تصادم القيم

فئة :  مقالات

تصادم القيم

تصادم القيم

ملخص توضيحي:

يتنازع إنسان العصر الحديث توزعا في الغايات والأهداف والقيم، يجد صداه في داخله تمزقا وقلقا، ويشعل رغبة مشبوبة في بلوغ التكامل والوحدة، كي يتهيّأ له السلام مع النفس والعالم. ومن سمات القيم في عصرنا الحاضر أنها متعددة متعارضة، وعادة ما يحمل مفهوم القيمة دلالات ومعان إيجابية غير أن ارتباط القيمة بالوجود بشكل عام، وارتباطها بالواقع يطرح مجموعة من الإشكالات، نقصد هنا مسألة تصادم القيم؛ إذ أصبحت هذه الأخيرة مسألة معاشة مرتبطة بالواقع اليومي للأفراد، من هنا لم يعد مفهوم القيمة ذا بعد إيجابي، بل أضحى مرتبطا بدلالات سلبية مثل التصادم، الصراع، التنافر... بناء على ذلك سنعمل على تحديد بعض مظاهر وأشكال تصادم القيم، مع التطرق لأهم الإشكالات التي يطرحها مفهوم القيمة.

توطئة:

عادة ما يحمل مفهوم القيمة value دلالات معان إيجابية غير أن ارتباط القيمة بالوجود بشكل عام، وارتباطها بالواقع بات يطرح مجموعة من الإشكالات، نقصد هنا مسألة تصادم القيم؛ إذ أصبحت هذه الأخيرة مسألة معاشة مرتبطة بالواقع اليومي للأفراد، من هنا لم يعد مفهوم القيمة ذا بعد إيجابي بل أضحى مرتبطا بدلالات سلبية مثل التصادم، الصراع، التنافر... بناء على ذلك سنعمل على تحديد بعض مظاهر وأشكال تصادم القيم، مع التطرق بشكل عام لأهم الإشكالات التي يطرحها مفهوم القيمة.

تقوم الحياة الإنسانية في مجموعها على سلسلة من الاختيارات المستمرة؛ فالأشياء لا تبدو جميعها في تجربتنا بوجه واحد، بل منها ما هو ملائم وما هو مناف، ما هو جذاب وما هو منفر، ما يبعث على الرضى نفسيا وأخلاقيا وما يبعث على الاشمئزاز، وهذا ما يجعل السلوك البشري يقوم في أساسه على الاختيار والتفضيل، يرمي إلى تحقيق غايات ومقاصد ويعمل على تجنب أخرى، معنى ذلك أن وراء كل سلوك توجد قيمة تقوم بدور المحرك بالنسبة إلى الفعل، وتخلع عليه صبغة المشروعية، ومن ثم كان كل تصميم نريد تنفيذه، وكل فعل نهمُّ بالإقدام عليه، يقتضي أن نقف وقفة تأسيسية نتساءل فيها عن قيمته، ونتصرف على أساس ما نحكم به. فليس عالم الإنسان عالم وقائع فقط، بل هو فوق ذلك عالم قيم أيضا.

ولما كان الإنسان ­على هذا النحو­ يتعامل مع موضوعات الواقع بقصد تلبية حاجاته واشباع رغباته، وفي نفس الوقت يرتبط بقيم ومثل عليا، تضيء طريق أفعاله وتحقيق مصيره كإنسان؛ فقد ظهر لديه نوعان من الأحكام: أحكام تقريرية أو أحكام واقع، وأحكام تقديرية أو أحكام قيمة.

الأولى تقف عند حدود ما هو كائن وتسقط من حسابها ما ينبغي أن يكون، فتصف الوقائع كما هي، وتحدد العلاقات التي تربط بينها موضوعيا، بينما أحكام النوع الثاني لا تصف واقعة ولا تعين علاقة، وإنما تصدر أحكاما تقديرية تستند فيها على معايير تُقيّم بها الأشياء والأفعال، حيث إذا جاءت على وفاقها كانت ذات قيمة وإذا خالفتها خلت من القيمة؛ وذلك كالمعايير الفنية والمنطقية والأخلاقية، التي نحكم بالنظر إليها على موضوع بأنه جميل أو قبيح، أو على نتيجة بأنها صحيحة أو خاطئة، أو على فعل أنه خير أو شرير.

وإذا كان هدف العلم هو الحصول على نتائج عملية ونفعية عن الواقع، فقد حرص على التزام الموضوعية، وتجنب الأحكام الذاتية، فاستبعد من دائرة بحثه موضوع القيم، واكتفى بأحكام الواقع، إلا أن الإنسان ليس حيوانا عمليا فحسب، يملك حاجات ويطلب إشباعا، بل هو كائن معنوي أيضا: يفكر ويهمه أن يكون تفكيره صائبا، ويفعل ويسعى أن يكون فعله أخلاقيا، ويتذوق الفن ويريده آيات إبداع وجمال. ولذلك رفع فوق نشاطاته المختلفة هذه قيما عليا هي قيم: الحق والخير والجمال.

وتظهر القيم كمبادئ خاصة بالحياة الإنسانية؛ أي تعطيها طابع تميُّزها وانفصالها عن كل ما هو طبيعي خالص، فلا يمكن اعتبار الإنسان إنسانا إلا انطلاقا من القيم التي تسود حياته وسلوكه الفردي والاجتماعي، والتي تتجسد ­رغم طابعها المثالي العام­ في شكل سلوكيات وعلاقات اجتماعية ومؤسسات ثقافية. إنها هي التي تعطي معنى ما لحياة الإنسان.

لقد ارتبطت فكرة القيمة الأخلاقية في غالبية الأحوال بفكرة المعيار الذي ينبغي أن يتحقق في كل فكر وسلوك إنسانيين. ولهذا ركز الفلاسفة القدماء على الخصوص على علاقة القيمة الأخلاقية بالغاية المتوخاة من الفكر والسلوك، وغالبا ما اعتبرت القيم الأخلاقية شاملة لكل القيم الأخرى ومتواجدة في صميمها، فلا يمكن تصور قيم سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية... دون تصور ارتباطها بغايات أخلاقية عامة تهم الإنسان بوصفه إنسانا.

وينبغي أن نميز في هذا الصدد بين نوعين من القيم: قيم مادية أو اقتصادية وقيم روحية أو معنوية: معيار الحكم في الأولى هو النفع: فالأشياء تمتلك قيمة بمقدار ما تحقق لنا من نفع وتشبع من حاجات مثل المال ومختلف السلع النفيسة. أما القيم المعنوية أو الروحية، فهي المعاني التي تثير في النفس حب الكمال الخلقي، وتسمو بالشعور من عالم المادة إلى عالم الحق والخير والجمال. فالقيم الفكرية تعبر عن حبنا للحق ويشتغل به علم المنطق، والقيم الأخلاقية تعبر عن حبنا للخير، وهو مبحث الأخلاق، والقيم الجمالية تعبر عن حبنا للجمال وهو موضوع علم الجمال. وإذا كانت المرغوبية هي الصفة الأساسية للشيء ذي القيمة أو الصفة التي تميز القيمة ذاتها، فإن آراء الفلاسفة قد تباينت في تحديد طبيعة القيم؛ فمنهم:

أ ­ فريق يرى أن القيمة صفة كائنة في الشيء نفسه الذي نصفه بها؛ أي إن القيمة موضوعية لا يتوقف وجودها على وجود الشخص الذي يراها.

ب ­ وفريق آخر يقول بنسبية القيم؛ أي إن الإنسان هو الذي يخلع على الموضوع قيمته. ولذلك فهي تختلف باختلاف الأفراد والشعوب والعصور.

ج ­ وفريق ثالث يذهب إلى أن القيمة هي نتاج التفاعل بين الشيء من جهة والإنسان الذي يتأثر به من جهة أخرى، فلا هي موضوعية خالصة ولا هي ذاتية خالصة.

ويميز الفلاسفة التقليديون بين نوعين من القيم؛ قيم نسبية تختلف باختلاف الأفراد والمجتمعات، وهي تعد مجرد وسائل لتحقيق غايات أسمى منها، مثل المال يبتغى به تحقيق السعادة. وقيم مطلقة تطلب لذاتها وليس لأغراض أبعد منها، وهي في عرف الفلاسفة ثلاثة قيم عليا هي: الحق والخير والجمال؛ ذلك أن الإنسان عندما يطلب الحق أو ينشد الخير أو يحب الجمال لا يقع في التصور وجود شيء يسعى إلى الوصول إليه من وراء ذلك. فهي غايات في ذاتها، وبالتالي فإنها ليست في حاجة إلى أي برهان يؤسسها أو تبرير يدعمها.

إن مهمة الفلسفة هي التقويم "أي بناء قيم وتفكيكها ونقدها وتحويلها وإبراز قيمتها، وكشف أوهامها وإبراز حدودها ومرجعيتها ثم رسم أبعادها في علاقة أساسيسة بما أسماه الفيلسوف فريديريك نيتشه بـ: تراتبية القيم الإنسانية. إن الفلسفة هي ممارسة عقلانية نقدية جوهرها تقويم القيم في ارتباط برهان قلب القيم السائدة والموروثة وتفكيكها في جدل مع الواقع والنسبي"(1)

ولمّا كان النقد جوهر الفلسفة وروحها، فإن النقد الموجّه للقيم لا يعني أبدا "إدانة شيء أو صب اللعنات على هذا أو ذاك، ليس هو مجرد الرفض والنفي، ولا يصح أن يتحول من نقد إلى نقض، وليس هو الاتهام والتطاول، ولا الصياح والصراخ، وإنما هو الجهد العقلي والعملي لعدم تقبل الأفكار وأساليب الفعل والسلوك والظروف الاجتماعية والتاريخية تقبلا أعمى. النقد هو جهد يبذل للتوفيق بين جوانب الحياة الاجتماعية وبين الأفكار والأهداف العامة للعصر، وتمييز المظهر فيها من الجوهر، والبحث في أصول الأشياء والظواهر وجذورها وارتباطها بحقائق الواقع من حولها، أي معرفتها معرفة حقة"(2)

بناء على ذلك، نستطيع طرح الأسئلة التالية: لماذا تتصادم القيم؟ ما هي أشكال هذا التصادم وتجلياته؟ ما طبيعة العلاقة بين القيم الإنسانية والواقع؟ وما نوع العلاقة بين مقولة القيمة ومقولة الحرية؟ ثم إلى أي حدّ يمكن القول إن القيم مطلقة أو نسبية؟ ذاتية أم موضوعية؟ خالدة أم متغيرة؟

القيم بين الذاتية والموضوعية.

يرى الفيلسوف الألماني نيتشه (1841­1900) أن القيم ترتبط بالإنسان، والإنسان كموجود متميز له إرادة، فإنه يرفض القول بقيم مطلقة، ويعتبر ذلك من أوهام العقل الكلاسيكي وخرافات الفلسفة التقليدية؛ ذلك أن الإنسان هو الذي يضفي على الكون، بمختلف ظواهره وموجوداته وحقائقه، معان وقيما، ولا شيء يحمل في ذاته قيمة يمكن القول معها إنها تفرض نفسها على الوعي والإدراك الإنسانيين في نظر نيتشه.

وبعده، رفض الوضعيون المناطقة (فلاسفة دائرة ڤيينا أمثال: شليك ورايشناخ وكارناب..) أن ينظروا إلى قيم الخير والجمال... من زاوية الصدق والكذب؛ لأن هذين الحكمين لا ينطبقان إلا على ما هو واقعي وتجريبي... بينما القيم فهي مجرد أحكام إنشائية وما هو إنشائي يصعب الاتفاق بصدده أو القول بموضوعيته أو الإقرار بعموميته وشموليته. فما هو إنشائي يدخل في مجال التجربة العاطفية أو الوجدانية ويتغير من شخص لآخر، بل يتغير عند نفس الشخص من حالة لأخرى أو من تجربة لأخرى...

ولما كان الوضعيون المناطقة يعتبرون مفاهيم: الحرية والروح والنفس... مجرد ألفاظ فارغة المعنى، فإن أحكام القيمة المتصلة بالخير والجمال... والمقترنة بالحرية والروح أو النفس ... سواء قلنا إنها مصدر للقيم أو مجال لتجربتها واختيارها، أو هي التي تصدر بصددها الأحكام، فإن القول القيمي يبقى مجال للأحكام الإنشائية فقط.

غير أنه إذا كان معيار الحكم في القضايا العلمية هو التطابق مع الواقع، وفي القضايا البرهانية أو الرياضية هو الاتساق مع الفكر، فإن قضاييا القيمة بوجه عام ليست على شاكلة قضايا علوم الطبيعة والرياضيات. والدليل على ذلك هو اختلاف الناس بصدد أحكام القيمة واتفاقهم بصدد أحكام العلم. وقد دفعت هذه الملاحظة بعض الفلاسفة إلى أن يرجعوا هذا الاختلاف إلى الفرق بين الطبيعة الموضوعية لأحكام العلم والطبيعة الذاتية لأحكام القيمة؛ لأن الأحكام التقييمية تعبر عن مواقف واتجاهات الأفراد إزاء الأفعال والأشياء من غير أن تمس الخصائص الموضوعية فيها.

ويتجلى ذلك بصورة خاصة عند وقوفنا أمام موضوعات فنية: فعندما نصف موضوعا بأنه جميل، فهذا يعني أنني أرى فيه جمالا، ولكن غيري قد لا يرى ذلك، فيختلف الحكم، ومن ثم ينبغي التفرقة بين رؤية الجمال في الشيء ورؤية خصائصه الجميلة: الأولى تنطوي على انفعال الفرد بالموضوع، بينما الثانية عن موضوعية الموضوع.

ومن ذلك، فإن النظرية الذاتية التي تعتبر القيم تعبيرا عن اتجهات الأفراد ومشاعرهم، وترد اختلاف الأحكام إلى تباين الخبرات الشخصية لا تخلو من تناقضات، منها:

أ­ يلاحظ أن الحكم على فعل ما بأنه خير قد يأتي مستقلا عن كونه مرغوبا في ممارسته، فقد يحكم إنسان بأن التضحية من أجل الوطن واجب، ولكنه لا يرغب في ممارسة هذا الواجب، كما قد يمارس الفرد سلوكا سيئا، وهو في نفس الوق يحكم عليه بأنه سيء كأن ينعت الانحياز إلى الباطل بأنه رذيلة، ثم ينحاز هو إلى الباطل.

ب­ تهدم النظرة الذاتية الأحكام الأخلاقية من أساسها، وتعصف بها، فإذا كان ما أراه أنا حقا يراه الآخر باطلا، وما يستحسنه هذا يستهجنه ذاك، كان معنى ذلك أن لا وجود لأية معايير أخلاقية، وبالتالي لا وجود لأي أخلاق.

ج­ الموقف الذاتي يتناقض مع نفسه، فهو إذ ينفي الموضوعية يعود فيستند عليها، فلو سألنا واحدا من أصحاب هذا الاتجاه لماذا يستحسن التضحية من أجل الوطن لرأينا أنه يسارع إلى تقديم أسباب ومبررات موضوعية لذلك. وهكذا نجد أحكام الحق والباطل أو الخير والشر لا ترد إلى عوامل ذاتية مثل الاستحسان والاستهجان، وإنما ­ على العكس ­ نجد أن الموقف الذاتي هو الذي يلتمس لنفسه أسبابا موضوعية.

د­ إذا كانت الأحكام الخلقية ليست مطلقة (كأن نعد الصدق خيرا في بعض المواقف وشرّا في بعضها الآخر مثل صدق الأسير مع الأعداء)، فإن ذلك لا يدل على أن الحكم الخلقي لا ينطوي في ذاته على صفات موضوعية تحدد قيمته.

وعلى الرغم من الطابع الموضوعي الذي تتسم به الأحكام القيمية، فإن وجهات النظر قد اختلفت حول المعيار الذي ينبغي أن تعتمد عليه وأهمها:

1­ التقييم بموجب الأمر والنهي الإلهيين: أي إن الفعل لا يحسن ولا يقبح إلا بالأمر أو النهي الإلهيين، ويعترض على هذا المعيار بأن الأوامر والنواهي تختلف باختلاف الأديان؛

2­ التقييم بموجب التشريع السياسي والقانوني للدولة، ويعترض على هذا الميعار أيضا بأن القوانين والتشريعات تختلف من دولة إلى دولة، وأن التسليم بهذا المعيار قد يؤدي إلى استبداد الدولة، وتدخلها في السلوك الشخصي للمواطنين. إلى جانب أن السياسة والقانون الوضعي ­ من الناحية المبدئية ­ هما اللذان يجب أن يتبعا الأخلاق وليس العكس؛

3­ التقييم بموجب ما تفقت عليه أغلبية الجنس البشري على مر العصور من مقومات أخلاقية، ولكن يبدو أن تحديد ما اصطلحت عليه البشرية ليس أمرا قاطعا؛ إذ إن التقييمات العنصرية والحضارية والدينية النوعية تختلط بالتقييمات العامة.

على أنه إذا لم تكن الموضوعية في القيم على نفس مستوى الموضوعات المادية، فإن ذلك لا يعني على الإطلاق أنها مسألة ذاتية، تقضي بأن لكل فرد قيمه الخاصة... صحيح أن القيم لا تملك وجودا فعليا إلا في ذات تؤمن بها، وتحكم بموجبها كل نشاطاتها، ولكنها مع ذلك لا تصبح قيما بالمعنى القوي للكلمة، إلا إذا أمكنها أن تكون تعبيرا واضحا عن العقلية العامة والوجدان المشترك، وتصبح معايير نموذجية للحكم على أفكارنا، وسلوكيات، وابداعاتنا.

نسبية القيم:

إن كل مبادرة لتعريف القيم وفهمها، لابد من أن تجد نفسها أمام مواجهة هذه المشكلة: هل القيم نسبية أم مطلقة؟ وهي أولى المشكلات القيمية الخطيرة التي يستبين منها التفكير الفلسفي مفارقة عجيبة:

فمن جهة، نقرر في الواقع أن الأخلاق - باعتبارها مجموعة قواعد وقيم تعين السلوك الإنساني- تختلف باختلاف الأعمار والبيئات والثقافات والطبقات الاجتماعية والعصور.

ومن جهة أخرى، فإننا نختبر في الأحكام القيمية وفي صراع الواجبات وتسلسل القيم، وجود بعض المبادئ القيمية التي تمثل كأوامر كلية مطلقة لدى كل الناس، وفي كل مكان.

والواقع أن مشكلة نسبية القيم هي في صميمها مشكلة نسبية أحكام الضمير ونسبية الخير والشر في آن واحد، وقد تمتد صعوبة هذه المشكلة إلى مجال فلسفة القيم؛ إذ الجمال والقبح يعتبران نسبيين تبعا لأذواق الناس المختلفة باختلاف أزمنتهم وأمكنتهم، غير أن هذه الصعوبة تبدو أخطر في المجال الأخلاقي؛ وذلك لأن القيم الأخلاقية، وأحكام الضمير الأخلاقي تبدو للملاحظ نسبية ومتباينة كما يأتي:

  1. اختلاف الخير والشر حسب السن: إن الطفل الذي له ثلاث سنوات، يعتبر الاحتفاظ بحب الأم خيرا، وابتعاد الأم عنه شرا، وهذا الاعتبار عفوي غريزي، وفي عامه السابع يقوم سلوكه الأخلاقي بصورة خاصة على تقليد الأب، فيرى في اتباع سلوك أبيه خيرا وفي مخالفته، وعندما يبلغ عمره اثني عشر عاما تقوم أخلاقه على ميزات بطولية، مستوحاة من مواقف الأبطال الذين يقرأ عنهم، ويتخيلهم في أحلام اليقظة، ومن إعجابه من زملائه، فما هو خير هو الذي يثير إعجابه ويذكي شجاعته، وما هو شر هو الذي يذله ويضعف عزيمته، وفي العام الخامس عشر، يعي الغلام حضور المجتمع، بأنواع قسره، وعقابه وثوابه. فيرى الخير في تلبية مطالب المجتمع، والشر في عدم تلبيتها. وفي سن المراهقة تبدو القيم الأخلاقية المأثورة أمام المراهق خانقة، فيحاول خلق قيمه الخاصة بالتمرد المتعثر على القيم المقبولة، ليحيا (حياته الخاصة) ومن هنا يعيش في تناقض بين تجربته الشخصية وقيمه الجديدة، وبين ردود أفعال المجتمع، غير أن الراشد يخرج من هذا التناقض بأسلوبه في الحياة وبأفكاره الأخلاقية
  2. اختلاف القيم الأخلاقية حسب الثقافات: إن اختلاف الثقافات يبين بوضوح نسبية الأخلاق؛ فلكل حضارة ولكل شعب أخلاقه، فالسعادة بميزتها الحسية والعقلية كانت النموذج الأخلاقي لكل أخلاق لدى أهل أثينا، وفي روما القديمة كان النموذج الأخلاقي متمثلا في أن يكون الإنسان مواطنا رومانيا، وقد كان الأخلاقيون القداماء وبالخصوص (أرسطو) يبررون وجود الرق ويعتبرونه مشروعا، بينما نجد فلاسفة الأخلاق الحديثة يرفضون مشروعية الرق، التي أقرتها المجتمعات القيدمة، وفي القرون الوسطى كان الناس يوافقون على عدالة الحق في التعذيب، ولكنهم كانوا يمنعون عن الطب تشريح الجثث. أما اليوم، فإن التشريح الطبي مباح، والتعذيب وإن بدا أنه لم يختف بعد، إلا أنه بات يقلق الضمير الأخلاقي، كذلك نجد أن انتحار الشيوخ، لدى بعض الأقوام البدائية، يعد عملا نبيلا، تبعا لطقوس دينية، بينما نجده نحن عملا شنيعا.
  3. اختلاف القيم الأخلاقية باختلاف البلدان في العصر الواحد: قد تكون للأخلاق ولأحكام الضمير الأخلاقي نسبية في زمن واحد وفي أمكنة متعددة؛ فالفرد الإنجليزي قادر على على أكل شريحة لحم بقر دون أن يشعر بتأنيب ضميره. أما الهندوسي، فيرى في تصرف الإنجليزي منكرا.
  4. اختلاف السلوك الأخلاقي حسب البيئات والطبقات الاجتماعية: نجد على مستوى الأخلاق الجنسية، من تربى تربية صارمة يلح على تقييد كل حساسية جنسية، بينما يرى بعض المفكرين أن هذا الموقف لا أخلاقي، وكله رياء إذ يجمد الحياة الجنسية. والذين يعيشون في بيئات مهنية تكون أخلاقهم مختلفة. فالإثارة والدعاية قيمتان للصحفيين. أما الأساتذة المعلمون، فلا يعيرونهما أي اهتمام. كذلك بالنسبة إلى النظام الطبقي نجد أخلاقا (بورجوازية) قائمة على الملكية الخاصة والمشاريع الحرة، وبمقابلها أخلاق (برولتارية) مستندة إلى التضامن الطبقي والإنتاج المشترك.

إذا كانت القيم الأخلاقية، وأحكام الضمير الأخلاقي متباينة، أفليس من العبث أن تتعلق حياة الإنسان بأخلاق لا تبقى على حال، وقد لا تساوي قيمها في الأخير شيئا؟ ألا تؤدي نسبية الأخلاق إلى وقوعنا في ريبة أخلاقية؟ لهذا من الأوفق وضع الملاحظات التالية:

إذا كان محتوى الخير والشر متباينا ونسبيا، فإن شكلهما لا يتغير. إن جميع الحضارات، قديمها وحديثها، قد عرفت الخير والشر، والإلزام الأخلاقي، وأدركت مفاهيم الحلال والحرام، والمباح والممنوع، بل وحتى الحضارات البدائية قد وضعت لها قواعد أخلاقية صالحة، وإن بدت أكثر ضيقا من قواعدنا الأخلاقية المتطورة، فثمة إذن مبادئ، أو على الأقل مبدأ مفروض دوما على جميع الضمائر الأخلاقية هو: عمل الخير واجتناب الشر.

من هنا تبدو لنا القيم الأخلاقية كالعدالة، والحق، والواجب، واحدة لدى جميع الناس في جوهرها وشكلها، متبيانة في مظاهرها الاجتماعية.

بجانب القيم الأخلاقية التي تتغير من حضارة إلى أخرى، توجد قيم تبدو عامة وشاملة. ولقد اكتشف علماء الأثار كتابات لقانون مقدس، وضعه الفراعنة وطبقوه منذ أكثر من ستة آلاف سنة، وفيه عدة فضائل إنسانية، كالكرم والإخلاص والتعاطف. وهذا دليل على شمول القيم الإنسانية الأخلاقية لدى جميع الناس.

إن ما نجده من نسبية في الأخلاق راجع إلى أن التطبيقات المتباينة للمبادئ الشاملة، هي نتيجة لاختلاف الظروف الواقعية والاجتماعية والاقتصادية. وكما يبين علم الاجتماع أن نسبية الأخلاق وأحكام الضمير ليست عفوية، أو تحدث صدفة، وفي ظروف اعتباطية، وإنما هي في أي عصر من العصور مرتبطة قليلا أو كثيرا بالبيئة الاجتماعية. فإذا سوغ أرسطو الرق، فذلك لأن عصره كان يتطلب تفاوتا طبقيا: اجتماعيا واقتصاديا. فالأخلاق الواقعية لحضارة ما لا تتعلق فقط بما يرضي نظريا، بل كذلك بما هو ممكن عمليا.

إن التاريخ يبين بجلاء، أن ثمة مبادرات فردية ضد أخلاق بيئة معينة. ففي زمان يظهر أفراد استثنائيون أمثال سقراط وسبينوزا، وبرتراندراسل، والثوريين السياسيين كغاندي ولينين، يثورون على أخلاق عصرهم ويضعونها موضع التساؤل، باسم مبادئ أخرى حقيقية شاملة ليست غريبة عن الضمير الإنساني. وقيمة هذه المبادئ ليست في مضمونها؛ لأن كل إنسان يعرف الوقائع الأخلاقية مثل: العدالة والواجب والمسؤولية والحق، وإنما في شكلها الثوري ضد عطالة عادات الضمير الجمعي وجمود المجتمع المغلق. لهذا، فإنها غالبا ما توقظ الضمائر الأخرى، وتجد لها مؤيديين وملبين عاجلا أو آجلا.

وصفوة القول: إذا كان من الممكن إثبات، من جهة موضوعية أن الناس لا يوجدون إلا في مواقف معينة في هذا العالم، يمارسون قواعد عملية أخلاقية تختلف باختلاف مواقفهم في الحياة وفي المجتمع. وإذا كان من الممكن، أيضا، إثبات نسبية الأخلاق كواقع معطى؛ أي ثمة عدة أخلاق عملية بقدر ما هناك من مجتمعات، فمن حقنا أن نؤكد أن الأخلاق العملية مهما كانت نسبية، فإنها تتضمن ضربا من الإطلاق ماثلا في شمول القيم الأخلاقية التي تتجاوز كل التحديدات الاجتماعية لتنفتح في أفق بعيد هو أفق الإنسانية والمجتمع المفتوح. ولكن لا يتحقق هذا التجاوز بشكل شامل، إلا إذا ارتقى الضمير الأخلاقي، وتقدمت الأخلاق بالوعي لقيمها وإغناء مبادئها الإنسانية، بالتفكير الواضح الانتقادي لكل ما يعوق التقدم الأخلاقي. وفي هذا المعنى يمكن الحديث عن كلية الأخلاق.

تصادم القيم:

نتصور أن الصراع والتدافع في عالم اليوم وفي السنين الأخيرة بالذات، قد انتقل من المجال العسكري والاقتصادي إلى مجال أكثر حساسية، وهو مجال الهوية وتشكيل منظومة القيم، ومن هنا تبرز الأهمية الكبرى التي تحتلها القيم في مختلف البلدان، لما لها من تأثير مباشر في صياغة الذهنيات، وبناء التصورات والمفاهيم.

إنّ القيم باعتبارها مجموعة من التصوّرات والتمثّلات التي يحملها المجتمع عن الأشياء والمعاني تشكّل دوافع محركة لحركة التّاريخ، وبذلك تبقى القيم إذن باعتبارها تعمل على ترشيد المعرفة والعلم والفكر.. هي البعد الحيوي المؤطر والموجه لكل مجالات الحياة، هي المصنع أو المختبر الذي فيه وبه تتم صناعة وتحليل الاختيارات الاستراتيجية الأساسية لتوجه ما، فهي تشكل وتصوغ عمق المجتمع والإنسان، وتغذيه وتزوده في الوقت ذاته بكل القيم والمبادئ والمعاني والرموز... الدينية والتاريخية والعرفية.. مما يشكل إطار خصوصيته وتميزه ويعكس هويته.

فهي تزود أعضاء المجتمع بمعنى الحياة وبالهدف الذي يجمعهم من أجل البقاء، حيث تجعل الأفراد يفكرون في أعمالهم على أنها محاولات للوصول إلى أهداف تمثل غايات في حد ذاتها، لا على أنها محاولات لإشباع الرغبات والدوافع. وتعرف القيم على أنها "تمثل كل الأحكام والموضوعات والظروف والمبادئ التي اكتسبت معاني اجتماعية خلال التجربة الإنسانية، وتعد القيم في ضوء ذلك بمثابة الموجهات التي تميز المرغوب من المرفوض، وبالتالي بين القيم الإيجابية المقبولة والقيم السلبية غير المرغوب فيها.

طبعا، إنّ أغلب الصراعات في عالمنا المعاصر، وإن كانت تحمل أبعادا اقتصادية وسياسية وأمنية إلاّ أنّ لها أبعادا قيمية تحركّها. لذلك، فإن مسألة القيم تعد من أخطر المسائل التي يمكن أن تطرح على الفكر، فالصراع القيمي يغذي الصراعات الأخرى ويبررّها ويخفي وجهها الحقيقي. وليست كلّ القيم متساوية؛ فهناك قيم إيجابية منفتحة وهناك قيم سلبية متحيّزة، وليس أمام القيم إلاّ أن تتدافع وتتعارف وتتفاعل لتنتج قيما جديدة تتلاقح منها جميع الحضارات.

وبناء على ذلك، فإن الإشكال الحقيقي الذي تواجهه الإنسانية اليوم لا يتمثل في اختلاف القيم عبر اختلاف الحضارات والثقافات والأديان، وإنما يكمن في مسألة تدبير هذا الاختلاف والتنوع في مجال القيم بشكل عقلاني وموضوعي بعيدا عن نزعات التعصب والتطرف والهيمنة؛ ذلك أن القيم وإن كان يوجد بينها تصادم وتصارع وتنافر، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون ذريعة لتبرير الصراعات السياسية والعرقية والدينية والاقتصادية... وإنما لابد من إيجاد طريق، حيث تتلاقح وتتكامل فيه تلك القيم لتنتج قيم جديدة قيم إنسانية كونية يستفيد بعضها من البعض الآخر، وبذلك يكون الحوار هو خلاص البشرية من ويلات الحروب والصراعات العقدية والدينية خصوصا بعد نظرية صدام الحضارات للكاتب الأمريكي صموئيل هنغتون التي ساهمت في إيجاد مبررات فكرية استخدمت لتغدية نزعات العنف والتطرف بشكل يهدد مستقبل البشرية ويضعه على حافة الهاوية.

فالصراع بين القيم له جانب إيجابي على مستوى ما يقوم من دور محوري في عملية التطور الحضاري، "إن صراع القيم سنة كونية من سنن الله في خلقه وأنه ضرورة من ضروروات تحقق التوازن (المتحرك) في النظام الكوني، وهو أيضا ضرورة لإضفاء المعنى على الوجود ومنحه غاية يتجه نحوها... والفعاليات السلبية هي بمثابة الدفع المستمر لتوليد فعاليات إيجابية تستوعب الفعاليات السلبية فتدفع بالقيم في جنبات النظام الكوني كي يتحقق توازنه"(2)

أشكال تصادم القيم:

لقد تحدث الفيلسوف الفرنسي لويس لاڤيل(Louis Lavelle)(3) عن أشكال ومظاهر تصادم القيم في كتابه traité des valeurs(4) وحدّد منها عدة أنواع نشير إليها فيما يلي:

1- تصادم القيم غير منفصل عن تجسدها:

Le conflit des valeurs est inséparable de leur incarnation

يمكن أن نعتبر أن هذا المظهر الأول يرتبط (بالذات الواحدة) أي الفرد الواحد؛ إذ في أحيان كثيرة يكون الفرد أمام حالة أو وضع يقع فيه في تصادم بين القيم ليتعين عليه الاختيار؛ بمعنى اختيار قيمة على حساب قيمة أخرى. هنا ينبهنا Lavelle Louis إلى أن ما يجعلنا نحسم في مسألة الاختيار هو ذلك الترتيب الهرمي L’ordre hiérarchique بواسطة هذا الشكل الهرمي، تصبح لدينا قيم عليا وقيم سفلى. في قمة الهرم نعتبرهما أساسية مركزية، وقيم أخرى تصبح ثانوية قابلة لأن نضحي بها. هذا التراتب الهرمي من خلاله نحدد الأفضلية بين القيم ويتم تحديد القيم المثالية، غير أنه في بعض المجريات أو الأحداث الخاصة، فإن الأمر يتطلب ضبط كل قيمة على حدة بمعنى التعامل معها بكيفية ملموسة وأكثر واقعية بعيدا عما هو مثالي أو ما هو مجرد، بل من خلال ما هو متجسد ومتعين. نذكر هنا المثال الذي أدرجه Lavelle بالنسبة إلى الفرد الذي اضطر إلى التضحية بقيمة الصداقة وقيمة الحب من أجل الدفاع عن قيمة الوطن.

2- التصادم بين الأفراد Conflit entre les individus

يتيح لنا الاختلاف الحاصل بين الأفراد فهم مسألة التصادم القائم بينهم. ويرتبط الاختلاف بمجموعة من المستويات؛ فهناك (التعدد اللانهائي للوظائف حسب المجالات والحقول...) دون أن ننسى أن هناك اختلافا على مستوى (الأفكار الميولات، المعتقدات، المواقف...) يتحول هذا التعدد وهذا الاختلاف إلى نوع من التصادم الذي يأتي نتيجة للمنافسة بين الأفراد.

وإذا عدنا إلى المسألة التراتب الهرمي، فإننا سنجد أنها بدورها تصبح مصدرا لتصادم القيم كون ذلك التراتب سيختلف طبعا حسب الأفراد بين ما هو أساسي يتم الدفاع عنه، وما هو ثانوي يتم إهماله لصالح قيم أخرى.

3- التصادم بين القيم من مرتبتين مختلفتين أو من نفس المرتبة

Conflit entre des valeurs de rang diffèrent ou et même rang

من خلال هذا المظهر نلمس أيضا تصادم القيم يتحدث Louis Lavelle عن تلك القيم التي تنتمي وتصنف ضمن نفس المرتبة، والتي بدورها يطالها نوع من الصراع بين القيم مثلا (قيمة الصدق وقيمة الوفاء كيف يمكن أن أكون وفيا دون أن أكون صادقا) هنا نتحدث عن نفس المرتبة. علما أن الرتب التي تأخذها القيم غير ثابتة، بل نسبية قابلة للتغير حسب مجموعة من الظروف الخاصة، وبالتالي ليس هناك قيم مطلقة.

هنا نلفت النظر إلى أنه وعلى حد تعبير الأشاعرة ما من فعل من الأفعال يمكن أن يستمر على حال واحدة في جميع الوقائع والأحوال، فقد يحسن كذب بعينه، كما قد يقبح صدق بعينه. فتغير السبب يؤدي إلى تغيير الفعل؛ إذ القتل ظلما وعدوانا ليس كالقتل قصاصا أو حربا مشروعة، وإنقاذ الغرقى شهامة، ولكن ذلك لا يجب على من لا يحسن السباحة، والعقل هو الذي يكشف في جميع الحالات عن وجوه الخصائص الحسنة أو غيابها في كل فعل.

هذا ويقدم Lavelle مثالا عن أسمى وأعلى قيمة ويحددها في قيمة الحياة هاته الأخيرة تأتي في أعلى مرتبة، وبالتالي تصبح كل القيم الأخرى في خدمة قيمة الحياة. من هنا يمكن أن نفهم لماذا يتم التخلي عن مجموعة من القيم الأخرى لأجل قيمة واحدة تكون هي الأسمى. دون أن ننسى التقسيم الذي سبق أن قدمه Lavelle حول القيم العليا والقيم السفلى؛ فالحياة هي الغاية وكل القيم الأخرى يمكن أن تتحول إلى مجرد وسائل لحفظها.

خاتمة:

إن أشكال ومظاهر تصادم القيم كما حددها Lavelle طبعا، لا ينبغي التوقف عندها، بل يجب تجاوزها نحو تحقيق نوع من الانسجام والوحدة بين القيم، ليصبح التنوع والتعدد سمة جوهرية للقيم دون الوقوع في التصادم.

في إطار مناقشة هذا التصور، يمكن الانفتاح على بعض الفلاسفة الذين نبهوا لمسألة تصادم القيم ونجد من ضمن هؤلاء الفلاسفة:

             ·        أكسيل هونيت: يقدم هونيت ضدا عن أشكال تصادم القيم مسألة الاعتراف، الاعتراف بالآخر بقيمه بمبادئه أفكاره... ويأتي الاعتراف هنا ضدا على الاحتقار الاجتماعي كمصدر للتصادم.

             ·        إدغار موران: يؤسس إدغار لقيمة التسامح على اعتبار أن التسامح ينبني على مبدأ أساسي، وهو الحق في الاختلاف وتقبل الاختلاف معناه تقبل الآخر عوض إقصائه أو تهميشه أو التصادم معه.

             ·        برغسون: ينادي برغسون بقيم أخلاقية منفتحة كونية تخاطب الإنسانية جمعاء عوض كل إشكال الانغلاق أو التمركز حول قيم معينة ورفض باقي القيم الأخرى والتصارع معها.

(1) الخمسي، عبد اللطيف: الخطاب الفلسفي ومنطق السلطة (الفلسفة وسلطة المؤسسة) منشورات دار التوحيدي، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى 2015. ص 201

(2) علي، حسين: ما هي الفلسفة، التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت­ لبنان. 2011، ص 16

(2) غانم، حسين: صراع القيم، دار المنار الحديثة، شبرا مصر، بدون تاريخ. ص 97

(3) لويس لافيل: Louis Lavelle فيلسوف فرنسي ولد سنة 1983 في Saint-Martin-de-Villeréal كان عضو في أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية الفرنسية، توفي سنة 1951. له العديد من المؤلفات والبحوث منها:

La dialectique du monde sensible, Les Belles Lettres, 1922 ; P.U.F., 1954

La perception visuelle de la profondeur, Les Belles Lettres, 1922

De l’être, Alcan, 1928 ; 1932 ; Aubier, 1947

La conscience de soi, Grasset, 1933 ; 1951 ; Christian de Bartillat, 1993

La présence totale, Aubier, 1934

Le moi et son destin, Aubier, 1936 ; Le Félin, préface de Jean-Louis Vieillard-Baron, 2015

De l’acte, Aubier, 1937 ; 1946 ; 1992

L’erreur de Narcisse, Grasset, 1939 ; La Table Ronde, 2003 ; Le Félin, préface de Jean-Louis Vieillard-Baron, 2015

Le mal et la souffrance, Plon, 1940 ; Dominique Martin Morin, 2000

La parole et l’écriture, L’Artisan du livre, 1942 ; Le Félin, 2005

La philosophie française entre les deux guerres, Aubier, 1942 ; Le Harmattan, 2009

Du temps et de l’éternité, Aubier, 1945

Introduction à l’ontologie, P.U.F., 1947 ; le Félin, 2008

Les puissances du moi, Flammarion, 1948

De l’âme humaine, Aubier, 1951

Quatre saints, Albin Michel, 1951 ; sous le titre De la sainteté, Christian de Bartillat, 1993

Traité des valeurs : tome I, Théorie générale de la valeur, P.U.F, 1951 ; 1991

Traité des valeurs : tome II, Le système des différentes valeurs, P.U.F., 1955 ; 1991

De l’intimité spirituelle, Aubier, 1955

Conduite à l’égard d’autrui, Albin Michel, 1958

Morale et religion, Aubier, 1960

Manuel de méthodologie dialectique, P.U.F., 1962

(4) ينظر: Louis Lavelle: Traité des valeurs : tome I, Théorie générale de la valeur, P.U.F, 1951 ; 1991. Livre ӀӀ . p. 727