في شروط التجدّد التأويلي


فئة :  مقالات

في شروط التجدّد التأويلي

في شروط التجدّد التأويلي[1]

محمد محجوب[2]

نحو أدقّ، إشكاليّة تكوّن الموضوع ضمن صياغة جديدة نزعت عن النّص الدّيني مركزيته، وولدت الحاجة إلى توسيع مفاهيم التأويل والفهم والمنهج إلى ضروب جديدة من الموضوع هي خاصةً النّصوص القارئة للنّص الدّيني؛ ويعني ذلك خاصّةً أنّ التّأويل لم يعد متعلّقاً بالقرآن أو بالحديث فحسب؛ بل بات، كذلك، متعلّقاً بشروحهما؛ أي بالنصوص التي تستعيدهما، وتعيد بناءهما. وينتج عن هذا الوضع الجديد أنّ السّؤال لم يعد يتعلّق بطلب الحقيقة من وراء النّص الديني المؤول فحسب، بل بات، كذلك، متعلّقاً بفهم الفهم؛ أي بفهم آلية بناء الفهم الذي صيغ عن النص الأصلي. وهكذا، لم يعد السؤال يستفهم مقصود النص فحسب، بل بات: كيف يمكننا أن نفهم فهم مقصود النص؟

- ولعلّ جوهر الأمر في هذا الوضع الجديد هو ما بات يتمثّل فيه من وقوف الدّارسين عند حدود الدعوة إلى تجديد المناهج من خلال الدّعوة إلى الاستعانة على قراءة النّصوص، ولاسيما النّصوص الدّينية، بمناهج العلوم الإنسانية ومكتسباتها، وبما فتحته من المعارف، واستشكلته من المسلّمات، وكذّبته من الأحكام المسبّقة. ولكنّ هؤلاء الدّارسين لا يفطنون أبداً إلى أنّهم متى قصروا موقفهم هذا على الدّعوة إلى التجديد لمجرّد «وجود» الجِدّة في علم، أو في علوم ما، لم يحصل من ذلك أيّ تجديد حقيقي. ما الذي يبرّر استعمال العلوم الإنسانية في قراءة النّص الديني؟ إني أريد أن أنظر إلى هذا المنحى المنهجي، الذي بات على كلّ لسان، من جهة كونه عَرَضاً على الحاجة إلى التّجدد التّأويلي، الذي لا يعي نفسه بما هو كذلك، وإن كان يمارس نفسه، ويعالج أمره بما هو تجديد، ولكنّه تجديد لا تأسيس له [non fondé]؛ فلا يمكن تجديد القراءة إذا لم يتغيّر على نحو صريح [explicitement] وضع النص، وإذا لم يتغيّر، تغيُّراً ناطقاً، وضعُ القارئ للنّص، وإذا لم تتغيّر، تغيراً مقصوداً ومضطلَعاً به، إبستيميةُ القراءة نفسها، ولم تتحدّد، استشكالاً في العبارة والمعنى، طبيعةُ الحجب التي تحول دون الفهم، ولم يُطرح، تبعاً لكل ذلك، السؤالُ الرئيس: ما معنى أنني أفهم؟ وماذا يمكنني أن أفهم؟ ومن أنا؟ وما الفهم؟

- إنّ هذه الأسئلة، التي نصوغها هاهنا على نحوٍ لا يزال يقتضي منّا تنظيماً وترتيباً وبلورةً، إنما هي أسئلةٌ تصاحب كالافتراض كلّ ممارسات القراءة التي أشرنا إليها، ولكنّها لا تنطق ضمنها، في حين أنها أساسها، وأنّها هي التي تعطي شروط إمكانها.

لا شك في أنّه يمكننا أن نكيِّف العديد من الأجوبة «المطروحة» و»المتوافرة» عن هذه الأسئلة، استنطاقاً لما تفترضه، أو تسلّم به، أو تسكت عنه؛ فما الذي يبرّر «تجديد الرّؤية» في قراءة التّراث الفكري والرّوحي والدّيني في «المشاريع» من أوّل ما ابتدأت مع طيب تيزيني، وحسين مروّة، ومحمد عابد الجابري، ومحمّد أركون، وعبد المجيد الشّرفي، وغيرهم؟ ما الحاجة إلى ذلك التّجديد؟

إنّك تقرأ هذه النصوص، فتجد فيها من مستحدث المناهج، وطريف التطبيقات، ما يوحي بثورة حقيقية في بنية الفكر وأسلوبه وآفاقه... ولكنها تظلّ ثورة منتظرة، وإنّها لباقية كذلك إلى اليوم.

لقد أدّى ذلك إلى تحوّل في طبيعة المطلوب؛ أَهو الحقيقة أم المعنى؟ ثمّ ما هو المعنى؟ أَهو الدّلالة أم العبرة؛ أعني بنية الإحالة المتخفّفة من ارتباط الحدث، أو المثل، أو النّص بإحداثياته الخاصة؛ لتتّسع وتمتد إلى الإحالة في نسق من الإحداثيات مختلف. ذلك هو، في تقديري، المقصد الأبعد لعبارة ريكور الشهيرة: «الرمز يحمل على التفكير» (Le symbole donne à penser)؛ إنّ حمله لنا على التفكير -ولو كان من أساطير الأولين- هو ضرب من الإقرار المبدئي بمعاصرته لنا، وبمعاصرتنا له.

ولكنّ الحديث عن التجدّد التأويلي يقتضي رصداً تقترح هذه الورقة بعض مشاهده، التي سنمثل لكلّ منها بما يمكن أن نسميه مشهداً تأويلياً (une scène herméneutique):

المشهد التّأويلي الأوّل: هو مشهد تأتلف فيه، على جهة الانتماء إلى البنية نفسها، إدلاءات تأويلية مختلفة المآتي. ولعلّ الإدلاءات التأويلية الكلامية هي أنصع مثال عليه. فإنّ كل الخصومات الكلامية، بمختلف موضوعاتها، إذا انتصرت بتأويل الآيات القرآنية، حصرت ذلك التأويل في الشّهادة لمعنى لا ينطق به النص المقروء والمؤول بقدر ما تنطق به العقيدة: ما الذي تعنيه مقالة المعتزلي واصل بن عطاء «بنفي صفات الباري تعالى»، كما ورد في (الملل والنّحل) مثلاً، «من العلم والقدرة والإرادة والحياة»، إن لم تكن تكريس حقيقة التوحيد في أقصى ما تقتضيه من الكلفة النظرية بنفي الصفات امتثالاً لمعنى سابق ومحدِّدٍ هو أحدية الله؟ ثّم يضيف الشهرستاني: «وكانت هذه المقالة، في بدئها، غير نضيجة (ن. ن.)[3]. وكان واصل بن عطاء يشرع فيها على قول ظاهر (ن .ن.)، وهو الاتفاق على استحالة وجود إلهين قديمين أزليين. قال: ومن أثبت معنى صفة قديمة فقد أثبت إلهين»[4].

ما الذي يعنيه الشّهرستاني من بعد ذلك، عندما يصف تطور تأسيس فكرة وحدة الذات والصفات، ونفي التعدّد عن الذّات الإلهية فيقول: «وإنما شرعت أصحابه (= أصحاب واصل) فيها بعد مطالعة كتب الفلاسفة. وانتهى نظرهم فيها إلى ردّ جميع الصفات إلى كونه عالماً قادراً، ثمّ الحكم بأنّهما صفتان ذاتيتان هما اعتباران للذات القديمة، كما قال الجبائي، أو حالان، كما قال أبو هاشم»[5]؟ ينتفي المعنى الذي في الآية، إذاً، أو يتأكّد، بحسب ما يؤكّد معنى سابقاً أو سياقاً محيطاً، أو مقالة سبقت. إنّنا لا نقف على «الغرابة» أو «التّناقض» أو «عدم» الفهم إلا لنفيها، واستعادة التجانس الأصلي المفترض في النص. وليست قراءتنا شرطاً على النّص، إن هي إلا استعادة لتجانسه مع سياقه.

وما الذي تعنيه مقالة أبي الهذيل العلاف، في أولى قواعده العشر، التي يوردها الشهرستاني، من «أنّ الباري -تعالى- عالم بعلم، وعلمه ذاته، قادر بقدرة، وقدرته ذاته، وحيّ بحياة، وحياته ذاته. وإنما اقتبس هذا الرأي من الفلاسفة، الذين اعتقدوا أنّ ذاته واحدة لا كثرة فيها بوجه، وإنما الصفات ليست وراء الذات معاني قائمة بذاته، بل هي ذاته، وترجع إلى السلوب أو اللوازم...»[6]. فالمعنى هو ما تشهد له الآية، وما تقوم دليلاً عليه، وليس هو ما تعطيه الآية، ولا ما تعطيه القراءة.

المشهد الثاني: هو المشهد التأويلي المقاصدي. لن نتحدث كثيراً عن هذا المشهد الذي نُفرِد له بحثاً مخصوصاً. تكفينا الإشارة إلى أنّ القراءة المقاصدية، عند الشاطبي في (الموافقات)، أو عند ابن عاشور في تفسيره أو في كتاب (المقاصد)، إنما تبلغ غايتها في شهادة كلّ آية على المقصد الذي وضعه الشارع غاية للوجود. إننا لا نغادر إشكاليّة التأويلية القديمة في مبحث المقاصد. وفي الحقيقة، هذا المبحث لا يخرج عن الأنموذج الأول إلا من جهة كونه يوحّد مرجعية الحقيقة ضمن علوية المقصد، التي تظلّ مع ذلك مسلّمة من مسلمات الحقيقة الموضوعية، رغم ملامستها مفهومَ المعنى كبؤرة لجملة الحقائق الجزئية.

المشهد الثالث: هو الذي نضع عنده إمكان التجدد التأويلي، وهو الذي سنقف عنده مزيداً:

تبدو هرمينوطيقا شلايرماخر [Schleiermacher]، لدى كلّ من درَسه، بمثابة القول المتقطّع، المستأنَف دائماً، والمحفوظ جزئيّاً، الذي صاحب تجربةَ هذا اللاهوتي، الفيلولوجي، المترجِم، والذي كان يصدُر عن مؤسّسة الكنيسة المسيحية من جهة، وعن التّيار الرّومنطيقي، من جهة ثانية، من خلال لقائه، منذ كان قسّاً، أحدَ كبارِ ممثليه، ف. شليغل (1829-1772) (F. Schlegel)، ومخالطته له عن قرب. وإذا كانت دروسُ شلايرماخر ومحاضراتُه المتردّدة على الهرمينوطيقا قد امتدّت من (1805)، حيث قدّم درسه الأول في كلّية اللاهوت في مدينة هال، ثم (1829م) عندما ألقى على منبر أكاديمية العلوم البروسية خطابيه الشهيرين، إلى سنة (1833-1832)، تاريخ درسه الأخير عن الهرمينوطيقا، فإنّ الحاصل من هذه الدّروس يكاد لا يجاوز في أغلبه الملاحظات غير المنسّقة وغير المحرّرة والمكتملة. لذلك يلاحظ ديلتاي "أنّنا لا نملك من [نصوص] الهرمينوطيقا المتولّدة في بداياتها غير صورة لا تشفي الغليل (unwirksam)"[7].

ولما كان الغرض من حديثنا عن شلايرماخر ليس عرض تطوّر نظريته من خلال تدرّج نصوصها ضمن المحطّات التي ذكرنا، ولما كان خطابَا شلايرماخر على منبر أكاديميّة العلوم في بروسيا (آب/أغسطس ثمّ تشرين الأول/ أكتوبر 1829) هما اللذين يحتويان على العرض الأكثر نسقيّة لتأويليّته، فسنحيل في الغالب على هذين النّصين.

ولكنّ مشكلي مختلفٌ عن هذا الغرض؛ فمستوى النّظر، الذي أقارب منه تاريخ الفلسفة وتاريخ التّأويلية، هو، على وجه التّحديد، رحم البرادايمات، الذي يمكن أن يلتقي في ثناياه البرادايم التّأويلي المتولّدُ، الذي أنهج له شلايرماخر، والبرادايم التّأويلي العربي الوسيط: ربّما لم يكن هذا الالتقاء على أرضية الغيريّة الدّائرية[8] (altérité circulaire) غير القابلة للإرجاع (irréductible)[9] ولا للاستيفاء[10]، التي تمثَّل فيها حدسُ شلايرماخر الفالق، ولكنّه قد يكون على أرضيّة الصورة العامّة من فنّ التّأويل التي ابتدأ شلايرماخر فلاحظ، منذ مختصر (1819)، أنّها لا توجد بعد[11]، والتي ليست أقلّ تأهّلاً لتمثيل خاصّية البرادايم التّأويلي الجديد. أريدُ، إذاً، أن أخترق حُجب الفرادات (singularités) البرادايمية الفارز بعضها عن بعض، لأتحدّث عن برادايم البرادايمات: فلعلّ إدراك هذا «الرّحم» البرادايمي يمكّن بعد ذلك من التّحقق ممّا إذا كان هذا الرّحم، ككلّ خزّان إمكان، قد أطلق، قد وضع، في أرض أخرى، سلالة أخرى من البرادايمات.

لذلك، إنّ أوجَهَ ما يمكن الالتفات منه إلى هرمينوطيقا شلايرماخر، بصرف النّظر عن افتراضها اللّغوي[12]، وعن افتراضها للجنابة (fremdheit) الأصليّة[13] التي يتعيّن تملّكها، وعن تمييزها بين التّأويل اللّغوي[14] والتّأويل التّقني[15]، وبين منهج التّخمين الحدسي (divinatio) السّيكولوجي ومنهج المقارنة التّاريخية[16]، هو سعيها نحو صياغة مفهوم عامّ يتجاوز جزئية التّأويليّات الخاصّة، ويرقى بها إلى وضع التّأويليّة العامّة. إنّما نريد، في هذا المسعى، أن نرى رحم البرادايمات التّأويلية، وبرادايم التّأويليّة الأساسي. وانطلاقاً من هذا الرّحم، كذلك، يمكن أن نفهم مختلف مفاصل تأويليّة شلايرماخر، والتّأويليات القائمةَ عليها. ولعلّه يمكننا أن نرتّب الجوهريّ في هرمينوطيقا شلايرماخر ضمن جملة القضايا البسيطة الآتية:

- «إنّ التّأويلية، من جهة ما، هي فنّ الفهم لا توجد بعدُ في صورتها العامّة، فلا وجود إلا لتأويليّات عديدة خاصّةٍ»[17].

التّأويليةُ المنشودة هي، إذاً، تأويلية عامّةٌ.

- «مفهومُ شيءٍ ما هو أجنبي (fremde) ولا بدَّ من فهمه»:

لا شكّ في أنّ أجنبية الخطاب، وغيريّتَه، هي العبارةُ الفلسفية عن اصطفاف جميع التّأويليات الخاصّة، واصطفاف جميع الموضوعات، ضمن التّأويلية العامّة: فما به يتمّ تجاوز التّأويليّات الخاصّة هو اشتراكها كلّها في طابعها اللّغوي من جهة، وفي كونها، من جهة ثانية، دائماً، خطاباً أجنبياً بالنّسبة إلينا؛ أي خطاباً 1. غيريّاً 2. يتعيّن تملُّكه، 3. لا يمكن استيفاؤُه، 4. يستدعي التّأويليةَ بوصفها تكنولوجيا للفهم.

فغرض «اللافهم» هو الذي ينطلق منه شلايرماخر لتأسيس الهرمينوطيقا على مبدأ الغيرية الجذريّة لقول الآخر: ثمّة لا فهمٌ أصليٌّ للآخر.

ليس عدمُ الفهم سلباً لشيءٍ إذاً: هو «حدثٌ أساسيّ» (fait fondamental)[18] (factum في النصّ الأصلي)، تقوم عليه التّأويلية العامّة (1809-1810)[19] من أوّل جملة فيها قياماً لا يستثني أيّ لغة، ولا أيّ لهجة مهما كانت بسيطةً أو بدائيّةً. لا بدّ من أن ندرك وجاهة هذا التّأسيس الكلّيّ لمهمّة التّأويل على كلّية اللافهم الأصليّ فينا[20]؛ لأنّ هذا اللافهم الأصل هو كلّي جامع. ولأنّه كلّي، إنّ الفهم [بما هو تفسير هذا اللاّمفهوم] مطلبٌ كلّي يتعيّن تحديد أساسه[21]. ما أساس الفهم؟ ما الذي يؤلّف بين ما يحصل فينا من المعنى وبين القول؟ إنّ جواب هذا السّؤال، الذي يذكّر، إلى حدّ النّسخ، بسؤال كانط، منذ (1772) في رسالته إلى مرقس هرتز (Marcus Herz)[22]، جواب ترنسندنتالي بامتياز. وإنّ ما جرى من الثّورة الكوبرنيكية في مجال المعرفة عند كانط لهو الذي يبدو جارياً منها هاهنا، عند شلايرماخر، في مجال الفهم. على هذا النحو يؤوّل السّيد ج. غرايش، ضمن حديثه عن البرادايم التأويلي في كتابه عن (العليقة المشتعلة وأنوار العقل)، جملة لوثر (Luther)، التي دبّج بها غادامر القسم الثاني من (الحقيقة والمنهج):

(Qui non intelligit res, non potest ex verbis sensum elicere)

«من لا يفهم الأشياء لا يقدر على استخراج المعنى من الكلمات»

فالذي يضمن فهمنا للأشياء هو قبليةُ إقامتنا في العالم بين الأشياء، والذي يضمن أهليّتنا لتأويل «الأقاويل»، التي عن الأشياء، هو فعل الفهم. أريد أن أقبض على هذا الرّسم باعتباره منوال العلاقة التّأويليّة الأساسيّة التي أراد شلايرماخر إرساءها.

فما لا ينفكّ يردّده شلايرماخر، وما لا ينفكّ يردّده من بعده غادامر، خاصّةً، هو أنّ اللّغة هي «الوسط الجامع للفهم»[23]، وأنّها «كلّ ما ينبغي افتراضه في التّأويلية»[24]؛ ويعني افتراض اللّغة وسطاً للفهم أنّ فهم كلّ خطاب خاصّ، وكلّ قول ذاتي شخصي، هو فهم يجري داخل اللّغة. ولكن ماذا يعني شلايرماخر بالقول الذّاتي والشّخصيّ؟ وهل يمكن الاكتفاء بالوسط اللّغوي العامّ والجامع لفهم كلّ خطاب شخصي وفردي؟

إذا ما أردنا أن نجيب إجابة جدّية عن هذه الأسئلة، التي تطرُق في الحقيقة باب اللاتناهي الهرمينوطيقيّ (comprendre est une tâche infinie)[25] المؤتلف من عنصر الجنابة[26] الجذرية لخطاب الآخر مضافاً إليه عنصر اللامفهومية الأصليّة، التي لا يمكن النّأيُ بها بعيداً عن الـ (Unverstandlichkeit) الشليغلية، التي ختمت حياة الأثينيوم في (1800)، فلا بدّ لنا من مسايرة مختلف فصوص هرمينوطيقا شلايرماخر ضمن عروضها المتتالية التي وصلتنا. ولما كان ذلك عملاً يبعُد النُّهوض به في حدود الغرض الذي يعنينا[27]، فسنقتصر على الأطروحات الأساسية، التي تقوم عليها تلك الهرمينوطيقا، إلا أنّنا سننجز ذلك مقارنة بين روايات الهرمينوطيقا الأربع الأهمّ التي كنّا أشرنا إليها في ما تقدّم.

ما هي المحاور الرّئيسة التي تقوم عليها هرمينوطيقا شلايرماخر؟ لا أريد الإجابة عن هذا السّؤال من خلال متابعة تطوّر الفكرة الهرمينوطيقية لديه، وإنما أريد أن أبرز لوازمها المتواترة في عين التّطور الذي شهدته النّظرية، وأقدّر أنّ هذه اللوازم هي المكتسبات الحقيقية، التي يمكن أن ندين بها لشلايرماخر:

- لازمةُ الغربة الأصلية لخطاب الآخر، ورديفُها الموضوعي: الكلّيةُ الموضوعية للتّأويلية.

- لازمة الفهم والدّور التّأويلي، ورديفُها المنهجي: إعادةُ البناء الضرورية للنصّ.

لا شكّ في أنّ صياغات هاتين اللازمتين عديدةٌ ومختلفة، ولكنها تتّحد جميعاً في الإقرار ببرّانية النصّ المقروء الذي تتعيّن استعادة تملكه تأويلياً؛ فغربة النص الأصليةُ، وبرانيّته، إنما تمتدّان إلى كلّ نصّ آخر، ولا تقتصران على النصّ الديني لتخصّاه بأهليّة تأويلية فوق سواه. وقصورُ الفهم عن استيفاء مكنون النصّ؛ بل مراوحتُه (الدّائرية) بين التفصيل والكلّ، دون استيفاءٍ ممكن، إنما تقتضي التّسليم بأنّه لا يكون ثمّة فهمٌ إلا متى صار تملكاً للنصّ يَخبر ضرورته أعني يَخبر بنيته التي تعطي معناه، وتعطيه، تحديداً، على النّحو الذي تعطيه لا على نحو آخر.

كلُّ نصّ ينتمي إلى آخر فهو موضوع للهرمينوطيقا:

وتتوزّع عبارات هذه الآخرية إلى:

الإقرار بأنّ النّص الموضوع للتّأويل يمتدّ إلى كلّ ما يقع داخل اللّغة. وهو ما تُبادر خطخطة (1805) إلى صياغته ضمن افتراض التّأويليّة العامّ (ص21): «اللّغة هي الشّيء الوحيد الذي ينبغي افتراضه في التّأويلية؛ وكلُّ ما يتعيّن العثور عليه... لا بدّ من العثور عليه انطلاقاً من اللّغة». إنّ اللّغة هي أعمّ صورة من صور النّص الذي يتعلّق الأمر بفهمه، وهي مرجع ذلك الفهم. سينتهي غادامر، لدى بداية القسم الثّالث والأخير من (الحقيقة والمنهجإلى صياغة متجدّدة لهذا المبدأ: «بل إنّ اللغة لهي الوسط الجامع الذي يعتمل ضمنه عينُ الفهم الذي يتحقّق في التّأويل»[28]. ولكنّه لا ينتهي إلى ذلك إلا ضمن سياق شهادة التّرجمة على أنّ موضوع التّأويلية وتحقّق الفهم إنما يُقَدّان من اللّغوية (Sprachlichkeit)، من المعدن اللّغوي ((élément langagier، حسب التّرجمة الفرنسية). فكأنّما تعيين العنصر اللّغوي للموضوع التّأويلي، وتعيين العنصر اللّغوي لتحقّق الفهم، يتّخذان من تجربة الجنابة المحض، التي هي الترجمة، نموذجاً لهما. وإنّما يرجع ذلك إلى انقلاب جوهري في الافتراض الذي يحدّد مهمّة الهرمينوطيقا، وهو الانقلاب الذي يكشفه غادامر منذ بداية القسم الثاني من (الحقيقة والمنهج)، حيث يصف التحوّل (métamorphose) الأساسي الذي طرأ على الهرمينوطيقا بين الأنوار والرّومنطيقية، وتحديداً مع شلايرماخر.

توسيع مجال الهرمينوطيقا وهو التّحوّل الأساسي الذي طرأ عليها. ويمكن معاينة ذلك منذ فصوص خطخطة (1805)؛ حيث يرد هذا التّوسيع أوّلاً في شكل نقد لحدود تأويلية إرنستي[29] (Ernesti). وهكذا ينبغي أن يُفهم، في ما أرى، حرصُه على التّمييز بين السُّوبْتِلِتَاسْ إنْتَلِّغَنْدِي (subtilitas intelligendi = كفاءةُ/صناعةُ/فنُّ - الفهم (Verstehen))، والسُّوبْتِلِتَاسْ أَكْسْبْلِكَنْدِي (subtilitas explicandi = كفاءةُ/صناعةُ/فنُّ - نقل فهمنا وتفسيره وعرضه للغير (Darlegung))[30]، وحصرُه الهرمينوطيقا ضمن أولاهما فقط من جهة ما تكون تحديداً لمهمّة الفهم. إنّ الفهم هو حدّ الهرمينوطيقا الذي يعرّفها. ولكنّ هذا الفهم لم يعد، كما عند إرنستي، مقصوراً على فهم الكتب المقدّسة أو النّصوص القديمة؛ فمنذ "الخطخطة الأولى للتّأويلية - 1805" ("Première ébauche de l’Herméneutique" - 1805)، يرجّ شلايرماخر صفة القداسة، التي جرى حملُ الكتب المقدّسة عليها، فيتساءل عنها إن كانت، «من حيث قداستُها»[31]، مختلفة عن غيرها من الكتب: «إذ من المعلوم أنّها ليست مقدسة إلا لأنّنا فهمناها»[32]. إنّ الفهم هو البنية التي تغمر الكتب المقدّسة وتستوعبها تحت عموميّة تفوق خصوصيتها:

«أليس للكتب المقدّسة، بحكم طبيعتها الخاصّة، هرمينوطيقا خاصّة كذلك؟ بلى. ولكنّ الخاصّ لا يمكن أن يُفهم إلا بوساطة الكلّي. وإلا لما أضحى غير شتات متراكم. لن تجد غير الفوضى أبداً إذا لم يرتفع «الفاهم» نفسُه إلى الهرمينوطيقا»[33].

الارتفاع إلى هرمينوطيقا جامعة يعني، إذاً، توحيد كثرة النّصوص وكثرة التّأويليات الخاصّة ضمن وحدة موقف الفهم. لابد من أن نبصر، ها هنا، مدى ما وقع من الانتقال بين الهرمينوطيقا الكلاسيكية المحدودة بالحقول الخاصّة لموضوعاتها: فقه النّصوص المقدّسة وتفسيرها، أو فقه النّصوص الكلاسيكية (أدبيّها وفلسفيّها وفنّـيّها في آن، ولكن من جهة تناولها الفيلولوجي)؛ فلقد كان لكلّ حقل من هذه الحقول تقنيةٌ «تأويلية» (شرحية/ تفسيرية) همّها تقديم قواعدَ تقوّم عدم الفهم. إنّ التّأويلية القديمة قد كانت تأويلية قواعدِ رفع عدم الفهم في كلّ نوع من أنواع النّصوص التي تباشرها. ولذلك لم يكن بوسعها أن تكون أكثر من قواعد الفهم الخاصّة بذلك النّوع من النّصوص، ولكن عدم الفهم ليس راجعاً إلى صعوبة النّصوص؛ بل حتى بساطة النّصوص معرّضة هي، أيضاً، لسوء الفهم[34]. فكأنما الفهمُ "مطاولٌ" للهرمينوطيقا، بعد أن كانت هذه لا تكون إلا حيثما تعذّر الفهم: الانتقال الذي تحدّثنا عنه، إذاً، هو مرور من تقنية في معالجة عدم الفهم إلى تكنولوجيا، إلى نظرية عامّة في الفهم تدرج قواعد فهم النصوص المقدسة (= الثيولوجية)، أو النصوص الأدبية القديمة (= الفيلولوجية) كحالة من حالاتها الخاصة[35]. ما الفهم ساعتها؟ إنه إعادة بناء النّص المعطى.

لقد كانت التّأويلية التقليدية، في ما يقول ب. شوندي، تتدخّل كلّما كان ثمة مقطع ممتنع الفهم فهماً مباشراً؛ أي كلّما ظهر أنّ مقطعاً ما يناقض السياق، أو يناقض ما يُفترض أنّه قصد الكاتب، أو يناقض حقيقة قائمة. فيتمثّل الفهم ساعتها في حلّ هذا التّناقض؛ إنّ الدّافع العقلاني الذي من وراء هذه الرّؤية بديهي. وعلى العكس من ذلك يدافع شلايرماخر عن القاعدة الثانية؛ أي عن الفكرة القائلة إنّ الشيء لا يُفهم إلا متى تعرّفنا إلى ضرورته، وابتنيناه؛ أي متى أعدنا إنتاجه مفهومياً. إنّ هذين المعيارين يبرران ضرورة فحص تكويني. فنحن نقيم ضرورة قول ما عندما نستطيع استنتاجه؛ فيقتضي فهمه، إذاً، أن نلجأ إلى شخص الكاتب، وإلى جماع ما عاشه؛ فـشلايرماخر يتصور كلّ قول خاصّ بمثابة «انبجاس لقطعة من حياة»، أو بمثابة «فعل»[36].

تلك هي، إذاً، شروط التجدد التأويلي: تجاوز تأويليات الخاص التي وقفنا عندها ولم نبارحها إلى اليوم. إنّ التّأويلية القديمة تأويليّة للموضوع، وللفهم المعياريّ المعطى الذي يتعلّق الأمرُ بالرّجوع إليه كلّما أشكل المعنى أو استشكل، وكلّما تناقض مع المعطى الأصلي؛ التّأويلية القديمة هي تأويلية السّياق، وتأويليّة العادة، وتأويليّة قواعد القول التي ينبغي تجنّب الخروج عنها. إنّها تأويلية الخاصّ (herméneutique du particulier).

ولكن ليس من شأن تأويليّة الخاصّ أن تتجاوز صناعة تأويل الخاصّ؛ أي إنّه ليس من شأنها أن تطال صياغة المعايير الكلّية للفهم خارج حدود «الكلّية الخاصة» لموضوعها.

[1] مجلة تأويليات العدد1

[2] جامعة تونس.

[3] نشير بالاختصار (ن.ن.) إلى أننا نحن الذين نغلظ المعنى، أو نشدد عليه، أو نؤكده، وأنّ ذلك ليس من الكاتب الأصلي.

[4] راجع: الشهرستاني (ت 548ﻫ)، الملل والنحل، ج1، تحقيق محمد سعيد الكيلاني، دار المعرفة، بيروت، 1984، الباب الأول، الفصل الأول، ص46.

[5]المصدرنفسه، والصفحةنفسها.

[6] المصدر نفسه، ص49-50.

[7] راجع ديلتاي: W. Dilthey, Die gestige Welt, Einleitung in die Philosophie des Lebens. Zweite Hälfte: Abhandlungen zur Poetik, Ethik und Pädagogik, 1957، وقد رجعنا إلى الترجمة الفرنسية التي أنجزها م. ريمي:

M. Rémy, Le Monde de l’esprit, II, Aubier, Paris, 1947, p.330

[8] راجع: F. Schleiermacher, Herméneutique, trad. Fr. par Christian Berner, Cerf, Paris, 1987, p. 173، حيثيعرضشلايرماخرمبدأف. آست (F. Ast) حولالحاجةفيفهمالتّفصيلإلىالكلّ، وفيفهمالكلّإلىالتّفصيل، مبيّناًمدىأهمّيةهذاالمبدأبالنسبةإلىهذاالفنّالذيهوالهرمينوطيقا، ولاسيماأنّ"عدداًكبيراًمنالعملياتلايمكنإجراؤهادونتطبيقه، وأنّعدداًكبيراًمنالقواعدالتأويليةإنماتتأسّسعليه".

[9] راجع: شلايرماخر، المصدر السابق، خطابا 1829، ص173، حيث يقول: "... لأنّ كل [نفس] من النفوس هي في وجودها المفرد لاوجودُ الأنفس الأخرى، فإنّ اللافهم لا يمكنه أن يزول تماماً أبداً".

[10]راجع: شلايرماخر، المصدرالسابق، فصوصالتأويليةلسنة 1805، ص11؛ حيثيقول: "إنّالفهم ... مهمّةٌلاتنتهي".

[11] راجع: شلايرماخر: Herméneutique, trad. Fr. Ch. Berner, Cerf, Paris, 1987, p.113، حيثيقول: "إنّالتأويلية، منجهةما، هيفنّالفهملاتوجدبعدفيصورتهاالعامّة، فلاوجودإلّالتأويلياتعديدةخاصة".

[12] المصدر نفسه، ص21: "اللّغة هي أوحدُ ما يتعيّن افتراضُه في التأويلية. وكلُّ ما يكون على المرء العثور عليه [فيها]، وإليه تنتمي كذلك الافتراضات الموضوعيّة والذاتية الأخرى، ينبغي أن يُعثر عليه في اللغة".

[13]المصدرنفسه، خطابا 1829، ص172:"وحتىعندمايتعلّقالأمربشيءمعروف، فإنّهيظلّ، معذلك، شيئاًجنيباًيواجهنافياللغةعندمايأبىتشكّلماللكلماتأنيصبحواضحاًلنا...".

[14] المصدر نفسه، ص33 و34: "التّأويل اللّغوي هو فنّ العثور على المعنى المعيّن لخطاب معيّن انطلاقاً من اللّغة وبمساعدة اللّغة".

[15]المصدرنفسه، ص49: "التّأويلالتّقني: أنتفهم[الخطاب]بماهوعرضللأفكار. وأنتفهمالتّركيبانطلاقاًمنالإنسان، وإذاًكذلكبالإنسان".

[16]المصدرنفسه. ولعلّأوضحعبارةعنهذينالمنهجينهيالتيتردفيص150؛ حيثيقولشلايرماخر: "ثمّةمنذالبدءمنهجانلكلّعمليةمنعملياتالتأويلالتقني، المنهجالحدسيالتخميني (méthode divinatoire)والمنهجالمقارني (méthode comparative). ولماكانكلواحدمنهمامحيلاًعلىالثاني، فلاينبغيفصلأحدهماعنالآخر.فالمنهجالحدسيالتّخمينيهوالمنهجالذينسعىفيه، منخلالالتحولإلىالآخر، إلىإدراكالفرديإدراكاًمباشراً. أما[المنهج]المقارنفإنهبدياًيطرح[الشخص]الذييتعيّنفهمهعلىأنهكلي، ويكتشفالجزئيمنبعدذلكبالمقارنةمعآخرينممّنيشملهمالكلّينفسه. إنّالمنهجالحدسيالتخمينيهوقوّةالمؤنثفيمعرفةالناس، أماالمنهجالمقارنيفقوّةالمذكر[فيها]".

[17] المصدر نفسه، ص113.

[18] راجع كذلك:

J. Greisch, Le Buisson ardent et les lumières de la Raison, III, Cerf, Paris, 2004, p. 165. «La réflexion philosophique sur l’art d’interpréter prend son départ avec le fait fondamental de la «non-compréhension» du discours»

[19] راجع: شلايرماخر، Herméneutique، مصدر مذكور، ص74:«L’opération de l’herméneutique ne doit pas seulement commencer là où la compréhension devient incertaine, mais dès les premiers débuts de «l’entreprise consistant à vouloir comprendre un discours. [فعمليةُ التّأويل لا ينبغي أن تبدأ فقط متى أصبح الفهم متحيراً، وإنّما مع البدايات الأولى لإرادة فهم خطاب ما].

[20] راجع: شلايرماخر، Herméneutique، مصدر مذكور، ص73 وما يليها.

[21] راجع التحليل الذي يخصصه لذلك السيد ج. غرايش، مرجع مذكور، ص165-167.

[22]راجع: كانط: LettreàMarcus Herz, in La Dissertation de 1770, suivie de LettreàMarcus Herz, trad. intr. et notes par A. Philonenko, Vrin, Paris, 1976, p.132.: "Je me demandais en effetàmoi-même: quel est le fondement sur lequel repose la relation de ce que l’on nomme en nous représentationàl’objet""كنتأسألنفسيعنالأساسالذيتقومعليهعلاقةمانسمّيهفيناتمثّلاًبالموضوع".

[23] راجع: غادامر، ﻫ. غ، (الحقيقة والمنهج): Gadamer, H. G., Vérité et Méthode, édition intégrale revue et complétée par Pierre Fruchon, Jean Grondin et Gilbert Merlio, Seuil, Paris, 1996, p. 419.

[24] راجع: شلايرماخر، (Herméneutique)، مصدر مذكور، ص21.

[25] راجع: شلايرماخر، (Herméneutuique)، مصدر مذكور، ص11.

[26] نستعمل عبارة الجنابة عن دراية بالمعاني "الدنيوية" التي تصاحبها، وذلك للتأكيد -استفزازاً- على خروج النص التأويلي عن دائرة النص المقدس، التي كان محبوساً داخلها قبل شلايرماخر. النص المؤوّل هو كلّ نص "أجنبي"، وليس النص الإلهي أو اللاهوتي المقدس فحسب.

[27] راجع عملنا (قيد الطبع): أعمار العقل التأويلي: من ابن رشد إلى ريكور، حيث نعقد فصلاً كاملاً لتفاصيل هرمينوطيقا شلايرماخر وتطوّرها وقضاياها.

[28] راجع: غادامير، ﻫ. غ.، الحقيقة والمنهج (Gadamer, H. G., Vérité et Méthode)، مصدر مذكور، ص410.

[29] إرنستي: راجع في خصوص نقد تأويليته: الفصوص، ص11، ص15... إلخ.

[30] في عبارة شلايرماخر: «nur Kunst der Verstehens, nicht auch Darlegung des Verständnisses» (صناعة الفهم فقط لا يُضاف إليها صناعة عرض الفهم)، راجع: شلايرماخر، Hermeneutik und Kritik، نشرة فرانك، ص75. (ذكره ج. بارتن: J. Barton: The Nature of Biblical Criticism, Louisville, Kentucky, 2007, p.176.).

[31]انظرالتّرجمةالفرنسيةلهرمينوطيقاشلايرماخر، مصدرمذكور: ( II .الخطخطةالأولىللهرمينوتيقا (1805))، .II ‫، ص32‎La première ébauche de l’herméneutique (1805)

[32]معطياتالهامشالسابقنفسها.

[33]معطياتالهامشالسابقنفسها. إنّمانودّالإشارةإليهمنوراءإيرادهذاالشّاهدليسالتذكيربـ"الكوجيتو"المؤسسللتأويليةالحديثة، الذاتبوصفهاأساسالفهم، وأساسالمعنىفحسب؛ بل، كذلكوخاصّةً، تبيينرفعشلايرماخرلخصوصيةالتّأويلياتالقديمة(تأويلياتتقنياتمعالجةعدمالفهمالمخصوصبحقلحقلمنالنصوص)إلىالصورةالعامةللفهم. وبعبارةأخرىيجعلشلايرماخرالفهمشرطنظامتأويلياتاللافهمالقديمة.

[34] يقول شلايرماخر: "لا تظهر مقاطع صعبة في لغة نعرفها، إلا لأننا لم نفهم كذلك جيد الفهم ما كان سهلاً منها...". معطيات الهامش السابق نفسها.

[35]راجع: شوندي، بيتر(Peter Szondi)، Poésie et poétique de l’idéalisme allemand, Gallimard, Paris, 1991‎coll. Tel)‎‏)، الفصل 6: L’herméneutique de Schleiermacher (تأويليةشلايرماخر)؛ حيثيقول، متحدّثاًعنسياق"تأسيسالتّأويليةبواسطةتحليلالفهم"(ص295):"لماكانتتلكالتأويلية، الثيولوجيةأوالفيلولوجية، إنّماتنطلقدائماًمنالمشكلاتالخصوصيةلموضوعها، فإنّهالمتكنتدرِكإلاقواعدمعدّةلتوجيهتأويلهذهالكتبالمخصوصةلانظريةفيالتّأويليةتظلّقائمةمهمااختلفتالنصوصالمؤوَّلة".

[36]شوندي، بيتر(Peter Szondi)، المرجعنفسه، الفصل6، ص299.