251
2016 )9(
العدد
ويخلص بنمخلوف إلى أنّ كل ما يتعلق بإدارة المدينة وتدبير
شؤونا وينطوي على إكراهٍ ما لا يمكن إقحامه في الدين. والحق
أنّ هذا استدلالٌ ما كان الفيلسوف «سبينوزا» لينكِر صحته.
خاتـمة:
سعى بنمخلوف من خلال كتابه هذا: «لماذا ينبغي أن نقرأ
الفلاسفة العرب؟» إلى إنصاف الفلسفة العربية التي لطالما ظلت
عرضة للتعتيم والتغييب والجحود والنكران، فشدّد على أنّ
الفلسفة العربية انصهرت في فلسفة القرون الوسطى اللاتينية
وفلسفة عصرالنهضة والفلسفة الكلاسيكية إلىحدّ جعلتجاهلَها
وإبقاءها في غياهب النسيان عنواناً بالذات لنجاحها الكبير.
لقد كان هذا التجاهل والتناسي نتيجة أفرزتها النزعة الذاتية
التي وسمت الفلسفة الديكارتية، علماً أنا فلسفة كانت تُعدّ
بمثابة قطيعة جذرية مع العصور الوسطى. غير أننا في زمن ما بعد
الديكارتية. وقد اتضحت نسبيةُ نموذجٍ من هذا القبيل في مرآة
الفلسفة المعاصرة، وبشكل خاص في ضوء الفلسفة التحليلية
وفلسفة المنطق التي ما فتئت بعضُ إشكالاتها تستمد تساؤلا ِا
من الفلاسفة العرب القروسطيين.
صحيح أنّ هناك قطيعة معرفية وقطيعة منهجية قامت بين
فلاسفة القرون الوسطى والفلاسفة المعاصرين، غير أنّ القطيعة
لا تعني تكرار الإشكالات نفسها ولا غياب التاريخ/القصة
ذاتها. إننا في قطيعة مع العهد الديكارتي، يقول بنمخلوف، إلا أنه
ما تزال ثمة بعضٌ من أوجه الإئتلاف وصلات القرابة، والمنطق
خير شاهد على ذلك.
من الأهمية بمكانٍ في رأي الكاتب توظيفُ جميع ما يتوافر
لدينا من وسائلَ وأدواتٍ لإدراج الفلسفة العربية ضمن التراث
الفلسفي المشترك. ومن المهم أيضاً ألا نجعلَ منها فلسفةً لأهلِ
الاختصاص دون سواهم، فلسفةً من قبيل المَضنُونِ به على غيرِ
أهلِه. يتعلق الأمر بتقليدٍ عظيم وإرثٍ نفيس للبشرية لا محالة. ولا
جرَمَ أنّ الفلسفة العربية، كما تجلتْ ما بين القرنين الثامن والخامس
عشر، تشكل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ البشرية الفكري.
مراجعة كتب
قراءة في كتاب:لماذا ينبغي أن نقرأ الفلاسفة العرب؟




