تجديد التعليم الديني

فئة: المشاريع البحثية السابقة

تجديد التعليم الديني

لا يختلف اثنان اليوم في كون علاقة المسلمين بالإسلام والعصر اليوم متوترة وغير مستقرة، وتعاني من اختلالات وتأرجحات مختلفة، بعضها يرجع إلى بعض المحمولات الدينية التي تتصادم مع التحديث، وبعضها الآخر مرتبط بطغيان الحداثة على الدين ومحاصرتها له، حيث لا تبق له ولا تذر. ومن المؤكد في هذا السياق، أن هذا «التأرجح»، الذي يحكم الفعالية الحضارية العربية منذ مدة، ليست بالقصيرة، يؤثر على مصائر العرب والمسلمين في ميادين شتى سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية...

وتزداد الحاجة إلى مراجعة هذه العلاقة، وإعادة بنائها مع ما نراه اليوم من نزاع وتنافس «شرس» حول الإسلام، وتمثلاته الاجتماعية والسياسية... إلخ، حيث انضافت إلى الانقسامات التقليدية حول الإسلام (سنة، شيعة) انقسامات حديثة أكثر خطورة وأشد ضرراً من الانقسامات التقليدية، وأمسى كثير من مسلمي العصر موزعين بين سلفيين وإخوانيين ووهابيين وعلمانيين...إلخ.

ومن ناحية أخرى، فالالتفات نحو التعليم الديني، والسعي إلى تجويده، يستبطن في الجوهر رؤية أنطولوجية، تعتقد بالسعادة والطمأنينة الشاملة التي يسهم في جلبها وتحقيقها المعتقد الديني، ومن ثم فالإنسان بدون دين، فقير، وضعيف، ومعرض للشقاء النفسي والحياتي، واستناداً إلى هذا الافتراض يمسي تعليم الدين وتلقينه أمراً حيوياً وإنسانياً، يتصل بالاستقرار الروحي للإنسان وسكينته وطمأنينته.

وبناء على كل هذا؛ إن أحد المداخل الرئيسة لتسوية علاقة المسلمين بإسلامهم، والخروج من هذا النفق المظلم، وبالتالي تذوق حلاوة الإيمان...، تتجسد في إعادة النظر في التعليم الديني مفهوما؛ واستراتيجية؛ ووسائل تنفيذية؛ فالتعليم الديني، وإن كان من الخطأ الجسيم اعتباره المسؤول الوحيد عن صوغ سلوك الإنسان، وتوجيهه إلى الخير، فإنه مما لا جدال فيه، أحد العوامل الرئيسة الكامنة وراء ذلك، وخاصة في منطقتنا العربية.

استناداً إلى هذه المؤشرات/ الافتراضات الأولية يمكن صوغ إشكالية هذا المشروع البحثي على النحو التالي:

- إن من أول العناصر التي يجب التحقق منها في هذا السياق، وعَلْمَنة الوعي بها، هو طبيعة الحاجة إلى التعليم الديني، وفيما إذا كان كل الناس والأقوام بحاجة إلى تعليم ديني، وما هي طرائقه ومناهجه؟. ولا يمكن التحقق من موضوعية هذه الحاجة، إذا لم نتحل بعقل مقارن يستحضر تجارب الآخرين في التعامل مع الدين على صعيد التربية والتعليم.

ويتفرع عن هذا الاستشكال التمهيدي سؤال مهم يتعلق بمفهوم التعليم الديني، والمقصود به: هل المقصود هو تعليم العلوم الشرعية الإسلامية بفروعها المختلفة، أم ما يصطلح عليه في عدد من البلاد العربية بالتربية الإسلامية أم هما معا؟، ذلك أن إشكالية تعليم العلوم الشرعية مختلفة تماما عن إشكالية التربية الإسلامية، وكل منهما يقتضي استراتيجية خاصة في البحث والدراسة والتطوير.

وإذا تجاوزنا المفهوم إلى ما وراءه، واجهتنا إشكالية المضمون، في جانبها المتعلق بالعلوم الشرعية والتربية، وفي اتصال بمبدأين لا يمكن تجاهلهما، والقفز عن مقتضياتهما، وهما: الاجتهاد والحداثة، ذلك أن التعليم الديني في شقيه العلمي والتربوي متداخلان، ومتصلان ببعضهما، ويسهمان بقسط وافر بالعالم العربي في تحديد المصائر الخاصة والجماعية. فالتعليم الديني من منظور اجتهادي وحداثي واحد من المعضلات البحثية التي تقتضي جهودا نظرية وتجارب عملية، يمكنها أن تشكل تمارين لتعليم ديني عصري مستقبلي، يستند إلى الأرضية المنهجية التي يقترحها برنامج الإصلاح الديني بالعالم العربي. وقد تكون هذه الورشة مقدمة في هذا العبور الطويل.

إن المهمات السالفة، لا يمكنها أن تحقق أغراضها ومقاصدها الروحية والإنسانية والنهضوية، إذا لم تستعن بعدة بيداغوجية وديداكتيكية تسمح لها بذلك؛ فالتعليم الديني ليس ممارسة طقوسية، جامدة، كما هو الحال في كثير من الأنحاء العربية، بل هو تعليم حديث يجب أن يتوسل بيداغوجيا بأحد الطرائق والمناهج العلمية، التي تيسر بلوغ المراد، وبنسبة معقولة.

فالتجديد البيداغوجي والديداكتيكي للتعليم الديني يقتضي التفكير الجدي في طريقة تكوين وإعداد مدرسي الدين بالعالم العربي، وتحديث طرائقهم؛ ويقتضي أيضا تطوير الممارسة الصفية (فصول الدراسة) ديداكتيكيا، وبيداغوجيا، حتى تمسي أكثر مردودية.

وعموماً؛ إن إشكالية التعليم الديني بهذه الامتدادات، الفلسفية، والتاريخية، والمضمونية، والديداكتيكية، وبمقاربات متنوعة مقارنة وتحليلية، تقتضي عملاً جاداً، تكامليا، يطمح هذا المشروع إلى القيام ببعض مقتضياته، إن لم يقم بها كلها.

إن هذه الإشكالية كما تتبدى نظريا، ومن خلال هذه الخطاطة البسيطة والمكثفة التي سطرناها أعلاه، تشوش عليها عدد من الظروف، والإكراهات الواقعية، ذلك أن الدعوة إلى إصلاح التعليم الديني في العالم العربي/الإسلامي، لم يبق في مستوى الجدل المعرفي، والنهضوي، بل تَنَزَّلَ إلى ساحة النقاش والصراع السياسيين. وتدخلت فيه أيضا إملاءات وضغوط دولية. وأخطر ما في هذه الإملاءات والضغوط أنها قد توقعنا في رد فعل غير ناضج، وتتجاهل حاجاتنا. فبما أنها تنادي بضرورة مراجعة مناهجنا في التعليم الديني، فإن الاستجابة قد تكون سلبية؛ أي بالتموقف ضد كل دعوة للمراجعة، ولو كان التنادي لها من الداخل، بقصدية مخلصة تروم الإصلاح.

ولذا لابد من التوكيد، ابتداء، أن مؤسسة مؤمنون بلا حدود تنظر إلى تجديد مناهج التعليم الديني، بوصفها مسألة علمية، تسعى ما أمكن للتخفف من إكراهات الظرف، وسلبية تأثيره على المقاربة العلمية، وبعيدا عن الضغوطات والإملاءات، التي تحرف مسار الإصلاح نحو وجهات غير مثمرة.

ومن ثم، واستحضارا لما سبق، وخاصة الخطاطة الإشكالية التي تقود عملنا في هذا المشروع، تقترح مؤسسة مؤمنون بلا حدود، المداخل البحثية التالية، كوحدات مستقلة منهجية، متكاملة موضوعا وموضوعيا:

1-المدخل الفلسفي: ونريد من خلاله بناء إدراك علمي لمفهوم التعليم الديني، واستكناه جوهره، الذي يؤثر على أشكال التعامل معه، فكثير من الخلاف والانقسام سببه الاختلاف على مستوى المفاهيم.

2-المدخل المقارن: ونتطلع من خلال هذا المدخل إلى الوقوف على تجارب الدول والمجموعات على الصعيد العالمي، وخاصة تلك التي تحقق توافقاً واستقراراً واضحا، ومن المفيد في هذا السياق الاطلاع على تجارب الأنكلوساكسونية، والألمانية، والتعليم الكنسي...

3-مدخل تشخيصي: يسعى هذا المدخل إلى الوقوف على أعطاب التعليم الديني في العالم العربي، والمتدخلين فيه، وتقييم أدائه، وانعكاساته...

4-مدخل مضموني: نتطلع من خلال هذا المدخل البحثي التعرف على المضامين الرئيسة للتعليم الديني في شقيه العلمي والتربوي، ومن منظور اجتهادي وتحديثي، فبدون هذه الخطوة لا يمكن تحقيق تقدم في هذه المسألة...

5-المدخل الديداكتيكي: نتطلع من خلاله إلى صياغة أطروحة ديداكتيكية وتكوينية تحدد الخطوط العريضة لبيداغوجيا تدريس الدين؛ وتحدد أيضا عناصر تكوين مدرسي الدين...، فبدون هذا الانتقال الديداكتيكي، تمسي المسألة التعليمية ضرب من ضروب العبث، بعيدة عن أهدافها ومراميها...

وعليه، نقترح خمسة محاور بحثية، يختص كل واحد منها بتعميق النظر والحوار والبحث في هذه المداخل الخمسة، وفق الطرح الإشكالي السابق الذكر، والذي يشكل مؤشراً للنظر وليس حدا نهائيا له، حيث نفترض وجود رؤى وتساؤلات عديدة، نترك للسادة الأساتذة الباحثين حرية استحضارها واقتراح البحث فيها، بما يتناسب مع سياقات تلك المداخل، وما يتماشى مع اقتناعاتهم.

مناهج الاشتغال في المشروع:

على الرغم من أن موضوع المشروع البحثي مؤطر بعنوان عام «تجديد التعليم الديني»، فإن للباحث حرية اختيار المدخل المنهجي الذي سيؤسس عليه مقاربته للموضوع، ومن ثم فله كامل الحرية في الانفتاح على أي من مناهج العلوم الإنسانية بما يُجَوِّدُ طريقة معالجته لسؤالات البحث.

أصناف المشاركة في المشروع:

تتوزع المواد العلمية المشاركة في هذا المشروع البحثي إلى أربعة أصناف:

الصنف الأول: دراسة علمية لإحدى القضايا المقترحة في المحاور في حوالي 7000 كلمة إلى 12000 كلمة.

الصنف الثاني: قراءات وصفية نقدية في حوالي 2000 كلمة إلى 3000 كلمة لإحدى الكتب المرجعية أو الصادرة حديثا في التجديد الديني.

الصنف الثالث: ترجمة إحدى الدراسات التي تتناول مواضيع المشروع بعد اقتراح ملخص عنها على اللجنة العلمية للمشروع، والموافقة على ترجمتها.

الصنف الرابع: اقتراح كتاب للإنجاز (مع خطة تفصيلية) أو تم إنجازه في حوالي 30000 كلمة إلى 50000 كلمة.

الآجال:

على الراغبين في المشاركة ملء الاستمارة المصاحبة بكلّ دقّة مع ضرورة التدقيق في كلّ الخانات، تيسيرا لعمل اللجنة العلميّة الّتي ستتشكّل للنظر في المقترحات الّتي تصلها وفق معايير علميّة مضبوطة، أهمّها وجاهة المواضيع وجدّيتها وقيمتها المعرفيّة واندراجها ضمن محاور المشروع المطروحة.

-ترسل المقترحات في أجل أقصاه 30 يناير 2015 على العنوان البريدي التالي:

project@mominoun.com

-تجتمع اللجنة العلميّة للنظر في المقترحات الّتي وصلتها وتجيب أصحابها في أجل أقصاه 01 مارس 2015.

-ترسل البحوث كاملة على العنوان الإلكتروني نفسه في أجل أقصاه30 يونيو 2015، حتّى يتيسّر لأساتذة الاختصاص تحكيمها، وإبداء ملاحظاتهم قبل إعدادها للنشر بعد ترتيبها ضمن محاور عامّة وإدراجها تحت موضوع موحّد.

المواصفات الفنية لرقن الأبحاث:

الرجاء من الأساتذة والباحثين تقديم مقالات، تتراوح ما بين 40 صفحة حدّا أدنى و50 صفحة حدّا أقصى (12000 - 15000 كلمة)، وذلك وفق المواصفات التالية، حرصا على التوازن بين البحوث، وتسهيلاً لجمع المقالات في عمل واحد لاحقا، مع الشكر سلفا على التعاون والتفهّم:

أولاً: المتـن

-نسخ العمل العلمي بمسافة واحدة بين الأسطر، مع ترك مسافة (4) سم على الهامشين، وكذلك مسافة (4) سم في أعلى وأسفل الصفحة.

-ينسخ المتن بخط آريل Arial عادي (14)

-إدخال بداية الفقرة (0.6) سم.

-المسافة الرأسية بين الفقرات تعادل (1.5) من المسافة بين السطور.

-المتن المتضمن كلمات أجنبية يجب أن ينسخ بخط تايمز عادي بحجم (12)

-في الفقرات المرقومة يجب أن تترك شرطة (-) بين الرقم والفقرة.

-في الفقرات المرقومة التي تتكون من أكثر من سطر، يجب أن يبدأ السطر الثاني، وما يليه مع بداية المتن وليس مع الرقم.

ثانياً: العناوين

-ينسخ العنوان الرئيس بخط آريل Arial أسود (20)

-يصفُّ العنوان الفرعي بخط آريل Arial أسود (16)

-يصفّ العنوان المتفرع (الأول) بخط آريل Arial أسود (14)

-يصفّ العنوان المتفرع (الثاني) وما يليه بخط آريل Arial عادي (14)

ثالثاً: الجداول والأشكال

-ينسخ عنوان الجدول أو الشكل بخط آريل Arial أسود (14)

-ينسخ رأس الجدول بخط آريل Arial أسود (12)

-تنسخ بيانات الجدول بخط آريل Arial عادي (12)

رابعا: المراجـع

-تصفّ المراجع العربية في آخر البحث أو المقال بخط آريل Arial عادي (12)

-تصفّ المراجع الأجنبية في آخر البحث أو المقال بخط Times New Roman بحجم (10)

للراغبين في المشاركة المرجو تعبئة الاستمارة