ومضات من تاريخ التعليم اليهودي بالمغرب


فئة :  مقالات

ومضات من تاريخ التعليم اليهودي بالمغرب

يعد اليهود أول مجموعة غير أمازيغية وفدت على المغرب[1]، وقد ظلوا يشكّلون دومًا جانبًا من الجوانب الهامة في المورفولوجيا الاجتماعية لساكنة البلاد، في هذه الدراسة، سنحاول التعرف على هذه الأقلية الدينية من خلال تعليمها.

كان اليهود في المغرب مقسّمين إلى مجموعتين المجموعة الأولى: هي التوشفيم أو اليهود البلديون، ارتبط أصلهم بمجيء الفينيقيين لبلاد المغرب، أما المجموعة الثانية فهي الميكورشيم، وتعني بالعبرية المطارد وهم يهود الأندلس، الذين وصلوا بلاد المغرب سنة 1492 بعد سقوط آخر إمارة إسلامية بالأندلس بسبب المضايقات والاستفزازات التي تعرّضوا لها من طرف العناصر الكاثوليكية المسيحية المتشددة.

واستوطن اليهود المغاربة المدن، حيث كانت لهم أحياء خاصّة بهم عرفت باسم الملاح، كما ظلت بعض المجموعات تعيش في مناطق جبلية أو صحراوية نائية، كيهود سوس ودرعة وتافيلالت والأطلس الشرقي، واستطاعوا العيش في تعايش وتساكن وتسامح مع المسلمين والمسيحيين مع بعض الحيطة والحذر، لتجنب مثل بعض الحوادث التي عرفها تاريخ المغرب بالنسبة إلى هذه الأقلية الدينية، كسماح المولى اليزيد (1790 ـ 1792) بنهب ملاح تطوان في إطار انتقامه من التجار، الذين استفادوا من سياسة أبيه[2]، وكذا نهب جيش الأوداية بفاس لملاح المدينة بعد هزيمة "زيان".[3]

إلا أنّ مثل هذه الأحداث، لا تنفي حالة التعايش والسلام التي تمتع بها اليهود بالمملكة الشريفة، في إطار وضعية أهل الذمة، بل استطاعوا تقلد مناصب رفيعة عبر تاريخ المغرب، وذلك بفضل خبرتهم في المسائل المالية والتجارية والاستشارية، وشهرتهم في مجموعة من الحرف والمهن كالصياغة والصيرفة، ما جعلهم محببين لدى ملوك المغرب.

أما أعدادهم، فقدّرت سنة 1806 بحوالي 100.000 نسمة[4]، ووصلت في المدن التي أصبحت بلديات حسب الإحصاء الرسمي لسنة1936 حوالي 118.734 نسمة.[5]

تعكس هذه الأرقام قيمة الأقلية اليهودية بالمغرب ما جعلها تكتسي أهمية عبر تاريخ البلاد، وتساهم في الحياة السياسية والاقتصادية، حيث كانت لها أحياؤها ونشاطاتها وثقافتها ومدارسها. فماهي مدارس التعليم اليهودي؟ وماهي العوامل التي ساهمت في تطوّره ونموّه؟

التعليم التقليدي اليهودي بالمغرب

كوّنت الطوائف اليهودية بالمغرب جالية مهمة، لها تعليم خاص بها، عبارة عن مؤسسات التعليم الديني والمعروفة بالمدارس التلمودية، وهي مقسّمة إلى قسمين: تعليم خاص بالصغار، وتعليم خاص بالكبار.

أما التعليم الخاصّ بالصغار، فتقدّمه كلّ من "اُصْلاً" أو "الحِدِر"، "تَلْمُود تُورَه" أو "المدراشيم". بالنسبة إلى الحدر، فيشبه الكُتّاب القرآني عندنا، وهو كلمة عبرية تعني الحجرة، وهي مؤسسة لتعليم الأطفال اليهود أسسَ الديانة اليهودية وتعاليمها، وكانت تُعدّ أهم معالم التعليم اليهودي.[6] وكانت توجد بكل معبد أو كنيسة، أما الأماكن التي تخلو منها، فكانت تلحق المدرسة بأحد المنازل اليهودية.[7] وليست مهمّته إعداد الصغار للحياة، وإنّما يقوم بتعليمهم كيفيّة القيام بالعبادة على أحسن وجه، والتقيد بما تفرضه الأوامر والنواهي.[8] إلا أنّ هذا النوع، يعاني من العديد من المشاكل كالفوضى والاكتظاظ اللذين كانا صفتين متلازمتين للحدر، مما يربك سير الدراسة فيه، إضافة إلى غياب سياسة تعليمية واضحة، تحدد أعمار الملتحقين به والذين تتراوح أعمارهم ما بين ثلاثة وثلاثة عشر سنة، وغالبيتهم من الذكور، كما لا تتوفر فيه الشروط الأساسية لنجاح التعلم، حيث يجلس الأطفال على الحصير، وتتم الدراسة دون انقطاع، فضلاً عن غياب فترات الاستراحة، وغالبية هذا التعليم شفوي[9]، يركّز على الترديد والذاكرة. وكان الحدر يشهد إقبالاً منقطع النظير، نظرًا لرغبة اليهود في تعليم أبنائهم وتعميق الثقافة الدينية لديهم. وساهم في ديمومة هذا النوع التعليمي، ما كان يتلقاه من تبرّعات مالية من طرف أغنياء الطائفة اليهودية.

"المدرشيم"، وهو من الكلمة العبرية "درش"، أي فحص، والكلمة تستخدم للإشارة إلى منهج تفسير العهد القديم، والتعمق فيه للوصول إلى معانيه الخفية.[10] وتسمى كذلك "تَلْمُود تُورَه" فهي مدارس تقليدية، تمثل أنموذجًا مرتبًا وموسّعًا بشكل أفضل من الحدر، تقام دائمًا إلى جوار المعابد اليهودية، [11]تمولها الجماعة، هدفها تطوير التعليم الديني، حيث يتم تصنيف الأطفال حسب أعمارهم وقدراتهم العقلية مع تخصيص معلّم لكل صف دراسي. ويشترك "الحدر" مع "مدارس تلمود توره"، في مهمّتهما المتمثلة في تعليم الطفل الحروف كتابةً وقراءةً، والحركات، ثم نصوصًا من التوراة والصلوات المتعددة، فقراءة التوراة فهمًا وشرحًا وترجمته (من العبرية إلى الدارجة)، وقراءة التفاسير خصوصًا تفسير "راشي" و"التلمود".

وتختلف مدارس "التلمود توره" عن "الحدر"، في كونها ليست ملكًا شخصيًّا لأحد، وخضوعها لإدارة القائمين بالتعليم فيه، ومجانية التعليم، والانضباط للمناهج التعليمية عبر إدارة مركزية، وتمويلها يتمّ عن طريق التبرعات والأوقاف من قبل الطائفة اليهودية، وقبول الأطفال وفق معايير عمرية وذهنية وعقلية، وليست بصورة عشوائية كحال "الحدر".

على الرغم من كون إحداث مدارس التلمود توره، شكّل منعطفًا مهمًّا في تاريخ التعليم الديني اليهودي، لاختلاف أسلوبها وأهدافها عما كان معمولاً به في "الحدر"، إلا أنّه لا يعني تحقيقها لثورة نوعية في تغيير البنية الثقافية والفكرية لليهود المغاربة، لكونها بقيت منحصرة في إطار التعليم الديني.

وفي المرحلة العليا، على الراغبين في تلقي تعليم أعلى من "الحدر" أن يكرّسوا سنوات طويلة بل حتّى حياتهم لاكتساب المعارف اللازمة لممارسة مهامّهم الدينية وتطوير معارفهم، فيلتحقون بما يصطلح عليه "اليشفا"، وهي كلمة عبرية تعني المدرسة التلمودية، تُعمّق فيها دراسة التلمود والتوراة، وتقرأ الكتابات الأخرى، مثل المدرشيم والزهر والتفاسير المتعددة، مع التركيز على تعويد الطالب القدرة على ممارسة الجدل، وإظهار القدرة على التأويل وتقديم الجديد[12]. ومهمة "اليشفا"، تتجلى في إعداد حاخامات وأحبار مؤهّلين للقيام بمهامّهم.

إلاّ أنّه لم يكن بمقدور "اليشفا"، الارتقاء بمستوى التعليم اليهودي والمستوى الثقافي والفكري لأبناء اليهود، لأنّها كانت ذات مستوى محدود ويعتمد تعليمها على العلوم الدينية، وعلى مفاهيم تربوية تخص "مدرسة التلقين"، حيث المبالغة في الاعتماد على الذاكرة من خلال التركيز على التعليم الشفوي، وحيث من النادر أن تجد سبورة، لغرض توضيح الدروس عليها، وفي بعض الأحيان يقوم المعلم بكتابة حروف أو كلمات أو جمل قصيرة في اللوح الذي يحمله الأطفال، ويطلب منهم إعادة كتابته عدة مرات، ليقوم بتدقيقها مع اعتماد الإكراه والعقاب البدني، كما كان يتم تقديم الحفظ على غيره، ويعتمد التعليم على النقول[13] في غياب استعمال المنهج العقلي، ويشترك التعليم التقليدي اليهودي في هذه الخصائص مع نظيره الإسلامي.

إلاّ أن تعليم اليهود بالمغرب، شهد حركة إصلاحية خلال منتصف القرن التاسع عشر، تمثلت في تأسيس الرابطة الإسرائيلية العالمية، التي جعلت من التعليم واحدًا من أهم ركائزها. فكيف تمّ ذلك؟

مدارس الرابطة الإسرائيلية العالمية

الرابطة الإسرائيلية العالمية، هي منظمة يهودية فرنسية، تأسَّست في سنة 1860 من طرف مجموعة من يهود فرنسا، منهم أحبار وأساتذة ومحامون وتجار وأطباء..، اختاروا العاصمة باريس مقرًّا لجمعيتهم، بهدف الدفاع عن الحريات المدنية والدينية للجماعات اليهودية، وسعوا إلى تنمية مجتمعاتهم المختلفة عن طريق التعليم والتدريب المهني وإغاثتهم في الأزمات. وقد اهتموا بأوضاع يهود المغرب، وتحسينها. وساعد على ظهور مدارس الرابطة الإسرائيلية بالمغرب ما يتمتع به اليهود من امتيازات، بفضل ظهير 5 فبراير 1864/1280هـ، في عهد السلطان محمد بن عبد الرحمان (1859- 1873)، الخاص بالحرية لليهود، ونص الظهير المذكور بالطابع الكبير: "بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، نأمر من يَقِفُ على كتابنا هذا أسماه الله وأَعَزَّ أمرَه، وأَطْلَعَ في سماء المعالي شمسَه المنيرةَ وبدرَه، من سائر خُدَّامِنَا وعُمَّالِنَا والقائمين بوظائف أعمالِنا، أن يعاملوا اليهود الذين بسائر إيالتنا بما أوجبه الله تعالى من نَصْبِ ميزان الحق والتسوية بينهم وبين غيرهم في الأحكام، حتى لا يَلْحَقَ أحدا منهم مثقالُ ذرة من الظلم ولا يُضَام، ولا ينالَهم مكروه ولا اهتضام، وأن لا يَتَعَدَّوْهُمْ ولا غَيْرَهُمْ على أحد منهم لا في أنفسهم ولا في أموالهم، وأن لا يستعملوا أهلَ الحر منهم إلا عن طيب أنفسِهم وعلى شرط تَوْفِيَتِهِمْ بما يَسْتَحِقُّونَهُ على عملهم، لأنّ الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، ونحن لا نوافق عليه لا في حقهم ولا في حق غيرهم، ولا نرضاه، لأنّ الناس كلَّهُمْ عندنا في الحق سواء، ومن ظَلَمَ أحدًا منهم أو تَعَدَّى عليه فإنّا نعاقبُه بحول الله، وهذا الأمر الذي قررناه وأوضحناه وبَيَّنَّاهُ كان مقررًا ومعروفًا مُحَرَّرًا، لكنْ زِدْنَا هذا المسطورَ تقريرًا وتأكيدًا ووَعِيدًا في حق من يريد ظلمَهم، وتشديدًا ليَزِيدَ اليهودُ أَمْنًا إلى أمنِهم، ومن يريد التَّعَدِّيَ عليهم خوفًا إلى خوفِهم، صَدَرَ به أمرنا المعتز بالله في السادس والعشرين من شعبان المبارك عام ثمانين ومائتين وألف"[14].

بعد "ظهير الحرّية لليهود"، أصبح في إمكان اليهود المغاربة أن يمارسوا أنواعًا من الأنشطة داخل البلاد بشكل رسمي، ممّا سمح لهم بإحداث مجموعة من المدارس العصرية الحديثة، تلقّن تعليمًا عصريًّا باللغة الفرنسية وتعليم العبرية، فقامت الرابطة الإسرائيلية العالمية بإحداث مجموعة من المدارس، وأهمها يوضّحها الجدول التالي:

أهم المدارس التي أحدثها الاتحاد الإسرائيلي العالمي بالمغرب

مقر المدرسة سنة الإحداث ملاحظات
تطوان

1862

1868

1874

1892

مدرسة خاصة بالذكور

مدرسة خاصة بالبنات

تكوين مهني خاص بالفقراء الذكور

تكوين مهني خاص بالبنات الفقيرات
طنجة

1865

1873

1874

مدرسة خاصة بالذكور

تكوين مهني خاص بالفقراء الذكور

مدرسة خاصة بالبنات
الصويرة

1868

1901

خاصة بالذكور أغلقت وأعيد افتتاحها سنة1888

مدرسة خاصة بالبنات
فاس

1881

1899

مدرسة خاصة بالذكور

مدرسة خاصة بالبنات
العرائش 1901 مدرسة خاصة بالذكور والبنات
مراكش 1901 مدرسة خاصة بالذكور والبنات
الرباط 1903 مدرسة خاصة بالذكور
الجديدة 1906 مدرسة خاصة بالذكور والبنات
آسفي 1907 مدرسة خاصة بالذكور والبنات
الدار البيضاء 1909 تكوين مهني خاص بالذكور والبنات

مكناس

سطات
1910

مدرسة خاصة بالذكور والبنات

مدرسة خاصة بالذكور
الرباط 1911 مدرسة خاصة بالبنات
صفرو وأزمور 1911 مدرسة خاصة بالذكور

وكانت هذه المدارس، مموّلة من طرف الرابطة الإسرائيلية العالمية، والصندوق المحلي للجالية ومؤسسات أجنبية، مثل الهيئة المركزية ليهود فرنسا، والمؤسسة الإنجليزية اليهودية بإنجلترا، وكان برنامجها في البداية محليًّا. إلا أنّه في سنة 1882، فرضت اللجنة المركزية للرابطة الإسرائيلية العالمية مقرّرًا عامًا في كل مدارسها، يعتمدعلى تعلّم اللغات الأجنبية والتحدّث بها بطلاقة، واعتماد اللغة الفرنسية، لغة تعليم، مع اعتماد اللغات الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والحساب والموادّ التالية: الهندسة والفيزياء والكيمياء، بالإضافة إلى العبرية والتاريخ اليهودي والتاريخ العام والجغرافية. أما اللغة العربية، التي يدّعي اليهود أنّهم ينتمون إلى بلدانها، وأنّها لغتهم الأصلية، فَظلّت غائبةً باستثناء حصص قليلة، وكانت على هامش تفكيرهم. وكانت المدارس الإسرائيلية، تقدم من جهة أخرى تعليمًا متقدمًا وعصريًّا بمساعدة الرابطة الإسرائيلية العالمية، التي كانت تهدف من خلال بندها الأول في الفقرتين الأولى والثانية إلى:

- العمل في كل مكان على التحرّر المعنوي لليهود.

- تقديم سند فعّال إلى الذين لا يعانون مما يعانون إلاّ لأنّهم يهود.[15]

وكانت هذه المؤسسات التعليمية مرتبطة بالمقرّ المركزي للرابطة بباريس، وخاضعة لقراراته وتعليماته، وتُطلِعُه على أنشطتها عبر تقارير سنوية وفصلية وأحيانًا شهرية، كما يتمّ تعيين مديري المؤسسات التعليمية وهيئاتها من قِبَله.

إذا كانت أهداف الرابطة الإسرائيلية العالمية حسب قوانينها، هي تقديم الدعم المعنوي لليهود وتحسين أوضاعهم، فإنّ لها أيضًا أهدافًا خفيّةً، ويتضح ذلك من خريطة انتشار مدارسها بالتراب المغربي، حيث شملت المناطق الساحلية التي تعتبر بوابات للبلاد على الخارج، وقد حرصت على تلقين اللغات الأجنبية، خصوصا اللغة الفرنسية مع إقصاء اللغة العربية وهو ما ينفي عن هذه المدارس رغبتها في إدماج العنصر اليهودي في المجتمع المغربي، بل كان الهدف منها نشر الثقافة واللغة الفرنسيتيْن، تمهيداً للاستعمار حيث تحول اليهود فيها إلى جماعات وظيفية منفصلة ثقافياً ووجدانياً عن محيطها العربي، تعمل لخدمة مصالح الاستعمار الفرنسي في المنطقة، فضلاً عن رعاية الطائفة اليهودية والدفاع عن حقوقها، تمهيداً لإقامة وطن قومي لهم، زيادة على أنّها سعت إلى سيطرة اليهود على التجارة مع الأوربيين.

وقد سُخّرت هذه المدارس، لمدّ اللجنة المركزية للاتحاد الإسرائيلي العالمي بتقارير مفصّلة عن الحالة العامة التي تعيشها البلاد، حيث كانت تقاريرها تتعدى التعريف بأحوال اليهود المزرية، والتي هي حالة عامة عانى منها كل المغاربة من انتشار المجاعات والأوبئة والأمراض، مثلما كانت تتجاهل الامتيازات التي كانت تتمتع بها هذه الفئة خصوصًا المعروفة بتجّار السلطان، وتركّز على وصف الأوضاع السيئة بكثير من المغالطة والتزييف.

وكان عدد هذه المدارس سنة 1908، عشرين مدرسة تضم 4000 طفل منهم 2500 من الذكور و1500 من الإناث[16]، وقد وصل عدد المدارس إلى نحو 46 مدرسة عام 1939 تضمّ 15761 طالب، ارتفع عددهم إلى 28 ألفاً عام 1952.

ومع استقلال المغرب وهجرة اليهود المغاربة نحو فلسطين، بدأت أعداد التلاميذ في الانخفاض بمدارس الرابطة الإسرائيلية العالمية من 30123 عام 1959 إلى 13527 عام 1963الى 8054 عام 1968، كذلك قامت الحكومة المغربية، بدمج هذه المدارس في نظامها التعليمي الحكومي.

نخلص ممّا تقدّم إلى أنّ التعليم الإسرائيلي بالمغرب، كان رهين وجود الجالية اليهودية، وساهمت في تطوّره ونموه الرابطة الإسرائيلية العالمية. وكانت مدارسه متفوقةً إلى حد بعيد على التعليم التقليديِّ المغربيِّ السائد، وكان اليهود يتلقون على عهد الاحتلال الفرنسي تعليمًا فائق الاهتمام باللغة العبرية والثقافة الدينية اليهودية، الأمر الذي لم يَنْعَمْ به المغاربةُ المسلمون بالنسبة إلى لغتهم وثقافتهم، وكان مسايرًا لبرامج التعليم في فرنسا، ومعتمدًا في تدريسه على اللغتيْن الفرنسية والعبرية باعتبارهما لغتيْ علمٍ وثقافةٍ، ما جعله يحَظى بتشجيع المحتلّ الفرنسي، فأَمَدَّهُ بكل ما يحتاج إليه من مساعدة، وأولاه كاملَ الرعاية والعناية، حيث تم عقد اتفاق سنة 1928، وُضعت من خلاله مدارس الرابطة تحت إشراف إدارة التعليم العمومي وضمان الدعم لها، مما أَهَّلَهُا لتخريج كفاءاتٍ عالية في الميادين الإدارية والاقتصادية والتجارية، وشكّل بذلك التعليم الإسرائيلي النواة الأولى للتعليم الأوروبي، الذي نما بفضل وجود جاليات أوروبية تولّت مهمّات سياسية أو اقتصادية، وبفعل التنافس الاستعماري على احتلال المغرب، والذي شكل التعليم أحد حلقاته. 

المراجع

- أحمد شحلان، محاولة إصلاح التعليم اليهودي في المغرب في القرن 19 ودور مدارس الاتحاد الإسرائيلي في أوضاع ما قبيل الحماية، ضمن أعمال ندوة: الإصلاح والمجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، أكتوبر 1986، ص ص 227-206

- حاييم الزعفراني، ألف سنة من حياة اليهود، ترجمة أحمد شحلان وعبد الغني أبو العزم، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1987

- حاييم الزعفراني، يهود الأندلس والمغرب، ترجمة أحمد شحلان، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، 2006، الدار البيضاء.

- أبو العباس أحمد الناصري، الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، الجزء التاسع، دار الكتاب، الدارالبيضاء، 1956

- عبد الوهاب المسيري وسوسن حسين، موسوعة المصطلحات والمفاهيم الصهيونية (رؤية نقدية)، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، 1975

- عطا علي محمد شحاته ريه، اليهود في بلاد المغرب الأقصى في عهد المرينيين والوطاسين، دار الكلمة ودار الشفيق للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1999

- محمد كنبيب، يهود المغرب 1948-1912، ترجمة إدريس بنسعيد، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1998

- Baina. A, le système de l’enseignement au Maroc, les éditions Maghrébines, Casablanca, 1981, Tome I.


[1] حاييم الزعفراني، يهود الأندلس والمغرب، ترجمة أحمد شحلان، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2006، ص 25

[2] محمد المنصور، المغرب قبل الاستعمار، ترجمة محمد حبيدة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2006، ص 43

[3] محمد المنصور، مرجع سابق، ص 46

[4] محمد المنصور، مرجع سابق، ص 42

[5] محمد كنبيب، يهود المغرب 1948-1912، ترجمة إدريس بنسعيد، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1998، ص 169

[6] عبد الوهاب المسيري وسوسن حسين، موسوعة المصطلحات والمفاهيم الصهيونية (رؤية نقدية)، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، 1975، ص 171

[7] حاييم الزعفراني، ألف سنة من حياة اليهود، ترجمة أحمد شحلان وعبد الغني أبو العزم، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1987، ص61

[8] حاييم الزعفراني، يهود الأندلس والمغرب، مرجع سابق، ص 434

[9] حاييم الزعفراني، ألف سنة من حياة اليهود، مرجع سابق، ص 66

[10] عبد الوهاب المسيري وسوسن حسين، مرجع سابق عبد الوهاب المسيري وسوسن حسين، ص 162

[11] عطا علي محمد شحاته ريه، اليهود في بلاد المغرب الأقصى في عهد المرينيين والوطاسين، دار الكلمة ودار الشفيق للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1999، ص 190

[12] عطا علي محمد شحاته ريه، مرجع سابق، ص 191

[13] نقصد بالمعرفة النقلية العلوم التي يرجع الأصل فيها إلى التوراة والتلمود والعلوم اللازمة لتوضيحها وتفسيرها وفهمها والاستفادة منها كعلم التفسير وعلم التصوف.

 [14]أبو العباس أحمد الناصري، الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، الجزء التاسع، دار الكتاب، الدارالبيضاء، 1956، ص ص 113-114

[15] أحمد شحلان، محاولة إصلاح التعليم اليهودي في المغرب في القرن 19 ودور مدارس الاتحاد الإسرائيلي في أوضاع ما قبيل الحماية، ضمن أعمال ندوة: الإصلاح والمجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، أكتوبر 1986، ص213

[16] Baina. A, le système de l’enseignement au Maroc, les éditions Maghrébines, Casablanca, 1981, Tome I, P. 110.