كيف ترك وليام دو بوا (W. E. B Du Bois) بصمته في علم الاجتماع؟ العنصرية البنيوية، الوعي المزدوج والقمع الطبقي

فئة :  ترجمات

كيف ترك وليام دو بوا (W. E. B Du Bois) بصمته في علم الاجتماع؟ العنصرية البنيوية، الوعي المزدوج والقمع الطبقي

كيف ترك وليام دو بوا (W. E. B Du Bois) بصمته في علم الاجتماع؟

العنصرية البنيوية، الوعي المزدوج والقمع الطبقي

كول نيكي ليزا[1]

ترجمة: رشيد الزعفران[2]

[1] Cole, Nicki Lisa, Ph. D. "How W.E.B. Du Bois Made His Mark on Sociology." ThoughtCo. https://www.thoughtco.com/web-dubois-birthday-3026475 (accessed February 3, 2023).

[2] - باحث علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، حاصل على الدكتوراه بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل، بالقنيطرة.

وُلد عالم الاجتماع ودارس الأعراق، والناشط الشهير ويليام إدوارد دو بوا (W. E. B. Du Bois) في بلدة جريت بارينجتون (Great Barrington)، بولاية ماساتشُوْسِتْسْ (Massachusetts) الأمريكية في 23 فبراير 1868.

عاش 95 عامًا؛ وخلال حياته الطويلة هاته، ألف العديد من الكتب السوسيولوجية ذات الصلة بشكل خاص بالعرق والعنصرية. ولهذا، يعد دو بوا واحدًا من أهم مؤسسي حقل علم الاجتماع إلى جانب كارل ماركس (K. Marx) وإميل دوركايم (E. Durkheim) وماكس فيبر (M. Weber) وهارييت مارتينو (H. Martineau).

رائد الحقوق المدنية

يعدّ دو بوا أول رجل أسود يحصل على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وأحد مؤسسي الرابطة الوطنية لتحسين أوضاع المواطنين الملونين (NAACP)، وزعيمًا في طليعة حركة الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة. كما كان بعد ذلك ناشطًا من أجل السلام ومعارضا للأسلحة النووية، مما جعله هدفًا لمضايقات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI). علاوة على ذلك، كان دو بوا أيضًا قائدًا لحركة "عموم إفريقيا"، وبمجرد انتقاله إلى غانا تنازل عن جنسيته الأمريكية في عام 1961.

لقد كانت أعماله مصدر إلهام لإنشاء المجلة النقدية « Souls » التي تهتم بمجتمع السود وثقافتهم وسياستهم. كما يتم تكريم إرثه سنويًا من طرف الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع مع جائزة تُمنح باسمه لشخص ذا مسيرة دراسية متميّزة.

عنصرية بنيوية واضحة

يعد كتاب زنوج فيلادلفيا (The Philadelphia Negro)، الذي نُشر عام 1896 أول عمل رئيس لعالم الاجتماع دو بوا. فهذه الدراسة من النماذج الأولى للدراسات السوسيولوجية الميدانية المؤطرة منهجيًّا، حيث استند فيها دو بوا إلى أكثر من 2500 مقابلة شخصية، أجريت بشكل منهجي مع الأسر السوداء في الجناح السابع لفيلادلفيا من شهر أغسطس 1896 حتى ديسمبر 1897.

لأول مرة في علم الاجتماع، جمع دو بوا في بحثه بيانات التعداد لإنشاء رسوم توضيحية مرئية لنتائجه في الرسوم البيانية. ومن خلال هذا المزج بين الأساليب، استطاع أن يكشف بوضوح عن حقائق العنصرية السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية تجاه جماعة السود، وكيف أثرت على حياتهم وفرصهم، كما قدم الأدلة الكافية التي تدحض فرضية دونيتهم الثقافية والفكرية.

"الوعي المزدوج" و"الحجاب"

نشرت "أرواح الشعب الأسود" (The Souls of Black Folk) في عام 1903، مجموعة من المقالات التي تم تدارسها على نطاق واسع، وتستند إلى تجربة دو بوا الخاصة في نشأته كرجل أسود في أمة بيضاء لتوضيح الآثار النفسية والاجتماعية للعنصرية.

في الفصل الأول من هذا العمل، يطرح دو بوا مفهومين أصبحَا عنصرين أساسيين في علم الاجتماع ونظرية العرق، وهما: "الوعي المزدوج" (Double-Consciousness) و"الحجاب" (The Veil). يستخدم دو بوا استعارة الحجاب لوصف كيف يرى السود العالم بشكل مختلف عن البيض، بالنظر إلى كيف يشكل العرق والعنصرية تجاربهم وتفاعلهم مع الآخرين. من الناحية الجسدية، يمكن فهم الحجاب على أنه البشرة الداكنة التي تميّز السود، وتجعلهم مختلفين عن البيض.

يروي دو بوا أنه أدرك وجود الحجاب لأول مرة، عندما رفضت فتاة بيضاء شابة بطاقة التهنئة الخاصة به في المدرسة الابتدائية: "لقد اتضح لي فجأة أنني مختلف عن الآخرين ... وقد منعت من عالمهم بحجاب واسع". لهذا يؤكد دو بوا أن الحجاب يمنع السود من امتلاك وعي حقيقي بالذات، وبدلاً من ذلك يجبرهم على أن يكون لديهم وعي مزدوج، حيث يكون لديهم فهم لأنفسهم داخل أسرهم ومجتمعهم، ولكن يجب أيضًا أن ينظروا إلى أنفسهم من خلال عيون الآخرين التي تنظر إليهم بشكل مُختلف وبصفتهم أقل شأنا.

كتب دو بوا قائلا: "إنه إحساس غريب، هذا الوعي المزدوج، هذا الإحساس بالنظر دائمًا إلى الذات من خلال عيون الآخرين، بقياس روح المرء بشريط العالم الذي ينظر إليه في ازدراء وشفقة مُسلية. يشعر بوحدته: أمريكي، زنجي؛ روحان، فكرتان، جهادان غير متفقان؛ مُثلتان متناحران في جسد مظلم واحد، وقوته العنيدة وحدها التي تمنعه من التمزق".

الكتاب الكامل الذي يتناول الحاجة إلى إصلاحات ضد العنصرية ويقترح طرائق تحقيقها، يتكون من 171 صفحة قصيرة ومقروءة بطريقة يسيرة.

العنصرية تمنع الوعي الطبقي

نُشر عام 1935 كتاب "إعادة إعمار السود في أمريكا، 1860-1880"، وفيه يستخدم دو بوا الأدلة التاريخية لتوضيح كيف خدم العرق والعنصرية المصالح الاقتصادية للرأسماليين في عصر إعادة إعمار جنوب الولايات المتحدة، من خلال تقسيم العمال على أساس العرق وتأجيج العنصرية. وبذلك عملت النخبة الاقتصادية والسياسية على ضمان عدم تطور طبقة موحدة من العمال، مما سمح بالاستغلال الاقتصادي الشديد لكل من العمال السود والبيض. والأهم من ذلك، أن هذا العمل هو أيضًا توضيح للنضال الاقتصادي للأشخاص المستعبدين المحررين حديثًا، والأدوار التي لعبوها في إعادة بناء وإعمار جنوب ما بعد الحرب.

 

[1] Cole, Nicki Lisa, Ph. D. "How W.E.B. Du Bois Made His Mark on Sociology." ThoughtCo. https://www.thoughtco.com/web-dubois-birthday-3026475 (accessed February 3, 2023).