سيمنار حول موضوع: تجديد الخطاب الديني - الجزء الأول

فئة: أنشطة سابقة

سيمنار حول موضوع: تجديد الخطاب الديني - الجزء الأول

نظم مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي يوم الأحد الموافق 26 يوليو، بمقر الأبحاث بجاردن سيتي، سيمنارا علميا حول موضوع: "تجديد الخطاب الديني - الجزء الأول" بمشاركة الباحث في التاريخ الحديث والمعاصر الدكتور محمد إسماعيل الحشاش، والباحث في الشأن المسيحي صمويل خيري، وأدار اللقاء إبراهيم الشرقاوي الباحث بمركز دال.

تحدث الدكتور محمد إسماعيل مشيراً إلى أن قضية تجديد الخطاب الديني ليست بالجديدة، وإنما هي مطروحة منذ عقود في العصر الحديث، حيث ظهرت قضايا تجديد الفكر والخطاب الديني منذ القرن التاسع عشر، وتحديداً في فترة حكم الخديوي إسماعيل، حيث قام بدعوة الأزهر إلى تجديد الفكر والخطاب الديني ليتماشى مع منظومة التحديث التي كان يشهدها المجتمع حينها، ولكن الأزهر تقاعس عن القيام بهذا الدور، وهو ما يطرح سؤالا هاما حول دور الأزهر في تجديد الخطاب الديني، وقدرته على ذلك خاصة مع دعوة مؤسسة الرئاسة للمؤسسة الأزهرية للقيام بهذا الدور، مؤكدا أن البنية الداخلية للأزهر محافظة، ومناهجه معظمها جامدة، ويتم تهميش أصحاب الفكر المستنير من قبل المؤسسة.

وأضاف إسماعيل: "تجديد الفكر والخطاب الديني، قضية أمن قومي للدول العربية وللعالم، وقد أدرك النظام الحاكم في مصر عجز الأزهر عن القيام بهذه المهمة، لذلك بدأ التأكيد منذ أسابيع على ضرورة مشاركة المفكرين والمثقفين للمؤسسة الأزهرية في مهمة تجديد الخطاب الديني، وهو ما يفتح نقطة الأبواب لمزيد من الاجتهاد والتنوع في الرؤى والطروحات"، كما أكد أن الأمر لا يتعلق بالأزهر فقط ولا بالنظام الحاكم قدر ما يتعلق بمستقبل الوطن، فتجديد الخطاب الديني خطوة هامة في مواجهة الإرهاب والتطرف.

وأشار إسماعيل إلى مجموعة من النقاط التي تساعد في إنجاز مهمة المؤسسة الأزهرية ومن يتصدون لقضية تجديد الفكر والخطاب الديني، فأكد أنه يتوجب على الأزهر استخدام الأدوات المعرفية والعلمية وقراءة النصوص بمفاهيم حديثة وتطوير المناهج، مع ضرورة طرح التراث للنقاش والتعامل معه بوضعه في سياقه التاريخي، مع عدم الاختزال؛ فخطاب الأزهر الحالي في رأيه بات يتصف بالكلاسيكية، والاختزال المحصور بين ثنائية مقبول وغير مقبول، مع تجاهل منطقة الجائز والمباح، كما نوه على ضرورة الانفتاح على جميع الأفكار والاتجاهات، وأن الأزهر عليه أن يدرك أن قضية تجديد الخطاب الديني مسؤولية وطنية وتاريخية كبرى، يجب أن تنجز، من أجل حماية هذا الوطن من الغرق في مستنقع الإرهاب والتطرف، منتقدا طرق البحث العلمي داخل المؤسسة الأزهرية والتي يراها تعمل على تهميش أهل الكفاءة والاعتماد على أهل الثقة الذين يعيدون إنتاج الخطاب السلفي الأحادي.

وعلى الجانب الآخر، أكد الباحث في الشأن المسيحي صامويل خيري على عدم جدوى التعامل مع قضية تجديد الفكر والخطاب الديني باعتبارها قضية وحدة وطنية، من أجل البحث عن التطور ومجاراة العالم الغربي؛ لأن ذلك يحمل قدراً كبيراً من الاختزال، فتجديد الفكر والخطاب الديني إن لم يكن نابعا من الرغبة في حياة أفضل للإنسان، ومعبرا عن طموحات الناس ورغباتهم، فلن يكون له قيمة وسيتحول لمجرد أطروحات محصورة في دوائر النخبة.

وأضاف صامويل: "المسيحية بها العديد من الطوائف، ولكل طائفة معتقداتها وأفكارها التي تحتاج لمراجعة وتجديد، لكنني اليوم سأتحدث عن الطائفة الأرثوذكسية باعتبارها تمثل غالبية المصريين المسيحيين، والكنسية الأرثوذكسية المصرية لها تاريخ طويل وممتد مع التأصيل للأفكار المحافظة والانحيازات اليمينية الرافضة لأي فكر تجديدي أو فكر تقدمي".

وأشار صامويل إلى أن المسيحية بالأساس حركة اجتماعية وليست مجرد دين روحي، يغرق في الطقوس والعبادات، لذلك فإن ارتباط المسيحية بالحياة والتغيرات المجتمعية تمثل أحد أهم الركائز الأساسية في رؤية المسيح للعالم الذي قال "جئت لأبشر المساكين"، وقال أيضاً عندما سئل عن الأغنياء ودخولهم الجنة: "متى عبر الجمل من سم الخياط، دخل الأغنياء الجنة"، وهذه الانحيازات الاجتماعية واضحة، لكن هذا الدور المجتمعي والثوري تم طمسه وتهميشه عبر التاريخ، وخاصة في فترة حكم الإمبراطورية الرومانية التي اضطهدت المسيحية، لذلك قررت الكنسية في هذا الوقت أن تأخذ موقفا مهادنا، وتحولت المسيحية من دين يهتم بتغير الواقع وتثويره إلى دين ينشغل بالملكوت السماوي.

وأكمل صامويل خيري أنه مع قيام ثورة يوليو 1952 وطرحها مشروعا تقدميا يهتم بالبعد الاجتماعي، ويعمل على تغيير منظومة توزيع الثروة والسلطة، وجد لهذا التوجه التقدمي صدى داخل الكنيسة بعد قرون طويلة من الركود، وخرجت العديد من الدعوات الكنسية تدعو إلى التجديد، لكن سرعان ما تراجع هذا التوجه مع قدوم السادات ومبارك بانحيازاتهم اليمينية التي تعادي التنوير وتكرس للفكر السكوني.

واختتم الباحث حديثه قائلاً: "تجديد الخطاب الديني يحتاج ثورة على الأفكار الرجعية الحاكمة للشخصية العربية، والتي تسيطر على السلطة والثورة وتستخدم الفكر الديني الرجعي كأداة للسيطرة على الشعوب".

د. محمد إسماعيل: تجديد الفكر والخطاب الديني قضية أمن قومي للدول العربية.

صمويل خيري: الدور الاجتماعي والثوري والتنويري في المسيحية تم طمسه.