محاضرة: " المولد وتمثلاته في البنية الذهنية ... بين الحضور والدلالة" للدكتور سامح إسماعيل

فئة: أنشطة سابقة

محاضرة: " المولد وتمثلاته في البنية الذهنية ... بين الحضور والدلالة" للدكتور سامح إسماعيل

واصل مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، فتح ملف التدين الشعبي، حيث نظم يوم الاثنين الموافق 13 يونيو 2016م حوارا مفتوحًا مع الدكتور سامح إسماعيل حول موضوع:" المولد وتمثلاته في البنية الذهنية بين الحضور والدلالة". وأدار الحوار الباحث عبد الله أحمد .

في البداية رحب عبد الله أحمد بالحضور، قائلا إنه على الرغم من تمسك الأصولية الإسلامية بتحريم التبرك بالأولياء، ظهرت الموالد وشقت مسارها في الوجدان الجمعي؛ فعموم الناس لا ترتاح لفكرة المطلق المجرد والمنعزل في عوالمه المفارقة، وتحتاج دوما إلى هذا الوسيط بين الأرضي والمطلق في عليائه، لتتدفق الأشعار والألحان في حلقات الذكر لاستدعاء المطلق، ولعل الصوفية نجحت إلى حد كبير في تكريس حالة من الفن الإلهي الخلاّق واللامتناهي.

 كما ذكر أن المولد في حضوره يتجاوز المعنى الحرفي للاحتفاء بميلاد الأولياء والقديسين، إلى دلالات أكثر عمقا تتقاطع بشكل كبير مع المشهد الاجتماعي، في أكثر مخرجات البنية الذهنية وضوحا وتعبيرا عن تمثلاتها الممتدة في الوعي الجمعي، حيث يعد المولد مناسبة مفعمة بشتى صنوف الزخم الديني من حيث الممارسة التي تماهي بين النص والوعي، ومن حيث اتساق البنية الذهنية وواقعها بتمثلات الواقع ومعطياته.

جاء اللقاء في صورة حوار حول منطلقات التدين الشعبي ودلالاته السوسيولوجية، حيث أكد الدكتور سامح أن النظرة التاريخية لحالة التدين في المجتمع المصري تكشف عن رسوخ النزعة الدينية في البنية النفسية والإدراكية عند المصريين منذ عهد الفراعنة، حيث نجح المصريون على مر التاريخ في صهر معتقداتهم الدينية في إطار ثقافتهم القومية إلى الحد الذي يمكن الإقرار معه بأن الاثنين صارا شيئاً واحداً، وهي الحالة التي اصطلح على تسميتها بالتدين الشعبي.، كما أكد أن التدين الشعبي المصري الآن على تنوعه يبقى في جوهره دينا واحدا يقوم على الإيمان بإله واحد وبالعالم الغيبي والقضاء والقدر، والرزق المحدود والمكفول، اليوم الآخر والبعث والحساب، الجنة والنار، وتوقير الموتى واحترامهم وزيارة قبورهم.

وعن ظاهرة المولد، أكد أنها ارتبطت بالمكون الاجتماعي المصري بشكل يعكس إيمانه بالأولياء وتكريمه لهم، مستعرضا ما أثير حول المقامات والأضرحة من القصص والروايات، حيث توقف عند مفاهيم الرؤيا والكرامة والمعجزة مخلخلا بنية الأسطورة في المتخيل الشعبي وصولا لدلالاتها، وعمق توغلها في البنى الذهنية والإدراكية لعموم المصريين منذ لحظة التأسيس وحتى اليوم.

وأكد إسماعيل أن الإنسان يلجأ إلى العالم الباطني، حينما يعجز عن التكيف مع مشكلات العالم الواقعي، ويشرع في بناء علاقات قوية مع مكونات هذا العالم من أبرزها أرواح الأولياء، حيث تتميز تلك العلاقة بهالة من التقديس وتقديم فروض الولاء من قرابين ونذور لتحقيق ما يعجز عن بلوغه بمعطيات العالم الواقعي، ويعتبر المولد محطة مركزية في هذا السياق. كما تناول دور المولد السياسي والاقتصادي، وتجذره في الوجدان الشعبي، متتبعا رحلته على مر التاريخ.