الدين والسلطة من منظور ناصيف نصار


فئة :  أبحاث عامة

الدين والسلطة من منظور ناصيف نصار

الملخص التنفيذي

من الأسماء الحركيّة التي أطلقها الفيلسوف ناصيف نصار على فلسفته أنّها فلسفة للسلطة. وهي تسمية تستمدّ مشروعيتها المباشرة من تخصيص هذا الفيلسوف لمؤلف بكامله حول موضوع يعتبره رئيسياً في فلسفته، وهو موضوع السلطة، والذي يحمل عنواناً له "منطق السلطة". كما أنّ هذه التسمية تستمدّ مشروعيتها من تلك الروح العملية السارية في فلسفة هذا الفيلسوف، كفلسفة سياسية عقلانية قوامها ردّ الاعتبار للعقل العملي السياسي. فلسفة مرتكزها الأساسي، كما يقول صاحبها: "البحث عن استراتيجية العمل الميداني لدعم حركة العلمنة ودفعها إلى التحقق بكامل أبعادها"[1] في العالم العربي، وذلك في إطار ما يسميه بالنهضة العربية الثانية[2]. كما أنّه ردّ اعتبار يروم من خلاله ناصيف نصار أيضاً الانخراط، من خلال فلسفة جديدة للسلطة، في ذلك الجدال الفلسفي السياسي المحتدم اليوم حول دور الدين في السياسة، بعد تصاعد نفوذ الحركات الأصولية الدينية في مختلف مناطق العالم.

من هنا، ومن منطلق هذين الدورين: العملي والنظري اللذين يوكلهما ناصيف نصار للفلسفة، فإنّنا نفترض في هذه الدراسة أنّ التنظير الفلسفي النصاري للدين والسلطة، تحكمه رؤية محددة للسلطة الدينية. رؤية تعتبر الدين نموذجاً يحتذى بالنسبة إلى كلّ سلطة تريد لنفسها أن تكون رديفة للاستبداد والهيمنة، مادامت "كلّ هيمنة أخرى، للعقل وللدولة أو لسواهما، تستلهم نموذج الهيمنة الدينية، وتضفي على نفسها صفات دينية كالإطلاقية والقدسيّة."[3] وواقع السلطة السياسية في العالم العربي أحسن شاهد على هذا. كما أنّها رؤية تعتبر أنّ كلّ إعادة بناء للسلطة، لتصبح حقاً في الأمر وواجباً في الطاعة، أي فضاء لممارسة عقلانية قوامها العدل والحرية، تمرّ حتماً عبر تخليص السلطة الدينية من هذه الهيمنة. وهذا التخليص إنّما يجد تحققه في المجتمع العلماني، كمجتمع يأمل هذا الفيلسوف تحققه في العالم العربي. وهذا التخليص للسلطة الدينية من هيمنتها يبقى في المنظور النصاري من مهام السلطة السياسية كسلطة رئيسية في المجتمع، [4] يفترض أن يعاد بناؤها لتكون عنواناً لتحقيق العدل في ممارستها من جهة، وفي علاقتها بباقي السلط، وعلى رأسها السلطة الدينية، من جهة أخرى. وهكذا وبموجب هذه الفرضية فإنّنا سنقف في هذا البحث مع الفيلسوف ناصيف نصار عند مفهومه للسلطة، ولماهية كلّ من السلطتين السياسية والدينية. غايتنا في ذلك رصد تصوره للعلاقات الممكنة بين هاتين السلطتين، ولكيفية تحقيق ممارسة عادلة للسلطة في ظلّ المجتمع العلماني، ولآفاق هذه الممارسة في المجتمع العربي.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو  الضغط هنا


[1]- ناصيف نصار، الإشارات والمسالك. دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2011، ص 264

[2]ـ يميز ناصيف نصار بين أربع مراحل في التاريخ العربي الحديث والمعاصر: المرحلة الأولى هي مرحلة النهضة العربية الأولى ومن الأسئلة الأساسية التي طرحتها هذه النهضة، سؤال الحرية، وذلك نظراً لأهميّة الحرية في المبادرة والإبداع. ومواجهة أسباب الاستبداد والفساد في العالم العربي. وهي نهضة فشلت في ترسيخ قيمة الحرية في المؤسسات والعقليات، وهذا ما عجل بانتقال العالم العربي إلى مرحلة الثورة وقد تميزت بتوظيف مفاهيم أقوى من الناحية الأيديولوجية كمفاهيم الوحدة والاتحاد والأمن والتصدي للعدو والمؤامرة. وهذا ما انتهى إلى تحويل الثورة إلى أيديولوجية تمجد الاستبداد، وبعد هذه المرحلة جاءت مرحلة الهزيمة وذلك إثر الحرب العربية الإسرائيلية لسنة 1967.أمّا النهضة العربية الثانية فهي عنوان لتجاوز مرحلة الهزيمة وذلك عبر إعادة النظر في ما طرحته النهضة الأولى والثورة، وتقييمه والتمييز فيه بين ما هو صالح وما هو غير كذلك، وكذا وضع تصور واضح للقيم الرئيسية التي لا يمكن لأيّة عملية تغيير أن تتحقق بدونها، وأخيراً تنفيذ خطط عملية لتحقيق ما هو ضروري وصالح في المستقبل القريب، والبعيد. لمزيد من التفصيل حول هذه المراحل انظر كتاب، باب الحريّة، وكتاب التفكير والهجرة.

[3]ـ الإشارات والمسالك، م س، ص 267

[4]ـ ناصيف نصار، باب الحريّة، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2003، ص 37