الرهانات المعاصرة للنزعة الإنسانية في الفكر الفلسفي الإسلامي
فئة : أبحاث محكمة
الرهانات المعاصرة للنزعة الإنسانية في الفكر الفلسفي الإسلامي
ملخص:
نحاول في هذا البحث أن نقدم صورة عن النزعة الإنسانية في الثقافة العربية الإسلامية إبان عصور ازدهارها، متتبعين تمظهرها في مجالي الفلسفة والتصوف، مهتدين بالتصور الفلسفي الحديث؛ فالمتأمل في الفلسفة الحديثة سيلحظ أن عصبها هو النزعة الانسانية أو الذاتية التي بلغت ذروة انتصارها وخطرها كما يرى هيدغر Martin Heidegger في النزعة التقنية، حيث تحقق هذا الانتصار المزعوم على حساب إنسانية الإنسان، فكان عنوان العصر الذي نعيش فيه هو العجز واليأس، والاغتراب الناتج عن ضياع العلاقة الأصيلة بالوجود[1]. هذه الحالة التراجيدية فتحت الباب على مصراعيه للبحث في سبل إعادة تسكين الإنسان في عالمه بعد أن اغترب عنه. وفي هذا السياق، تأتي هذه الدراسة لتميط اللثام عن صورة من صور النزعة الإنسانية التي لعل وقعها على الإنسان المعاصر كان ليكون مختلفا عما نراه اليوم، لو لم يتم إجهاض إمكاناتها.
مقدمة:
لقد ساد اعتقاد أريد له أن يسود من طرف المستشرقين الغربيين مفاده أن النزعة الإنسانية لم تظهر إلا في الفكر الغربي مع عصر النهضة؛ أي إنها شأن خاص بالحضارة الغربية. لكن ما يغيب عن ذهن هؤلاء أو يتغاضون عنه لأسباب سياسية أيديولوجية متعلقة بالمركزية الأوروبية، هو أن الثقافة العربية الإسلامية _كما سيتبين في هذه الدراسة_ كانت قد عرفت في أوجّها النزعة الإنسانية على المستوى النظري والعملي معا. لكن بعد أفول النزعة العقلانية المتمثلة في الأدب والفلسفة والتصوف لصالح النزعات الأرثوذوكسية الجامدة التي تغذي الحركات الأصولية، بدأت الحضارة تخطو خطواتها الأولى في طريق الانحطاط، فأفلت النزعة الإنسانية بأفول النزعة العقلانية التي كانت تغذيها؛ لأن "انتشار النزعة الإنسانية مرتبط بازدهار النزعة العقلانية"[2].
ولذلك نرد على هؤلاء بالقول، إن جوهر النزعة الإنسانية هو الإنسان بصفته مركزا للمعرفة والقيم وحركة التاريخ، أو بالأحرى هو إنسانية الإنسان من حيث حريته وكرامته، وأن الاعتراف بمركزية الإنسان يتحدد بشروط تمليها المعطيات الثقافية والفكرية الخاصة بكل حضارة تاريخية. وبالتالي، فالنزعة الإنسانية ليست واحدة كما تحاول الثقافة الغربية وأيديولوجيوها، بفعل الهيمنة الاستعمارية والسلطة العلمية، تمريره وترسيخه في الأذهان. ولنا أن نقول أيضا مع هيدغر إنه إذا كنا نفهم من النزعة الإنسانية بوجه عام ذلك الجهد المبذول لجعل الإنسان حرًّا من أجل إنسانيته، وإلى تمكينه من اكتشاف كرامته، فإن النزعات الإنسانية ستختلف حسب التصور الذي يكون لدينا عن "الحرية" و"الطبيعة الإنسانية"؛ أي إن النزعة الإنسانية، كل نزعة إنسانية مرتبطة بتأويل معين للإنسان[3].
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
[1] عبد الغفار مكاوي، مقدمة نداء الحقيقة، تأليف مارتن هيدغر، دار الثقافة، القاهرة 1977، ص 163
[2] أركون، نزعة الأنسنة في الفكر العربي، جيل مسكويه والتوحيدي، ترجمة هاشم صالح، دار الساقي، ط1، 1997، ص 14
[3] Martin Heidegger, Lettre sur L’humanisme, Questions III et IV, Traduit par Roger Munier, Gallimard, 1990, p76