الاضطهاد الدِّينيّ في الفكر المسيحيّ: منذ قسطنطين الأوّل حتّى نشأة محاكم التفتيش المقدّسة


فئة :  أبحاث محكمة

الاضطهاد الدِّينيّ في الفكر المسيحيّ:  منذ قسطنطين الأوّل حتّى نشأة محاكم التفتيش المقدّسة

الاضطهاد الدِّينيّ في الفكر المسيحيّ:

منذ قسطنطين الأوّل حتّى نشأة محاكم التفتيش المقدّسة

ملخص:

لم تكُن مُشكلةُ الحرِّيّة الدِّينيّة في تاريخ الفِكر الإنسانيّ مسألةً خاصّةً بِدِينٍ مُعيّنٍ من الأديان أو بحضارة من الحضارات، بل هي مسألةٌ ضاربةٌ في القدمِ نلاحظُ أنّها كانت تتّسِمُ بسجلات فِكريّة مُختلفةٍ حتّى قبل ظُهور التّاريخ الميلاديّ. وإذا ما انتقلنا إلى الأديانِ التّوحيديّة، فإنّنا سنجدُ المُقاربة نفسها تقريبًا. فالحرِّيّة الدِّينيّة قضيّةٌ طُرِحَت في العهدين القديم والجديد، مثل ما طُرِحت من بعدها في الإسلام قرآنا وسُنّةً. والمتأمِّل في الشّرائع والتّعاليم الّتي سنّها الفُقهاء وعُلماء اللاّهوت في الأديانِ السّابقة، يُلاحظُ أنّ كلّ فكر دينيّ منها يدَّعي أنّه يملك الحقيقة الدينيّة المطلقة الّتي لا جدال فيها، ويعتبرُ أنّ المُختلف عنه في العقيدة، بناءً على هذه القاعدة، لا يمكن أن يكون إلاّ كائنًا هرطوقيًّا تائها في الضّلالِ، أو مجرّد كافرٍ أو مبتدع أو مرتدٍّ يمثلُ خطرًا على سائر الجسد الاجتماعيّ خُصوصا إذا كان متواجدًا بين المؤمنين. وعندئذٍ، وربما لهذا السبب بالذّات، تصبحُ ملاحقتهُ أمرًا اضطراريّاً ليس متعلقا بالضمير فحسب، بل باسم الضرّورة الاجتماعيّة قلبًا وقالبًا.

ولقد اخترنا أن نقِف في هذا البحث عند الجذور التاريخيّة لقصّة الاضطهادِ الدِّيني في المسيحيّة منذ فترة حكم قسطنطين الأوّل وُصولا إلى الفترة الزمنيّة التي نشأت فيها محاكمِ التفتيش المقدّسة في القرُون الوسطى، رغبة ًمنّا في اكتشاف الدوافعِ الأساسيّة الّتي كانت وراء الاضطهاد الدِّيني في الفكر المسيحيّ من جهةٍ، وإيمانا منّا أنّ هذه المسألة لازالت في حاجةٍ إلى العديد من الدِّراسات الّتي تنظرُ فيها من زوايا فكريّة مختلفةٍ؛ فما مِن قارئ قرأ عن تاريخ المسيحيّة إلاَّ وسمِع بمحاكم التّفتيش المقدّسة، وعن جعلِ التّعذيب بالنّار مُمارسةً قانونيّة يُنكّل بها كلّ مُخالف وخارجٍ عن تعاليم الفكر الكَنسيّ.

وأيّا يكن في الأمر من شيء، فإنّ بحثنا يرومُ الوقوف عند الأسباب الحقيقيّة لمُلاحقة المرتدين والهراطقة والملاحدة في الفكر الدِّيني المسيحيّ من خلال الاعتماد على منهجٍ تحليلي نقديّ حاولنا فيه تقسيم عملنا إلى أربعة عناصر: عنصر أولّ ارتأينا فيه رصد الجذور التاريخيّة لقصّة الاضطهاد العقائدي قبل الأديان التوحيدية، وعنصر ثان وقفنا عنده بصفةٍ موجزة على جُملة من المفاهيم الّتي تتنزلُّ صلب المسألةِ، وعنصر ثالث حدّدنا فيه أهمّ مصادر التشريع المتعلِّقة بالاضطهادِ العقائدي والدِّيني في الفكر المسيحيّ، وعنصر رابع تطرقنا فيه إلى مراحل اضطهاد الأباطرة للملاحدة والهراطقة والمبتدعة والمرتدِّين في القرون الأولى، ليكون العنصر الخامس والأخير جوهرًا في البحث، وفيه وقفنا عند أبرز محطات الاضطهاد في القرون الوسطى، وهي الفترة الّتي نشأت فيها محاكم التفتيش المُقدّسة.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا