ورشة الفكر العربي الحديث (الجزء الثالث)

فئة: أنشطة سابقة

ورشة الفكر العربي الحديث (الجزء الثالث)

انعقد في يومي الجمعة والسبت الموافقين لـ 20-21 تشرين الثاني/ نوفمبر، الجزء الثالث والأخير من ورشة الفكر العربي الحديث بمركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي، التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، في القاهرة. وقد جاء هذا الجزء في محاضرتين؛ تناولت الأولى، في سياق تفاعلي إلى حد كبير، مسألة تأريخ الفكر العربي، وذلك من خلال مُدارسة مقدِّمة كتاب اشتهاء العرب (2008) للبروفيسور جوزيف مسعد، أستاذ السياسة وتاريخ الفكر العربي الحديث في جامعة كولومبيا في نيويورك.  قدَّم محمد الدخاخني، الباحث المختص في الفكر العربي الحديث، عرضًا لمقدِّمة الكتاب المطوَّلة، مركِّزًا فيه على إعطاء الفرشة النظرية التمهيدية اللازمة لهضم واستيعاب مفاهيم الداروينية الاجتماعية والتراث والحداثة والتقدُّم، وغيرها من المفاهيم التي أطَّرت طروحات المفكرين العرب منذ القرن التاسع عشر، والتي عمل مسعد على الاشتباك معها في طروحاته. كما عمل المحاضِر على تقديم الأمثلة والنماذج التي تُسهم في تقديم مزيد من الضوء على مقولات المقدِّمة واستراتيجياتها وتسهِّل من عملية استخراج النتائج. وكان مسعد قد تناول في مقدِّمته البنية النظرية التي حكمت مفاهيم الثقافة والحضارة في الاستشراق وإعادة إنتاجها في الفكر العربي الحديث، مؤكدًا على الطابع التطوري والثقافي الذي أطَّر محاولات المفكرين العرب، مع الإشارة لاستثناءات قليلة خرجت عن هذا النهج من قبيل كتابات المفكر الشيوعي اللبناني مهدي عامل، ومع الإشارة أيضًا إلى من عملوا على تقديم إحراجات نقدية لفكرة الداروينية الاجتماعية لكنَّهم لم يستطيعوا مقاومة إغراءاتها، مثل الباحث السوري عزيز العظمة.  ومن بين الأفكار التي تم التركيز عليها في النقاش حديث مسعد عن كون التراث اختراع حداثي لا يمكن تصوره قبل الواقعة الحداثية، ودور الحاضر في التعاطي مع هذا التراث واستراتيجياته في ذلك.  أمَّا المحاضرة الثانية، فقد تناول فيها الدكتور سامح إسماعيل، الباحث والكاتب في العلوم السياسية وفلسفة التاريخ، الفكر القومي العربي. بدأ المُحاضِر باستعراض فكرة القومية في تطورها في التاريخ الأوروبي الحديث، ثم عرَّج على أهم مقولات المفكرين القوميين العرب منذ مطالع القرن العشرين، مدللًا على كلامه بالإشارة إلى أحداث تاريخية وسياسية، وعاقدًا المقارنات بين الفكر القومي عند الأوروبيين والعرب. كما أشار إلى ارتباط فكرة القومية بالعرق عند البعض، وبالدين عند البعض الآخر، وبـ "المشيئة الموحَّدة" عند آخرين. وفي هذا السياق، أكد على مركزية القضية الفلسطينية عند القوميين العرب، خصوصًا المؤرخ السوري قسطنطين زريق، ودورها في الفكرة القومية والوحدوية. كما تطرق إلى كتاب الرئيس المصري جمال عبد الناصر المعنون بـ "فلسفة الثورة" والشروحات التي جاءت عليه، والفكرة الناصرية بوجه عام.  كما أسقط البعد النظري للفكرة القومية على مسرح التاريخ، ملتقطا أطراف الخيوط، لينسج في النهاية سياقات الفكرة، وبنيتها النظرية، وتمثلها على أرض الواقع، باستعراض نجاحاتها ونكباتها، وكيف تسللت إلى الواقع الاجتماعي، وتمظهرت في الأعمال الأدبية والفنية.