أثر توظيف الذكاء الاصطناعي في تجويد العملية التعليمية التعلمية بالمدرسة السنغافورية والمدرسة المغربية – دراسة مقارنة


فئة :  مقالات

أثر توظيف الذكاء الاصطناعي في تجويد العملية التعليمية التعلمية بالمدرسة السنغافورية والمدرسة المغربية – دراسة مقارنة

أثر توظيف الذكاء الاصطناعي في تجويد العملية التعليمية التعلمية

بالمدرسة السنغافورية والمدرسة المغربية – دراسة مقارنة

ملخص:

يعالج هذا البحث دور الذكاء الاصطناعي في تطوير العملية التعليمية التعلمية بالمدرسة المغربية، وأهميته في الارتقاء بجودة التعلمات في العملية التعلمية. ويعتبر الذكاء الاصطناعي تقنية تعمل على محاكاة الذكاء البشري، ويعد كل من وارن ماكولوك[1] وواتر بيتس[2] أول من استخدم هذا المصطلح سنة 1943، حيث تم اقتراح أول نموذج لخلية عصبية اصطناعية. وفي سنة 1949 قام عالم النفس الكندي دونالد هيب ببناء قاعدة تعديلية بين الخلايا العصبية، وبعدها في سنة 1950 قام ألان توراينغ بنشر اختبارا يحاكي قدرة الآلات للذكاء الإنساني. أما أول استعمال للذكاء الاصطناعي، فقد فكان على يد عالم الكومبيوتر الأمريكي جون مكارثي سنة 1956، من خلاله تم تصنيف الذكاء الاصطناعي كتخصص أكاديمي.

ويعد توظيف الذكاء الاصطناعي في ميدان التعليم واحدا من أكبر التحديات المطروحة على المهتمين بتطوير العملية التعليمية التعلمية؛ وذلك لكونهم ملزمون بابتكار ممارسات جديدة، قصد النهوض بالتعليم وتسريع وتيرة التقدم، لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة الموسوم بـ "نحو التعليم الجيد المنصف والشامل والتعلم مدى الحياة للجميع" الذي يضمن تمتع المتعلمات والمتعلمين بتعليم مجاني ومنصف وجيد مما يحقق نتائج تعليمية ملائمة وفعالة بحلول على المدى القريب.

وبهذا نرى أن توظيف هذا الذكاء الاصطناعي داخل الممارسة الصفية سيسهم في خلق أساليب وطرائق تكنولوجية متعددة ومتنوعة تستطيع تغيير نمط التمدرس المعتمد حاليا والذي يعتبر تقليديا قائما على الشحن المعرفي والتلقين، بينما تمكن هذه التقنية من ربح الوقت والجهد داخل الفصل وخارجه وخارجه لتحقيق تعلم جيد، منصف، شامل، ومستمر.

الإشكالية:

أضحى الذكاء الاصطناعي ضرورة حتمية تفرض نفسها في كل الميادين بما فيها ميدان التعليم، لكن بالرغم من هذا التطور الحاصل في هذه التقنية، فإن كثيرا من دول العالم الثالث لا زالت تعتمد في تعليمها مقاربات تقليدية ولم تواكب بعد هذه التقنية المعاصرة.

- ما أثار الذكاء الاصطناعي في تجويد العملية التعليمية التعلمية؟

- هل يسهم الذكاء الاصطناعي في تطوير التعلمات وتشجيع المتعلمين على حل المشكلات والتعلم الذاتي أم إنه يكرس الاجترار المعرفي والاستلاب الفكري؟

- ما الانتظارات التي يمكن أن تسهم بها تقنية الذكاء الاصطناعي في ميدان التربية والتعليم؟

أهداف الدراسة:

1. التعرف على علاقة المدرسة السنغافورية بالذكاء الاصطناعي.

2. التعرف على علاقة المدرسة المغربية بالذكاء الاصطناعي.

3. تبيان أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في المدرسة المغربية.

4. التعرف على أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يمكن توظيفها في تجويد العملية التعليمية التعلمية.

5. الكشف عن العوائق التي تحول دون إمكانية توظيف الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية التعلمية.

أهمية الدراسة:

- الاضطلاع على ما حققته دولة سنغافورة التي تعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي في ميدان التعليم.

- تبعا للسياسة الإصلاحية لمنظومة التربية والتكوين الداعية إلى دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية التعلمية.

- انسجاما مع أهداف الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين2015/2030 في فصلها الأول المعنون "من أجل مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص".

- سعيا إلى تجويد التعلمات الخاصة بالمتعلمين في المدرسة المغربية وكذا التشجيع على توظيف الذكاء الاصطناعي لما له من أثر إيجابي في الرقي بالفرد والمجتمع وتحقيق التنمية المستدامة.

مصطلحات البحث:

- التوظيف: جاء تعريفه في معجم لسان العرب بأن «الوظيفة هي ما يقدر له في كل يوم من رزق، أو طعام، أو علف، أو شراب وجمعها الوظائف والوظف، ووظف الشيء على نفسه أي ألزمها إياه، ويعني الوظيف مستدق الذراع والساق من الخيل والإبل ونحوهما وجمعها الأوظفة»[3]. أما التوظيف، فمعناه «كل ما يتعلمه المتعلم داخل المدرسة، وعبر المناهج الدراسية المختلفة، مما يجب أن يستخدم في المواقف الحياتية بهدف التواصل والمعايشة مع الآخرين، وتقوم على أساس أن التربية هي الحياة، وليست الإعداد للحياة».[4]

- الذكاء الاصطناعي[5]: يتكون من كلمتين هما: الذكاء والاصطناعي، ويقصد بالذكاء «مجموعة من القدرات التي تساعد على فهم واستيعاب الحالات الجديدة المتغيرة والظروف، كما يعرف أيضا باعتباره القدرة على إدراك وفهم وتعلم الحالات والظروف الجديدة»[6].

أما الاصطناعي، فيرتبط بفعل "يصنع" أو "يصطنع" وتطلق على كل الأشياء التي تنشأ نتيجة النشاط أو الفعل الذي يتم من خلال اصطناع وتشكيل الأشياء الموجودة بالفعل والمولدة بصورة طبيعية من دون تدخل الإنسان.[7]

ومن خلال ما سبق، فإن الذكاء الاصطناعي هو ذلك العلم الذي يجعل الآلات والأنظمة الإلكترونية لها ذكاء يشبه ويحاكي الذكاء البشري، الشيء الذي يمكنها من القيام بمجموعة من العمليات عوضا عن الإنسان، كتحليل البيانات وتفسيرها بدقة متناهية لحل المشكلات.

- التجويد: يعني التزام إداري يرتكز على مجموعة من القيم ويعتمد على توظيف البيانات والمعلومات الخاصة بالعاملين، قصد استثمار مؤهلاتهم وقدراتهم الفكرية في مختلف مستويات التنظيم على نحو إبداعي، وتحقيق التحسن المستمر للمؤسسة. أما في المجال التربوي، فتشير إلى مجموعة من المعايير التي يهدف تنفيذها إلى التحسين المستمر في المنتوج التعليمي، وتحيل أيضا إلى المواصفات المتوقعة في هذا المنتوج وفي العمليات والأنشطة التي تتحقق من خلالها تلك المواصفات مع توفر أدوات وأساليب متكاملة تساعد المؤسسات على تحقيق نتائج جيدة.

- العملية التعليمية التعلمية: هي عملية يتم فيها التفاعل بين ثلاثة أطراف مدرس ومتعلم ومحتوى، لكل واحد منهم أدوار، ويمارس من خلالها كل من المدرس والمتعلم أنشطته من أجل تحقيق أهداف تربوية سواء على المستوى العقلي أو الوجداني أو الحس الحركي. وتتضمن هذه العملية المراحل التالية: التخطيط، التدبير، التقويم، والدعم.

- المدرسة: يعرفها ريمون بودون باعتبارها نظاما اجتماعيا يتكون من مجموعة وظائف، كالإدماج والحراك الاجتماعي، وهي نظام تعليمي مستقل يضم مجموعات معرفية تعمل على كفاءة الأجيال الجديدة، هدفها استمرار هذا النظام.

أما شيمبان، فيعرفها باعتبارها «شبكة من المراكز والأدوار التي يقوم بها المتعلمون، حيث يتم اكتساب المعايير التي تحدد لهم أدوارهم المستقبلية في الحياة الاجتماعية»[8].

عصارة القول إن المدرسة هي مؤسسة نظامية تعليمية تربوية أنشأتها الحكومات أو المجتمعات، لأهداف معينة أهمها تربية الأفراد وتعليمهم في إطار معين من البرامج، والمناهج التعليمية الحديثة.

محاور البحث:

المحور الأول: أثر توظيف الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية التعلمية من خلال التجارب الدولية: دولة سنغافورة نموذجا

تقع دولة سنغافورة في جنوب شرق آسيا، وتشتهر بنظامها التعليمي المتميز والمتطور، حيث يرتكز التعليم فيها على التفوق الأكاديمي وتطوير المهارات الابتكارية والتكنولوجيا بما في ذلك مجال الذكاء الاصطناعي. وتعد دولة سنغافورة إحدى الدول التي حققت نجاحا باهرا على مستوى التحول الرقمي؛ وذلك من خلال حصولها على لقب المدينة الذكية في المؤتمر العالمي لمعرض المدينة الذكية سنة 2018، كما احتلت المرتبة الأولى في تصنيف الاختبارات الدولية (PISA)[9] لعام 2016 كونها تمتلك متعلمين متفوقين في الرياضيات والقراءة والعلوم.

تشجع الحكومة السنغافورية الاستثمار والبحث والتطوير في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المرتبطة بها، كما يتم تدريس مواد العلوم الحاسوبية والذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات بتوفير دروس وبرامج تعليمية تعزز فهم الطلاب لمفاهيم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته العملية.

فضلا عما سبق، يهدف النهج التعليمي في هذه الدولة إلى تحفيز الابتكار وتطوير المهارات اللازمة لمواكبة التقدم التكنولوجي، إضافة إلى تشجيع المتعلمين على التفكير النقدي وحل المشكلات وامتلاك مهارات التعلم الذاتي، مما سيساهم في تنمية مهاراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي واستخدامه بشكل فعال في المستقبل.

إضافة إلى ذلك، يوجد في سنغافورة مراكز بحثية ومعاهد أكاديمية تختص بمجال الذكاء الاصطناعي، حيث تعمل هذه المؤسسات على تطوير التقنيات والتطبيقات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وتقديم التدريب والدورات التعليمة للطلاب والمهنيين في هذا المجال.

خلاصة القول، يتم في سنغافورة التركيز على التعليم والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، باعتباره جزءا من استراتيجيات البلاد للابتكار والتقدم التكنولوجي. وهذا ما يساهم في بناء جيل مؤهل من الخبراء والمبتكرين في هذا المجال.

إذا كانت سنغافورة من السباقين إلى دمج التكنولوجيا في منظومتها التربوية وحققت مكاسب عدة، والتي سبق ذكرها، فإن المغرب من الدول التي لازالت تعرف تأخرا في تنزيل تقنيات الذكاء الاصطناعي في منظومتها التربوية نظرا لعدة أسباب ذاتية وموضوعية، فما هذه الأسباب؟

المحور الثاني: تجليات استخدام الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية التعلمية من خلال التجارب العربية: المغرب نموذجا

إذا كان الذكاء الاصطناعي فرصة مهمة لتحسين التعليم في المغرب، كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، كونه له تأثير إيجابي على جميع جوانب التعليم، بدءًا من تحسين جودة التعليم وصولاً إلى تعزيز تجربة المتعلمين وتسهيل عملية التدريس والتعلم، فإنه لازال متأخرا في مواكبة تنزيل وأجرة هذه التقنية الحديثة التي يعول عليها لتطوير المنظومة التربوية في العديد من الدول التي أحسنت استثمارها، ولا شك أن لهذه التقنية مجموعة من الاستخدامات في التعليم من أهمها:

- تحديد الفوارق التعليمية بين المتعلمين: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المتعلمين واحتياجاتهم الفردية واقتراح خطط تعليمية مخصصة لتناسب احتياجات كل متعلم بشكل أفضل.

- تجويد عملية التقويم: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين عملية التقييم ومراقبة أداء المتعلمين بشكل مستمر، مما يسمح للمدرسين بتحديد نقاط القوة والضعف لكل متعلم وتكييف الطرائق التعليمية وفقًا لذلك.

- التعلم الذاتي: يمكن للذكاء الاصطناعي توفير موارد تعليمية إضافية عبر الإنترنت (TELMIDTICE، TAALIMTICE، MOTAMADRIS)، وباقي المنصات الأخرى وتقديم توجيهات للمتعلمين بناءً على اهتماماتهم وتصحيح تعثراتهم المعرفية من أجل تكافؤ الفرص وتحقيق الإنصاف.

- تكوين المدرسين وتأطيرهم: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة المدرسين في تخطيط الدروس وتقديمها كسيناريوهات بيداغوجية بكفاءة وجودة عالية وتقويمها لتجويد العملية التعليمية التعلمية.

- تطوير التسيير الإداري: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير جودة عمل الأطر الإدارية من خلال تحسين عمليات التنظيم الإداري للمؤسسات التعليمية.

وعلى الرغم من هذه الإمكانيات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لتجويد الممارسة التعليمية، فإنه يطرح في نفس الوقت مجموعة من التحديات الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة باستخدامه في التعليم، مثل حماية الخصوصية والتأكد من تكافؤ الفرص وتجنب الانحيازات الناجمة عن تطبيقاته.

هكذا نجد أن المغرب يسعى من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، حتى يكون مركزًا رائدًا للتكنولوجيا والابتكار في المنطقة العربية، يحقق التقدم الاقتصادي والاجتماعي من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات أهمها المنظومة التربوية، وذلك من أجل توفير البنية التحتية اللازمة والتدريب المناسب للمدرسين للاستفادة الكاملة من فوائد هذه التقنية المبتكرة ونقلها إلى الممارسة الصفية.

ومن بين أهم الطرائق التي يتم فيها توظيف الذكاء الاصطناعي في المنظومة التربوية المغربية، نجد مايلي:

1. منصات التعلم الإلكتروني: تستخدم المدارس والجامعات المنصات الإلكترونية (TELMIDTICE، TAALIMTICE، MOTAMADRIS) التي تعتمد على التكنولوجيا الذكية لتقديم المحتوى التعليمي والمواد التعليمية بطريقة تفاعلية وذات جودة. ويمكن للمتعلمين الوصول إلى هذه المنصات من أي مكان وفي أي وقت، مما يسهل عليهم عمليتي التعلم الذاتي والتقويم الذاتي عبر (تقنية الوكيل الذكي)[10].

2. تحليل البيانات التعليمية: يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات التعليمية للمتعلمين، مثل أداء المتعلمين ومستواهم الأكاديمي؛ وذلك لتحديد نقاط القوة والضعف الخاصة بهم. وهذا ما يمكن المدرسين من تفييئ المتعلمين إلى مجموعات وفقًا لاحتياجات كل متعلم.

3. تطوير المناهج الدراسية: يمكن استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تحسين وتطوير المناهج الدراسية بحيث تكون أكثر تطابقًا مع احتياجات سوق الشغل ومتطلبات العصر.

4. توفير التوجيه المدرسي والتوجيه نحو سوق الشغل: يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المتعلمين في اتخاذ القرارات المهنية المستقبلية من خلال تحليل اهتماماتهم ومهاراتهم وتوفير معلومات حول الاختصاصات والمجالات المهنية المختلفة.

وفي الأخير يمكن القول، إن هناك ضرورة ماسة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم المغربي قصد تحسين جودة التعليم وتمكين المدرسين والمتعلمين من الاستفادة من التكنولوجيا لتحقيق الكفايات المرجوة في مختلف جوانب التعليم والتعلم.

المحور الثالث: نتائج وخلاصات البحث

لا شك في أن تقنية الذكاء الاصطناعي أثبتت جدارتها وأهميتها في تطوير وتجويد المنظومات التربوية للدول، فأصبحت القوة الناعمة والمفتاح السحري للتقدم والتطور على كافة الأصعدة والمستويات، إلا أن هذه التقنية لازالت تعرف تأخرا في تنزيلها لدى المجتمعات النامية نظرا لعدة أسباب ذاتية وموضوعية أهمها:

-  ضعف الميزانية المخصصة لتنزيل هذه التقنية في المدارس.

-  ضعف البنية التكنولوجيا في المدارس.

-  قلة الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي وبأهمية تطبيقاته.

-  غياب تكوين المدرسين في مجال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

-  ضعف القدرة على دمج تقنية الذكاء الاصطناعي في طرائق التدريس.

يمكن القول إن هناك تفاوت بين الدول في تنزيل هذه التقنية، فهناك دول استطاعت توظيف هذه التقنية في ميدان التعليم كسنغافورة على سبيل المثال لا الحصر؛ وذلك من خلال ما حققته من طفرة نوعية في هذا المجال، حيث استطاعت أن تحتل مراتب متقدمة في شتى الميادين منها التعليم والصناعة والاقتصاد. «لقد لاقى موضوع الذكاء الاصطناعي اهتماما عالميا في دولة سنغافورة وبدعم من "DQ World"[11] تم إنشاء منصة تعليمية رائدة عالميا عبر الإنترنيت لتعليم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8و12 عام من خلال تقديم ورش عمل صفية وعقد اجتماعات مع المدارس وتقديم وتوعية لطلاب المدارس لتمكينهم من مهارات التعلم الرقمي.»[12]

وهكذا فدولة سنغافورة دمجت في مناهجها برامج تمكن المتعلمين من اكتساب المهارات الرقمية التي تمكنهم في مسيرتهم التعليمية والتعلمية من آليات البحث والتفكير والتطبيق والإنشاء، فهذه البرامج تعزز المهارات اللازمة لتوظيف قوة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تحقيق الغايات والأهداف والكفايات الضرورية للتعلم الناجح. «وتتجلى أدوار تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية في التقييم الفوري للطلاب ورصد درجاتهم ومساعدتهم على تطوير أدائهم الدراسي إضافة إلى تقديم التغذية الراجعة الفورية والمستمرة»[13]، كما أنها توفر البيئة الآمنة التي يكون فيها المتعلمون مسؤولون عن معلوماتهم الشخصية ويحترمون معلومات غيرهم، وتعلمات مناسبة لمساعدتهم في إحراز التقدم المطلوب من خلال تعليمهم بشكل فردي، كما تقدم تقريرا حول وضع المتعلم ونتيجة تعلمه.[14]

أما بعض مميزات البيئة القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، فيمكن إجمالها فيما يلي: أولا: السهولة في الاستخدام، ثانيا: تيسير فهم وتطبيق النظريات والقواعد والقوانين، وأخيرا: إتاحة قدر كبير من المشاركة النشطة التي تجدب انتباه المتعلم.[15]

في حين أن المغرب لا زال يعيش تأخرا في تنزيل هذه التقنية الحديثة نظرا لعدة أسباب وعوائق منها ما يرتبط بالجانب المادي، ومنها ما يرتبط بالجانب الثقافي والاجتماعي، فنجد النظام التعليمي لهذا البلد تطغى عليه سياسة التقليد في المقاربات التعليمية وتسيطر عليه بيداغوجيا التلقين والشحن. أمام هذه العوائق كلها سعى المغرب مرارا إلى تبني إصلاحات تعليمية منذ بداية القرن الحالي. وتجلت عصارة هذه الإصلاحات في ظهور الرؤية الاستراتيجية لمنظومة التربية والتكوين، والتي نصت على مجموعة من الإصلاحات نذكر منها:

-  الانتقال بالمجتمع المغربي من مستهلك للمعرفة إلى مجتمع ينتجها وينشرها؛ وذلك من خلال تطور البحث العلمي والابتكار والتمكن من التكنولوجيا الرقمية وتشجيع النبوغ والتفوق.

-  تعزيز إدماج تكنولوجيا الإعلام والاتصال في النهوض بجودة التعلمات وإعداد استراتيجية وطنية جديدة لمواكبة المستجدات الرقمية، وخاصة على مستوى المناهج والبرامج والتكوينات منذ المراحل الأولى من التعلم، وذلك بإدماج البرمجيات التربوية الإلكترونية والوسائل التفاعلية والحوامل الرقمية في عمليات التدريس.

وفي الأخير، لا يسعنا إلا القول إن الذكاء الاصطناعي له آثر فعال وإيجابي في تطوير وتجويد المنظومة التربوية للأمم والبلدان التي توظفه في العملية التعليمية التعلمية، وعلى المعنيين بالشأن التربوي في المغرب الإسراع في تنزيل وأجرأة هذه التقنية الفعالة لما لها من أدوار في تيسير عمليتي التعليم والتعلم قصد النهوض بالمنظومة التربوية بشكل أخص وبالمجتمع المغربي بشكل عام.

خاتمة

خلاصة القول إن تقنية الذكاء الاصطناعي أصبحت تفرض نفسها على جميع المجالات والأصعدة وتحديدا في مجال التربية والتكوين؛ إذ بها يقاس التقدم وتطور المنظومة التربوية على صعيد المعمورة نظرا لما توفره من اقتصاد في الجهد والوقت، ومن الدفع بسيرورة التعلم لدى المتعلمين نحو تحقيق مشروعهم الشخصي وبناء الذات وتطوير مهاراتهم وقدراتهم، سواء خلال الممارسة الصفية أو التعلم مدى الحياة.

 

المراجع

  1. ابن منظور، لسان العرب، تحقيق نخبة من العاملين، دار المعارف، المجلد الثاني، دار المعارف القاهرة، ط.1
  2. أ.د نشوى رفعت محمد شحاتة، توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، المجلة العلمية المحكمة، مجلد 10، العدد2، مسلسل العدد20، 2022
  3. تركي رابح عمامرة، أصول التربية والتعليم، ط2، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، ص194
  4. حنان بنت حمدان بن بشير العوفي، بحث لنيل شهادة الماجستير بجامعة طيبة، 2021
  5. عبير الرنيني، ذ صالح الزهراني، برنامج تنمية مهارات الذكاء الرقمي في دولة سنغافورة: دراسة حالة، المجلة العربية للتربية النوعية، المؤسسة العربية للتربية والعلوم، مصر، 2023
  6. ليلى مقاتل وهنية حسني، بحث حول الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته التربوية لتطوير العملية التعليمية التعلمية، مجلة علوم الإنسان والمجتمع، المجلد العاشر، العدد الرابع، 2021

[1]. عالم أعصاب أمريكي ولد سنة 1898وتوفي سنة 1969

[2]. فيلسوف وعالم أعصاب أمريكي ولد سنة 1923 وتوفي 1969

3. ابن منظور، لسان العرب، تحقيق نخبة من العاملين، دار المعارف، المجلد الثاني، دار المعارف القاهرة، ط.1، ص336

4. حنان بنت حمدان بن بشير العوفي، بحث لنيل شهادة الماجستير بجامعة طيبة سنة 2021، ص 163

 

5. ليلى مقاتل وهنية حسني، بحث حول الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته التربوية لتطوير العملية التعليمية التعلمية، مجلة علوم الإنسان والمجتمع، المجلد العاشر، العدد الرابع، السنة 2021، ص 4

6. المرجع نفسه والصفحة نفسها.

7. تركي رابح عمامرة، أصول التربية والتعليم، ط2، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، ص194

8. البرنامج الدولي لتتبع مكتسبات التلاميذ، وهو دراسة تجريها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD.

9. الوكيل الذكي: أنظمة كمبيوتر مصممة لدعم وتحسين عملية التعلم والتدريس في مجال المعرفة، وتقوم بتوفير دروس فورية تهدف إلى تتبع أعمال المتعلمين لتحديد نقط القوة والضعف من أجل توفير الدعم المناسب.

10. هو برنامج تعلم مهارات التعلم الرقمي.

11. عبير الرنيني، ذ صالح الزهراني، برنامج تنمية مهارات الذكاء الرقمي في دولة سنغافورة: دراسة حالة، المجلة العربية للتربية النوعية، المؤسسة العربية للتربية والعلوم، مصر، 2023

12. أ.د نشوى رفعت محمد شحاتة، توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، المجلة العلمية المحكمة، مجلد 10، العدد2، مسلسل العدد20، 2022، ص208

13. المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

14. المرجع نفسه، ص210