محاضرة: "الفلسفة و قيمة الاختلاف" للدكتور حسان الباهي

فئة: أنشطة سابقة

محاضرة: "الفلسفة و قيمة الاختلاف" للدكتور حسان الباهي

استضاف صالون جدل بالرباط التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود الكاتب والباحث المغربي الدكتور حسان الباهي، وهو مختص في المنطق والفلسفة وأستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مدينة القنيطرة في  محاضرة علمية حول موضوع:" الفلسفة وقيمة الاختلاف" يوم السبت 14 يناير 2017.

 وأهم ما ورد في نص المحاضرة بكوننا نواجه في مختلف مناحي الحياة مواقف تتطلب التمرس على سبل الإقناع والاقتناع الكفيلة بتدبير النزاعات. ومادام التعايش في فضاء مشترك يفرض علينا التعاون مع غيرنا لتدبير الاختلاف. ومادام الغرض من عملية الإقناع والاقتناع هو رفع الخلاف أو الاختلاف القائم بين الفاعلين، فلابد من ضبط وسائل التدافع وتحديد الآليات التي يمكن أن تشكل معالم طريقة كفيلة بتدبير مختلف أنواع النزاعات التي تقع بين الأفراد والجماعات. كما أن الوضع يتطلب اعتماد سبل التعاون لضبط المتفق عليه والمختلف فيه بين الأطراف المتنازعة؛ فعبره يسعى كل منا إلى إقناع غيره برأيه ليوصله إلى اقتناع منبعث من إرادته، وليس محمولا عليه بإرادة غيره. فالاختلاف لا يندفع بالحسم والإقماع، لأن الإقماع لا يسمح بتحصيل الإذعان الضروري للخروج من حالة الاختلاف، بل يشكل دافعا للفتنة والفرقة. وعليه، لا يمكن الإقرار بالتعددية والاختلاف إلا بالحوار القائم على التعاون وتدبر المطلوب بطرائق معقولة نسدد من خلالها أقوالنا ونحَكِّم أعمالنا.

وبموجب هذا، ركزت بعض الدراسات على التفاعل والتواصل كمحددين أساسيين لصنع القرار. ليبقى السؤال متوقفا على تحديد الضوابط التي يتبعها المقرر، وهو يقرر، وحين يتصرف. فنحن نبني نماذجنا الذهنية من خلال ظواهر مركبة، تشتمل على تلك التي نتعامل معها في العالم المادي والعالم الاجتماعي. هذا التفاعل بين هذه العوالم هو الذي يجعلنا نغير أحيانا طريقة تمثلنا للشيء، ليتبين أن تصوراتنا تتبدل بتبدل المعطيات، وتتغير تجاربنا مع العالم ومع الأغيار بتبدل تمثلنا لها.

نخلص من هذا إلى أن الفاعل هو في ذات الوقت فرداني واجتماعي. فهو فرد، لكنه ملزم بمراعاة الضوابط الاجتماعية والتكيف مع محيطه. فالذات تتفاعل مع ذوات أخرى عبر تبادل المعلومات، ليصبح التواصل بهذا المعنى بمثابة نشاط جماعي تقوم فيه الأطراف المتحاورة بتنظيم أقوالهم وأفعالهم ضمن قواعد تخص المدعي والمعترض. إلا أن نجاح هذه العملية يتوقف على مدى تفعيل مبدإ التعاون الذي من شأنه مساعدة المتحاورين على تحديد درجة فهمهم للخطاب، وقدرتهم على إعادة إنتاجه وفق تأويلات متبادلة وقيم مشتركة.

ذلك أن كل عملية حجية مبنية على جدلية الادعاء والاعتراض تركز على قاعدة وجوب التدافع الإيجابي بين الأطراف المتحاجة قصد تسهيل عملية التحاجج والإكثار من حظوظ نجاحه ضمن ما نسميه بالتفكير النقدي