صفات اللّه في الثقافة العربيّة الإسلاميّة بين التصوّر القرآني وآراء المتكلّمين


فئة :  مقالات

صفات اللّه في الثقافة العربيّة الإسلاميّة بين التصوّر القرآني وآراء المتكلّمين

نلقي في هذا المقال الموجز نظرة على ماهية الذات الإلهية في النص القرآني، وذلك بالوقوف على علاقة اللّه بالإنسان انطلاقًا من مسألتين هما: صفات الله وعدله؛ نعرّج في المسألة الأولى على (إشكالية التشبيه)، ونقف على أهم التأويلات الإسلامية القديمة المتعلّقة بهذه المسألة، وما نتج عنها من قراءات، وتصوّرات فكرية وعقائدية، في حين نتناول العدل الإلهي، باعتباره شكلًا من أشكال تحرير الإنسان من سلطان القدر؛ على أنه قدرة تسيّره دون أنْ يكون له حــول أو قوّة.

أ- إشكاليّة التشبيه في القرآن والثقافة العربيّة الإسلاميّة:

إنّ الحديث عن الذات الإلهية وصفاتها، قد حظي بحيّز نصّي مهمّ في "القرآن الكريم" وفي نصوص الفرق الكلامية الإسلامية، وما يلاحظ في هذا المجال؛ أنّ الخطاب القرآني قد تناول هذه المسألة في أسلوب غلب عليه الإيجاز، وهو ما دفع بأرباب علم الكلام الإسلامي، إلى تأويل النصّ المقدّس بطرق مختلفة؛ إذ قلّب البعض الألفاظ على وجوه مختلفة من المجاز والاستعارة، وأنشأَ التأويل على اعتبار اللفظ الواحد حاملًا لمعان غير مصرّح بها، لا تدرك إلا بالعقل النظري، في حين عدّ البعض الآخر "الألفاظ" دالّة على ظاهرها؛ فإذا بالله متحيّزًا في المكان له ما للبشر من حواس (السمع، البصر...)، وآلاتها (يد وعين وأذن).

ويعود اختلاف المتكلّمين في هذا المضمار إلى أمر من اثنين؛ أوّلهما: طبيعة المرجعية الثقافية والدينية التي صدر عنها كل موقف؛ إذ كان للعرب ميل واضح إلى تجسيد الآلهة ونحتها في هيئة البشر، من ذلك؛ أنّهم نحتوا آلهتهم، ووضعوها حول الكعبة، وسمّوها بأسماء أعلام؛ بل إنّ كثيرًا منها في الأصل من البشر مثل (آساف ونائلة) أضف إلى ذلك انتشار اليهودية والمسيحية في شبه الجزيرة العربية، وهما اللتان سعتا إلى تجسيد الآلهة. أمّا الأمر الثاني، فيتعلّق، في تقديرنا، بطبيعة عملية التواصل بين عالمين مختلفين هما؛ عالم الله؛ أيْ عالم الغيب. وعالم البشر؛ أيْ عالم الشهادة. فالنص القرآني، وإنْ كان قد نسب إلى الله جملة من الحواس، فإنّ ذلك من باب الإفهام، حسب عبارة الجاحظ، معنى ذلك؛ أنّ طبيعة المُرسَلِ إليه تُؤثّر في ماهية الرسالة، وطرق الإبلاغ وما تتضمنه من مفاهيم ودلالات؛ فالنص الديني لم يكن ينشد إمتاع القارئ فقط؛ بل إنّ مهمته الإبلاغ قصد الإقناع.

وفي هذا السياق، ننزّل حضور صفات البشر في "القرآن الكريم" أثناء نعته للذات الإلهية، ومن شأن ذلك، أنْ يدفع بنا إلى القول بمطابقة المقصد القرآني لظاهر القول، وهو أمر يترتّب عليه اعتبار "القرآن الكريم" امتدادًا للفكر الديني السائد في البيئة العربية، بصرف النظر عن المرجعية التي نشأ فيها، وهو أمر ما انفك الخطاب القرآني يحرص على نفيه بالنأي عنه، والتصريح بمخالفته له.

زد على ذلك؛ أنّ في نسبة صفات البصر والسمع وغيرهما إلى الله، ما يدفع إلى القول بتحيّزه في المكان والزمان شأن البشر، وهو أمر خاض فيه أرباب الكلام والعقيدة حتى عُدّ مبحثًا كلاميًّا فيه المنافسة، وقد أدلت كل فرقة بدلوها في هذا المضمار؛ فأخذ البعض تلك الصفات على جهة الحقيقة، وعدَّها البعض الآخر تعبيرًا مجازيًّا، وذهب جماعة من الفلاسفة المسلمين مذهبًا ثالثًا؛ فإذا بالصفة دالة على التحيّز على غير كيفية، فالمشبّهة تميّزت عن غيرها بقولها بإمكانية مصافحة الله تعالى؛ ذلك أنّ له جسمًا ليس كالأجسام.

وقد ذهب (هشام بن الحكم) مذهبًا قريبًا من هذا الموقف، عندما رأى في الله جسمًا له أبعاد ثلاثة؛ وكذا الأمر بالنسبة إلى أتباع محمد بن كرّام (ت255هـ) والمعروفين بالكرامية القائلين بالصفات، في حين أقرّ (مقاتل بن سليمان) جواز رؤية الله في الآخرة دون غيرها.

وقد تأوّل جميعهم آيات قرآنية كثيرة؛ في مقدّمتها ما تعلّق باستواء الله على العرش الّذي ورد ذكره في سبع آيات من سبع سور[1]، معتبرين ذلك دلالة قاطعة على أنّ لله جسمًا.

وقد صنّف عبد القاهر البغدادي (ت429 هـ/ 1037 م) في كتابه "الفَرق بين الفِرق" المشبّهة صنفين؛ فالبعض اقتصر التشبيه عنده على الذات، والبعض اقتصر التشبيه عنده على الصفات، فمشبّهة "الذات" أمثال؛ الكرّامية، وأتباع هشام بن الحكم، جعلوا من الذات الإلهية ذاتًا لا تختلف عن الذات البشريّة سوى في المقاييس والأحجام، أمّا مشبّهة "الصفات"؛ فقد جعلوا من إرادة الله وكلامه حادثين، وفي مقدّمة القائلين بذلك (الروافض) الذين قالوا: "إنّ الله تعالى لا يعلم الشيء حتى يكون فأوجبوا حدوث علمه"[2].

وفي هذا الكلام إشارة من (عبد القاهر البغدادي) إلى تمييز المتكلّمين المسلمين بين الصفة والفعل؛ فالمعتزلة، التي وسمها بالرافضة، قد نفت أيضًا "رؤية الله عزّ وجلّ، على أساس أنّ الرؤية لا تجوز إلاّ على الأجسام المُتحيّزة في المكان والقائمة"[3]، مؤكدة في الآن نفسه أنّ للإنسان الإرادة المطلقة والحرّة.

إنّ قراءة المعتزلة للعلم الإلهي، ناشئة عن موقف واضح من مقولة الإرادة البشرية بالأساس؛ فالقول بحدوث العلم الإلهي من شأنه أنْ يجعل الإنسان المسؤول الوحيد عن أفعاله، على أنّ مقولة الحدوث، التي وسموا بها العلم الإلهي، جعلت من الذات الإلهية؛ ذات علم طارئ متغيّر بتغيّر الظروف، مخالفين بذلك أغلب المسلمين القائلين بتنزيه الذات الإلهية.

وقد اتخذ أرباب هذا المذهب بعض الآيات القرآنية، وأحاديث الرسول عمدة لهم، مثل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[4]، وقد اختلفوا في منزلة القائل بالتشبيه؛ فهو كافر عند البعض، ومشرك عند البعض الآخر.

وأيًّا كانت مسوّغات هذا التصوّر أو ذاك، فإنّ ما يعنينا من المسألة دلالة تلك الحواس أو الصفات على ماهية العلم الإلهي؛ ذلك أنّ الآيات القرآنية جمعت بين الأمرين في أكثر من موضع منها؛ قوله تعالى في الآية الثالثة والثلاثين بعد المئة الثانية من سورة البقرة: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. وقوله في الآية الرابعة والأربعين بعد المئة الثانية من نفس السورة: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. أضف إلى ذلك، ما نُسب إلى الله من أقوال؛ فهو ذات متكلّمة تحاور البشر، لاسيما الأنبياء بألسنتهم؛ إذ كلّم الله آدم وإبراهيم وموسى...، وبصرف النظر عن طبيعة الحوار والكيفية التي تمّ بها، مباشرة كانت، أم عن طريق ملاك؛ فإنّ الله ذات متكلّمة؛ بل إنّ كثيرًا من المسلمين اعتبروا الكلام جوهر الذات الإلهية.

إنّ علاقة الكلام بالوجود في التصوّر القرآني علاقة متينة؛ فبالكلام كانت الحياة وكان الفعل، ذلك أنّ "القرآن الكريم" قد جمع بين أمرين هما؛ الإرادة والكلام من جهة، وتحقّق الإرادة وتحوّلها من حيز القوّة إلى حيز الفعل من جهة أخرى.

على أنّ التّأمّل في قصص الأنبياء ينتهي بنا إلى القول: إنّ المواضع المتعلّقة بصفات الله تظلّ قليلة، لا تسمح لنا ببناء تصوّر واضح للذات الإلهية، ما لم نقف على طبيعة الفعل الإنساني، ما ظهر منه وما خفي من جهة، وما لم ندرك قدرة الذات الإلهية على تبيّنهما من جهة أخرى، وهما أمران يترتب عليهما القول: "إنّ العلم الإلهي لا يقوم على الجانب المحسوس فحسب؛ بل يطول أيضًا السرّ والنجوى".

ب: العدل الإلهي في النص القرآني والثقافة العربية الإسلاميّة:

إنّ ما يلفت الانتباه في الصفات المنسوبة إلى الله في "القرآن الكريم" قيامها على مقابلة في المستوى الدلالي؛ إذ جمع النصّ القرآني بين الإقرار بعلم الله بالجزئيات والكليات، واتصافه بجملة من الصفات المتعارضة فهو "الرحمن الرحيم" وهو "شديد العقاب".

فلئن كانت مسألة علم الله بالجزئيات والكليات، من المسائل المتّصلة بالذات الإلهية وطبيعة علمها؛ فإنّ المسألة الثانية تتّصل بعلاقة الذات الإلهية بالإنسان.

وفي هذا المجال، نشير إلى أنّ التعارض الظاهر بين صفتيْ الرحمة والعقاب، مرتبط بزمنين مختلفين، وبصنفين من البشر؛ فالأولى متعلّقة بالبشر عامة في وجودهم الدنيوي، ومن آيات الرحمة الإلهية إرسال الأنبياء منذرين ومبشّرين؛ ففي الآية السابعة بعد المئة من سورة الأنبياء، نقرأ قوله تعالى مُخاطبًا نبيّه محمّد: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} أمّا الصفة الثانية؛ فقد تعلّقت بأهل الكفر والشرك في الدار الدنيا أو في الآخرة.

زد على ذلك أنّ "القرآن الكريم" اعتمد هاتين الصفتين مترادفتين في أكثر من موضع في صيغ مختلفة، من ذلك قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ}[5] و{غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ}[6] و{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[7] هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[8].

إنّ الجمع بين الصفات المتقابلة، دالٌّ، في تقديرنا، على ماهية التوحيد ودور الإنسان في نحت مصيره وبناء كيانه؛ فالذات الإنسانية الحرّة تختار، بمحض إرادتها، التوحيد رؤيةً للكون، وهي التي تختار الشرك مبدأً تؤسس عليه مواقفها من العالم وما فيه.

إنّنا نذهب هذا المذهب من التأويل بالنظر إلى الصيغ الصرفية، والأعمال اللغوية، التي وردت في سياقاتها هذه الصفات؛ فصفة "شديد العقاب" سُبقت في أكثر من موضع بفعلٍ بصيغة الأمر وهو "اِعلمُوا". أمّا صفة الرحمن وصفة الغفور، فقد وردتا ضمن دعوة إلى التأمّل والتبصّر، من ذلك قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً}[9].

فإذا بالله بقدر علم الإنسان يمنحه حرّيته، ويوكل إليه إرادة الاختيار، بيد أنّ الاختيار في التصوّر القرآني مرتبط بالعلم، فحيّز الاختيار يتّسع أو يضيق بقدر وعي الإنسان بما يحيط به، ومن شأن هذا الطرح أنْ يقيم موازنة بين الإرادة الإلهية، والإرادة الإنسانية، وقد ذهب فيلسوف الأندلس أبو الوليد بن رشد (ت595 هـ) في كتابه "الكشف عن مناهج الأدلّة في عقائد الملّة"[10] إلى القول إنّ "الله تبارك وتعالى قد خلق لنا قوى نقدر بها أنْ نكتسب أشياء هي "أضداد" لكنْ لمَّا كان الاكتساب لتلك الأشياء، لا يتمّ لنا إلاّ بمؤاتاة الأسباب التي سخّرها الله لنا من خارج؛ [فإنّ] الأفعال المنسوبة إلينا، أيضًا، إنّما يتمّ فعلها بإرادتنا، وموافقة الأفعال التي خارج لها"[11].

إنّ موقف أبي الوليد فيه نفي وتجاوز، للأسس التي بنى عليها المتكلّمون المسلمون السابقون له مواقفهم من الإرادة البشريّة؛ إذ لم نعد مع أبي الوليد أمام تعارض بين الإرادة الإلهية والإرادة البشرية؛ لأنّ الحقّ لا يمكن في ذاته أنْ يضاد الحقّ"[12]، فإذا بالحكمة توأم الشرع وقفاه.

الإنسان في فلسفة (ابن رشد) كائن مريد فاعل في الطبيعة، يخوض ضدها صراعه نائيًا بذلك عن ثنائية الله/الإنسان، مستبدلًا إيّاها بصراع الإنسان والطبيعة؛ فالله هو الفاعل وفق "الحس والعقل والشرع [... بيد أنّ] الحس والعقل، فإنّه [كذا] يرى أنّ ها هنا أشياء تتولّد عنها أشياء، وأنّ النظام الجاري في الموجودات، إنّما هو من قبل أمرين؛ أحدهما ما رَكّب الله فيها من طبائع والنفوس. والثاني ما أحاط بها من الموجودات من خارج"[13].

الثابت في جميع المقاربات التي عالج من خلالها، المتكلّمون والفلاسفة المسلمون، الإرادة الإلهية والإرادة الإنسانية أنّ؛ "الإنسان كان فيها [...] غاية الوجود وعاملًا فعّالًا في تاريخه الذاتي، [وهو أمر...] يجعل من نفسه في وفاق مع الله"[14].

لقد صوّرت لنا النصوص المقدّسة الذات الإلهيّة في أشكال مختلفة، وذلك وفق المرجعيّات المشكّلة لتلك الذات، ووفق ما عقده الإنسان من آمال عليها؛ فهي ذات متجذّرة في الخصوصية القومية بالنسبة إلى اليهودية، وفي المقابل كانت ذاتًا كونيّة في التصوّر القرآني، منحت الإنسان حرّيته؛ فكان عدلها مرتبطًا ارتباطًا واضحًا بإرادته، فإذا بالعلاقة القائمة بين الله والإنسان؛ علاقة جدلية مدارها "الفعل الإنساني"، وبذلك لم نعد إزاء إله متجسّد في العالم شأن "العهد الجديد" أو "العهد القديم"؛ بل بتنا أمام "إله متعال لا يُرى ولا يُدرك بالحسّ، وإنّما يُعرف بالأفعال الّتي تُنسب إليه"[15]، ومن مظاهر رحمته ومَنِّهِ؛ أنْ أرسل الأنبياء منذرين، وشاهدين، ودعاة إلى الهداية والصراط القويم، فهو لم يعط الإنسان جنّة، ولم يهبه غفرانًا ما لم يكن له من الساعين.

إنّ في نسبة صفات جسدية إلى الله في النصوص المقدسة الثلاثة؛ ما يوحي بتوافقها، وإقرارها، بوجود شبه بين الإنسان والآلهة، بيد أنّنا إذا ما تأملنا مدلولات تلك الصفات في هذا النص، وقارناها بما في الآخر، تبيّن لنا مفارقتها لبعضها البعض؛ فالله في "العهد القديم" إله مستأنس بالبشر، وهو إله تأنّس في "العهد الجديد"، في حين نسب "القرآن الكريم" إليه صفات كثيرة توحي بتجسّده، على أنّ هذه الصفات تظلّ صفات غامضة الدلالة بالنظر إلى السياقات النصّية التي وردت فيها.

لقد أعرض "القرآن الكريم" عن تفصيل تلك الصفات المادية؛ بل إنّه جعل من الملائكة وسطاء بين الله وأنبيائه، وبذلك أضحى الله إلهًا متعاليًا، وحيًّا، وقادرًا على تصريف الأمور على نحو ما يريد، بيد أنّه ترك للإنسان القدرة والإرادة، ومنحه الاختيار كي ينحت مصيره بذاته، فكان إلهًا فاعلًا في التاريخ على غير مثال.


[1] ورد ذكر استواء الذات الإلهية على العرش في سور سبع، وهي: الأعراف7/54، ويونس 10/3، والرعد13/2، وطه 20/5، والفرقان 25/59، والسجدة 32/4، والحديد 57/4

[2] البغدادي، عبد القاهر طاهر بن محمّد: الفَرقُ بين الفِرقِ، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ط 2/ 2005، ص 173

[3] أبو زيد، نصر حامد: الاتجاه العقلي في التفسير: دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة، المركز الثّقافيّ العربيّ، الدار البيضاء المغرب بيروت لبنان، ط 5/ 1995، ص 151

[4] سورة الشورى: 42/11

 [5]سورة الرعد 13/6

 [6]سورة غافر 40/ 3

 [7]سورةالحشر 59/22

 [8]سورة الحشر 59/23

[9] سورة الملك 67/1-4

[10] ابن رشد، أبو الوليد: الكشف عن مناهج الأدلّة في عقائد الملّة، قدّم له وعلّق عليه أحمد شمس الدين، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ط 1/ 2002، ص ص 110- 112

[11] المرجع نفسه، ص 111

 [12]بوحديبة، عبد الوهاب: الإنسان في الإسلام، دار الجنوب للنشر، تونس، ط 1، 2007، ص 82

[13] المرجع نفسه، ص 112

[14] المرجع نفسه، ص ص 84-85

[15] المسعودي، حمّادي: فنّيات قصص الأنبياء في التراث العربي، دار مسكلياني للطباعة والنشر والتوزيع، تونس، ط 1/ 2007، ص 346