سنن التغيير في الإسلام وفي نماذج من التفكير الإسلامي


فئة :  أبحاث محكمة

سنن التغيير في الإسلام وفي نماذج من التفكير الإسلامي

ملخّص الدراسة:

يمكننا القول إنّ حكمة التغيير في المنظومة الدينيّة الإسلاميّة والقرآنيّة تحديداً مندرجة في خمسة محاور كبرى؛ يتعلّق أوّلها بالإيمان المخيّر، ويرتبط عنصرها الثاني بالعقل المتدبّر والمدبّر، ويتأسّس العنصر الثالث على العلم النافع في الدارين العاجلة والآجلة، بينما يرتبط العنصر الرابع بالعمل المتولّد منه الكسب والأمل، ويتعلّق العنصر الخامس جدليّاً بالعناصر السابقة، باعتباره مجموعة القيم الأخلاقيّة الكبرى التي دونها ينزل الإنسان إلى درك الحيوان والبهيمة. وقد اخترنا المفكّر السوري جودت سعيد - الذي يعدّ من أبرز دعاة تيار "اللاعنف" في العالم الإسلامي- نموذجا ركزنا عليه مقاربتنا لمسألة التغيير في الفكر الإسلامي المعاصر، إضافة إلى بعض أعلام الاجتهاد في تونس، أمثال عبد العزيز الثعالبي ومحمد الطاهر بن عاشور والطاهر الحداد.

يعتقد المفكّر السوري المذكور آنفاً، أنّ أصل جميع المشكلات التي تنخر كيان العالم الإسلامي إشكال فكري بالأساس. وقد اصطلح على تسميته بـ"أمّيّة الأفكار" و"عمى الفكر"، وهو لا يخصّ بهذا الموقف لفيف الأمة؛ أي العامة فحسب، مثلما قد يتبادر إلى الذهن، وإنّما يقصد أساساً القادة سواء ما يسمّى منهم بـ"قادة الفكر" أو بـ"قادة الرأي العام والسياسة". وقد أولى في هذا المضمار مسألة التاريخ قيمة محوريّة متعدّدة الأبعاد. تجمع بين الحضارة والحقيقة والزمن الحضاري والمنجز الإنساني بجميع أشراطه. ومن هذا المنظور، يؤكّد المفكّر السوري تلازم تحرير الإنسان المسلم مع تحرير التاريخ من إكراهات الماضي والحاضر معاً امتثالاً لنداء المستقبل، بيد أنّ تحرير التاريخ الإسلامي لن يتمّ إلاّ إذا تمّ النظر إليه على أساس السنن.

أمّا المجتهدون التونسيّون، أمثال الشيخ عبد العزيز الثعالبي، فقد تفطّنوا منذ أوائل القرن الماضي إلى خطورة التوظيف الأيديولوجي والسياسوي للإسلام. وقد حفظ التاريخ قولة الثعالبي التالية: "أيّها القرآن كم من جرائم ترتكب باسمك". إضافة إلى قضايا تجديد التعليم الديني وتحرير المرأة مع ابن عاشور والحداد.

لقد أثبتت جميع المصادر التي انطلقنا منها في تدبّر إشكالية سنن التغيير أنّ الإسلام، ممثّلاً في القرآن الكريم وسنّة الرسول الجليل، أكرم الإنسان بقيمة العقل والرشد الذي أهّله لخلافة الله في الأرض، وما يعنيه الاستخلاف من عمل دؤوب وسعي متواصل لترقية سلوك الإنسان وتوجيه التاريخ بما يتوافق مع واجبات تلك الأمانة ومقتضياتها. وإذا كانت اليوم قد برزت بعض التيارات"الفروعيّة" التي لا تعي معنى سنّة الله وسنن التاريخ، فإنّ المشكلة ليست في الدين، وإنّما في كيفية تمثّله وطرق تدبّره. إضافة إلى سطوة الأيديولوجيا وسحر الجاه والسلطة والمذهبية. وقد نبّه الخطاب القرآني إلى حقيقة أزلية خالدة رافقت، وسوف تظل ترافق مسيرة الإنسان الوجوديّة، وهي أنّ مفتاح التغيير الإيجابي وأساسه عنوانه النفس والذات أوّلا.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا