محاضرة:" الفكر الإصلاحي في المغرب " للدكتور مصطفى حنفي

فئة: أنشطة سابقة

محاضرة:" الفكر الإصلاحي في المغرب " للدكتور مصطفى حنفي

احتضن صالون جدل التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود محاضرة تحت عنوان: " الفكر الإصلاحي في المغرب "

ألقاها الدكتور مصطفى حنفي من المغرب؛ وذلك يوم السبت الموافق لـ 25 فبراير 2017 عند الساعة الرابعة مساء ، وخلاصة ما ورد في المحاضرة كالتالي:

تصدر مقدمات موضوع هذه المحاضرة عن افتراض نظري مؤداه أن الزمن الإصلاحي الحديث الذي يطاله السؤال، والذي نراجعه ونعيد التفكير فيه في هذه المناسبة، هو عنوان لتاريخ متواصل من التماهي بين الماضي والحاضر بواسطة الحوار والنقد والنصيحة  والاعتراض في إطار من التعايش القائم على التدافع طورا والصراع طورا آخر.الشيء الذي يعني أن تحقيب تطور الزمن الإصلاحي في المغرب عمل تاريخي في مساراته ، وفي مصادره وموضوعاته وإشكالاته.

لقد لزمنا من أجل الاستدلال على وجاهة هذا الافتراض، أن نجعل زاوية النظر التي اخترناها لتأملاتنا تتجه صوب تقرير مقدمات ثلاث:

أولاها، أن المرحلة الراهنة من التطور التاريخي العام للواقع المغربي، تسمح لمؤرخ الفكر بالتفكير الجدي في الوضع الذي اتخذته تجارب ومشاريع الإصلاح داخل الكتابة التاريخية المغربية، وما بلورته من مواقف وحوارات مع أسئلتها وقضاياها. مواقف مسنودة بمرجعيات خاصة في التأليف التاريخي تتقاطع فيها لغة المؤرخ والفقيه بلغة الكاتب والمثقف الوطني.

ثانيها، أن المعاينة التاريخية لمصادر المعرفة والتنظير في الإنتاج الإصلاحي المغربي بمعناه الحديث ولأنماط التفكير المهيمنة فيه وعليه، ستكون فاقدة لكل تحقيب أو معنى، ما لم ننظر إليها في علاقتها بزمانية التاريخ العالمي الجديد وبانطلاقته الحاسمة التي تزامنت بداياتها مع القرن التاسع عشر باحتلال فرنسا للجزائر سنة 1830م من جهة، وانهزام الجيش المغربي بواقعة إسلي سنة 1844م، من جهة أخرى. إنه الزمن الإصلاحي الذي يتشابك فيه الزمن التاريخي بالزمن الفكري تشابكا يعكس في اتجاهه العام ثقل حضور الفكرة الإصلاحية في الوعي التاريخي بازدياد التحدي الخارجي، ويضفي بالتالي على قضايا التأليف التاريخي في مغرب القرن التاسع عشر طابع الوضع المأزوم.

ثالثها، أن موقف المؤرخين من تطور التأليف التاريخي في مغرب القرن التاسع عشر،هو التذكير بما يتميز به هذا التأليف من معارف وأجناس كتابية أهمها : تواريخ الملوك،وكتب الأنساب، خاصة منها أنساب الشرفاء في المغرب، ثم كتب المناقب، أي تلك التي تتعلق بالتأريخ لحياة الأولياء والصالحين والشرفاء، ثم فهارس علماء المغرب.

وواضح أن وضعا ثقافيا هذا شأنه، لا يمكن إلا أن يدفع إلى السؤال عن دلالة استمرار هذه الأنواع من الكتابة والتأليف دون غيرها، وإلى التفكير في دلالات الاهتمام بهذا التأريخ الذي يسود نوعا على آخر. ولسنا هنا نقصد مباحثها المعتادة، وقائعها وأحداثها، بل القصد ما كان يحركها ويجعلها ممتدة على حقبة زمنية معلومة تقع خارج الحقب التاريخية الأخرى، ونعني بذلك في هذا المقام فكرة الشرف، بمعناه الدلالي الواسع الدال على العلو والسمو عن العامة.إنه المعنى الذي يستبطن رؤية خاصة لشريحة خاصة في المجتمع دون غيرها من الشرائح الأخرى، وذلك في حدود ما يقتضيه التسيير الاجتماعي.

تأسيسا على هذه المقدمات، ركزنا الاهتمام على تطور الفكرة الإصلاحية في المغرب الحديث من خلال الوقوف على نموذجين تمثيليين في الكتابة التاريخية : النموذج المخزني من خلال مؤلف "الابتسام في دولة مولانا عبد الرحمن بن هشام: للكاتب والمؤرخ المخزني أبي العلاء بن إدريس.

والنموذج الإصلاحي الوطني الذي تعكسه كتابات علال الفاسي النظرية في فعلها وانفعالها مع تحولات الزمن الإصلاحي الجديد في سيرورة تطور المجتمع المغربي تفكيرا وممارسة.

فهل يمكن الخروج بنموذج إصلاحي غير هذا؟ أما وأن الدعوة إلى الإصلاح اليوم قد عادت لتطفو على سطح الخطاب السياسي المعاصر، فما الذي يجعل استمرار الحاجة إلى الإصلاح مطلبا قائما؟ وهل لاتزال الحاجة إلى تعزيز دور الدولة الوطنية  وتحديث المجال السياسي في الخطاب الإصلاحي الوطني أمرا قائما؟

أما النتيجة التي فرضت نفسها علينا، فقد اقتضت التذكير بواقع تاريخي عنيد بأن الفجوة التي تفصل عالمنا عن العالم المتقدم تجعل من ثقل استمرارية حضور الفكرة الإصلاحية في وعينا الثقافي أمرا مطلوبا، ليس فقط بسبب الضغط الخارجي الذي يدخل في الحساب إرادات ومصالح الآخر، بل أيضا لدواع داخلية تفرض نفسها في معادلة الإصلاح.