محاضرة آمال قرامي حول: "الإسلام والجندر... أيّة علاقة؟"

فئة: أنشطة سابقة

محاضرة آمال قرامي حول: "الإسلام والجندر... أيّة علاقة؟"

انتظمت بمقرّ مؤمنون بلا حدود للدّراسات والأبحاث وجمعيّة الدّراسات الفكريّة والاجتماعيّة، بتونس العاصمة، الأربعاء 30 أكتوبر، محاضرة ألقتها الأستاذة آمال قرامي، بعنوان: "الإسلام والجندر... أيّة علاقة؟"، وأدار اللّقاء الأستاذ حازم الشّيخاوي. 

وقد استهلت الأستاذة آمال قرامي محاضرتها، بالإشارة إلى أهمّية المدخل الثّقافي الذي يُنظر من خلاله إلى مسائل الجندر في علاقة بالإسلام، وإلى أهمّية الأسئلة التي تحيط بهذا المبحث على اعتبار أنّها ممّا يُطلب معرفته راهناً، لتوضيح الأسس العامّة التي يستند إليها؛ وعرّجت على بعض الأسئلة في هذا الاتّجاه، من بينها التّساؤل حول مدى اعتبار الإسلام ممثّلاً في النّصوص أو التّاريخ أو الممارسة الإنسانيّة في عمقها الاجتماعي والثّقافي والحضاري، وما تدلّ عليه الطّقوس والرّموز والخطابات التي شكّلت وعي النّاس وسلوكهم، ومدى ارتباط ذلك بالأديان الأخرى على مستويي التّأثير والتّأثّر، وقالت إنّ تلك التّساؤلات تندرج ضمن إعادة التّصوّر التي يطرحها الباحثون والمفكّرون اليوم للظّاهرة الدّينيّة، وما يحيط بها من علاقات تتضمّنها الكثير من المباحث المستجدّة، ومن بينها مباحث الجندر. 

وعرضت من ثمّ بعض الأمثلة التي يثيرها التّساؤل حول الإسلام، والتي تتعلّق بالحراك النّسوي حول مسألة إمامة النّساء للصّلاة، ومدى إمكان القول بأنّ هذا المطلب إسلامي، وكذلك إمامة المثليّين والمتحوّلين جنسيّا، وبيّنت الجدل الواسع الذي تثيره هذه المسائل في بقاع كثيرة من العالم اليوم خارج حدود الإسلام العربي، وهو ما لا يمكن للباحث اليوم التّغاضي عن التّعاطي فيه ودراسته، وإبداء ما يمكن من ملاحظات حوله. وأشارت في هذا السّياق إلى ما تجتهد في العمل عليه الدّراسات النّسويّة من وجهات متقاربة، والتي تطرح السّؤال بشكل متواصل حول معنى أن تكون المرأة مسلمة اليوم، ومعنى أن تكون مسلمة في النّصوص الإسلاميّة القديمة، التي تعمل على تفكيكها وبيان مكانة المرأة فيها. 

وأشارت إلى أن التّساؤل حول معنى الانتماء إلى الإسلام من وجهة نظر نسويّة ومثليّة، ينتهي بالضّرورة إلى تجاوز التّصنيفات حول الإسلام، باعتباره عقيدة وممارسة ضيّقة ومخصوصة كما هو في التّصوّرات التّقليدية، ليصبح مفهوماً منفتحاً على الإنسانيّة، وقابلاً لتعدّد الفهم من منظور القبول بالاختلاف والانخراط في العصر، وهو ما يتطلّب الوعي بالإشكاليات التي ينتجها اختلاف البنى الذّهنيّة من منطلق الاشتراك في الدّين والهويّة، والانتماء الحضاري والثّقافي. واعتبرت أنّ هذا التساؤل يثير حالة إرباك لدى المنتمين إلى الإسلام، ويلقى مواجهة من البنى العميقة التي أحاطت الدّين بسياج فقهي وقانوني يجعله محلّ احتكار ينفي عنه صفته العامّة، باعتباره مجال اشتراك إنسانيّ.  

واهتمت المتدخّلة بعد ذلك بسؤال الجندر، وقالت إنّ التّعريف الكلاسيكي يجعل الجندر في مقابل الجنس، باعتبار أنّ الجنس هو الفروق الطّبيعيّة بين البشر والجندر هو الفروق التي يكتسبها الإنسان من خلال عمليّة التّنشئة الاجتماعيّة، وأنّه عمليّة التّشكّل التي يخضع لها الفرد منذ ولادته ثقافيّاً وتاريخيّاً، حتّى يُرضي تطلّعات الجماعة لأن يكون رجلاً أو امرأة، ويمكن أن يكون في وضع بينيّ. واعتبرت أنّ الجندر بناء اجتماعي تتدخّل فيه مؤسّسات مختلفة، ومن بينها مؤسّسة اللّغة التي تحدّد انتماء الفرد منذ ولادته. وبيّنت أنّ دراسات الجندر تسمح للباحثين بالنّظر في جميع الرّهانات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والاستعماريّة التي تتعلّق بحياة الفرد. وخلصت إلى الاستنتاج بأنّ الدّراسات الجندريّة ليست ضدّ الإسلام، بل إنّها منفتحة عليه معرفيّا من خلال مبحث "الجندر والإسلام".