ورشة قراءة في كتاب "مشكلة الأفعال الإنسانية" بين الخلق الاعتزالي والكسب الأشعري" لمحمد آيت حمو

فئة: أنشطة سابقة

ورشة قراءة في كتاب "مشكلة الأفعال الإنسانية" بين الخلق الاعتزالي والكسب الأشعري" لمحمد آيت حمو

نظمت مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث يوم السبت 9 يناير 2016 ورشة علمية  حول قراءة في كتاب "مشكلة الأفعال الإنسانية" بين الخلق الاعتزالي والكسب الأشعري" لمحمد آيت حمو ، بصالون جدل الثقافي بالرباط، شارك فيها كل من الأستاذين مصطفى حنفي وأبو بكر عبد الجبار.

قدم الدكتور مصطفى حنفي، أستاذ الفلسفة السياسية، ورئيس شعبة الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية/ تطوان- المغرب، ورقة تحت عنوان " استراتيجية البناء وطبقات التفكير في مؤلف:

" مشكلة الأفعال الإنسانية بين "الخلق" الاعتزالي و"الكسب" الأشعري"، توقف فيها أمام وجهة في البحث لا يتم الالتفات إليها عادة عند التفكير في بيان حقيقة المضمون الكلامي لمشكلة الأفعال الإنسانية في علم الكلام في التاريخ العربي الإسلامي؛ فقد تواترت في أغلب الكتابات الفكرية الإسلامية الحديثة السائدة في هذا الموضوع، المعالجة التجزيئية التي تنطلق من وضع زاوية النظر في التراث الكلامي أمام عتبة النموذج السني الأشعري بصورة انتقائية تختزل العام في الخاص، وتتضمن انحيازا معرفيا وتاريخيا تكتفي لغته في الفهم والعرض والتفكير بالتماهي مع مرجعيات هذا النموذج الكلامي ولرؤيته للعالم والإنسان.

 هكذا اتجه مصطفى حنفي إلى إعادة تركيب مفاصل هذا الموضوع عبر  فحص ومراجعة الاجتهادات الفلسفية للكاتب المغربي محمد آيت حمو في كتابه  من أجل بناء مقالة في المنهج تساهم في تطوير مساحة النظر النقدي إلى الظواهر الكلامية الإسلامية من خلال منظور تركيبي منفتح على مشكلة الأفعال الإنسانية في وجهها الاعتزالي وفي صورتها الأشعرية. منظور يمكن في نظر صاحبه من مواجهة التسيب الذي يصيب دلالات المفاهيم الكلامية وقضايا علم الكلام في استعمالاتها خارج حقل المجادلات الكلامية وتجليات العقل الكلامي، كما يتيح في نظره من مقاربة مختلف الجبهات النظرية

التي خاض فيها المتكلمون، المعتزلة والأشاعرة، في ترتيب كثير من مظاهر القول والأصول الكلامية كجامع وخلفية مؤسسة لمشكلة الأفعال الإنسانية.ففي هذا المستوى من البحث، يبرز الباحث محمد آيت حمو، حسب حنفي، كفاءة منهجية خاصة في بناء فصوله وطريقته في الاستدلال وأسلوب استخلاصه للنتائج والأحكام التي ينتهي إلى تقريرها، سواء في سياق تشكل المتن، أو في خواتم ومقدمات الفصول.

وقد لزم الدكتور حنفي، من أجل توضيح هذا المطلب، بحكم الهندسة المركبة للكتاب، أن يعيد فحص شروط المقدمات النظرية والتاريخية الكاشفة عن جوانب من مظاهر الإستراتيجية النقدية التي وجهت قراءة الكاتب للنصوص الكلامية، وأن يباشر معه حوارا نقديا في باب التمثل المنهجي لأدوات ومفاهيم الفكر الكلامي الإسلامي وجدوى الخوض في مشكلة الأفعال الإنسانية بآليات النظر المعرفي.

أما الدكتور أبوبكر عبد الجبار، أستاذ الفلسفة والمنطق بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، فقد أشار في بداية تقديمه لورقته، التي تحمل عنوان" " إضاءات في مشكلة المصطلح من خلال كتاب مشكلة الأفعال الإنسانية بين الخلق الاعتزالي و الكسب الأشعري"، فقد وجد نفسه عند قراءته لكتاب محمد آيت حمو "مشكلة الأفعال الإنسانية بين الخلق الاعتزالي و الكسب الأشعري" أمام كم من القضايا والإشكالات يصعب الحديث عنها كاملة، حيث عالجها الباحث بتقنية عالية وحنكة متميزة أبان فيها عن خبرته الواسعة في اقتحام أمهات القضايا في الفكر الإسلامي، و حتى لا يسقط في تلخيص مضامين الكتاب، حاول أن يتناول جانبا مهما من جوانب هذا العمل المتميز، حيث يعتبر، في تقديره، مدخلا لقراءة النصوص التراثية عموما والنصوص الكلامية والفلسفية بالخصوص، وهذا الجانب بطبيعة الحال هو "المصطلح" من خلال رصد خصائصه ومميزاته، لمناقشة أمر مهم وهو مسألة حوارية علم الكلام ولا حوارية الفلسفة كما تداولها دارسون معاصرون، وهي مسألة خلافية تستحق الحسم.

لكن قبل تناوله لهذه المسألة، حاول أبو بكر  في البداية أن ينظر في مسألة رآها ضرورية، وهي مسألة وحدة المشروع الفكري للأستاذ آيت حمو وكذا راهنية قضاياه، ولعل الدافع طبعا، لتناول هذه المسألة هو الرد على الأحكام المسبقة التي بدأ يتداولها الباحثون عن الفكر الإسلامي والفلسفة الإسلامية عموما، من أنه لم يعد يساير العصر، فكان هاجس أبا بكر، من خلال هذا الكتاب، هو بيان راهنية قضايا هذا الفكر، وبيان حجم الحاجة الماسة إليه كي نستطيع الإجابة عن المشكلات التي تعيشها مجتمعاتنا العربية و الإسلامية في عصرنا الراهن، حيث ركز على مسألة الحوار التي تشكل الخيط الناظم الذي استطاع من خلاله الأستاذ آيت حمو أن يجمع به تفاريع مشروعه منذ كتاب مشكلة الأفعال الإنسانية وصولا إلى أهم كتاب في هذا المشروع، باعتباره حمل عنوانا مكتوبا بالخط العريض، وهو كتاب "أفق الحوار في الفكر العربي المعاصر" مستلهما خصائص التفاعل الحواري من التراث العربي الإسلامي، حيث عالج فيه فضيلة الحوار، واعتبره البلسم الشافي لجروح التأخر و التطرف و التعصب بكل أطيافه و الخروج من عنق زجاجة التخلف، وبعد الوقوف عند هذه المسألة انتهى أبوبكر عبد الجبار إلى الحكم على المشروع ككل بالوحدة والتماسك والتكامل والراهنية.

   بعد هذه النقطة، انعطف للحديث  عن المنهج الذي اتبعه الباحث في بناء هذا  الكتاب، حيث حاول في هذه النقطة أن يسلط الضوء ما أمكن عن منهجية الكاتب في مقاربة مشكلة الأفعال الإنسانية والطرائق الممكنة التي اتبعها، والتي مكنته بنجاح كبير في تقليب المفاهيم على كافة وجوهها، كما وقف عند الأهداف الثلاثة التي  تمكن من تحقيقها وإماطة اللثام عنها، وهي، أولا: الوقوف عند المفاهيم الكبرى في النسقين الكلاميين المعتزلي و الأشعري، وما رافقها من مفاهيم شارحة ومبينة.

   ثانيا: الإبانة عن التطور الذي لحق مفهوم الكسب الأشعري الذي تحول من أقصى الجبرية حتى أصبح قريبا بكثير من حرية الإرادة و الاختيار.

   ثالثا: توضيح العلاقة بين أصول الدين و أصول الفقه، باعتبار الأول أصلا و الثاني فرعا.

بعد النظر في مسألة المنهج، انتقل القارئ عبد الجبار للحديث عن مضمون الكتاب، حيث خصص هذه النقطة لتناول بعض المسائل التي تطرق إليها المؤلف، وهي كثيرة طبعا، لكنه اكتفى هاهنا بذكر بعض منها، مثل  مسألة حوارية علم الكلام في مقابل لا حوارية الفلسفة. أما النقطة الثانية، فقد خصصها للحديث عن مكانة العقل عند المتكلمين، فعمل على ربطها بالمقاربة المنطقية عند المتكلمين، لبيان أن المنطق كان حاضرا عند الفرقتين معا لكن اختلفتا في طرق توظيفه والاستفادة منه.