عرض كتاب : "الفلسفة الإسلامية وأزمة الحداثة: علاقة ليو شتراوس بالفارابي، وابن سينا، وابن رشد"
فئة : قراءات في كتب
عرض كتاب[1]:"الفلسفة الإسلامية وأزمة الحداثة: علاقة ليو شتراوس بالفارابي، وابن سينا، وابن رشد"
أولاً: مفهوم "أزمة الحداثة" عند شتراوس
1. فقدان المعنى والمرجعية
*- يرى شتراوس أن الحداثة أدّت إلى تآكل الإيمان بالقيم المطلقة.
*- الحداثة تعتمد على العقل الأداتي الذي يقيس كل شيء بالنفع، على حساب القيم الأخلاقية والسياسية العليا.
*- في المقابل، سعى الفلاسفة المسلمون إلى التوفيق بين العقل الميتافيزيقي والوحي، مما يجعلهم مرشحين لتصحيح مسار الفلسفة الحديثة.
2. نقد الفلسفة السياسية الحديثة
*- ينتقد شتراوس فلسفات مثل الليبرالية والنزعة النسبية التي سادت ما بعد عصر الأنوار.
*- يرى أن الفلسفة السياسية الكلاسيكية كانت قائمة على تصور للفضيلة، بينما ترتكز الفلسفة الحديثة على الحقوق الفردية المجردة.
*- يعتقد أن الفلاسفة المسلمين حافظوا على الفكرة الأرسطية للفضيلة، لكن ضمن إطار توحيدي.
ثانياً: الفارابي – الفلسفة في ظل النبوة
1. نظرية التأويل الفلسفي
*- استخدم الفارابي "اللغة الرمزية" في قراءة النصوص الدينية.
*- اعتبر أن الشريعة تخاطب العامة بلغة تخييلية، بينما تخاطب الفلسفة النخبة بلغة عقلية.
*- يرى شتراوس في هذا الطرح نموذجًا لما يسميه "الكتابة ما بين السطور" (esoteric writing).
2. الفيلسوف – الإمام
*- دمج الفارابي دور الفيلسوف بدور النبي أو الإمام السياسي.
*- يستفيد شتراوس من هذا النموذج ليقارن بين "الحكم الفلسفي" و"السيادة الدينية"، معتبرًا أن الفارابي أسس لنموذج فريد من "الحكم الفلسفي المتدين".
3. الفلسفة والسياسة
*- يرى الفارابي أن السياسة المثالية لا يمكن أن تُبنى إلا على تصور ميتافيزيقي للوجود.
*- يعيد شتراوس طرح هذا السؤال: هل يمكن للسياسة أن تكون عقلانية دون تصور ميتافيزيقي؟ ويقترح أن جواب الفارابي هو: لا.
ثالثاً: ابن سينا – العقل النبوي ونظرية الوجود
1. العقل الفعّال والنبوة
*- يرى ابن سينا أن النبوة ليست مجرّد إلهام، بل هي علاقة عقلية مع "العقل الفعّال".
*- يعتبر شتراوس هذا تفسيرًا عقلانيًا للنبوة، يربط بين الميتافيزيقا والسياسة.
2. مراتب المعرفة
*- عند ابن سينا: الحس ← التخيل ← التعقل ← الكشف النبوي.
*- يرى شتراوس أن هذا التسلسل المعرفي يضع الفلاسفة والأنبياء ضمن سلسلة معرفية واحدة، وإن اختلفت وسائلهم.
*- وهذا جوهري لفهم العلاقة بين الدين والفلسفة كما يطرحها شتراوس: ليست صراعًا، بل تدرجًا.
3. الوجود والتوحيد
*- ميّز ابن سينا بين "واجب الوجود" و"ممكن الوجود".
*- يرى شتراوس أن هذه الفكرة تتيح بناء تصور عقلاني للتوحيد، دون الحاجة إلى نفي العقل أو التجربة.
*- وهذا يخدم مشروع شتراوس في البحث عن "لاهوت عقلاني".
رابعاً: ابن رشد – الدفاع الفلسفي عن الشريعة
1. "فصل المقال": العقل والدين
*- دافع ابن رشد عن توافق الفلسفة والشريعة.
*- يرى أن النصوص الدينية ينبغي تأويلها إذا تعارضت مع البرهان العقلي.
*- يبرز شتراوس هذا الطرح كنموذج لـ"العقل الديني المنفتح"، في مقابل التصورات الحديثة الصدامية.
2. الكتابة المزدوجة
*- كتب ابن رشد نصوصًا علنية وأخرى فلسفية معمقة.
*- يشير شتراوس إلى أن هذا "الازدواج" كان ضرورة سياسية، وأسلوبًا فلسفيًا لحماية الفكر في مجتمع ديني.
*- ويربطه بفكرة "الكتابة الباطنية" عند الفلاسفة الكلاسيكيين، مثل أفلاطون.
3. مفهوم الحقيقة المزدوجة
*- عند ابن رشد، هناك مستويان من الحقيقة:
*- الحقيقة الظاهرة للعامة.
*- الحقيقة الفلسفية الخاصة بالنخبة.
*- يرى شتراوس أن هذا المفهوم يتيح تعايش الفلسفة مع الشريعة دون صراع، وهو أساس ما يسميه "المدنية العقلانية".
خامساً: العلاقة بين الفلاسفة الثلاثة وشتراوس
المحور
الفارابي
ابن سينا
ابن رشد
التأويل
رمزي وسياسي
معرفي ونبوي
عقلاني وشرعي
العقل
قائد للمدينة
مفسر للوجود
مفسر للشريعة
الدين
تعبير رمزي عن الحكمة
وسيلة تربوية وتوجيهية
متوافق مع الفلسفة
أثره على شتراوس
تأسيس الفلسفة
مفهوم العقل المتدرج
الدفاع عن العقلانية في ظل الدين
السياسية الدينية
خاتمة تحليلية
يرى شتراوس في الفلاسفة المسلمين مفكرين حافظوا على توازن دقيق بين:
- العقل والوحي
- الفلسفة والسياسة
- النخبة والعامة
وبخلاف الحداثة الغربية التي تميل إلى تفكيك هذا التوازن، يرى أن العودة إلى هؤلاء الفلاسفة – لا بوصفهم ماضياً منقولاً، بل بوصفهم بدائل فكرية – هو مسار ضروري لفهم طبيعة السلطة، والحقيقة، والتعليم في المجتمعات الحديثة.
*- أفكار محورية في الكتاب
التأويل والكتابة السرية: يشير شتراوس إلى أن الفلاسفة المسلمين استخدموا أساليب كتابية تتضمن طبقات من المعاني، موجهة إلى جمهور متعدد المستويات، لتجنّب الاضطهاد وتمرير الأفكار الفلسفية العميقة.
التوتر بين الفلسفة والدين: يبرز الكتاب كيف تعامل الفلاسفة المسلمون مع التوتر القائم بين الفلسفة والدين، وسعيهم لإيجاد توافق بينهما.
الاستفادة من التراث الإسلامي: يوضّح شتراوس كيف يمكن للفكر الغربي الاستفادة من التراث الفلسفي الإسلامي لإعادة النظر في قضايا الحداثة والأزمة القيمية.
[1] - “Islamic Philosophy and the Crisis of Modernity: Leo Strauss’s Relationship with al-Fārābī, Avicenna, and Averroes” State University of New York Press (December 1, 2024)الناشر :