أزمة المسؤولية الاجتماعية في المجتمعات العربية (رؤية سوسيولوجية - نقدية)


فئة :  مقالات

أزمة المسؤولية الاجتماعية في المجتمعات العربية (رؤية سوسيولوجية - نقدية)

أزمة المسؤولية الاجتماعية في المجتمعات العربية

(رؤية سوسيولوجية - نقدية)

لا يمكننا النظر إلى مفهوم المسؤولية الاجتماعية Social Responsibility باعتباره نتاجاً للقضايا المعاصرة التي نعيشها الآن، أو أنه يرتبط في جوانب ذاتية لبعض المشكلات اليومية التي تنعكس من البيئة الاجتماعية على الأفراد، بل إنها ترتبط بحقيقة الأمر بالعمق التاريخي الذي يمتد إلى أجيال بعيدة عندما يتم الحديث عن مضمونه العام، وهو ما أكدت عليه الأديان السماوية من التزامات ومعايير ينتهجها الفرد تجاه أخيه الإنسان، في العطف والمحبة والمساعدة والتعاون والتضامن عند الضرورة أو متى دعت الحاجة إلى ذلك. وهذا يعني أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية بمفهومها الفلسفي - السوسيولوجي المعاصر ليس حالة سطحية يمثل استجابةً للضغوط الاجتماعية الطارئة، بل هو القيمة الاعتبارية للفرد وللجماعة، فهي تعبير عن مدى الانتماء للمجتمع الذي يعيشون به([1]).

إن قيمة الفرد الحقيقة تقاس بمدى قدرته على تحمّل المسؤولية الاجتماعية؛ فالمجتمع المتحضر هو الذي يقدر أهمية المسؤولية من خلال ما يشرعه من أحكام ويسن لها من قوانين بهدف تحقيق التفاعل الإيجابي، وتنظيم أداء الأفراد لمهامهم ومسؤولياتهم الاجتماعية. فمن أسمى واجباتنا كأفراد أن نتعامل مع مجتمعنا والآخرين بروح المسؤولية، فهي تفرض علينا التعاون والتضامن والاحترام والحب والمشاركة الجادة، لتبني جسوراً متينة بيننا وبين المجتمع الذي ننتمي إليه، ويغلف ذلك كله صدق الإحساس بالمسؤولية الذي يؤدي بأمانة وموضوعية بالمعايير الإنسانية الهادفة إلى خلق جو إيجابي من خلال التعايش والتواصل بأبهى صوره. كما تعتبر المسؤولية الاجتماعية ضرورة للمصلحة العامة*، ففي ضوئها يتحقق التفاعل الاجتماعي الهادف، باعتبارها أهم القنوات التي تدعم المصلحة العامة، وهي تمثل سر قوتها كعنصر أساسي ضروري لتمتين روابط العلاقات الاجتماعية([2]).

إلا أنه من الواضح للعيان أننا نعيش في عصر يشهد ظهور متغيرات وتفاعلات، تساعد على نضج الوعي الإنساني بقضايا تقع على الساحة الوطنية والعالمية على السواء من جهة. وجهة أخرى، أدى هذا الانفتاح اللا مشروط إلى تداخل هذه القضايا والحدود، حتى أصبح من الصعب فصل ما هو وطني عما هو عالمي وخارجي. الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على طبيعة العلاقة بين الإنسان ومجتمعه أو بين المواطن ودولته. وفي هذا السياق، سنحاول تسليط الضوء على أزمة المسؤولية الاجتماعية خاصةً بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة أحداثه واحدة تتداخل وتتبادل التأثير، مما وضع تحّمل أفراد المجتمع لمسؤولياتهم الاجتماعية على المحك بفعل ظروف ومتغيرات عديدة، حيث لم يعد يرتبط الإيفاء بمتطلبات المسؤولية الاجتماعية بحدود المجتمع المحلي، بل أضحى مرتبطاً بمصالح القوى العالمية التي تصيغ الأحداث الدولية بناءً على مصالحها وتحقيق مكاسبها، إلا أننا قبل أن نخوض في مناقشة أزمة المسؤولية الاجتماعية سوف نقوم بتوضيح مفهوم المسؤولية الاجتماعية برؤية تكاملية([3]).

مفهوم المسؤولية الاجتماعية: لغوياً مَسؤوليّة: (اسم) مصدر صناعي (قياسي) مِنْ مَسْؤُولٌ، والمَسؤوليّة: هي حال أَو صفة مَنْ يُسْأَلُ عن أَمْرٍ تقع عليه تبعته. والمسؤولية القانونية: الالتزام بإصلاح الخطأ الواقع على الغير طبقاً للقانون، ويمكننا القول ألقى المسؤوليَّةَ على عاتقه: حمّله إياها. أما المسؤوليّة الأخلاقية: هي التزام الشخص بما يصدر عنه قولاً أو عملاً، وأخيراً المسؤولية الجماعية: التزام تتحمّله الجماعة، وفي المقابل تعني اللاَّ مسؤوليَّة: شعور المرء بأنه غير ملزَم بعواقب أعماله. المسؤولية الاجتماعية التزام شركة بممارسة نشاطها بشكل لا يضرّ بعملائها أو بالمجتمع ككلّ وتكريس جزء من مواردها لتعزيز الجهود الوطنية، وتعني بالإنجليزية: social responsibility. وتشير أيضاً كلمة المسؤولية بصفة عامة إلى مساءلة محتكمة إلى معيار، فعندما تكون المساءلة خارجية أي أن مصدرها خارج الذات يكون الحديث عن مسؤولية قانونية، وعندما تكون المساءلة داخلياً أي أن مصدرها داخل الذات، ولكن وفق معايير أخلاقية يكون الحديث عن مساءلة أخلاقية. أما عندما تكون مساءلة الذات في مواجهة الذات، واحتكامها إلى معيار استيفاء الذات (أي فهم الجماعة التي تنتمي إليها وتهتم بها وتشاركها)، فإن الحديث يكون عن المسؤولية الاجتماعية. وبالتالي، فإن المسؤولية الاجتماعية تنتمي في صميمها إلى المسؤولية الأخلاقية ومصدر معيارها داخلي من الذات.

اصطلاحاً، يهدف تعريف المفهوم إلى تعيين حدوده، وطبيعة المتغير الذي يشير إليه وفي هذا الحالة نجد أن غالبية المتغيرات الواقعية غير ثابتة بسبب حداثة العلوم الاجتماعية وتسارع وتيرة التغير الاجتماعي الواقعي الأمر الذي يؤدي إلى وجود حالة من عدم الثبات فيما يتعلق بمصداقية أو رمزية المفهوم أو فيما يتعلق بثبات حدود المتغير الذي يشير إليه المفهوم. وهذا بطبيعة الحال ينطبق على مفهوم المسؤولية الاجتماعية الذي يعبّر في كل مرحلة عن مجموعة من المعاني التي ترتبط بشكل مباشر بالمتغيرات الواقعية التي أدت إلى بروزها.

تعتبر المسؤولية الاجتماعية في الإطار الديني أكثر شمولية، فهي تضم الفرد والجماعة، وللدين الإسلامي القول الفصل في تنمية مفهوم المسؤولية الاجتماعية الشاملة المتكاملة المتوازنة([4])، ففي السنة النبوية الشريفة قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ. قالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَحْسِبُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: والرَّجُلُ في مَالِ أبِيهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)([5]).

لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وواجب على العبد ألا يقدم نفسه لأمر وهو غير مؤهل له، فإذا تعينت المسؤولية عليه لزمه القيام بحقها، وسيسأل عنها أمام الله. وفي هذا الحديث يرشد النبي كل فرد من أمته إلى القيام بواجبه نحو ما خوله الله عليه، فيخبر صلى الله عليه وسلم أنه ما من مسلم في هذه الأمة إلا وتحته من يرعاهم ويتحمل مسؤوليتهم.

وفي الجانب الفلسفي حاولت الحضارة اليونانية أن تقدم تفسير فلسفي لموضوع المسؤولية الاجتماعية وحيوية الدور الذي تستطيع أن تقوم به في حياة الفرد والمجتمع، حيث سعى أفلاطون إلى إنشاء المجتمع المثالي لكي تتحدد صفات الفرد المثالي، أما أرسطو فقد حاول إنشاء الفرد الفاضل وسلوكه الأخلاقي، وبدلاً من التركيز على التناقضات بين الأنانية والإيثار، ركز أرسطو على دور الفرد في المجتمع مع الآخرين وعلى العلاقة التي يمكن أن تشيع نوعاً من العدالة الشاملة. وقد ارتبط مفهوم المسؤولية تاريخياً بفكرة العدل والأخلاق والمساواة والنظام الاجتماعي.

أما في العصور الحديثة، بدأ مفهوم المسؤولية الاجتماعية سوسيولوجياً ينتشر في الدول الغربية تزامناً مع ما شهدته هذه الدول من تطورات اقتصادية واجتماعية وصناعية وأحداث السياق الاجتماعي وتفاعلاته. ويعّرف ديوي* المسؤولية على أنها "نزوع الفرد إلى التفكير المسبق في النتائج المحتملة لأي خطوة مقترحة وقبول هذه النتائج عن قصد".([6]) كما يُعتبر سارتر من أبرز الفلاسفة الوجوديين الذين ربطوا المسؤولية بالحرية، " وأن الإنسان لما كان محكوماً عليه أن يكون حراً، فإنه يحمل على عاتقه عبء العالم كله إنه مسؤول عن نفسه بوصفه حالة وجود"([7]).

كما سعى بعض المفكرين إلى ربط المسؤولية بمبدأ الإلزام والالتزام، فبعضهم يرى أن مصدر الإلزام الخارجي يرتبط بالمسؤولية؛ أي إن الفرد الذي يقوم بسلوك معين يتحمل نتائجه أمام المجتمع وفق القوانين المكتوبة أو غير المكتوبة (العادات والتقاليد) أو قد تكون المسؤولية أمام الله عن تنفيذ التكليفات والأوامر الإلهية طالما أنه حر. أما الالتزام، فهو نابع من داخل الفرد دون أي قيود ولا تكون مفروضة عليه وقائمة على الاختيار الحر الصادق من الخارج، وهي تعني مسؤولية ذاتية وأخلاقية([8]). ويّعرف معجم الفلسفة وعلم النفس المسؤولية الاجتماعية بأنها تعني وعي الفرد المرتبط بأساس معرفي بضرورة سلوكه تطوعياً نحو الجماعة، وله تأثيره في تحديد مجرى الأحداث التالية. ويعرفها معجم العلوم الاجتماعية على أنها تبعة أمر ولها شروط وواجبات، ويتضمن مفهوم المسؤولية الاجتماعية الحقوق والواجبات([9]).

وتتضمن المسؤولية الاجتماعية عدة جوانب وأبعاد تُعتبر بمثابة خصائص وصفات للشخص المسؤول اجتماعياً وهذه الجوانب والأبعاد تتمثل في إحساس الفرد أن له جذوراً داخل المنظومة الاجتماعية الأكبر، الوعي بالطرق التي يمكن للفرد أن يتأثر بها، ويستطيع أن يؤثر بها على عالمه الاجتماعي والسياسي، الشعور بخبرة الإحساس بالصلة والاعتماد المتبادل بينه وبين الآخرين، الاقتناع والتسليم بأن حدود هويته لا تقتصر عليه وحده كفرد وإنما تتسع للآخرين فالآخرين جزء من الذات.

هذا ويّعرف حسين طاحون المسؤولية الاجتماعية " بأنها مفهوم يعبر عن محصلة استجابات الفرد نحو محاولته فهم مناقشة المشكلات الاجتماعية والسياسية العامة والتعاون مع الزملاء والتشاور معهم واحترام آرائهم وبذل الجهد في سبيلهم والمحافظة على سـمعة الجماعة واحترام الواجبات الاجتماعية "([10]).

من خلال ما تقدم، يمكننا تعريف المسؤولية الاجتماعية بأنها هي شعور ذاتي بأن الفرد يتحمل مسؤولية سلوكه الخاص ويقتنع بما يفعل، ويتحمس لدوره في الحياة الاجتماعية دون تقاعس أو تردد؛ فالمسؤولية تُعبر عن النضج النفسي والاجتماعي للفرد الذي يتحمل المسؤولية ويكون على استعداد للقيام بنصيبه كفرد يحقق مصلحة المجتمع. كما يمكن لنا النظر إليها باعتبارها نوعاً من الالتزام الذاتي والفعلي للفرد تجاه الجماعة وما ينطوي عليه من اهتمام بها، ومحاولة فهم مشاكلها، والمشاركة معها في إنجاز عمل ما، مع الإحساس بحاجات الجماعة والجماعات الأخرى التي ينتمي إليها. باختصار شديد هي شعور الفرد بالالتزام تجاه الجماعة وإدراكه للمنفعة المتبادلة مع الآخرين والسعي لتحقيق المصلحة العامة([11]).

وفي ضوء التنظير السوسيولوجي* نرى أن المسؤولية الاجتماعية هي مسؤولية الفرد عن أفعاله حيال السلطة الاجتماعية، وما تمثله من أعراف وتقاليد وعادات ورأي عام. وتتميز هذه المسؤولية بعودة السلطة فيها لمرجعية المجتمع والثقافة ومنظومة القيم المتضمنة فيها، وتكون العبرة بالنتائج التي تتحقق على ساحة المجتمع. على هذا النحو تعد المسؤولية الاجتماعية بنية من الواجبات والحقوق تحدد السلوك الذي ينبغي أن يقوم به الفرد تجاه المجتمع؛ لأن المجتمع وليس الدولة أو النظام السياسي هو هدف ونطاق فاعلية المسؤولية الاجتماعية([12]).

بعد أن انتهينا من استعراض مفهوم المسؤولية الاجتماعية بالشرح والتفسير، سنحاول في هذا السياق تسليط الضوء على أزمة المسؤولية الاجتماعية في مجتمعاتنا العربية، باعتبار أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية كمتغير يعيش حالة أزمة، والأزمة يمكن أن تؤدي إلى حالة من الانهيار والموت، ولما كانت المجتمعات لا تموت، فإن المتتاليات السلبية للأزمة قد تقود إلى حالة من الفوضى الخلاقة، التي قد تقود إلى تغيير موضوعي شامل، غير أنه قد يسلم إلى استقرار جديد وبالتالي إلى حالة من العافية الاجتماعية. وتتجلى أبعاد وعوامل أزمة المسؤولية الاجتماعية في مجتمعاتنا من خلال ما يلي:

1. غياب ثقافة المسؤولية الاجتماعية: تعتبر المسؤولية الاجتماعية توازن بين جناحي الواجبات والحقوق، والحالة الافتراضية أن يكون المواطن على معرفة كاملة بواجباته وكذلك حقوقه. إضافةً إلى القيم والمبادئ التي تحفزنا للقيام بمسؤولياتنا الاجتماعية. ويتحدد دور هذه الثقافة في دفع كل الأطراف للوفاء بالتزاماتهم نحو المجتمع، غير أننا نلاحظ أن هناك مجموعة من الظروف التي تعمل على إضعاف ثقافة المسؤولية الاجتماعية، بل وخضوع هذه الثقافة لحالة من الأنومي (الأناني). كذلك تعد الأمية الأبجدية الخاصة بالثقافة السياسية أبرز هذه العوامل، حيث لا يدرك المواطنون من الشرائح الطبقية الدنيا واجبات وحقوق مسؤولياتهم الاجتماعية بصورة واعية ومحددة، ومن ثم فهم في معظم الأحيان لا يقومون بواجباتهم في مستوياتها المثلى، ولا يدركون أن لهم حقوق ينبغي أن يحصلوا عليها؛ وذلك أن تضافر الواجبات والحقوق من شأنه أن يؤسس المواطن الملتزم بأداء مسؤولياته الاجتماعية.

2. انتفاء العدالة الاجتماعية: فالذات التي تخبر في أيّ مرحلة من مراحل تاريخها غياب العدالة الاجتماعية أو سيطرة الظلم تفقد ثقتها بنسق القيم الاجتماعي والتفاعل معه، كما يهتز موقفها من المعايير الاجتماعية التي يُفترض أن تستند إليها الجماعة في تقسيمها للأمور، وفي اختيارها وسلوكها فتُصاب بضمور إلزام الواجب وسقوط الانتماء والارتماء في عالم الاغتراب الاجتماعي([13]).

3. الاعتلال الأخلاقي للمسؤولية الاجتماعية: يشكل عدم اهتمام الأفراد بأداء واجباتهم بكفاءة وعدم الاهتمام بمشاعر الآخرين ومساعدتهم، وعدم المحافظة على الممتلكات العامة، وعدم ارتباط أهدافهم الخاصة بأهداف المجتمع وشعورهم بالسلبية نحو المشاركة في الحياة الاجتماعية – خطراً على المجتمع، إذ تؤدي هذه السلبية إلى إعاقة حركة التنمية التي يتطلبها المجتمع للخروج من مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية، ويمكن أن تعزى هذه السلبية إلى ضعف في سلوكيات الأفراد الناتج عن عدم الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية نحو مجتمعهم. وهي حالة من عدم السواء في أخلاقية المسؤولية الاجتماعية. ويمكن الاستدلال على حالة الخلل هذه من خلال بعض المظاهر لدى الفرد والجماعة فمن أهم مظاهرها عند الفرد: التهاون هو فتور في همّة العمل، وإدارته على غير الوجه الذي ينبغي أن يكون عليه من الدقة والإتقان، بالإضافة إلى اللامبالاة التي تعبر عن برود يعتري الجهاز التوقعي التحسبي عند الإنسان كما يصيب سائر الأجهزة النفسية بما يُشبه التجمّد، وهي قرينة صفة التهاون تُصاحبها دائماً لأنهما يصدران من أصلٍ واحد هو تهالك وحدة الشخصية وتشتت وجهتها. وأخيراً العزلة هي تعني عزلة نفسية أكثر من كونها عزلة مادية، أي أن يكون الفرد حاضراً في الجماعة معدوداً من أعضائها، ولكنه غائب عنها؛ أي إنه في عزلة من صُنعه واختياره، وهي تعبير عن ضعف الثقة بالجماعة، وضعف الرجاء في حاضرها ومستقبلها، وهي تمثل موقف عدم الانتماء إلى الجماعة وثقافتها واغتراب عن معاييرها وقيمها([14]). أما فيما يتعلق بمظاهرها عند الجماعة، فيمكننا أن نستدل عليها من خلال وجود: التشكك الذي يعني التوجس والتردد في تفسير الأحداث والظواهر، وفي تقدير قيمة الأشخاص والأشياء، وفي تصور المسار والمصير، وهو دليل على فوضى الاختيار ووهن الالتزام وتزعزع الثقة فكيف تبرز المسؤولية الاجتماعية كقيمة قوية ومؤثرة مادامت تتغذى الثقة من هذه السلبيات، فلا مسؤولية إلا بالثبات والطمأنينة والثقة التي تعد الأصل في سلامة الاختيار وإرادة الفعل وتنفيذه وتصور نتائجه وتوقع عواقبه. كما ينظر إلى التفكك الاجتماعي باعتباره أحد أهم مظاهر الاعتلال الأخلاقي للمسؤولية الاجتماعية على صعيد الجماعة، ويتجلى هذا التفكك فيما يقع بين الأفراد من تدابر أو تفرق أو تنازع أو ما يغلب من تآزرٍ مصطنع وترابط متكلف، ويعد التفكك مظهراً بالغ الوضوح على وهن وضعف المشاركة القائمة على الفهم والاهتمام، والمستندة إلى الاختيار والالتزام والمشدّدة بالثقة. وأخيراً التهرب من المسؤولية أو التخلي عن المسؤولية وهو إعلان عن حالة وجودية سلبية، والتنازل عن الذاتية المتميزة المتفردة وإهدارها. بمعنى الإعلان عن عدم قدرة الجماعة والفرد على احتمال أعبائها، وهذا يؤدي إلى ظهور العديد من الاضطرابات النفسية السلبية كالاغتراب النفسي والاجتماعي، والقلق المستقبلي، وانخفاض مستوى الطموح لدى الفرد، وتبديد الطاقات([15]).

4. انهيار مؤسسات التنشئة* وفق ثقافة المسؤولية الاجتماعية: طورت المجتمعات عدة مؤسسات اعتبرتها آليات للتنشئة والتدريب على تحمّل المسؤولية الاجتماعية. ونحن إذا نظرنا إلى هذه المؤسسات، فسوف نجد أنها تعاني من حالة انهيار، وهي الأسرة والمؤسسة التعليمية والإعلام. فعلى سبيل المثال نجد أن الأسرة بفعل عوامل عديدة لم تعد قادرة على تنشئة أو تدريب الأبناء على أصول المسؤولية الاجتماعية، بسبب الانهيارات التي أصابتها من جوانب عديدة؛ ذلك يعني أن التفاعل الأسري لم يعد ملائماً لإنجاز هذه الوظيفة، بسبب حالة التربص والصراعات التي بدأت تتواجد على ساحة الأسرة؛ لأن فضاءها قد اخترق بأفكار غريبة على تراثها، وما زالت هذه الأفكار تتدفق لتقضي على البقية الباقية من حياتنا الأسرية. مما انعكس سلباً على المسؤولية الاجتماعية داخل الأسرة، حيث نجد معظم الآباء وبالأخص في الأسرة الحضرية يتهربون من مسؤولياتهم الاجتماعية نحو الأسرة، فكيف يمكن لهم أن يقوموا بتدريب الأبناء على استيعاب مضامين المسؤولية الاجتماعية، وبسبب هذه الظروف جملة ً لم تعد الأسرة قادرة وبكفاءة على تدريب الأبناء على متضمنات المسؤولية الاجتماعية داخل الحياة الأسرية([16]). أما فيما يتعلق بالمدرسة نجد أن أداء المؤسسة التعليمية يبدد الجهود اليسيرة من التدريب على المسؤولية الاجتماعية التي قامت بها الأسرة. ويرجع ذلك لعدة اعتبارات منها التنوع الذي أصاب المؤسسات التعليمية، حيث التعليم الأجنبي مقابل التعليم الحكومي، إلى جانب التعليم نصف الحكومي ونصف الأجنبي. الأمر الذي يجعل النظام التعليمي نظاماً مترهلاً ورخواً يفقد التماسك والاتجاه الواحد، ولا يعمل وفق ومضامين واحدة لغرس مضامين المسؤولية الاجتماعية. مما يؤسس إلى تفاوتات اجتماعية وتعليمية بين التلاميذ، تتلوها تفاوت في القدرة على الحصول على نصيب من الفرص الاجتماعية. صلأصول المسؤوليةبرلببيومما يثير الدهشة أن المدرسة تدرّب الأبناء على تصور مشوّه للمسؤولية الاجتماعية، فالتلميذ يتابع ويدرك سلوك المعلم الذي يتخلى عن أداء واجباته نحو تعليم التلاميذ، مفضلاً أن يحول المصلحة العامة إلى مصلحة أنانية وخاصةً من خلال الدروس الخصوصية، حيث نجد أن التلميذ يتعلم من هذا السلوك سلوك إهمال الواجبات نحو كل ما هو عام والسعي وراء الحصول على أكبر قدر ممكن من الفوائد والحقوق، مما يؤدي إلى بلورة تصور مشوه لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، صورة ضارة بالاستقرار الاجتماعي للمجتمع لأنها سوف تتشرب في كل مفاصل المنظومة الاجتماعية والأخلاقية النابعة من الضمير الجمعي للمجتمع([17]).

وتعد وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات بمختلف وسائلها وأنماطها وسيطاً مهماً في تنمية المسؤولية الاجتماعية خصوصاً في الوقت الحالي الذي يتطلب فيه الأمر الاعتماد على وسائل الاتصال الحديثة في نقل الأحداث المختلفة وإكساب القيم الاجتماعية والسلوكيات الأخلاقية ووسائل الإعلام الحديثة المتعددة([18])، غير أن متابعة أداء الإعلام وبالأخص القنوات الفضائية الدولية والخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي تعمل وفق مضامين إعلامية عالمية لها غاياتها وأهدافها تؤدي بطبيعة الحال إلى طمس الهوية الوطنية مما يدفع بأفراد المجتمع إلى تطوير واجبات وحقوق بعيدة كل البُعد عن معالم هويتنا الاجتماعية والثقافية، لينتهي الأمر بإعادة تشكيل الرأي العام للمجتمعات العربية بما يتناسب مع مصالح وأهداف تلك الوسائل الإعلامية العالمية بمختلف أنماطها وأنواعها، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى إشاعة نوع من الفوضى الثقافية العارمة وضرب الاستقرار والتماسك الاجتماعي بسبب الانفتاح اللا مشروط على المضامين الثقافية للمجتمعات الأقوى عبر التقليد الأعمى، بذلك يتجه أفراد المجتمع إلى ممارسة مسؤولياتهم الاجتماعية في الإطار الوطني وفق مضامين غير وطنية تشكل مرجعية غير متجانسة ومنفصلة عن الواقع لحزمة الواجبات والحقوق التي تم صياغتها بعيداً عن خصوصيتنا ومشاكلنا التي نعاني منها على أرض الواقع الاجتماعي، مما يؤدي إلى تشويه مفهوم المسؤولية الاجتماعية وإفراغه من مضمونه([19]).

5. اضطراب المعايير الاجتماعية: لما كان المعيار الاجتماعي هو الذي يحدد الوجهة والقيمة، ويكون إليه الاحتكام، وبه يكون الالتزام، فإن (وضوحه، واستقراره، وثباته) ضروري لسلامة أداء وظائفه الاجتماعية الحيوية، ومن هنا فإن اضطراب المعيار يؤدي إلى قصور الفهم وتشوش الاختيار، وتعطل الإلزام، وعدم وضوح الواجب، كما يؤدي إلى الاهتزاز في ثقة الفرد وطمأنينته.

6. تكبيل الحرية: إن انتفاء الحرية تكبيلاً أو تضليلاً هو اعتلال لأخلاقية المسؤولية الاجتماعية، إما بانتفائها، أو إزاحتها، أو الفرار منها والتخلي عنها، فلا مسؤولية بدون حرية والحرية تعني مسؤولية، فهي جوهر المسؤولية وشرطها الأول والأساسي، فالفرد الذي لا يتمتع بحريته ويعيشها تجربة يومية في تصرفاته لا يمكن أن يشعر أنّه ملتزم تجاه الآخرين أفراداً أو جماعة أو مجتمع، وبالتالي لا يمكن أن يتحمل مسؤولية أي شيء.

7. الارتباك الاقتصادي: يُصاب الاستقرار الاقتصادي كثيراً (بالارتباك، والقلق، والفوضى) لأسباب أهمها عدم وضوح الفلسفة الاقتصادية أو عدم تبني فلسفة على الإطلاق، مما يؤدي إلى اختلال في توزيع الموارد وعائد العمل وإلى الظلم الاجتماعي، وينعدم بذلك الاطمئنان النفسي والثقة بالحاضر والمستقبل، وينعكس ذلك بدوره على سلامة وأخلاقية المسؤولية الاجتماعية، بل على السلامة الأخلاقية والنفسية في عمومها.

8. عبء السياسة: إن السياسة التي تحقق مصلحة الوطن والمواطن يجب أن توفر الأمن والحرية لأفراد المجتمع لدرجة يشعر كل فرد من هؤلاء بأنه يحقق ذاته في أسمى صورها، أما حين يتم استغلال السلطة السياسية لتحقيق مآرب آنية وشخصية ومحدودة التوجهات، فإن ذلك يشوش على المعيار الأخلاقي في المجتمع، إذ يجعل عملية الفهم والاختيار بالغة الصعوبة لأن فوضى الأخلاق الناتجة عن العبء السياسي تعطل عمل الإرادة، وتجعل عملية الفهم والاختيار الحر صعبة، وتعيق العمل المشارك، وتدمّر اتجاه الالتزام بالواجب([20]).

9. عدم وفاء الفاعلين بمسؤولياتهم الاجتماعية: حيث يشكل هذا البعد ضلعاً أساسياً في أزمة المسؤولية الاجتماعية، وأبرز هؤلاء الفاعلين هم: (الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني). فيما يتعلق بالدولة* نجد أنها أصبحت عاجزة في عصر العولمة عن الاعتراف بحقوق أفراد المجتمع والعمل على إشباع حاجاتهم بما يؤمن حصولهم على حقوقهم، كما أنها أصبحت عاجزة أيضاً عن صياغة التآزر بين مختلف الجهود التي تعمل باتجاه تحدث المجتمع، بسبب نزعتها الأبوية بطبيعة الحال، وبسبب تضافر العجز عن الأداء والإنجاز مع النزعة الأبوية، فإننا نجدها دولة تميل إلى سد منافذ وقنوات المشاركة الديمقراطية الصحيحة، التي قد تتدفق عبرها عناصر تُطالب بالحقوق وتنشر حالة من القلق وعدم الاستقرار مما يؤدي إلى إخلالها بمسؤولياتها الاجتماعية، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى إضعاف الانتماء والتأثير على بنية الهوية الوطنية.

ويعد القطاع الخاص من أبرز الفاعلين الذين تخلوا عن مسؤوليتهم الاجتماعية في المجتمعات العربية وقد يرجع ذلك إلى غياب الوعي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية، وهي البعد الهام بالنسبة إلى المصالح من منطق نفعي بحت، حيث نجد أن هذا القطاع نقل عن القطاع الخاص الأجنبي تعطشه للربح غير أنه فشل أن ينقل عنه أن إنجازه لمسؤوليته الاجتماعية، التي تعد أحد قنوات إشباع هذه التعطش للربح. لذلك ندرك أن القطاع الخاص هو أحد أسباب الأزمة لأنه يدرك المسؤولية الاجتماعية من مدخل أن له حقوق على المجتمع، دون أن يهتم ببعد الواجبات. يضاف إلى ذلك أن هذا القطاع في كثير من الأحيان وبسبب سيطرته على الدولة في مجتمعاتنا نتيجة التزاوج بين المال والسلطة، يعمل باتجاه توسيع حقوقه على حساب حقوق المجتمع، بممارسة الاحتكار حيناً، ونشر سلوكيات الفساد في مجالات المجتمع العديدة أحياناً أخرى وعدم الإحساس بمصاعب ومشكلات أبناء وطنه أخيراً.

وفيما يتعلق بالمجتمع المدني· الذي يعدّ أحد أهم الفاعلين الذين عليهم تدريب الآخرين على ممارسة المسؤولية الاجتماعية نجد أنه يعاني أزمة قيامه بواجباته تجاه المجتمع بسبب كثرة القيود المفروضة عليه من قبل الدولة التي تمنعه لأسباب عديدة من القيام بأدواره تجاه ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية المجتمع([21]).

وفي ضوء ما سبق، نجد أن معظم أفراد المجتمع أصبحوا يحملون صفات تشوبها اللامبالاة والتهرب من تحمل المسؤولية والانغلاق على الذات والغرابة في المظهر والسلوكيات والتصرفات، وصارت معظم الأفعال الصادرة عنهم يغلب عليها طابع الجرأة على أبسط مبادئ القيم، فقد غلفت عقولهم الكثير من القيم السلبية المتمثلة في التمرد والتضليل والتشويش والسطحية مما أفرغ مفهوم المسؤولية الاجتماعية من مضامينه التي نحن بأمس الحاجة إليها.

وهكذا تمثل المسؤولية الاجتماعية مطلباً حيوياً ومهماً من أجل إعداد أفراد المجتمع على تحمل أدوارهم والقيام بها خير قيام، والمشاركة في بناء وتنمية المجتمع، وتقاس قيمة الفرد في مجتمعه بمدى تحمله المسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين، حيث يعد الشخص المسؤول على قدر من السلامة والصحة النفسية والمجتمعية، فالمسؤولية الاجتماعية من الصفات الإنسانية التي يجب غرسها داخل الفرد، حيث إن الفرد المتسم بتحمل المسؤولية الاجتماعية يحقق فائدة لجميع أفراد المجتمع، وتعد تربية الإنسان على تحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه ما يصدر عنه من أفعال وأقوال مسألة في غاية الأهمية لتنظيم الحياة داخل المجتمع الإنساني، فإذا تحمل الأفراد مسؤولياتهم ونتائج أعمالهم، استقرت حياتهم وسادت الطمأنينة فيما بينهم، وشاع العدل والشعور بالأمن النفسي والاجتماعي في حياتهم الخاصة والعامة([22]).

وفي النهاية، لابد من الإشارة إلى أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية يخضع للتعلم والاكتساب عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة، وبالتالي فهو قابل للتعديل والإصلاح من خلال العمل على تنمية أبعاده لدى الأفراد، كونه سلطة ضابطة لتهذب سلوك الإنسان وتوجهه. وتعزيز المسؤولية الاجتماعية وتنميتها، ولكن هذا لا يحدث من فراغ، ولا بمعزل عن البيئة الاجتماعية والثقافية والسياسية المحيطة التي يجب عليه أن تؤمن بالإنسان وبحقه في العيش بكرامة وحرية وعدالة اجتماعية.

([1]) ثامر البكري: المسؤولية الاجتماعية واستدامة رأس المال الفكري- بالإشارة إلى هجرة العقول العربية، بحث مقدم في الملتقى الدولي الخامس لجامعة حسيبة بن علو بالشلف، الجزائر، 2011، ص(5).

* يقصد بالمصلحة العامة كل ما يجتمع عليه رأي المواطنين في المجتمع من سيادة حكم القانون، وحفظ السلم والأمن، والرغبة بالحياة الحرّة والكريمة. وهذه المحددات هي المعيار الذي يؤسس للسياسة مشروعيتها، وليس المصلحة الخاصة لمن يدير الشأن السياسي. فهي تشير في نهاية الأمر إلى المنفعة العامة والرعاية الاجتماعية أو رفاهية الجميع، سواء الأجيال الحاضرة أو المقبلة في المجتمع.

يحتوي مضمون المصلحة العامة على عناصر جوهرية؛ تتجسد في العدالة: وهي التوازن الذي يجب تحقيقه بين المصالح المتعارضة، بغية كفالة النظام اللازم لاستقرار المجتمع الإنساني وتطوره. حيث تنقسم العدالة إلى ثلاثة أنواع: عدالة المساواة، عدالة توزيعية وعدالة تكليفية. والاستقرار الاجتماعي: ويتمثل مفهومها ضمن روابط الأفراد المتنوعة ضمن المجتمع؛ وذلك على أساس الاعتراف المتبادل بوجود الآخرين فيه، والاعتراف بين المجتمعين السياسي والمدني بالوجود المتبادل. وللاستقرار الاجتماعي تطبيقات شتى في نطاق الروابط القانونية في المجتمع، وذلك كما هي الحال مثلاً في القاعدة المستقرة في النظم القانونية كافة؛ والمتعلقة بعدم سريان القانون على الماضي، والقاعدة المتعلقة بعدم جواز استيفاء الحق بالذات، وتلك المتعلقة بوجوب قوننة الجريمة والعقوبة، فلا يجوز إيقاع جريمة أو عقوبة بلا نص. والتطور الاجتماعي: إذ إن المصلحة العامة تتجسد في تنمية العنصر البشري في المجتمع خير تنمية وبتحقيق التقدم المادي والمعنوي للمجموع.

([2]) عامر العورتاني: المسؤولية الاجتماعية القيمة المأمولة، جريدة الرأي الأردنية، عمان، تاريخ النشر18/11/2019 http://alrai.com/article/10510823

([3]) علي ليلة: النظرية الاجتماعية وقضايا المجتمع- قضايا التحديث والتنمية المستدامة، الكتاب الأول، مكتبة الانجلو مصرية، القاهرة، ط1، 2015، ص (145).

([4]) جميل محمد قاسم: فعالية برنامج ارشادي لتنمية المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب مرحلة ثانوية، رسالة ماجستير، علم نفس (الإرشاد النفسي)، كلية التربية، جامعة غزة الإسلامية، 2008، ص(16).

([5]) صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم 2409. https://www.dorar.net/hadith/sharh/66037

* جون ديوي (1859- 1952) فيلسوف وعالم نفس أمريكي، يعد واحداً من أبرز وأشهر فلاسفة التربية، في كل دول العالم وليس في أمريكا فحسب، كما يعتبر أحد رواد الفلسفة البراغماتية وإليه ينسب الفضل في بقاء واستمرارية هذه الفلسفة إلى عصرنا الحاضر إذ يعتبر من أكثر البراغماتيين إنتاجاً ونشاطاً في سبيل تدعيم هذه الفلسفة. وهو أيضاً من أشهر أعلام التربية الحديثة على المستوى العالمي، ارتبط اسمه بفلسفة التربية لأنه اهتم بتحديد الغرض من التعليم وأفاض بالحديث عن ربط النظريات بالواقع من غير الخضوع للنظام والواقع والتقاليد الموروثة مهما كانت عريقة.

([6]) فاطمة عمر: الذكاء الاجتماعي وعلاقته بالمسؤولية الاجتماعية لدى العاملين برئاسة شركات الخاصة بولاية الخرطوم، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الرباط الوطني، الخرطوم، 2017، ص (56).

([7]) جان بول سارتر: الوجود والعدم – بحث في الأنطولوجيا الظاهراتية، ترجمة: عبد الرحمن بدوي، منشورات دار الآداب، بيروت، ط1، 1966، ص (873).

([8]) جميل محمد قاسم: فعالية برنامج ارشادي لتنمية المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب مرحلة ثانوية، مرجع سبق ذكره، ص (14).

([9]) ولاء سهيل يوسف: فاعلية الذات وعلاقتها بالمسؤولية الاجتماعية، رسالة ماجستير، قسم علم النفس، كلية التربية، جامعة دمشق، 2018-2016، ص (49).

([10]) جميل محمد قاسم: فعالية برنامج ارشادي لتنمية المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب مرحلة ثانوية، مرجع سبق ذكره، ص (15).

([11]) ولاء سهيل يوسف: فاعلية الذات وعلاقتها بالمسؤولية الاجتماعية، مرجع سبق ذكره، ص (48-49-50).

* يعتبر التنظير أعلى درجات التفكير، ومن ثم فهو أكثرها صعوبة لأنه لا يمكن ولوج بابه إلا بعد إنجاز واجتياز مراحل سابقة من البحث والدرس. وإلا صار محض تأمل انطباعي أو تفكير مجرد ومغامر، أبعد ما يكون عن العلم والمنطق. فالتنظير كما يجب أن يكون فهو تحويل التراكمات العلمية بدءً بالوصف ثم الاستقراء والاستنباط إلى بديهيات، وتقنين قوانين عامة تفسر كل جوانب الموضوع وتجيب عن تساؤلاته. وهذا يعني وجود اختلاف جوهري بين التنظير وبين التأويل، إذ إن التأويل يدخل في إطار الرأي، بينما يتعلق التنظير بالرؤية. فالرأي عادةً يرتبط بجزئية ما في موضوع عام بهدف الوقوف على أسبابها، أما التنظير فموضوعه أعم وأشمل، ومن ثم فهو يمثل الحصاد النهائي لمجموعة من الآراء الجزئية وينظمها في رؤية تجانسية ومتسقة. ومن خلال هذه الرؤية يمكن الإجابة ببداهة عن التساؤلات المتعلقة بجزئيات الموضوع العام، على أساس أن الجزئيات هي التي تكّون الكليات، وما ينسب على الكل ينطبق على الجزء بداهة. وفي نهاية يمكن لنا تعريف التنظير السوسيولوجي بأنه " التنظير الذي بدأ بعد ظهور علم الاجتماع ذاته. حيث بدأ بعض المهتمين بشؤون المجتمع، تطوير بعض الفرضيات المتعلقة بطبيعة المجتمع، في ديناميته واستقراره، مع التأكيد على إمكانية اختبار هذه الفرضيات للوصول من خلالها إلى حقائق علمية يمكن أن تشكل مادة لمجموعة من القوانين التي تزيد من سيطرة الإنسان على المجتمع ". انظر: حسام الدين فياض: ماهية التنظير السوسيولوجي، الحوار المتمدن، العدد: 7365، تاريخ 08/09/2022. https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=767886

([12]) علي ليلة: النظرية الاجتماعية وقضايا المجتمع- قضايا التحديث والتنمية المستدامة، مرجع سبق ذكره، ص (145).

([13]) ولاء سهيل يوسف: فاعلية الذات وعلاقتها بالمسؤولية الاجتماعية، مرجع سبق ذكره، ص (62).

([14]) جميل محمد قاسم: فعالية برنامج ارشادي لتنمية المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب مرحلة ثانوية، مرجع سبق ذكره، ص(34-35)

([15]) المرجع السابق، ص (35).

* التنشئة الاجتماعية " هي العملية التي يتم من خلالها انتقال الثقافة من جيل إلى جيل عن طريق تعليم الفرد منذ نشأته المعتقدات والقيم والعادات والتقاليد والأعراف والمهارات في المجتمع الذي ينتمي إليه حتى يستطيع التكيف مع أفراده من خلال ممارسته لأنماط من المعايير والأدوار المقبولة اجتماعياً لتجعل منه عضواً فاعلاً ومنفعلاً داخل أسرته ومجتمعه، ويشكل التفاعل الاجتماعي جوهر عملية التنشئة الاجتماعية ".

([16]) علي ليلة: النظرية الاجتماعية وقضايا المجتمع- قضايا التحديث والتنمية المستدامة، مرجع سبق ذكره، ص (192).

([17]) المرجع السابق، ص (193).

([18]) جميل محمد قاسم: فعالية برنامج ارشادي لتنمية المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب مرحلة ثانوية، مرجع سبق ذكره، ص (28)

([19]) انظر علي ليلة: النظرية الاجتماعية وقضايا المجتمع- قضايا التحديث والتنمية المستدامة، مرجع سبق ذكره، ص (195).

([20]) ولاء سهيل يوسف: فاعلية الذات وعلاقتها بالمسؤولية الاجتماعية، مرجع سبق ذكره، ص ص (63-64).

* الدولة هي كائن اجتماعي، لأن أحد أهم مقوماتها هو البشر الذين تجمعهم روابط خاصة تجعلهم قادرين على الحياة المشتركة. ويعتبر تعريف عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر لمفهوم الدولة من أكثر التعاريف شهرةً إذ عرَّفها " بأنها منظمة سياسية إلزامية مع حكومة مركزية تحافظ على الاستخدام الشرعي للقوة في إطار معين للأراضي". في حين رأى العديد من فقهاء القانون الدستوري أن الدولة: كياناً إقليمياً يمتلك السيادة داخل الحدود وخارجها، ويحتكر قوى وأدوات الإكراه.

  • ارتبط مفهوم المجتمع المدني في نشأته وتطوره بتاريخ نضال الشعوب من أجل الحرية والمساواة وكذلك حاجة الإنسان إلى الأمن، الاستقرار، والنظام، وقد مر مفهوم المجتمع المدني عبر مراحل تاريخية عديدة عملت كل مرحلة على بلورة وصياغة معالمه ابتداءً من التحولات التي عرفتها أوروبا من القرن السابع عشر والثامن عشر إذ فرضت التحولات الاجتماعية هذا المفهوم حينما ظهرت الحاجة إلى علاقة ما جديدة بين الشعب والسلطة بعد انهيار المجتمع الإقطاعي القديم وظهور المجتمع البرجوازي الجديد، لذلك فلم ينفصل تطور هذا المفهوم عن تطور مفهوم الدولة وتبلوره عبر التاريخ.

يُعرّف المجتمع المدني بأنه شبكة كثيفة من الجماعات والمجتمعات والشبكات المختلفة بالإضافة إلى الروابط التي تقف بين الفرد والدولة الحديثة، وأصبح هذا التعريف الحديث للمجتمع المدني مكوناً مألوفاً في الجوانب الرئيسية للتنظير الليبرالي والديمقراطي المعاصر، وبالإضافة إلى خصائصه الوصفية فإن مصطلح المجتمع المدني يحمل مجموعة من الأخلاقيات والتطلعات السياسية، ويعد تحقيق مجتمع مدني مستقل شرطاً أساسياً ومسبقاً لديمقراطية سليمة، وعلى نطاق واسع تم اعتبار معنى ومضمون مفهوم المجتمع المدني على أنه إطار تحليلي لتفسير العالم الاجتماعي. أما الأمم المتحدة، فتعرف " المجتمع المدني " على أنه القطاع الثالث من قطاعات المجتمع مع الحكومة وقطاع الأعمال. ويتكون قطاع المجتمع المدني حسب الأمم المتحدة من منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ". ويشمل المجتمع المدني أيضاً جماعات الضغط الدينية، وبشكل عام، يضم المنتديات الاجتماعية والثقافية والشبابية، والحركات النسوية والطلابية، والهيئات الحرفية والمراكز البحثية ومراكز الدراسات غير الحكومية والمؤسسات الدينية غير الخاضعة لسلطة الدولة، وغرف التجارة والصناعة، والنقابات، والاتحادات، وغيرها.

([21]) علي ليلة: النظرية الاجتماعية وقضايا المجتمع- قضايا التحديث والتنمية المستدامة، مرجع سبق ذكره، ص ص (196-197).

([22]) ولاء سهيل يوسف: فاعلية الذات وعلاقتها بالمسؤولية الاجتماعية، مرجع سبق ذكره، ص(64)