Next Page  250 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 250 / 362 Previous Page
Page Background

250

2016 )9(

العدد

«الحكمة». إنا استراتيجية تروم، كما يقول بنمخلوف، أن تضفي

.

19

مجدّداً ألواناً وسماتٍ معرفية على مصطلح الشريعة

حقاً، فليس للشريعة في الإسلام أيّ مناعة جوهرية ُايثة

لها، بل هي تتغير بحسب السياق الذي توجد فيه، وشرع الله في

نظر ابن رشد هو شرعٌ يبرر الممارسة الفلسفية ويسوّغها. والحال

أنّ العديد من المواضع النصية ـ كما يقول بنمخلوف ـ تعّ عن

الربط بين القرآن والحكمة، والعديد من الملفوظات القرآنية تذكر

مصطلح الحكمة.

مصادر التشريع والامتداد الفقهي

مصادر التشريع الإسلامي الرئيسَة هي القرآن والسنّة، وفي

المستوى الثاني يأتي الإجماع والقياس.

لقد أفضت المقاربة الفلسفية الرامية إلى ملائمة الشرع الإلهي

مع العقل إلى النتيجة التالية: إذا كان الفقه الإسلامي نابعاً من

النص المقدّس فذلكلا يعني أنه يتعارضمع العقل.

ويوضح علي بنمخلوف أنّ الفلاسفة أضافوا تبريراً ثانوياً

للفقه الإسلامي المرتكِز على العقل، «تبريراً يُستنَد فيه إلى مفاهيم

. فالنص القرآني لا يتضمن قوانين

20

الحكمة والمقاصد والمصالح»

وأحكاماً، بل آيات يقعّدها الإنسان بعمله التأويلي ليجعل منها

قوانين وأحكاماً. في هذا السياق نرى علي بنمخلوف يتابع تحليله

للسنّة حيثيجد أيضاً تبريراً لإعمال القياسوتفريعاته. فقد أوصى

النبي بإعمال الرأي والاجتهاد، أي بالمجهود الرامي إلى تأويل

النص المقدّس.

وعند ابن رشد أنّ المصدر الثالث المتمثل في الإجماع إنما يتعلق

بالمسائل العملية لا بالمسائل الكلامية. وبوجود هذا المصدر

التشريعي نكون نتحرك، حسب فيلسوف قرطبة، في نطاق بشري

ِف، نطاق ليس بالإلهي (كما هو حال القرآن) ولا بالنبوي

19. A. Benmakhlouf, Pourquoi lire les philosophes arabes ?, Op.

cit.p. 119 

20. A. Benmakhlouf, Pourquoi lire les philosophes arabes?, Op.

cit.p. 149.

. ومن منظور المؤلف، يتمثل إسهام ابن

21

(كما هو حال الحديث)

رشد في التحليل الفقهي في الجمع بين التقليد الفقهي والتقليد

الأرسطي.

والملاحظ أنّ مفهوم «المناظرة» في الفقه هو مفهوم يحبّذه ابن

رشد ويُشيد به بحكم أنا وسيلة يتسنّى بها عقدُ المقارنة بين نماذج

فقهية عدّة تنتمي إلى جملة من المدارس والمذاهب الفقهية. ويرى

ابن رشد أنّ اللجوء إلى القياس الفقهي يجد تبريره في الحجة التي

مُفادُها أنّ هناك عدداً غيرَ محدود من الحالات فيما تبقى محدودةً

مصادرُ التشريع كالقرآن والأحاديث النبوية. يتضح إذن أنّ ثمة

مجالاً للتأمل والتفكير من قبل الفيلسوفحول الثغرات التقنية أو

المنطقية التي تتخلل الفقه الإسلامي.

أساس الفقه وأساس السلطة

استند علي بنمخلوف على كتاب الإسلام وأصول الحكم لمؤلفه

علي عبد الرازق، وهو كتاب قُيّض له أن يثير جدلاً حاداً، وتتمثل

فكرته الأساس في النظر إلى الشريعة ضمن المجال الروحي

الفردي دون أن يكون لها تأثيرفي السلطة السياسية ولافي القانون.

والمسألة برمّتها إنما مدارُها حول فهم معنى لفظة الشريعة. إنا

لفظة وردتْ في القرآن للدلالة على تعدد الأمم واقترنتْ بكلمة

«المنهاج» (أي السبيل): «لكلّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو

.

22

شاء الله لجعلكم أمّة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم»

يتعلق الأمر بالنسبة إلى الفارابي باستعمال صِيَغ وعبارات من

قبيل «بما هو» و«من زاوية معينة». وبمقتضى إعمال هذه الطريقة

هاهنا، كما يقول بنمخلوف، فإن النبيّ، بما هو رسول الله، لا يسَعُه

أن يتصرفَ تحت أي إكراه، لأنه «لا إكراه في الدين» كما ورد في

القرآن. لكن بما هو حاكمٌ لأول مدينة إسلامية، ألا وهي المدينة

المنورة، فإنه تصرفَ تحت إمرة مجموعة من الإكراهات وكان له

.

23

جيش

21. A. Benmakhlouf, Pourquoi lire les philosophes arabes? Op.

cit.p. 154.

22. Coran, Sorat al-choura versé 48.

23. A. Benmakhlouf, Pourquoi lire les philosophes arabes ?, Op.

cit.p.163.

عبد اللطيف فتح الدين

مراجعة كتب