تطبيق مقاربة التعليم التعاوني في تدريس الفلسفة بالتعليم الثانوي: تقنية Jigsaw نموذجا


فئة :  مقالات

تطبيق مقاربة التعليم التعاوني في تدريس الفلسفة بالتعليم الثانوي:  تقنية Jigsaw نموذجا

تطبيق مقاربة التعليم التعاوني في تدريس الفلسفة بالتعليم الثانوي:

تقنية Jigsaw نموذجا

Applying the cooperative education approach in teaching philosophy in secondary education: Jigsaw strategy model

الملخص

تتوخى هذه الدراسة تبني مقاربة العمل التعاوني: استراتيجية Jigsaw في تدريس مادة الفلسفة بالتعليم الثانوي بالمغرب، وفق الوثائق الرسمية التي تعتمدها وزارة التربية الوطنية والشباب والرياضة، والتي تنظم تدريس هذه المادة بهذا السلك الدراسي. ولعل أهم هذه الوثائق، المنهاج التربوي الخاص بتدريس مادة الفلسفة بالمغرب. لذلك، تم خلال هذه الدراسة عرض الأسس القانونية والنظرية والبيداغوجية للتدريس وفق استراتيجية Jigsaw كآلية من آليات العمل بالمجموعات. وعرض مراحل التخطيط لهذه المقاربة، وأخيرا تقديم مجموعة من الصعوبات التي تعترض تنزيلها على أرض الميدان بعد تجريبها في فصول دراسية، لنختتم بخلاصات وتوصيات لمزيد من البحث الديداكتيكي في تدريس مادة الفلسفة.

تقديم

تعد إشكالية تدريس الفلسفة أم تعليم التفلسف موضوع نقاش عميق، تجسد في المنحيين المختلفين الذين ذهبا إليهما كل من الفيلسوفين الألمانيين كانط وهيجل. تفرع عنه موقفين متناقضين: الموقف الأول يرفض بيداغوجيا خارجية عن الفلسفة؛ إذ ينطلق أصحابه من كون هذه الأخيرة لا تحتاج إلى نظريات بيداغوجية، باعتبارها نمط تفكير إنساني متميز، ويتهمون - البيداغوجيا - بكونها تقنية تستعمل في خدمة غايات خارجية عن العقلنة الفلسفية، وتحكمها وجهة نظر دمجية تتعارض مع الماهية النقدية للعقلنة الفلسفية، وهو ما يؤدي إلى رفض كل اهتمام ديداكتيكي، باعتباره يتناقض جذرا مع طبيعة تدريس الفلسفة. أما الموقف الثاني، وهو المتحمس لبيداغوجيا تتطور خارج خطاب الفلسفة؛ إذ يرى أنه لا يمكن للفلسفة أن تظل بمنأى عن التطورات التي عرفتها نظريات التربية والتعلم، والتي انعكست على ديداكتيك المواد المدرسة، وأعادت النظر في استراتيجيات وتقنيات تعليمها وأساليب تقييمها.[1]

وحيث إن المنهاج التربوي الخاص بتدريس مادة الفلسفة بالمغرب تبنى تعليم الفلسفة، وانحاز إلى الموقف الثاني من خلال اعتماده على المقاربة بالكفايات، وهي المقاربة التي تركز على تعلم المتعلم أكثر من تركيزها على خطاب المدرس كما يرى ميشيل توزي. من هنا جاءت هذه الورقة البحثية التي تتوخى وضع تصور نظري وعملي من أجل تطبيق مقاربة العمل التعاوني في أقسام تدريس الفلسفة بالتعليم الثانوي التأهيلي: استراتيجية Jigsaw نموذجا؛ وذلك بهدف عقلنة العملية التعليمية – التعلمية بتجنب التلقائية والارتجال التي غالبا ما تؤدي إلى نتائج غير متوقعة من جهة. والعمل على إغناء البحث الديداكتيكي في مجال تدريس الفلسفة من جهة ثانية. لذلك سيتم الاشتغال في هذه الورقة البحثية على المحاور الثلاثة التالية:

1- شرعية العمل التعاوني (العمل بالمجموعات الصغيرة Using small group) داخل أقسام الفلسفة بالتعليم بالثانوي التأهيلي، استنادا إلى التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بالسلك التعليم الثانوي التأهيلي. مع الاطلاع على بعض الكتابات البيداغوجية التي استلهم المغرب نموذجه منها.

2- إبراز أهمية طريقة العمل التعاوني داخل أقسام الفلسفة، مع عرض وتقديم استراتيجية Jigsaw ، سواء على مستوى تاريخها، مبادئها، أهدافها، خطواتها.

3- تقديم بعض الصعوبات التي تطرحها تطبيق استراتيجية Jigsaw كنموذج للعمل التعاوني داخل أقسام الفلسفة.

أولا: التوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة الفلسفة، ومقاربة العمل التعاوني (العمل بالمجموعات)

يحتل المنهاج التربوي موقعا استراتيجيا في العملية التعليمية، باعتباره ترجمة فعلية لأهداف التربية وخططها واتجاهاتها في كل مجتمع؛ فإصلاح التعليم وتجويده ينطلق من إصلاح المناهج وتجديدها. وانطلاقا من ذلك، فإن المنهاج هو روح وقلب العملية التعليمية ومركز المادة الدراسية. لذلك، لا يسع لكل باحث في الشأن التربوي أو مدرس لمادة الفلسفة إلا العودة إلى المنهاج التربوي (الكتاب الأبيض)، والتوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي من أجل تدقيق معرفته، والبحث عن مسارات جديدة لتطوير ممارساته التعليمية - التعلمية وتجويدها.

لذلك، فبالعودة إلى التوجيهات المذكورة، وفي سياق البحث، نجد أن العمل بالمجموعات يحضر في سياقين هما:

- السياق الأول وضعها المشرع تحت إطار المقاربة بالكفايات كمقاربة جديدة في تدريس الفلسفة لا تقوم على إكساب المتعلمين تكوينا تجزيئيا، آليا، تكراريا، وإنما تحويل فعل التعليم إلى فعل مساعدة وتيسير فعل التعلم الذي ينبغي أن يقوم به المتعلم بنفسه، من خلال جهده الخاص، وتعبئة طاقاته الذهنية والوجدانية الذاتية، واستثماره للوسائل والموارد التي يجب أن توضع بين يديه؛ وذلك، كأحد معالم هذه المقاربة، تحت لفظ "تشغيل التلاميذ .. في مجموعات مصغرة بهدف مساعدتهم على البناء الذاتي للمعرفة، انطلاقا من الدعامات البيداغوجية المتاحة (الكتاب المدرسي، الوضعيات المبتكرة، الخيالية أو الملموسة ...).

- السياق الثاني، على اعتبار أن العمل بالمجموعات من أشكال العمل البيداغوجي الذي يتخذ فيه نشاط التلميذ عمل جماعي، عندما يتعلق الأمر بدعم قدرات المتعلمين في مجال البحث الجماعي، توسيع آفاق العمل، وإذكاء روح الجماعة.[2]

وبما أن منهاج وبرامج تدريس مادة الفلسفة في التعليم الثانوي التأهيلي بالمغرب يستمد تصوره ومنطلقاته من المنهاج التربوي الفرنسي، لا سيما مقاربة ميشيل طوزي، الذي استلهم ما ذهب إليه كانط بأن تدريس الفلسفة يهدف إلى أن يجرؤ كل تلميذ على التفكير اعتمادا على ذاته؛ وذلك قصد تكوين شخص وبناء فكر مسقل من جهة، ومن جهة ثانية، فإن السؤال ليس هو: ماذا سأقول؟ وماذا يتعين علي أن أقول لهم؟ وإنما ماذا سأجعل لهم؟ وما الذي يتعين علي حتى أجعلهم يفعلون حتى يكونوا قادرين على الأشكلة، والمفهمة والحجاج، وبأي وسائل وأي إجراءات يستطيعون تقييم تفكيرهم الخاص؟ حتى تجعل التعليم يحيط بالفيلسوف – المبتدئ وليس بالمدرس؛ أي بطريقة التلميذ وليس بخطاب المدرس، والانطلاق من وجهة نظر من يتعلم التفلسف، وليس من يتفلسف مسبقا.[3]

إذن، فإن العمل بالمجموعات أو العمل التعاوني يحضر في كتابات فرنسية متعدد، إما في سياق عام، كالدعوة التي أطلقها كل من ميشيل توزي بتنويع مناهج التدريس لمعالجة تباين التلاميذ والفئات المختلفة.[4] أو في سياق خاص، من خلال ما عبر عنه فرونسوا غاليشي، أستاذ الفلسفة بجامعة ستراسبورغ II، أثناء تقديمه لكتاب الدراسة الفلسفية للموضوعة والنص لكل من ميشيل كاري وميشل طوزي، الذي استحضر تقنية العمل بالمجموعات داخل الفصول الدراسية، عندما ميز بين الممارسة العفوية، وهي ممارسة واعية لدى العديد من المدرسين، والممارسة القائمة على علوم التربية، على أساس أنه لا يوجد هناك قطيعة او فجوة بينهما، بل إن الثانية تتضمن مجهود فيه المزيد من الصرامة والدقة.... وداخل هذه الأخيرة هناك ممارسة مقالية المبنية على عنصر اللغة كتابيا وشفويا (النمط الإلقائي والحواري)؛ إذ إن هذه الممارسة عيبها أنها لا تقدم إلا للتلاميذ المنفتحين، مما يؤدي في غالب الأحيان إلى سيطرتهم على المناقشات بطريقة تؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة إلى بقية الفصل. والممارسة غير المقالية من بينها عمل المجموعات التي لا تكون فقط نمطا من التبادل الشفهي مختلف عن الأنماط الأخرى فقط، بل إنها سمحت أيضا بتواصل افقي (بين تلميذ وتلميذ) وليس فقط بتواصل عمودي (بين مدرس وتلميذ أو تلميذ ومدرس). إنها تعمل على الأخذ بعين الاعتبار الجانب الحركي والأوضاع الشخصية، والتنظيم المكاني والمادي كله، وكذا التنظيم المؤسساتي بأكمله من حيث تعدد الوظائف التي يجب على المدرس القيام بها من سكرتارية وضبط وتواصل مع المجموعات الأخرى، مما يسمح بتبادل وجهات النظر، تنمية روح التعاون، تنمية القدرة على الإنصات والاحترام المتبادل الذي يقود نحو جماعة ديمقراطية تضم أذهانا حرة ومتساوية.

إن ما يمكن قوله إن عمل المجموعات لا تقل ولا تكبر "سموا" عن الأنماط الكلاسيكية للخطاب الإلقائي أو الحوار التوليدي، لكنها تختلف عنهما في أنها تعرض وتنظم التفكير لا في قالب أحادي أو ثنائي، ولكن في قالب متعدد.

ثانيا: التعلم التعاوني، استراتيجية Jigsaw نموذجا

1- التعلم التعاوني

يعد التعلم التعاوني داخل الفصل الدراسي أحد الممارسات الأساسية المبتكرة.[5] ويمكن وصفه بأنه استراتيجية تعليمية تستخدم تقنيات تحفيزية لجعل التعلم أكثر تشويقا؛ لأنه يشرك أكبر عدد من المتعلمين عكس الطريقة الإلقائية والحوارية؛ فهو يزيد من تحفيز المتعلمين على التعلم والاحتفاظ بالمعلومات، ويقوي التفكير النقدي، ويطور مهارات الثقة في الذات والتعامل مع الآخرين، إدارة النقاش، حل المشكلات، التواصل الفعال، الإنصات، الاستقلالية في حل اتخاذ المواقف، تنمية روح المبادرة، كما إنها تقلص من سيطرة بعض المتعلمين على النقاش والتفاعل في الطرائق الاعتيادية القائمة على علاقة أستاذ - متعلم ... إنها تنتج لنا علاقة تربوية يكون فيها المدرس محفزا ومسهلا لعمليات التعلم، دون أن يتدخل في توجيهها أو المشاركة فيها، فهو يكتفي فقط بتلبية حاجات المتعلمين.[6]

فأثناء التعلم التعاوني، حسب جون بياجي، فإن المتعلمين يتعرضون لتفسيرات مختلفة لموضوع معين، وهو ما يؤدي إلى صراع صحي؛ لأنه يخلق اختلالًا معرفيًا، مما يؤدي بدوره إلى رؤية الأفراد لآرائهم من منظور جديد، مما يضطرهم إلى التوفيق بين وجهات نظرهم وآراء أقرانهم، وفي نهاية المطاف، يقومون بتجميع النتائج.

ويتضمن العمل التعاوني خمسة عناصر أساسية حاسمة له، هي:

أ- الترابط الإيجابي: يتأكد فيه المدرس بأن المتعلم يدرك أنه مرتبط بالآخرين بطريقة أنه لا يمكنه أن ينجح ما لم ينجح باقي أعضاء مجموعته، حيث يؤدي إلى تحمل كل متعلم مسؤوليته. ويمكن تعزيز هذا الترابط الإيجابي عن طريق إضافة مكافآت مشتركة وتشجيعات متنوعة، حتى يصلوا لمرحلة إدراك، إما أن يغرقوا أو يسبحوا معا.

ب- المساءلة الفردية: حيث يتم التقييم الفردي لكل متعلم، أو جعله يشرح ما تعلمه لزملائه في الفصل، ومراقبة إنتاجات كل واحد منهم؛ فالهدف من التعلم التعاوني هو جعل كل عضو فردا أقوى في حد ذاته، عن طريق التعلم معا، حتى يتمكنوا لاحقا من أداء أفضل كأفراد.

ت- التفاعل المعزز: ينبغي على المدرس التأكد من أن المتعلمين يتابعون بعضهم البعض من خلال المساعدة، الثناء والتشجيع المتبادل، وهو ما يستدعي عمليات متعددة كمهارة حل المشكلات، ربط المعارف الآنية بالسابقة...

ث- المهارات الاجتماعية: يعزز التعليم التعاوني المهارات الاجتماعية، مثل مهارة القيادة، صنع القرار، بناء الثقة، التواصل، إدارة النزاع.

ج- معالجة المجموعة: يتيح التعلم التعاوني من انخراط الفرد داخل المجموعة تحقيق أقصى من التعلم الخاص والتعلم من بعضهم البعض، لذلك على المدرس التركيز على ما يلي:

+ وصف أنشطة الأعضاء التي تكون مفيدة وأقل فائدة.

+ اتخاذ قرارات بشأن السلوكيات التي يجب أن تستمر أو تتغير.

+ القضاء على الإجراءات غير الفعالة وغير الملائمة.

+ تحسين مهارات الطلاب باستمرار في العمل كجزء من فريق.

+ منح أعضاء المجموعة فرصة للاحتفال بعملهم الجاد ونجاحهم.[7]

ينطبق على التعليم التعاوني مثال بأن ليس كل ما يلمع ذهبا. لذلك، فليس كل عمل جماعي داخل القسم الدراسي تعاوني؛ ففي الكثير من الأحيان، تكون النتائج جد سلبية، سواء على المستوى المعرفي أو فيما يتعلق بالعلاقات بين أفراد المجموعة أثناء العمل بالمجموعات استنادا على ممارسة عفوية لا ترتكز على أسس علمية ومعرفية عميقة الجذور في تخصصات مختلفة منها علم النفس، السوسيولوجيا، علوم التربية، البيداغوجيا وليس أخيرا تجارب فصلية تخضع للتخطيط والتقييم. لذلك، فالتوازن بين مجموعة متنوعة من الأساليب التربوية داخل فصل مادة الفلسفة من شأنه إغناء الدرس الفلسفي وتجويده، كما أن إجراء العديد من الدراسات وتجريب التعلم التعاوني في مادة الفلسفة كفيلان بإعطاء صورة واضحة عن مدى نجاعته؛ فالبحث في التعلم التعاوني مثل الماس، كلما قمت بتركيز الضوء عليه، كلما أصبح أكثر إشراقًا.[8]

2- تعريف استراتيجية Jigsaw

يعود أصل استراتيجية Jigsaw - أو "فئة الألغاز" - إلى أعمال إليوت أرونسون Elliot Aronson وزملائه في السبعينيات في الولايات المتحدة، حيث إنه خلال هذه الفترة كانت مدارس الولايات المتحدة تعيش على إيقاع التمييز العنصري. وبالتالي تم البدء في تطبيق العديد من البرامج من أجل إلغاء الفصل العنصري ودمج الأقليات وتخفيف الصراعات بين الطلاب. وترجع جذور هذه النظرية إلى كل من نظرية الاتصال وديناميات المجموعات. لذلك، اهتدى اليوت ارونسون إلى إنشاء منهج تعليمي تعاوني للحد من الصراعات بين المتعلمين عن طريق: وجود هدف مشترك يتطلب تنسيق الجهود، والوضع المتساوي بين الأفراد داخل المجموعة، مما يشير إلى تقليل الاختلافات في الأصل الاجتماعي والمهارات، بالإضافة إلى التعاون والدعم المؤسسي.

فبالنسبة إلى أرونسون ومعاونيه، كان الهدف من Jigsaw هو العمل على التقليل من التحيز العرقي بين المتعلمين من خلال جعلهم يتعاونون في مهمة مشتركة، حيث يمكن لكل فرد أن يقدم مساهمة فريدة، وبالتالي يكون على قدم المساواة (أي وضع متساوٍ)، كما أن العمل على نظرية الصراع بين المجموعات يطور الحجة القائلة إن التعاون ووجود أهداف مشتركة (أي أهداف المصالح العليا أو "فوق التنسيق") تجعل من الممكن تقليل النزاعات بين المجموعات، إذ تؤدي هيمنة المنافسة داخل الفصول الدراسية إلى مشاعر سلبية، على سبيل المثال، الغيرة والشك والتخريب، وبالتالي يؤدي ذلك إلى فرص تعلم أقل.

تقوم مبادئ استراتيجية Jigsaw على ما يلي:

1. يجب أن يتم التعلم بطريقة تعاونية: تنسيق الجهود ضروري لنجاح جميع المتعلمين.

2. يجب أن تسمح بنية Jigsaw بمثل هذا الجهد المشترك: يجب أن يمر نجاح المجموعة من خلال النجاح الفردي لكل عضو.

3. يجب أن يكون كل متعلم - بغض النظر عن وضعه في الفصل - في وضع يسمح له بتزويد زملائه ببعض المعلومات المطلوبة، "الخبرة"، للمجموعة.

ويلعب الأستاذ الدور التالي:

- تخطيط الدروس التفاعلية لنقل التعلم.

- تشجيع المتعلمين على التعلم.

- توسيع المشاركة.

- تحفيز التفكير عالي المستوى.

- موازنة التفاعلات: من مدرس إلى متعلم، ومن متعلم إلى مادة ، ومن متعلم إلى متعلم.

- تقويم المتعلمين.[9]

3- مراحل استراتيجية Jigsaw

تتضمن طريقة Jigsaw ثلاث مراحل رئيسة تنظم التعاون بين المتعلمين، وهي: مرحلة "فردية" ومرحلة "مجموعة الخبراء" ومرحلة "مجموعة الألغاز".

أ- المرحلة الأولى: (العمل الفردي)

الشكل 1: المرحلة الأولى لـ Jigsaw  (العمل الفردي)

تتمثل الخطوة الأولى لاستراتيجية Jigsaw في إنشاء مجموعات من المتعلمين يطلق عليها: مجموعات "الألغاز". تشير هذه الخطوة إلى أن الأستاذ المسؤول عن الدورة قد أعد مسبقًا محتوى تعليميًا مقسمًا إلى عدة أجزاء فرعية؛ في الواقع، سيتعين على كل عضو في مجموعة الألغاز أن يتلقى جزءًا فرعيًا من المحتوى التعليمي الذي تم إعداده. ومثال ذلك: يتم تقسيم المتعلمين إلى مجموعات غير متجانسة، ثم يوزع الأستاذ أوراق العمل يطلق عليها بطاقات الخبير على أعضاء المجموعة، يطالب فيها كل متعلم كعضو في المجموعة التي تتكون عادة ما بين 4 أو 5 أفراد إلى القيام بمهمة معينة في تحليل نص فلسفي مثل (التذكير بالمعارف والمضامين السابقة - التعريف بصاحب النص - وضع سياق عام للنص - تقديم مفاهيم واردة في النص مع تعاريف ومطالبة المتعلم الاختيار فيما بينها - استخراج أفكار النص - صياغة إشكالية - صياغة الأطروحة ...) وهي أوراق العمل (بطاقة الخبير) التي يمكن للأستاذ الإبداع فيها حسب الأهداف المراد تحقيقها من جهة، ومستوى متعلميه من جهة ثانية.

ب- المرحلة الثانية: (مجموعة الخبراء)

الشكل 2: المرحلة الثانية لـ Jigsaw  (مجموعة الخبراء)

في هذه الخطوة الثانية، يشكل الأستاذ مجموعات "خبراء" مكونة من طلاب عملوا في نفس القسم الفرعي. من الناحية المثالية، يكون حجم المجموعات مشابهًا لحجم مجموعات الألغاز (على سبيل المثال، أربعة أو خمسة متعلمين)؛ نظرًا لأن مخاطر السلوكيات ذات النتائج العكسية يمكن أن تظهر مع زيادة حجم المجموعة. في Jigsaw، تعد هذه الخطوة مهمة بشكل خاص؛ لأنها توفر للمتعلمين الأكثر صعوبة في الحصول على المساعدة من قبل زملائهم الأكثر خبرة. الهدف من مجموعات "الخبراء" هو التأكد من أن كل فرد يتقن الجزء الفرعي الخاص به ويفهمه. للقيام بذلك، يجب على الطلاب مساعدة بعضهم البعض، وبناء المحتوى الذي كانوا يعملون عليه، وتقديم المشورة والتغذية الراجعة للخبراء الآخرين، والتنظيم الذاتي. يجب أن يكون أعضاء هذه المجموعة المؤقتة مستعدين أيضًا "لتعليم" لعبتهم الفرعية لرفاقهم في مجموعات الألغاز. بمجرد أن يتفق الخبراء على أفضل طريقة لنقل المعلومات، يعود كل طالب إلى مجموعة الألغاز الأولية الخاصة بهم ويتناوبون على تقديم المعلومات بالجزء الفرعي الخاص بهم. إن التحضير لاستعادة المعرفة هو الذي يشكل تحدي مرحلة "الخبير". في مثالنا، سيتكون هذا الجزء من مقارنة الإجابات، ولا سيما تصنيفات الأنواع في الجداول المختلفة، وإدراك التصنيف حسب المجموعات.

ت- المرحلة الثالثة (مرحلة اللغز)

الشكل 3: المرحلة الثالثة لـ Jigsaw (مرحلة اللغز)

وفي الأخير، يعود المتعلمين إلى مجموعاتهم الأصلية ويقدمون المادة التي أصبحوا فيها "خبراء" إلى زملائهم في الفصل. في المقابل، فإن الطلاب هم "مدرسون" (أو "خبراء") و"مُعلمون" (أو "مبتدئون"). بالإضافة إلى ترابط الموارد، الذي تم إنشاؤه من خلال توزيع المحتوى المختلف بين الطلاب، هناك ترابط في الأدوار في هذه المرحلة. لذلك يُتوقع من الطلاب إظهار عدد معين من المهارات الاجتماعية: الاستماع اليقظ، والمثابرة، والتحدث خطوة بخطوة. وهي سلوكيات تعزز ظهور التفاعلات الميسرة التي تضمن نجاح المجموعة. يتم تقديم العروض التقديمية بدورها ويشرف عليها الأستاذ.[10]

ثالثا: صعوبات تطبيق استراتيجية Jigsaw على نموذج لدرس فلسفي

على الرغم من أن استراتيجية Jigsaw تم تطبيقها في فصلين دراسيين من مستوى الثانية باكالوريا، وهو الأمر بطبيعة الحال غير كاف للخروج بخلاصات وتوصيات تبرز مفعولها وتقيس أثرها بشكل علمي. إلا أن أثرها، كما لوحظ، كان كبيرا على المتعلمين من حيث إعجابهم بالطريقة الجديدة، باعتبارها طريقة غير مألوفة في التدريس بالتعليم العمومي، وتجعل من المتعلم عنصرا رئيسا ونشطا داخل الفصل الدراسي، كما أن رغبتهم في تعلم الفلسفة أصبحت أقوى وأشد مقاربة بالفترة التي سبقت تطبيق هذه الاستراتيجية، كما نمت معارفهم بشكل كبير، لكن هذا لا يخفي وجود العديد من الصعوبات لعل أهمها:

-    يتطلب تطبيق استراتيجية Jigsaw في تدريس الفلسفة وفق المنهاج المغربي مدة زمنية طويلة نسبيا، مما يجعل الأستاذ والمتعلمين أمام ضغط رهيب.

-    تستلزم هذه الاستراتيجية فصلا دراسيا مكونا من متعلمين لا يتجاوز عددهم 30 متعلما في أقصى الحدود، وهو الأمر الذي نجده في أغلب المؤسسات التعليمية العمومية.

-    تتطلب هذه الاستراتيجية بعض الإمكانيات المادية مثل العاكس الضوئي، أوراق Stickers، أوراق Flipcharts، أقلام حبرية ... وهي الإمكانيات التي تفتقر اليها المؤسسات التعليمية العمومية.

خلاصـة

يعد تطبيق العمل التعاوني أو العمل بالمجموعات وفق ضوابط علمية محددة، مثال استراتيجية Jigsaw شبه غائب في بيئة تدريس مادة الفلسفة بالتعليم المغربي، وهو ما يظهر من خلال التركيز إما على الممارسة الإلقائية العفوية أو الحوارية التوليدية. لذلك، فإنه من شأن القيام بمزيد من الأبحاث والدراسات الميداني، وعمليات التجريب لهذه الاستراتيجية أن يفتح مجالا أوسع وأرحب في تدريس مادة الفلسفة بالتعليم الثانوي، وإخراجها من حالة الستاتيك التي تعيشها إلى حالة الديناميكية التي يتطلبها تعلم التفلسف والفلسفة، لإعادة البريق الذي افتقدته في وقت أصبح تعلمها ضرورة إنسانية ملحة للمساهمة في مواجهة التحديات التي أضحت تعيشها البشرية.

 

قائمة المراجع

*- المراجع باللغة العربية

1- دفاتر التربية والتكوين: العلاقة التربوية: طبيعتها وأبعادها، محمد آيت موحى، المجلس الأعلى للتعليم، العدد: 1، نونبر 2009

2- عز الدين الخطابي: مسارات الدرس الفلسفي بالمغرب: حوار الفلسفة والبيداغوجيا، منشورات عالم التربية، ط 2002

3- ثائر مهدي محمود: تأثير تقنية جكسو على تعزيز مهارة الكتابة لدارسي اللغة الإنجليزية لغة أجنبية لطلاب المرحلة المتوسطة، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية، جامعة بابل، 2018.

4- ميشيل توزي ومن معه: بناء القدرات والكفايات في الفلسفة، ترجمة حسن أحجيج، منشورات عالم التربية، 2005

5- ميشيل كاري ومن معه: الدراسة الفلسفية للموضوعة والنص، ترجمة عزيز لزرق ومحمد شريكان، ط 1، 1996

6- وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي: التوجيهات التربوية والبرامج الخاص بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، 2007

*- المراجع باللغات الأجنبية

1- Arnaud Stanczak : La méthode de la ”classe puzzle” est-elle efficace pour améliorer l’apprentissage ?, Thèse de Doctorat, Hal Open Science, 2020,P : 37, Site Web : https://theses.hal.science/tel-03170791 Date de visite: 13/07/2023

2- David W. Johnson: Roger T. Johnson and Karl A. Smith, Cooperative Learning Returns to College: What Evidence Is There That It Works?, Vol. 30, No. 4 (Jul. - Aug., 1998), pp. 29-30

3- ELIZABETH JELINEK: Using Small Group Learning in the Philosophy Classroom, Christopher Newport University, Teaching Philosophy 36:2, June 2013

4- Poonam Dhull, Gunjan Verma: Jigsaw Teaching Technique for Teaching Science, nternational Journal of Research and Analytical Reviews, 2019, Site Web : https://www.researchgate.net/publication/338011267_Jigsaw_Teaching_Technique_for_Teaching_Science/link/5dfa1e3092851c8364856eda/download date de visite: 13/07/2023

[1] عز الدين الخطابي: مسارات الدرس الفلسفي بالمغرب: حوار الفلسفة والبيداغوجيا، منشورات عالم التربية، ط 2002، ص 29

[2] وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي: التوجيهات التربوية والبرامج الخاص بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، 2007، ص: 10-12

[3] ميشيل توزي ومن معه: بناء القدرات والكفايات في الفلسفة، ترجمة حسن أحجيج، منشورات عالم التربية، 2005، ص: 26

[4] ميشيل كاري ومن معه: الدراسة الفلسفية للموضوعة والنص، ترجمة عزيز لزرق ومحمد شريكان، ط 1، 1996، ص 11 و 16

[5] Poonam Dhull, Gunjan Verma: Jigsaw Teaching Technique for Teaching Science, nternational Journal of Research and Analytical Reviews, 2019, Site Web : https://www.researchgate.net/publication/338011267_Jigsaw_Teaching_Technique_for_Teaching_Science/link/5dfa1e3092851c8364856eda/download date de visite: 13/07/2023

[6] دفاتر التربية والتكوين: العلاقة التربوية: طبيعتها وأبعادها، محمد آيت موحى، المجلس الأعلى للتعليم، العدد: 1، نونبر 2009

[7] David W. Johnson: Roger T. Johnson and Karl A. Smith, Cooperative Learning Returns to College: What Evidence Is There That It Works?, Vol. 30, No. 4 (Jul. - Aug., 1998), pp. 29-30

[8] ELIZABETH JELINEK: Using Small Group Learning in the Philosophy Classroom, Christopher Newport University, Teaching Philosophy 36:2, June 2013

[9] ثائر مهدي محمود: تأثير تقنية جكسو على تعزيز مهارة الكتابة لدارسي اللغة الإنجليزية لغة أجنبية لطلاب المرحلة المتوسطة، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية، جامعة بابل، 2018، ص: 1500

[10] Arnaud Stanczak : La méthode de la ”classe puzzle” est-elle efficace pour améliorer l’apprentissage ?, Thèse de Doctorat, Hal Open Science, 2020,P : 37, Site Web : https://theses.hal.science/tel-03170791 Date de visite: 13/07/2023