الجماليات النسوية العربية والإسلامية في الخطاب الإبداعي


فئة :  مقالات

الجماليات النسوية العربية والإسلامية في الخطاب الإبداعي

 الجماليات النسوية العربية والإسلامية في الخطاب الإبداعي*


 عرفت الحضارة العربية والإسلامية ذخيرة غنيّة من الدراسات الخاصّة بالأدب الذي أنتجته المرأة عبر العصور. وتوضّح جماليات الكتابة النسوية دور المرأة في إثراء الثقافة العربية. فالإبداع النسوي ساهم في إعطاء صورة أكثر إنسانية للعالم. ليس معنى هذا أن الأدب يغيّر الواقع السياسي لكنه يساعد على فهمنا لهذا الواقع. وقد نجحت المرأة العربية على مستوى الكتابة الشعرية والروائية في التّأسيس لبُنى فكرية جديدة تؤسّس للرفع من مستوى الذائقة الإنسانية بما ينسجم مع القِيَم الإنسانية العُليا. ولكل منهما صلة بالسياق التاريخي المتعلّق بالتّطوّرات والتّغيّرات التي شهدتها وضعية المرأة كمنتجة للنصّ الإبداعي والتي جعلتنا نتساءل هل نحن فعلاً في حاجة دائماً إلى الشعر وإلى الرواية لتجديد الحوار مع ذواتنا ومع العالم وهمومه؟ ولدينا أسماء نسائية وازنة في كل الوطن العربي والإسلامي.*

الإبداع النسوي بصفة عامة له أهمية كبرى في التّعبير عن قيمة الحقّ وقيمة الجمال لما لهذا من دور في نشر أخلاق عالمية لثقافة الحوار والتسامح الديني والثقافي، ومدى غناه وفاعليته للبحث عن الحقيقة في المختلف والمتعدّد لمقاومة موجة التّطرّف الديني والفكري. وهذا ما تتطلّبه الثقافات الكبرى في كل العالم ومنها الثقافة العربية والإسلامية. وهو سمة كل الآداب الرّاقية. فالثقافة لا يقتصر دورها على ما يقدّمه المثقّف من إنتاج فكري وأدبي وإبداعي بل تتعدّى ذلك إلى قوّةٍ فاعلةٍ في تقويم سلوك الفرد. لأن الثقافة تواصلٌ وعلاقاتٌ ونمطُ حياة. وما يميّز الأدب العربي هو أنه إسلامي مسيحي يهودي، والأدب الإسلامي عربي وغير عربي. في حين أن الحضارة الأوروبية ارتكزت على الدين الواحد. كما أن العروبة لم تُشِر إلى جنسٍ أو عرقٍ. واللغة العربية ليست من اختصاص المسلمين لأن المسيحيين كانوا عرباً قبل نشوء الإسلام. وقد نجح الأدب العربي والإسلامي في العديد من مراحله التاريخية في تحقيق الانسجام الثّقافي وِفقَ رؤيةٍ منفتحةٍ، تبتغي الجمال والحرّية، بعيدة عن أي أهداف سياسية وإيديولوجية إلا ما تقتضيه الرّوح الإنسانية المشتركة. وهذا ما شهدَته العديد من المجتمعات العربية في مجتمعات اختلفت معتقداتها الدينية.

والأعمال الأدبية الكبرى هي القادرة على التعبير عن هذا الجوهر الإنساني والأخلاقي المشترك بين الإنسانية. من هنا يمكننا أن نتساءل إلى أيّ حدّ ساهم الخطاب الإبداعي النّسوي في ترسيخ قيم المحبّة والانفتاح على الآخر والانتصار على الفكر الأصولي المتطرّف؟ وبماذا اتّسمت كتابات المرأة بعيون كبار الأدباء والمفكرين العرب وغير العرب عبر العصور؟ وهل نجحت فعلاً هذه الكتابات في التوجّه إلى المستقبل وتجاوز الماضي وخلق استراتيجيات التّنوير في حياتنا الثقافية؟

وسأحاول تسليط الضوء على نماذج لنساءٍ عربياتٍ مبدعات من مجتمعات وديانات مختلفة عمِلن على تعميق هذه النّزعة الإنسانية في إنتاجاتهنّ. فاكتسبت هذه الكتابة قدرةً على امتصاص العنف ونزعات التطرّف، وعملت على ترسيخ منظومة القيَم لما يعرفه الواقع الإنساني المعاصر من خلخلةٍ لهذه المنظومة نتيجة التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي مسّت الجوانب القيمية، والتي لها انعكاسات سلبية على مستقبل البشرية. فدراسة القِيَم موضوعٌ فلسفي، لم تُعرف إلا في القرن التاسع عشر، وتتعلّق القيم بوجود الإنسان ككلّ. لذلك فالبحث في القيم هو بحثٌ في الإنسان. ومن طبيعة الأدب كذلك البحث في سلوك الإنسان. ما يعني أن الخطاب الأدبي الإبداعي هو خطابٌ من أجل الإنسان وحقّه في الحرّية والكتابة والتعبير، ولا مكان في كلّ الأديان لمن يتعدّى على حقّ الإنسان. لذلك فالقيَم هي مجال الأدب بامتياز الذي يقدّم كل ما هو جميلٌ في المسيرة الشعرية والسردية للأديب من خلال تفاعله مع الواقع على مختلف الأصعدة. *

وأودّ أن أشير إلى أنه ليس هناك تحديدٌ دقيقٌ لمصطلح الأدب النسوي، لكنه يشير في دلالته إلى كل ما تنتجه المرأة. ومصطلحات "الأدب النسائي" أو "الأدب النسوي" أو "أدب المرأة" أو "الأدب الأنثوي" هي مصطلحاتٌ حديثةٌ عرفها الأدب العربي في مرحلة النهضة تبعاً للحركات النسوية التّحرّرية التي ظهرت في القرن العشرين. فلم يُعتمَد مصطلح النّسوية رسمياً في حقول العلوم الإنسانية إلا سنة 1910م، حين أُعلن 8 مارس عيداً عالمياً للمرأة. وفي هذه المرحلة ظهرت العديد من الجمعيات والمجلاّت النّسائية، وبدأ يظهر حضور المرأة في المحافل الاجتماعية والثقافية والأدبية. وتناولي للكتابة النسوية ليس مقارنةً بالكتابة الذكورية، لأن المرأة لم تُمنح الحرية الكاملة في الكتابة والإبداع إلا في العصر الحديث بفعل الهيمنة الذكورية.

وبعيداً عن الخوض في مفاهيم مصطلح النّسوية (Féminisme) والتي هي مفاهيم مفتوحة على العديد من الاحتمالات الممكنة للتأويل، وأقصد بالأدب النسوي الأدب الذي تنتجه المرأة ليس لكونها أنثى بل لكونها كاتبة ومبدعة حتى نبتعد عن التّقسيمات التي تضع الأدب في خانات ضيّقة. لأن ما يهمّنا من هذه الكتابة هو أدبية الأدب وخصوصية التجربة الإبداعية بغضّ النظر عن كون كاتبه رجلاً أو امرأة. كما أن الجماليات في الكتابة والإبداع ليس من اختصاص النساء، فهي تهمّ الرّجال والنساء على السواء.

والأدب الرّفيع هو الأدب الذي لا تحارب فيه المرأة الرجل ولكن تحارب العقلية الاجتماعية والدينية المتخلّفة والفكر القائم على تمجيد الذكورة. لستُ مع إبداع المرأة الذي يتّخذ موقفاً عدائياً من الرجل ولا المرأة التي تتّخذ من الإبداع فضاءً للبوح والحرمان وتفجير الجسد بحجّة جرأة الكتابة دون أن يضيف هذا للنص الإبداعي أي مقوّمات فنّية، ولا مع إبداع الرجل الذي يختزل المرأة في الغزل والجسد والعطر. فالإبداع الحقيقي يصعب فيه التمييز بين كتابة المرأة وكتابة الرجل. في حين يمكن التحدّث عن سمات أدبٍ أنتجته المرأة وأدبٍ أنتجه الرجل. لأن الأدب جوهره إنساني لا يختصّ بالذكورة أو الأنوثة. وسأهتمّ في مداخلتي بأدبٍ موضوعه المرأة وبأدبٍ من إنتاج المرأة.

الحقيقة النسائية عند المتصوفة

أول من نبّه إلى أهمية الأنوثة هم المتصوفة، وأهمّ من تناول المضمون الفكري والجمالي للقاء الأنوثة والذكورة. فابن عربي أهمّ مفكري الإسلام وعلمائه الذين أعلَوا مكانة المرأة. فقد كانت نظرته للمرأة ممزوجة بالتّصوّف والشعر والفلسفة، وإن كان الخطاب الصوفي بعيداً عن حياة الواقع الإنساني في اختراقه لحدود الزمان والمكان. لكن ظهورَ هذه النصوص في زمنٍ ساد فيه التّناول الظاهري للمتكلّمين والفقهاء الآخذين بحرفية النّص المقدّس له أهمّية كبيرة في تغيير العديد من المفاهيم أهمّها مفهوم الأنوثة. إذ جعل المتصوّفة كل الأديان ديناً واحداً أساسُه المحبّة والتسامح. فابن عربي دينه الحبّ وهو القائل "الحبُّ ديني وإيماني". كما أن الإنسان عنده لا يصل إلى المطلق، أي إلى الله، إلا إذا مرّ بالأنوثة. فكلّ ما في الكون إناثٌ، والأنثى إحدى مراتب الوجود.[1]

كما يرى أن "كل مكان لا يُؤنّث لا يُعوّل عليه". أي بدون المكان المؤنّث لا يعوّل عليه يعني المكانة. عكس بعض التصوّرات الفقهية التي كانت تختزل صورة المرأة في الخطيئة والغواية والشّرّ، وتختزل الذّكورة في الاتّزان والعقل والخير. فالمتصوّفة هم الذين أخرجوا المرأة من هذه التصوّرات التي كانت متداولةً في الثقافة العربية والإسلامية، بعد أن جعلوا الأنثى تجسيداً للجمال الكوني.

وابن عربي لم يخدم رجلاً من العارفين سنين عديدة، ولكنّه خدم امرأة من العارفات بإشبيلية وهي فاطمة بنت ابن المثنى القرطبي. ولم يعترف برجلٍ من العارفين بالولادة الروحية المعنوية وهي التي وحْدها ناداها يا أمي. وقد ذكر انتفاعه بتعاليمها، وهو الذي أقرّ بولادته الثانية وقَبِل نسبته لهذه الولية الصالحة والأم الروحية حسب سعاد الحكيم.· في نصوص المتصوّفة متعةُ لذّةٍ إيمانيةٍ مستمدّةٍ من شجرة الإيمان الكوني النّابض بالرّوحانية من الأديان الأخرى، والتقارب الكبير بين الفكر الإسلامي والمسيحي. ونجد أن هناك علاقة بين التّصوّف الروحي الإسلامي وسِفر نشيد الإنشاد لسليمان في الكتاب المقدّس. فنشيد الإنشاد شعرٌ منثورٌ جميلٌ أشبه في مضمونه بقصائد الشعر الصوفي لمتصوّفة الإسلام في التّعبير عن المحبّة الإلهية بمعناها التأويلي المجازي الشعري البعيد عما يُوحي به المعنى الحرفي للنص. في هذا النشيد عشقٌ في محراب الحبّ الإلهي. وفكرة الزّواج والاقتران بالذّات الإلهية موجودةٌ عند العديد من المتصوّفة وكذلك الصوفيات المسلمات. ونجد هذا عند رابعة العدوية منذ القرن الثاني الهجري حسب عبد الرحمان بدوي في كتابه "رابعة العدوية شهيدة العشق الإلهي". كما نجد لنشيد الإنشاد ونصوص المتصوّفة وخاصّة ابن عربي والنّفري، والرموز الدينية بصفة عامّة حضوراً كبيراً في المنجز الشعري الحديث والمعاصر.

علماء تحدثوا عن إبداعات المرأة

لم تكن المرأة هامشاً في عالم الرجل، ولم تكن مرتبتُها أدنى من الرجل الذي كان يحتلّ دائماً المرتبة الأعلى والأقوى، بل اهتمّ الرجال أيضاً بأدبها وكتاباتها. فحتى الرجل الذي كانت له الهيمنة الذكورية في الكتابة عبر التاريخ الأدبي احتفى بالمرأة كمنتجةٍ للفكر والإبداع بما فيهم الأدباء والفقهاء والفلاسفة الذين احتفَوا بأدب المرأة المتطلّع إلى الكينونة الإنسانية، بِغضّ النّظر عن بعض المؤلّفات التي لم تكن تهتمّ إلا بجسد المرأة تحت غطاء الشّرع والتّقوى.

هناك نساءٌ دخلن سجلّ التاريخ العربي فاهتمّ بهنّ التاريخ الأدبي والإبداعي كزنوبيا ملكة تدمر، وبلقيس ملكة سبأ. وضرب القرآن الكريم مثلاً للمؤمنين بامرأتين هما آسيا امرأة فرعون، ومريم بنت عمران. وكانت المرأة العربية حاضرة دائماً في الحركة الثقافية العربية والإسلامية· لابن طيفور والجاحظ، وابن عبد ربه، والأصفهاني، والمرزباني، وابن القيم الجوزية، وفي العصر الحديث نجد عمر رضا كحالة، وجوزيف توفيق زيدان، وأنور الجندي وغيرهم.

دور النساء في الارتقاء بالثقافة العربية

شعراء كبار استفادوا قديماً من التجارب الشعرية للشاعرات العربيات في الجاهلية وصدر الإسلام. فالشاعر العربي الكبير أبو نواس يقول: "ما قلت الشعر حتى رويت لستين امرأة منهن الخنساء وليلى"، وقول أبي تمام "لم أنظم شعراً حتى حفظتُ سبعة عشر ديواناً للنساء خاصة.."[2]. فقد كانت الخنساء الشاعرة المخضرمة أشعرَ شواعر العرب وأشهرَهنّ. وكانت ناقدةً وعلى درجة عالية من الثقافة. والعديد من أشعارها لم تصلنا كما يُجمع على ذلك العديد من النُّقّاد. وقد كانت ليلى الأخيلية ناقدةً وشاعرة، وأول امرأة نظمت في العشق إلى جانب الرثاء. وقد أشاد بشعرها الفرزدق وأبو نواس وأبو تمّام. واستفاد من تجربتها العديد من الشعراء.

وهكذا نجد للنّساء العربيات المبدعات دوراً كبيراً في الارتقاء بالثقافة العربية. ومن أهمّ وجوه هذا الارتقاء ظاهرة الصالونات الأدبية النسوية التي كانت عربيةً قبل أن تكون أوروبية. فقد كانت المرأة تُجالس الرجال وتُناقشهم وتُناظرهم وتساجلهم في مجالسها الأدبية. وقد ساهمت النساء العربيات المبدعات في صنع هذه النهضة الأدبية والفكرية التي سعى إليها العديد من رجال الفكر والأدب والثقافة، · كأم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وسكينة بنت الحسين، وعليا بنت المهدي أخت الرشيد، وصالون فضل العبيدية في العصر العباسي، وحفصة الركونية، وسارة الحلبية وأشهرهنّ ولادة بنت المستكفي التي هام بها ابن زيدون. ومع عصر النّهضة نجد صالون ألكسندر الخوري، وأماني فريد، وكوليت خوري، وجورجيت عطية، ومريانا مراش، وماري عجمي وغيرهنّ. وأشهرهنّ مي زيادة التي كانت مسيحية المعتقد مسلمة الروح، اشتهرت بصالونها الأدبي الذي كان يؤمّه كبار العلماء والمثقفين والأدباء بما فيهم طه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، وأمين الريحاني، وعباس محمود العقاد، وسليمان البستاني، وعبد القادر المازني، والشاعرة نظلة الحكيم، وغيرهم. وتروي مي زيادة أن أحمد لطفي السيد نصحها بقراءة القرآن الكريم لتستفيد من فصاحة أسلوبه فأهداها نسخة منه. تقول مي عن ذلك: أنه من خلال القرآن بدأت أفهم اتّجاه الأسلوب العربي. وما في القرآن من روعةٍ جذّابةٍ ساعدتني على الارتقاء بكتابتي.

المرأة موضوعاً روائياً

الهيمنة الذكورية لم تكن خاصّة بالمجتمع العربي. فالنّظر إلى أدب المرأة بنوعٍ من الدونية حصل أيضاً في المجتمعات الأوروبية. فشارلوت برونتي أصدرت روايتها "جين إير" باسم رجل مخافة أن يتعامل المجتمع مع روايتها على أنها روايةُ امرأةٍ فيستخفّ بها. ما يعني أن الإبداع كان من اختصاص الرجل أكثر من المرأة. ونظراً للنجاح الباهر الذي لقيته الرواية التي تعدُّ من أجمل الروايات التي عبّرت عن الجانب الروحي والدّيني للإنسان الذي يحتفي بالحب وبالفرح وبالآخر وبنعمة الحياة، وهو ما جعل كاتبة الرواية وبإلحاح من الناشر الإفصاح عن هويتها الحقيقية.

وقضية المرأة في المجتمع العربي تناولها الرّجال في البداية قبل النساء وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوي وقاسم أمين. وهذا دليل على أن الرجل ساهم في النهضة الثقافية للمرأة العربية. ما يعني تغيّر وجهة النظر إلى المرأة في الأعمال المسرحية والروائية المستوحاة من نصوص الحكايات الشعبية في "ألف ليلة وليلة" لطه حسين وتوفيق الحكيم وغيرهم.· فقوّة شهرزاد ليست رهينةَ جسدِها فحسب، ولكنها كانت منتصرة بذكائها وبراعتها في نسيج الحكي الذي أمتع شهريار، والذي أدّى به إلى التراجع عن فاعلية القتل.

وقد أبدع كذلك العديد من الرّوائيين العرب في صياغة الشخصيات النسائية في نصوصهم الروائية. فكتبوا عن المرأة الأم والزوجة والصديقة والعشيقة والماجنة والمقموعة والمتشرّدة والفقيرة والأرستقراطية. وهي أعمالٌ استفاد منها كثيراً التلفزيون والسينما. فاهتمام الرجل بالمرأة في السرد الروائي بدأ مع أحمد فارس الشدياق في روايته "الساق على الساق" كأوّل رواية في الأدب العربي. واشتهرت العديد من النساء بطلات الرّواية العربية. كالشخصية الدرامية زينب في رواية زينب لمحمد حسين هيكل. وشهرزاد المرأة الباحثة عن الفضيلة في أجمل تجلياتها في رواية شهرزاد لطه حسين. وسارة العقاد. وعزيزة في رواية الحرام ليوسف إدريس، ومارية حنا مينة في الشراع والعاصفة، وزنّوبة في بقايا صور، وأنيسة في رواية شرق المتوسط عبد الرحمان منيف. وكُتب العديد من الأبحاث والدراسات عن نساء إحسان عبد القدوس. كما كان للمرأة حضور قوي في روايات نجيب محفوظ. وهي روايات معاصرة للتيارات الثقافية والفكرية والسياسية لحركات تحرير المرأة وتعليمها والتحاقها بالجامعة. وقد عبّرت نساء نجيب محفوظ في فضائهنّ الروائي عن هذه المرحلة الصعبة. ونجد على سبيل المثال نوال في خان الخليلي، وحميدة في زقاق المدق، وحسنيّة الفرّانة ورباب في رواية السراب، وإحسان شحاتة في القاهرة الجديدة، ونفيسة في بداية ونهاية، ثمّ أمينة في الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية)، ونبوية في اللص والكلاب. وهي من أكبر الروايات التي تمثّل بحق صراع المرأة ضدّ الواقع الاجتماعي والفكري والاقتصادي الذي همّشها على مدى العصور.

المرأة موضوعاً شعرياً

تبوّأت المرأة مكان الصدارة في الشعر العربي قديماً وحديثاً. فقد حضرت في عيون الشعراء كرمز وأنثى على مدى العصور، وإن اختلفت صورتها بين شاعر وآخر تبعاً للتغيّرات الثّقافية والحضارية والفكرية للمجتمعات العربية. ففي شعر المجنون (قيس بن الملوّح) تصل المرأة حدّ الألولهية أي يضع المرأة المحبوبة بديلاً عن مكان الله وتصير هي المعبودة. يقول المجنون:

وإني إذا صلّيـــتُ وجّهـــتُ نحـــوها              بوجهي وإن كــان المُصلّى ورائيــــــا

وما بــــي إشـراكٌ ولكـــنّ حُبـــــــها              كَعُــودِ الشَّجَى أعــيا الطبيــبَ المُدَاوِيَا

وأثار هذا النّموذج من الشعر الكثيرَ من الجدل نظراً للالتباس الذي أحاط بالعديد من التأويلات في هذا المجال. وقد دعا الجرجاني إلى الفصل بين الدّين والعقيدة. فأجود الشعر ما كان بمعزل عن الدين. يقول الجرجاني: "لو كانت الديانة عاراً على الشعر وكان سوء الاعتقاد سبباً لتأخّر المشاعر لوجب أن يُمحى اسم أبي نواس من الدواوين ويحذف ذكره."[3] وقد كان الرسول ص. يُنشده العديدُ من الشعراء الذين لم يعتنقوا دينَه، ويَستحسن شعر أمية بن أبي الصلت شاعر ثقيف وهو شاعر كافر. فابن أبي الصلت كان مطّلعاً على الكتب الدينية السابقة كالتوراة والإنجيل. عُرف بدعوته إلى نبذ الأوثان وعبادة الله الواحد، والدعوة إلى مكارم الأخلاق والحكمة. وكان الرسول ص. متسامحاً مع الشعراء الذين لم يعتنقوا دينه. بل ويحفظ شعر الشعراء الذين لم يدركوا الإسلام كعنترة بن شداد، الذي أحبّ شعره فيقول: "ما وُصف لي أعرابي قط فأحببتُ أن أراه إلا عنترة."[4] ويستحسن كذلك شعر طرفة بن العبد ويستشهد ببعض أبياته مثل قول طرفة:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً           ويأتيك بالأخـبار مـن لم تـزوّد

فيقول عن هذا البيت "هذا كلامٌ من كلام النبوّة" حسب رواية عائشة رضي الله عنها.[5]

هذا في الفترة التي لم تكن فيها المرأة سجينة الفقهاء وسجينة الجسد. فمشكلة المرأة في المشهد الإسلامي ليست بسبب النّصّ الديني ولكن بسبب سوء التّأويل الفقهي لهذه النصوص. لذلك نجد أنه لا علاقة للإبداع عموماً بالدين كمعتقد. وفي أدبنا العربي نجد أن العديد من النّقّاد القدماء والمحدثين تناولوا قضية الشعر والدّين كالأصمعي وأبي بكر الصولي وقدامة بن جعفر والجرجاني الذي دافع عن شعر المتنبي وشعر أبي نواس. وتعجّب ممن يُنقص من شعر المتنبي لأن بعض الأبيات في شعره تدلّ على ضعف العقيدة. وهو نفس الشيء بالنسبة لأبي نواس. فقد كان أبو نواس شاعر الخمرة بامتياز، وكان شعوبياً. ولم يستطع علماء الدين حذف أشعاره من مدوّنة الشعر العربي.

أما الشعر الحديث فهو شعرٌ بعيدٌ عن أي إيديولوجية دينية وسياسية في بُعده الفكري والجمالي، إذ نجد أن ريتا، الفتاة اليهودية مُلهمةُ محمود درويش، حاضرة في شعره لأكثر من خمسة وعشرين سنة، والتي لم يكن يربطها به الهدف النضالي بل عاطفة الحب التي هي أقوى من الآخر المختلف في الدين واللّغة والانتماء. أما أدونيس فقرأ التاريخ العربي شعرياً عبر جسد المرأة في عمله الشعري "تاريخ يتمزّق في جسد امرأة" وهو سيرة نسوية عبر الجسد ولدينا نماذج عديدة في هذا المجال.

إن سوء تأويل النص الإبداعي هو الذي أدّى إلى قتل العديد من رموز الفكر الإبداعي العربي وحرق كتبهم. كقتل الحلاج والسهر وردي وحرق الفتوحات المكية وتكفير ابن عربي ودعوة البرلمان المصري في السبعينات إلى حرق ألف ليلة وليلة ونفي ابن النديم والأفغاني ومحاكمة طه حسين ومنع كتاب النّبي لجبران ومحاولة قتل نجيب محفوظ وتكفير أدونيس.

شاعرات وروائيات مبدعات في العصر الحديث

إن أول رواية عربية كتبتها الأديبة والروائية والشاعرة اللبنانية زينب فواز عام 1899م بعنوان "حسن العواقب أو غادة الزهراء"، وهي أديبة معاصرة لعائشة التيمورية. وجاءت بعدها الروائية جاذبية صدقي التي كانت تحضر صالون العقاد الأدبي إلى جانب الشاعرة والروائية شريفة فتحي. وفي منتصف الخمسينات ظهرت الكتابة الروائية مع كوليت خوري، وليلى بعلبكي، وبعدها بفترة زمنية غادة السمان. ومعظم الروايات كانت تحمل في طياتها صراعاً مع الرجل الذي تراه المرأة سبب تخلّفها. وفي بعض الأحيان يكون الرجل مشاركاً لها في نضالها ضدّ الجهل والتّخلّف والصراع من أجل الحرّية. ومن أهم الروايات التي أرّخت لهذه المرحلة رواية "أنا أحيا" لليلى بعلبكي الصادرة عن مجلة شعر عام 1958م. وقد ورَدَ في الإعلان بأن الرواية "سيكون لها أثرٌ بعيدٌ في مستقبل الرواية العربية". وفعلاً لقيت الرواية نجاحاً كبيراً في بيروت الستينات وفي العالم العربي. وكانت حدثاً في الأوساط الثقافية. فحوكمت كاتبتها بسبب جرأتها. وبعد أن نالت براءتها أصدرت مجموعَتَها القصصية "سفينة حنان إلى القمر" عام 1963. فتعرّضت للمنع من وزارة الإعلام اللبنانية لأنها تتضمّن جملةً وُصفت بالإباحية. بعدها تراجعت المحكمة عن قرار المنع. بالإضافة إلى الروائية لطيفة الزيات في "الباب المفتوح" (1960) وإميلي نصر الله في روايتها "طيور أيلول" (1962)، وليلى عسيران في روايتها "لن نموت غداً" (1962). بعدها برزت العديد من الروائيات في العصر الحديث اللواتي أصدرن العديد من الروايات كآسيا جبار، وخناتة بنونة ورضوى عاشور بالإضافة إلى العديد من الإصدارات الروائية لروائيات معاصرات انتصرت عندهن سلطة الكتابة على سلطة الرقابة.

الإبداع الإنساني منبع التسامح الديني

يبقى الإبداع الإنساني بصفة عامّة سواء كان من إنتاج المرأة أو من إنتاج الرجل منبعاً للمحبّة والتّسامح الديني. فالأدب العربي والإسلامي غني برسائل التسامح بين المسيحيين والمسلمين. لكن في زمننا تسير الأمور على خلاف ما ترتضيه الديانات السماوية الإسلامية والمسيحية واليهودية. ليس أجمل من الرسالة التي كتبها جبران خليل جبران المسيحي للمسلمين والتي يظهر فيها السموّ الإنساني لأدب جبران والذي جعل منه اسماً لامعاً في الأدب العالمي. يقول جبران: "أنا مسيحي ولي فخر بذلك... ولكنّني أهوى النبي العربي، وأُكْبِرُ اسمهُ، وأحبُّ مجد الإسلام وأخشى زواله... أنا شرقي ولي فخر بذلك، ومهما أقصتني الأيام، عن بلادي أظلُّ شرقيَّ الأخلاق سوريَّ الأميال، لبنانيَّ العواطف، أنا شرقي، وللشرق مدينة قديمة العهد، ذات هيبة سحرية ونكهة طيبة عطرية، ومهما أُعجبُ برقيِّ الغربيين ومعارفهم، يبقى الشرق موطناً لأحلامي ومسرحاً لأماني وآمالي... خذوها يا مسلمون، كلمة من مسيحي أسكن "يسوع" في شطر من حشاشته، و"محمداً" في الشطر الآخر". وهذا الإخاء كان سمةَ أدباءِ تلك المرحلة في بلاد الشام والذين تأثّروا بالقرآن الكريم وإعجابهم بأسلوبه المعجز من أمثال يوسف الخال وخليل مطران ومارون عبود ورشيد سليم الخوري وإيليا أبو ماضي وغيرهم.·

ويقول الشاعر القروي رشيد الخوري في قصيدته "عيد البرية" والتي يدعو فيها إلى المحبّة والتآخي بين المسلمين والنصارى:

يا قوم هذا مسيحــي يذكركـم / لا ينهض الشرق إلا حبنا الأخوي

فإن ذكرتم رسول الله تكرمـة / فبلغــوه سـلام الشاعـــر القــروي

أما رسائل المسلمين إلى المسيحيين في الشعر الحديث فهي غنية بالرموز الدينية المسيحية واليهودية كرموز للتسامح والمحبة. يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في دعوته للمحبة والتسامح بين الأديان:

أعهـدتـنا والقبـط إلا أمة للأرض / واحدة تروم مراما نعلي تعاليم المسيح

لأجلهم ويوقرون لأجلنا الإسـلاما / الدين للديـان جــل جـلالـه لو شاء ربك

كما أن نازك الملائكة تأثّرت بالحياة الرهبانية المسيحية، وكتبت العديد من القصائد منها "أنشودة الرهبان" و"عند الرهبان". وشعر السياب غني بالرّمز الديني المسيحي، وقصيدة "المسيح بعد الصلب" من أجمل قصائده. أما محمود درويش فلشعره علاقة وطيدة بالكتاب المقدس خاصة بنشيد الأناشيد. يقول عنه القس متري الراهب: "لو لم يكن اسم شاعرنا محموداً لظننته مسيحياً يكتب لاهوتاً". وكثيراً ما استدعى أدونيس في قصائده المسيح عند الصلب. هكذا كانت رسائل المسلمين إلى المسيحيين الشعرية التي هي رسائل إخاءٍ وحوارٍ وتلاقٍ. تنويعات الرّمز الديني في الشعر المعاصر المُنفتح الذي ليس هو مجرّد كلمة تحمل معنى وغرضاً في حدّ ذاته، بل هو موقِفٌ ثقافي جمالي ينبني على غايات إنسانية بقبول الآخرين في التّعدّد والاختلاف والانفتاح على الثقافات الأخرى.

وبما أننا اليوم في الواحد والعشرين من آذار، فأختم مداخلتي بهذه القصيدة لشاعر المرأة نزار قباني وهو يتحدّث عن ميلاده ولحظة المخاض في الواحد والعشرين من آذار، تحية منه للمرأة ولأمه ولكل نساء العالمين من السيدة العذراء إلى السيدة زينب وكل سيدات آل البيت، حيث لحظة تبجيل سورة الرحمان، ونشيد الإنشاد، والمولد النّبوي، والسيد المسيح، وشجرة الميلاد، ويسوع، وأجراس الكنائس. وهذه الرموز الدينية نوعٌ من امتداد الماضي في الحاضر، ودليلٌ على التجربة الإنسانية التي تصبح أساس التجربة الشعرية. يقول نزار:

وُلدتُ.. في الواحدِ والعشرينَ من آذار.

في ذلك اليومِ المزاجي الذي

تُراهقُ الأرضُ به

وتحبلُ الأشجار...

ماذا جرى في بيتنا؟

في ليلة الواحد والعشرين من آذار.

فحرّك الدّموع والأشجان

وما لأمّي قد بدت شاحبةً؟

وابتلعت صُراخها

ومزّقت فراشَها

واستنجدت بمريم العذراء في مخاضها

وسورة الرحمان.

لا أحد أجابني..

لكنّني أحسستُ أن امرأةً في بيتنا

كانت تعيشُ حالةَ ابتكار...

وعندما يقفل القوس على حبّه يقول:

لا أستطيع أن أحبّك أكثر

لقد كتبتك بالخطّ الكوفي

على أساور الحمام

وأباريق النّحاس الدّمشقي

وقناديل السيدة زينب

وجوامع الآستانة

وقباب غرناطة

وعلى الصفحة الأولى من نشيد الإنشاد

وأقفلت القوس


* هذه الورقة القيت في ندوة المرأة بتاريخ 21 مارس 2015 بصالون جدل الثقافي.

* إن وضعية المرأة كما نعلم ليست واحدة في مختلف الدّول العربية، كما توضّح تجارب نساء مبدعات في الثقافة العربية قديماً وحديثاً. فهذه التجارب امتداد للتجربة الأدبية والإنسانية والعالمية. وانطلاقاً من المفهوم الكوني لقيم الحرّية فإن الأدب يسعى إلى البحث عن الثوابت المشتركة التي تُقرّب بين الأفراد والجماعات بالحوار المبني على أسس من الحوار والمحبّة والتّفاهم المتبادل للخصوصيات وأهمّها خصوصية المعتقد الدّيني عند الآخر الذي هو نافذة لكل أشكال التواصل الثقافي والحضاري. فالشرق العربي استفاد من علوم الشرق اليوناني. والشرق اليوناني استفاد من علوم العرب. ومع المستشرقين أقصد علماء الاستشراق استمرّ هذا التواصل الحضاري بين حضارات عريقة. ففي القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر نُقِلت إلى الغرب العديد من علوم الشرق وآدابه وثقافته وأشادت حركة التنوير المسيحي بديانة الإسلام، وبسحر الشرق وثقافته.

* كان الأدب في عصوره الزّاهرة مادّة خصبة للتّسامح الديني والثقافي. فهو يلعب دور الوسيط الإنساني المشترك في ترسيخ هذه القيم. وما أحوجنا في زمننا لتفعيل الأدب لنشر هذه الثقافة المنفتحة على ثقافات الأمم الأخرى والتي تخوّل فرص احترام ثقافة الآخر. ولدينا نماذج عديدة في ثقافتنا العربية لسلطة الإبداع الأدبي الروحية والجمالية وقوّة تأثيرها في المتلقّين.

[1] يقول ابن عربي:

إنا إناثُ لما فينا يولدهُ

 فالحمد الله ما في الكون من رجل

إن الرجال الذين العرفُ عينُهم

هُمُ الإناثُ وهم نفسي وهم أملي. (الفتوحات المكية، دار صادر، بيروت، ج 4، ص 445)

  • فابن عربي أكثر المتصوّفة عمقاً في تناوله لمسألتي المؤنّث والمذكّر في علاقته بذاته وبالعالم، ومعتقده بوحدة الوجود للوصول إلى الحقّ. وحقيقة الوجود تنبني على عنصري الذكورة والأنوثة. وهو من أجمل ما كُتب عن الأنوثة في الخطاب الفلسفي والأدبي والديني. فابن عربي في كتابه "فصوص الحكم" يرى أن "الحقيقة النسائية ممزوجة بالحقيقة المحمدية". ما يعني بهذا المفهوم أيضاً أن الكتابة الأدبية تصدر عن الإنسان الكلي رجلاً أو امرأة بعيداً عن أي تصنيف جنسي أو عرقي. فاللحظة الإبداعية وليدة الزمن والتاريخ ووليدة العصر. والمرأة بهذا المفهوم ليست مجرّد جسد ولكنها كيان متجسّد في الكون يسعى الرجل إلى اكتشافه. صحيح أن ثقافتنا العربية في مرحلة زمنية نظرت إلى المرأة نظرة دونية واعتبرتها مجرّد جسد ومكاناً للخطيئة، بخلاف المتصوّفة الذين جعلوا المرأة مكاناً لاكتشاف الوجود.
  • ولدينا مصنّفات كبيرة لعلماء كبار تحدّثوا فيها عن إبداعات المرأة، منها "بلاغات النساء" لابن طيفور في القرن التاسع الميلادي. وكان الجاحظ معاصراً لابن طيفور وله رسالة عنوانها "النساء" لم تصلنا كاملة، و"العقد الفريد" لابن عبد ربه. و"الإماء الشواعر" للأصفهاني و"النساء الشواعر" للمرزباني. وقد كان المرزباني أديباً وفقيهاً وإماماً للمسجد الأقصى. و"أخبار النساء" لابن القيم الجوزية الذي كان من أكبر العلماء والدعاة المسلمين والذي عاش في عصر تفشّت فيه البدع لسبب سوء تأويل الدين الإسلامي. وفي العصر الحديث نجد كتاب "أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام" لعمر رضا كحالة وهو ترجمة لأعلام النساء العربيات والمسلمات اللواتي كان لهنّ أثر بارز في الأدب والفنّ وشتّى أنواع العلوم على مدى قرون متعاقبة وهو في خمسة أجزاء، وكتاب "مصادر الأدب النسائي في العالم العربي الحديث" لجوزيف توفيق زيدان (1800- 1996) والذي أنجز أطروحته كذلك حول "الروائيات العربيات"، وكتاب "أدب المرأة العربية القصة العربية المعاصرة" لأنور الجندي وغيرها من المؤلّفات. وتتضمّن هذه الكتب مادة غزيرة ومتنوّعة للمهتم بإبداع المرأة في حقل الأدب.

[2] مصطفى صادق الرافعي، تاريخ آداب العرب، ج 3، ص 49. بدون تاريخ.

  • كانت أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق ناقدة ولها منتدى أدبي يؤمّه الشعراء ولم تكن تغطّي وجهها. وكانت سكينة بنت الحسين بن علي شاعرة وناقدة تُحكِّم الشعراء، وكان بيتها أيضاً نادياً أدبياً يؤمّه المثقفون من الأدباء والشعراء.
  • نجد أن شهرزاد الحكاية ليست رهينة الجسد ولكنها أيضاً رهينة متعة نسيج الحكي المنتصر على السلطة، سلطة الملك شهريار. فشهرزاد المرأة الأسطورة التي استهوت العديد من الرّوائيين والشعراء والنّقّاد، قوتها لم تكن تكمن في جسدها لكن أيضاً في ذكائها، لأن الجميل في الحكاية ليس هو المضمون فحسب ولكن أيضاً نسيج الحكي وسرد الأحداث. وشهرزاد كانت راوية بارعة، وهو ما ضمن لها الحياة. فنجحت في إيقاف شهريار عن فاعلية القتل. وهذا الرأي ذهب إليه الرجال أكثر من النساء في العديد من الأعمال الأدبية والمسرحية على وجه الخصوص.

[3] كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، 1966، ص 4

[4] أبو الفرج الأصفهاني، كتاب الأغاني، ج 8، ص 240

[5] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 6، ص 105

  • وقد تضمّنت أشعارهم العديد من التّضمينات والاقتباسات للعديد من تعابير القرآن الكريم. وكانت شخصية محمد ص. مصدر إلهام العديد من الشعراء، وإن لم يعتنقوا دينه لكنّهم أشادوا بالقيم الإنسانية التي رافقت سيرته.

يقول نقولا فياض في شخصية الرسول ص:

نبيّ العرب ألهمني بيانا / على عجزي أهزّ به الزمانا

ويقول إلياس فرحات:

غمر الأرض بأنوار النبوة / كوكب لم تدرك الشمس علوه

ويقول خليل مطران:

عانى محمد ما عانى بهجرته / لمأرب في سبيل الله محمود