فـي تـفـسـيـر نـشـأة الـرواية - قراءة في التفسير الهيجيلي


فئة :  أبحاث محكمة

فـي تـفـسـيـر نـشـأة الـرواية - قراءة في التفسير الهيجيلي

مقدمة:

في تحليل ماهية الرواية وتعليل نشأتها الحديثة، يتم ترتيب ظهورها كلحظة فنية لاحقة للحظة الملحمة. ولتفسير هذا التطور النوعي في شكل السرد تكاثرت القراءات والتفسيرات. لكن التفسير الذي قدمه الفيلسوف الألماني (هيجل)، كان له مقام خاص ودور محوري في قراءة تطور الأجناس السردية، وتشكيل الكثير من الرؤى النقدية المتداولة في حقل المعرفة الأدبية؛ حيث استمر حضور التفسير الهيجلي في تلافيف الكثير من المقاربات النظرية اللاحقة، سواء مع (لوكاتش) أو (لوسيان غولدمان)... لذا لابد من أن نتوقف قليلاً عند نظرية (هيجل) لفهم أبعادها وأثرها، ونتبين محدوديتها أيضاً، في تعليل نشأة الرواية وإيضاح ماهيتها كجنس أدبي مستحدث.

(1) في التفسير الهيجلي للرواية كبديل للملحمة

يربط (هيجل) نشأة الرواية كجنس أدبي جديد بالتحول التاريخي الذي حصل في سياق الوعي الأوربي. ومن نافل القول أن نشير إلى أن تخصيصه تاريخ أوربا بالبحث ينسجم مع تصوره القائم على المركزية الأوربية، التي تنظر إلى تواريخ غيرها من الشعوب كهوامش فقط، وخلال تحليله لسياق تطور الوعي يضع (هيجل) الرواية في مقابل الملحمة، جاعلاً منها الصورة التعبيرية الملائمة لحالة الوعي في المجتمع القديم، في مقابل الرواية بوصفها الصورة التعبيرية الملائمة لحالة الوعي في المجتمع الحديث...

فما الفارق بين حالتي الوعي؟ وما الداعي إلى استحداث فن الرواية كبديل لفن الملحمة؟

لندرك الفارق لابد من فهم معنى صيرورة وتطور الوعي عند (هيجل)، وضبط مسار اتجاهه المستقبلي.

يقول هيجل: "إن الفكرة الوحيدة التي تجلبها الفلسفة معها وهي تتأمل التاريخ، هي الفكرة البسيطة عن العقل، التي تقول : إن العقل يسيطر على العالم، وإن تاريخ العالم بالتالي، يتمثل أمامنا بوصفه مسارا عقلياً" ([i])

وبما أن الوجود في كليته يخضع للتطور، وبما أن العقل يحايث حركة تطور الوجود، فإن الوجود الإنساني وكل منتجاته، ومن ضمنها المنتج الفني، خاضع هو كذلك للتطور والصيرورة، والقانون التطوري الذي يحكم الوجود التاريخي الإنساني يحكم كذلك نتاجاته...

للاطلاع على البحث كاملاً اضغط هنا


[i] - -هيجل، العقل في التاريخ، المجلد الأول من محاضرات في فلسفة التاريخ، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، دار التنوير، بيروت 2007، الطبعة الثالثة، ص 78.