بحث في أُسس العدالة


فئة :  مقالات

بحث في أُسس العدالة

مقدمة:

تحاول هذه الورقة تقديم بحث في أسس العدالة، ليس بالاعتماد على الفرد، ولا بالاعتماد على المجتمع؛ إنما بالاعتماد عليهما معًا، على اعتبار أن العدالة: هي نتاج العلاقة بين الفرد والمجتمع، في حركيتها وتطورها الدائم، وهذا ما جعل العدالة في تطور دائم، لا يقف عند حد معين، وجعل المشتغلين بها دائمِي البحث عنها منذ الزمن العتيق إلى غاية اليوم، حتى أصبحت حلمًا عزيزًا على النفوس وغاليًا، سمح لكل واحد أن يَبني تصوره من زاويته الخاصة، ولن أستند، هنا، إلى حالة الطبيعة المتخايلة التي للفرد في تأسيس العدالة؛ بل سأناقش العدالة كما هي بالفعل، ولو جزئيًّا، لهذا؛ فما أحاول إثباته، هنا، هو أن الالتزام بالحرية والمساواة، لا يؤسس دائما للعدالة، وأن العدالة تتطلب الانفتاح على إمكانية جديدة، تجعلها أكثر علاجًا للواقع، مما يجعلنا، هنا، في حاجة إلى مزيد من التفكيك والتحليل، وضرورة النقد، حتى يصل هذا التأسيس إلى مستوى أكثر معقولية، يمكن من بناء تصور واضح ومناسب للعدالة في راهنيتها.

هكذا أصوغ إشكاليتي في جملة تساؤلات، منها: هل العدالة وجود في ذاتها؛ أي هي مجموعة تمظهرات العدل؟ ولمن الأسبقية في تأسيس تصور للعدالة؛ الحرية أم المساواة؟ وعلى ماذا تستند العدالة في ذلك؛ هل على القانون أو على الحق أم الخير؟ وأخيرًا؛ ما هي الأسس الممكنة لقيام العدالة؟

من أجل مقاربة هذه الإشكالية؛ قسمت ورقتي إلى:

تمهيد: أتناول فيه المنطلقات التي أعتمدها لمقاربة العدالة، التي تتركز، بالأساس، على العلاقة بين الأفراد داخل المجتمع، وقد خصصت المحور الأول: لمناقشة العلاقة ما بين العدالة والقانون، محاولًا إيضاح حدود القانون في التأسيس للعدالة، والنتائج المترتبة عن إسناد العدالة على القوانين. فيما سأتناول في المحور الثاني: علاقة العدالة بالحق والخير؛ من خلال مناقشة أولوية الحق أو الخير في تأسيس العدالة، وتوضيح النتائج المترتبة عن كل منهما، بهدف الوقوف عند تصور واضح لأسس العدالة.

وأختم هذه الورقة: بمحاولة جمع وتركيب ما توافق وتناقض[1] من الأفكار، في إثبات ونفي الحرية والمساواة التي تضمنها العدالة في صورة واحدة، معتمدًا في ذلك على جملة من المصادر؛ ككتاب "العدالة كإنصاف" لجون رولز، وكتاب "بعد الفضيلة" ألسدير ماكنتاير، وكتاب "الليبرالية في حدود العدالة" لمايكل ساندل، وكتاب "فكرة العدالة" لأمارتيا سن، وغيرها من المراجع المتوفرة التي قاربت الموضوع، وكلي هَمٌ في البحث عن الارتباط الجوهر الذي يربط بين ما الواقعي والمنطقي من الأفكار، بهدف القيام بعملية تركيبية أبني من خلالها تصورًا عن العدالة.

تمهيد:

يؤكد الواقع أنه لا وجود لعدالة في ذاتها، ولو العدالة في النفس، كما تحدث عنها القدماء؛ إذ لا يمكن إدراك العدالة، في نظري، إلا من خلال العلاقة بين الأفراد، وهذا يفيد أنه لا وجود لعدالة خارج العلاقة الجماعة، ومن جهة ثانية؛ يمكن تفسير العدالة بضدها؛ الذي يفيد منع الظلم، لكن لا يمكن لهذا الظلم أن يكون بين أعضاء الجسد الواحد، وهذا تأكيد على أن مجال العدالة يقع خارج الذات، وبالتحديد، في العلاقة بين الذوات. من ثم؛ فالعدالة: هي المساواة بين الذوات في الاستفادة من الفرصة بكل حرية، مع فتح الباب أمام العواطف التي تربط بني البشر؛ إذ هي ما يقف وراء تطورها، وبهذه النظرة، تصير العدالة صنع إنساني.

لا أنوي الرجوع، هنا، إلى قابلية الفرد بحسه الطبيعي إلى العدالة؛ لأني لا أملك حجة دامغة على ذلك؛ بل كل ما يظهر لي، هو: أن العدالة صنع مشترك بين البشر ككل؛ فمنبع العدالة، هنا، ليس مرده الرجوع إلى أفلاطون وأرسطو، في القول: إن العدالة تتحقق بتوازن النفس، ولا الحنين إلى الزمن القديم؛ الذي يرى أن العدالة تتحصل "بمجرد الحصول على الوسط القويم"[2]، في بحث عن تأصيل هذه نظرية العدالة؛ إنما هو البحث عن إمكانية جديدة، لإعطاء مفهوم العدالة نفسًا جديدًا، ورغم كل التطورات التي يعرفها العالم اليوم، لازلنا نبحث عن تعريف للعدالة، فيما هي؛ بين فكرة المساواة وواقع عدم المساواة؛ حيث لم يعد بإمكاننا القول بالمساواة في الأملاك بين الناس؛ لأنه، في الحقيقة، لا يمكننا الرجوع إلى حقيقة نقطة البداية، مهما حاولنا ذلك جاهدين، بينما الحقيقة الوحيدة الماثلة أمامنا هي: اللامساواة؛ ففي أية محاولة للرجوع لأية نقطة بداية من المساواة، سيكون فيها ظلم كبير لمن له قدر أكبر من الثروة، حتى لو اعتمدنا مبدأً أخلاقيًّا؛ بضرورة التنازل للآخرين عن أملاكنا، لأننا إخوة في نهاية المطاف؛ فهناك، دائمًا، من لن يقبل هذا الرأي، وسيرفضه بشدة، بدافع أنه تعب في تحصيل ثروته، أو أنه ورثها عن أبيه، ومن الظلم تخليصه منها، وبالتالي؛ تظل المفارقة التي تعاني منها العدالة قائمة: هل "المساواة أولًا أم الحرية؟"[3].

في خضم من يُحاجج بأولوية الحرية، ومن يطالب بأهمية المساواة، أولًا، في تحقيق العدالة، لم يبقى أمامنا سوى الإقرار باللامساواة كنقطة بداية، ومن عمق هذه اللامساواة، نستل مبدأ المساواة في الفرص، على اعتبارها المساواة الوحيدة الممكنة في هذا العالم الواقعي، دون حاجةِ الخروج إلى عالم افتراضي؛ فنضمنه أشياء غير واقعية، لا تفعل سوى تكثير النقاشات، وكثرة الحلول العقلية والمنطقية، من حيث تسلسل الأفكار الصعبة التطبيق؛ فتصبح هي العائق الأول لتحصيل العدالة، من، هنا، سنحاول التقريب بين ما هو الواقعي والنظري قدر الإمكان، حتى يقبل الواقع التقولُب في أنماط فكرية، تمكننا من تطوير الواقع كما يحضر في الأفكار، وقابلية هذا الواقع لاستقبال الأفكار.

يقول هيجل: إن العقل يجمع الناس والفهم يفرقهم، ويرى كانط أن العقل يستحيل أن يدرك الشيء في ذاته، فيما يمكنه إدراك الظواهر، وهذا الإدراك للظواهر، الذي يشترك فيه كل فرد من المجتمع: هو ما يجعل قيام العدالة على العقل المشتركة[4] ممكنًا، لذا؛ أرى أنه لا وجود لعدالة في ذاتها؛ لأننا لا نستطيع إدركها، وكل ما نستطيعه هو العدالة، كما تظهر لنا؛ فالواقع يُظهر لنا أن مفهوم العدالة غير مستقلٍ بذاته؛ بل هو متمازج بالحرية والمساواة، ومتداخل مع الحقوق والقوانين، بغاية تحقيق الخير العام، وهذا التداخل: هو ما يعطيه القوة على الحركة والسرعة، بطريقة تجعل الإنسان يلاحقه دائمًا، وما يعطي الحركة لهذا التشابك من المفاهيم، هو الواقع كما هو، ذلك أن الإنسان المتطور باستمرار، دائم التطلع إلى ما هو أحسن في مستوى الحياة؛ فتراه يبحث عن المساواة الأفضل والحرية الأوسع، والحقوق الأوفر، وربما الواجبات أقل، لذلك؛ مرة تراه يسند العدالة إلى القانون، ومرة أخرى يسندها للحق أو للخير.

المحور الأول: العدالة والقانون.

أعتقد ان العدالة لم يكن لها وجود يومًا، إلا بوجود الجماعة، وأن "المجتمع الذي يفتقر إلى اتفاق علمي حول مفهوم العدالة، لا بد أن يفتقر، أيضًا، للأساس الضروري للمجتمع السياسي"[5]؛ فالعدالة، هنا، ليست حماية المصالح الفردية بشكل مطلق داخل المجتمع المدني، ولا حماية المجتمع المدني على حساب الأفراد بشكل مطلق؛ بل إن الأمر بين هذا وذاك، وهذا البَيْن هو القانون: الذي كما نشاهد اليوم في كل الدول العالمية الموجودة؛ فالعدالة تحدد بقوانين، لكن نطرح السؤال، هنا: إذا كانت العدالة هي نتاج العلاقة وترقباتها، ما بين الفرد والمجتمع؛ فإلى أي حد يتصالح القانون مع العدالة؟ هل كل ما هو قانوني عادل؟ وهل الانصياع للقوانين دائمًا يمثل العدالة؟

منذ بدايات التفكير الأولى في هذا الموضوع، يؤكد سقراط في نهاية حياته بأن العدالة: هي احترام القوانين[6] التي تضعها الدولة، كيفما كانت تلك القوانين، وعلى الإنسان أن يلتزم بها، حتى ولو كانت له أراء مختلفة عن تلك القوانين، وهو الشيء نفسه الذي قام به حين خضوعه لعقوبة الإعدام، وهو على علم بأن الحكم الذي صدر في حقه غير عادل، وأنه حوكم ظلمًا، اعتبر أنه من العدل الخضوع للقانون؛ فعندما جاءته الفرصة للفرار لم يهرب، بل لبى حكم العدالة، إيمانه منه بأن أي مخافة للقانون قد تكون الباب الأول لسيادة الفوضى في المجتمع. مع أفلاطون يحضر القانون بشكل صارم يتطابق فيه مع العدالة، حتى يتم التسليم بأن العدالة قاعدة إلزامية تحمل طابع الضرورة المطلقة[7]، فالاستجابة للقانون تطبيق للعدالة والخروج عن القانون خروج عن العدالة، وقد نجادل، هنا، بالقول: إن خضوع الجميع للقانون يرسي قاعدة المساواة، كقاعدة أساسية في العدالة، على اعتبار أن الجميع متساوين أمام القانون في نظر العدالة؛ بحيث أن للمواطنين نفس الحقوق؛ كالاستفادة من ثروات الدولة المادية في فرصة في تحصيل العمل، وتوفير المأكل والمشرب، وغير المادية من الأمن والسلامة، واحترام الكرامة الإنسانية، وعليهم نفس الواجبات؛ من دفع الضرائب، وأداء الفواتير، واحترام المواطنين، والامتثال لقوانين الدولة ككل، وكذلك الأمر ينطبق على الحرية، على اعتبارها الركن الثاني من أركان العدالة؛ فالحرية، هنا، هي ما يسمح به القانون، كحرية التملك؛ فمثلًا، لا يسمح لإنسان بتملك الآخر، كما لا يسمح له تملك الأشياء التي تؤدي إلى هلاك المواطنين؛ كالمخدرات والأسلحة، وغيرها مما يهدد سلامة المواطنين، وكذلك، تحمل الأضرار، وتحمل خسائر الدولة بالتساوي، فيما يسمح لهم تملك غير ؛ من حرية التعبير، ولو بنسبة، وحرية المأكل والمشرب، وحرية اللباس، ولو بنسبة، وحرية السفر، وكذلك بنسبة، لكن من جهة أخرى؛ يمكن القول: إن تحديد القانون للعدالة، يستمد سلطته من احتكاره لوسائل العنف، التي يهدد بها، أو بالأحرى؛ يتدخل عند كل اختراق للعدالة، كما يحددها هو، ولن نتساءل، هنا، عن كيفية تشكل القانون ومن يمثله؛ لأن هذا الأمر سيجرنا بعيدًا عن موضوعنا؛ بل إن همي، هنا، التأكد من صحة انسجام القول بتناسب العدالة والقانون أو فساده.

إن القانون يرى العدالة كنظام مضبوط بقواعدَ، تُدبِر حضور الفروقات الطبقية وغيابها، في توزيع الثروة؛ من الجاه والسلطة والولاء[8]، ويتوقع أن يسير كل مواطن وفق تلك القوانين التي رسمت له، وأي خروج عنها، يعتبره إشارة مباشرة للتدخل وتقويم الاعوجاج، سواء بالعنف، أو عن طريق العقاب، ولكن الملاحظ؛ أن التحديد القانوني للعدالة، يجعلها شيئًا جامدًا لا حركة فيه، مع العلم أن التقصي التاريخي يثبت العكس؛ فأفلاطون في حديثه عن العدالة: هو لا يتحدث عن كل المجتمع الأثيني؛ إنما يقصد، فقط، الفئة الحرة منهم، والتي لا تتجاوز نسبة 10% من مجموع السكان[9]، الذين يبلغ عددهم، في الحقيقة، أربعة مئة ألف نسمة، الأمر الذي يعني؛ أن 90% من سكان المدينة، كانت العدالة لا تشملهم؛ فبالإضافة إلى العبيد والأطفال والنساء، أيضًا، جميعهم لا يعتبرون أحرارًا، وبالتالي؛ لا يمكن إدخالهم في دائرة المساواة، ولا يحتكمون إلى العدالة، إلا أن أهم فكرة نستخلصها من حديثه عن العدالة؛ هي إخراجه لتصور العدالة من؛ "التعامل بالمثل كمرجعية أساسية للتفكير بالعدالة"[10]، إلى العدالة كحفاظ على النظام، وهذا التصور هو ما سيحرك، تقريبًا، كل من سيناقش العدالة فيما بعد، ويبتدئ أرسطو من حيث انتهى أفلاطون، ويقول: إن العدالة طبيعيًّا*، تكمن في عدم تساوي الرجال والنساء والأطفال والعبيد، وتعني؛ التفاوت وترجيح الكفة لصالح الأحرار، وحتى بين الأحرار؛ فالعدالة: هي أن يحترم كل واحد المكان الذي له بالطبيعة، وفي هذا تأكيد على انتقاده لإقامة العدالة على أساس المعاملة بالمثل؛ فمثلًا، إذا ضرب مواطن شرطيًّا في الطريق؛ فلا تتحقق العدالة بمجرد أن يرد الشرطي نفس الضربة للمواطن؛ لأن الشرطي لا يمثل نفسه، في تلك الفترة؛ بل يمثل الأمن بالدولة، لهذا؛ فليست العدالة المعاملة بالمثل؛ بل الاحتكام للقانون.

إن إسناد العدالة إلى القانون، يعطي شرعية شبه مطلقة للذي ينفذ القوانين؛ فعلى الرغم من أن منفذ العدالة، في حقيقته، هو: مواطن عادي، يتميز بالحرية والمساواة، إلا أن قيامه بعمله في تنفيذ القانون، يجعله منفذًا للعدالة في نفس الوقت، مما يعطيه حرية أكبر حتى خارج عمله؛ أي أنه يستغل المنصب، لإضفاء العامل الشرعية على أمور ليست شرعية، ولا أحد من حقه أن يعترض؛ لأن أي اعتراض باسم العدالة، هو: اعتراض على العدالة نفسها، وفي الأمر تناقض، بالنسبة إلى هذا المنطق، ونفس الشيء يحصل أثناء قمع الدولة للمطالبين بفرص الشغل، وغير ذلك من المطالب المشروعة للمواطنين؛ فقوات الأمن تتدخل بقمع المتظاهرين وتشتيتهم، مع العلم أن الدستور يضمن حق الكلام التعبير الحر، ولكن، هنا، الأمر يتم باسم العدالة؛ حيث تصبح العدالة التي وضعت لحماية أفراد الشعب، وتدبير العلاقات فيما بينهم، وسيلةً لتخليصهم من حرية التعبير وكبت مطالبهم، وهكذا، فكأن العدالة تمنح القوة الشرعية في القيام بكل أعمالها، من ثم؛ يحق لنا التساؤل: إذا كانت علاقة القوانين بالعدالة مبنية على هذا الأساس؛ فبماذا نفسر الحرب العادلة*؟

إن الحرب، غالبًا ما تتوسل قوة القانون، سواء كانت مسوغاتها حقيقة أم مجرد مبررات؛ ففي الحرب الذي قام به ائتلاف الراغبين بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، على العراق سنة 2003م، يقول جورج بوش الابن: إن الحرب على العراق هي حرب عادلة؛ لأن "المعلومات الاستخبارية، التي تم جمعها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى، أكدت، وبشكل قاطع، أن النظام العراقي يمتلك واحدًا من أكثر الأسلحة فتكًا، ويطوّره، وهذا النظام استخدم بالفعل أسلحة الدمار الشامل ضد كل من جيرانه وشعبه"[11]، وبهذا الخطاب، قدم جورج بوش المبررات التي يضمنها القانون الدولي، لدعم الحرب التي يريدها، ولإسناد الشرعية على الحرب التي يقوم بها، حتى تصبح عادلة، ولا نناقش، هنا، إن كانت فعلًا عادلًا أم لا؛ إنما نناقش كيف أن إسناد الحرب للقانون، في هذه الحالة، يؤدي بنا إلى الحرب العادلة؛ التي، في أصلها، لا تعني أنها حرب هجومية؛ بل حرب دفاعية[12] باسم حقوق الإنسان، لكن بوش قلب المعادلة؛ ففي الخطاب الذي أعلن فيه الحرب على العراق، تحدث باسم حقوق الإنسان، ولكن حربه كانت هجومية وليست دفاعية، بزعم أن الولايات المتحدة مسؤولة عن حقوق الإنسان في كل بقاع العالم، وأن الدخول إلى العراق، هو من أجل حماية حياة الشعب، من الأسلحة القاتلة التي تمتلكها قياديه، إن الحرب العادلة، بالأساس، تعني؛ إسناد القانون في استعمال العنف من جهة معينة، ضد جهة أخرى، بشكل يجمع فيه الجميع، أنه من العدل إسناد العنف لهذه الجهة أو الدولة، وذلك بموجب القانون.

تقوم الحرب العادلة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان، على اعتبارها، حقًّا مطلقًا للجميع، ولا يُسمح بانتهاكه على أي وجه كان، مما يجعل قانون حقوق الإنسان: هو المنبع الذي تستمد الحرب منه مشروعيتها؛ إذ إن استنادها عليه، هو ما يجعلها عادلة؛ فالمثال الذي قدمناه عن العراق، وحين كان يتحدث جورج بوش الابن، كان يتكلم باسم الإنسانية، ويقدم نفسه كمحدد لما يجب أن يفعل؛ أي أنه يقوم بتحديد الصحيح من الخطوات، والخاطئ منها أيضًا، التي يجب على الدول اتخاذها، كذلك، ما يجب على الشعب العراقي فعله؛ فهو يقدم نفسه، هنا، كمحدد للعدالة، وأعتقد أنه، في هذه النقطة بالذات، تفترق العدالة عن القانون، إن لم يكن في ظاهرها؛ فذلك يقع في جوهرها، وهذا تأكيد على أن العدالة قد تكون تعبيرًا عن القانون الذي صنعه القوي، وقد تتماهى، كذلك، العدالة مع القانون، ولكن ليس دائمًا؛ فالانصياع، وإن كان يثبت النظام في كثير من الأحيان، إلا أنه لا يمثل العدالة دائمًا، وإذا لم يكن القانون: هو منبع العدالة؛ فكيف تصير العدالة عدالة؟

المحور الثاني: العدالة بين الحق والخير

لم يعد يُنظر إلى العدالة، اليوم، ككيان جاهز وجامد، يتم تطبيقه على الفرد أو المجتمع؛ بل كمجموعة العلاقات التي تسود بين الأشخاص، الأحرار والمتساوين، نسبيًّا مع بعضهم البعض[13]؛ إذ إن الدقة في وصف الواقع، تقتضي منا الاعتراف: أن الحرية والمساواة متباينة بين الأفراد، خاصة في النموذج الديمقراطي اليوم؛ الذي يعطينا حرية مطلقة بنوع من المساواة، وهنا، لا نتحدث عن المساواة بشكل مطلق، ولا عن الحرية بشكل مطلق؛ إنما حديثنا عنهما، من داخل نظام التعاون الاجتماعي المنصف، الذي عرفه المجتمع عبر الزمن[14]، وأي حديث عن مساواة من نوع الآخر؛ فسيجبرنا على العودة بالإنسان، إلى ذلك الحيوان الذي يمشي على أربع، على الأقل، حسب نظرية داروين، وحتى لو افترضنا نقطة بداية للحرية والمساواة معًا، في الوقت ذاته، يسلم بها الجميع؛ فسرعان ما ستقلب الحرية كفة المساواة مع مرور الزمن؛ فتظهر فروقات بين المواطنين، وتتم المطالبة بالمساواة، وعدم التفريط في الحرية، من جديد، وهذا غير معقول، من هنا؛ يطرح رولز مبدأ الفرق؛ الذي يسمح بحالة التفاوت[15] داخل المجتمع؛ إذ إن لكل فرد حياته الخاصة، ومن حقه أن يتصرف بكامل حريته، وهذا ما يؤكد على أن الأفراد مختلفين.

كما يطرح نوزك مبدأ المساواة في فرص التعليم[16]؛ الذي يسمح بتخفيف التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وهو، في ذلك، قريب من مبدأ رولز، فيما يعد ساندل هذين المبدأين؛ اعتباطيين، ويقول بمبدأ بديل، هو؛ مبدأ الاستحقاق المنصف[17]: الذي يعمل على تصحيح التفاوتات الاجتماعية، ومحاولة تعميم المنع على الجميع، ولكن، هذه المبادئ الثلاث، تنطلق من تصور للمساواة، إن لم يكن مستمدًا من الوضع الطبيعي للإنسان الأول، كما هو الحال مع رولز ونوزيك، يكون ردًّا عليه، كما هو الحال عند ساندل، غير أن الواقع لا يمَكننا إلا من الانطلاق من حالة اللامساواة لإثبات المساواة، وليس العكس، ومنهما يجب أن نستنج الحرية، على اعتبارها مساواة الفرصة التي تمنح للفرد حسب ما يملك من قدرات، ومع ذلك؛ فإن اكتمال هذا التصور، رهين بالجواب عن السؤال الآتي: هل تأسيس العدالة يتم بإعطاء الأولوية للحق أم للخير؟

إن الغاية من استحضار أولوية الحق على الخير، أو أولوية الخير على الحق، في تأسيس العدالة، ليست إقامة ترتيب بينهما؛ الأول والثاني، ولكن بهدف البحث عما إذا كان هناك تفسير يجعل العدالة مستقلة عن أن رؤية معينة للخير، أو تقديم تبرير معقول، يؤكد استقلالية الحق في تحديد العدالة[18].

إن الذين ركزوا على أولوية الحق في تأسيس العدالة؛ إنما يقصدون أولوية الحق في الحرية؛ فكانط، مثلًا، يرى بأن أولوية الحق مشتقة من مبدأ الحرية[19]، على اعتبار أن هذه الأخيرة نابعة من الأفراد ككل، ولا تجبر أحدًا على الخضوع لأي شيء خارجي، أو الارتباط بأية غاية خارجة عن الفرد؛ فالعدالة لم تأتي لقهر الفرد، وربطه بغايات تجعل منه وسيلة؛ بل إن الفرد غاية في ذاته، وما العدالة إلا أداة لحماية الحرية الفردية، بطريقة تجعل ممارسة الفرد لحريته الخاصة، لا تتعارض مع حرية الآخرين، من ثم؛ تظهر العدالة، كمجرد حدود ترسمها حقوق الفرد في ممارسة حرياته الطبيعية، ذلك أن الذات الفردية سابقة عن كل موضوعاتها، مما يغنيها عن الخضوع لأي قانون خارجي؛ بل هي القانون الذي يجب أن تخضع له العدالة، التي لا يمكن أن تعد، إلا موضوعًا من مواضيع الذات، هذا، في نظري، جد صائب، ولكن، عندما قلنا: إن العدالة هي تدبير العلاقة بين الذوات، وليس داخل الذات؛ فإن الأمر يصبح أكثر التباسًا، لماذا؟ لأنه عند الحديث عن الذات؛ فإننا نعي أن التوافق بين مكونات الذات يكون داخليًّا، مما لا ينتج لنا تضارب آراء ومصالح وتوجهات، بينما الواقع المعاش، يؤكد أن تحقيق رضا الأطراف عن قرار، يتطلب الأرضية المشتركة بين الأطراف، وأعتقد أنه لا يمكن أن يوحد الذوات إلا الغاية المشتركة، نصل، هنا، إلى الخير العام للذوات.

من ناحية منطقية، يستقيم القول: إنه لما كانت الذات سابقة على الجماعة؛ فإن للذات حق على الجماعة، وأن الحق سابق على الخير في تأسيس العدالة، لكن واقعيًّا؛ لا وجود للعدالة خارج علاقة الجماعة، وحتى العدالة التي تكون داخل الذات، ليست إلا توازنًا؛ لأنه لا يمكن القول بحرية أطراف الجسد والمساواة بينها؛ فما يحرك أطراف الجسد: هو مصلحة الجسد في نهاية المطاف؛ فالمريض بداء السكري، حين يبتر إصبعًا أو رجلًا، لا يفعل ذلك لتحقيق العدالة بين الأطراف؛ إنما بغاية المحافظة على الحياة، وحين يشرب الدواء المر، لا يشربه حبًّا فيه؛ إنما لارتباطه بغاية الشفاء، وغير ذلك من الأمثلة؛ التي تؤكد أن نظام العلاقة الداخلية للفرد، لا يعدو أن يكون سوى توازنًا، لا عدالةً، وحتى القدماء الذين استعملوا الجسد لإثبات نظرية العدالة؛ فلم يضعوه إلا على أنه؛ مقدمات وحجج تمكنهم من إقناع العقول بتصورهم للعدلة، بينما المكان الحقيقي للعدالة، يكون في العلاقات بين الذوات؛ أي العلاقة بين أفراد المجتمع المدني.

يؤكد الليبيراليون، منذ لوك، على استقلالية الذات، لكن حين يبحثون عن تبرير لهذه الاستقلالية؛ فهم يتجهون نحو التبرير الأخلاقي والأنثروبولوجي؛ لأن الواقع الفعلي يعبر عن شبكة من التداخل بين الأفراد، بشكل يجعلك تعجز عن النظر إلى الشخص كفرد دون الجماعة، من هذا المنطلق، يقول ساندل: إن نظرية الواجب؛ التي تعبر عن استقلالية الذات التي "يفتخر بها الليبيراليين؛ إنما هي وهم ليبيرالي؛ لأنها تخطئ فهم طبيعة الإنسان، التي هي اجتماعية أصلًا"[20]؛ إذ إنها، بالأساس، تأكيد للأنا الفردية على الغاية الجماعية، خاصة، إذا اعتقدنا أن تفرد الذات يفرقنا، وأن غايتها تجمعنا، وأن العدالة لا يمكن أن تتم إلا بربط الذات بالغاية المشتركة للذوات؛ فنظرية رولز في العدالة، التي تبنت مبدأ الواجب الأخلاقي لكانط، وإن كانت في ظاهرها تتحدث عن مبدأي العدالة؛ مبدأ المساواة: الذي يقر المساواة في توزيع الثروات، ومبدأ الفرق الذي يسمح بالتفاوتات بين الناس؛ فإنها، في العمق، تتحدث عن مكانة العدالة بين الخير والحق، وهو ما يتأكد لنا من قول رولز: إن العدالة هي فضيلة المؤسسات الاجتماعية؛ لأن تحقيق العدالة، يتطلب وجود آلية لحفظ المساواة[21] بين المواطنين، وهذه الآلية: هي المؤسسات التي، غالبًا، ما تحتكم للقوانين، فتُنظم العدالة وفق مبدأ الحق والواجب في تداخلهما، وهذين المبدأين؛ هما ما يحضر، في الوضع الأصلي، خلف حجاب الجهل؛ حيث التخلص من كل زوائد المجتمع، والنظرة إلى الخير العام، وانطلاقًا من حس العدالة الذي للجميع، ولكن هذا الحس يظل غائمًا وغير واضح؛ بل ودغمائي، بالنسبة إلى الذين يقولون به، لذلك؛ فلا يمكن أن نعدّه إلا تدعيم لمبدأ الواجب، الذي يجعل من العدالة قيمة في ذاتها، على عكس النفعيين؛ الذين يذهبون إلى أن العدالة نابعة من الرغبة في الحفاظ على الخير العام.

إن اسناد العدالة إلى الحق في تأسيسها، يوحي، مباشرة، بضرورة افتراض وضع أولي للطبيعة الإنسانية، يكون أساس تكوين المجتمع، ومنه يتم استلال الحق مع كل رواد العقد الاجتماعي، وصولًا إلى رولز، غير أن رولز، نفسه، يقول: إنه حتى لو كان هذا الافتراض قد وقع بالفعل، أو لم يقع؛ فهو لن يؤثر في الواقع[22] في شيء. وأنا أوافق رولز على ذلك، لكن، ما لا أوافق رولز عليه، هو؛ إنْ كان هذا الافتراض المتخايل لا يؤثر في الواقع في شيء؛ فهو يِؤثر في كيفية بناء تصور للعدالة، بطريقة تجعلها لا تنبع من الواقع المعاش؛ بل يجعلها تصورًا متخايلًا، يتم تسليطه على الواقع، ومن هنا؛ حصول التوتر في مفهوم العدالة، ما بين؛ النظري والتطبيقي، من جهة أخرى؛ فالقول بأولوية الحق، تجعل من مقول الخير مفهومًا سياسيًّا[23]، يفيد أن الخير هو ما ينتج عن القوانين؛ الناتجة عن الاتفاق على الحقوق والواجبات، ولكن لا يجب أن يفهم، أن تأسيس العدالة على الحق هو نفي للخير؛ بل هو تزكية له، ولكن بشكل يجعله تابعًا للحق، وقد يكون القول بأسبقية الخير على الحق اقترابًا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من النظام الشمولي، وليس تعبيرًا عن الديمقراطية*، هذا، فقط، إذا سلمنا أن الخير يتجلى في ضمان الحرية السياسية بالتساوي، في غياب المعوقات، أو في وجودها، وأن هذه الحرية السياسية قيمة في ذاتها[24]، كما ذهب إلى ذلك برلين وكونستانت، أو اعتبار الخير؛ هو المنافع التي يتمتع بها أفراد المجتمع بالتساوي، كما يذهب في ذلك النفعيين[25]، بينما الخير، في نظري، لا هذا ولا ذاك؛ بل هو كل ذلك؛ أي أن الخير يكمن في العلاقة التي تجمع بين الأشياء (الاقتصادية والسياسية والأخلاقية) كذلك، بما يتناسب مع الجميع داخل المجتمع، هنا، بالذات أتحدث عن الخير بشكل نسبي لا حدود له، إلا ما تُحدده العلاقة بين الجميع؛ فتصبح العدالة: هي ضبط هذا المتحرك الذي يحركه المواطن، وتشرف عليه الدولة؛ إذ من خير الغني أن تقتص الدولة من أمواله عن طريق الضرائب، وتعويض الفقراء عن طريق التسهيلات أو تقديم منحات؛ فتصبح العدالة أن يعطي لكل طرف أهليته[26] في تدبير وضعيته الاقتصادية والسياسية، ومشروعيته فيها كذلك.

إن العدالة؛ هي معالجة الواقع بتناقضاته، اختلافاته واتفاقاته، والعمل على "اتقاء"[27] الظلم الذي يسري في المجتمع من كل جانب، عن طريق عقلنة المؤسسات، على اعتبارها الضامن لاستمرار هذه العلاقة بين الفرد والمجتمع، بطريقة عادلة؛ فعند تقييم أمارتيا سنًّا للعدالة ركز على مفهوم القدرة[28]؛ التي تتجلى في قدرة الشخص على القيام بالأشياء، وفق المهارات التي له؛ إذ هي ما يخول له استحقاق المنفعة، غير أن مفهوم القدرة على نفس منوال الفرق عند رولز، يفيد أن هناك تفاوتات اجتماعية، والواقع لا ينفي هذه التفاوتات؛ بل يؤكدها، بينما العقل يعمل على تجاوزها من خلال البحث عن جوهرها، ومن ثم كان تركيز العدالة على العلاقة بين الأفراد والجماعة.

هكذا، نخلص إلى أن العدالة؛ ارتقاء من اللامساواة التي يعكسها الواقع، إلى المساواة التي يتطلع إليها الفكر، بهدف تحسين الواقع، وليس تسليط نموذج جاهز عليه؛ فالمساواة الوحيدة الممكنة: هي المساواة في إعطاء الفرصة بشكل حر ونزيه، والحرية الممكنة: هي سلك كل فرد وفق ما له من قدرات، ولكن لما كان المجتمع يحبل بالمعاقين والمرضى؛ الذين ليست لهم القوة على استغلال الفرص مهما كانت سهلة، أبيح القول: إن تأسيس العدالة على المساواة في الفرصة، وفق ما لكل فرد من قدرات، غير قادر على حمل نظرية العدالة.

تنفتح العدالة للاستئناس بالعواطف والانفعالات، طالما أن الإنسان الذي يطبق هذه العدالة: هو كائن عاطفي في جزء منه، ذلك أن احتواء العدالة للإنسان في كل جوانبه، بما فيها نقاط قوته وضعفه، هي ما يجعل الحياة العادلة ممكنة[29] للجميع.

خاتمة:

إن محاولة العدالة للتوفيق بين الفرد والمجتمع، تؤكد أنه؛ إذا صح أن الفرد هو الجزء الأساسي لتكوين المجتمع؛ فإنه لا يصدق أن يتم اختزال المجتمع في أي فرد؛ فالعدالة ليست قبس إلهي يقذفه الله في قلب من أحبهم؛ بل هي صنعة يتعلمها الجميع، وتعليمها ليس حكرًا على جهة معينة؛ إنما هي العلاقة بين كل الجهات، وهي تلك الحركية التي تكتنف الحياة، مفتوحة على كل الاحتمالات؛ من صنع الجماعة والفرد في آن واحد، تحكم بين الجماعة وتنصف كل فرد، ولا تستجيب لأهواء أي طرف منهما؛ لأنها هي عقل العلاقة التي تجمع بينهما، ومن طبيعة العقل أنه لا يقف عند حد في التفكير، ولا يلجأ إلى مصدر معين أثناء عملية تفكيره؛ بل ينهل من كل الحقول، خاصة، إذا قلنا: إن التفكير ليس إلا ربط العلاقة بين الأشياء كما تحضر، فكذلك، العدالة ربط ما بين الفرد والجماعة، وليست من إنتاج الفرد دون الجماعة؛ بل تَنتج من خلال علاقتهما معًا، وتتطور بتطورهما.

لا يمكن تجاوز العدالة بالعدالة؛ فعند وقوف العدالة عند حد يستنفذ إمكانياته، يتم إعادة تشكيل مكوناته، كما في الواقع، في محاولة خلق علاقة جديدة بين تلك المكونات، تبعث الروح فيها بطريقة منطقية تستجيب لواقع المواطنين؛ ففي ظل المشكلة التي تواجهها العدالة اليوم؛ بين ضمان المساواة واستمرار الحرية، أرى أن العدالة الوحيدة الممكنة: هي المساواة في الفرص بكل حرية ونزاهة بين المواطنين، بحيث لا يرتبط تقييم العدالة إلا بالكفاءة، وليس بالتساوي في كل شيء؛ فتصبح الكفاءة: هي ما يضمن قوة العدالة، بطريقة تحمي فيها العدالة ما للمواطن الكفء من قدرات، وتوفر له المجال لتطويرها، كما لا تهمش المواطن الغير ذلك، وتحمي ممتلكات المالكين، ولا تهمل من لا ممتلكات لهم، بتحصين المؤسسات للضراب والمعاشات، أو بخلق فرص مفتوحة لجميع المواطنين في كل المجالات، تضم الغني والفقير، والمالك والعامل، بشكل لا يفرط في الكرامة الإنسانية.

 

لائحة المصادر والمراجع

  1. المصباحي محمد، "العدالة وتعدد العقل والعقلانية لدى أمارتيا أ. صن"، ضمن سؤال العدالة في الفلسفة السياسية المعاصرة، ط 1، الرباط، دار رقراق، 2014م.
  2. أرسطوطاليس، علم الأخلاق إلى نيقوماخوس، ترجمة: أحمد لطفي السيد، القاهرة، مطبعة دار الكتب المصرية، 1924م.
  3. الدياني مراد، "اتساق الحرية الاقتصادية والمساواة الاجتماعية في نظرية العدالة"، ضمن "ما العدالة؟"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، بيروت، 2014م.
  4. ماكنتاير ألسدير، بعد الفضيلة، ترجمة: حيدر حاج إسماعيل، ط 1، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2013م.
  5. ساندل مايكل جوستيس، الليبيرالية في حدود العدالة، ترجمة: محمد هناد، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت، 2009م.
  6. أمارتيا سن، فكرة العدالة، ترجمة: مازن جندلي، مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم الطبعة الأولى، بيروت، 2010م.
  7. برلين إيزايا، الحرية، ترجمة: يزن الحاج، دار التنوير، ط 1، بيروت، 2014م.
  8. أفلاطون، القوانين لأفلاطون، ترجمة: محمد حسن ظاظا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر، 1986م.
  9. كانط أمانويل، تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق، ترجمة: عبد الغفار مكاوي، منشورات الجمل.
  10. رولز جون، العدالة كإنصاف إعادة صياغة، ترجمة: حيدر حاج إسماعيل، الطبعة الأولى، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2009م.
  11. أحمد إسماعيل محمد، الديمقراطية ودور القوى النشيطة في الساحات السياسية المختلفة، المكتب الجامعي الحديث، باريس، 2010م.
  12. جونستون ديفيد، مختصر تاريخ العدالة، ترجمة: مصطفى ناصر، عالم المعرفة، الكويت، 2012م.
  13.  شوفالييه جان جاك، تاريخ الفكر السياسي، ترجمة: محمد عرب صاصيلا، المؤسسة الجامعية، بيروت، ط 2، 1995م.
  14. دولكومباني كريسنيان، الفلسفة السياسية اليوم، ترجمة: نبيل سعيد، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، مصر، الطبعة الأولى، 2003.
  15. خطاب الرئيس الأمريكي السابق جوورج بوش الابن: https: //www.youtube.com/watch?v=5TFfSQzx8kA.
  16.  Rawls, john, political liberalism, New York, Colombia unevrsity, press1993.

[1] أشير، هنا، إلى أن التناقض: هو ما يعطي الروح للمتشابهات، ويبعث فيها الحركة، ويجعلها قابلة للتطور، فمثلًا؛ لا يمكن لطاقة الكهرباء، أن تصل المصباح في وجود طرفين موجبين؛ إنما يجب أن يكون موصل كهرباء سالبًا، والموصل الثاني موجبًا، وأزعم أن نفس الشيء يحصل، إذا أردنا تشكيل تصور عن العدالة.

[2] أرسطوطاليس، علم الأخلاق إلى نيقوماخوس، ترجمة: أحمد لطفي السيد، القاهرة، مطبعة دار الكتب المصرية، 1924م، ص 74.

[3] الدياني مراد، "اتساق الحرية الاقتصادية والمساواة الاجتماعية في نظرية العدالة"، ضمن "ما العدالة؟"، ط 1، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2014م، ص327.

[4] Rawls, john, political liberalism, New York, Colombia unevrsity, press 1993, p137.

[5] ماكنتاير ألسدير، بعد الفضيلة، ترجمة: حيدر حاج إسماعيل، ط 1، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2013م، ص 475.

[6] أفلاطون، القوانين لأفلاطون، ترجمة: محمد حسن ظاظا، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986م، ص 185.

[7] كانط أمانويل، تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق، ترجمة: عبد الغفار مكاوي، منشورات الجمل، ص 26.

[8] رولز جون، العدالة كإنصاف إعادة صياغة، ترجمة: حيدر حاج إسماعيل، الطبعة الأولى، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2009م، ص 28.

[9] أحمد إسماعيل محمد، الديمقراطية ودور القوى النشيطة في الساحات السياسية المختلفة، باريس، المكتب الجامعي الحديث، 2010م، ص 120.

[10] جونستون ديفيد، مختصر تاريخ العدالة، ترجمة: مصطفى ناصر، الكويت، عالم المعرفة، 2012م، ص 82.

* أشير، هنا، إلى أن أفلاطون يرى الناس غير متساوين بالطبيعة، ومن العبث السياسي أن ندخل المساواة في العدالة، في حين أن رواد العقد الاجتماعي، على العكس من ذلك، يعتقدون بأن الناس متساوون بالطبيعة، ومن اللاعدل القول بعدالة خارج المساواة، مع العلم أن النظريتين تأسستا على طبيعة مفترضة، وليست واقعية، بينما الواقع، في نظري، يتضمن الاثنين معًا؛ المساواة واللامساواة، وحركة العدالة وتقدمها، ينبعان من هذه المفارقة.

* (Just and Unjust Wars) الحرب العادلة وغير العادلة، هو: عنوان لكتاب "مايكل ولتـزر" (1935-...)، كتبه سنة 1977م.

[11] خطاب الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الابن:

 https://www.youtube.com/watch?v=5TFfSQzx8kA

[12] شوفالييه جان جاك، تاريخ الفكر السياسي، ترجمة: محمد عرب صاصيلا، ط 2، بيروت، المؤسسة الجامعية، 1995م، ص 44.

[13] جونستون ديفيد، مختصر تاريخ العدالة، نفسه، ص 86.

[14] رولز جون، العدالة كإنصاف إعادة صياغة، نفسه، ص 160.

[15] ساندل مايكل جوستيس، الليبيرالية في حدود العدالة، ترجمة: محمد هناد، الطبعة الأولى، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2009م، ص 29.

[16] نفسه، ص 133.

[17] نفسه، ص 134.

[18] نفسه، ص37.

[19] نفسه، ص 42.

[20] ساندل مايكل جوستيس، الليبيرالية في حدود العدالة، نفسه، ص 50.

[21] دولكومباني كريسنيان، الفلسفة السياسية اليوم، ترجمة: نبيل سعيد، ط 1، مصر، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2003م، ص 22.

[22] رولز، جون، العدالة كإنصاف إعادة صياغة، نفسه، ص 109.

[23] نفسه، ص 302.

[24] برلين إيزايا، الحرية، ترجمة: يزن الحاج، ط 1، بيروت، دار التنوير، 2014م، ص 204.

* أشير، هنا، إلى أن العدالة ليست حكرًا على نظام بعينه دون الآن؛ إنما هي، في نظري، موزعة بين الأنظمة، وكل إنسان ينظر إليها من زاويته، واستجماع أطرافها يتطلب تقصي حقائق كل الموجودات؛ لأن المهم في هذا المقام: هو تحقيق المعرفة، وتحصيل العلم بها.

[25] ساندل مايكل جوستيس، الليبيرالية في حدود العدالة، نفسه، ص 107.

[26] ماكنتاير ألسدير، بعد الفضيلة، نفسه، ص 478.

[27] المصباحي محمد، "العدالة وتعدد العقل والعقلانية لدى أمارتيا أ. صن"، ضمن سؤال العدالة في الفلسفة السياسية المعاصرة، ط 1، الرباط، دار رقراق، 2014م، ص 46.

[28] أمارتيا سن، فكرة العدالة، ترجمة: مازن جندلي، الطبعة الأولى، بيروت، مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، 2010م، ص 339.

[29] المصباحي، محمد، «العدالة وتعدد العقل والعقلانية لدى أمارتيا أ. صن»، نفسه، ص 61.