ندوة: التنوّع الثقافي وأزمة البدائل

فئة: أنشطة سابقة

ندوة: التنوّع الثقافي وأزمة البدائل

انتظمت بكليّة الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، على مدى يومي الجمعة والسبت 21 و22 أبريل الجاري، الندوة الدولية "التنوّع الثقافي وأزمة البدائل" التي شاركت في تنظيمها مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث وجمعية الدراسات الفكرية والاجتماعية، إلى جانب مخبر مقاربات الخطاب، ووحدة البحث في المتخيل، والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بصفاقس، ومنتدى الفارابي للدراسات والبدائل، ومنتدى صفاقس للفنون والثقافات.

استهلّت أشغال الندوة العلمية بكلمات ترحيبية قدّمها المنظّمون، والمشرفون، تمت فيها الإشارة إلى أهمية موضوع التنوع الثقافي وراهنيته، وهو ما تسعى أشغال النّدوة إلى العمل على بيانه وتأكيده بالنظر إلى ما تطرحه الجلسات العلمية المبرمجة من محاور تطال المسألة من جوانب عديدة، وتفيد من حجم التنوع والاختلاف الذي يمكن أن يساهم في إثراء الأبحاث التي ستقدّم وتعميقها.

وانطلقت الجلسة العلمية الأولى برئاسة د. رياض الميلادي (جامعة صفاقس)، وقد اهتمّت بمحور ''الثقافة حاضنة أساسية للتغيير''، واستهلت بمداخلة د. حمادي ذويب (جامعة صفاقس)، بعنوان: ''القيم الكونية بديلا في الفكر الإسلامي الحديث'' عرض فيها منظومة القيم الكونية المبنية على الحقوق والحريات العامة والمشتركة بين الإنسانية، بناء على طابعها اللامحدود، والذي يمكنها من التعبير عن إنسانية الإنسان بغض النظر عن انتماءاته العقدية والإيمانية المختلفة والمتنوعة، وقام من ثم بتنزيلها في إطار ما يعرضه الفكر الإسلامي الحديث، وما يتصوّره في ارتباطه بمرتكزات قيمية وثوابت أخلاقية ودينية لا تنحو بالضرورة منحى مخالفا أو متناقضا مع ما يطرحه الفكر العالمي، رغم إشكاليات التوافق والمواءمة. وقدمت من ثم دة. فوزية ضيف الله (جامعة المنار – تونس) مداخلة بعنوان ''كيف تكون ثقافة المواطنة حاضنة للتنوع الثقافي'' بحثت فيها في ضرورة ترسيخ مفهوم أصلي لثقافة المواطنة، لتكون أرضية قابلة ومنفتحة على التنوع الثقافي، تراهن على بلورة مفهومية لمفهوم ثقافة المواطنة لجعلها فكرة إنسانية وكونية تتجاوز الهويّة الشخصية، لتصير أفقا لاستشراف ما افتتحه كانط، عندما تحدث عن فكرة المواطنة الكونية وما قام به ريكور، عندما تحدث عن الذات عينها كآخر. وأشارت إلى أن ذلك ما كرسته المواثيق العالمية الصادرة حول التنوع الثقافي، وكذلك الدليل العربي للتربية على المواطنة الحاضنة للتنوع الثقافي. وقدّم بعد ذلك د. سهيل الحبيب (جامعة القيروان) مداخلة بعنوان ''المذهبية الدولتيّة والتعددية الثقافية: ملاحظات أوليّة من وحي التجربة التونسية بعد الثورة''، اهتم فيها بمسألة التعدد الثقافي رهانا من رهانات البناء السياسي الحديث، وأشار إلى البعد السياسي المتضمّن في التنوّع وكيف يفضي من داخله إلى تأكيد آليات التوافق والتعايش، رغم ما يبدو من تنافر وصراع المرجعيات الثقافية والرهانات الضيقة للفئات السياسية، وبيّن انطلاقا من عرض بعض ملامح التجربة السياسية التونسية في السنوات الأخيرة، كيف أن المجتمع من شأنه أن يصهر الاختلاف والتنوّع في سياق البناء السياسي، وفق أهداف مشتركة.

أمّا الجلسة العلمية الثانية، فقد اهتمت بمحور "تركيب المجتمعات بين الانغلاق والانفتاح"، والتأمت برئاسة د. علي سالم عبد السلام البكوش (جامعة الزاوية – ليبيا)، واستهلّت بمداخلة د. محمد شقشوق (جامعة صفاقس) بعنوان "الجامعات ورهان التنوع الثقافي"، اهتم فيها بالتعددية والاختلاف والتنوع الثقافي والديني والقومي والاجتماعي، باعتبار كل ذلك يمثل الأساس الضروري في كل المجتمعات، واعتبر أن صيانته والمحافظة عليه تبقيان رهينتي قدرة الأفراد والمجموعات على ترويجه، كما أكّد على أن التنوع الثقافي هو المحرك الرئيس للتنمية المستدامة، وقال إن رسم خطة فعالة للتنمية والتعليم من أجل التنمية المستدامة يتطلب تناول جوانب التنوع الثقافي في العالم الآن وفي المستقبل واحترامه وإدامته، معتبرا أن العلاقة بين الثقافات وإدارة الاختلاف بينها يمثل تخصّصا علميا متعدد المجالات مصمما لتدريب الطلاب على تعلم كيفية رؤية الذات والعالم من خلال أعين الآخرين وإعدادهم للتفاعل مع الثقافات المماثلة لثقافتهم أو المختلفة كثيرا عنها، لأن القبول بالتنوع الثقافي والإقرار به عبر الاستعمال الإبداعي للإعلام يساهم في خلق الحوار بين الحضارات والثقافات، وهو الشرط المسبق لتحقيق التماسك الاجتماعي والمصالحة بين الشعوب والسلام بين الأمم. ثم قدّم د. شافع الحمروني (جامعة قابس) مداخلة بعنوان (L'intelligence artificielle, les réseaux de neurones et ses applications dans les technologies des ITS dans le cadre du développement des moyens de communication et leurs mauvaises utilisations). اهتم فيها بالذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية وتطبيقاتها في مجال التكنولوجيا الرقمية الحديثة ودورها في تطوير وسائل الإعلام من جهة، وسوء استخدامها لدى العديد من الجهات والأفراد من جهة أخرى، واعتبر أن التواصل العالمي الحديث بناء على تطور الوسائل التكنولوجية أصبح يؤثر بشكل ملاحظ ومهم على مفاهيم التنوّع والاختلاف، وقال إن التكنولوجيا اليوم من شأنها صهر التنوّع، واعتبر أن ذلك يمكن أن يكون عاملا خطيرا يجب أن يواجه بمحاولة فرض جانب من الخصوصية الثقافية على المدّ التكنولوجي العالمي، حتى يتمثّل الإنسان ذاته باختلافه وتنوّعه في هذا العالم، ويستطيع انطلاقا من ذلك أن يتقبّل الآخر المختلف عنه ويتفاعل معه. وقدّم بعد ذلك د. كميت حمادي (جامعة تونس) مداخلة بعنوان (Tolérance et droit à la différence) انطلق فيها من القولة الشهيرة لجون بول سارتر "الجحيم هو الآخر"، واعتبر أن الوضع الطبيعي لتمثّل الآخر يستبطن في المقام الأول نظرة خاصة للذات، ومن ثم فالعداء للآخر يكون ناتجا عن تصوّر محدود للذات لا يطال مختلف أبعادها وتمثّلاتها وحاجاتها، وحلل أبعاد التسامح الذي يمكن أن يؤسس العلاقة بين الأنا والآخر مع ضمان الحق في الاختلاف والتوّع، قائلا إن الإنسانية واحدة، ولكنها متعددة، واعتبر أن مظاهر الاختلاف إثراء ولا يمكن أن تكون عائقا نحو التواصل والتفاعل والتكامل الإنساني، وقال إن اختلاف الأديان والمعتقدات يشكل ثروة للبشرية.

واهتمت الجلسة العلمية الثالثة بمحور '' التكامل الثقافي وموقع الدين في بناء المجتمعات ''، وقد ترأسها د. فيصل سعد (جامعة صفاقس)، واستهلت بقراءة قدّمتها الأستاذة ابتسام المرزوقي لورقة دة. ساجدة طه محمود (جامعة بغداد) التي تغيّبت، والمداخلة بعنوان ''التعايش الثقافي في التاريخ الإسلامي''، وجاء فيها أن الاختلاف والتعددية بين أفراد المجتمع الواحد أمر واقع لا يمكن نكرانه وتجاهله، وبحثت الورقة في أثر ذلك في القرآن والسنة النبوية، وانتهت إلى بيان تفوق الإسلام وسموه على المذاهب الإنسانية، والأديان الوضعية في كافة شؤون الحياة، وإظهار قدرته على تحقيق السعادة الإنسانية في مقابل إخفاق تلك المذاهب والأديان، وإعطاء صورة وافية عما صنعته رسالة الإسلام العامة الشاملة في الحياة الإنسانية، وهدفها ضرورة التعايش مع الآخر وذلك لتجنيب البشرية النزاعات والخلافات والتصفيات العرقية والدينية، واعتبرت أنه يجب على المسلمين أن يُعرّفوا بدينهم وما فيه من رحمة، وكيف يعامل مخالفيه في حال السلم والحرب... وقدّم إثر ذلك د. عارف عليمي (جامعة صفاقس) مداخلة بعنوان ''التقريب بين المذاهب وإدارة الاختلاف الفقهي المعاصر''، اعتبر فيها أن الاختلاف المذهبي مكين في الحضارة العربية الإسلامية. وأنه وإن كان يشكل مظهرا من مظاهر التنوع التشريعي والديني، إلّا أن تحوّله إلى صراع عنيف وانقسام بين المسلمين منذ واقعة السقيفة وصفين أصبح يمثل عبئا على هذه الحضارة نحو التقدم والنماء والمساهمة في تطوير الحضارة الكونية. وأشار إلى أن عددا من الفقهاء المعاصرين طرح مسألة التقريب بين المذاهب بديلا عن القطيعة والصراع وسبيلا لتوسيع دائرة الاتفاق في المسائل الاجتهادية، واعتبر أن هذا المسلك محلّ إجماع بين مختلف المذاهب سنية كانت أو شيعية أو إباضية، ويتجلى من خلال مدونات عديد الفقهاء المعاصرين وفتاواهم. وأبرز دور التقريب في دعم ثقافة التنوع والاختلاف وتيسير التعايش السلمي بين مختلف الطوائف والفرق الإسلامية لدعم الوحدة الوطنية ونشر قيم التسامح والتواصل الديني السلمي داخل الدين الواحد بما يضمن تطوير المنحى المقاصدي والبعد الاجتهادي للتشريع. وختم بالإشارة إلى دور التقريب في توحيد جهود الفقهاء للتفكير في المشاغل الحقيقية للمسلمين، وتيسير سبل التقدم والانخراط في الثقافة الكونية والقيم العالمية. وختمت الجلسة بمداخلة قدّمها الأستاذ عبد الرزاق الدغري (جامعة القيروان) حملت عنوان ''التنوع والاختلاق في الفكر الشيعي الحديث''، واهتم فيها بالحديث عن نظرية العقلانية والمعنوية التي أرساها المفكر الإيراني مصطفى ملكيان، وقد تبيّن من خلالها أنّ التدين المعنوي أو الروحاني تأسس على تجديد قراءة الموروث الديني وفهم الدين في سياقه التاريخي والثقافي، وتركيز مبادئ الانفتاح والتعدد والاختلاف، من خلال نبذ العنف وتحقيق الحرية الدينية وبناء أفق للحوار وعبر تركيز مجموعة من القيم الأخلاقية ومنها المحبة والعدالة والعطف على الآخرين والإيمان بتعدد الحقائق الدينية، وإمكان تحقيق النجاة لكل الناس، وتغيير نظرة المؤمن للمختلف، فينبني إيمانه على احترام الآخر وتكريم الإنسان، ومراجعة الذات، والإقرار بشرعية التعدد والاختلاف، وبناء علاقات إنسانية ملؤها الرحمة والمحبة، انطلاقا مما يحتويه النص القرآني من معان سامية ودعوات إلى التسامح والمغفرة وبالاستفادة ممّا جاء في الموروث الديني من أخبار وقصص تدل على نبذ العنف والكراهية والأنانية.

أمّا الجلسة العلمية الرابعة، فقد اندرجت ضمن محور ''مأزق البديل الحضاري''، والتأمت برئاسة د. حافظ قويعة (جامعة صفاقس). واستهلّت بمداخلة قدّمتها دة. فاطمة العموص (جامعة صفاقس) بعنوان "التّثاقف ودوره في تأمين التآلف الحضاري"؛ وقد أكّدت فيها على أنّ الإيمان بالانفتاح الثقافي والعمل على تحقيق مبدأ التثاقف أمر لا يمكن تجاوزه، حتى النجاح في تكوين أطر التفاعل الإيجابي مع الآخر. واعتبرت أن التواصل المثمر بين الحضارات لا يمكن أن يحقق غاياته الرامية إلى الانفتاح والتبادل والتعاون، وبناء علاقات وطيدة تسهم في حلّ المآزق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إلاّ من خلال الإيمان بالتنوّع الثقافي وقالت إن خلق انفتاح حضاري يمكن أن يكون بنّاء إذا ما اعتبرنا أنّ النواة الثقافية العاملة على تنمية الإحساس بضرورة التعامل الإيجابي والبناء مع الآخر هي البديل الأساسي الذي يتمّ من خلاله بناء مستقبل حضاري تنعدم فيه كلّ أشكال الظلم والعنف والانغلاق، وتؤسس فيه النظرية المنفتحة التي ترمي إلى تحقيق التعايش الإيجابي والبنّاء بين الحضارات في كامل أنحاء الكون. وقدّم من ثم د. عزوزي عبد المالك (جامعة جيجل -الجزائر) مداخلة بعنوان "جهود الأمم المتحدة في تشجيع التعاون بين الثقافات والأديان من أجل السلام"؛ أشار فيها إلى أن الأمم المتحدة تقدر أن الأبعاد الثقافية بين الشعوب والأمم تشكل ثلاثة أرباع الصراعات في العالم، لذلك فهي ترى أن جبر الهوة بين الثقافات يعتبر أمرا ضروريا وعاجلا للسلام والاستقرار والتنمية، كما ترى أن الاحترام والتفاهم والحوار بين الحضارات والشعوب والثقافات يبنى على قاعدة التفاهم المتبادل كأساس مسبق لتحقيق التماسك الاجتماعي والمصالحة بين الشعوب والسلام بين الأمم. كما اعتبر أن الأمم المتحدة قامت بمجهودات جبارة من أجل التقريب بين الثقافات، وقد تجلى ذلك في القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والمتعلقة خاصة بالتسامح والحوار بين الحضارات، ومناهضة تشويه الأديان. وذلك في محاولة منها للاستفادة من التنوع الثقافي على أساس أنه دفعة نوعية للتنمية. وقدّم بعد ذلك د. صابر الخراط (جامعة صفاقس) مداخلة بعنوان "الثقافة العربية في عالم معولم -نحو استراتجية مستقبلية لثقافة عربية كونية"؛ أشار فيها إلى أنّ تطوّرات النّظام الدّولي والمتغيّرات التي شهدتها نهاية القرن العشرين- وإن فتحت الباب على مصراعيه لجعل القرن الحادي والعشرين قرنا أمريكيّا يستفيد من وضع القطيعة الأحاديّة على ساحة العلاقات الدّوليّة وممارسه الهيمنة وعدم ترك هامش للحركة أمام القوى الأخرى – فإنها ستدفع حتما نحو تراجع الدّور الأمريكي وانحسار الهيمنة الأمريكيّة نتيجة اتساع رقعة المعركة، ممّا يعزّز فرص المواجهة الشّاملة لظاهرة العولمة من جانب القوى المناهضة لها وخاصّة الأمّة العربيّة. وقال علينا أن نعي أنّ ضعف الأمريكيّين كبير: "إنّهم لا يعيشون إلاّ إذا فرضوا علينا اقتصاد السّوق وثقافة الاستهلاك… ونحن لن ننتصر بالعنف ولكن بإقناع العالم بقوّتنا وبضعف هذا الجبّار ذي الأرجل المصنوعة من الطّين". وختمت الجلسة بمداخلة الباحثة نادية الدغسني (جامعة سوسة) بعنوان "الاختلاف الثقافي سبيل إلى التطور الحضاري"؛ وقد اهتمت ببيان قيمة الثقافة وضرورتها والبحث في صورة الاختلاف الثقافي وأثره في المجتمعات والرقي الحضاري ووظيفته. ورأت أن ذلك لا يتحقق إلا بإثارة بعض الأسئلة وطرح مجموعة من الاستفهامات ومحاولة البحث عن حلول لإشكالية طرحت ولازالت مطروحة في الدول العربية الإسلامية والدول الغربية، وهي مسألة الاختلاف الثقافي وأبعادها في بناء شخصية الفرد والمجموعة؛ وطرحت الاختلاف الثقافي من زاوية مدى حرص الجهات المختصة على الارتقاء به من المستوى السلبي إلى المستوى الإيجابي.

واهتمت الجلسة العلمية الخامسة بمحور ''الحضارة الكونية وأزمة مرجعيات التغيير''، وترأسها د. سالم العيادي (جامعة صفاقس)، واستهلت بمداخلة د. علي سالم عبد السلام البكوش (جامعة الزاوية – ليبيا) بعنوان ''أزمة التغيير الحضاري في المجتمعات العربية الإسلامية''؛ وقد اهتم فيها بمهاجمة القيم الكونية الحديثة وبيان تأثيرها السلبي على المجتمعات العربية والإسلامية... وقال إن العولمة تحرص على نشر ثقافة التفسخ والانحلال الأخلاقي وثقافة الشهوة والمتعة وإذاعة أنشطة الترفيه واللهو واللعب والتسلية التي فيها مضيعة للوقت وهدر للجهد من دون فائدة تُذكر، واعتبر أنها ثقافة تزرع الفساد والتعفن والمسخ الفكري الذي لا يأخذ في الاهتمام سوى الجانب الحيواني الشهواني في الإنسان، وأكّد على عقلية المؤامرة التي تستهدف العرب والمسلمين وضمّن ذلك مساعي المنظمات العالمية الفكرية والثقافية والعلمية مثل منظمة اليونسكو وغيرها... وقدّم بعد ذلك د. يوسف مقران (جامعة تيبازا -الجزائر) مداخلة بعنوان ''النخب المثقفة وفضلها في التعايش الثقافي''، اهتم فيها بما أسماه إشكالية المثاقفة؛ وبيّن أنّ الطّرف الذي يراد به أن يفعِّل التّعايش واقع فريسة "التثاقف" نظراً لدافع الميل أو الحركة التي ينمّ عنها مفهوم هذا المصطلح الشّائك؛ أي الحركة الماثلة في يَدِ المصالحة التي يطمح كلُّ ذي انتماءٍ نخبوي إلى مدّها للآخر طمعاً في التعايش الثقافي المنشود والمرغوب فيه أو المفروض، وقال إنّها أسبابٌ قد تنمّ عن موقع القوّة الدافعة إلى إقناع ذلك الآخر بأصالة المجتمع المستقطِب والمحتفِل به... واختتمت الجلسة بمداخلة د. كريمة حطري (جامعة المنار) بعنوان ''تقنيات التعايش المعتدل في حماية التنوع الثقافي مقاربة سوسيو ثقافية''؛ اهتمت فيها بتقنيات التعايش المعتدل، الضامنة للتنوّع الثقافي، وركزت على دور ثقافة الحوار في إرساء نموذج جديد للتعايش، يقبل المختلف ثقافيا، والمختلف دينيّا. وقالت ينبغي الاعتراف بوجود المتغيّر الحضاري والثقافي، كما ينبغي الوعي بضرورة تجنّب الفكر الصدامي من خلال تعزيز دور الحوار المشترك والمتنوّع ثقافيّا وحضاريّا. واعتبرت أن الحوار الجدّي والفاعل هو الكفيل بإرساء أرضية سليمة قادرة على فهم دلالات التنوّع الثقافي عربيا وعالميّا. كما اعتبرت أن التنوّع الثقافي في حاجة إلى دعائم ومقوّمات وتقنيات تؤمن بثقافة التلاقي والتفاعل بدلا عن الانشطار والتشنج، وثقافة الانفتاح والتلقي بعيدا عن التبعيّة والتماهي، وثقافة التعددية والتنوع بعيدا عن التأزم والتخلّف.