ابن سِيدَه الأندلسي: من مُسلَّمات الفلسفة إلى تَحَدِّيات الرقمنة


فئة :  مقالات

ابن سِيدَه الأندلسي: من مُسلَّمات الفلسفة إلى تَحَدِّيات الرقمنة

ابن سِيدَه الأندلسي: من مُسلَّمات الفلسفة إلى تَحَدِّيات الرقمنة[1]

عَكَفَ ابنُ سِيدَه[2]، أبو الحَسن عليٌّ بنُ إسماعيل الأندلسي، (1007-1060م)، الذي كان لغويًا ضريرًا، وابنَ لغويٍّ ضريرٍ، بذاكِرَتِه النادرة على كلام العرب الوَسيع، فأخْضعه بأكمله إلى تَصَوُّرٍ مَنطقي صارمٍ وتقسيم موضوعي شامل. فألَّف مُعجَمَهُ "المُخَصَّص[3]"، في سبعةَ عشرَ جزءًا، ليغطي كلَّ كلمةٍ نَطقت بها العرب، القُدَماء والمُولَّدون، إلى حدود القرن الحاديَ عشرَ للميلاد. فكان، في قاموسه الموضوعي هذا، قاطعًا مع نهج مَن سَبَقه من اللغويين العرب، الذين نظموا المواد المعجميَّة، المتفرِّعة عن الجذور الثنائية، والثلاثية والرباعية، حسب مبدأ الترتيب الأبجدي، لِوَعيه أنَّه لا يتيسر ترتيب المعاني حَسَبَ أوائل الكلم فَحْسب، بل يمكن جَمعها أيضا وَفْق علاقاتٍ شكلية وتقسيمات حَقليَّة. وسَنَسعى، في هذه الورقة المختصرة، أ) أوَّلاً إلى بَيان جُملة المُسَلَّمات المعرفية التي بَنى عليها لغويُّ الأندلس عمَلَه، باعتبارها سلسة آراء ومفاهيم تُوَجِّه مسار الجَمع والتصنيف. إذ قد حَبَّر الكاتب مُقدمةً ضَمَّنها هذه المبادئ التي تتكون منها فَلسفته اللغوية ورؤيته للظاهرة اللسانية عمومًا. وفي المرحلة الثانية، ب) سَنعمل على بيان التحديات التي قد تقف أمام عملية رقمنة هذا المُعجم، ونعني بالتَّحديات سلسلة الخَصائص التي يجبُ أن تؤخذ بعين الاعتبار في كلٍّ تطبيقٍ إعلاميٍّ على هذه المادة المُعجمية الضَّخمة.

I- المُسَلَّمات المعرفية ومَنهَج المَعجَمَة

بَنى ابن سيده مُعجمَه على مجموعة من المبادئ العامة، التي انحدر بعضُها من كتب العَقيدة الإسلامية، وبَعضها الآخر من الفلسفة الإسلامية وما امتزجَ بها من المقولات الإغريقية الشائعة عَصْرَئذٍ في أوساط المُثَقَّفين بالأندلس، طيلة القرنين العاشرِ والحاديَ عَشَرَ، ولاسيما قضايا أصل اللغات، وطبيعتها أَ اصْطِلاحية هي أم توقيفية، ووظائف اللغة، وعلاقتها بالنفس، ومَبادئ الكل والجزء والجِنس والنوع...وهذا تقديم موجز للمسلمات المعرفية التي حَكَمت كتاب "المُخَصَّص".

1. اللغة والإنسانيَّة:

أولى المبادئ العامة، حَديث ابن سيده عن أخصِّ مقومات الجَوهر الإنساني، إذ اعتبر- مثل سائر الفلاسفة والمتكلمين- أنَّ اللغة هي الخاصَّة الرئيسة التي تميِّز الإنسان عن الحيوان. ومن المعروف أنَّ هذه القضية، قَضيةَ تحديد خصائص الإنسان وتميُّزِه عن الحيوانية، احتلت مكانة بارزة عند الفلاسفة الإغريق، وكادوا يجمعون على تعريف الإنسان بوصفه حيوانا ناطقًا. قال ابن سيده: "كَرَّم (الله) هَذَا النوعَ المَوسومَ بالإنْسان، وشَرَّفه بما آتَاهُ من فَضيلَة النطق على سائر أصناف الحيوان"، (المُخصص، ج. 1، ص. 4). فَيَكون بذلك قد أضافَ إلى التعريف الإغريقي السائد، مَفهوم التكريم الإلهي، كما يراه التصور الإسلامي طبقًا لآية تكريم بني آدم الشهيرة[4]، واعتبار اللغة هِبَةً ربانية، لا تُميُّز الإنسانَ عن سائر الحيوان فحسب، بل تَفْضُلُ سائرَ الأنظمة العلامية المستعملة في التواصل بَيْنَ بَني البشر[5]. فابتكار الألفاظ واستخدام اللغة مع القدرة على تَوليد الكلمات الجديدة، لِتَسمية ما يطرأ على العالَم، وتمثيل الأشياء المتكاثرة فيه، من أخصِّ القدرات الذهنية لدى الإنسان، ولا يَشركه فيها غيرُهُ من الكائنات. فاللغة آيةُ تكريمهِ بما هي مَلَكَة ثابتة، تُمَكِّنه من الترميز للأشياء، عِوضًا عن استحضارها. يقول ابن سيده: "إنَّ الله، عزَّ وجلَّ، (...)، جَعل له (الإنسان) رسمًا يميزه وفضلاً يُبَيِّنه على جميع الأنواع، أحْوجَه إلى الكشف عما يُتَصَوَّرُ في النفوس من المعاني القائمة فيه، المُدرَكَةِ بالفكرة، فَفَتَقَ الألسنة بضروبٍ من اللفظ المحسوس، ليكونَ رَسمًا لما تُصُوِّرَ وهَجس من ذلك في النفوس". (المخصص، ج. 1، ص. 5)، وغنيٌّ عن القول، إنَّ هذه المسلمة لا تخرج عن إطار الوظيفة التمثيلية للغة، من حيث تصويرها للفكر وترميزها لأشياء العالم.

إلا أنَّ ابن سيده أغنى هذه الرؤية بِمعطًى طريفٍ لا نجده عندَ سابقيهِ، مفادُه أنَّ "اللغةَ اضطرارية"؛ أيْ: إنها مَلكة ضَروريَّة، لا اختيار للإنسان فيها، بل هي مُقوِّم إنسانيته الجوهري ودليل تَعَقله، يستخدمها قَهرًا في التعبير عمَّا يجول في خاطره، وإلاَّ فَقَدَ ما به يكون إنسانًا. بيدَ أنَّ وضع ألفاظٍ ما لتسمية الأشياء، دون غيرها، هي عملية اختيارية، لأنَّ الإنسان، بما هو كائن اجتماعي، يعيش ثقافات متغايرة، ويتوفَّر على هامش كبير من الحرية في طرائق التسمية والتمثيل، وله مُطلق الاختيار في التواضع على ما يشاء من الكلمات، لِأنَّ المَسألَةَ مَسألةَ توافق واصطلاحٍ بين المنتمين إلى نفس الثقافة، على اختيار ما يريدون من العلامات للتأشير على الأشياء. وهذا ما يُعلل تَنَوَّع اللغات بين الأمم.

وهو ما يُذكر بالتمييز الذي أجراه أبو اللسانيات، فردينوند دي سوسير (1857-1913) في حديثه عن اللغة واللسان[6]، ومِن بَعده شومسكي في ثنائيته عن الكَفاءة والأداء الشهيرة[7]، وكلهم يرى اللغة ملكةً عامة، واختيار الألفاظ مناطًا بالحرية والتوافق.

وبناءً عليه، تَوَصَّل عالِم الأندلس إلى اقتراح حدٍّ جامع مانعٍ للغة، لا يختص بالعربية فحسب، بل يَشمل كلَّ اللغات- وهذه هي خصوصية الحَدِّ- ومفاده أنَّ اللغة : "أصوات يُعبِّر بها كلُّ قَومٍ عَن أغراضهم"، وهو بهذا المفهوم يُعَرِّف اللغات البشرية بكونها أصواتًا أو دَوَالَّ؛ أي مكونات فيزيائية تدلُّ على أغراض وتَصورات ذهنية تجيش في النفس. وهذا ما يَضعنا أمام مقاربة وظائفية للغة، تجعل من وَحَداتِها علاماتٍ في خدمة الإنسان، تساعده على التعبير عن أفكاره وإيصالها لغيره؛ فهي أداته في التقارب مع أمثاله لتبادل الخواطر معهم. وليست مجرد قوائمَ من وحدات لفظية مفككة، أو كلمات جوفاء، وما المُعجم إلا مَجموع الوحدات التواصلية المستعملة، حسب مبدأ التوافق.

2. اعتباطيَّة العلامة اللغوية:

وقد قادَ هذا البعدُ الاصطلاحي-التوافقي في اللغة، ابنَ سيده إلى صياغةٍ، لا لبس فيها، لمفهوم اعتباطية العلامة اللغوية؛ أيْ: عدم وجود أيِّ رابط منطقي بين الدال والمدلول أو بَين الاسْم والمُسَمَّى الذهني (مع وَعينا التام بأنَّ هَذَيْن المفهومَيْن لا يحيلان، بشكلٍ دَقيق، على مصطلحات: الدال والمدلول والمرجع في الدراسات العلامية الحديثة)؛ فهو يقول: "فإنَّ الواضعَ الأولَ، المُسَمِّي للأقلِّ جُزءًا، وللأكْثَر كُلاً، (...) لَو قَلَبَ هذه التسمية فَسَمَّى الجزءَ كلاً، والكلَّ جُزءًا (..) والبياضَ سَواداً والسوادَ بياضاً، لا يُخلُّ بموضوع ولا يُوحش أسماعَنَا"، (المخصص، ج. 1. ص. 5). فابن سيده يُدافع هنا عن عَدم وجود أيِّ تَرابطٍ منطقيٍّ بينَ الأسماء والأشياء، ويعتبر ابتكار الكلمات بشكلٍ تواضعيٍّ (أي تتفق عليه مجموعة من المستخدمين) من مَظاهر الحرية والاختيار الذي أسند للإنسان حتى يبتدعَ أسماءً عن الأشياء، بها يمثلها، وبفضلها يعوِّض حضورها المادي. ويظهر بذلك، بشكلٍ جلي، أنَّ مفهوم الاعتباطية الذي صاغه دي سوسير بشكلٍ واضح في بدايات القرن العشرين، كان حاضرًا لدى ابن سيده، ومن سبقه من لغوي العرب القدامى[8].

3. أولية الأسماء:

دون الإشارة إلى السجالات النظرية بين المدارس النحوية (وخاصة بين البَصرة والكوفة)، فإنَّ ابن سيده اكتفى بالتدليل على أولوية الأسماء وقوتها في نظام اللغة، مقارنةً مع الأفعال والحروف؛ فقد كتبَ: "فَلمَّا كانتِ الأسماء من القوة والأوَّلية في النفس والرُّتْبَة بحيث لا خفاءَ بهِ، جَازَ أن تَكتفي بهَا، ممَّا هو تالٍ لَها، ومَحمولٌ في الاحتياج إليه"، (المُخَصَّص، ج. 1، ص4). ويفضي هذا المبدأ إلى دراسة الوحدات الاسمية، باعتبارها علاماتٍ يُقَطِّعُ من خلالها المستعملون البيئةَ المحيطة بهم، كما قد تكون مصادر تنبثق المكونات اللسانية الأخرى (الأفعال والحروف) من أحنائها. وبفضلها تتحقق وظيفة اللغة.

4. بنية اللغة:

على أنَّ هذه الوظيفة لا تتحقق إلا معرفة الألفاظ وخصائصها؛ فالعربية مثلاً تقوم على مبدأ الاشتقاق، مما يجعل من الألفاظ وليدَةَ الصرف بما هو شبكة نظرية عامة، كَفيلة بأن تنظم كلمات اللغة ضمن بِنية مطردة عبر الاشتقاق وما يلحقه من قلب وإبدالٍ. ولا بد لجمع هذه المشتقات من منهج متكاملٍ أرساه كاتبنا على الترابط المنطقي بين الكلمات. فهو يقول في التعريف بمنهجه:"فأما فضائل هذا الكتاب من قبل كيفية وضعه ضمنها تقديم الأعم فالأعم عل الأخص فالأخص"، (المخصص، ج. 1، ص. 6). هذا وتجدر الملاحظة هنا أنَّ هذيْن المفهومَيْن (العام والخاص) يَنحدران، إما من علم أصول الفقه الذي كان يُعتمد كمقدمة معرفية، تعين على استنباط الأحكام من النصوص، وهو الفن الرئيس الذي مَيَّز بين الخصوص والعموم في المعنى، أو من الفلسفة الأرسطية التي كانت تقسِّم الأشياء حسب خَواصها: الجزئية/الكلية/الخصوص/والعموم. وأيَّاما كان مَصدر هذه الثنائية المنطقية، فابن سيده سَيعتمد عليها في نظم المفردات وترتيبها، دون أدنى استثناء، في قاموس واحد.

ولذلك أضاف توضيحًا مفاده أنَّ منهجه يقوم على "الإتيان بالكليات قبلَ الجُزئيات، والابتداء بالجواهر والتقفية بالأعراض".

ولا يخفي على أحد أنَّ هذه المصطلحات: مثل كلي وجزئي، جوهر وعرض، هي مما شاع في أوساط الفلاسفة والمتكلمين، اقتبسها من دوائر خطابهم، ليطبقها على الحقول الدلالية والمجموعات الموضوعية، ناظمًا إياها داخل طوائف وسلسلات متداخلة. وقد اتبع منهجاً تصاعديا بَيَّنَه بقوله: "شرعت في القول على خَلْق الإنسان، فبدأت بتنقله وتكونه شيئاً فشيئاً ثم أردفت بكلية جوهره ثم بطوائفه، وهي الجواهر التي تأتلف منها كليته ثم ما يلحقه من العظم والصغر ثم الكيفيات كالألوان إلى ما يتبعها من الأعراض والخصال الحميدة والذميمة". ولتنظيم هذه المقولات الكبرى، ارتأى وضع ما يسمِّيه بالتراجم أي: العناوين المركزة لكل الفصول التي يتألف منها الكتاب، وهذا العمل دالٌ على مشروعه البنيوي، فكل عنوان يحيل على باب، والعنوان الموالي منه ينحدر، فليست العنونة مجرد تسميةٍ وتَفريع، بل هي آلية للانتقال الذهني من فصلٍ لفصل، ومن حقلٍ دلالي لحقٍ دلالي، باعتماد الانتقال من الكلي إلى الجزئي.

5. الانتظام الأنطولوجي:

وتتصل المسلمة الأخيرة في تنظيم الكلمات بحسب انتظامها في العالم الخارجي وفقا للنظرة المعيارية – الإسلامية التي تقسم الموجودات الخارجية (ما يسمى في السجل الفلسفي بعالم الأعيان أو الذوات)، طبق التراتب التالي: الإنسان، الحيوان، الطبيعة، وينتهي بالمظاهر الاجتماعية والثقافية، بما فيها العقائد والشعائر الدينية. وهكذا، رتَّبَ كلَّ مواد اللغة (أكثر من ثمانين ألف معنًى) حسب ترتّبها الأنطولوجي، وتوزّعها في الوجود المادي. فهذه الأبواب كبرى، قسَّمها إلى فصولٍ صغيرة، ينقسم كلُّ فصلٍ منها بدوره إلى فروع أدق، إمعاناً في التقصِّي والشمول، حتى لا تَشذَّ كلمة عن جداوله الصارمة. وهذا التراتب هو انعكاس للتصور الديني الذي يجعل من الإنسان- الكائن العاقل الأساسي- في المرتبة العليا في سلم الموجودات، ويليه الحيوان باعتبار وجود الروح فيه، وتتلوهما الطبيعة بوصفها مظهرًا لقدرة الخالق وآية من آيات بديع صنعته، لينتهي هذا التراتب بما أنجزته يد الإنسان من صنائعَ ومنتجاتٍ. ومن الجلي أنَّ تراتب المفردات في المعجَم يراعي هذه التراتبية في الوجود ويستعيدها بوفاءٍ، حتى يعكسَ البنية التي تنتظم وَفقها الكائنات، وليس أفضل من اللغة مرآةً في نقل هيكلة الواقع.

بيد أنَّ صعوبة الصعوبات في نقل هذه المُسَلَّمات المعرفية إلى دنيا التعامل الآلي، وتحويلها إلى معادلاتٍ رقمية، ومواد إلكترونية. فما أهم هذه الصعوبات وما هي كيفيات التصدي لها.

II- العراقيل المعرفية للرقمنة:

إن تحويل هذا المُعجم الكبير إلى قاعدة بيانات إلكترونية مشروع واعدٌ وطموح. وقد يُقَدِّم، إن تَحقَّق على الوجه المَرضي، خدمةً جليلة للغة العربية ولدارسيها. ولكنْ نَرى أنَّ وراء تحقيقه بعض الصعوبات، ذات طبيعة مُعجمية وبنيوية، نودُّ التنصيص عليها بإيجاز، عسى أن يأخذها أهل الاختصاص من مهندسي البرمجيات بِعَين الاعتبار.

1. الألفاظ وقوانين الألفاظ:

إنَّ من أهم العراقيل المعرفيَّة التي ستواجه عملية الرقمنة، والتي قد تتطلب مجهوداتٍ كبرى من أهل الاختصاص، هو الأخذُ بعين الاعتبار لثنائية "الألفاظ وقَوانين الألفاظ"، التي بنى عليها ابن سيده عَمَله هذا، ويعني بِهَذَيْن المصطلحين: العلاقات النظرية بين المُعجم والصَّرْف، أو بين المفردات وأبنيتها الصورية وأوزانها وصيغها وسائر الخصائص الشكلية، مثل: التذكير، والتأنيث والإفراد والجمع والبناء والمعرفة...أي بَعض ما كان عبد القاهر الجرجاني (ت. 1078) يُطلق عليه: "معاني النحو"[9]. فلئن دأبت المعاجم الالكترونية على إدماج كلِّ مفردات اللغة وجمعها في بَرامج واضحة مُيَسَّرة، فإنَّ على التعامل الحاسوبي المَرجوَّ لمواد المُخصص أن يأخذ بالحسبان جملة القوانين الشكلية الناظمة للمفردات العربية، وألا يقتصر على تجميعها وتوثيقها، بشكلٍ آلي، بل يضيف إليها ما يتصل بها من خصائص صرفية- نحوية، تُعين القارئ على جلاء معانيها، وتحليل مبانيها. ذلك أنَّ من ميزات "المُخَصص" التركيز على الأبنية المورفولوجية للكلمات والتدقيق في العلاقات الشكلية بين الجذور (سواء أكانت ثنائية، ثلاثة أم رباعية) ومعانيها المشتقة منها، بالإضافة إلى دراسة الجوانب الصوتية التي تحدد الدلالة، مثل ظواهر الإعلال والقلب والإبدال والإدغام. وعندما تَمتزج الصوتيات بالمعجمية - ولاسيما ضمن التعامل الآلي مع معطياتها- تصبح من أكثر الميادين حساسية وتفلتًا. ولذلك أصلح ابن سيده الأخطاء الفادحة التي وقع فيها السابقون، ولاسيما في تحديد الجذور الثلاثية للأفعال المُعتَلَّة أو المهموزة، حيث يكثر قلب الواو همزة. وهذا من بين تحدّيات المَعْجَمَة الآلية للمفردات ذوات الأصول المعلولة.

2. البُعد الموسوعي:

وأما ثاني هذه العراقيل التي يمكن أن تعترض عملية الرقمنة، فَهي إظهار الجانب الموسوعي الذي ضَمَّنه ابن سيده في كلٍّ مدخلٍ مُعجمي، فلم يكن الرجل يَقتصر في تعاريفه على تقديم مرادفٍ يتيم للكلمة، وبيانٍ مقتضبٍ لمعانيها، بل كان يذكر جلَّ ما يتصل بها من معلومات وخَصائص وإحالات، يَستقيها من مصادره الثرية التي وَعتها ذاكرته المُقتدرة، فجاء كل تعريف بمثابة بَيانٍ مَوسوعي، حسب عبارة أمبرتو إيكو[10]، وهذا مما يعسر نقله أو التصرف فيه آليا. ولو أخذنا على سبيل المثال، تَعريفه المُوَسَّع لكلمة "إنسان"، التي استهلَّ بها معجمه، ذاكرًا طبيعتها الاشتقاقية، وأصولها اللغوية المحتملة، وسائر خصائصها الصرفية والسياقية، فسندرك صعوبة تلخيصها وتحويلها إلى مجرد مادة مرقمة. وفي الحقيقة، يصدق هذا على آلاف المفردات التي تَوَسَّع في بيان خصائصها الشكلية.

3. البنية المنطقية:

ومن الصعب ثالثا استنساخ البنية المنطقية التي اعتمدها المُصَنِّفُ، بشكلٍ وَفِيٍّ ووافٍ، وهي -كما رأينا أعلاه- تقوم على الانتقال الدلالي من العام إلى الخاص، ومن الكلي إلى الجزئي، وسنضرب على ذلك نموذجا واحداـ اقتبسناه من الفصول الأولى للكتاب، حيث بدأ ابن سيده بذكر المقولات التالية:

أ- الإنسان

ب- الحَمْل والولادة

ت- النَسْء: أي بِداية الحمل (ومنه اشتق اسم الجمع نسوة)

ث- الحَامل

ج- التَّضْع (وهو الحَمْلُ في مُقْبِل الطمث)

ح- الوَحم

خ- الطلق

د- المَخاض

ذ- مظاهر الوَضع سواء أكان الوليد حياً أو ميتاً

فَهذا التفريع والتفصيل اللذيْن يَتبعهما في إيراد الألفاظ وتبويبها، مع ما يصاحبهما من الاستشهاد على كل معنى بما يناسبه من الأبيات والمعارف القَبَلية والتحقيقات الصرفية، لمما يَجعل رقمنته أشبه بوضع بيانات ودوائر تتداخل وتتشابك حسب المعاني وتَوَلُّدها منطقياً أو زمنيًا. ولذلك، فإنَّ ما نقترحه على أهل الاختصاص من مهندسي الإعلامية، كخطوة أولى، في التعامل الإلكتروني مع هذا المعجم الضخم، هو استِخراج الهيكل العام للكتاب، وإعادة صياغته، ضمن رسم بياني تصاعدي يستعيد تقسيمات الكتاب الكبرى، مثل وضع هذه المراتب الكلية بشكلٍ متدرجٍ:

أ- الإنسان (وما يتعلق به من حمل وولادة وفطام وغداء وأسنان)

ب- الأعضاء على الترتيب الذي اختاره الكاتب: أيْ: الرأس، والأذن، والوجه، والحاجب والعين والأنف والفم والشفة والمنكب والكتف والذراع...

وهكذا حتى تُستوفى كل الأبواب. وفي مرحلة ثانية، تملأ مكونات هذا الرسم بالتدريج بذكر المعلومات الفرعية التي أوردها، كأن يؤخذ باب الفم، على سبيل المثال، فتُضاف له مربعات فرعية، وأخيراً تملأ كل إضبارة بما فيها من المعلومات والتدقيقات اللغوية التي ذكرها الكتاب.

ولعلَّ هذه العملية، على تعقيدها، أن تسهم في إعطاء حياة جديدة لهذا المؤلف النادر في تاريخ المعاجم العربية، وتكشف النظام البنيوي الصارم الذي جمع من خلاله الآلاف من المعاني، وأثبت بينها هذه العلاقات التوالدية؛ أي: توالد الجزء من الكل، والخاص من العام، وهي كما نرى بنية منطقية ثابتة لا يمكن أن تَنفلت من تعالقاتها أية مفردة.

وللتذكير، فإنَّ ابن سيده سبق له وأن أنجز قاموسًا أول يقع في ثلاثين جزءا، اسمه المحكم والمحيط الأعظم، جرى فيه، لجمع مفردات اللغة، حسب الترتيب الأبجدي الذي سار عليه أسلافه مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي، في "العين"، والجَوهري في "الصِحاح"، وابن فارس في "المقاييس"... فكأنَّ المخصص إعادة تنظيمٍ لكتابه الأول، تنظيم يراعي الموضوعات والأبنية الشكلية بينها أكثر من مراعاة الترتيب الأبجدي الذي يبدو وكأنه مصطنع، لا يتماشى مع طَبيعة اللغة.

وبما أن الكاتب أراد من عمله أن يكون مستوعبا لجميع كلام العرب، دون استثناء، ضمن دوائر، تنفتح كل واحدة منها على الأخرى وفقا لتوالدٍ بنيوي صارم، واجهته مجموعة من الظواهر الدلالية التي يُمكن أن تَكسر الصَّفاء المنطقي الذي دافع عنه، ودلل عليه بالشواهد الأدبية الأصيلة، وبانتظام الأبنية الاشتقاقية. وتتمثل هذه الصعوبات في معضلات دلالية ثلاثٍ، رأى أنها تتنافر مع التجانس التام الذي وصف من خلاله أنساق اللغة، وهي: 1) مسألة التضادّ، حين تدل الكلمة الواحدة على مَعنَيَيْن متضادين، وهو ما يجرُّ إلى حشر واضع اللغات الحكيم في شبهة التناقض والعَبَث. و2) قضية الترادف التي من شأنها أن توهم بالثرثرة والتكرار؛ أي إنَّ هذا الواضع سمَّى الشيء الواحدَ بأسماء عديدة مختلفة مما ينتج عنه تفاوت بين النظام المعجمي والنظام الأنطولوجي للأشياء. 3) وقضية الاشتراك أي امتلاك كلمة واحدة للعديد من المعاني، مما يوقع السامع في الالتباس والغموض وعدم إدراك مقصود المتكلم. وهذه القضايا هي مما يواجهه أي باحث في الدلائلية، كما يواجهها، بنفس الحدة، المشتغل على البرمجيات.

4. المنزع البنيوي:

وتتعلق الصعوبة الموالية بنقل ما في هذا المعجم، من منزع بنيوي، يهيمن على مادة الكتاب، ونعني بهذا المنزع أنَّ الكاتب أخضع آلاف المفردات ليس فقط الى عمليات جَدولة واسعة، تضم كلَّ المفردات ضمن حقول دلالية متباعدة، بل إلى تصور علاقات توافقية وأخرى خلافية، تربط بين الكلمات وتلم شتاتها، فَمعنى كلِّ واحدة منها يتحدد بالروابط التي تعقدها مع نظيراتها، وكذلك تلك التي تصلها بأضدادها، وهذا ما يجعل المعجم بمثابة نظامٍ بنيوي أو شبكة، تترابط فيها كل كلمة بالوَحدات الأخرى، إمَّا تَرابط التماثل (وهو ما يقرب إلى الترادف) أو تَرابط التقابل (وهو ما يقرب إلى التضاد). ورغم أنَّ هذا التصور بشكلانيته الجلية –وإن لم يَكن بهذا الوضوح والصرامة في كل مفردات المخصص-، فإنَّه يُعَدُّ الميزة الأساسية التي ينبغي أن تراعيها عملية الرقمنة من خلال شبكاتٍ كفيلة بإظهار التعالقات (الخلافية والتماثلية) بين الوحدات المعجمية. وهكذا، تتم استعادة فَرادة هذا العمل بتطبيق بنية شكلية دقيقة على مادة ضخمة، لا يربط، ظاهرياً، بين مكوناتها خيطٌ ناظم، ويظهر ريادة هذا العمل من حيث "الحسّ البنيوي" الذي ميَّزه وحكمَ المعرفة لديه.

5. الأسلوب الأدبي:

وفي مقابل هذه النزعة المنطقية الصارمة، وربما بالتكامل معها، تميز هذا المعجم- على ضَخامته- بأسلوب أدبي وطريقة مخصوصة في التعبير الأنيق، جرى عليه ابن سيده في تقديم تعريفاته، فلم يورد معانيه بشكلٍ جاف مختصر- كما جرت عادة اللغويين من قبله- بل دأب على الوصف المدقق للموضوع المُعَرَّف به، مع مراعاة روعة الصياغة، وقرب المأخذ، بالإضافة إلى اعتماد المحسنات البديعية، مثل الجناس والسجع. ويكفي للتدليل على هذه النزعة الأدبية أن نذكر هذه الأسطر القليلة التي اختطها في تعريف ماهية الإنسان:

"الإنسان لفظٌ يقعُ على الواحد والجَمع، والمُذَكر والمؤنث، بصيغة واحدةٍ، فما يدلك أنه يَقع على الواحد قولهم في تثنيته: إنسانان، فلولا أن إنسانًا قد يقع على المفرد لم يقولوا: إنسانان. ومما يدلك على أنه يقع على الجميع معْنيًّا به النوع قوله تعالى: "إنَّ الإنسانَ لَفي خُسْر"، ثمَّ قال: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات"، وكذلك قوله تعالى: "إنَّ الإنسانَ خلق هلوعاً" ثم قال: "إلا المصلينَ"، ففي استثناء الجماعة من هذا الاسم المفرد دلالة بينة على أن المراد العموم والكثرة. وفي وقوع المفرد موضع الجميع دلالة يعلم بها أن المراد الجمعُ، (...) فقد تبين أن القَصدَ في التعريف، إنما هو الإشارة إلى ما يثبت في النفوس، فَليسَ الدرهم في هذا ونحوه كدرهم واحد قد عهدته محسوساً ثم أشرت إليه بعد، لأنَّ مَعرفة كلية النوع بالحس ممتنعة، وإنما يعلم به بعض الأشخاص فهذا الفرق بين تعريف الشخص وتعريف النوع[11]".

فهذا الأسلوب الأدبي-الفلسفي الذي اعتنى فيه بأدواته التعبيرية وتنقيحها، لمما يصعب الوفاء به في عملية الدمج الرقمي، الذي لا ينبغي أن يتحول إلى مجرد تجميعٍ آلي للمعاني والإحالة عليها، دون الوفاء بروح الكاتب ونَمطه في التحرير والتحبير.

6. الشواهد ومراجعها:

وتتصل الصعوبة الموالية بالشواهد والإحالات الداخلية لمعجم المخصص، إذ يجب على عملية الرقمنة أن تَشمل كلَّ الأبيات المستشهد بها مع الإحالة على أصحابها من الشعراء والكتاب واللغويين، أكانوا مشهورين أم خاملين، وهذا الربط بين الشواهد وقائليها، ضمن بينة رقمية ناجعة ومُيَسَّرة، كفيل بإيقافنا على الشعراء والكُتَّاب الذين يُعتَدُّ بهم في التأصيل لكلام العرب، فقد دأب اللغويون على القول إن هذه اللفظة أو تلك نطقَ بها العرب الأقحاح، وربما يذكرون اسمَ الشاعر. وأمَّا أن تنتظم كل هذه الأسماء في مَلفٍ واحد، وبطريقة متجانسة يحيل بعضها على بعضٍ، فسيكون خدمة جليلة للغة الضاد، لا سيما وأنَّ ابن سيده أخذ عن كل السابقين مثل ابن فارس والجوهري والأصمعي وابن دريد وأبي حاتم، ودلل على كل كلمة بما قالته العرب... فالرقمنة كفيلة بإبراز الأصل والإضافة أي الجزء الذي اقتبسه مع إضافة تعقيباته وتدقيقاته عليها.

ومن جهة ثانية، من المفيد أن يَشمل مسار الرقمنة تأثيرات ابن سيده في من لحقه من اللغويين العرب، وما كان لمُصَنَّفه من أصداء في القواميس اللاحقة، مثل "القاموس المحيط" للفيروزأبادي و"لسان العرب" لابن منظور، فقد استفادَ كلاهما من تنقيحاته لأعمال السابقين، واعتَمَدَاها كمرجع أساسي في تجميعهما لمواد كتبهما وتحقيقها وإغنائها. وعليه، لن تكون الرقمنة مجرد تصفيفٍ وتركيم للمواد المجموعة على نسقٍ خطي مسترسل، بل في شكل دائري، يضم نقاط التماس بين المُخَصَّص والأعمال السابقة واللاحقة له، مما يجعل كلَّ مدخلٍ مسارًا معجميا مستقلا بذاته، يحيل على إسهامات الأولين، ويبرز إضافات المُتَأَخِّرين، ونأمل أن تساعد وسائل البرمجيات على إنجاز مثل هذه الدوائر المتداخلة.

7. البعد الإثنوغرافي:

وآخر هذه الرهانات، وليس أقلها، ما ميَّز المُؤَلف من بعد إثنوغرافي- أنثروبولوجي واضحٍ، لم يحضر بمثل هذا الجلاء في القواميس الأخرى، وهو التذكير الشامل بما كان للعَرب في بَدَاوتهم الأولى من مئات الألفاظ التي تدور حول نمط حياتهم في الصحراء، وعلاقاتهم الرمزية بالعالم البَدوي بكل أشيائه المادية اليومية، ولا سيما الجمل والخيام والمساكن والملابس والنبيت والوحيش، وأشكال الصحراء الممتدة، وسائر ما يعمر مساحاتها الشاسعة من المكونات. فالكتاب أشبه ما يكون بموسوعة ضَخمَةٍ ضَمَّت كل ما يتعلق بحياة العرب، الأمر الذي يَضع الرقمنة أمام تحدٍ نادر: وهو ضرورة تصور برنامج خاصٍ قادر على الإشارة، من خلال الوسائل الإلكترونية، ليس فقط إلى المعطيات المعجمية، بل إلى ما فيها من معلومات ذات طابع أنثروبولوجي وإثنوغرافي، يعينان الباحِث ليس فحسب على معرفة الألفاظ الخاصة بها، بل على طريقة عَيش العرب - في أطوار بداوتهم الغابرة- والقيم الذهنية التي كانوا يضفونها على بيئتهم وما احتوته من نبيت ووحيش. ويكفي أن نأخذ الفصل المتعلق بالمَشرب والمَأكل، أو المسكن لنرى القيم التي كانت المفردات تتضمنها: أكانت تلك القيم الدلالية إيحائية، سلبية، إيجابية، أو ترميزية...، ولعلها أن تكشف للدارسين خفايا علاقة العربي بالعالَم المادي، والوعي الذي صاغه عنه. وهذا ما يجعل الكتاب ونسخته الآلية بمثابة مسحٍ أنثروبولوجي لطرائق تَسمية العربي للكون، وكيفيات استحضاره لأشيائه فيه. ولنأخذ على سبيل المثال المفردات التي أوردها في فصل "البيت"، لنرى كيف تَعكس أنماط ترميز أسلافنا لمساكنهم، وما أودَعوها من إيحاءات ودلالات في سعيهم إلى أنسنة الصحراء.

الخاتمة:

حاولنا، من خلال هذه الورقة، التعريف بمَعلم من معالم المعجمية العربية القديمة، وبَيَّنَّا في إيجاز مجموعة المسلمات اللسانية التي شُيِّدَ عليها قاموس المُخصص. وانتقلنا بعدها إلى الرهانات والتحديات التي ستواجه رقمنة هذه الموسوعة، فرأينا أنَّ الصعوبة لن تتأتى من حَجم المواد والمداخل المعجمية، على ضخامتها وتعقدها، وإنما من الطبيعة الشكلية لهذا القاموس، ومن خَصائصه البنيوية. على أنَّ السؤال الذي يظل مفتوحا: لماذا لم يُفَكَّر إلى حدّ الساعة في رقمنة هذا القاموس، رغم الخطوات الشاسعة التي قطعها التعامل الآلي للغات؟ ولعلَّ بداية الاستفادة المعرفية من هذا المَجْمع الفريد تكمن في رقمنة بابٍ واحدٍ منه، على سبيل التجريب، ويمكن الشروع، مَثلا، بالفصل الخاص بالإنسان، وسيظهر وقتها أنَّ مُخصّص ابن سيدة أكثر من مُعجمٍ لغوي، فهو تحدٍّ، يواجه مهندسي الإعلامية، المسلحين بأعتى البرامج الإلكترونية الحديثة. ولن يُرفع التحدي إلا بالتمكن من المسلمات المعرفية التي وَجَّهت هذا العمل النادر وحَكَمَتْه.

 

المصادر والمراجع:

-          ابن سِيده، المُخصص، دار صادر، بتَحقيق عبد الحميد هنداوي، بيروت، 2005

-          خَير الدين الزركلي، كتاب الأعلام، ج. 4

-          عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، طبعة المدني، مصر- جدة، 1987، بتحقيق محمد محمود شاكر.

-          الجاحظ، كتاب البيان والتبيين، ج. 1، ص. 67، طبعة عبد السلام هارون.

-       Ferdinand de Saussure, Cours de linguistique générale, Paris, Payot, édition critique préparée par Tullio de Mauro, 1979

-       Harro Stammer johann, Lexicon Grammaticorum, p. 712, Tübingen, 2009

-       Henry George Farmer, Studies in Oriental music, Institute for the History of Arabic-Islamic Science at the Johann Wolfgang Goethe University, 1997

-       Mohamed Talbi, Al-Muhassas d'Ibn Sidah: Etude-Index, Tunis, Imprimerie officielle, 1956

-       Nejmeddine KHALFALLAH, La théorie sémantique de ‘Abd al-Qāhir al-Jurjānī. Ed. L’harmattan

-       Umberto Eco, Kant et l'ornithorynque, trad. Julien Gayrard, Paris, Grasset.

[1] مجلة ذوات العدد41

[2] هو أبو الحسن علي بن إسماعيل، اشتهر بابن سِيدَه المرسي، ولد سنة 398هـ/1007 م، وتوفي سنة 458 هـ/1066م. وهو لغوي أندلسي. وكما معلوم، ولد علي بن إسماعيل بمدينة مرسية الأندلسية ضريرا، مثل والده. وتَعلم علوم اللغة على يَد أبيه، ثم في حلقة أبي العلاء صاعد البغدادي، وأبي عمر الطلمنكي، وبَرع ابن سيده في سائر فنون العربية. وانتظم بعدها في بلاط، مجاهد العامري، أمير دانية، الذي كان يهتم بعلوم القرآن واللغة. وقد ألّف ابن سيده الكثير من الكتب في علوم اللغة من أهمها: كتاب "المُخصص"، والمحكم والمحيط الأعظم، "الأنيق" وهو في شرح ديوان الحماسة لأبي تمام، وشرح إصلاح المنطق، و"شرح ما أشكل من شعر المتنبي"، والوافي في علم أحكام القوافي. انظر: خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام، ج. 4، ص. 263

[3] طبع هذا الكتاب للمرة الأولى في مطبعة بولاق سنة 1316 هـ، لدى المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية، كطبعة أولى. ثم صدرت هذه الطبعة محققة، لدى دار صادر، الطبعة الأولى سنة 2010، مع إخراج للنص في عمودين لكل صفحة، وترتيب النص بشكلٍ مناسب للبحث المعجمي، مع استعمال لونَيْن للمَداخل والشروح، وهو يتضمن إلى ذلك مقابلة مخطوطات واستدراكات من المصادر الأخرى. وأما الطبعة الثالثة، فكانت بعناية دار الكتاب العلمية، الطبعة الأولى سنة 2005، بتَحقيق عبد الحميد هنداوي، واستخدم أيضا لونَيْن في ثمانية مجلدات، مع تخريج للأشعار، والأحاديث النبوية. وهناك أيضا طبعة أخرى لدى دار إحياء التراث العربي، ببيروت، سنة /1417هـ/ 1996م، بتحقيق: خليل إبراهم جفال، والكتاب في 5 أجزاء. وهذه الطبعات المتعددة لدليل على الأهمية الكبرى لهذا الكتاب.

[4] َلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، الإسراء: 70

[5] الجاحظ، كتاب البيان والتبيين، ج. 1، ، طبعة عبد السلام هارون. ص. 67

[6] F. de Saussure, Cours de linguistique générale,(1906-1911), Payot, 1975

[7] Noam Chomsky, Aspects of the Theory of Syntax, Cambridge MA: MIT Press, 1965, p.4

[8] Ferdinand de Saussure, Cours de linguistique générale, Paris, Payot, édition critique préparée par Tullio de Mauro, 1979, p. 100

[9] عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص. 7-8، 56...طبعة المدني- جدة، 1987، بتحقيق محمد محمود شاكر. وانظر أيضا:

sémantique de Abd al-Qāhir al-Jurjānī, p. 56. Ed. L’harmattan. N. KHALFALLAH, La théorie

[10] Umberto Eco, Kant et l'ornithorynque, trad. Julien Gayrard, Paris, Grasset, p. 231

[11] ابن سيده، المخصص، ص ص 15-16