الإسلاميون: دراسات في السياسة والفكر؛ قراءة في كتاب للباحث المغربي رشيد مقتدر


فئة :  قراءات في كتب

الإسلاميون: دراسات في السياسة والفكر؛  قراءة في كتاب للباحث المغربي رشيد مقتدر

في التعريف بالكاتب:

ينتمي الأكاديمي المغربي رشيد مقتدر إلى الجيل الجديد من الباحثين في العلوم السياسية والاجتماعية المتخصصين في الدراسات ذات الصلة بالحركة الإسلامية المغربية. حاصل على شهادة الدكتوراه من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة الحسن الثاني في مدينة الدار البيضاء (2009م)، في إشكالية: (الإسلاميون والسلطة ورهانات العمل السياسي: مساهمة في رصد مسار الإدماج السياسي للإسلاميين في المغرب)، ونُشرت في صيغة مركّزة (نحو 400 صفحة) تحت عنوان[1]: (الإدماج السياسي للقوى الإسلامية في المغرب)[2]. يُذكر أنه حاصل، أيضاً، على شهادة الدراسات العليا المعمّقة من الكلية نفسها (2002م)، حول موضوع: (الحركة الإسلامية وإشكالية المشاركة السياسية)[3].

أصدر الباحث، بالإضافة إلى ذلك، كتاب (الإرهاب والعنف السياسي: من تفجيرات الدار البيضاء إلى قضية بلعيرج)[4]، رصد فيه دينامية الإرهاب في علاقته بالعنف السياسي بين لحظتين فارقتين؛ الأولى، التي بدّدت ما سُميّ الاستثناء المغربي، حين انتهى باستهداف المغرب بضربات إرهابية اشتملت على العديد من الأماكن في مدينة الدار البيضاء سنة (2003م). واللحظة الثانية، بعدها بخمس سنوات، لمّا تفجّرت قضية بلعيرج ومن معه، التي سوف يُعتقل[5] إثرها كلّ من: المصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب البديل الحضاري[6]، ومحمد الأمين الركالة، القيادي في الحزب ذاته، ومحمد المرواني، الأمين العام لحزب الأمّة غير المرخّص له[7].

للباحث رشيد مقتدر، أيضاً، مساهمات في ندوات داخل المغرب وخارجه، فضلاً عن العديد من الدراسات والأبحاث العلميّة المحكّمة في مجلاّت مغربية وعربية حول موضوع الحركات الإسلامية ومشمولاته، نذكر من بينها: (تأملات في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم)[8]، و(القوى الإسلامية والتحالفات الـمُبرمة قبل الربيع العربي وبعده: محاولة للفهم)[9].

يولي الباحث رشيد مقتدر اهتماماً خاصّاً بالسؤال المعرفي، فبالإضافة إلى دقّة الاشكاليات المدروسة، سواء في أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه، أم ضمن المقالات العلمية التي ينشرها، هناك عناية بالجوانب المنهجية، لاسيّما فيما يتعلّق بالجانب الميداني في مزج بين النظري والتطبيقي (من خلال الملاحظة بالمشاركة، أو التتبع الميداني لسلوك الفاعل السياسي موضوع الدرس).

عناصر الكتاب المنهجيّة:

يقول الكاتب رشيد مقتدر في مؤلّفه[10] (موضوع القراءة): «وإذا كان كتاب (الإسلاميون: دراسات في السياسة والفكر) قد أُنجِزت معظم دراساته وأبحاثه في مراحل مختلفة، وظروف متباينة، وسياقات معيّنة، فإنّ انتقاء هذه الدراسات وتجميعها في مؤلّف خاصّ لا يخلو من مجازفات ومخاطر علميّة، فالناظم بين مجمل الدراسات والأبحاث المضمنة في ثنايا هذا العمل، وحدة الموضوع المدروس (علاقة الإسلاميين بالسلطة)، وانسجامه مع المناهج المعتمدة، ما دامت طبيعة الموضوع والإشكالات هي التي تحدّد طبيعة المنهج المعتمد ونوعيته، فإنّه يمكن تحديد المخاطر العلميّة المحتملة في مدى قدرة التحليلات والتفسيرات المقترحة على الصمود أمام التطورات التاريخية والسياسية، وتمكنها من الحفاظ على فعاليتها في استيعاب الظواهر والوقائع الاجتماعية والسياسية المدروسة، وفهمها، والتي من سِماتها التقلّب، والتخفّي، واللبس، والتعقيد، ممّا يصعّب من عملية درسها»[11].

يشدّد الباحث على أنّ منهج التعامل مع المفاهيم والقضايا المدروسة ليس منهجاً ثابتاً؛ لأنّ هذه المفاهيم، والقضايا، والإشكالات، شهدت تطوراً فكرياً وإيديولوجياً، وفقاً للمراحل السياسيّة التي مرّت، وتمرّ، منها المجتمعات والدول، وما شهدته، وتشهده، من تطورات، أو أزمات، على المستويات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، وهو ما يستدعي، بالضرورة، «التعامل النسبي»[12] مع هذه القضايا، ودراستها، آخذاً هذه السياقات المتنوّعة في الاعتبار.

إنّ من أهمّ المحاذير المنهجية، التي يحذّر الباحث من مغبّة السقوط فيها، الاعتماد على تصورات وطروحات الفاعل الإسلامي من منطلق معياري[13]؛ لأن من شأن ذلك «التأثير على الباحث والدارس، وربّما دفعه إلى الوصول إلى نتائج غير دقيقة أبرزها السقوط في شرك الإيديولوجيا السياسية للتنظيم السياسي، التي من أهم وظائفها الشرعنة، والإقناع، والدمج، والتمويه»[14]. ومن أجل تجنّب ذلك، يدعو الباحث رشيد مقتدر إلى التحلي بالحذر المنهجي، واليقظة العلمية، والتعامل مع هذه الأنماط من الطروحات بنسبيّة.

يحدّد الكاتب لعمله البحثي مقصدين يتوخّى بلوغهما من ورائه:

-   أوّلاً: فهم الديناميات السياسية والاجتماعية المتسارعة، التي تشهدها المجتمعات العربية والإسلامية، بكلّ ما يتطلّبه ذلك من ضرورة الاطلاع على الأطروحات الفكرية، والمشاريع السياسية، التي حاولت فهم المنعطفات التاريخية التي مرّت منها المجتمعات العربية والإسلامية، ثمّ رصد مجمل الحلول المقترحة للخروج من الأزمات التي مرّت منها هذه المجتمعات.

-   ثانياً: فهم المنطق الناظم للتحوّلات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، التي تمرّ منها المجتمعات العربية الإسلامية والعوامل المحدّدة لها.

وقد رأى أنّ عمله لا يخلو من فوائد نظرية وعملية[15]؛ محدداً الأولى بحاجة الموضوع إلى المزيد من الدرس، والبحث، والاستقصاء، ومحاولة سبر معالمه المجهولة، التي لم تحظَ بما يكفي من التدقيق العلمي؛ والإسهام في التقليل من المساوئ التي تُحدثها المقاربات التعميمية، التي لا تراعي الضوابط المنهجية والمعرفية، وتنمّط الحركات السياسية الإسلامية، وتتعامل معها -عن جهل- باعتبارها كيانات وتنظيمات واحدة تملك المرجعيات والمشاريع ذاتها، ما يعيق الفهم العميق، والسليم، والموضوعي، للحركات الإسلامية.

أما الفوائد العمليّة، فحدّدها بالمساهمة في التعريف بالفاعل السياسي الحركي الجديد[16]، وتقريب أطروحاته ومشاريعه السياسية لمختلف المهتمين بالموضوع؛ ثمّ وضع تصوّرات القوى الإسلامية وممارساتها للعمل السياسي والاجتماعي على محك الدرس، والتحليل، والنقد.

إنّ المحاذير المنهجية، المشار إليها، جعلت الكاتب يتوسّل بالجانب الميداني، معتمداً تقنية المقابلة، والملاحظة بالمشاركة، في علاقته بالجانب النظري، عبر الاحتكاك بالفاعلين السياسيين، ومحاورتهم، ووضع سلوكياتهم تحت مجهر الملاحظة المباشرة، ومن حسنات ذلك -حسب الباحث دائماً- تقليص إمكانات السقوط في الأحكام القيميّة والمسبقة، والتعامل مع الظاهرة كمعطىً موضوعي خارجي، بعيداً عن التمثّلات الذهنيّة أو الذاتية[17].

الأطروحة المركزية للكتاب:

يحيل عنوان كتاب (الإسلاميون: دراسات في السياسة والفكر)، على اهتمام الكاتب بحقلين أساسيين؛ حقل السياسة، وحقل الفكر، مُقِرّاً، سواء في هذا المنجز، أم في أعمال سابقة، بترابط الحقلين المذكورين، وتعذّر ممكنات النظر إلى أحدهما في معزل عن الآخر، في ظلّ وجود مقاربات متسرّعة، أحياناً؛ حيث لا تأخذ في الاعتبار الطبيعة التركيبية للإشكاليات المطروحة، وسعيها إلى تقديم أجوبة مبتسرة، على الرغم من أنها تحتاج نظراً، وتدقيقاً، ونسبية في المعالجة.

لقد ضمّ الكتاب، في قسمه الأوّل، دراسات في السياسة قارب فيها الباحث علاقة السلطة بالإسلاميين (حزب العدالة والتنمية، وجماعة العدل والإحسان، والحركة من أجل الأمة، وحزب البديل الحضاري)، والمسلسل الاستيعابي، الذي سلكه الإسلاميّون الإصلاحيّون خلال مرحلة إدماجهم في المجال العام من طرف النظام السياسي المغربي؛ ثمّ علاقة الإسلاميين بالسياسة وتحالفاتهم الممكنة (اليسار في علاقته بالإسلاميين الإصلاحيين)؛ بالإضافة إلى دراسة استراتيجيات السلطة السياسية في المغرب تجاه القوى الإسلامية، وأوجه التمايز والتشابه بين هذه الأخيرة وبين الحركة الثقافية الأمازيغية، في إطار مفهوم الحركات الاجتماعية ذات الطابع الاحتجاجي، باعتباره مفهوماً مؤطراً (بردايم) موجِّهاً للنظر والتحليل.

في جدلية العلاقة بين السياسة والفكر، تناول الكاتب، في القسم الثاني من الكتاب؛ دراسات مدارها على الفكر الإسلامي، من خلال محاورة كتاب (من الاستبداد إلى الديمقراطية: إرث وقطيعة في الفكر السياسي العربي الإسلامي) (بالفرنسية) لمحمّد موقيت[18]، وذلك لـمّا ناقشه الباحث رشيد مقتدر في إشكالية زمنية ظهور الاستبداد في الفكر السياسي العربي الإسلامي، والعوامل المساهمة في إبرازه، والبحث في علاقة النهضة بالتخلف، ثم التفسير الممكن لظاهرة الاستبداد في العالم العربي[19]. بعد ذلك، وضع الفكر الإسلامي الحركي تحت مجهر أسئلة التجديد الفكري والسياسي، مناقشاً أسئلة الحدود الناظمة بين السلطة السياسية والسلطة الدينية، من خلال عرض أطروحتين؛ الأولى التي تدفع بالدور السيادي للسلطة الدينية، وخضوع السلطة السياسية لها، والثانية المتمسّكة بضرورة ضبط السلطة السياسية لمجال السلطة الدينية، وتقنين عملها[20]، ما أفرز أنموذجين في تفسير العلاقة بينهما: الأنموذج التوفيقي (تحالف مؤسسة العلماء مع النظام الملكي السعودي)[21]، والأنموذج التوحيدي (إمارة المؤمنين في المغرب)[22]؛ وفي المحور الأخير بَسَطَ أسس ومقاصد نظرية الإسلام في العلاقات الدولية.

لقد عمل الكاتب على تفكيك علاقة القوى الإسلامية في المغرب بنظام الحكم، والمياه الكثيرة التي سَرَت تحت جسر هذه العلاقة، بين سنة (2003م)، التي تحيل على زمنٍ دالٍّ يهمّ الأحداث الأليمة التي عرفتها مدينة الدار البيضاء (16 أيار/ مايو 2003م)، وما تلا ذلك من شروع السلطة السياسية المغربية في إعادة هيكلة الحقل الديني، والتحديات السياسية، والإشكاليات المعرفية التي طرحها؛ ثمّ سنة (2012م)، التي تؤشّر على تسلّم جزء من الحركة الإسلامية في المغرب مهمّة تدبير الشأن العام، ممثلةً في حزب العدالة والتنمية، بعد الانتخابات السابقة لأوانها، التي أجريت في (25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011م)، في سياق مخرجات الحراك الذي عرفه الشارع المغربي ضمن دينامية حركة (20 فبراير).

يبحث الكتاب علاقة نظام الحكم، في المغرب، بالمعارضة السياسية الممثّلة في القوى الإسلامية، باعتبارها مشروعاً سياسياً، واجتهاداً فكرياً، لقوى سياسية واجتماعية[23] تشتغل داخل تنظيم هرمي، وتعتنق المرجعية الإسلامية كهوية إيديولوجية لها رؤية فكرية، ومشروع سياسي، وتسعى للوصول إلى السلطة، أو المشاركة فيها[24]؛ وهي العلاقة التي تنتظم في إشكالية كبرى مؤطّرة للاهتمام العلمي، للباحث رشيد مقتدر، تهمّ جدلية الدولة والمجتمع، في سياق ما يسمّى الدول السائرة في طريق النمو[25]، من خلال رصد الحركية السياسية والاجتماعية، والتعامل معها كفعل سياسي له خلفية ثقافية، وسلوك اجتماعي، ومن خلال ربط البعد التنظيري والتصوري بالفعل السياسي والاجتماعي، والسلوكات، والمواقف العملية، والممارسة اليومية[26].

أ‌-         الأشكال الاتفاقية للمشاركة السياسية: الإسلاميون الإصلاحيون نموذجاً:

حاول الباحث استقراء الحيّز، الذي تشغله «السياسة» ضمن مجال اشتغال الإسلاميين الإصلاحيين[27]، التي لم تأخذ، في نظره، خلال بدايات التنظيرات الإيديولوجية والفكرية للإسلاميين، سوى حيّز محدود، بسبب طغيان الهمّ الديني، والدعوي، والتربوي، والاجتماعي، على حساب السياسي[28]، الذي لم يتشكّل الوعي بأهميته إلا في مرحلة لاحقة[29]؛ وهو ما أفرز ثلاثة نماذج معرفية؛ النموذج الأول مـحـرِّمٌ للعمل السياسي، ورافض له؛ النموذج الثاني مشكّك في العمل السياسي، ومرتاب من جدواه، مدرجاً إيّاه في باب الشبهات؛ النموذج الثالث مُقِرٌّ بشرعية العمل السياسي، ويَعدّه ضرورة لا تناقض أصل الدين، ويؤمن بالمشاركة السياسية كوسيلة سلمية للتغيير والإصلاح[30].

ضمن النموذج الثالث، برز توجّهان؛ الأول يقرّ، ويدافع عن؛ المشاركة السياسية (حزب العدالة والتنمية، الحركة من أجل الأمة، حزب البديل الحضاري)، والثاني يرفضها (جماعة العدل والإحسان)، ويُرجع الباحث ذلك إلى عوامل إيديولوجية، ومواقف سياسية من النظام الحاكم أكثر منه خلافات عقديّة، أو دينية، حول شرعيّة العمل السياسي[31].

أبرز الباحث أنّ مسار الإدماج السياسي للإسلاميين الإصلاحيين قد اعترته مجموعة من العوائق، ما أفرز العديد من الإشكالات. فالموقف من إدماج الإسلاميين داخل اللعبة السياسية لم يكن موحّداً؛ بل تباين باختلاف الأنظمة السياسية، وطبيعة مرجعياتها، واختياراتها السياسية والإيديولوجية، ومدى تهديد الإسلاميين لمصالح القوى السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية المتنفذة فيها؛ ثم إنّ الإسلاميين ليسوا جسماً إيديولوجياً موحداً[32]، فعلى الرغم من وحدة المرجعية، التي ينهلون منها، نجد تأويلات وتفاسير متعددة. هذان المعطيان نتج عنهما تعدّد في الاستراتيجيات، التي سلكتها الأنظمة السياسية في التعامل مع إدماج الإسلاميين في العملية السياسية (الاستراتيجية الإدماجية المنفتحة، التي سمحت بإدماج الإسلاميين داخل المجال العام؛ الاستراتيجية الإدماجية المتأرجحة ما بين السعي إلى تحقيق الإدماج، والتخوّف من فشله؛ الاستراتيجية الإقصائية، التي ترفض التعامل مع الإسلاميين عملاً بمقولة: ليس في القنافذ أملس).

إنّ من بين أهمّ العناصر التحليلية، التي توقّف عندها الكتاب، هي المشكلات غير المعلنة، التي اعترت فعل الإسلاميين السياسي داخل المجال العام[33]، ممثلاً في اصطدام حزب العدالة والتنمية بمجال حساس شكّل قلقاً متنامياً للمؤسسة الملكية كسلطة سياسية، وإمارة المؤمنين كسلطة سياسية دينية، حيث نافس الإسلاميون الإصلاحيين الملك، كأمير للمؤمنين، في النهل من الشرعية السياسية الدينية، الأمر الذي وصل إلى إحراج الملكية في مرات عديدة، من خلال المناداة بأسلمة الاقتصاد، ومعارضة قانون السلفات الصغرى، ومناهضة وجود الخمارات، والدعوة إلى تخليق المشهد التلفزي، كما أثار النهج نفسه سخط النخب السياسية وامتعاضها، من خلال اعتبار أن الإسلاميين يمارسون نوعاً من الوصاية الأخلاقية والسياسية عليهم[34].

خلص الباحث إلى أن جوهر الخلاف بين السلطة والإسلاميين الإصلاحيين يُمكن ردّهُ إلى ثلاثة عوامل؛ أولاً: الخلاف الحاصل حول الشرعية السياسية الدينية، بسبب اعتماد حزب العدالة والتنمية المرجعية الإسلامية خلفيةً إيديولوجية وسياسية، الشيء الذي يجعله منافساً للملكية، في المغرب، على السلطة السياسية -الدينية، انطلاقاً من إيمان المؤسسة الملكية بأنّ المجال الديني يعدّ مجالاً سيادياً ومحتكراً لا يحقّ لأيّ فاعل سياسي آخر مقاسمتها إيّاه؛ ثانياً: التداعيات السياسية لوظيفة «الضبط الأخلاقوي»، التي اضطلع بها الإسلاميون الإصلاحيون خلال ممارستهم للسياسة، حيث إنه كان من أبرز شروط إدماج الإسلاميين في اللعبة السياسية قبولهم بقواعد العمل السياسي، كما هو متّفق عليها في المغرب، لكن خلال ممارسة الإسلاميين العمل السياسي ميدانياً، حدث انزياح أو خرق لهذه القواعد العرفية، وهو ما يتجاوز المسألة مما هو سياسي في الظاهر إلى مجال يتداخل فيه الديني والسياسي بالأخلاقي في الباطن؛ ثالثاً: الحفاظ على التوازنات السياسية الكبرى، حيث كان النظام السياسي المغربي يهدف، من وراء إدماج الإسلاميين، باعتبارهم فاعلاً جديداً، إلى عدم المسّ بقواعد اللعبة السياسية، أو المسّ بثوابت البلاد، لكن الإسلاميين وجدوا في الإدماج فرصة لا تعوّض من أجل توسيع مشاركتهم السياسية، بشكل يساعدهم على التجذر الاجتماعي، وتقوية نفوذهم الجماهيري.

من بين أهم الخلاصات، التي توصّل إليها الباحث، نقرأ ما يأتي: لقد مكّن الإدماج السياسي الإسلاميين من إنضاج[35] طروحاتهم، وتطوير تصوراتهم، حول قضايا السياسة والحكم، بالاحتكاك مع السلطة، وباقي الفاعلين السياسيين، والنظر إلى العمل السياسي كمجال يستلزم الاحترافية، والتخصُّص في عرض المشكلات، وتدبير السياسات العامة، فكان من نتائج هذا المسلسل الاستيعابي تمكين الإسلاميين من فهم منطق الدولة والسياسة كما هي، لا كما يجب أن تكون، والعمل على اكتساب الخبرات، عبر الممارسة السياسية، بشكل يساعد على تقريب المشروع الحركي الإسلامي، من خلال المعارك الانتخابية والسياسية[36].

ب‌-     الأشكال الاحتجاجية للمشاركة السياسية: جماعة العدل والإحسان نموذجاً:

ينطلق الباحث من فرضية مفادها أن المشاركة السياسية في بُعدها المؤسّساتي تدعّم الاستقرار، كما تخوّل كلّ فرد فرص التعبير عن اهتماماته الخاصّة، وتمنح المزيد من القوّة والصلابة لمبادئ التوافق، والمحاسبة، وحق المعارضة في الوصول إلى السلطة. أمّا في جانبها الاحتجاجي (غير المؤسساتي)، فهي أفعال منبثقة من عمق مجتمعي وشعبي، ومعبرة عن تطلّعات الوجود سياسي، متحررة، بشكل أو آخر، من مراقبة السلطة، وتهدّد، باستمرار (سواء كانت عفوية أم منظمة) استقرار النظام، وتسهم في تقويض باقي مؤسساته وأجهزته. ومن ثمّ فهي أشكال ذات طابع جماعي، ثمّ إنّها أفعال مستقلّة لا تمرّ، بالضرورة، عبر وساطة النخب السياسية الرسمية[37]. يقرّ الباحث بالعلاقة المتبادلة بين اللعبة السياسية والتجمعات في الشارع، فقدرة تنظيم ما، حزباً كان أو حركة اجتماعية، على تعبئة مناضليه وأنصاره، بكيفية مباشرة، أو عبر تنظيمات وسيطة، هي مورد سياسي مهم، يعبّر عن قوة التنظيم، وحقيقة تمثيليته الاجتماعية، وحجم تفاعل الجماهير مع إيديولوجيته، وإيمانها بخطاباته وبرامجه، ومن ثمّةَ شرعية مطالبه. بهذه الكيفية، تضغط هذه القوى الاحتجاجية على النظام لحثّه على تقديم المزيد من التنازلات[38].

يوضّح الكاتب أن موقف جماعة العدل والإحسان لايزال ثابتاً إزاء النظام، ومن العملية السياسية برمّتها، فهي، وإن كانت تؤمن بمبدأ المشاركة السياسية، فإن الإشكال يتحدّد في شروط هذه المشاركة السياسية، ومن ثمّ فالجماعة تنهج خيار المقاطعة؛ لأن الشروط الراهنة، في نظرها، لا تسمح بمشاركة فاعلة، وأن النظام يفتقد تعددية سياسية حقيقية أمام تمركز جلّ السلطات لدى الملك، في وقت تبقى فيه الحكومة مجردة من أيّ اختصاصات أو صلاحيات، ومن ثمّ عدم وجود فصل حقيقي للسلطات. في المقابل، يرى الكاتب أن الجماعة تدعو إلى ميثاق إسلامي تشارك فيه الفعاليات المجتمعية كافةً من أجل إعادة تحديد إشكالية السلطة السياسية[39].

يخلص الباحث، بعد أن بَسَطَ معالم مشروع جماعة العدل والإحسان السياسي، والطروحات الكبرى الناظمة لتوجهها العام، كما صاغها مرشدها الراحل عبد السلام ياسين؛ إلى أنّ الجماعة تراهن داخلياً (تنظيمياً) على عاملين[40]:

-  العامل الأوّل: نجاعة البناء التربوي ذي المسحة الصوفية على الصعيد العقدي لأتباعها؛ ثم إحداث الدائرة السياسية للجماعة، التي راهنت، من خلالها، على الرفع من دينامية الحراك التنظيمي والسياسي داخل الجماعة.

-  العامل الثاني: المراهنة على المجال الاجتماعي، عبر العمل الجمعيّاتي، والنقابي، والثقافي، والدعوي؛ ثم العمل على التماهي مع الحركية السياسية، التي شهدها الشارع العربي سنة (2011م)، عبر الانخراط في دينامية حركة (20 فبراير).

إذا كانت للجماعة رهاناتها الخاصّة، فإنّ للسلطة السياسية، في المغرب، رهاناتها، أيضاً، فيما يخصّ التعامل مع الجماعة، وتتحدّد هذه الرهانات -حسب الباحث رشيد مقتدر- في: الرهان على عامل الزمن، الذي قد يضعف من تلاحم الجماعة وتماسكها، والضغط عليها من أجل تقديم المزيد من التنازلات؛ توظيف عامل المنافسة السياسية للإسلاميين الإصلاحيين، من خلال تشجيع السلطة السياسية، في المغرب، لحزب العدالة والتنمية، وحركة التوحيد والإصلاح، كقوىً سياسية إسلامية تعمل من داخل المؤسسات السياسية للدولة؛ استغلال أخطاء الجماعة، من خلال مجازفتها باعتماد خطاب الرؤى والمبشرات على مستوى بعض إصداراتها؛ لجوء النظام، ربّما، إلى التعامل ببراغماتية سياسية، من خلال استقطاب عناصر جديدة من داخل الجماعة بعد وفاة مرشدها الراحل عبد السلام ياسين[41]، وذلك أنّ غياب المرشد قد يشكّل فرصة سياسية لبعض القوى السياسية داخل الجماعة الساعية إلى الانفتاح، والراغبة في ولوج العمل السياسي، والاستفادة من عوائده المادية والرمزية[42].

إنّ من أهم الإضافات التي جاء بها الكتاب، تلك المقارنة المهمّة التي عقدها الكاتب بين حركتين؛ الأولى: سياسية -ثقافية؛ والثانية: سياسية -دعوية[43]، وقد حاول الباحث مقاربة أوجه التشابه، ونقط التمايز، بين الحركتين.

رأى الباحث، في دراسته المعنونة: (الحركات الاجتماعية ذات الطابع الاحتجاجي، الحركة الأمازيغية والحركة الإسلامية: مقاربة أوليّة في أوجه التشابه والتمايز)، أنّ الحركتين، معاً، تشتركان في كونهما تعبيراً عن حركات اجتماعية جديدة تنطلق من الحقل الثقافي للوصول إلى مواقع سياسية واجتماعية؛ لكنّهما تختلفان في أنّ الحركة الأمازيغية ترى أنّ الدولة المغربية نشأت قبل مجيء الإسلام، ما يجعلها تشكّك في الأطروحة الرسمية القائلة بعروبة وإسلامية المغرب محدّداً وحيداً وأساسياً للهوية المغربية، بينما «تسير أطروحة الإسلاميين مع تصور السلطة السياسية، أي تكوّن الدولة المغربية مع الأدارسة»[44]؛ الشيء الذي يجعل الحركة الثقافية الأمازيغية[45] تنطلق من البعد الثقافي واللغوي للدفاع عن الحقوق الاجتماعية والسياسية، ما يجعل خطابها ذا طابع عقلاني متماهٍ مع الخطاب العلماني الحداثي، بينما تركز الحركة الإسلامية على البعد الديني الدعوي -السياسي في إنتاج إيديولوجية تُرجع مشكلات المغرب إلى البعد عن الدين، ما يجعل التيار الإسلامي غير واضح في موقفه من «إشكالية الحداثة والديمقراطية»[46].

إن نقطة الضعف الأساسية في هذه المقارنة، التي عقدها الباحث، تتجلّى في كونه لم ينضبط بالتقسيم، الذي ميّز فيه، قبلاً، بين الأشكال الاتفاقية للمشاركة السياسية، وبين الأشكال الاحتجاجية للمشاركة السياسية[47]، في اعتباره إطاراً منهجياً مرجعياً للتحليل والفهم؛ حيث إنّه إذا كان مفهوماً، من الناحية المعرفية، كون كل من جماعة العدل والإحسان، والحركة الثقافية الأمازيغية، تنتميان إلى الأشكال الاحتجاجية للممارسة السياسية، وتتوسلان كثيراً، في معجمها، وخطابها، وآلياتها، في الفعل والعمل، فإنّه فيما يخصّ حزب العدالة والتنمية، وحركة التوحيد والإصلاح، والحركة من أجل الأمة، وحزب البديل الحضاري، جميعاً، أقرب إلى الأشكال الاتفاقية للمشاركة السياسية منه إلى الأشكال الاحتجاجية، ومن ثمّ لم يكن مفهوماً أن يتمّ الخلط بينهما دونما تمييز؛ ذلك أنّه من المفيد، منهجيّاً، قصر المقارنة على الحركة الثقافية الأمازيغية، وجماعة العدل والإحسان[48].

خلاصات:

ضمّ كتاب: (الإسلاميون: دراسات في السياسة والفكر)، العديد من النتائج والخلاصات، التي يمكن إجمالها فيما يأتي:

-  إنّ الإسلاميّين ليسوا جسماً واحداً، على الرغم من وحدة المرجعية؛ وأنّهم راهنوا على الحقل الاجتماعي مجالاً للتجنيد والاستقطاب.

-  إنّ موقف النظام السياسي من الإسلاميين حكمته اعتبارات براغماتية صرف، وهذا ما يفسّر التساهل في التعامل مع الجماعات الإسلامية الناشئة. في المقابل، تميّز موقف الإسلاميين من نظام الحكم في المغرب بغياب الوضوح، وعدم القدرة على الحسم على صعيد المرجعية المعتمدة، والمواقف السياسية المعلنة.

-    حضور محدود للسياسة في التنظيرات الأولى للإسلاميين، في وقت غلب فيه التفكير في الهمّ التربوي والديني.

-  إن الإسلاميين الإصلاحيين استطاعوا، عبر الاختيار التدرجي، الذي انخرطوا فيه؛ أن ينتقلوا من منهج التغيير السياسي الثوري إلى منهج التغيير الحضاري.

-  إن أحداث (16 أيار/ مايو 2003م)، باعتبارها مرحلة مهمة في دينامية الإدماج، لم تفضِ إلى أيّ قطيعة في علاقة السلطة بالإسلاميين، بقدر ما شكّلت عائقاً اعترى مسار الإدماج السياسي[49]، الشيء الذي جعلهم يغيّرون من استراتيجيتهم في التحالف مع باقي القوى السياسية، فكان الانخراط في مسلسل التحالف[50] أحد الدروس المستنتجة من أحداث (16 أيار/مايو 2003م).

-  على الرغم من الحصيلة الإيجابية للفعل البرلماني التشريعي والرقابي، الذي يُحسب للإسلاميين الإصلاحيين، فإنّهم اصطدموا بمحدودية الأدوار السياسية المنوطة بالبرلمان، الذي خُوّلت له وظائف شكلية غير مؤثّرة، ما جعله يفتقد رهانات سياسية حقيقية داخل النظام السياسي المغربي.

-  يطرح الباحث سؤالاً يحمل جزءاً من الإجابة، التي تفتح، بدورها، الباب على أسئلة إشكالية أخرى: كيف يمكن تفسير تغيّر الفاعلين اليساريين والإسلاميين، بينما النظام السياسي المغربي بقيَ على حاله؟ يقدّم الكاتب عناصر إجابة أولية قائلاً: «الملك يضطلع بأدوار سياسية مركزية جعلت منه الفاعل السياسي الأول، بينما أنيط بباقي الأحزاب السياسية أدوار سياسية ثانوية حددت رهاناتهم في القرب من السلطة، والتنافس على الوظائف السياسية التي تخولها لهم، فترتب، على ذلك، افتقاد العمل السياسي لرهانات سياسية حقيقية»[51].

-  فيما يخصّ جماعة العدل والإحسان، فإنّ رهانها لم يكن، يوماً، المشاركة السياسية؛ بل رهانها هو شروط هذه المشاركة[52]، وحدود الصلاحيات التي تخوّلها.

-  إنّ الحراك، الذي عرفته المنطقة العربية، أفرز استفادة[53] الإسلاميين على صعيد ثلاثة مستويات: استفادة الرافضين منهم للعمل السياسي باستقطاب أكبر قدر من الجماهير، والتحالف مع القوى السياسية الداعية للتغيير؛ وصول الإسلاميين الإصلاحيين إلى الحكم في تونس، والمغرب، ومصر[54]؛ استفادة القوى السلفية من حريّات ومكاسب عديدة[55].

-  إنّ مجموع الإنتاج الفكري والسياسي للحركات الإسلامية في العالم العربي الإسلامي لم يُجب عن السؤال الآتي: لماذا لم تُؤَدِّ الممارسة السياسية، طوال التاريخ الإسلامي والعربي، إلى تطوير النظرية السياسية للحكم في الإسلام، وإنضاج الممارسة السياسية، ودفعها إلى أشكال ومؤسسات أكثر فاعلية واستقراراً؟[56].


[1]- وهي الأطروحة، التي خصصنا لها قراءة معمّقة في فرضياتها الأساسية، ومجمل الإشكاليات التي تناولتها، والجوانب المنهجية المرتبطة بها. انظر، في هذا الشأن: علال، عبد الرحمن، قراءة في أطروحة: الإدماج السياسي للقوى الإسلامية في المغرب لـ رشيد مقتدر، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط/ المغرب، 20 أيلول/ سبتمبر 2014م، الموقع الإلكتروني للمؤسسة: http://www.mominoun.com

[2]- مقتدر، رشيد، الإدماج السياسي للقوى الإسلامية في المغرب، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة/ قطر، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت/ لبنان، الطبعة الأولى، 2010م. الجدير بالذكر أنّ هذه الأطروحة هي الثانية التي ينشرها مركز الجزيرة للدراسات، مباشرةً، بعد نشره أطروحة أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركي (آنذاك): العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية.

[3]- الجدير بالذكر أنّ بحث نيل شهادة الدراسات العليا المعمّقة المذكور غير منشور.

[4]- مقتدر، رشيد، الإرهاب والعنف السياسي: من تفجيرات الدار البيضاء إلى قضية بلعيرج، سلسلة مدارك (1)، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2008م.

[5]- تمّ الإفراج عنهم، بموجب عفو ملكي، يوم الخميس 14 نيسان/ أبريل 2011م.

[6]- على إثر تفكيك شبكة بلعيرج، سارع الوزير الأول، آنذاك، عباس الفاسي إلى إصدار مرسوم حلّ حزب البديل الحضاري، طبقاً للمادة (57) من القانون رقم (36.04) المتعلق بالأحزاب السياسية، التي تنص على أنّه «يحلّ، بموجب مرسوم معلّل، كلّ حزب سياسي يحرّض على قيام مظاهرات مسلّحة في الشارع، أو يكتسي، من حيث الشكل، والنظام العسكري، أو الشبيه به؛ صبغة مجموعات قتال، أو فرق مسلّحة خصوصية، أو يهدف إلى الاستيلاء على مقاليد الحكم بالقوّة، أو يهدف إلى المسّ بالدين الإسلامي، أو بالنظام الملكي، أو بوحدة التراب الوطني للمملكة». انظر، في هذا الشأن: شريف، ظهير، رقم (1.06.18)، صادر في 15 من محرم 1427/ 14 شباط/ فبراير 2006م، بتنفيذ القانون رقم (36.04) المتعلق بالأحزاب السياسية، الجريدة الرسمية، عدد 5397، بتاريخ: 21 محرم 1427هـ/ 20 شباط/ فبراير 2006م، ص 472

[7]- بالإضافة إلى محمد نجيبي، عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد، وعبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة المنار، آنذاك، وعضو حزب الأمة.

[8]- مقتدر، رشيد، تأملات في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم، مجلة سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة/ قطر، العدد 3 تموز/يوليو 2013م.

[9]- مقتدر، رشيد، القوى الإسلامية والتحالفات الـمُبرمة قبل الربيع العربي وبعده: محاولة للفهم، في كتاب جماعي بعنوان: الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: اتجاهات وتجارب، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة/ قطر، الطبعة الأولى، أيلول/ سبتمبر 2013م، الصفحات 215- 276

[10]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون: دراسات في السياسة والفكر، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط/ المغرب، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 2013م.

[11]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون: دراسات في السياسة والفكر، مصدر سابق، ص 7

[12]- المصدر نفسه، ص 8

[13]- المصدر نفسه، ص 8

[14]- المصدر نفسه، ص 8

[15]- المصدر نفسه، ص 11

[16]- المقصود حزب العدالة والتنمية، بحكم وصوله إلى تدبير الشأن العام في المغرب، وقيادته للولاية الحكومية (2011- 2016م)، وذلك في أعقاب النسخة المغربية من الحراك الذي عرفته المنطقة العربية.

[17]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون، دراسات في..، (م. س)، ص 13

[18]- MohmedMouaqit: Du despotisme à la démocratie: héritage et rupture dans la pensée politique arabo – musulmane. Edition le Fennec, Novembre 2003.

[19]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون، (م. س)، ص 185

[20]- المصدر نفسه، ص 215

[21]- المصدر نفسه، ص 220

[22]- المصدر نفسه، ص 221

[23]- المصدر نفسه، ص 13

[24]- المصدر نفسه، ص 200

[25]- المصدر نفسه، ص 7

[26]- المصدر نفسه، ص 10

[27]- يُعدُّ مفهوم الإسلاميين الإصلاحيين من المفاهيم المركزية ضمن الشبكة المفاهيمية الموظَّفة من لدن الباحث رشيد مقتدر في كتاباته، لاسيّما أطروحته، التي خصّصها لموضوع إدماج القوى الإسلامية في المغرب، ويشتمل هذا المفهوم على المنضوين داخل حركة التوحيد والإصلاح، الذين تمّ إدماجهم سياسياً، بوساطة عبد الكريم الخطيب، في إطار حزب العدالة والتنمية. وقد رجّح الباحث هذا المفهوم لكون التيار الإسلامي الإصلاحي قَبِلَ الاندماج في الحقل السياسي والعمل وفق قواعد اللعبة السياسية المتعارف عليها في المغرب، ثمّ قبوله بالإصلاح السياسي التدرجي من داخل المؤسسات الرسمية، عن طريق رفض العنف والعمل السري.

[28]- أغفل الباحث رشيد مقتدر، سواء في أطروحة (الإدماج السياسي للقوى الإسلامية في المغرب)، أم في كتاب: (الإسلاميون: دراسات في السياسة والفكر)، تدقيق مفهوم السياسة، باعتباره مفهوماً مرجعياً، كما كان الشأن مع مفاهيم: الإسلام، والمسلم، والإسلامي، والإسلاميون الإصلاحيون، والإيديولوجية الإسلامية والدين... حيث إنّه، في الدراسة التي افتتح بها كتابه (موضوع القراءة): (الإسلاميون والسلطة ورهانات العمل السياسي، قراءة في التجربة السياسية للإسلاميين الإصلاحيين بالمغرب)؛ اعتبر أنّ «السياسة لم تحتل سوى حيّز محدود في بدايات التنظيرات الإيديولوجية والفكرية للإسلاميين...» (ص 29)، ومباشرة، بعد ذلك، سينتقل إلى الحديث عن العمل السياسي، والمشاركة السياسية، وهو نوع من الاختزال لمفهوم السياسة، دون تبريره منهجياً، والدفاع عنه بشكل كافٍ.

[29]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون، دراسات في..، (م. س)، ص 29

[30]- المصدر نفسه، ص 30

[31]- المصدر نفسه، ص 30

[32]- يعيب الباحث رشيد مقتدر على عديد من الدراسات والبحوث، التي تجعل من موضوع الحركة الإسلامية المغربية مجالاً للاشتغال المعرفي، وأفقاً للتفكير، تعاملها مع هذه الحركة على أنها جسم واحد، والحال أنّها متعدّدة، ما يفرض الحذر الشديد في التعاطي مع هذه الظاهرة.

[33]- تبعاً لهذا المعطى، يثير الباحث، في كتابه، مسألة جديرة بالتأمل تتعلّق بضعف وندرة التحليل الاقتصادي لدى الحركة الإسلامية المغربية، حيث إنّها لا تتوافر، أوّلاً، على بنيات قارة تشتغل على ما هو اقتصادي، وثانياً هشاشة القوّة الاقتراحية، والتنظيرية، والعملية لديها؛ هذا الضعف جعل الباحث يسلّم، مبدئياً، باحتلال الجانب الاقتصادي مكانة ثانوية، من حيث الأولويات المؤطرة لمشروع الإسلاميين، ومن ثمّ اعتبار إشكالات الهوية، والثقافة، وتخليق حياة الأمة العامّة، وأسلمتها، هو المنطلق والأساس، من حيث الرؤية والإطار الاستراتيجي لسياسة الإسلاميين داخل المؤسسات السياسية للدولة كأولوية. انظر، في هذا الشأن، لمزيد من التفاصيل: رشيد، مقتدر، الإسلاميون، دراسات في..، (م. س)، ص 209

[34]- المصدر نفسه، ص ص 40- 41

[35]- اهتمّ الباحث بموضوع علاقة الإسلاميين بباقي الفاعلين السياسيين، وفي هذا الصدد، يمكن الاتكاء على مؤشرين؛ المؤشر الأول: الدراسة التي ضمّنها المؤلِّف مؤلَّفه (مدار الحديث) والمعنونة: (الإسلاميون المغاربة والتحالفات الممكنة مع اليسار)، عدّ فيها، من زاوية التحقيب التاريخي، أن هذه العلاقة مرّت بمرحلتين؛ المرحلة الأولى: يمكن عدّها مرحلة انحسار، أو الانكفاء على الذات، وقد تميّزت بغياب التجانس بينهم وبين باقي القوى السياسية، لاسيّما اليسارية. المرحلة الثانية: تميزت بحصول الوعي بضرورة عقد التحالفات والشراكات لتدعيم الإدماج، ولتوسيع النفوذ السياسي. انظر في هذا الصدد: مقتدر، رشيد، الإسلاميون، دراسات في..، (م. س)، الصفحات 147- 154؛ وأيضاً: مقتدر، رشيد، القوى الإسلامية والتحالفات الـمُبرمة قبل الربيع العربي وبعده: محاولة للفهم، في كتاب جماعي بعنوان: الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: اتجاهات وتجارب، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة/ قطر، الطبعة الأولى، أيلول/ سبتمبر 2013م، الصفحات 215- 276

[36]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون، دراسات في..، (م. س)، ص 37

[37]- المصدر نفسه، ص ص 69- 70

[38]- المصدر نفسه، ص 71

[39]- المصدر نفسه، ص 106

[40]- المصدر نفسه، ص ص 106، 107

[41]- توفي المرشد عبد السلام ياسين يوم الخميس 13كانون الأول/ ديسمبر 2012م، وخَلَفَهُ محمد عبادي، الذي أصبح يُسمّى الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، حيث تمّ انتخابه في دورة استثنائية لمجلس شورى الجماعة المنعقدة أيام 21، 22، 23 كانون الأول/ ديسمبر 2012م.

[42]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون، دراسات في..، (م. س)، ص ص 107- 108

[43]- دون نفي الطابع الثقافي عن الحركة الإسلامية المغربية بطبيعة الحال.

[44]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون، دراسات في..، (م. س)، ص 171

[45]- يثير الأكاديمي رشيد مقتدر مسألة أساسية تتعلق بالتشرذم «التنظيمي»، الذي تعرفه الحركة الثقافية الأمازيغية، ففي الوقت الذي استطاعت فيه الحركة الإسلامية المغربية الانتظام في تشكيلات سياسية واضحة (حزب العدالة والتنمية، وحركة التوحيد والإصلاح، وجماعة العدل والإحسان، وحزب البديل الحضاري، والحركة من أجل الأمة) يعرف الواقع التنظيمي الأمازيغي تعدداً يصفه الكاتب بالمفرط، وهي ملاحظة لا تخرج عن سياق عام يهم الواقع التنظيمي المغربي (جمعيات، وأحزاب، وحركات سياسية – ثقافية) سمته الرئيسة الانشطار والانشقاق، بدل الانتظام في أقطاب كبرى. انظر في هذا الشأن: مقتدر، رشيد، الإسلاميون، دراسات في..، (م. س)، ص 173

[46]- المصدر نفسه، ص 173

[47]- المصدر نفسه، ص 69

[48]- لم يُولِ الباحث كبير اهتمام بطبيعة النخب المشكّلة للنماذج المدروسة (آخذاً في الاعتبار الملاحظة الخاصّة بأهمية تخصيص المقارنة بين تيارين فحسب..)؛ لأنه من الأهمية، في إطار سوسيولوجيا النخب، معرفة مساراتها، وقياس تأثيرها في التوجه العام للتيار السياسي المدروس، وإمكانات جعله أكثر، أو أقل، انفتاحاً أو تشدّداً.

[49]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون...، (م. س)، ص 44

[50]- المصدر نفسه، ص ص 153- 154

[51]- المصدر نفسه، ص 57

[52]- المصدر نفسه، ص 87

[53]- شدّد الكاتب على أنّ هذه المكاسب ليست دائمة، أو متوسطة الأمد؛ بل مرحلية انتقالية، تواجه عدّة تحديات جوهرية: تحدّي الاحتواء السياسي؛ تحدي القدرة على تحقيق الوعود الانتخابية والسياسية؛ تحدي التفعيل الديمقراطي للدستور؛ تحدي محاربة التسلط الثقافي والسياسي؛ تحدي إرساء البناء المؤسساتي لترسيخ دولة الحق والقانون؛ تحدي إرساء أرضيات توافقية سياسية تحترم الآخر، وتستحضر وجهات النظر دون اقصاء. وقد أكّدت الأحداث الجارية صدق هذا التحليل. لمزيد من التفاصيل، انظر: مقتدر، رشيد، الإسلاميون...، (م. س)، ص 206

[54]- مع ضرورة أخذ زمن الكتابة فيما يخصّ هذه الخلاصة في عين الاعتبار؛ بطبيعة الحال، لأنها كتبت قبل تطوّر الأوضاع في تونس ومصر، مع استقرارها على المستوى الحكومي في التجربة المغربية.

[55]- مقتدر، رشيد، الإسلاميون...، (م. س)، ص 206

[56]- المصدر نفسه، ص 208