الليبرالية وتمثل الحرية عند الرواد النهضويين


فئة :  أبحاث عامة

الليبرالية وتمثل الحرية عند الرواد النهضويين

الليبرالية وتمثل الحرية عند الرواد النهضويين

  • توطئة في الإشكال المفاهيمي

يعرف المفهوم مراحل حياتية متداخلة، منها المرتبط بظروف الولادة، والمرتبط بالنشوء والترحل، والتفكيك وإعادة التركيب، والترسبات التي تلبس المفهوم أشكالاً وصوراً، وتضيف معاني، من خلال توظيفات هذا الأخير في مجالات يتم استدعاؤه إليها قصد خدمة أغراض معينة، لتتركب في نهاية المطاف، مفاهيم تشعبية غالباً ما تتستر في عباءة التسمية الأولى، دون أن تعنيها، أو تعني جلها في تكاملها الأول.

إننا أمام وجود خصب، متحرك باستمرار، في تكامل يحاكي حركية الوجود الإنسانوحياته، لهذا يمكن التقرير بداية أن ادعاءات الدراسة الموضوعية، الدقيقة، المستوعبة، لا رصيد لها في تحصيل المعنى ضمن دائرة الأفق المفهومي.

هذا الذي حاولنا وصفه، كان واجهة إشكالية صعبة الاختراق، جعلتنا نتوقف أكثر من مرة في محاولة الكتابة عن الليبرالية في علاقتها الممكنة بالإصلاح رواده، إذ في كل مرة تتهشم تأويلات الباحث أمام التشذر المعرفي والاجتماعي والسياسي، لموضوع النهضة في عموم إشكالاتها، والتي تنازعت الأطراف الأيديولوجية زمناً في قراءتها من زوايا أحادية، إلى جانب التوجيه السياسي والظرفي الزمكاني، الذي ساهم هو الآخر في تحديد العديد من الصور التي هي عليها اليوم.

إننا باختصار أمام تداخل في غاية التعقيد، فنحن لا نزال في خط الأسئلة النهضوية المعلقة، والتي لم تجد بعد سبيلها نحو التشكل بصور واضحة غير مشوشة أو مسدودة الأفق، تلك الأسئلة التي تعبر بنائيتها في الطرح النهضوي نفسه، عن مشكلات بنيوية داخلية، وبنيوية خارجية (الأنا والأنا، والأنا وآخر الأنا، والأنا والآخر...)، فنحن أمام خطاب له آلياته في التكشف والحجب، ضمن أفق ينسجم فيه مع ذاته، بعيدًا عن كل ما قد يسجل عليه شكلياً وبتسرع من تناقضات، أمام خطاب ولد في مرحلة معينة واستجابة لظروف وحاجيات، وموجهاً لفئات لها زمنها ومكانها ودوائر انفعالها المعرفي والنفسي والسياسي...الخ، أي أننا أمام خطاب غير مجرد، كما يعتقد بل ويقرأ الكثيرون، وإنما أمام نص حاف بحيثياته[1]، ولسنا في حل من طرح التساؤلات الجدلية ذاتياً.

مع قراءتنا أو تأملاتنا الممكنة لموضوعتنا هذه، بل ربما لا نبالغ إن اعتبرنا تفكيرنا في كيفيات تناولنا لموضوعة الحرية عند رواد النهضة وأسئلتها وطروحها، قد تكون أهم من تناول مضامينها. إذ إن نصوص هذه الأخيرة غالباً ما تخضع لعمليات توظيف مجحفة، تغفل الجوانب البنيوية المرتبطة بالنص والجوانب المحايثة، وتغفل كذلك العلائق البينية بين المتلقين، مرحلتهم، النص، ظروف تقديمه.

مفاهيم كثيرة، نجد أنها لم تأخذ ما تستحقه في التناول والتأمل، والتجريب الاجتماعي والسياسي، وهو ما يرجع بالأساس للعلاقات البينية السلبية والمشوشة للمتلقين معها، وما تخلقه هذه الأخيرة من تصورات تنسج مخيالاً ذا أبعاد أحكام قيمية تسلسلية، تضفي ما اعتقدته تجاه مفهوم ما على غيره من المفاهيم المتعالقة معه، كأنما نحن أمام حلقة رفض متواصلة غير ذات توقف، الغائب الأكبر فيها، النقد والسياسة الفكرية ذات الأفق الاسترتيجي المنفتح والمتجدد.

للاطلاع على البحث كاملاً اضغط هنا

* عبد الله هداري: باحث من المغرب


[1] محمد الحداد. محمد عبده. دار الطليعة.بيروت.ط1. 2008م. أنظر مقدمات منهجية.