محاضرة: قضية المرأة والموروث الدّيني لأمينة ودود

فئة: أنشطة سابقة

محاضرة: قضية المرأة والموروث الدّيني لأمينة ودود

احتضن مقر مؤمنون بلا حدود وجمعية الدّراسات الفكرية والاجتماعية بتونس العاصمة، مساء الجمعة 10 مارس الجاري، محاضرة قدمتها الباحثة في الدّراسات الإسلامية والنسوية آمنة ودود ودارت المحاضرة حول تجربتها الشخصية وصورة المرأة وقضية المساواة وضرورة إزالة الفوارق بين الأديان. وأدارت اللقاء الأستاذة زهية جويرو.

أكّدت أمينة ودود في مداخلتها على ضرورة النظر إلى الإسلام نظرة معاصرة لا تنبني على استعادة الظروف الحافة بالأحداث التّاريخية التي عايشها المسلمون الأوائل، بل تسعى إلى تمثّل الروح الكامنة في تلك الأحداث، وتجاوز أشكال التفكير المنغلق على ذاتية متوهّمة تجعل المسلمين اليوم يعانون من التقوقع ورفض الآخر والخروج من التّاريخ والبحث عن العيش في الماضي، وأشارت إلى أن ما يسجّله العالم اليوم من أحداث متعلّقة بتنزيل العقيدة الإسلامية في الحاضر، يُعدّ أكبر دليل على وجود خلل ما في التفكّر في الموروث الدّيني والثقافي والحضاري الإسلامي ما يجعل الالتحاق بالمنجز الحضاري العالمي أمرا صعبا وشائكا، والمشاركة في صنعه أمرا يكاد يكون مستحيلا، بالنّظر إلى أن ما يعبّر عن ذلك من ممارسات الناس وحياتهم لا يمكن فصله عن التسلسل القيمي والفكري الذي يتأسس على فهم للذات وللآخر.

وأشارت ودود إلى بعض الإشكالات التي يعاني منها التمثّل الإسلامي في الواقع الحديث والمعاصر، ومنها ما يتعلّق بوضعية المرأة في الفهم العام والممارسة الاجتماعية، وحتى في التصوّر الديني الذي يقوم على فهم النص، ورسم مساره في الواقع. وقالت إن الأمر لا يتعلق بالمساواة بين الجنسين، باعتبار أنها أساس أخلاقي ومدني حديث، كما لا يتعلّق بأشكال إقامة الشعائر الدينية؛ أي بجوانب الممارسة الدينية في الواقع، وكل ما يصاحبها من حيف في حق المرأة، ولكن الأمر يتعلّق أساسا بفهم التّسامح بغضّ النظر عن وجهة الموروث الديني وإكراهاته الإيمانية، وبيّنت أن إكراهات الموروث الديني تكمن في النّظر إليه، باعتباره إمكانية واحدة بعيدا عن تعدّد الرؤى والأفهام التي يمكن أن يضفيها البعد الزمني والتّاريخي والحضاري على ذلك الموروث، وقالت إن الإشكال في ذلك عميق عمق التجربة الإنسانية ذاتها من جهة أنها تستند في كل تطوّراتها ومراحلها على سند الفهم المتواصل للموروث وللواقع معا، ولئن كان الموروث محدّدا في التاريخ، فإن الواقع منفتح ومتعدد بالضّرورة. وخلصت إلى اعتبار التسامح الديني حاجة وضرورة يفرضها الواقع، ولا يمكن تجاهلها، وبالتّالي لا يمكن تجاهل الواقع الحديث عند كل قراءة للموروث الديني، بغض النظر عن شكل تلك القراءة أو المراجعة أو الاستعادة، ومهما كانت غايتها، وقالت لكي يحظى المسلمون بشيء من الحرية والديمقراطية، فإنه لزاما عليهم أن يرضوا بأن بعض الآراء والتفسيرات المتعلقة بالدين من الممكن أن تتغير بمرور الوقت، وأن ممارسة الدين ليست من الأشياء الثابتة غير المتحركة.

واعتبرت ودود أن التطوّر التاريخي يتخطى العقلية المتصلّبة في فهم الموروث الديني، تلك العقلية التي تقف حائلا أمام كل تغيير، خاصة في بعض المسائل التي تلقى معارضة ذكورية شديدة في قبل المجتمعات المسلمة مثل إمامة المرأة في الصلاة، وقالت إن التطوّر حتمي، ولا بد من التشبث بأسبابه، وأولى تلك الأسباب هي العقل والواقع، اللذان لا يتعارضان بطبيعتهما مع الموروث الدّيني مهما حاولت القوى التي تحتكر الفهم الواحد للدين في العالم الإسلامي التعتيم على إمكانيات جديدة للفهم والممارسة. وأشارت في هذا السّياق إلى أن أشكال العقلية الدينية المتصلّبة في العالم الإسلامي ترجع إلى طبيعة المجتمعات المسلمة التي يسيطر عليها البعد الواحد واحتكار الحديث باسم الدّين والذكورية المبالغ فيها، وقالت إن ما يكمن وراء ذلك ليس الحكم الإلهي بل التركيبة الثقافية الاجتماعية الذكورية، وانتهت إلى أن فهم هذا الإشكال الدّقيق هو السبيل الأوّل للتغيير.