ندوة: اقتصاديات التدين في الوطن العربي

فئة: أنشطة سابقة

ندوة: اقتصاديات التدين في الوطن العربي

شهد مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود بالقاهرة، فاعليات الندوة العلمية الدولية: اقتصاديات التدين في الوطن العربي، والتي جرت بمشاركة عدد من الباحثين من مصر والمغرب وتونس والعراق وفلسطين على مدار يومي الجمعة والسبت الموافقين ل 29 ,30 أبريل 2016م .  وشهدت حضورا جماهيريا مميزا من قبل المهتمين والباحثين ووسائل الإعلام المختلفة.

  افتتح الأستاذ عصام فوزي، مدير مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي، الجلسة الأولى من فاعليات ندوة اقتصاديات التدين، بتوجيه الشكر لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، على رعاية هذه المحفل العلمي الكبير، وقال فوزي إنه يأمل أن تكون تلك الندوة فاتحة، لمشروع بحثي يمتد لثلاث سنوات على الأقل، يتطرق بشكل معمق لهذا الحقل البحثي المهم غير المطروق، وأكد فوزي أنه انتبه إلى أهمية مسألة اقتصاديات التدين، أثناء عمل المركز في تقرير الحالة الدينية، الذي سيصدر قريبا عن مركز دال، وأكد أن هذا النوع من الدراسات الشائكة ينبغي أن يقاربه الباحثون في البداية، دون إطلاق معايير قيمية، قبل تدقيق النظر وتحديد المفاهيم.

ثم ألقى الباحث المصري محمد كمال، أضواء على ورقته التي شارك بها داخل الندوة، والتي حملت عنوان "اقتصاديات التدين.. حالة الحقل"، وطرح خلالها رؤية موسعة حول تبلور حقل اقتصاديات التدين في الغرب، ومن ثم محاولات فتح النقاش حوله في العالم العربي؛ تلك المحاولات التي اتسمت بوجود إجابات يقينية سابقة ومجهزة، وأكد كمال أن عاملا رئيسا يتحكم في مقاربات الباحث لموضوعة اقتصاديات التدين، وهو رؤيته لطبيعة العامل الديني في العلاقة مع الاقتصاد، هل هو عامل مستقل ومؤثر، أم هو عامل تابع، وأكد كمال على أن واحدا من أهم الأسئلة التي يطرحها حقل اقتصاديات التدين، هو السؤال إلى أي حد يؤدي التطور الاقتصادي إلى تغير في بنية التدين "العلمنة".

وفي الشق الثاني من حديثه، بدأ كمال في ممارسة النقد والمراجعة، باتجاه النخبة الثقافية، التي تعاملت مع مسألة اقتصاديات التدين في العقدين الماضيين بالعالم العربي.  

وفي الجزء الثاني من الندوة، تحدث الأستاذ حسن محمد مصطفى، وهو باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية، عن ورقته التي حملت اسم "الأوعية الاقتصادية الجديدة ودورها في اقتصاديات الحركات الإرهابية"، وقد أثارت تلك الورقة اهتماما كبيرا بين الحاضرين، نظرًا للموضوع المطروح فيها، والمصادر الجديدة التي اعتمد عليها، ولأن الموضوع لم يحظ باهتمام أو بتسليط ضوء في  العالم العربي من قبل.

بدأ حسن كلامه بشكر مؤسسة مؤمنون بلا حدود على إتاحة الفرصة له ، لتقديم رؤيته الخاصة برصد دور الأوعية الاقتصادية الجديدة التي تستخدمها الحركات الجهادية والجماعات الإرهابية، وتحديدًا العملات الافتراضية، وأهم هذه العملات هي "بت كون" على الإنترنت.

وأكد أن هذه العملات في البداية تم اختراعها، لمواجهة سيطرة الدول والمؤسسات الرأسمالية الكبرى على الأفراد والمجتمعات، لكن المستفيد الأكبر منها الآن هي الحركات الإرهابية على حد وصفه.

وقال حسن أن الذي دافعه للعمل على هذه الورقة، هو عثوره على أحد وثائق الجهاديين بعنوان (بت كون والصدقة الجارية)، والتي تحدث فيها الجهادي عنها باعتبارها وسيلة مشفرة آمنة لتداول العملة بعيدًا عن أعين الأجهزة الأمنية، إضافة إلى أنه بعد أحداث تفجيرات باريس، أعلنت مجموعة من قراصنة الإنترنت، عثورها على حساب أحد الدواعش، موجود به مبالغ كبيرة من هذه العملة.

 وقد تناول الباحث فكرة العملة الافتراضية، وخريطة تمويل الجماعات الإرهابية، والخصائص والعوامل المميزة لهذه العملة واستخداماتها، واستشراف مستقبل هذه العملة وتعامل من أسماهم بالجماعات الإرهابية معها.

افتتح الجلسة الثانية من ندوة اقتصاديات التدين في الوطن العربي، الأستاذ "مجدي صبحي" نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حيث بدأ كلمته بشكر مؤسسة مؤمنون بلا حدود ومركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي،على إثارة النقاش العلمي حول هذا الحقل المعرفي المهم، حيث أكد صبحي أن هذه هي المرة الأولى، التي يجد فيها هذا الاهتمام الجاد من جانب مؤسسة بحثية عربية بذلك الحقل المعرفي.

بعد ذلك تحدثت الباحثة العراقية الدكتورة جنان الجابري، عن ورقتها في هذه الندوة وعنوانها: "الزبائنية في منظمات المجتمع المدني"، حيث تناولت تاريخ تبلور منظمات المجتمع المدني، وتطورها منذ مطلع الثمانينيات وحتى الآن في الوطن العربي، تحديدًا عقب التحولات النيوليبرالية، وتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي، وعن علاقة المجتمع المدني بالجمعيات الأهلية، وحالة المزج بينهما أحيانًا، وأكدت أن هذه المنظمات ليست محصنة من الممارسات الزبائنية، خاصة تلك المنظمات التي ترتبط بشكل ما بالأحزاب السياسية.

كما رصدت جنان وضع تلك المنظمات المرتبطة بالسياسة، بتقديمها مساعدات للمحتاجين من أرامل ومساكين، فينشأ من هذه العلاقة نوع من التبعية ، حيث تقدم لهم المساعدات وقت حاجتهم وتستفيد منهم في أوقات الاحتياج السياسي (موسم الانتخابات)، وقد لخصت الدكتورة جنان هذه العلاقة  المتشابكة بين الأفراد المتلقين للمساعدات، وبين هذه المنظمات في عبارة ( المساعدات الاقتصادية مقابل الولاء السياسي).

ثم بدأت مداخلة الباحث المصري أحمد زغلول شلاطة، بالحديث عن  دور الجمعيات الإسلامية خاصة جمعيتي أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية، والأداء العملي لهذه المؤسسات المثير للتساؤلات ، وطبيعة هذه الجمعيات التي حرصت على العمل داخل إطار الدولة دون التصادم معها، والتي تقدم دعمها في شكلين عيني ونقدي، ومواردها محصورة في اشتراكات الأفراد، بالإضافة إلى موارد الزكاة التي هي خارج الحصر والمراقبة، وتمتاز هذه الجمعيات بغياب الرؤية التنموية، ويقتصر دورها على الشكل الاستهلاكي.

 واستكمل الباحث نفسه حديثه مؤكدُا أن حالة السيولة السياسية للإسلاميين بعد ثورة 25 يناير، دفعت هذه الجمعيات إلى الخروج والعمل السياسي والتعبير عن نفسها، فعلى سبيل المثال جمعية أنصار السنة المحمدية، أثبتت أحقيتها في تمثيل السلفية بمصر.

ثم بدأ الباحث الفلسطيني حسن شاهين بطرح قضية الأزمة المالية التي تمر بها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وأسباب هذه الأزمة، وهل هي مرتبطة بمواقفها السياسية؛ حيث بدأ شاهين بتعريف جماعة الجهاد ومؤسسها دكتور فتحي الشقاقي، وتطوره الفكري وعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين و الثورة الإيرانية والنظام الإيراني، وما تتصف به جماعة الجهاد من احتوائها على العديد من المختلفين أيديولوجيًا، حفاظها على الهوية الوطنية الفلسطينية – بحسب شاهين- وعلاقتها شبه العضوية بالنظام الإيراني.

وقد أشار الباحث إلى أنه اعتمد على العديد من المصادر داخل الحركة التي رفضت الإعلان عن هويتها في قطاع غزة وبيروت، وقد أكدت تلك المصادر أن سبب الأزمة بين إيران والجماعة بعد ذلك، هو الموقف السياسي لجماعة الجهاد وعدم اتساقه مع النظام الإيراني في رؤيته السياسية لأزمتي اليمن وسوريا، في حين رأى آخرون أن إيران نفسها تمر بأزمة اقتصادية نتيجة الأوضاع في المنطقة وتوجيهها لكثير من الدعم في مختلف المناطق، وبالتالي قل دعمها لجماعة الجهاد .

افتتح رئيس الجلسة الثالثة لندوة "اقتصاديات التدين في الوطن العربي"  الأستاذ "مجدي صبحي" نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وقائعها بالإشارة إلى الطبيعة النوعية للمداخلات المقدمة في الندوة وبطابعها الأمبريقي والميداني وتنوعها الديني والمذهبي.

وتحدث الباحث المغربي الدكتور يونس الوكيلي عن  علاقة مراكز الرقية الشرعية بالحركة الوهابية في السياق المغربي وأسباب ذلك التحول نحو تلك المهنة، من خلال خمس مؤشرات: انتقال النشاط من البيوت إلى المراكز، والتخصص، وتلقي الأتعاب المالية، والهيكلة والتنظيم الداخليين للمراكز، كما رصد ملامح تصور الرقاة لأنفسهم ك "جماعة مهنية".

ثم تحدث الباحث المصري صامويل خيري عن دراسته "اقتصاديات الكنيسة المصرية، دير مار جرجس نموذجا"، حيث استعرض في الدراسة النظرة المسيحية للاقتصاد المستوحاة من الإنجيل المقدس، بالإضافة إلى الكتابات المسيحية الأولى التي وصلت إلينا من القرن الأول الميلادي، والذي يمثل العصر الذهبي للمسيحية  ويسمى في الكتابات الدينية بالكنيسة الأولى، ويطلق عليه في الدراسات التاريخية والاجتماعية " المسيحية الأولى ". واستخدمت الدراسة المنهج التاريخي المقارن في قياس مدى اتساق الجوانب المالية والاقتصادية التي تظلل في الوقت الحاضر كثيرا من الممارسات الشعائرية مثل (العماد / الخطوبة / الزواج / صلاة الجناز) مع المفاهيم الدينية المسيحية التي كانت سائدة قبل أن يتم الاستيعاب التاريخي للمسيحية من جانب الإمبراطورية الرومانية عبر دراسة ميدانية أجراها على مولد مار جرجس بالرزيقات.

وتناول الباحث الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي أدت أيضاً إلى اضمحلال الحركة الديرية الأصيلة التي قامت كنوع من أنواع الاعتراض على فساد المجتمع والمؤسسة الدينية أيضاً، وتخليها عن الرسالة الأصيلة للسيد المسيح. وأقام الباحث في النهاية مقارنة بين طبيعة وأوجه النشاط الاقتصادي في الحركة الديرية الأولى " الأصلية " وتلك الموجودة في دير مارجرجس الرزيقات، والذي أخذه الباحث كدراسة حالة عن النشاط الاقتصادي الموجود في الأديرة حالياً. كما تعرض الباحث للجوانب التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتستر بشكل خفي وراء كثير من الممارسات الشعائرية في دير مارجرجس الرزيقات بالأقصر ، وذلك أثناء موسم مارجرجس بالرزيقات، والذي يعد أكبر موسم " مولد مسيحي " في الجمهورية، وثاني أكبر مولد على مستوى الجمهورية بعد مولد السيد البدوي.

ثم تحدث الباحث المغربي محمد أو الطاهر عن دراسته الميكرو- سوسيولوجية بعنوان  "الشباب السلفي في مواجهة البطالة من خلال الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة بالمغرب"، وذلك من خلال دراسة الشباب السلفي بالمغرب وعلاقته بما يسمى "الاقتصاد غير المهيكل" أو "غير المرخص له"، من أجل تبيان أشكال التداخل بين الديني والدنيوي في بعده الاقتصادي، حيث عرض الباحث لأوجه العقلانية La rationalité، بلغة فيبر، الكامنة وراء الممارسات الاقتصادية للشباب السلفي، وكيف أن التزامهم السلفي يسمح بتحقيق التزامات أخرى، ومن بينها الالتزام الاقتصادي؛ أي العمل على التفكير في أنشطة وممارسات اقتصادية قصد مواجهة مشكلة البطالة. بلغة أخرى، وأعرب الباحث في رغبته في التأكيد على البعد العقلاني، بل والبراغماتي للممارسات السلفية اليومية من خلال مثال الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة.

          وبدأت فاعليات اليوم الثاني في الندوة العلمية الدولية التي نظمها مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي التابع لمؤمنون بلا حدود ظهر يوم السبت 30 أبريل 2016 .

في البداية تحدث رئيس الجلسة الرابعة لندوة "اقتصاديات التدين في الوطن العربي" الباحث الاقتصادي المصري الأستاذ عبد الخالق فاروق عن أهمية هذا المشروع في إفادة الباحثين العرب وقادة الرأي، لرصده اقتصاديات أنشطة التدين على اختلاف المذاهب والأديان، كما أثنى على ريادة مؤسسة مؤمنون بلا حدود في الدخول إلى هذا المجال الجديد والشيق على حد وصفه.

استهلت اليوم الثاني الباحثة التونسية الدكتورة فوزية الغالي بالحديث عن مكانة الحج في الجزيرة العربية؛  فالحجّ موسم عبادة سنويّة وله صلة وثيقة بالنشاط الاقتصاديّ؛ فقد ارتبط أداء خامس الشعائر في الإسلام قديما بأسواق العرب المتاخمة لمكّة، وما فتئ الملوك والأمراء والخواتين يهدون إلى "البيت الحرام" و"الحجرة النبوية الشريفة" أنفس الهدايا وأثمنها، وينفقون خلال حجّهم أموالا طائلة. أمّا في العصر الحديث، فقد صاحب الحجَّ  نشاطٌ تجاريّ وخدماتيّ يوفّر مداخيل اقتصاديّة مهمّة للمملكة العربية السعوديّة .

وأشارت الباحثة بشيء من التفصيل إلى أن الحج يساهم مع العمرة في تطوير النشاط الاقتصاديّ بالبلدان التي يصدر عنها الحجيج والمعتمرون بصفة غير مباشرة من خلال المؤسسات التي توفّر لهم خدمات عامّة يحتاجون إليها لتأمين سفرهم إلى البقاع المقدّسة كوكالات الأسفار والبنوك وشركات الطيران وحتّى المتاجر التي توفّر ملابس الإحرام وتسعى الدراسة لتقصي  النموذج التونسيّ، ويدلّ تكرّر أداء الحجّ والعمرة في العائلات الميسورة على اهتمامات اقتصاديّة لا تنفصل عن الغاية التعبّديّة.

ثم تحدث الدكتور سامح إسماعيل في فلسفة التاريخ ومدير الأبحاث بمركز دال، حيث عرض ورقته البحثية حول اقتصاديات المساجد الكبرى، المسجد الأحمدي أنموذجا، مشيرا إلى أن  المسجد يلعب دورًا محوريًا في حياة المسلمين؛ فهو مكان العبادة وأداء الفرائض والطقوس، ويتجاوز هذا الدور إلى ما هو أعم وأشمل، ليغدو مركزا للنشاط الاجتماعي والتربوى والسياسي أيضا، بالإضافة إلى مكانته الدينية المقدسة عند عموم المسلمين، وهو ما سمح بظهور نمط اقتصادي معين يمكن أن نطلق عليه اقتصاديات المساجد. أدت المساجد العديد من الأدوار المركبة في المجتمع في ظل غياب مؤسسات الدولة، وعدم قدرتها على القيام بواجباتها، وكان الدور الاقتصادي من أبرز تلك الأدوار، خاصة مع قيام بعض الجمعيات التابعة للمساجد بممارسة نشاط اقتصادي كبير، مع عمق التكوين التاريخي للمسجد، واستعرض في شيء من التحليل الأنثروبولجى لحظة التأسيس الأولى للمسجد، بكل ما صاحبها من مؤثرات ميثولوجية مفارقة، تماهت وكرامات السيد أحمد البدوي الولي الأشهر، ليصبح المسجد الأحمدي بطنطا نموذجا تتمظهر من خلاله أهمية الدور الاقتصادي للمساجد، حيث قامت في محيط المسجد العديد من المشروعات والنشاطات الاقتصادية بسبب الحشد المتزايد لمريديه، وفي وجود صندوق نذور هو الأشهر والأكثر جلبا للأموال، يتم فتحه مرتين شهرياً لتحديد أوجه الصرف والإنفاق، مثل: تحفيظ القرآن ومحو الأمية وورش تعليم بعض المهن، وغير ذلك من الأنشطة الاجتماعية والثقافية الخادمة لرسالة المسجد، كما يخصص قدر للتكافل الاجتماعي، وأشار الباحث إلى أن  الفائض يوجه إلى اللجنة العليا للخدمات الإسلامية والاجتماعية بالوزارة، مع استبقاء 20% من الفائض كاحتياطي لاحتياجات المشروعات، كما أنهى الدكتور سامح إسماعيل حديثه، معلنا أن  الدراسة تستهدف شقا نظريا يناقش دور المسجد في النشاط الاقتصادي والمدخلات والمخرجات وأوجه الإنفاق والميزانية، وشقا ميدانيا يتتبع أثر البعد الاقتصادي للمؤسسة، والأنشطة الاقتصادية الرسمية، وتفاصيل اقتصاد الظل الذي نشأ في الهامش، مع دراسة أثر الحيز المكاني والكتلة البشرية المختصة بهذا النشاط.

ثم تحدثت الباحثة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة آلاء عطية عن مشاركتها، والتي جاءت بعنوان:"نفحات المولد "دراسة عن قرية ومولد الشيخ الشاذلي" ؛ فقدقامت الباحثة بتحديد سمات قرية الشيخ الشاذلي، وهي قرية صغيرة تبعد عن مرسى علم بمسافة 300 كيلو جنوبا، سكنها البدو بعد دفن الشيخ الشاذلي بها  في طريقة للحج، وهي في وادي حميثراء، المكان الذي قال عنه الشيخ الشاذلي: " وفي حميثرا سوف ترى" تجمع االبدو حول المكان عندما وجدوا الأكل والنقود عنده، حيث المريدون والزوار يتركون النفحات دائما عند المقام كجزء من زيارة الشيخ ويتجمع الزوار والمريدون حول الشيخ، لأنه  شيخ الطريقة الشاذلية ومن كبار الأولياء في  التصوف، وهو أيضا على طريق الحج وهناك من يسمي مولده  الحج الأصغر الذي يكون في  يوم عرفة لكن المولد يستمر لمدة أسبوعين تقريبا، وقد أقام البدو حياة مع الوقت حول المقام أغلبهم لا ينتمون إلى طرق صوفية، لكنهم يقدسون المكان ولديهم طقوسهم حوله، والحكايات حول الشيخ الشاذلي وكراماته جزء من  التراث الشعبي للقبائل العبابدة التي تسكن الوادي. أما عن الزوار والمريدين،  فهناك العديد من القصص حولهم وحول الزيارة والطريق وصعوبة الطريق، والذين يموتون على طريق الشيخ. بعد بناء الطريق في أول الثمانينيات، أصبح مولد الشيخ الشاذلي الحدث الاقتصادي الأكبر على الإطلاق لسكان منطقة جنوب مرسى علم، حيث يأتي التجار من وجه قبلي  في  الأغلب والبعض  من وجه بحري، ويأتي  البدو بمنتجاتهم وأغنامهم، ويزور تلك القرية الصغيرة في  موسم الحج هناك من مئة إلى مائتي ألف فرد سنويا. وفي النهاية أشارت الباحثة أن الورقة  تطرح أحد أهم النقاشات في  الأنثروبولوجية الاقتصادية، وهو العلاقة بين السلعة والهدية (مورس، ابورودواى،،كارير،وينبر، بارى) وعلاقتها بالموالد الشعبية.

بعدها دارت مجموعة من المناقشات بين الحضور الذي ملأ القاعة والمحاضرين .

بعد استراحة قصيرة بدأت الجلسة الخامسة بحديث رئيس الجلسة الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الخالق فاروق عن أهمية دراسة المؤسسات الدينية ونشاطها الاقتصادي؛ بالإضافة إلى أهمية النشاط الوقفي في الدين الإسلامي كوسيلة أساسية لتضامن المجتمعات الإسلامية لتحقيق نوع من التكافل الاجتماعي.

ثم تحدث الباحث عبد الله أحمد المتخصص في الدراسات الإسلامية وقضايا الإصلاح الديني، فأشار إلى أن الورقة تستهدف محاولة حصر "دخل الأزهر" وما يقع تحت يده من أملاك، وأوجه صرف هذه الأموال؟ وعلام تعود هذه الميزانية؟ حيث لم يكن للأزهر عند إنشائه ميزانية أو مخصصات معينة، ثم أخذ يعتمد على نفقاته من مصدرين: الأول: الأحباس "الأوقاف". والثاني: الصدقات العامة والخاصة.

وفي أواخر القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر ميلادي، أصبح للأزهر ميزانية تعتمد على العون المالي الذي تقدمه الحكومة للأزهر (ميزانية الأزهر من الدولة). تضاف إليه موارد الأوقاف المرصودة لصالح الأزهر، وتستعرض الورقة مصادر دخل الأزهر الرئيسة قديمًا وحديثًا، مع الإشارة إلى مصادر الدخل الفرعية، والتي تختلف تقديراتها من وقت لآخر، ولا يمكن تقويهما بشكل دقيق، مثل: المكتبات، ولكنها تسهم بشكل غير مباشر في عميلة دخل الأزهر،  وذلك من خلال ثلاث نقاط رئيسة هي:

أولا: الوقف. (نُبذة تاريخية مختصرة عن تطور أوقاف الأزهر، وما آلت إليه).   

ثانيا: ميزانية الأزهر من الدولة. وكذلك دخل الأزهر من:       

(المعاهد، الكليات، المكتبات، المستشفيات، التعليم عن بعد، التبرعات الخارجية، مجلة الأزهر، جريدة الأزهر، (المراكز البحثية) 40 مركزا بحثيا، الصناديق الخاصة، هيئة الوعظ والإرشاد الديني، المدن الجامعية، البعثات)

ثالثا: مصادر الإنفاق. الرواتب

ثم تحدث الباحث الدكتور محمود كيشانة عن ورقته، والتي جاءت بعنوان: "الوقف الإسلامي تنظيمًا واقتصادًا بين الواقع والمأمول (التجربة المصرية أنموذجًا) مؤكدا أن نظام الوقف الإسلامي،، قام بدور مهم وفاعل في التاريخ، لكنه عاني في البيئات الإسلامية المعاصرة قصورًا شديدًا، على صعيدين هما: المالي والتنظيمي أولًا والاستثماري والاقتصادي ثانيًا.

وأكد كيشانة، أن ورقته تحاول مقاربة كيفية الانطلاق بالوقف انطلاقة تنموية استثمارية، حيث تكون عاملًا من عوامل التنمية الاقتصادية في مصر أو في أية دولة من الدول العربية، التي لا يخلو أي منها من امتلاك ثروة وقفية كبيرة.

وفي الجلسة العلمية السادسة التي أدارها الباحث الاقتصادي "أشرف حسين"، تحدث الباحث المصري أكرم ألفي، عن ورقته التي أعدها هو والباحث المصري أيضًا إبراهيم عرفات، بعنوان"تراجع تمويل التيار السلفي والأداء الانتخابي لحزب النور، حيث أكد أن الحملات الدعائية لحزب النور السلفي، خلال الانتخابات البرلمانية (2015)، قد كشفت عن ملامح أزمة في تمويل التيار السلفي بمصر، عقب أحداث 30 يونيو 2013.

ومن ثم انتقل الألفي، إلى الحديث عن المصادر التي توضح حقيقة مصادر تمويل التيار السلفي.

وأكد الباحث أن التمويل الخليجي، بالأخص من الكويت وقطر، كان هو العمود الفقري لتمويل حزب النور السلفي، وهو التمويل الذي تراجع بشدة عقب 30 يونيو 2013، وهو ما أثر بشكل واضح على الأداء الانتخابي لحزب النور في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

وفي الشق الثاني من الندوة، تحدث الباحث المصري عمرو عزت، عن ورقته التي حملت عنوان "من يملك المنبر؟ وقف المساجد وتمويلها وإدارتها بين الفقه والقانون والممارسة في مصر"، حيث قال إن الورقة تسعى إلى مناقشة العلاقة بين وقف المساجد وأنماط تمويلها التاريخية والمعاصرة، الرسمية والأهلية، وبين الحق في إدارتها والتحكم في أنشطتها الدينية الدعوية، والجدل والصراع حول هذا الحق، عبر محورين أساسيين.

المحور الأول يرصد العلاقة بين تطور فقه أوقاف المساجد تاريخيًا، وتطورات وضعها القانوني الحالي في الدولة المصرية الحديثة، والمحور الثاني يرصد أنماط تمويل أنشطة المساجد.

ثم جاءت الكلمة الختامية، تحدث فيها الأستاذ عصام فوزي مدير المركز، ليشكر المحاضرين على جديتهم، وأوراقهم البحثية المميزة، والتي سعت إلى تغطية مساحات واسعة من حقل معرفي شائك يحتاج إلى المزيد من الدراسة والتحليل، كما شكر الحضور الكبير الذي توافد على مدار اليومين، ووسائل الإعلام المختلفة وجمهور الباحثين.