسسات الدولة الكبرى على قبول مطالبهم وتطبيق شرع الله؛ كلّ عضو من أعضاء الجسم عبارة عن مرحلة تقتضي تغييرا في المنهج والأسلوب.

يكشف مقالنا الوهن الذي يعيشه العالم الإسلامي، فبدل أن يتمّ استثمار الفئات الشبابية في التغيير الإيجابي الحضاري الذي رفع ماليزيا وإندونيسيا وتركيا إلى دول رائدة في العالم، فإنّ الشباب التونسي بصفة خاصة والشباب العربي صار وقودا لنار الفتنة والتقاتل والتفرقة، فمتى تهتم دولنا بقضايا الشباب وتنهض بالتعليم للقضاء على الفكر المتطرّف، الذي لا يضرّ بالشباب فحسب بل بالإسلام، باعتباره منظومة ثقافية وأخلاقية متكاملة ونبيلة؟ نحن مدعوّون في هذا السياق الحرج إلى كشف زيف الأفكار التي تحاول إقصاء الدين تماما عن المجال العام دونما اعتبار لقيم الإسلام ومبادئه بحجّة مفادها أنّ الحداثة استنبتت شكلا جديدا وحاسما للفردانية تحتل فيه ذات الفرد وهويته المفردنة مكانة مرموقة. إنّ باطن هذا القول تفيد أنّ الفرد في الماضي لم يكن سوى ذات مقهورة وتابعة للضغوطات والإملاءات، إنّ الناس في أزمنة ما قبل الحداثة كانت فرديتهم حاضرة ومتجذرة، ولكن بشكل مختلف تراعى فيه الضوابط الدينية والقيمية. فالفرد يحقق فردانيته ويصعد في السُلّم الاجتماعي بمدى التزامه بهذه الضوابط؛ فالإسلام كدين عالمي يحثّ على طلب العلم ويعتبرهُ فريضة على كل مسلم ومسلمة، لتنهض أممه وشعوبه، والإسلام يكرّم العلماء ويجعلهم ورثة الأنبياء لأنّ الحرية الفكرية كانت مقبولة. إنّ الإسلام والموروث الثقافي للحضارة الإسلامية بصفة عامة هو ما جعل الشعب الأوروبي على المضمار الحضاري، لتركض فيه بلا جامح أو كابح. فبينما كانت الحضارة الإسلامية تموج بديار الإسلام من الأندلس غربا لتخوم الصين شرقا. في عهد الدولة الأموية كانت أوروبا وبقية أنحاء المعمورة تعيش في جهل وظلام حضاري لتتحوّل الحضارة الإسلامية بفعل الفهم المغلوط للإسلام وتشويه الغرب لمبادئه واستثماره بصفة معكوسة إلى حضارة عنف ودمار.


[1] تقرير صادر عن المركز التونسي للبحوث والدراسات حول الإرهاب يحمل عنوان الإرهاب في تونس من خلال الملفات القضائية، تونس، 2016، ص 120

[2] محمد الغيلاني، سؤال الدين والتدين في المجتمعات العربية، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، المغرب، 2014، ص 12

[3]مقابلة مع م. ص، سيدي علي بن عون، 18/03/2017

[4] هناك قاعدة مهمّة في الفقه الإسلامي، وهي درء الحدود بالشبهات بقول الرسول: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإنّ وجدتم للمسلم مخرجا فخلّوا سبيله، فإنّ الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، وهي قاعدة نلاحظ غيابها شبه التام عن الحركة السلفية وتحديدا الشق الذي يتبنى الجهاد آلية للتغيير عبر التركيز الكبير على الحدود واعتبارها في كثير من الأحيان الأساس الأول الذي تنبني عليه الشريعة الإسلامية.

[5]مقابلة مع ن.و، مقابلة شخصية، 25/03/2017

[6] راكان عبد الكريم، هندسة الإقناع في الاتصال الإنساني مكتبة دار جدّة، السعودية، 2012، ص 18

[7] المرجع نفسه، ص 24

[8] المرجع نفسه، ص 85

[9] المنصف ونّاس، الشخصية التونسية: محاولة لفهم الشخصية العربية، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2014، ص 277

[10] Pierre Bourdieu, Questions de sociologie, éditions minuit, Paris, 1984, p: 80

[10] عبد الحكيم أبو اللّوز، السلفية في المغرب: النشأة والامتداد والعمق الاجتماعي، مركز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث، المغرب، ص