صـورة الإســلام والمسلمين فـي المتخيّـل الأوروبـي فـي القرون الوسطى


فئة :  مقالات

صـورة الإســلام والمسلمين فـي المتخيّـل الأوروبـي فـي القرون الوسطى

صـورة الإســلام والمسلمين فـي المتخيّـل الأوروبـي فـي القرون الوسطى([1])


مقدّمـة:

اختزنت الثقافة الغربيّة منذ القديم تصوّرات عن الإسلام والمسلمين تعود إلى بداية ظهور الدعوة، وما تبعها من تمدّد الدين الجديد في الشرق البيزنطي (مصر وبلاد الشام) ومن ثمّ إلى القارة الأوروبية، بعد اكتساحه لشبه الجزيرة الأيبيريّة وتهديده ببسط النفوذ على جنوب أوروبا.

وإنّ استشعار الخطر القادم من الشرق قد دفع مؤرّخي الغرب الأوروبي إلى الترويج لفكرة تقوم على اعتبار ظهور الإسلام، غضبا إلهيّا مسلّطا على عالم مسيحي لم يعد متمسّكا بدينه، وقد نهض المؤرّخون البيزنطيّون بالخصوص، بمهمّة التسويق لهذه الفكرة، حيث قاموا بدور بارز في تدعيم الجهل بالإسلام وعقيدته، وعملوا على تغذية المخيال الأوروبي – على المستوى النفسي- بكمّ كبير من التشويه عن الإسلام ونبيّه[2]

ولعلّ تأصّل هذه الفكرة في الذهنيّة الغربيّة قد أوجد سيكولوجيّة عامّة كارهة للإسلام وأهله، تراه عدوّا لا سبيل إلى التعامل معه، باعتباره دين عنف وقسوة ودمويّة[3].

هكذا، ومنذ البدء يتضح أثر التراكمات التاريخيّة في تشكيل طبيعة العلاقة بين المسلمين والنصارى، وفق صور نمطيّة رسمها كل طرف للآخر، تعود جذورها إلى فترات زمنيّة سابقة بلغت مداها مع الصليبيّات، وعبّرت عن نفسها بوضوح أكثر من خلالها.

وإنّ استقراء هذه الصور النمطيّة وتفكيك أبعادها قد مكّن من فهم لحظة الصراع بين الطرفين، وهي لحظة فارقة في التاريخ الوسيط، بحكم ما ترتّب عليها من نتائج، لعلّ أهمّها تراجع الحضارة العربية الإسلامية وانحراف مسار التطور الحضاري منها إلى الغربي المسيحي من جهة، كما مكّنت من النبش في الذاكرة لربط هذه الصور (لدى الجانب الأوروبي تحديدا) بالمرجعيات والروافد التي منها تغذّت من جهة ثانية.

1- الصورة النمطيّة للإسلام والمسلمين في المخيال المسيحي:

لقد وجد الغربيون على مدى العصور الوسطى في الإسلام والمسلمين مادة خصبة، حبّروا في شأنها الكثير، كثرة ساهمت في إيجاد نموذج نمطيّ متخيّل، بات من ثوابت التوجّه المسيحي لا يتزحزح عنها، وقد يعود هذا إلى أنّ الأوروبي، كما صرح برنارد لويس Bernard Lewis "هو الأكثر تعصّبا تجاه المسلم"[4]. وحَسْبُنا قراءة متأنية لمدوّنات المؤرّخين والرحّالة المسيحيين ممّن عاصروا الحروب الصليبية لنقف على استنتاج مهم، وهو أنّ هذه المدونات أو أغلبها، صادرة عن شعور بالعداء للطرف المسلم، فجاءت متخمة بالنعوت المنفرة من المسلمين من قبيل وصفهم بـ"الجنس الشرير" و"أعداء الله" و"البرابرة الوثنيين" و"القتلة" و"سفاكي الدماء" و"أتباع الشيطان"[5] و"الأمم النجسة"[6] وغير ذلك من العبارات التي زخرت بها قواميس القذف والشتم في تلك المرحلة.

إن هذه اللهجة المتشنجة لا يمكن أن تكون وليدة الفترة الصليبية وحدها، بل هي رجع لصدى الماضي الذي يعود بنا إلى بداية تشكّل الظاهرة الإسلامية، وصور التعامل المسيحي معها. فعندما تحوّل العرب من الوثنية إلى الإسلام في القرن السابع الميلادي لم تكن أوروبا في بادئ الأمر، تلحظ ذلك التحول، ويبدو أنه لم تطرح إلا أسئلة قليلة عن هذا الدين الجديد وأتباعه الذين اعتبرتهم المسيحية غير مختلفين عن بقية الشعوب البربريّة الأخرى، وأن دينهم لا يتجاوز كونه تعبيرا عن "هرطقة"[7] مسيحية جديدة، ولذلك، فليس ثمة حاجة تدعو إلى المزيد من المعلومات عنهم في هذا الوقت المبكر[8].

لقد اختزلت خطبة البابا "أوربانوس الثاني"Urbanus II (1042-1099) في مدينة "كليرمونت" الفرنسية سنة 1095م[9] الصورة التي يحملها المخيال المسيحي عن الإسلام والمسلمين، وهي صورة تشكلت بالتدريج عبر الزمن حتى اكتملت أبعادها عشية الحادثة الصليبية، وقد كان من الضروري تبسيطها وإعطاؤها طابعا نمطيا عدائيا، مع تنامي الحاجة إلى إشباع نفسي لدى الشارع الغربي الذي وقعت تعبئته بشكل أصبح معها راغبا في صورة تبيّن الصفة الكريهة للإسلام، عن طريق تمثيله بشكل فجّ على أن تكون في نفس الوقت مرسومة بشكل يرضي الذوق الأدبي الميّال إلى كل ما هو غريب مستهجن.

وهكذا، حدث أن الكتّاب اللاتينيين الذين أخذوا على عاتقهم بين العام 1100 والعام 1140م إشباع هذه الحاجة لدى الإنسان الغربي، قد عمدوا إلى توجيه اهتماماتهم نحو إطلاق أوصاف عدائية على المسلمين، تنتمي كلها إلى معجم القذف والشتم والسخرية مثل "السراقنة[10] Saracens" و"الوثنيين Pagans" و"الكفار Infidels" و"المحمديين Mouhammadans" ... إلى غير ذلك من النعوت والأوصاف التي لم يرد ضمنها على الإطلاق لفظ "المسلمين Musulmans".

و لقد قدّر لهذه الصورة أن تتجاوز حدود التدوين التاريخي، لتصبح مادة مطلوبة لكثير من الأعمال الأدبية الفلكلورية والقصص البيزنطيّة، هدفها الوحيد إثارة اهتمام القارئ بالعرض المشوّه للعقيدة الإسلامية، بل إن الملاحم قد وصلت - في علاقة بهذا الهدف - إلى أعلى ذرى الابتكارات الخياليّة، فقد اُتُهم المسلمون بعبادة الأوثان، وكان محمد في عرف تلك الملاحم صنمهم الرئيسي، واعتبره معظم الشعراء البيزنطيين كبير آلهة المسلمين، تقام له تماثيل ضخمة تصنع من مواد غنية وذات أحجام هائلة[11] ولدينا وصف معبّر للمسلمين، رسمته كلمات المؤرخ الصليبي فوشيه دى شارتر Foucher De Charters (1055/1060-1127) الذي كان شاهد عيان لمعظم أحداث الحملة الصليبية الأولى، وهو وصف معبر عن رؤية المصادر الغربية عموما في ذلك الوقت المبكر من أدوار الصراع الصليبي الإسلامي، يقول: "كانوا (ويقصد المسلمين) يبجّلون معبد الرب تبجيلا عظيما ويفضّلون تلاوة الصلوات فيه، غير أن هذه الصلوات كانت تضيع سدى لأنها تقدّم إلى صنم أقيم هناك"[12].

والثابت أن هذا المؤرخ قد خلط بين الاحترام الذي كان المسلم يكنّه لمسجد قبة الصخرة (معبد الرب في التسمية الصليبية) وبين العبادة فيه بإقامة الصلوات، وتلك مغالطة، الغاية منها التشويه الذي جاوز حدّه، بتعمد الطرف المسيحي الترويج لفكرة أن المسلمين لم يكن لهم دين يدينون به، من ذلك إشارة فوشيه دي شارتر سالف الذكر والذي ردد في أكثر من موضع في كتابه "يا له من عار على المسيحيين أن يلومنا مَنْ لا دين لهم على ديننا"[13] كما نستحضر قوله في حيّز آخر "يا له من عار إذ قام جنس خسيس مثل هذا الجنس (يقصد المسلمين) جنس منحلّ تستعبده الشياطين بهزيمة شعب يتحلّى بإيمان عظيم"[14].

إن هذه القسوة التي تميز بها المسيحيون في الأدوار الأولى من الحروب الصليبية تعبير عن المستوى الحضاري المتعصب الذي عاشه مجتمع أوروبا في تلك المرحلة، حيث تمّ شحذ أذهان الناس بأن المسلمين ليسوا أهل دين وما محمد نبيهم إلا "ذاك الشخص المثير للجنون، وعد أصحابه بالملذات الحسية من مأكل وجنس...وحتى كلامه عن قوى روحيّة لم يستند إلى وقائع برهانية قويّة، بل هي ثرثرات يفندها العقل البشري البسيط...ما هو إلا شخص جاب بسيفه كاللصوص ربوع الصحراء، حيث خشيته الشعوب هناك، مستهزئا بقصص وثرثرات ما قبل النوم المأخوذة من حكايات العهد القديم"[15].

ولم تكتف المخيلة المسيحية بتضخيم عقيدة المسلم وتشويه سلوكه ونمط حياته، بل أضافت إلى ذلك اعتبارات سيميولوجية تتعلق بلونه وهيأته، إلى درجة كثفت فيها صورة المسلم في العصر الوسيط مخاوف اللاوعي الجمعي المسيحي لإنتاج ردود فعل رافضة للإسلام في كليته، وخلق شروط التعبئة النفسية لمحاربته.

تلك تصورات نراها مزيجا بين العنصرية والانغلاق على الذاتية تجاه الآخر، معتنقي عقيدة محمد وقد تم تصويرهم على أنهم أناس أغبياء يعيشون في الفيافي يتقاتلون فيما بينهم، جاهلين بعقيدة الرب المسيحي.

والواقع أن هذه الصورة التي تمثلتها أذهان العامة من المسيحيين رجع صدى للدعاية المحمومة التي قادتها البابوية أثناء الحروب الصليبية، على أن أخطر ما فيها إسهامها في تأبيد الموقف النافر من الإسلام والمسلمين حتى أيامنا هذه. ومع ذلك لا يمكن الجزم بأن مرجعياتها اعتبارات دينية محضة، أو مدّ وجزر عسكريين فقط، لأن المدى الزمني الطويل الذي تشكلت فيه هذه الصورة لم يكن خاضعا لحسابات المؤسسة الكنسية وحدها وهو ما يفسّر عدم قدرة المخيلة الغربية، وربما عدم رغبتها في تجاوز الأحكام المسبقة عن الإسلام والمسلمين، رغم الاقتناع بحجم التشويهات التي اتصفت بها.

2- الروافد والمرجعيات:

في العصور الوسطى، استثمر الغرب المسيحي كل الوسائل الكفيلة بتكوين متخيل جمعي يعلي من شأن الذات، ويقدم الآخر في أشكال منتقصة شيطانية، محفزة على الإيمان بعدوانيته وشراسته إلى الدرجة التي يصل فيها الاعتقاد بأن مواجهة الإسلام "حرب على الظلام قصد إشاعة الأنوار"[16].

وسواء أكانت هذه العملية "إيديولوجيا" أو "دعاية" فإن ما أثار الانتباه عند الباحثين المهتمين، استعمالهم الكبير لقاموس المتخيل أو المخيلة، أو الإدراك، أو الصورة النمطية، وهو ما يضعنا مباشرة في قلب الإشكالية التي تحركنا منذ البداية باعتبار ما للمتخيل من دور حاسم في تشكيل النظرة الغربية القروسطية للإسلام والمسلمين. فإذا كانت الحضارات تنتصر – كما يزعم فرنان بروديل Fernand Braudel (1902-1985) لأنها تعرف كيف تمارس كراهيتها للآخرين، فهل يصحّ القول حينئذ، بأن التشويه الذي تعرض له الإسلام من طرف الأوروبيين عبّر عن حاجة ضروريّة "للتعويض عن شعورهم بالنقص"[17]. بمعنى هل أن التعبئة المسيحية حين قرنت الإسلام بالظلام والمسيحية بالنور، زرعت في الوجدان المسيحي الشعور بضرورة الانتصار على النقص لهزم الظلام الإسلامي؟ الجواب في هذه الحالة، أنه مهما كانت قوة الإسلام والمسلمين فإن المسيحيين من جهتهم قد ترسّخت لديهم القناعة بتفوقهم بفضل دينهم[18] ومن ثم فإن الصورة المشوهة عن الإسلام يتعين النظر إليها بأنها "إسقاط للجانب المظلم في الشخصية الأوروبية"[19].

إن التصور المسيحي للإسلام، أو ما يمكن لنا التعبير عنه بالوعي الضدّي بالآخر جاء نتاج الأدبيات التي وضعها رجال الكنيسة، وعلماء الكلام، والمؤرخون، والدعاة، لسبب بسيط وهو أن الرهبان والكهان وموظّفي الكنيسة الكبار هم الذين يدعون امتلاك مفاتيح المعرفة، وبعهدتهم وحدهم تناط تربية المؤمنين بكتاباتهم ودعواتهم[20].

في هذا السياق يشير "أليكسي جورافسكي Alex Georavsky" إلى أن تعرّف أوروبا على الكتابات الدينية والجدليّة المناهضة للإسلام قد مرّ عبر النموذج البيزنطي بالدرجة الأولى[21]، أي أنه مهما كان دور المسيحيين الشرقيين في التمهيد لعناصر الصورة المسيحية عن الإسلام فإن الوساطة البيزنطية أعطت لكثير من هذه العناصر بعدا ينشّط المخيلة ويحرّك الوهم أكثر مما يستدعي النظر العقلي الهادئ. وإن الإطار المرجعي لهذه الوساطة البيزنطية تمثله الأعمال التي تركها يوحنا الدمشقي John de Damas Jean Damascéne /(676م - 749م)[22] وكان الإسلام موضوعا لها.

● مقولات يوحنا الدمشقي رافدا من روافد المتخيّل:

لئن كانت نشأة يوحنا الدمشقي في بيئة عربية بيزنطية وإسلامية، فإنه ساهم بقدر مهم في إثراء الجدل الكلامي بين الإسلام والمسيحيّة، وإضفاء نوع من "العقلنة" على نمط المناظرة الذي دار حول قضايا لاهوتية بين علماء الكلام المسلمين وعلماء اللاهوت المسيحيين.

غير أننا نشير إلى أن يوحنا الدمشقي ساهم بشكل تأسيسي في رسم بعض ملامح المسلم، ذلك أنه حاول التشكيك بكون الإسلام دين إبراهيم من خلال وصفه المسلمين على نحو لا يخلو من مخاتلة بـ "السرااقنة"، فهو أول كاتب بيزنطي استخدم هذا التشويه الإيتمولوجي لأغراض الجدل العنيف وتحفيز الذاكرة، كما وصف المسلمين بـ "المفسدين"، وصوّر من جهة ثانية النبي محمدا على أنه واحد من "أتباع بدعة أريان" وبأنه استقى من الآريانية[23] Arianisme العقيدة التي تفيد بأن "الكلمة" و"الروح" لا يعدوان كونهما مخلوقين لله، واقتبس من النسطوريّة Nestorianisme[24] ما يتعلق بعدم تأليه الابن المتجسّد[25]، كما اعتبر يوحنا القرآن نتاجا "لأحلام اليقظة" والنبي محمدا "شخصا مضللا" وينتقد بقوة ما يعتبره "معاملة لا تليق بالنساء من قبل المسلمين"[26] ثم ينتهي معددا أهم الممارسات والمحظورات في الإسلام على الشكل التالي: الختان، عدم اتخاذ يوم السبت للراحة والعبادة، إلغاء المعمودية، إحداث تغيير في محرّمات الطعام ومنع شرب الخمر[27]. وبغض النظر عن التأثير الذي كان ليوحنا الدمشقي على المناخ الجدلي الكلامي الإسلامي، أو عن انتمائه "السامي" و"ثقافته السوريّة" أو حتى الاحترام الذي تمتع به من قبل المسلمين والمسيحيين، فإن هذا الرجل في نظر بعض الباحثين قد ناقش الإسلام "باعتباره بدعة"[28] بل إن "التصورات المتكونة عن الإسلام كبدعة مسيحيّة مرتدّة ومنشقّة، وعن محمد كنبيّ مزيّف انتقلت من سوريا إلى البيزنطيين ومنهم إلى الأوروبيين عبر شخصه"[29].

إن المتخيّل المسيحي في الزمن الوسيط قد بلور الصورة التالية عن الإسلام: "إنه عقيدة ابتدعها محمد، تتسم بالكذب والتشويه المتعمد للحقائق، إنه دين الجبر والانحلال الخلقي والتساهل مع الملذات والشهوات الحسية، إنها ديانة العنف والقسوة"[30].

يُرجع الدارسون عنف الأحكام المتخيلة على الإسلام إلى طبيعة الشغف الإسلامي وما تولد عنه من إرادة القوة المتطلعة إلى انتزاع مناطق شاسعة من السيطرة المسيحيّة. ولم يمنع احتكاك المسيحيين الشرقيين بتحولات الواقعة الإسلامية وبنصوصها التأسيسيّة حرص الوساطة البيزنطية على تنشيط متخيل عدائي للإسلام أفضى إلى تكوين الصور النمطية المؤسسة للوعي واللاوعي المسيحي طيلة الزمن الوسيط"[31]

لقد خضعت هذه الصور النمطية إلى تطور خاص، تبعا لسيرورة المد الإسلامي، ولطبيعة النزاع الذي شهدته المنطقة المتوسطية وما جاورها بين الإسلام والمسيحيّة. ويجمع الباحثون على أن الإدراكات والصور الأولى التي كونتها المخيلة المسيحية عن الإسلام كانت باهتة وغامضة ولا تستند - باشتثناء حالات قليلة محددة مثل حالة يوحنا الدمشقي - إلى اطّلاع ومعرفة كافية بأصول الإسلام ونصوصه التأسيسيّة.

وفي كل الأحوال، فإن المسلمين شكلوا - ولمدة طويلة - بالنسبة إلى الغرب المسيحيّ "خطرا قبل أن يصبحوا مشكلة"[32]. وضمن جدلية المد والجزر هذه، والاحتكاك العنيف أحيانا، بدأت الصور المسيحية عن الإسلام تتحدد أكثر، دون أن يعني ذلك اقترابها أو مطابقتها للوقائع. فكلما توغّل الإنسان عميقا للبحث عن الأصول المباشرة لهذه الصور إلا صعب عليه التمييز بين ما هو واقعي وما هو متخيّل، بل إن البعد الأسطوري لهذه الصور يغدو حاسما في إعادة إنتاجها وتكريس معانيها في أعماق اللاوعي الجمعي، خصوصا أنها تعلقت بمنظومة دينية وثقافيّة تحمل كل عناصر الضدية بالنسبة إلى المسيحيّة.

إن ارتباط نمط الإدراك بالخلفيّة الدينية ينشّط لا محالة آليات المتخيل، ويجعل البعد الأسطوري يعيش حياة خاصة يغدو فيها الواقع بعدا يصعب القبض عليه، بل تصبح للأسطورة وظيفة تفسيرية لا يهم فيها إن كانت صائبة أو خاطئة، تعكس الواقع أو تشوّهه "مادامت قدرتها على التمثل تفرض ذاتها على الذاكرة الجمعيّة، وتجثم بكل ثقلها الواقعي على المستقبل.

هكذا، تساهم الأسطورة في تأسيس سلوكات في العمق، وبهذه الصفة تغدو مشاركة في الواقع[33].

3- مضامين الرؤية المسيحيّة القروسطية للإسلام:

نشير بدءا إلى أنّ العنف المتخيل والقسوة في الحكم على الإسلام والمسلمين قد استدعته شروط تنظيم الهجوم المضاد المسيحي على المد الجارف للتوسع الإسلامي، وهو تمدد كاسح شكل أكبر تهديد للوجود المسيحي في البحر الأبيض المتوسط، بل إنه أحدث قطيعة حاسمة بين المرحلة الرومانية التي كانت ترى في المتوسط مركز العالم والفضاء الاستثنائي للمسيحيّة وبين واقع جديد أعطى للعلاقات بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي أبعادا عميقة في العقل والوجدان، مما جعل المؤسسة الكنسيّة تشعر بحسرة لا متناهية على فقدان وحدتها الجغرافيّة والروحيّة.

وضمن هذا السياق، تندرج الحرب الرمزية والنفسية من خلال الانتقاص من كل مظاهر الواقعة الإسلامية نصوصا ونبيّا وحضارة وإنسانا، لإعادة بناء الوعي المسيحي بالذات، في سياق خلق صور قدحيّة للآخر، قصد التعويض عن الفقدان الكبير الذي أحدثه الإسلام في منطقة تعتبرها المسيحية مجالا حيويا منذ القديم. ولذلك عملت الظاهرة الصليبية بمراحلها المختلفة على "تكثيف الصور الأولى التي كونتها المسيحيّة الأوروبية عن الدين المنافس"[34]، وقد نجحت في ذلك إلى أبعد مدى لصدورها عن تأويلات وأخبار مغرضة ضد الواقعة الإسلامية تعكس بشكل ما، ذلك الشعور العميق بما سماه فرنان بروديل الكراهية.

إنّ أبعاد الصورة النمطيّة المشوّهة تمتدّ لتلامس أفقا تخييليا رحبا لم يضق به الوجدان المسيحي، بل استوعبه وتَمثَّله بشكل أرضى في داخله نزعة الحقد والتشفي. ونقتصر في عرضنا لهذه الأبعاد المشكلة لتلك الصورة على المسلّمات التالية:

  • الإسلام دين الوثنية: نسج الغرب المسيحي في الزمن الوسيط خطابا حول الإسلام تداخلت فيه المعلومة المنتزعة من سياقها وواقعها بالخيال المتدفق بالميل المقصود إلى التشويه، وتقديم الإسلام بكل الأشكال المتناقضة مع ماهيته وأصوله. ففي الوقت الذي نجد فيه الإسلام يتأسس على التوحيد قاعدة دينيّة ثابتة، نجد الخطاب المسيحي مراهنا على الترويج لما هو مناقض لهذه القاعدة بالذات، من خلال الادعاء بأن الإسلام ديانة وثنية تدعو إلى التعدد، ومؤسسها دجال وساحر ومنشقّ، وفي كل الأحوال لا يمكن أن تنطبق عليه صفات النبوة المشكوك فيها أصلا، لأن القول بأن محمدا أرسل إلى الناس لتصحيح التحريف الذي طرأ على اليهوديّة والمسيحيّة، وبأن كل ما هو جيّد في الإنجيل موجود في القرآن قول باطل لأن ذلك ينمّ عن "ادّعاء وجنون أكيد"[35].
  • الإسلام دين العنف: هو دين شعاره السيف والحرب والقتال، وهي صفات تمثل النقيض المباشر للمسيحيّة، إذ المسلم يتقدم إلى مساحة الإدراك المسيحي الأوروبي باعتباره رجلا محاربا، شرسا، متوحشا، يقوم بكل أنواع النهب والتنكيل خالقا بذلك وراءه تعاسة وشقاء لا يوصفان، فيصبح المسلم ممثلا لكل التعبيرات العدوانية، يحركه ميل قويّ للقتل حتى أصبحت القوة عنده، وعلى نطاق عام تقريبا، عنصرا مؤسسا للديانة الإسلامية وعلامة بديهية على الضلال[36].
  • الإسلام دين الشبقيّة: عمل رجال الكنيسة المسيحيين على بناء سيرة ذاتية للنبي محمد خاصة بهم، لعبت فيها المخيلة دورا حاسما في إنتاج الصور واختلاق الأخبار بدمج بعض التفاصيل القريبة من الصحة في قالب متخيل يجعل من التهويل والتضخيم قاعدة له، ومن توليد النفور والرفض غايته. فالنبي محمد عندهم رجل "شبقي" ينغمس في عوالم اللذة بشكل عبثي، يقول بتعدد النساء وبالتمتع بالحياة معهن، وفي العرف المسيحي الداعي إلى الورع والتقشف والتعالي عن اللذات والامتناع عن الزواج يمثل هذا السلوك قمة التفسخ والانحلال الأخلاقي، وهو ما استغله المسيحيون في كتاباتهم للتشكيك في نبوة الرسول، من منطلق إدراكهم بأن التحامل عليه، بما لم يثبتوه فيه بالدليل، أحسن وسيلة لنسف الإسلام، وتدمير صدقية رسالته، وزرع الشك لدى معتنقيه الذين يبقى الأمل في مشروعا تبشيريا قائما.

ولاستكمال المشهد، التجأت المخيلة المسيحية الغربية إلى استثمار كل أشكال التجريح والدعاية، وفي هذه الصورة كما في الصورتين السابقتين ينشط المتخيل بشكل لا حدود له قياسا إلى واقعيّة الأمور.

لقد نُعت المسلمون بكونهم يمارسون الشذوذ الجنسي، ولا يتورعون في جعل الجنس مسألة حيوية في علاقاتهم ووجودهم، وهذا ما يعبّر عن ضعفهم وعجزهم أمام غرائزهم وأهوائهم، فكيف لنبي ولمن اتبعه أن يدّعي الإتيان بمشروع إلهي وهو غير قادر على الترفع عن غرائزه البسيطة، والتحرر من إغراءات اللذة والحياة العابرة؟

خاتمــة:

إن الخطاب المؤسس للنظرة المسيحيّة للإسلام في القرون الوسطى ارتهن بقاموس لفظي كان فيه للوهم والمتخيل دور حاسم، فالوعي الضدّي بالآخر والإدراك القويّ للمنافسة، وما يفترضه ذلك من الاحتفاظ بالوجود ولّدا لدى المؤسسة الكنسيّة الشعور بضرورة القيام بردّ الفعل، فالتجأت من أجل تحقيق ذلك إلى كل الوسائل لشحن المتخيل الجمعي بالصور المضادّة للحقيقة المسيحية، سواء أقدمت هذه الصور في أشكال متخيلة تشوّه الإسلام باعتباره عقيدة، أو صورا كاريكاتوريّة تضخّم بعض الجوانب الواقعيّة، وتصوغها في قالب لا أخلاقي منفّر أو في صور انتقائيّة تجعل من بعض المواقف الإسلاميّة، ولا سيما في موضوع الجنس فرصة للتهويل لإنتاج ردود أفعال رافضة لهذا الدين، وخلق شروط التعبئة النفسية والمعنويّة لمحاربته.

 

المراجع:

- التميمي (عبدالملك خلف): "التبشير في منطقة الخليج العربي، دراسة في التاريخ الاجتماعي والسياسي" (دراسة منشورة على الإنترنت).

- جورافسكي (أليكسي): "المسيحية والإسلام"، ترجمة خلف محمد الجواد، سلسلة عالم المعرفة، الكويت 1996.

- حتّي (فيليب): "تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين"، ترجمة كمال اليازجي، دار الثقافة بيروت 1983.

- حماد (منى): "صورة المسلمين في المصادر اللاتينية للحملة الصليبية الأولى" مجلة أبحاث اليرموك، سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، مجلد13، العدد1، دمشق 1997.

- خيّاطة (نهاد): "الفرق والمذاهب المسيحيّة حتى ظهور الإسلام" دار الأوائل، دمشق 2002.

- الدعمي (محمد): "تحيز الغرب في قراءته للإسلام" مجلة الكلمة، العدد23، السنة6، ربيع 1999.

- ديورانت (وول): "قصّة الحضارة" طبعة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، بيروت/تونس 1998.

- ساهاس (دانيال): "الشخصية العربية في الجدال المسيحي مع الإسلام" مجلة الاجتهاد، العدد28، 1995.

- الشامي (أحمد): "تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى" الطبعة1، دار النهضة العربية، القاهرة 1985.

- عوض (محمد مؤنس): الرحالة الأوروبيون في مملكة بيت المقدس الصليبيّة" شركة دار الإشعاع للطباعة، القاهرة 1992.

- لويس (برنارد): "اكتشاف المسلمين لأوروبا" ترجمة وتقديم: ماهر عبد القادر محمد، المكتبة الأكاديميّة، القاهرة 1996.

- هنتش (تييري): "الشرق المتخيّل، رؤية الغرب إلى الشرق المتوسطي" ترجمة غازي برّو وخليل أحمد خليل، ط1، دار الفارابي، بيروت 2004

- Daniel (Norman): Islam et Occident, trad. Par: Alain Spiess, Ed, Du Cerf, Paris 1993.

- Jargy (Simon): Islam et Chrétienté, Ed: Labor et Fides, Généve 1981.

- Rodinson (Maxime): La Fascination de L’islam. Ed, La Decouverte, Paris 1989.

- Watt (Montgomery): L’Influence de L’Islam pour L’Europe Médievale. Ed. Librairie Orientaliste Paul Genthmer, Paris1974.


([1]) نشر في ملف بحثي بعنوان "الاسلام في الغرب"، إشراف بسّام الجمل، تنسيق أنس الطريقي.

[2] محمد الدعمي: "تحيّز الغرب لتصوراته في قراءة الإسلام" مجلة الكلمة، العدد23، السنة السادسة، 1999. (من الموقع الإكتروني للمجلة).

[3] أليكسي جورافسكي: "المسيحيّة والإسلام" ترجمة: خلف محمد الجواد، سلسلة عالم المعرفة، طبعة الكويت 1996، ص 87. وتعتبر الدراسة من أفضل ما كتب عن تطور الرؤية الأوروبية للإسلام في العصور الوسطى.

[4] برنارد لويس: "اكتشاف المسلمين لأوروبا" ترجمة وتقديم: ماهر عبد القادر محمد، المكتبة الأكاديمية، القاهرة 1996، ص 49

[5] منى حماد: "صورة المسلمين في المصادر اللاتينية للحملة الصليبيّة الأولى" مجلة أبحاث اليرموك، سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، مجلد13، عدد1، 1997، ص 259

[6] وردت هذه العبارة في خطبة البابا أوربانوس الثاني في مؤتمر كليرمونت المدينة الفرنسية سنة 1095، وهي خطبة اكتست بعدا حماسيا لاهبا الغاية منها تعبئة المسيحيين وتحفيزهم على محاربة المسلمين تخليصا للقبر المقدس/ للمزيد: أحمد الشامي، تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة 1985، ص 192

[7] الهرطقة: يطلق عليها أيضا لفظ الزندقة، وهي تغير في عقيدة أو منظومة معتقدات مستقرّة وخاصة الدين بإدخال معتقدات جديدة عليها أو إنكار أجزاء منها بما يجعلها بعد التغيير غير متوافقة مع المعتقد المبدئي الذي نشأت فيه هذه الهرطقة، وقد نشأت الهرطقة مفهوما في السياق المسيحي لكنها تنطبق في سياقات مختلف العقائد الدينية منها أو غيرها، وفي الإسلام تستخدم الزندقة أو البدعة للدلالة على ذات المعنى في سياق الجدل الكلامي بين مختلف الفرق.

[8] أول من بحث في هذا الموضوع هم المسيحيون الإسبان، وهي ريادة تحسب لهم لأسباب بديهية وهي أن سيطرة المسلمين على شبه الجزيرة الأيبيريّة دفعت هؤلاء الباحثين إلى إخضاع هذا الدين ومعتنقيه إلى الدراسة والتمحيص.

[9] اجتمع المجلس التاريخي بمدينة كليرمونت في مقاطعة أوفرني الفرنسية في نوفمبر من العام 1095م، وألقى البابا أوربانوس الثاني خطبة حماسية لاهبة عدّها بعض المؤرخين الأعظم في تاريخ العصور الوسطى، غايتها التعبئة والحشد لزحف صليبيّ مقدّس قصد تحرير أماكن الحج المسيحي من سيطرة المسلمين، ونقتطف من كتاب "قصة الحضارة" بعض ما جاء في هذه الخطبة: "على مَنْ إذن تقع تبعة الانتقام لهذه المظالم، واستعادة تلك الأصقاع إذا لم تقع عليكم أنتم، أنتم مَنْ حباكم الله أكثر من أي أقوام آخرين بالمجد في القتال وبالبسالة العظيمة وبالقدرة على إذلال رؤوس مَنْ يقفون في وجوهكم، ألا فليكن من أعمال أسلافكم ما يقوّي قلوبكم، أمجاد شارلمان وعظمته وأمجاد غيره من ملوككم وعظمتهم...فليثر همتكم ضريح المسيح المقدّس، ربَّنا ومنقذنا، الضريح الذي تمتلكه الآن أمم نجسة، وغيره من الأماكن المقدّسة التي لُوّثت ودُنِّست ..." لمزيد الاطلاع على ما ورد في نص الخطبة آنظر: وول ديورانت: "قصة الحضارة"، طبعة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، بيروت/ تونس 1998

[10] كثرت الآراء والاجتهادات في العصر الحديث حول تفسير معنى السراقنة والمقصد منها، فقد أرجعها البعض إلى أنها تعني "عبيد سارة" في إشارة إلى أن المسلمين هم من نسل هاجر زوجة النبي إبراهيم الثانية وكانت أَمَةً لدى السيدة سارة زوجته الأولى.

[11] محمد مؤنس عوض: "الرحالة الأوروبيون في مملكة بيت المقدس الصليبيّة"، ط1، شركة دار الإشعاع للطباعة، القاهرة 1992، ص 57

[12] المرجع السابق، ص 103

[13] محمد مؤنس عوض: مرجع سابق، 104

[14] المرجع نفسه والصفحة نفسها.

[15] أحمد الشامي: "تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في القرون الوسطى"، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة 1992

[16] W.Montgomery Watt; L’Influence de L’Islam Pour L’Europe Médiévale, Ed. Librairie Orientaliste Paul Genthmer; Paris 1974; P97.

[17] Ibid; P97.

[18] Ibid. P97.

[19] ibid. P97

[20] Simon Jargy, Islam et Chrétienté; Ed, Labor et Fides, Géneve 1981, P9.

[21] أليكس جورافسكي: "المسيحيّة والإسلام" ترجمة خلف محمد الجراد، سلسلة عالم المعرفة، الكويت 1996، ص 71

[22] يوحنا الدمشقي الملقب بـ" دقاق الذهب" لفصاحة لسانه، ولد باسم يوحنا منصور بن سرجون عام 676م وتوفي سنة 749م، يعتبر آخر آباء الكنيسة الشرقية بإجماع الباحثين، شكلت مؤلفاته مرجعا مهما لجميع لاهوتيّ القرون الوسطى، قضى حياة رهبانية نسكيّة طويلة وشاع نبأ قداسته في المسيحيّة الشرقية مبكرا. لمزيد الاطلاع على حياته وآرائه وآثاره، اُنظر: فيليب حتّي "تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين" ترجمة كمال اليازجي، دار الثقافة بيروت 1983، ص 116

[23] الآريانية، مذهب مسيخي ظهر في القرن الرابع الميلادي على يد كاهن من الإسكندرية اسمه آريوس (256م – 336م) يرى أن يسوع كائن فانٍ، وليس إلها بأي معنى وليس شيئا آخر سوى كونه معلما يوحى إليه، ومن الطوائف المسيحيّة التي تأثرت بهذه العقيدة "الوحدويون" طائفة منشقّة عن المعتقدات التقليدية في الديانة النصرانية، حيث لا تؤمن بألوهية المسيح ولا بالثالوث. ويعدّ آريوس من وجهة نظر الكنيسة الأرثودكسية هرطقيا أو زنديقا شكّل خطرا على العقيدة المسيحيّة طوال القرون العشر الأولى من تاريخ المسيحيّة. لمزيد الاطلاع، اُنظر: نهاد خيّاطة: "الفرق والمذاهب المسيحيّة حتى ظهور الإسلام"، دار الإوائل، دمشق 2002، ص 81

[24] النسطوريّة: نسبة إلى "نسطور" بطريرك القسطنطينية، وهي العقيدة القائلة بأن يسوع المسيح مكوّن من جوهرين يعبّر عنهما بـ "الطبيعتين" وهما جوهر إلهي هو الكلمة وجوهر إنساني بشريّ هو يسوع نفسه، وحسب النسطوريّة لا يوجد اتحاد بين الطبيعتين البشريّة والإلهية في شخص يسوع المسيح، بل هناك مجرد صلة بين الإنسان والألوهيّة. لمزيد الاطلاع، اُنظر: عبد الملك خلف التميمي: التبشير في منطقة الخليج العربي، دراسة في التاريخ الاجتماعي والسياسي، 1982، ص 81

[25] دانييل ساهاس: الشخصيّة العربيّة في الجدال المسيحي مع الإسلام" مجلة الاجتهاد، العدد28، 1995، ص ص 126- 127

[26] المرجع السابق، ص 128

[27] المرجع السابق، ص 129

[28] أليكس جورافسكي، مرجع سابق، ص 71

[29] المرجع السابق، ص 73

[30] المرجع السابق، ص 75

[31] لم تكن الكنيسة المسيحية منسجمة ولا موحّدة، حيث كانت هناك فوارق عقائديّة ومؤسسية كبرى بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الأوروبية إلى درجة أن زوج "شرق/غرب" كان يعبر عن المسيحية نفسها قبل أن تنهض شروط التعارض بينها وبين الإسلام، ولأن تأويلات مختلفة كانت تعتمل داخل العقيدة المسيحيّة، فإن ما يهمنا نحن هنا هو الصور المشتركة التي أنتجتها المخيلة المسيحية حول الإسلام.

[32] Maxime Rodinson: La Fadcination De L’Islam; Ed. La decouverte, Paris 1989, P35.

[33] تييري هنتش: "الشرق المتخيل، رؤية الغرب إلى الشرق المتوسطي"، ترجمة غازي برّو وخليل أحمد خليل، الطبعة 1، دار الفارابي، بيروت 2004، ص 14

[34] تييري هنتش: مرجع سابق، ص ص 35-39

[35] Norman Daniel: Islam et Occident , traduit par Alain Spiess, Ed Du Cerf,Paris 1993, P49.

[36] Ibid. P 151.