مآزق العقلانية الكونية


فئة :  ترجمات

مآزق العقلانية الكونية

مآزق العقلانية الكونية

الإبستمولوجيا اللاهوتية لابن حزم القرطبي([1])

بقلم: أدريان كونديار

هدى كريملي

ملخص:

من بين أسوأ الذكريات الحديثة العهد، في مجال العلاقات الإسلامية المسيحية، تلك المحاضرة التي ألقاها البابا بونوا السادس عشر يوم (12) أيلول/ سبتمبر (2006) في جامعة لشبونة أمام مجموعة من العلماء، والتي تحمل عنوان «الإيمان والعقل والجامعة: ذكريات وتأملات»[3]. ما زال الحاضرون يتذكرون أن هذا الدرس البارع المخصص للحديث عن العلاقات المتينة بالضرورة بين العقيدة المسيحية والعقلانية اليونانية، أثار استنكاراً حقيقياً في العالم الإسلامي: إذ استشهد البابا في تلك المحاضرة بحوار جدالي دار بين الإمبراطور البيزنطي مانويل باليولوج ومثقف فارسي[4]، اتهم فيه الإمبراطور محمداً بكونه لم يقدم لهذا العالم «إلا ما هو سيّئ ولا إنساني، مثل قراره نشر العقيدة التي يدعو إليها بالسيف». والحال أنّ العبارة التي لم يتبنّاها البابا؛ بل عَدّها «غير مقبولة من وجهة نظرنا»، أثارت انفعالات قوية، لكنها أخفت جوهر الاستدلال: كان البابا بونوا السادس عشر يريد أن يرفع من قيمة فرادة العقيدة المسيحية التي تفرض عليه طبيعة الله فيها أن يتصرف بعقلانية، بخلاف العقيدة الإسلامية التي لا تقيّد الله بتاتاً بهذا الالتزام. إن غياب العقلانية هذا لدى الله نتيجة تعاليه الكلي هو، في تقدير الإمبراطور، سبب نشر الإسلام البدائي بوساطة السلاح والغزو: فلما كان الله غير خاضع للعقل، فهو ليس في متناول تفكيرنا؛ ومن ثمّ لا طائل من السعي إلى إقناع معارض ما بوساطة حجج عقلانية، ويصبح الإكراه وسيلة أكثر فعالية وأكثر مشروعية لتغيير عقيدة الناس.

لقد استعاد البابا، وهو يحاول التأكيد على خصوصية مسيحية، تهمة شديدة الخطورة موجهة ضد الإسلام دون أن يتوقف عندها: إذ أعلن لاعقلانية الله، ومن ثَمَّ مشروعية العنف الديني. فأسس البابا بونوا السادس عشر، دون أن تكون له معرفة شخصية بمذاهب علم الكلام الإسلامي، تلك القناعة على ملاحظة لناشر النص ثيودور خوري تقول: «إن الله بالنسبة إلى العقيدة الإسلامية، على عكس [العقيدة المسيحية]، مطلق التعالي، وإن إرادته لا صلة لها بأية مقولة من مقولاتنا حتى ولو كانت معقولة». وقد عزّز الناشر نفسُه هذا التأكيد الذي يبدو قطعياً حول «العقيدة الإسلامية» بالإحالة إلى واحد من علماء الكلام المسلمين هو ابن حزم القرطبي (384/456ه؛ 994/1064م)، اعتماداً على باحث فرنسي في الإسلام ينتمي إلى النصف الثاني من القرن العشرين هو روجي أرنالديز الذي يرى أن ابن حزم «ذهب إلى حدّ القول إنّ الله ليس ملزماً بالتقيد بكلمته الخاصة، ولا شيء يلزمه بكشف الحقيقة لنا. فإذا كانت تلك إرادته وجب على الإنسان أن يكون وثنياً»..

للاطلاع على الملف كاملا المرجو الضغط هنا

_______________________________________________________________

[1]- النص الأصلي:

Adrien Candiard, «Les impasses d’une rationalité universelle», MIDÉO, 32, 2017, 245-264

أود أن أتوجه بشكري الصادق إلى الدكتور حسن احجيج على تفضله بمراجعة هذه الترجمة.

[2]- مترجمة من المغرب.

[3]- توجد الترجمة الفرنسية الرسمية لمحاضرة البابا في الموقع الآتي:

http://w2.vatican.va/content/benedict-xvi/fr/speeches/2006/september/documents/hf_benxvi_spe_20060912_university-regensburg.html

[4] - استعمل البابا بونوا السادس عشر الطبعة المزدوجة اللغة (يونانية-فرنسية) للنقاش السابع من هذه النقاشات الذي نشره ثيودور خوري:

Manuel II Paléologue, Entretiens avec un Musulman. 7ème controverse.