الدين من منظور فلسفي

فئة: المشاريع البحثية السابقة

الدين من منظور فلسفي

تعتزم مؤسسّة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث الإشراف على نشر أعمال علميّة، ينجزها أساتذة وباحثون جامعيّون حول "فلسفة الدين"، ترجمة وتأليفا. وفي سياق إيضاح المشروع، نقدم في هذه الورقة:

- الإشكالية العامة.

-موضوعات المشروع البحثي

- مناهج الاشتغال في المشروع.

- بريد المراسلة.


الإشكاليّة العامّة:

انشغل التفكير الفلسفي - في مختلف لحظات صيرورته وتطوره - بمسألة الدين، قصد ضبط محدداته وتأويل مفاهيمه ودراسة رمزية طقوسه... بيد أنه من الملحوظ أن أشكال وأنماط تأويل هذا التفكير تباينت بتباين شروط اللحظة الثقافية التي مورس فيها، فتعددت تبعا لذلك شروط وكيفيات المقاربة، وكذا نواتجها؛ وهكذا نلحظ في السياق الأوربي أنه:

إذا كانت اللحظة اليونانية قد شهدت على مستوى الكَيْفِ المنهجي تجاوزا لآلية السرد التي كانت أداة الخطاب في الميثولوجيا الدينية الإغريقية، فقدمت الفلسفةُ الاستدلالَ العقلي كآلية بديلة عن الحكي، ونادت مع أنكساغور وكزينوفان وسقراط وأنتيسطين وأفلاطون وأرسطو... بوجوب نقد القيم التي ألصقت بمفهوم الألوهية عند هوميروس وهيزيود...

وإذا كانت القرون الوسطى سادها منذ بدايتها نمط التعالق التوفيقي الذي تبدى منذ أولى إرهاصات تبلور الفكر الوسطوي مع فيلون وأفلوطين، ليتمظهر لاحقا بوضوح مع تنظيرات بونافونتورا، وإكهارت...

فإنه مع تأسيس الحداثة، وميلاد نمط المجتمع الصناعي، أقام الفكر الفلسفي علاقة نقدية "جديدة" مع الميراث الثقافي الديني، تتجاوز النقد الجزئي لصفات الألوهية التي ركز عليها الفكر الفلسفي الإغريقي في تناوله لصورةالإله في السرد الميثولوجي، كما تتجاوز نمط العلاقة التوفيقية، التي ركز عليها الفكر الوسطوي؛ حيث تطور الوضع في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ليتخذ "ظاهريا" شكل القطيعة؛ فلم ينحصر في مراجعة فيلولوجية أو معرفية للمفاهيم الدينية، بل تخطى ذلك إلى محاولة تمديد الموقف النقدي إلى الإيمان الديني عامة.

وإنه لدال أن يكون توقيت ظهور مصطلح "فلسفة الدين" هو هذا القرن نفسه الذي يؤشر على نقلة جديدة في النظر إلى المسألة الدينية، مغايرة للنظرة اللاهوتية التي سادت من قبل.

وإذا كان القرن الثامن عشرقد اقتصر – في عمومه – على نقد الدين في طبعته اللاهوتية الكنسية، ونادى بدلا عنه بـالدييزم، كطريقة لتحرير مفهوم الألوهية والإيمان بها من أشكال التأطير الديني التقليدي، فإن القرن التاسع عشر سيذهب – مع فيورباخ، والجدل الماركسي، والفكر الوضعي الكونتي، والجينيالوجيا النيتشوية ... – إلى محاولة نفي فكرة الألوهية من أساسها، بالتأسيس لبدائل تصورية تحاول التخلص من التفسير الديني للوجود وإقامة تفسير فلسفي/علمي بديلا عنه.

في هذا السياق، كان فيورباخ يبلور نقدا جذريا لمفهوم "الإله"، بالإشارة الى أنهخلق بشري، فقلب بذلك العلاقة الميتافيزيقية، جاعلا الأنثروبولوجي أصلا للماورائي. وخلال هذا البراديغم التجاوزي الذي هيمن على التفكير الفلسفي في مسألة الإيمان، كانت الفلسفة الوضعية مع أوجست كونت تنادي بقوانين المراحل الثلاث، محددة الإيمان الديني – في نمطه اللاهوتي – بكونه مرحلة قابلة للتجاوز والتخطي. وفي ذات السياق التجاوزي، قرأ نيتشه صيرورة تاريخ الفكر بوصفها انتقالا يؤذن بحدوث قطيعة جذرية، حيث أعلن "موت الإله". وقبله كان الفكر الماركسي بمنظوره المادي الجدلي قد قرأ نمط الفكر الديني كنتاج لتراتب النظام الطبقي، ومن ثم استشرف إمكان تجاوزه بالتأسيس للمجتمع اللا طبقي المرحلة الشيوعية.

لكن استشراف هذا التجاوز، ومحاولة النفي الجذري لنمط الإيمان الديني الذي شاع في فلسفات القرن التاسع عشر - مع ماركس وكونت ونيتشه- لم تخلص إلى إرساء بديل في التأويل الكلي للوجود، بل انتهت إلى أزمة المعنى وعدمية الدلالة. وإذا كان فكر القرن التاسع عشر، قد تنبأ بزوال نمط الإيمان الديني، فإن ما تلاه من تطورات فلسفية وثقافية لم تؤكد تلك النبوءات، حيث شهد القرن العشرون استعادة قوية لنمط الإيمان الديني عامة واللاهوتي خاصة، حتى أن مالرو سيعلن استشرافا مستقبليا مناقضا للاستشراف الوضعي والنيتشوي الذي ساد في القرن التاسع عشر، إذْ أن هذا الاستشراف الأخير، إنْ كان قد نظر إلى اللحظة التالية له بوصفها نهاية للدين، فإن استشراف مالرو كان مؤكدا لضرورة حضوره بدعوى "إن القرن الواحد والعشرين، إما أن يكون قرنا دينيا أو لا يكون"...

هذا على مستوى السياق الفلسفي والثقافي الغربي، أما على المستوىالتاريخي العربي، فإن سؤال العلاقة بين الدين والفلسفة طرح بقوة بعد القرن الثالث الهجري؛ أي بعد نشاط الترجمة الناقلة للميراث الفلسفي اليوناني. ونظرا لمحورية العلاقة، نجد أن كثيرا من المؤرخين اختزلوا مختلف الأنساق المعرفية التي أنتجها فلاسفة الإسلام في كونها مقاربات للتوفيق بين الدين والفلسفة.

وبصرف النظر عن إمكانية معاودة النظر في مدى صحة هذه المقاربة الاختزالية، فإنه لا شك أن مشروع الكندي والفارابي و ابن باجة وابن طفيل وابن رشد... كلها نظرت إلى الفلسفة بلحاظ يحاول تقريبها من الدين؛ لكسب جواز مرور الفكر الفلسفي الى المجال التداولي العربي.

فما قيمة محصول هذا اللحاظ؟

وما هي محدودية النظر التوفيقي الذي اشتغل به الفيلسوف العربي الإسلامي؟

وما حاجتنا اليوم إلى استعادة جدل الدين والفلسفة في الوضع الثقافي العربي الراهن؟

إذا قارنا بين مداخل التفكير الفلسفي في مسألة الإيمان، نلحظ خلال القرن العشرين تطور قراءة الفلسفة للدين على نحو فتح أفق التفكير في فهم الظاهرة الدينية على نحو جديد ؛ حيث تَبَدَّت قراءة تيليتش وبولتمان وليفيناس وبول ريكور ومحمد إقبال وفضل الرحمن وطه عبد الرحمن وعبد الكريم سروش... كأساليب تفكير جديدة تنظر إلى مسألة الإيمان بغير المنظار التجاوزي الجذري الذي ساد من قبل، وبغير المنظار التقليدي الذي قرأ به الفكر الديني التقليدي تلك المسألة. لكنفي مقابل هذه القراءة ثمة أيضا استمرار للقراءة الوضعية التي تنحو نحو تجذير فكرة التجاوز ... مما أثمر في واقع الفكرين الديني والفلسفي المعاصر حالة جدل وحوار تتعدد مداخله وتتنوع أبعاده.

وفي سياق هذا الجدل، نقصد إطلاق مشروع بحثي طموح يتقصد إعادةدراسة علاقة الدين والفلسفة على نحو جديد يتناسب مع احتياجات الإنسان في زمننا الراهن. مع فحص نقدي دقيق للمحصول التاريخي لهذه العلاقة .

وعليه، نقترح على السادة الأساتذة والباحثين التفضل بالنظر في المواضيع العامّة التالية. ونظرا لشساعة الموضوع وتعدد مداخله المنهجية، فإننا لا نحصر البحث في ما سنذكره، بل هي مجرد مقترحات، تؤشر على مساحة الحقل الموضوعاتي الذي نرغب في تشغيل الفكر في سبره.

موضوعات المشروع البحثي:

1- دراسة حصيلة النظر الفلسفي في المسألة الدينية في السياقين الثقافيين العربي والأوربي.

1-1: دراسة تطور البحث الفلسفي في الدين في السياق العربي الإسلامي.

1-2: دراسة تطور البحث الفلسفي في الدين في السياق الأوربي.

2- تحليل للأنماط المنهجية التي درست بها الفلسفة المسألة الدينية.

3- تحليل نقدي للمشاريع المعرفية الكبرى التي خصت الدين بنظر من مدخل منهجي فلسفي... مثل مشروع اسبينوزا، دفيد هيوم، كانط، هيجل، بن سينا، بن رشد، محمد إقبال، طه عبد الرحمن...

4- ما الدين من منظور فلسفة الدين؟

5- التحليل الفلسفي للمفاهيم المحورية للأديان: الألوهية، الوحي، النبوة، المعجزة، العبادة...

6- تطور الأديان، وعلاقته بالشروط الثقافية والسياسية ...

7- التعددية الدينية والحقيقة الدينية.

8- الدين والميتافيزيقا: هل تشكل الميتافيزيقا الصياغة العقلانية الضرورية للدين أم أنها تشكل بديلا عنه؟ وكيف يمكن بناء فلسفة للدين في الأفق ما بعد الميتافيزيقي؟

9- فلسفة الدين وعلم الكلام: هل يشكل علم الكلام فلسفة الدين في التقليد الإسلامي؟ وما هي علاقة الكلام بفلسفة الدين في العصر الإسلامي الوسيط (الفارابي، ابن سينا، ابن رشد...)؟

10- الدين ومدونة حقوق الإنسان المعاصرة: المرجعية اللاهوتية لمدونة حقوق الإنسان وأثرانحسار هذه المرجعية على الرؤية المعيارية للإنسان (موضوع أعمال هابرماس الأخيرة).

11- فلسفة الدين ونظريات العدالة المعاصرة (رولز، تايلور، هابرماس...)

12- ترجمة الأعمال الرئيسة في فلسفة الدين التي لم يتم تعريبها.

مناهج الاشتغال في المشروع:

على الرغم من أن موضوع المشروع البحثي مؤطر في القراءة الفلسفية للدين، فإن للباحث حرية اختيار المدخل المنهجي الذي سيؤسس عليه مقاربته للموضوع، ومن ثم فله كامل الحرية في الانفتاح على أي من مناهج العلوم الإنسانية بما يُجَوِّدُ طريقة معالجته لسؤالات البحث.

أصناف المشاركة في المشروع:

تتوزع المواد العلمية المشاركة في هذا المشروع البحثي إلى أربعة أصناف:

الصنف الأول: دراسة علمية لإحدى القضايا المقترحة في المحاور في حوالي 7000 كلمة إلى 12000 كلمة.

الصنف الثاني: قراءات وصفية نقدية في حوالي 2000 كلمة إلى 3000 كلمة لإحدى الكتب المرجعية أو الصادرة حديثا في سوسيولوجيا الإسلام.

الصنف الثالث: ترجمة إحدى الدراسات التي تتناول مواضيع المشروع بعد اقتراح ملخص عنها على اللجنة العلمية للمشروع، والموافقة على ترجمتها.

الصنف الرابع: اقتراح كتاب للإنجاز( مع خطة تفصيلية) أو تم إنجازه في حوالي 30000 كلمة إلى 50000 كلمة.

المواصفات الفنية لرقن الأبحاث:

الرجاء من الأساتذة والباحثين تقديم مقالات، تتراوح ما بين 40 صفحة حدّا أدنى و50 صفحة حدّا أقصى (12000-15000 كلمة)، وذلك وفق المواصفات التالية، حرصا على التوازن بين البحوث، وتسهيلا لجمع المقالات في عمل واحد لاحقا مع الشكر سلفا على التعاون والتفهّم:

أولاً: المتـن

-نسخ العمل العلمي بمسافة واحدة بين الأسطر، مع ترك مسافة (4) سم على الهامشين وكذلك مسافة (4) سم في أعلى وأسفل الصفحة.

-ينسخ المتن بخط آريل Arial عادي (14).

-إدخال بداية الفقرة (0.6) سم.

-المسافة الرأسية بين الفقرات تعادل (1.5) من المسافة بين السطور.

-المتن المتضمن كلمات أجنبية يجب أن ينسخ بخط تايمز عادى بحجم (12).

-في الفقرات المرقومة يجب أن تترك شرطة (-) بين الرقم والفقرة.

-في الفقرات المرقومة التي تتكون من أكثر من سطر يجب أن يبدأ السطر الثاني، وما يليه مع بداية المتن وليس مع الرقم.

ثانياً: العناوين

-ينسخ العنوان الرئيس بخط آريل Arial أسود (20).

-يوصف العنوان الفرعي بخط آريل Arial أسود (16).

-يوصف العنوان المتفرع (الأول) بخط آريل Arial أسود (14).

-يوصف العنوان المتفرع (الثاني) وما يليه بخط آريل Arial عادي (14).

ثالثاً: الجداول والأشكال

-ينسخ عنوان الجدول أو الشكل بخط آريل Arial أسود (14).

-ينسخ رأس الجدول بخط آريل Arial أسود (12).

-تنسخ بيانات الجدول بخط آريل Arial عادي (12).

رابعا: المراجـع

-توصف المراجع العربية في آخر البحث أو المقال بخط آريل Arial عادي (12).

-توصف المراجع الأجنبية في آخر البحث أو المقال بخط Times New Roman بحجم (10).

البحث في الوسم
منظور فلسفي الدين