الوعي المقاصدي ودوره في حوار الأديان والحضارات


فئة :  مقالات

الوعي المقاصدي ودوره في حوار الأديان والحضارات

إن المستقرئ لأحكام الشريعة ونصوصها، يدرك أن المقاصد والغايات التي جاءت من أجلها هذه الشريعة الغراء، لها طابع حضاري وبعد إنساني؛ حيث يمكننا معها القول إنها مقاصد كونية، وبالتالي، فإنها تصلح لتكون أرضية مشتركة لتدشين وتفعيل أي حوار ديني أو حضاري.وإن الحديث عن مقاصد الشريعة ليس من قبيل الترف العلمي، وإنما هو حديث يأتي في ظل عالم متغير، يموج بالأفكار والمذاهب والتصورات وتتسارع فيه الأحداث والوقائع، كما تتشابك فيه المصالح والمشاكل وتتعقد، على نحو لا يسبق له مثيل، مما يوجب على الفكر الإسلامي المعاصر ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار، دور المقاصد في إعادة ضبط هذا العالم المتحرك، ورصد معالمه وآفاقه، ومذاهبه وتوجهاته.

ومما لا شك فيه، أن علم المقاصد من العلوم المهمة والمميزة في منظومة العلوم الإسلامية، وذلك لما ينطوي عليه من أبعاد منهجية ومعرفية، تهم بالدرجة الأساس، فلسفة التشريع ومقاصده، وغايات الأحكام وأسرارها، إلا أن أهميته الكبرى لا تقف عند هذا الحد ، وإنما تتعداه لتشمل قضايا ومسائل تعتبر من صميم عميلة التجديد، ومن مرتكزات مشاريع الإصلاح والتنمية.

 الوعي المقاصدي، يسهم بشكل كبير في بلورة أرضية مشتركة للحوار بين أصحاب الديانات المختلفة

وفي هذا الاطار، سنعمد إلى مقاربة نظرية مقاصد الشريعة بوصفها أرضية للحوار الديني والحضاري، وآلية من آليات التجديد، وذلك بإلقاء مزيد من الضوء على المشترك الإنساني الحضاري، محاولين التعرف على الدور المهم الذي تكتسيه المقاصد في توسيع دائرة الحوار بين الأديان، وجسر أواصر الصلة والتعايش السلمي بين الشعوب والثقافات.

ومن المعلوم أن علم مقاصد الشرعية قد نما وتطور في أحضان علم أصول الفقه، حتى إذا اتضحت معالمه ونضجت قضاياه، صار علما قائما بذاته، له مباحثه وقواعده التي تنتظم داخله، وقد كان أول المبرزين في هذا العلم ذلك العالم الأصولي الجليل أبو إسحاق الشاطبي

إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي المتوفى سنة 790 ﻫ، الذي انفرد في تأليف كتابه بطريقة خاصة لم يسبقه إليها أحد قبله، وهو كتاب الموافقات في أصول الشريعة الذي يقول في مقدمة تحقيقه الشيخ عبد الله دراز: "وهكذا بقي علم الأصول فاقدا قسما عظيما، هو شطر العلم الباحث عن أحد ركنيه، حتى هيأ الله سبحانه وتعالى أبا إسحاق الشاطبي في القرن الثامن الهجري، لتدارك هذا النقص، وإنشاء هذه العمارة الكبرى، في هذا الفراغ المترامي الأطراف، في نواحي هذا العلم الجليل، فحلل هذه المقاصد إلى أربعة أنواع، ثم أخذ يفصل كل نوع منها وأضاف إليها مقاصد المكلف في التكليف، وبسط هذا الجانب من العلم في اثنتين وستين مسألة، وتسعة وأربعين فصلا، من كتابه الموافقات". (1)

ولا يخفى أن الرؤية المقاصدية تعطي للعقل المسلم قسطا مهما من القدرة على الإبداع والنقد والتصويب، كما أنها تسهم بشكل كبير في التعاطي بشكل إيجابي وجدي مع مختلف القضايا والإشكالات التي تطرح على الفكر الاسلامي المعاصر. لأجل ذلك، فإننا نعتقد أن الوعي المقاصدي له دوره وأهميته القصوى في إعادة تشكيل وصياغة التصورات والرؤى والأفكار بما يخدم مصالح الأمة الإسلامية في شتى مجالات الحياة .

 إن حوار الحضارات والأديان مهمة إنسانية وخيار منهجي ومطلب واقعي وشرعي

ولعل من بين أبرز تلك القضايا التي لاقت اهتماما كبيرا من لدن الباحثين والمفكرين والخبراء، قضية الحوار بين أصحاب الديانات، وخاصة منها اليهودية والمسيحية والإسلام، خاصة في ظل كثرة التحديات والإكراهات التي تعترض قيام أي حوار إيجابي ومثمر.

وفي اعتتقادي أن المقاربات التي تحكمت في مسار التجديد في مقاصد الشريعة، نستطيع تحديدها في مقاربتين أساسيتين، يمكن أن نطلق على المقاربة الأولى المقاربة التنظيرية؛ أي تلك التي تعنى بالجانب التنظيري والتأصيلي لمقاصد الشريعة. أما المقاربة الثانية، فيمكن أن نطلق عليها المقاربة التطبيقية؛ أي تلك التي تهدف إلى تطبيق المقاصد على مختلف مجالات الحياة الإنسانية العملية، إلا أننا مع ذلك نعتقد أن هنالك مقاربة أخرى لها بدورها ما يبررها ويسوغها، وهي المقاربة النقدية المعرفية، والتي تعنى بالبحث في الجانبين معا، ولكن بمنهج ورؤية مغايرين تماما للمقاربتين السالفتين، وذلك من خلال دعامتين أساسيتين، وهما:

- توسيع دائرة التطبيق المقاصدي لتشمل مختلف مجالات الحياة وسائر أنماط المعرفة، بدل اقتصارها على الجانب الفقهي.

- نقد آليات التجديد وطرائق التنظير في الفكر المقاصدي، وذلك من خلال تطوير في الرؤية المقاصدية المعتمدة.

والحقيقة أن الوعي المقاصدي، يسهم بشكل كبير في بلورة أرضية مشتركة للحوار بين أصحاب الديانات المختلفة، خاصة ونحن نعلم أن حوار الأديان والحضارات قد أصبح أكثر إلحاحا في الوقت الحاضر، باعتباره وسيلة للتعايش السلمي والرقي الحضاري. فالحضارة هي ثمرة جهود الأفراد والشعوب ومساهمتها في تطوير أوضاع الإنسان عبر العصور. أما الحوار، فهو الأسلوب المتحضر والراقي في التعامل مع جميع الآراء الثقافية والفنية والدينية لإشاعة التعايش السلمي، وتجنب نشوء أزمات حضارية تزج بالإنسانية في نفق مظلم.

 الحضارات لا تتصارع فيما بينها، وإنما تتلاقح وتتكامل لتنتج حضارة جديدة يستفيد بعضها من البعض الآخر



إن حوار الحضارات والأديان مهمة إنسانية وخيار منهجي ومطلب واقعي وشرعي، بما يتضمنه من اعتراف بالآخر وبحقه في الوجود، إذ بدونه تنعدم شروط الحياة الآمنة وظروف السلم الأهلي والاجتماعي، إلا أن الإشكال الحقيقي الذي تواجهه الإنسانية اليوم لا يتمثل في اختلاف الحضارات والثقافات والأديان، وإنما يكمن في مسألة تدبير هذا الاختلاف والتنوع بشكل عقلاني وموضوعي بعيدا عن نزعات التعصب والتطرف والهيمنة.

ذلك أن الحضارات لا تتصارع فيما بينها، وإنما تتلاقح وتتكامل لتنتج حضارة جديدة يستفيد بعضها من البعض الآخر، ولذلك يكون الحوار هو خلاص البشرية من ويلات الحروب والصراعات العقدية والدينية، خصوصا بعد نظرية صدام الحضارات للكاتب الامريكي صموئيل هنغتون التي أسهمت في إيجاد مبررات فكرية استخدمت لتغدية نزعات العنف والتطرف بشكل يهدد مستقبل البشرية ويضعه على حافة الهاوية.

إن الحديث عن الحوار الديني والحضاري، يقتضي الحديث عن قضايا التجديد في الثقافة الإسلامية، وذلك لأن الذاكرة التاريخية لا تزال محملة بثقل الصراعات الماضية، مما يزيد من معيقات الحوار ويجعل المستقبل رهينا لهذه الرؤية التقليدية.

فالحوار الديني والحضاري، لا يتأتى إلا بحوارات ثقافية وتجديد فكري وثقافي يفسح المجال أمام تنقية المجال الثقافي من كل رواسب ومخلفات الحروب وعمليات الإقصاء.

ولن يتم ذلك إلا من خلال عملية نقد وتجديد ذاتي وعميق وصريح للعناصر والمكونات الثقافية، من أجل صياغة بعد ثقافي جديد يحترم ظاهرة التنوع الديني ، وهي مهمة يمكن أن ينهض بها الفكر المقاصدي، باعتباره يمتلك مقومات ذاتية تؤهله لتلك المهمة.

إن انعدام الحوار معناه النزوع نحو الهيمنة، ومحاولة إخضاع الناس جميعا لنمط واحد من أنماط الحياة البشرية ولنموذج واحد من نماذج المنظومات الثقافية، وتحويل الاختلاف إلى عملية تنميط قسري، والقضاء على ما سواها لتغدو بعد ذلك الحضارات الأخرى نسخا تابعة لمنظومة قيمية واحدة. فالحوار الحضاري نقيض صدام الحضارات، إنه يعترف بالتنوع والتعدد لا بالإنكار والإلغاء، لذلك كان لا بد من اعتماد المدخل الثقافي برؤية مقاصدية؛ لأن التواصل بين المختلفين والمتغايرين عقديا ودينيا لا يمكن أن يتم عبر العقائد والقناعات، وإنما عبر الثقافة التي تدفع جميع المكونات إلى الحوار والتفاهم؛ لأن الحوار الأيديولوجي يضعنا في إطار القناعات الراسخة والمطلقيات الثابتة، إلا أن الثقافة الأحادية التي تبنى على النقيض والتضاد لا تستطيع أن تبني حضارة قائمة على التنوع والتعدد؛ لأنها تقوم على مقاربات أحادية تنكر على الآخر إنسانيته وثقافته وحقه بالحياة محاولة إلغاءه.

وفي ثنايا هذا البحث تظهر لنا أهمية الوعي المقاصدي، فيما يخص قضايا الحوار بين الأديان والحضارت، فإذا كان الشاطبي ـــ رحمه الله ـــ قد حدد من خلال استقراء نصوص الشريعة نظرية مكتملة في علم المقاصد، فإن الباب يبقى مفتوحا " لمزيد من الاجتهاد والاكتشاف لآفاق أخرى في المقاصد، في ضوء التطورات الاجتماعية وضمور أو غياب بعض المعاني، التي تقصد الشريعة إلى تحقيقها، حفظا لمصالح العباد، أو على الأقل إعادة قراءة هذه المقاصد في ضوء المصطلحات والمفهومات الجديدة، التي بدأت تشكل نقاط الارتكاز الحضاري والثقافي، على المستوى العالمي – وما جاءت الشريعة إلا لإلحاق الرحمة بالعالمين - كمسائل التنمية، والبيئة، والحرية، وحقوق الإنسان، والإنسانية ، والعالمية.."(2)

 الثقافة الأحادية التي تبنى على النقيض والتضاد لا تستطيع أن تبني حضارة قائمة على التنوع والتعدد

وكما سبقت الإشارة، فإن قضية الحوار الديني والحضاري تعتبر من أولويات هذه المرحلة ومن مميزاتها، ومن بين الآفاق والمجالات التي ينبغي على الفكر المقاصدي أن يسهم فيها من خلال تقديم المقاربات والتصورات والحلول الناجعة.

ومادامت النظرة الإسلامية للعالم" لا تعتبر التعدد والتنوع البشريين من قبل الحوادث التاريخية أو الانحرافات الشخصية أو العيوب الإنسانية، بل تعدهما مظهرا من تدبير الله للعالم وسنة من سنن الله في الكون"،(3) فإنه من الواجب البحث في تلك المقاصد والغايات التي أساسها كان الاختلاف سنة من سنن الله وحكمة من حكم الخلق، والتي منها الابتلاء والاختبار، والتعارف، مصداقا لقوله تعالى، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }(4) وقوله تعالى{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (5) والمقصود من هذا الابتلاء، "هو أن الناس مدعوون إلى أن يحسنوا العمل، ويحسنوا التصرف فيما آتاهم الله، وأن يتنافسوا في الخير والإحسان والإصلاح والعمران"(6) . وأما التعارف، فيعبر عن البعد الإنساني العام لطبيعة تلك المقاصد والغايات، يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } "(7)

هذا بالإضافة إلى أن مقصدي العمارة والاستخلاف، يعتبران من أهم المقاصد التي جاءت لأجلها الشريعة،" إن من أعظم مقاصد التشريع الذي جاءت بالدلالة عليه جزئيات الشريعة وكلياتها، ما يفيد الطلب بالقيام بعمارة الأرض واستصلاحها بما يحقق النفع والقوة للإنسان"(8) ذلك أن " المقصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض وحفظ نظام التعايش فيها وصلاحها بصلاح المستخلفين فيها، وقيامهم بما كلفوا به من عدل، واستقامة ومن صلاح في العقل وفي العمل وإصلاح في الأرض واستنباط لخيراتها وتدبير لمنافع الجميع"(9)

يقول سبحانه وتعالى:{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ }(10) ويقول سبحانه:{ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ }(11) فمدلول الآيات واضح في بيان مقصد الاستخلاف والعمارة من خلق الإنسان. وإن الوعي المقاصدي لا ينبني على أساس نظرية في المقاصد، بل هو نتاج لها وتعبير عنها، فإذا كانت" أحكام الشريعة وأدلتها تنتج لنا وتعطينا قضايا أصولية ونظريات تشريعية، وقواعد فقهية، فإن نظرية المقاصد أيضا تنتظم كل هذه القضايا والنظريات والقواعد، وترتبها في نظام معين، يجعلها جسما واحدا يخدم بعضه بعضا".(12)

وفي ضوء نظرية المقاصد في القرآن الكريم، يمكن للوعي المقاصدي أن يتحول إلى آلية معرفية، تلقي الضوء على القواسم المشتركة، وبهذا وحده يمكن لهذا الوعي أن يتحول إلى أرضية مناسبة ومشتركة في إحدى أهم المسائل تعقيدا وصعوبة، ألا وهي مسألة الحوار بين الأديان والحضارات.

* ياسين الورزادي باحث مغربي، كلية الآداب- بني ملال-


1) الشاطبي، أبو إسحاق، الموافقات في أصول الشرعية، من مقدمة تحقيق الشيخ عبد الله دراز، صدر في مجلد واحد في طبعة جديدة لدار الكتب العلمية بيروت – لبنان الطبعة الأولى 2004-1425ه.

(2) الخادمي، د. نور الدين ، الاجتهاد المقاصدي، حجيته... ضوابطه، مجالاته، كتاب الأمة، العدد 65 الجزء الأول، الطبعة الأولى 1998، ص 36

(3) آيت أحمد، د. مريم ،جدلية الحوار، قراءة في الخطاب الإسلامي المعاصر، تقديم د. عبد المجيد النجار منشورات مجلة علوم التربية العدد 24 الطبعة الأولى 2011 ص 21

(4) سورة هود، الآية 118/119

(5) سورة المائدة، الآية 48.

(6) الريسوني، د. أحمد، الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية، ص 57.

(7) سورة الحجرات، الآية، 13.

(8) القحطاني، د. مسفر بن علي، الوعي المقاصدي ، قراءة معاصرة للعمل بمقاصد الشريعة في مناحي الحياة، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت- الطبعة الأولى 2008. ص 100

(9) الفاسي، ذ.علال، مقاصد الشريعة الاسلامية ومكارمها، دار الغرب الاسلامي، الطبعة الخامسة، 1993، ص 41-42.

(10) سورة البقرة، الآية 30.

(11) سورة هود، الآية 61.

(12) الريسوني، د. أحمد، نظرية المقاصد عند الشاطبي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، دار الأمان الرياط- المغرب، الطبعة الثانية، 1424-2003، ص 16.