التفاوتات الاجتماعية وتفكك الرابط في القرن التاسع عشر وبزوغ مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني


فئة :  أبحاث محكمة

التفاوتات الاجتماعية وتفكك الرابط في القرن التاسع عشر وبزوغ مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني

التفاوتات الاجتماعية وتفكك الرابط في القرن التاسع عشر

وبزوغ مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني

الملخص:

تستهدفُ هذه الورقة العلمية، تناول السيّاق التاريخي لنشأة فكرة التضامن وأطروحات رواد الاشتراكية والسوسيولوجيا الكلاسيكية في القرن التاسع عشر؛ لأنها تمثل في نظرنا، الجذور المعرفية والتاريخية لما يُسمى بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في إطار محاولتهم مُعالجة مشكلة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية بين طبقات المجتمع كإفرازات مُباشرة لتطور الرأسمالية؛ وذلك لأن المفارقة الأساسية للنظام الرأسمالي، تتمثل في عدم قدرته على المزواجة بين النمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي للأفراد داخل سيرورة الإنتاج (دون تسليعهم)، مع الحفاظ على البيئة باستدامة الموارد. وسنتوقف هنا، تحديدًا عند فكرة التضامن كواقعة اجتماعية مطلوبة لحل مشكلة تفكك الرابط وانحساره وتعمق وضعية التفاوت الاجتماعي بعد الثورتين السياسية والصناعية.

تمهيد

يشهد مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني حضورًا مُتزايدًا في الآونة الأخيرة، في الخطاب الرسمي والسياسات العمومية، كما في النقاشات الأكاديمية، علاوة على تنامي مؤسساته تجريبيًا في جل المُجتمعات. فقد بلغت مُؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالعالم أهمية بالغة في تشكيل صورة المجتمعات سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا؛ لأنه لم يعد مجرد تنظيم يهتم بحلّ المشكلات الهامشية أو الظرفية داخل المجتمع، بل صار هذا القطاع الذي يوصف بالثالث، يلعب دورًا كبيرًا في التأثير على السياسات العمومية، بل وفاعلا اقتصاديًا استراتيجيًا في الناتج الداخلي الخام للعديد من دول العالم شمالا وجنوبًا[1]، حيث بات يُسهم بشكل كبير في نموها الاقتصادي، إلى درجة ربط الإقلاع الاقتصادي الحديث لبعض البلدان الثالثية به[2]؛ وذلك في وقت تشهد فيه المجتمعات أزمة على صعيد الرباط الاجتماعي، وتناميًا واضحًا للتفاوتات واللامساواة الاجتماعية، وتراجعًا على مستوى تماسكها بالتزامن "مع تخلي المؤسسات الإنتاجية ومؤسسات الدولة عن التزاماتها الاجتماعية"[3].

عادةً ما يتم الحديث عن مفهوم التفاوت الاجتماعي في مقابل المُساواة في الحقوق والمكانة الاجتماعية، كما يتم أيضًا وضع التقابل بين اقتصاد الكفاف واقتصاد الفائض والسوق الذي يتم الربط بينه وبين وضعية اللامساواة الاجتماعية. ومع بدايات القرن العشرين، بدأ الحديث وبشكل مُلفت عن الاقتصاد التضامني والاجتماعي كأداة سحرية لحلّ مشاكل المجتمع.

إن مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يبدو لأول وهلة بفعل كثرة استعماله كأنه واضح الدلالة في ذاته ولا يحتاج لتحديد أو دليل، غير أن هذا الشيوع نفسه - كما حال مفاهيم العلوم الاجتماعية- هو ما يجعله مفهوما ملتبسًا وغامضًا، خاصّة وأن تشكل المفاهيم يتم في سياقات تاريخية واجتماعية تمنحه طابعًا خاصًا. لهذا، فإن هذا المقال يسعى إلى الإجابة عن التساؤلات التالية: هل نستطيع أن نعطي لمفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني معنىً محددًا؟ هل هو اقتصاد لا اقتصادي ما دام يتأسسُ على التضامن أم إنّ التضامن هنا يصير نشاطًا وعملا منتجًا للاقتصاد؟ ولماذا يوصف أنه تضامني واجتماعي؟ وما علاقته بمشكلة التفاوتات الاجتماعية والروابط الاجتماعية؟ كيف نشأت فكرة التضامن؟ وما دلالة الربط بين الاقتصاد والتضامن والمجتمع؟ وما هو السياق التاريخي والسوسيولوجي لتبلور هذا النوع من الاقتصاد الذي يوصف بالتضامني والاجتماعي؟

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

[1] تكفي الإشارة هنا، إلى أن المساهمة الاقتصادية للمنظمات غير الحكومية بلغت مستويات متقدمة، فحسب اللجنة الأوروبية، ساهمت الجمعيات الفرنسية، البالغ عددها 730.000 سنة 1995، ب 3.3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ووظفت مليون و274 ألف أجير. راجع بهذا الصدد:

Jean-Loup Notchane(2000), ces territoires méconnus de l’économie sociale et solidaire, in le monde diplomatique-juillet.

[2] يربط الباحث دافيد براير، بين الإقلاع الاقتصادي الحديث للهند والأنشطة الاقتصادية للجمعيات التي يتجاوز عددها المليون جمعية، راجع:

Fatima Marnessi (2003), les ONG rurales du Haut-atlas : les ait débrouille, éd, Marsan- rabat. P 14.

(ورد عند: بوخريص، نفسه، ص 6).

[3] فوزي بوخريص، في سوسيولوجيا العمل الجمعوي بالمغرب، من العمل التطوعي إلى العمل المأجور، مطبعة كوتر برانت، الرباط، الطبعة الأولى2015، ص7.