هل أنتم محصنون ضد الحريم؟: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء


فئة :  قراءات في كتب

هل أنتم محصنون ضد الحريم؟:  نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء

هل أنتم محصنون ضد الحريم؟: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء

لفاطمة المرنيسي- ترجمة نهلة بيضون

عدد صفحات الكتاب: 204

إنّ إشكالية مُعالجة مسألة المرأة، - سواء على المستوى الأكاديمي أو الاجتماعي أو السياسي، بل في كل ما يتعلّق بها من مسائل- لا يمكن فهمُها إلاّ بالعودة إلى سياقات تاريخية، ليس فقط لتناولها كموضوع دراسة، بل أيضا لدراسة الحقل اللغوي ودلالته الألسنية المرتبطة بالمصطلحات المستخدمة وتطورها، كمصطلح "الحريم" مثلا. ومن بين أهم الباحثين والباحثات الذين ركّزوا على هذه المحاور، وانكبّ على دراستها تبرز فاطمة المرنيسي، وهي كاتبة وإحدى أعلام السوسيولوجيا المغاربية والعربية، لها عدة مؤلفات، أبرزها: "سلطنات الإسلام المنسيات"، "تمرد المرأة والذاكرة الإسلامية وأدوار الجنسين"، "الإسلام والديمقراطية: الخوف من العالم الحديث"، "نساء على أجنحة الحُلم"، "أحلام النساء الحريم (حكايات طفولة في الحريم)"، "شهرزاد ليست عربية". مطالعتي الأُولى لكتابات المرنيسي كانت من خلال كتابها "ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية". ما لَفت انتباهي في هذا الكتاب طريقة طرحِها ومُعالجتها لموضوع الحجاب، الأمر الذي يُثير فيك فضولا يدفعك لقراءة كتاباتها الأخرى. مُعظم كتاباتها تقريبا تتمحور حول مسألة "الحريم"، ومن بينها كتاب: "هل أنتم محصنون ضد الحريم؟". وعلى الرغم من أن الكتاب صدر مُنذ بداية هذا القرن، إلا أنني أعتبر إعادة قراءته اليوم وقراءة كُتب فاطمة المرنيسي مُهِمّة من شأنها أن تُساعدنا على فهم ما نعيشه من جدال حول مسألة "المرأة".

يعود اختياري لهذا الكتاب لما له من أهمية، سواء على مستوى موضوعه الجريء، فهو يقتحم الثالوث المقدس" الجنس، الدين والسلطة"، أو على مُستوى جديّة مُعالجة هذا الموضوع؛ لأن المرنيسي تنطلق من مُدونة مصدرية محليّة منها التراث الديني والأدبي.. وأمثلة من ثقافتنا العربية ومُقارنتها مع الثقافة الغربية، ولعلّ الذي أسعفها في ذلك سِعَة اطلاعها على الثقافة الأوروبية والأمريكية. ولمّا كان المفهوم المركزي للكتاب هو "الحريم"، فإن المرنيسي تُحدّد هذا المصطلح وما يتعلق به من مَعَان ومفاهيم كمعنى الجارية، القينه، المحظية... وبهذا تُقدم الكاتبة للقارئ صورة طريفة ورمزية للحريم عبر تَشبيهِه له -أي الحريم- بالفَيروس، لكن هذا الفيروس في رأيها غير قاتل، بل هو مُحبّذ للعديد كما تُلاحظ. وبعدَها تنطلق المرنيسي في رحلة الكتاب عبر طرح سؤال مركزي، وهو: "هل أنتم محصنون ضد الحريم؟". سؤال موجّه للمجتمعات العربية والغربية على حد سواء. أُحاول في هذه المُراجعة تَتبّع إجابات المرنيسي عن هذا السؤال من خلال تبويب أفكار الكتاب في المحاور التالية:

-I الحريم: هل كان حكرا على العرب؟

اِرتبطت صورة الحريم، أكثر ما ارتبطت في المخيال الشعبي بشخصيتين تاريخيتين، وهما هارون الرشيد والسلطان محمد الثاني(الفاتح)، وعلى الرُّغم من الفارق الزمني بينهما، لكنّهما كانا نَموذجين، خصوصا وأنّهما جَمعا بين أكثر ثلاثة عوامل مَرغوبة في العالم: السلطة-الثروة-الحريم. فَهارون الرشيد حسب تعبير المرنيسي "سَحر الحريم"، حيث تَنقُل العديد من المصادر تاريخية علاقته بالحريم التي لم يقتصر فيها على امرأة واحدة، وهي ابنة عمه زبيدة التي تزوجها في سن السادسة عشر - حيث كان أغلب من أحيَا لهُ السهرة مغنيات وشاعرات من الإماء- بل شملت نساء اُخريات مُهمتهنّ تأمين المتعة لشخصه، وبالمقابل يؤمّن لهن الترف. وهنا تتحدث العديد من المصادر عن الترف الذي عَاشته نساؤُه، مثل زوجته الأولى التي كانت تستعمل أواني من الذهب الخالص؛ وهذا ما يُعيدنا لمُثلث السلطة والثروة والمتعة. وهارون الرشيد كان ولايزال يُلهب مخيّلة النساء والرجال، ليس فقط بصورة الحريم، بل بأخبار فُتوحاته وقوتِه أمام "الغرب-المسيحي"، حيث كان "يقود قافلة الحُجاج إلى مكة في سنة ثم يقود الجهاد ضد بيزنطة في السنة التي تليها"[1]. أيضا كان هو الخليفة العباسي الأول الذي أولى أهمية للأُسطول البحري كما كان يتبادل السُفراء والهدايا مع شارلمان. أما محمد الفاتح، فقد هَيمَن خاصة على مُخيلة الأوروبيين، حيث لُقّب "بالفاتح" لفتحه القسطنطينة سنة 1453، والتي تحولت إلى إسطنبول فيما بعد. يُمكن القول إنّ الذي جمع بين هارون الرشيد ومحمد الثاني ورسّخ صورتهما في المِخيال الغربي والعربي هو اقتحام بيزنطة وسبي نسائها، رغم الفارق الزمني بينهما.

بيدَ أنّ هذه العَلاقة بين الفُتوحات العسكرية وتسخير الجواري لخدمة ومُتعة السُلطان والصّراع بين أوروبا والشرق كانت السِمة الثابتة في كل أنواع الحريم، خاصة التركي والإغريقي والروماني. فَعلى الرغم من ربط الحريم دائما بالعرب، فإن الحضارة الرومانية والإغريقية كانت سَابقة عنهم في امتلاكه، فإذا قرأنا كتب التاريخ لرأينا أنّ العرب لم يكونوا آباء للحريم، "فقد عرف الحريم الإمبراطوري في تاريخ المتوسط قبل 700 عام على ظهور الإسلام لدى الإغريق والرومان على حد سواء"[2]. كما كان مُلوك الإغريق يُمارسون الحجر على النساء قبل أحد عشر قرنا، وكانوا يَمتلِكون هندسة مِعمارية للحريم فيها فصل بين الجنسين، وسار الرومان على خُطى الإغريق في إنشاء الحريم، إذ كانت هنالك إماء متفرغة لمُتعة السيد، ولما جَاء العرب قاموا بمُحاكاة حريم الإغريق والرومان مع بعض التجديد. والمُلفت للانتباه أنه رُغم أسبقية الأوروبيين في خلق هذه المؤسسة، فإن ذاكرتهم تَحتفظ فقط بحريم محمد الفاتح وحريم هارون الرشيد، وهذا ما يطرح السؤال التالي: ماهي خُصوصية حريم العرب عن حريم البيزنطيين والإغريق؟

بداية، إنّ جاذبية الحريم الغربي، المقصود هنا "سبايا الغرب لدى الفاتح-المسلم" تقوم لدى الغربيين على المعنى التالي: إنّ هؤلاء النساء يَنتقمن من الفاتح-المُسلم من خلال سَعيهن لحمل أبنائهن لسُدّة الحُكم، حيث لم تكتف الجواري الروميات فقط بإغراء السلاطين، بل حَرصن أن يَعتلي أبناؤهن عرش السَلطنة. إذ إنّ خُصوصية هذه المؤسسة (الحريم) خاصة لدى الخُلفاء العباسيين والأتراك، تقوم على أن الجارية يُمكن أن تُصبح حُرّة عند وضع ابنها من رجل حُر، حيث أطلق هارون الرشيد العِنان لطُموحاتهن برؤية أبنائهن خُلفاء في بلاط السلاطين. وكمثال عن هؤلاء الخلفاء وخاصة العباسيين الذين كانت أُمهاتهم روميات، نذكر الخليفة المأمون بن هارون الرشيد وسابع خليفة في سلالة بني العباس، والواثق الخليفة التاسع والمنتصر الخليفة الحادي عشر والمهدي الخليفة الرابع عشر. وتُرجع المرنيسي هذه الخُصوصية إلى أيديولوجية الإسلام التي ظهرت بطابع رسالة إنسانية عالمية -استثنيت منه فترة الأمويين الذين كانوا عُنصريين وفخورين بدمهم العربي، ويحتقرون أبناء الإماء الأعجميات حسب الصيغة الشهيرة "كان بنو أُمية لا يستخلفون أبناء الإماء". غير أنّ هذا الطموح في اعتلاء أبناء الإماء السُلطة، كان مُحرما على جاريات الإمبراطور الإغريقي والروماني، حتى ولو كانت هذه الجارية حظيت بقضاء ليلة مع الإمبراطور، فإن العلاقة كانت محكومة بالإبقاء عليها وعلى ابنها عبيدا. وتُقرّ المرنيسي بامتداد هذه المشكلة إلى الفترة التي عاشت فيها؛ ذلك أن أهم مشكل "تواجه اليوم أمريكا تتمثل في اندماج السود، الرجل الذي كان يُقيم علاقة مع امرأة سوداء في مزارع أمريكا لم يكن يُعترف بابنه."[3]

إذن، فالحريم لم يكن حكرا على العرب، بل للغرب أسبقية فيه، وهو ما جعلهم يعيشون في "ورطة" بين ما يرغبون فيه "الحريم" والواقع الثقافي والاجتماعي والقانوني الذي يمنعهم من ذلك. وهذا ما يحيلنا إلى النقطة الثانية في هذا الموضوع.

II- ازدواجيه الرجل الأوروبي

تقوم المرنيسي بفضح ازدواجية الرجل الأوروبي الذي يعيش مُفارقة، بين ذلك الرجل الذي يحمل ثقافة حُقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، ويدعو علنا لقيِم الديمقراطية واحترام المرأة، لكن خفيةً كان يشتري لوحات الحريم، بل كان يتنافس على امتلاكها، "كان البرجوازيون الأثرياء يتنافسون على شراء هذه اللوحات بأسعار باهظة، ويتصارعون في مجلس الشيوخ من أجل حقوق الإنسان والمواطن"[4]. هذه الرغبة لدى الرجل الأوروبي أدّت إلى ازدهار فن الرسم التشكيلي، وبالتحديد رسم الحريم في تلك الفترة؛ وتعطينا المرنيسي أمثلة عن فنانين أوروبيين أمثال جان أوغيست دومنيك وبيكاسو، وأنغر، وماتس. كما كانت أشهر المتاحف تقتني لوحات الحريم كمتحف لوفر، واستمرت هذه الحركية في الفن التشكيلي للحريم حتى القرن العشرين.

وتُخصص لنا المرنيسي قِسما للحديث عن بعض المستشرقين الذين عانوا من ازدواجية الانتماء والرغبة. ولعلّ أبرزهم ماتس الذي وقع في سحر المغرب منذ أول زيارة له سنة 1906، حيث كان يُلقب "بباشا طنجة"؛ وأصبح المغرب مصدر إلهامه في أعماله الفنية، حتى المحظيات اللّواتي كان يرسمهن كانت المسحة المغربية حاضرة فيهن. لكن المغرب -كغيره من الدول التي زارها هؤلاء المستشرقون- لم ينجح فقط في تعزيز الذائقة الفنية لماتس، بل كشف ازدواجية شخصيته وتَناقضاتها -والتي كان يشترك فيها معه آلاف الأوروبيين، وخاصة العديد من المُستشرقين في تلك الفترة-. هذه الازدواجية التي تَراوحت بين الشعور بالتفوق وغطرسة المُستعمر والسُخرية من المغاربة في قضية المرأة من جهة، ومن جهة أخرى استهجانه وكُرهه للفرنسيات المتحررات الاّ حين كان يرسمهن على هيئة محظيات؛ إذ إن ماتس ورغم انتمائه إلى جمهورية كانت من الأوائل التي ألغت العبودية 1794 لم يجد حرجا في رسم أو بيع العشرات من لوحات المحظيات في سوق الفن.

الشخصية الثانية هي الكاهن الألماني "يوهان ليزر" الذي لم يكن بعيدا كثيرا عن حالة ماتس، بل كان أكثر صراحة ووضوحا في التعبير عن رغبته في الحريم؛ ذلك أنه ألّف سنة 1674رسالة يُعدد فيها فضائل تعدد الزوجات، وعندما فُضح أمره اضطر للهروب إلى الدنمارك، لكنه نَشر بعد ثماني سنوات كتابا بعنوان "انتصار تعدد الزوجات"، وهو ما كان له وقعا صادما خاصة في الأديرة التي دعت للعفة والتعالي عن ملذّات الحياة وخاصة الحياة الجنسية. هذا الكاهن لم يكن وحده الذي يحلم بالحريم والرغبة في تعدد الزوجات، بل شاركه فيها فيكتور هيغو الذي كانت له كتابات عن المشرق تَصِفُها المرنيسي بكونها "غريبة"، مثال قصيدة "السلطانة المحظية سنة 1828" التي يصف فيها نفسه وسط الحريم، ويُحاول إقناع عشيقته أن تُقاسمه مع غيرها من النساء. وعندما سُئل عن هذه الصورة أجاب بأن "الفن لا يعرف حدودا مُحرمة".

خلاصة القول: إن ازدواجية الانتماء والتفكير لهذه الشخصيات شرعّت السؤال عن سبب تسلّل الرجل الغربي إلى عالم الحريم الشرقي؟.

تُعطينا المرنيسي تفسيرات تراوحت بين سبر أغوار الجانب الذهني والنفسي للرجل الأوروبي، ولكن ركّزت على نقطة مفصلية نابعة من اختلاف الثقافتين في موضوع الجنس، وهي مفهومية "المُتعة"؛ ذلك أن المسيحية لا تعترف بالمُتعة اتباعا لقول القديس أغسطينوس "يجب على الأزواج الامتناع عن المتعة طوال السنة... لأن الذي يسعى وراء الأشياء المحللة يسيء للذي حللها"[5]، وبالتالي محرومون من أهم امتياز يتمتع به المسلم، وهو ما يؤكده جان-لوي فلاندرلان مؤلف كتاب "وقت لتبادل القبل: بحثا عن أصول الأخلاق الجنسية الغربية القرن السادس والحادي عشر" كتفسير لانبهار الغربيين بالحريم، هو رفض المسيحية للمُتعة؛ وهو ما جعلهم (أي الغربيين) يَرحلون عبر خيالهم إلى الشرق، حيث هُنالك تقديس للمُتعة الجنسية، ليس فقط في الدنيا، بل في الآخرة حيث سيُكافئ المؤمن بحور العين في الجنة. هذه الازدواجية لدى بعض الغربيين انعكست مباشرة على الشرق وكيفية تصورهم له، وهو ما عبّرت عنه المرنيسي بثنائية متضادة.

-III الاستشراق كما عبّرت عنه المرنيسي بين الانبهار والحقد:

الاستشراق هو تيار فكري غربي كامل شمل مستويات عدة (ثقافية، سياسية، اجتماعية..) خاصة خلال القرن التاسع عشر الذي تصفه المرنيسي "بالحُمّى الاستشراقية المستشرية"، حيث نجد احتلال فرنسا للجزائر، تونس، واحتلال الإنجليز لمصر، وإيطاليا لليبيا، الانتداب الفرنسي في المغرب والإنجليز لبغداد والقدس. وكان الاهتمام بالحريم جُزءا من هذا الاستشراق، حيث اهتم بموضوعه الفنّانون من أدباء ورسّامين وشُعراء، ومن هُنا كان تركيز كَاتبتنا على هذا الموضوع، الذي كان مصدر هوس وإلهام بالنسبة إليهم، حيث نجد صور الحريم والمحظيات في المتاحف والصالات.

هذا الهوس بالشرق تُرجم على مستويات عديدة كاللباس، حيث كانت الأوروبيات تلبسن أزياء شرقية لأزواجهن؛ ومثال ذلك في حملة نابليون بونابرت على مصر اعتمدت الباريسيات الزي المملوكي. كما كان الأوروبيون والأوروبيات يَطلُبون لوحات من رسّامين سواء بزي شرقي أو لوحات لحريم ومحظيات. أيضا على مستوى الكتابة، كان هنالك تركيز على التفاصيل الحياتية في المشرق، منها كتابات إدوارد وليم لاين الذي تحدث فيها عن عادات وتقاليد المصريين في العصر الحديث وإعجابه تحديدا بالمُدلك والحمام المصري. كما قام بترجمة كتاب ألف ليلة وليلة سنة 1839. أيضا نذكر فيكتور هيغو الذي كتب في مُقدمة ديوانه "الشرقيات" سنة 1829 أن "الشرق أضحى عنصرا بارزا في الهوية الأوروبية".

هذه النظرة المُفعمة بالانبهار، كانت تُخفي في ثناياها نظرة دونية للشرق لدى البعض، وأحيانا تصل إلى الاحتقار والإنكار والتناقض عند البعض الآخر. فمثلا في المسألة التي تطرحها المرنيسي، وهي مسألة "الخصي عند المسلمين والأوروبيين"؛ فغالبا ما يُحدّد الخيال الغربي الخصي على أنّه كائن شرقي أصيل وفِعل همجي مُرتبط بالشرق المسلم. صحيح أن الخصيان، كانوا جزءا من التَراتبية ولهم وظائف مُعيّنة في العهد العباسي والعثماني، وصحيح أيضا أن أول خليفة عباسي اشتهر بتعلّقه بالخصيان هو الأمين بن هارون الرشيد، كما استمرت هذه الظاهرة بعد سقوط الدولة العباسية إلى أن أُلغيَ رسميا سنة 1909 إثر حكم السلطان عبد الحميد؛ لكن قبل ظهوره في الإسلام كان الخصي هَوس العالم المسيحي؛ حيث إنّه لم يخترعه لا السلاطين العثمانيون ولا العباسيون، بل هو تقليد غربي معروف لدى الإغريق والبيزنطيين. وحتى في القرنين السابع عشر والثامن عشر تمادى الأوروبيون في عشقهم لمطربي الأوبرا الخصيان. وفي نفس الفترة التي كان يرسم فيها انغر خصيه الشرقي، كان المُؤمنون الإيطاليون يَطربون لصوت خصيانهم، حيث استمرت هذه العادة (الإخصاء) لديهم حتى 1878.

كما وصلت هذه الازدواجية لحد إنكار ما وصلته إليه المرأة في تلك الفترة. فمثلا شَهدت تُركيا تحولات كبرى كنشأة مدرسة الإناث سنة 1869 وإلزامية التعليم للإناث والذكور في إطار ما عُرف بالتنظيمات. ولما أنهى ماتس لوحته سنة 1928 "المحظية ذات السروال الأحمر"، كان كمال أتاتورك قد غيّر وجه تركيا خاصة في أحوال المرأة ودورها، حيث صَدر قانون الأحوال الشخصية الإصلاحي سنة 1923 وحظر تعدد الزوجات في1925، وسنة 1934 منح المرأة حق الاقتراع، وبعد سنة تم انتخاب ما لا يقل عن 17 امرأة في البرلمان؛ "فقد كانت الثلاثينيات سنوات لا تنسى بالنسبة إلى النساء التركيات، فقد أصبحت ثريا آغا أوغلو المرأة الأولى المحامية في بلادها وصبيحة غوكتشن المرأة الأولى التي تقود طائرة"[6]. على الرُغم من كل هذه التحولات الكبيرة، كان ماتس وانغر يَرسمان المرأة الشرقية حبيسة وجامدة، وهو ما يُعبّر عن مفارقة بين الحقيقة والخيال. وهذا الفضح الذي تقوم به المرنيسي كان ضروريا لفهم التدخلات والتناقضات النفسية لشخصية هؤلاء الرسّامين - ومن خلالهم العديد من المستشرقين- من خلال تَمسكهم بالمحظية الخاضعة وعدم اكتراثهم بالمرأة التي تقود طائرة والمُتعلمة في تلك الفترة. وبذلك، يُمكن القول إنّ صورة المحظية التي اخترعها الأوروبيون لا تتلاءم مع تصوّر المؤرخين الذين كتبوا تاريخهم، كابن سعد والمسعودي؛ فهؤلاء وإن ركّزوا على تاريخ السياسة والحُكام إلا أنهم تحدّثوا عن سيرة العديد من النساء؛ ولاسيما النساء اللواتي سعين لافتكاك السلطة من الرجال وتدخلن في العديد من الشؤون الديبلوماسية والإدارية، بل تذهب المرنيسي إلى أكثر من ذلك، فتستنج من التواريخ الإسلامية أن الأتراك كانوا "أكثر نسويين" في القرون الوسطى، وهذا الذي أثار استهجان العرب للمكانة التي منحها الأتراك للنساء. وفي هذا السياق، تذكر المرنيسي شهادة ابن بطوطة في القرن الرابع عشر أثناء رحلته في مناطق آسيا، إذ استعجب من تعظيم الأتراك للنساء. وتُؤكد أوجها من الاختلاف داخل المُجتمعات الإسلامية بين الأتراك الذين لا يترددون بإعطاء مناصب للنساء والخلفاء العباسيين الذين يرفضون ذلك، مثال ذلك الخليفة المعتصم بالله الذي عَارض اعتلاء امرأة على عرش مصر، في حين عيّن الحسن التركي شجرة الدر سنة1250 ملكة، والتي أحرزت نصرا ضد الصلبيين في دمياط.

لكن السؤال الذي يطرح هو كيف يُمكن تفسير القطيعة بين الصورة التي رسمها ماتس وأنغر ونقَلها العديد من المستشرقين من جهة، والحقيقة التاريخية للمرأة في تلك الفترة من جهة أخرى؟

يجب القول إنّ هذه الازدواجية في النظر للشرق لم تكن فقط حكرا على ماتس، بل كانت بمثابة أيديولوجية غربية تجاه العرب. تذكر المرنيسي تجارب شخصية لها تُبين ربط الغرب لكل ما هو عربي بالحريم، حيث تُقدم هُنا شهادة في هذا الموضوع: في أعقاب حرب الخليج دُعيت من قبل صحافية في مجلة فرنسية، وأصرّت المرنيسي على التحدث عن كتابها "الخوف من الحداثة: الإسلام والديمقراطية" لأنه مُستوحَى من حرب الخليج، لكن الصحفية رفضت ذلك كما رفضت تغطية تكاليف سفرها، وأخبرتها بضرورة أن يكون محور الحديث عن الحريم؛ تقول المرنيسي: "وقد أصرّت لي هذه الصحفية أن رئيسها يعتقد بأن الحريم يُمثّل الرواية الوحيدة للحديث عن المرأة المسلمة"[7].

أما فيما يتعلق بالنظرة الجامدة للمرأة التي يُصرّ عليها ماتس وأنغر في لوحاتهما متجاهلين حقيقة ما يفعله أتاتورك من تطوير وتحديث للحركة النسوية. فتُفسر المرنيسي موقفهما بأنهما كانا يتجاهلان ما يحصل في تركيا؛ لأنهما كانا يسعيان من خلال رسومهما والخيال لحلّ مُشكل أوروبي صرف، وهو إشكال الأخلاق المسيحية التي تَدّعى الطهرانية، والتي ظلت تؤرق ذهن الرجل الأوروبي وتفرض عليه رقابة وضغطا نفسيا كبيرين، حيث "كان الحريم نقيضا للزواج الأحادي المسيحي بمحرماته الجنسية ومشاكله العاطفية، وكان الاستيهام أشبع هذه الرغبة بالانعتاق من قيود الصرامة"[8].

على أن المرنيسي لا تُعمّم موقفها النقدي على كل الأعمال الاستشراقية، فهي تَبتعد عن الحماسة المُعادية التي يظهرها العديد من الكتاب العرب، ولاسيما بعد قراءتهم لإدوارد سعيد، حيث يُنظر إلى الاستشراق بتعميم يشمل كل المستشرقين بوضعهم في سلة واحدة، على اعتبار أن الاستشراق هو الوجه الحقيقي للاستعمار غايته الإخضاع عن طريق سلطة المعرفة الاستشراقية؛ بيد أنّ المرنيسي تَعدل في رؤيتها للاستشراق وترى أن من حقهم اعتماد المنهج النقدي، إذ إنها ضد فكرة أنه "لا يحق للأوروبيين أن يقدموا لنا موعظة"؛ لأن ذلك يؤدي للتقوقع. وتُعطينا المرنيسي أمثلة على إسهامات عديدة قدّمها المستشرقون في إبراز الوجه المُشرق للشرق وصلت لحدّ الانبهار به أحيانا والاقتناع أن الشرق ستكون له بصمة خاصة في الثقافة الغربية. مثل ذلك فيكتور هيغو الذي كان مُراهنا على المشرق في قيادة العالم إذ يقول: "ومن ثم فالشرق مدعو للاضطلاع بدور الغرب على صعيد الفتوحات والآداب في القريب العاجل"[9]. كما ترى المرنيسي أن النقد ضروري للترقي، ولعلّ أبرز مثال تعطيه هو مثال الثقافة اليابانية التي استطاعت التصدّر من خلال مُراجعات وقبول النقد ومحاولة الإصلاح. لكن يبقى الاختلاف المركزي في موضوع الحريم بين الشرق والغرب متمحورا حول مفهوم المتعة والمسؤولية الجنسية، وهو اختلاف عبّر عنه رسّامون وفنانون من بينهم أنغر.

-VI ما بين الرجل الغربي والرجل العربي من خلال لوحة أنغر:

تَكوّن أنغر تكوينا دينيا في مدارس الرُهبان المسيحية، رغم أن علاقته بالنساء لم تكن ناجحة، إلا أنه قدّم في لوحاته أكثر النساء شهوانية وطغى عليهن العري والانتشاء الأنثوي، من بينها "محظية فاليسون" سنة 1808، "نساء الحمام التركي". ما يهمّنا في لوحة أنغر التي ركّزت عليها المرنيسي، أنها تُعتبر مفتاحا لفهم الجنس لدى الرجل الأوروبي؛ فصورة الخصي الذي ينظر للمرأة ويُحاول عدم الاستسلام لإغوائها يُمثّل الرجل الأوروبي الذي فرض على نفسه رقابة ذاتية ليُصبح فردا مسؤولا. من هذا المُنطلق، يُصبح الخصي رمزا للفرد المنضبط أمام الجنس، فهو يُعبّر عن جوهر الفردية لدى الرجل الغربي الذي يَفرض على نفسه انضباطا ذاتيا لمواجهة قوة جنسية أو تعطيلها.

وهكذا يُمكن اعتبار الخصى في لوحة أنغر رمزا للذكر داخل سيرورة الحضارة الأوروبية التي فرضت عليه الضبط الذاتي للغرائز ومراقبة الذات، حيث قامت الكنيسة والدولة باستبدال أفراد مسؤولين ومُنضبطين حتى عند رؤية جسد عاري دون الانقضاض عليه؛ وذلك من خلال تطوير حس المسؤولية واعتماد الرقابة الذاتية للفرد وفرض الزواج الأَحادي كأحد شروطه. وهذا ما تنصح المرنيسي بالقيام به في مجتمعاتنا العربية كشرط لاحترام الآخر وتحرّر النساء، بفرض الرقابة الذاتية على الرجل حتى لا تعود المرأة بحاجة لوضع الحجاب لحماية نفسها، أو أن تُحرم من حقها في التنزه أو أن تكون عارية على شاطئ البحر؛ لأن الرجل سيضبط نفسه تجسيدا للوحة أنغر "شوف واحشم".

وهنا تطرح المرنيسي جملة من الأسئلة التي يُمكن أن تكون مفتوحة لأجوبة عديدة منها: هل تكون المرأة سافرة في الدول التي يُعتبر فيها المواطنون أفرادا مسؤولين؛ لأن الرجال يُمارسون رقابة ذاتية جنسية؟ هل يكون الرجل غير مسؤول جنسيا في الدول التي تفرض حكمها على النساء بالتزام الحجاب؟ هل إن حُضور خصي في الحريم الأوروبي في لوحة أنغر هو تجسيد للرجولة التي تتحكم في غرائزنا؟

لكن لا ننسى أن هذه المعركة لتحقيق نوع من المسؤولية الجنسية والرقابة الذاتية دامت خمسة قرون تقريبا في أوروبا، إذ كانت هنالك صعوبة في تقبل المساواة الجنسية حتى لفترات حديثة. وحتى لما كان انغر يرسم نساء عاريات، فإن الرجل الأوروبي لم يكن مهيأ قبل حلول القرن العشرين لرؤية امرأة عارية على شاطئ البحر دون القيام بعمل مُتطرف، وانغر نفسه لم يكن قادرا على الزواج بنفسه لذلك لجأ إلى وسيطة دبرت له زواجه.

ما قد يؤخذ على فاطمة المرنيسي:

تطرح المرنيسي مسألة أٌثيرت في مرحلة ثورة الخميني سنة 1979، وهي فرض الخميني الحجاب على النساء، وخاصة النساء الموظفات في القطاع العام والإقرار بإجباريته، سعيا لحل مشكلة عملية، وهي: كيف يجب أن يواجه الرجل المسلم العصري استقلالية زميلته في العمل؟ حيث اعتبر الخميني الحجاب آلية لإدارة المساواة بين الرجل والمرأة. وهنا تنوّه المرنيسي بهذا القرار وبنوع من التأييد الضمني على اعتبار أنّ كل مجتمع يتحدث عن هواجسه، ويُعبّر عن مشاكله ونزعاته بالمواد الثقافية المتوفرة لديه، والتي يُمثلها الحجاب في ثقافتنا، إذ تقول: "ولا يخلو قرار الرئيس الإيراني بفرض الحجاب من العبرة ليس لأنه يقدم الحل المناسب، بل لأنه يطرح السؤال الصحيح، وهذا السؤال هو كيف تدار المساواة بين الرجل والمرأة"[10]. لكن في رأيي، إن قرار إجبارية الحجاب لا يمكن أن يكون إنصافا للمرأة، بل هو إجراء قسري يمكن اعتباره ظلما عند البعض؛ لأنه غير مرتبط شرطا بالثقافة الإسلامية. والأكثر من ذلك لم يكن حلّا لضبط الرجل جنسيا، حيث برهنت الإحصائيات -اليوم- أن أعلى نسب التحرش والاغتصاب تقع في البلدان التي تكون الشريعة الإسلامية مرجعيتها وإجبارية الحجاب فيها كفرض أو عادة، وبالتالي فإن فرضه ليس حلا لمشكلة المسؤولية الجنسية للرجل الذي لم يكن جاهزا لرؤية امرأة بشعر مكشوف في تلك الفترة أو حتى اليوم. ولا يمكن الإقرار بأن الحجاب في تلك الفترة -واليوم- حلا لإقرار المُساواة بين المرأة والرجل؛ لأن المرأة ليست مُلزمة بلبس الحجاب حتى يَتَحكم الرجل في غرائزه، خاصة وأنّها في تلك الفترة كانت مُساوية له، بل مُتفوقة عليه وخرجت إلى العمل وتتقاضى راتبا وموازيا له اجتماعيا، وهو ما تقرّ به المرنيسي نفسها في بداية الكتاب بتقديم إحصائيات لنسب النساء المغربيات اللواتي خرجن للعمل واللواتي يدرُسن ويُمثلن قوة اقتصادية كبيرة في المغرب.

أيضا من بين نصائح المرنيسي للمرأة، كانت أن تَستثمر مُدخراتها في شراء الألوان وتَقديمها لأزواجهن ودعوتهن لرسمهن على شكل إماء وتعليق أزواجهن لصورتهن في الصالونات، ظنا منها أن ذلك يساعدهن على تقبلهن أندادا لهم، "أنصحكن إن كنتن تعشقن الرجل العربي مثلي أن تقدمن له ألوانا لتشجيعه على تلوين رغبته السلفية وبالتالي التخلص منها... لا طالما أن ذلك يساعد رجالنا على تقبلنا أندادا لهم، وتكفي زيادة كمية الألوان كلما تطرف الأزواج"[11]. هذه النصيحة بطريقة غير مباشرة فيها إعادة إنتاج لفكرة الحريم المرتبط بالمُتعة وتصوّر المرأة التي يَختزلها الرجل في جَسدها أو في عُلبة ألوان حتى يَقبلها ندا له.

وفي المُجمل، هذا النقد لا ينتقص من قيمة الكتاب ومن أهمية المسألة المطروحة وطرافة أسلوب المرنيسي في تناولها، والتي جمعت بين السوسيولوجيا والأدب والتاريخ وعلم النفس في الإجابة عن سؤال محوري: هل أنتم محصنون ضد الحريم؟، والذي يمكن تلخيص إجابته كالتالي: لا. فَكما أن العَرب يرحلون بذاكرتهم لماضيهم، حيث يَجدون ضَالتهم لدى حريم هارون الرشيد ومحمد الفاتح بَحثا عن امرأة خاضعة وسلبية. رجال أوروبا بِدورهم غير محصنين من هذا الفيروس، حيث يَرحلون بِخيالهم إلى الشرق بحثا عن امرأة خاضعة وسلبية أو في بُلدانهم عن طريق خلق نموذج جَمال؛ "المُتمثّل في عارضات الأزياء الراقيات؛ فهؤلاء العارضات لا يتجاوزن سن الثانية عشرة، وحتى لو كنّ في العشرين يَجب أن يُحافظن على هيئة الحيرة والهشاشة والقلق أمام سيدهنّ أي المُصور"[12].

 

بيبليوغرافية:

  • أبو حامد، الغزالي، إحياء علوم الدين، القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى، 2008
  • سعيد، إدوارد، الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق، ترجمة، محمد العناني، القاهرة، رؤية للنشر والتوزيع، 2008
  • عبد الهادي، التازي، التاريخ الديبلوماسي للمغرب، المغرب، مطبعة فضالة، 1986
  • فاطمة، المرنيسي، ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية، المغرب، المركز الثقافي العربي، ط. الرابعة 2005
  • Abdel Hadi Tazi, femmes célèbres dans l'occident musulman Algerie, Maroc, Mauritaine, Lybie et Andalousie. Casablanca, Edit le Femec.
  • Cherifa, Alaoui, le travail feminin, cas de la fonction publique au Maroc en 1980, Rbat, ecole nationale dadministration publique, 1981

 

 

                                                                                                               

[1] فاطمة المرنيسي، هل أنتم محصنون ضد الحريم: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2000، ص75

[2] فاطمة المرنيسي، هل أنتم محصنون ضد الحريم: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغربان لمركز الثقافي العربي، 2000، ص93

[3] فاطمة المرنيسي، هل أنتم محصنون ضد الحريم؟: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2000، ص101

[4] نفس المرجع السابق، ص44

[5] المرنيسي، فاطمة، ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية، المغرب، المركز الثقافي العربي، ط.الرابعة، 2005، ص139

[6] المرنيسي، فاطمة، هل أنتم محصنون ضد الحريم: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2000، ص 54

[7] المرنيسي، فاطمة، هل أنتم محصنون ضد الحريم: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2000، ص54

[8] نفس المرجع السابق، ص111

[9] المرنيسي، فاطمة، هل أنتم محصنون ضد الحريم: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2000، ص75

[10] المرنيسي، فاطمة، هل أنتم محصنون ضد الحريم: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2000، ص159

[11] المرنيسي، فاطمة، هل أنتم محصنون ضد الحريم: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2000، ص190

[12] المرنيسي، فاطمة، هل أنتم محصنون ضد الحريم: نص اختبار للرجال الذين يعشقون النساء، ترجمة نهلة بيضون، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2000، ص19