أحمد بن أبي الضياف


فئة :  أعلام

أحمد بن أبي الضياف

ولد المفكّر والمصلح التونسي أحمد بن أبي الضياف سنة 1217هـ / 1804-1805م بتونس العاصمة وهو ينحدر من قبيلة أولاد عون إحدى القبائل الحسينيّة. عرف منذ طفولته بقوّة ملاحظته وفطنته. وكان والده كثيرا ما يصطحبه إلى بعض الدروس في الجوامع ليستمع إلى مشاهير علماء عصره مثل الحسن الشريف. حفظ القرآن صغيرا وتردّد على جامع يوسف صاحب الطابع ومدرسته وكذلك جامع الزيتونة فأخذ عن أبرز مشايخ زمنه مثل الشيخ إسماعيل التميمي ومحمد بيرم الثالث وإبراهيم الرياحي ومحمد بن الخوجة والشيخ المناعي.. وكان شغوفا بالعلم والأدب والترسّل.

أدرج اسمه في قائمة العدول الذين عيّنهم الباي حسين بن محمود في أوّل شوّال 1237هـ/جوان 1822م وهو في العشرين من عمره، فجالس شيخه ومعلّمه محمد المناعي فضلا عن توثيق صلته بشيخه القاضي محمد البحيري بن عبد الستار وأتقن وظيفته فكان ذلك سببا لشهرته وثقة الباي فيه ممّا دفعه إلى تقريبه منه وتعيينه كاتبا يصل بينه وبين وزيره شاكير صاحب الطابع المتصرّف في أموال الدولة حينها فأضحى "كاتب السرّ" بالنسبة إليهما يحرّر الكثير من رسائلهما ويمسك دفاتر حسابيهما. وهو الدور نفسه الذي لعبه مع مصطفى باي ووزيره مصطفى صاحب الطابع وأيضا مع أحمد باي ووزيره مصطفى خزنه دار.

وكانت كفاءته ورجاحة عقله سببا في إرساله إلى إسطنبول لقضاء عديد المهام من قبيل صحبته مصطفى البلهوان سنة 1831 لاستئذان السلطان العثماني في إنشاء جيش نظامي في تونس.

ومن الأسفار التي تركت أثرا في كتاباته نجد سفره رفقة أحمد باي إلى فرنسا سنة 1846 حيث وقف على حجم تقدّم الحضارة الغربيّة وانبهر بأسبابها وفي مقدمتها العدل والأمن.. وسجّل أطوار هذه السفرة في أشهر كتبه وهو "إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان".

عيّنه محمد باي في لجنة تحرير "عهد الأمان" الذي يمنح سكان البلاد حقوقا تكون قاعدة لدستور. فكان الوحيد ذا التكوين الفقهي في هذه اللجنة بعد أن استقال منها كلّ المفتين والقضاة. واختير أيضا رئيسا للمجلس الوقتي الذي هو عبارة عن لجنة أحدثت للفصل في القضايا بين التونسيّين والأجانب.

إلاّ أنّ ثورة علي بن غذاهم سنة 1864 وتعطل مؤسسات الدولة ومنها المجلس الأكبر جعلت أحمد بن أبي الضياف في قائمة الوزراء الذين طلب القنصل الفرنسي دي بوفال إقصاءهم ورضخ الباي للطلب. ولكنّه عاد مجدّدا إلى النشاط السياسي مع خير الدين التونسي الذي رشّحه لعضويّة اللجنة المكلّفة بمراجعة حسابات أحمد زروق في جوان 1869. وتمّ تعيينه مستشارا أيضا للقسم الثالث من الوزارة الكبرى إلاّ أنّه استقال في جانفي 1872 لأسباب صحّيّة ولزم بيته ليتفرّغ للكتابة.

من مؤلفاته فضلا عن كتاب الإتحاف الذي دوّن فيه أحوال عصره السياسيّة والاجتماعيّة والحضاريّة نذكر رسالته في المرأة التي وردت تحت عنوان "الأسئلة من تلقاء أوروبا وأجوبتها" وهي عبارة عن إجابات وضعها حول ثلاثة وعشرين سؤالا اتصلت بوضعية المرأة المسلمة عامة وفي تونس خاصة وتطرّقت إلى مسائل التعليم والميراث والمساواة والزواج وبدا فيها ابن أبي الضياف تقليديّا مسايرا للعرف قابلا لدونيّة المرأة، على الرغم من عقده في مواضع عدّة مقارنات بين المرأة "الإفرنجيّة" والمرأة المسلمة واعترافه بما تتمتع به الأولى من امتيازات.

ولابن أبي الضياف أيضا أشعار ورسائل تتصل بمواضيع مختلفة. وقد اقتنى خير الدين جلّ مؤلّفاته وأضافها إلى المكتبة الصادقيّة التي أحدثها بالجامع الأعظم.

توفّي ابن أبي الضياف في 17 شعبان 1291هـ/29 أكتوبر 1874م.

انظر:

-   الزمرلي، الصادق. (1986). أعلام تونسيّون. (ط.1). بيروت- لبنان: دار الغرب الإسلامي.

- عبد السلام، أحمد. (1993). المؤرّخون التونسيّون في القرون 17 و18 و19م. رسالة في تاريخ الثقافة. (نقلها من الفرنسيّة إلى العربيّة، أحمد عبد السلام، عبد الرزاق الحليوي). (ط.1). تونس: المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون. بيت الحكمة.

 

 

البحث في الوسم
أحمد بن أبي الضياف أعلام