اللّقاء الحواري الفكري حول: "محاكمة فيديريكو غارسيا لوركا"

فئة: أنشطة سابقة

اللّقاء الحواري الفكري حول: "محاكمة فيديريكو غارسيا لوركا"

احتضن مقرّ مؤسسة مؤمنون بلا حدود وجمعيّة الدّراسات الفكريّة والاجتماعيّة، بتونس العاصمة، يوم الأربعاء 20 فبراير الجاري، وفي إطار سلسلة "محاكمات الفكر شرقاً وغرباً"، لقاءً حواريّاً فكريّاً حول: "محاكمة فيديريكو غارسيا لوركا"، قدّمته الأستاذة أم الزّين بنشيخة المسكيني، وأدار اللّقاء الأستاذ نادر الحمّامي.

وافتتحت الأستاذة أمّ الزّين مداخلتها بلمحة عامّة عن شخصيّة غارسيا لوركا (1898-1936) التي تجمع بين الأندلسي والغجري والعربي، في إشارة إلى ولع لوركا بالحضارة العربيّة والشّرقيّة وقد ألّف عنها ديوان "تماريت" (ديوان العاشقة)، وبحثت في رجع أصداء ذلك لدى الشّعراء العرب المعاصرين الذين كتب معظمهم في رثاء لوركا قصائد مطوّلة، وقرأت من ثمّ بعضاً من قصيدة لمحمود درويش بعنوان "لوركا". وعرّجت على ما أسمته "سرديّة اغتيال لوركا" وتأثيرها في الكثير من الفنّانين والشّعراء الذين أعادوا تمثّلها في أعمالهم، فكانت قادحاً للإبداع العالمي في ثقافات متعدّدة، وعرضت أثر تلك السّرديّة في أصدقائه والمحيطين به، وقد تمثّلوها على أشكال مختلفة، وقرأت في هذا السّياق مرثيّة بابلو نيرودا له، وقد تمثّل مشهد إعدامه واقفاً. كما انتقدت في المقابل تجاهل بعض الأعمال النّقدية الأساسيّة والمرجعيّة في الجماليّات وتاريخ تلقّي الأفكار في فرنسا وألمانيا، لتجربة غارسيا لوركا الإبداعيّة في الشّعر والمسرح والموسيقى.

وقالت إنّ لوركا ينتمي إلى سلسلة عالميّة من الاغتيالات، بدأت مع نشأة الفكر الحر وظهور الإبداع الذي ينشد عالماً أفضل يستوعب إنسانيّة الإنسان، ولا يعترف بحواجز "الفاشيّة" والظّلم، وذكرت كيف اغتيلت الفيلسوفة اليونانيّة هيباتيا، التي سحلها العوام في الشّوارع وقطّعوا أوصالها وأحرقوا جسدها، وصولاً إلى القرن العشرين واغتيال المفكّرين والمبدعين من فنّانين وشعراء وكتّاب، مثل غسان كنفاني وناجي العلي وحسين مروّة، مروراً بذكر اغتيال عدد من الشّعراء العرب القدامى إلى جانب محنة ابن رشد وتسميم ابن باجة وغيرهم؛ وقالت إن تاريخ الاغتيالات طويل، ولا يمكن المرور عليه سريعاً، ولابدّ من تعميق النّظر فيه بالبحث والإحياء، واعتبرت أنّ "على المؤرّخين اليوم أن يؤرّخوا من جهة الضّحايا لا من جهة الجلاّدين، حتى يكون التّاريخ أكثر إنصافاً".

واعتبرت أنّ تجربة لوركا الإبداعية تُوقّع فنّ الشّعب، من منطلق اهتمامه بموسيقى الغجر، وأنّ "غارسيا لوركا هو أوّل من حوّل صورة الغجر من هامشيّن إلى مبدعين وأدباء"، وبوّبت تجربته ضمن رؤية جديدة ينتمي بها لوركا إلى "فنّ المقاومة"، باعتباره جزءاً من العالم وقد أراد أن يجدّد الجانب الرّوحي في الشّعوب، وقد نُعت لذلك بأنّه "روح إسبانيا"، وقد خاطب تلك الرّوح في شعره، وحاول إحياءها من خلال تعابير الموت والحب والأغاني الغجريّة العميقة، وقالت إنّه شاعر الشّعوب، وليس شاعر الأفراد، وأنّه غادر الخطّة التّأويليّة للحداثة الجماليّة الغربيّة من أجل أن ينادي بصرخة مغايرة لم تتلوّث بمصالح البرجوازيّة، وعبّرت عن ذلك بالقول: "ثمّة انتقال في شعر لوركا من مستوى الصّوت إلى مستوى الصّرخة الغجريّة الجريحة".